Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
الماء... بين مهر الزهراء وعطش الحسين

منذ 5 شهور
في 2025/07/01م
عدد المشاهدات :4220
كيف يُمكن للذاكرة أن تمحو وجهَ الطف كيف للقلب أن يهدأ، والدمع لم يجف منذ أن ارتفعت رايات كربلاء ما بين العطش واللهيب، وما بين السيف والرضيع، كُتبت حكاية لا تنطفئ، ووجَعٌ لا يُنسى. فالحسين لم يكن شهيدَ أرضٍ فقط، بل صار ميثاقَ وفاءٍ لكلّ الأحرار، وصوتًا دائمًا في ضمير الأمة. شلون أنساك...وهل تُنسى كربلاءوالماء مهر الزهراء...أليس الماء حينها صار حرامًا لأنّه كان ثمنَ دمعة الزهراء وبكائها وحسين نذبح عطشان... فكل قطرة دم في جسد الحسين كانت تستصرخ الضمير الإنساني: أما من ناصرٍ ينصرنا في حضرة هذه الذكرى، لا يكون الكلام ترفًا، بل شهادةً متجددة، بأنّ عاشوراء باقية، وأنّنا ما زلنا نحمل عطش الحسين في أرواحنا، ونعاهده أن لا ننسى ما حيينا.
هذا النص مستلهم من بيتٍ ورد في قصيدة خالدة للرادود الحسيني حمزة الصغير، جاء فيها:"شلون أنساك... والماء مهر الزهرا، وحسين نذبح عطشان
"بيتٌ واحد جمع بين مظلومية الزهراء (عليها السلام)، وفاجعة كربلاء، فصار صدىً يهتف به وجدان الشيعة عبر الأجيال.

كيف لي أن أنساك
وهل ينسى القلب دقّاته، والروح ميثاقها
أكتب إليك، لا بحبر القلم، بل بدمعة العين ووجع الذاكرة، أبحث عن وسيلة للنسيان فلا أجد إلا حضورك في كل التفاصيل... في الماء، نعم الماء.
الماء... ذلك السائل الذي يرويه الجميع ليرتوي، لكنّه عندي قصة دم وشهادة.
كيف أنساك والماء في ذاكرتي ليس فقط شرابًاهو مهر الزهراء (عليها السلام)، ذاك الماء الذي حُرم منه بيت النبوة حين طُوقت دار فاطمة، وكُسر الباب، فأصبح المهر دمعة، وأصبحت الحُرمة قضية.
ثم جاء الحسين (عليه السلام)...وجاء يوم عاشوراء...
فكان الماء شاهدًا على أعظم مأساة عرفها الوجود.
كيف أنساكوقد ذُبح سبط النبيّ، ريحانة الرسالة، عطشانًا
تخنقه حرارة الشمس، وتغلي الأرض تحت قدميه،
وأطفاله يصرخون: "العطش... العطش"،
والماء محجوب بسيوف الباطل وجفاف الضمير.
شلون أنساك
وكل قطرة ماء أرتشفها تعاتبني، تقول لي:
"أتشرب وأنا الذي حُرم منه الحسين"
لا، لن أنساك،
لأنك تسكن في وعيي، في ضميري،
لأنك أنت من علّمني أن العطش إذا كان في سبيل الله، فهو خلود.
وأنّ الدم إذا سال من أجل الحق، فهو نهر من نور.
الحسين (عليه السلام) لم يُذبح فقط،
بل سُقي العطش وسُكب الحنين في قلب كلّ حر.
والزهراء (عليها السلام) لم تُظلم فقط،
بل خُطّ اسمها على وجه التاريخ كأعظم صابرة وأصدق مظلومة.
فكيف أنساك
والماء عندي ليس ماءً، بل وعدًا ووفاءً، عطشًا مقدسًا، وثأرًا لم يُنسى.
شلون أنساك الماء... مهر الزهراء ودم الحسين
رؤية وجدانية عقائدية في الذاكرة الشيعية
كيف أنساك وهل يُنسى مَن صار الماء شاهدًا على غربته،
والعطش لسانًا لظلامته كيف أنسى والماء في مدرستنا ليس مجرد سائل... بل مهرٌ لفاطمة ، وعطشٌ الحسين ،
ودمعةٌ في عيون المنتظرين

الماء... مهر الزهراء (عليها السلام)

جاء في رواية معتبرة عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في تفسير آية وَآتُواْ النِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً

في خبر طويل عن الباقر (عليه السلام) وجعلت نحلتها من علي خمس الدنيا وثلث الجنة وجعلت لها في الأرض أربعة أنهار: الفرات، ونيل مصر ونهروان، ونهر بلخ، فزوجها أنت يا محمد بخمسمائة درهم تكون سنة لامتك.
(بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٣ - الصفحة ١١٣)
فالماء، منذ تلك اللحظة، لم يعُد مجرد مادة، بل تحوّل إلى رمز لعهدٍ إلهي بين النور والنور، بين علي وفاطمة، وحين قُتلت الزهراء، انكسر ذلك المهر في الوجدان، ليصبح الماء شاهدًا على أول المظالم بعد النبي صلى الله عليه وآله.

الحسين (عليه السلام)... والعطش الخالد
لا تكاد تُذكر كربلاء إلّا ويذكر معها عطش الحسين، فقد مُنع الماء عنه وعن عياله لثلاثة أيّام، في وقتٍ كانت الشمس تُحرق الوجوه، والرمال تلتهب تحت الأقدام. منعوا الماء عن الحسين وهو ابن من قال: سقاة الحوض في الجنة علي والحسن والحسين. أراد أن يسقي الرضيع، فما رُحم، بل ذُبح الرضيع وهو بين يديه.
قُتل الحسين وهو يقول:أنا الحسين بن علي، آليت أن لا أنثني... والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل..ولم يكن عطش الحسين عطش الجسد فحسب، بل كان أيضًا عطشًا للعدالة، عطشًا للحق، عطشًا لقلوبٍ تفقه رسالته وترويها بدموع الولاء.
عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الحسين صاحب كربلا قتل مظلوما " مكروبا عطشانا " لهفانا "
(بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٨ - الصفحة ٤٦)

ويذكر المؤرخون: أنّ العباس حين بلغ شريعة الفرات، وغرف الماء بيده، نظر إليه ثم رمى به، وقال: يا نفس من بعد الحسين هوني... وبعده لا كنتِ أن تكوني".
(لهوف ابن طاووس)

العطش في كربلاء لم يكن عطش أجساد، بل كان عطش قيم، عطش عدالة، عطش إصلاح، ولذا بقى الماء في الوجدان الشيعي.

الماء عند المنتظرين... نذرٌ ودمعة وفي زيارات الحسين ع المخصوصة، نقرأ مرارًا: السلام على الشيب الخضيب، السلام على الخد التريب، السلام على البدن السليب...
وأشهد أنك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وجاهدت في الله حق جهاده...
(كامل الزيارات لابن قولويه)

ويُستحب في ليلة العاشر من المحرم أن يمتنع المؤمنون عن شرب الماء، وفاءً لعطش الحسين،وكم من محبٍّ وقف عند شربة ماء وقال: "السلام عليك يا أبا عبد الله... قتلوك عطشان

كيف أنساك وكيف أنسى الماء وهو شاهدٌ على الظلم الأول لفاطمة (ع) وعلى الظلم الأكبر للحسين (ع)،وعلى الغيبة الطويلة لصاحب الزمان (عج) الذي ينتظر أن يثأر لكل تلك الدماء
قال الإمام المهدي (عج) في التوقيع الشريف:
لأندبنك صباحًا ومساء، ولأبكين عليك بدل الدموع دمًا...
(بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٨ - الصفحة ٢٣٨)

فكيف أنساك
وكل شربة ماء أراها كأنها تسألني:هل وفيت بعهد الحسين هل انتظرت المهدي هل كنت من العطاشى إلى العدالة
في الختام
الحسين لم يُقتل فقط، بل قُتل مظلومًا مكروبًا عطشانًا لهفانًا.وكل وصف من هذه الأوصاف هو جرحٌ في جسد الأمة، ونداءٌ في وجدان الأحرار.
حين نقف على أبواب عاشوراء، لا نقف فقط لنستذكر المأساة، بل لنفهم حجم الرسالة.
فالحسين ما خرج إلا للإصلاح، وما قُتل إلا لأنّ الصمت آنذاك كان جريمة، وما رفع سيفه إلّا ليقيم دين جدّه، لا لطلب الملك أو الجاه.
إنّ هذا الإمام العظيم لا يُبكى عليه فقط، بل يُبكى معه، وتُقام في قلوبنا معه ثورة على كل انحراف، وكل تهاون، وكل خضوع لظلم أو باطل.
فيا سيد الشهداء، نعاهدك أن لا نكون ممن يسمعون صرختك ويصمتون، بل نكون ممن يروون ظمأك بدموع الولاء، ويسيرون على خطاك حتى نصبح ممن ينصرونك إذا ناديت: ألا هل من ناصرٍ ينصرنا
للنشر : مجلة أقلام بمختلف الألوان
الكاتب: الشيخ أحمد عباس الساعدي
موسم محرم الحرام 1447 هـ / 2025 م

اعضاء معجبون بهذا

حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ 3 ايام
2025/11/16
احلفكم بالله ايها المحللون والاعلاميون اتركوا المنتخب العراقي وشأنه ولا تضعوا...
منذ 3 ايام
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ 3 ايام
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )