تعرّض إمامنا الحسن بن علي المجتبى (عليهما السلام) لأشدّ أنواع الظلم والعدوان، فقد تخلّى عنه وغدر به مَن كان يدّعي أنّه من الأصحاب والأنصار، والعجب العجاب أن يُمنع سبط رسول الله بعد استشهاده مسموماً من الدفن مع جدّه المصطفى (صلى الله عليه وآله)، وأن تُرمى جنازته بالنبال والسهام، فما أشد ذلك الكره والبغض والحسد والحقد لابن الشرفاء الأطهار من أبناء الطلقاء اللعناء.
وقد كُذِبَ على سبط رسول الله وريحانته على مرّ العصور والأزمنة من قِبل السلطات المتعاقبة الجائرة بأقلام قذرة اشترت الدنيا بالآخرة؛ لتشويه سيرته العطرة وهيهات هيهات فنور الله لا يُطفأ ولا بد للحقيقة أن تظهر يوماً مهما سعى الطغاة في إخفائها.
ومن الشواهد المفجعة على غدر القوم وخيانتهم للإمام (عليه السلام) هو ما تعرّض له في (ساباط) وهي: موضع معروف في المدائن، وتعني هذه الكلمة بالعربيّة السقيفة التي تكون بين دارين ومن تحتها طريق نافذ (1).
فقد نزل فيها (عليه السلام) مع عسكره، ونادى في الناس وخطب فيهم، وبعد أن أتّم خطبته فهم كثير منهم أنّه يريد مصالحة معاوية وتسليم الأمر إليه، ولم يفهموا أنّ ذلك كان امتحاناً لهم؛ ليميز الخبيث من الطيّب، فهجموا على خيمته، وسرقوا ما فيها، ووصل بهم الأمر إلى سرقة مصلّاه من تحته، وسرقة ردائه الذي كان يرتديه، فبقي (عليه السلام) متقلّداً سيفه مع قلّة من خاصّته وشيعته، ثمّ طُعِنَ (عليه السلام) بعد ذلك في (مظلم ساباط) في فخذه وكانت تلك الطعنة شديدة حتّى أنّها بلغت عظم الفخذ، وكان طاعنه هو الجرّاح بن سنان الأسديّ، وحُمل بعد ذلك إلى والي المدائن وهو سعد بن مسعود الثقفيّ وكان عامل أمير المؤمنين (عليه السلام) بها، وعُولج فيها ممّا أصابه من تلك الطعنة.
ولم يكتفِ القوم بذلك فقد كتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية (عليه لعائن الله وعليهم) بالطاعة له والولاء سرّاً بل وضمنوا له مع ذلك تسليم سبط رسول الله (صلّى الله عليه وآله) (2).
لم يكن يخفى على الإمام (عليه السلام) ما يسرّه أصحابه من الغدر والخيانة، وسوء السريرة والعاقبة إلّا أنّه أراد أن يقيم الحجّة عليهم وعلى الناس، وقد أقامها، وركب الخزي والعار أولئك الخونة إلى يوم الحساب فعليهم اللعنة ولهم سوء الدار.
وقد ساهمت تلك الأحداث في وقوع الصلح الذي كان ابن هند اللعين راغباً فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: معجم البلدان، ياقوت الحمويّ، ج3، ص 166.
(2) انظر: الإرشاد، الشيخ المفيد، ج2، ص 11 12.







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN