Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
خطوات مضيئة

منذ 9 سنوات
في 2017/05/15م
عدد المشاهدات :2253
: حسين السنيد

أعمى منذ الولادة ...
لم يبصر النور ابدا ولا الالوان و لا الاشكال ..كان يعيش في العتمة . يسمع الاصوات فتخترق اذنه و تمر عبر خط مستقيم الى عينه وتتشكل هناك اشكالها .. اقصد اشكال الاصوات.
مثلا صوت والده كان عاليا و فيه بحة خفيفة فكان يتصوره شكلا اسطوانيا كبيرا يمتد من الاعلى حيث السواد ..الى الاسفل حيث السواد مرة اخرى.
اما صوت امه فكان ناعما كصوت طفلةوحين تداهمها نوبات البكاء القاسية يشبه مواء القطط في ليالي شباط. لذلك كان يتصور امه شكلا منحنيا متعرجا.
لم ينس ابدا تلك اللحظة الخالدة عندما ابصر للمرة الاولى خطا مضيئا يخترق الجهة اليسرى من عينه ليمرق من اليمنى بسرعة حدث ذلك حين طوحه والده وراح يتلقفه و يعيد الكرة مرة اخرى. حينها شعر انه يسبح في فضاء غريب وان آلاف الفراشات تداعب عيونه برفرفة جناحيها في تلك اللحظة بالضبط كما قلت لكم ابصر ثمة خط مضيئ يهرب منه ثم وضعه والده على الارض و قال له :
- امش .. يا حبيبي ..امش.
ومشى باقدام مرتجفة ببطئ و خوف ..لكنه مشى و داس على وجه الارض .سمع رفرفة الاف الفراشات و ابصرهن على هيئة نقاط صفر وحمر و زرق.
و منذ تلك اللحظة عشق المشي و عشق الطرق. وكيف يمكن لاعمى مثله الا يعشق الطرق فهي لا تمل منه ابدا .حتى في تلك اللحظات الصعبة التي كان يشعر بخيبه امل والديه و حزنهم الشديد كان يخرج و يمشي لساعات وساعات انها الطرق صديقته الوفية التي منحته الومضة الوحيدة في حياته .
وصار يحفظ الطرق و يعرفها .مشى حافيا .. مشى باقدام مجروحة .. مشى بحذاء رياضي..بحذاء جلدية ..مشى على الرمل ..على السيراميك..على الاسفلت ..على ارض حارة ..رطبة..وباردة .. منزلقة وجافة.
وكان يستشعر طعم الطرق المختلفة و يشم رائحتها ويميز صوت ضربات قدمه عليها.
مشى لساعات طويلة محاولا رؤية الخط الابيض.الا ان الخط لم يكن يظهر له بوميضه الساحر ولا الفراشات التي داعبن عيونه باجنحتها عدن الكرة مرة اخرى .
مرت السنين و هو مايزال يبحث عن ذلك الخط اللامع دون ان يراه و كلما مر يوم او اسبوع او عام زادت في ياسه وحزنه و شوقه لرؤية الخط المضيئ مرة اخرى.
ذات فجر شتائي ماطر ..حيث كانت الصنابير تتجمد و الطرقات تتصقع لبس ملابسه الصوفية وحمل حقيبة ظهره التي تحتوي على خبز و جبن و ماء وبعض القطع من الكيك التي كانت تطهوه امه بالاضافة لبعض الفواكه المجففة.ثم بدأ بالمشي تحت المطر. مشى ثم مشى .. حتى شعر بشعاع الشمس الاولى .
بالحقيقة لم يكن لمشيه مقصدا واضحا و بالوقت عينه لم يكن مشيا عشوائيا غير هادف بالمرة بل بين هذا وذاك .لم يكن ليستطيع منع اقدامه من المشي و يشعر ان اقدامه منفصلة عن باقي جسمه وان النصف الاعلى من جسمه يركب على قدميه فقط . دون اي تاثير آخر و ان لاقدامه افكار وقرارت وقوة لايمكن ايقافها و هي غير خاضعة للعقل او القلب او اي جزء آخر من جسمه.
لا اعرف كم مشى بالضبط هو ذاته لم يعرف كم مشى. ثم شعر انه يدخل في دوامة من الفوضى عبر باب ضيقة مر عبرها بسهولة ويسر.
في بادئ الامر كان يجلس ليتناول شيئا او لينام اما بعدما دخل عبر تلك الباب الضيقة فقد السيطرة تماما فراح يأكل و هو يمشي و ينام ماشيا لاوقات تطول او تقصر .
عبر حقلا .. شم رائحة السنابل المتفتحة و رائحة الدجاج تحت المطر. عبر سكة القطار ..وسمع اصوات الاطفال الذين يتحضرون لرمي القطار بالحجر.ثم مر من امام مدرسة للبنات وسمع اصوات قهقهاتهن اثناء اللعب .
عبر جسرا خشبيا و عرفه من خلال الصرير الصادر من اهتزازه . ربما مشى لاسبوع كامل او شهرا او عاما من يعرف
توقفت اقدامه فجأة ..في مكان انتشر فيه عبير الورود بشكل عظيم قال لنفسه انه في حديقة للورود من دون شكفرح لانه استعاد السيطرة على اقدامه المجنونة وشعر بتعب كل الايام الماضية تسقط في اقدامه بغتة ثم خطى الخطوة الاولى في الحديقة ..داس على زهرة حمراء ثم صفراء و كان كلما داس على واحدة تتفجر رائحتها في الفضاء. استمر بسحق الزهور متلذذا بمداعبة وجوه الزهور لباطن قدمه المتعبة والمتورمة .. احس بفرح وراحة كبيرتين .
صاح صوت من بعيد:
- هي ..هي ...انت ..ماذا تفعل في مكب النفايات الزجاجية اخرج ...ستؤذي نفسك يا مجنون
مد يده نحو قدمه و شعر بالدم الحار يتدفق من باطن قدمه . وعرف انه لم يكن في حديقة للورد ..كيف اخطأ طريقه
ركض بجنون و كان الناس واقفين ويشاهدونه بدهشة يتسائلون .. من هذا المجنون الذي اقتحم مكب النفايات الزجاجية باقدام حافية
راح يركض و راح الناس يصرخون . كلما كثر صراخ الناس راح يجري بسرعة اكثر و صرخات الناس تطرق رأسه بثقل ومع كل طرقة ثقيلة كانت الورود الحمراء والصفراء تمد رأسها من بين قدميه و تنبت من اطراف الطريق ومن الاعلى والاسفل و من الجهات كلها.
خرج من الحقل راكضا بسرعة جنونية سمع صوت منبه عال وممتد لسيارة و صاح احدهم من خلفه:
- احترس ....احترس ...يا مجنون انت في الطريق العام .
ثم كانت الصدمة صدمة قوية طوحت به الى السماء وكأنه لاوزن له كريشه تطير في السماء في يوم عاصف . و في منتصف تلك الفوضى الرهيبة من الصراخ و ابواق السيارات فيما كان مايزال يطوف بالجو لاح له الخيط الابيض المضيئ مرة اخرى بدأت الاصوات تخف من حوله حتى ساد الصمت و شعر بميل كبير للنوم .
ارتطم بالارض مبتسما ..و احس برفرفة الاف الفراشات على وجهه و ابصرها نقاطا ملونة كما في طفولته.
لم يكترث بالعاصفة الهوجاء التي كانت تلفه.. قام من فوره غير مكترث بالناس باقدامه الحافية المدماة ورأسه النازف . واصل الطريق متعقبا اثر الخيط الابيض.

اعضاء معجبون بهذا

حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ 3 ايام
2025/11/16
احلفكم بالله ايها المحللون والاعلاميون اتركوا المنتخب العراقي وشأنه ولا تضعوا...
منذ 3 ايام
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ 3 ايام
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )