المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تحليل آية البسملة {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }
2024-05-09
الإمام علي (عليه السلام) مكتوبٌ اسمه على باب الجنة
2024-05-09
فضل البسملة
2024-05-09
الإمام عليٌ (عليه السلام) يزهر في الجنة ويزهو
2024-05-09
المعنى العام للبسملة
2024-05-09
الكرنك.
2024-05-09

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تولي المرأة الوظيفة العامة في النظم الحديثة والعراق  
  
12036   11:37 صباحاً   التاريخ: 1-4-2016
المؤلف : مصطفى سالم مصطفى النجفي
الكتاب أو المصدر : المساواة ودورها في تولي الوظائف العامة
الجزء والصفحة : ص240-260
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القانون الاداري /

سنتناول في هذا الموضوع اشتراك المرأة في الوظيفة العامة في العراق في النظم الحديثة.

في فرنســــا

المركز القانوني والاجتماعي للمرأة في فرنسا

ظلت المرأة في فرنسا فترة طويلة تقاسي من حالة تبعية مزدوجة . تبعية للرجل بصفة عامة في المجتمع وتبعية للزوج في المجال العائلي. فقد كانت محرومة من الحقوق السياسية والمدنية. ففي عام 1804 اعترف للمرأة غير المتزوجة التي بلغت 21 سنة بالأهلية الكاملة لممارسة الحقوق المدنية . أما المرأة المتزوجة فقد جعلها القانون المدني الفرنسي  خاضعة للسلطة الزوجية وغير صالحة لمباشرة الكثير من الحقوق المدنية. وكانت المادة 223 من القانون المدني الفرنسي تشترط موافقة الزوج على اشتغال المرأة بأية مهنة . وفي عام 1838 اعترف للمرأة المتزوجة بالأهلية القانونية لممارسة الحقوق المدنية. كما صدر قانون سنة 1965 الذي ألغى السلطة الزوجية المقررة بنص المادة 216 من القانون المدني التي كانت سارية في مجال الوظيفة العامة وبذلك يحق للمرأة ان تعمل دون استئذان الزوج وقد تلت ذلك عدة إصلاحات في عام 1966 و 1970 و 1972 . أصبحت المرأة بعدها تتمتع بالمساواة بينها وبين الرجل في الحقوق المدنية وقد أنشئت في فرنسا عام 1974 سكرتارية للدولة لشؤون المرأة وترأسها وزيرة الشؤون للمرأة . وقد نصت اللائحة الصادرة بشأنها سنة 1974 على أنها تختص باتخاذ جميع الوسائل اللازمة لرفع شان المرأة وتسهيل تعيين النساء في جميع مستويات المسؤولية في المجتمع الفرنسي وإزالة التفرقة التي تعوق ذلك. وبالاعتراف للمرأة في فرنسا بالحقوق المدنية والسياسية تغيرت صورة المرأة التقليدية في فرنسا وإذ كان دورها يقتصر على البيت والأسرة فبدأت تشارك في الحياة العامة وخاصة في الوظائف العامة بعد ان زالت الحجة الأساسية التي كان يستند إليها الفقه والقضاء في حرمانها من تولي الوظائف العامة(1). فمبدأ المساواة هو من المبادئ الأساسية التي جاءت بها الثورة الفرنسية. بل ان هذا المبدأ هو من أهم المبادئ على الإطلاق والفرنسيون يقدسون مبدأ المساواة ويقولون " ان ثورتنا هي دائماً في الحقيقة اكثر ميلاً للمساواة منها للحرية " وقد نصت على ذلك المادة 6 من الإعلان لحقوق الإنسان والمواطن الفرنسي الذي أعلنته الثورة الفرنسية وجعلته مقدمة لدستورها الصادر في سنة 1791 اذ جاء فيه " ان جميع المواطنين متساوون أمام القانون وفي تولي الوظائف العامة طبقاً لقدراتهم ومواهبهم ". وقد اقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي هذا المبدأ وفرض احترامه في الحكومة . كما ان الرأي العام الفرنسي يعتنق نفس المبدأ الذي لا يطبق فقط على تعيين الموظفين العموميين رجالاً ونساءً بل يطبق أيضا في كل أحكامه على الكادر الوظيفي الفرنسي(2). وقبل صدور دستور الجمهورية الرابعة لعام 1946 . ونظام الخدمة المدنية الأول لعام 1946 جعلت من مهمة مجلس الدولة الفرنسي العمل على احترام مبدأ المساواة وقضى مجلس الدولة في حكمه الصادر في 3/7/1936 في قضية الانسة Bobard " ان من حـق النساء قانوناً تولي مناصب الإدارات المركزية للوزارات " فمن حق هذه الحكومة بمقتضى نص المادة 16 من القانون الصادر في 29/12/1982 المعدلة بالمادة 35 من القانون الصادر في 13/4/1900 التحديد بواسطة لوائح الإدارة العامة القواعد الخاصة يتعين وترقية العاملين في هذه الإدارات ، ولها بالتالي ان تضع قيوداً على تعيين وترقية المرأة في أي وزارة من الوزارات إذا كانت مقتضيات المرفق تقتضي ذلك ويتابع مجلس الدولة "لذا من حق الحكومة قانوناً ان تعدل بالنظام الصادر في 18/8/1934 التنظيم السابق لحجز الوظائف والمناصب العليا في الإدارات المركزية في وزارة الحربية للرجال وذلك بغيـة الاستجابة لمقتضيات المرفق في هذه الوزارة "(3). فيتضح انه ليس للمرأة حق ثابت في التعيين في الوظائف ، وان كانت المرأة في فرنسا في تلك الفترة قد دخلت فعلاً إلى الوظائف العامة قبل هذا التاريخ . حيث ان الحرب العالمية الأولى قد جعلت من الضروري الاستعانة بالنساء في مجال الوظائف العامة وقد عين عدد كبير منهن في هذه الوظائف ولا سيما في مجال التعليم والبريد ولكن ذلك لم يكن نتيجة للاعتراف بحق المرأة في التعيين في الوظائف العامة ، وانما كان نتيجة الحاجة والضرورة فلم تكن المرأة في ذلك الوقت قد حصلت بعد على حقوقها المدنية كما كانت محرومة من الحقوق السياسية . وقد ظل الفقه والقضاء فترة طويلة يربطان بين صفة المواطن الذي يتمتع بالحقوق السياسية ويؤدي الخدمة العسكرية وبين الصلاحية لتولي الوظائف العامة ، فكان لكل جهة إدارية ان تقرر مدى صلاحية المرأة لشغل هذه الوظائف(4). وقد كان التبرير الذي قيل لاستبعاد النساء من تولي الوظائف العامة قائما على أساس عدم أدائهن الخدمة العسكرية ولم يتقبل القضاء الإداري هذا التبرير فيما بعد . ففي تاريخ 15/8/1934 أصدرت الحكومة الفرنسية مرسوماً يحجز الوظائف الكبرى في وزارة الحربية الفرنسية للأشخاص الذكور فقط وتأسيساً على حق الحكومة بموجب نص المادة 26 من القانون الصادر في 29/12/1882 المعدل بالمادة المرقم 35 من القانون الصادر في 13/3/1900 ان تصدر لوائح إدارة عامة تحدد قواعد الالتحاق بالإدارات المختلفة . فطعنت مدام (يوبارد) وأربعون من زميلاتها في هذا المرسوم ، وبتاريخ 3/7/1936 اصدر مجلس الدولة حكماً رفض بموجبه الدعوى حيث وضع المجلس عدة مبادئ مهمة هي :-

1- النساء لهن الحق في التوظف بالإدارات المركزية المختلفة في الوزارات .

2- ولكن في سلطة الحكومة ان تقرر إذا ما كانت ثمة أسباب مرتبطة بالضرورات الخاصة بالمرفق في وزارة ما تقيد من قبول النساء فيها وللقضاء مراقبة ما إذا كانت الإدارة في هذا التقييد قد تعللت بأسباب أخرى خلاف ذلك أو انها انحرفت باستعمال سلطتها .

3- في هذه الدعوى المطالب الخاصة بالمرفق في وزارة الحربية تسمح بحجز القبول في  الوظائف العليا للذكور .

وقد كانت ضرورات الأمن أحد الأسباب التي كانت تستدعي استبعاد النساء من هذه الوظائف ، وجاء في التعليق على هذا الحكم مجلس الدولة كما اقر استبعاد النساء في مثل هذه الوظائف للضرورات الخاصة بمرفق الأمن الخارجي وان مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة يمنع تمييز الرجال دون النساء . فانه كذلك يمنع تمييز النساء على الرجال وحجز وظائف خاصة بهن إلا إذا كانت ثمة اعتبارات ومبررات تعترض هذا التمييز(5). إلا انه من حيث الواقع فان هناك حالات خاصة من العمل تتسم بطبيعة معينة لا يمكن فيها تجاهل المقدرة الجسدية اللازمة للأشخاص العاملين فيها . وقد استقر مجلس الدولة الفرنسي في سنة 1956 انه من الممكن منع النساء من الدخول إلى القضاء كما منعهن من العمل في وظائف ذات ولاية عامة(6). فإذا كان مجلس الدولة الفرنسي قد أجاز للحكومة استبعاد النساء من تولي الوظائف التي تقتضي طبيعتها وظروف ممارساتها ومزاولتها ، وانه لم يترك ذلك بصورة مطلقة لتقدير الحكومة . بل ان مجلس الدولة يراقب تقدير الحكومة فيما إذا كانت طبيعة الوظيفة وظروف ممارستها تقتضي فعلاً استبعاد المرأة من تولي الوظائف العامة التي استبعدت منها ، فإذا تبين له ان طبيعة الوظيفة وظروف ممارستها ومزاولتها لا تقتضي استبعاد المرأة منها فانه يحكم بإلغاء قرارات التعيين الصادرة عقب استبعادها . وقد قضى مجلس الدولة حسبما تؤكد مدام Defix التي تقدمت في عام 1949 للامتحان المهني بغية التعيين في سلك القضاء في المستعمرات ان السبب الوحيد لامتناع المجلس الأعلى للقضاء لغاية الان من تنسيبها لرئيس الدولة من اجل تعيينها في أحد المناصب الشاغرة هو انها تنتمي للعنصر النسائي فقط ولم ينقضه وزير العدل آنذاك فادعت بان القرار المطعون فيه يستند إلى قانون خاطئ وبالتالي يكون مشوباً بتجاوز السلطة(7). وفي عام 1945 تقرر للنساء ولأول مرة في فرنسا حق الانتخاب . وسبق ذلك صدور قوانين 1938 و 1942 اعترف للمرأة فيها بالأهلية الكاملة لممارسة حقوقها المدنية وفي نفس العام أنشئت مدرسة الإدارة الوطنية التي سمح للنساء بالالتحاق بها وان كان ذلك قد قيد لوظائف معينة . وبعد الحرب العالمية الثانية في عام 1946 صدر الدستور الفرنسي الذي تضمن في ديباجته النص على ان يكفل القانون للمرأة في جميع الحالات حقوقاً متساوية كما للرجال ، كما نصت المادة 7 من النظام القانوني العام للوظائف العامة الصادر في 1946 على انه في تطبيق هذا القانون لا يجوز التفرقة بين الجنسين إلا وفقاً لما تقره التنظيمات الخاصة . وقضى مجلس الدولة بان للمرأة تولي وظيفة القضاء دون قيد لان القانون الذي اقر لها هذا الحق قانون 11 إبريل لسنة 1946 لم يتضمن أي استثناء(8). وإزاء هذه النصوص المتقدمة اصبح مجلس الدولة الفرنسي اكثر حرصاً على التمسك بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في تولي الوظائف العامة فلم يعد المجلس يكتفي بالخروج عن هذا المبدأ بوجود اعتبارات تتصل بمصلحة المرفق (9). ولا يجوز الخروج عن مبدأ المساواة إلا إذا كانت تقتضيه طبيعة الوظيفة ذاتها أو أوضاع مزاولتها. على ان يخضع تقدير الحكومة في هذا الشان لرقابة القضاء . فإذا كانت النصوص التشريعية قد نصت صراحة على مبدأ المساواة بين الجنسين في تولي الوظائف العامة ، إلا انها لم تبين صراحة العقوبات اللازمة لردع أي تجاوز وإذا ما حصل يكون من مهمة القضاء الإداري الذي يقع عليه إلغاء أي تعيينات استبعدت منها المرأة لاعتبارات الجنس . فتعد قرارات التعيين الصادرة مخالفة لمبدأ قانوني عام ذي مرتبة دستورية وحالات استبعاد النساء أصبحت نادرة مثل استبعادهن من بعض وظائف مرفق البوليس دون بقية المرافق الأخرى بالدولة لذلك قرر المجلس قبول المرأة في وظيفة معلمة بمرفق بوليس. وقد ردد الدستور الفرنسي الصادر سنة 1958 النص على مبدأ المساواة بين الجنسين . كما نص الأمر الصادر عام 1959 في شان الوظائف العامة حل محل القانون الصادر سنة 1946 في المادة السابعة منه على ان " في تطبيق هذا الأمر لا يجوز التفرقة بين الجنسين إلا طبقاً للقواعد الاستثنائية المقررة في القوانين الخاصة وتبررها طبيعة الوظائف ". وبصدور قانون الوظائف العامة سنة 1946 والأمر الصادر عام 1959 اصبح للنساء في فرنسا حق دستوري وقانوني في التعيين في الوظائف العامة دون تفرقة بينهن وبين الرجال في هذا الشان إلا طبقاً للقوانين أو القواعد الاستثنائية واستناداً إلى طبيعة الوظيفة ذاتها. وقد تغير قضاء مجلس الدولة منذ عام 1946 فاصبح يقضي بإلغاء القرارات التي تصدر برفض تعيين النساء في وظائف معينة ما لم تكن مبررة بطبيعة الوظيفة بذاتها وعدل عما قضى به سابقاً في عام 1936 . فألغى المجلس قرارات رفضت حق المرأة في دخول امتحان التعيين في السلك القضائي وألغى نتائج مسابقات التعيين في سكرتارية العمودية ورفض تعيين امرأة في منصب العمدة . بل ان مجلس الدولة الفرنسي في تأكيده لمبدأ المساواة قد أتيحت له الفرصة الان لان يحكم بان مبدأ المساواة يمنع أيضا التفرقة لمصلحة المرأة وان الإدارة لا تستطيع مثلاً ان تحجز لهن وظائف معينة. كما صدر قانون 10 يوليو 1975 بتعديل المادة 7 من الأمر الصادر في فبراير 1959 في شان الوظائف العامة الذي نص على ان " الاستثناء من مبدأ المساواة في التعيين في الوظائف العامة بين الجنسين يكون بسبب طبيعة الوظيفة ذاتها أو الشروط اللازمة لممارسة هذه الوظيفة . وجعل ذلك خاضعاً لرقابة ثلاث جهات . أولا جهات فنية محايدة ، وثانياً المجلس الأعلى للوظيفة العامة ، ثم أخيراً مجلس الدولة الفرنسي. ومن ذلك يتضح ان حق المرأة في تولي الوظائف العامة في فرنســا هو حق مقرر لها بمقتضى الدستور والقانون "(10). أما في نظام الخدمة المدنية الفرنسي النافذ ، فلقد كان الاجتهاد القضائي السابق أمام المشرع الفرنسي حين أوضح قانون الخدمة المدنية الفرنسي انه " لا يجوز التمييز بين الموظفين بسبب 000 والجنس أو انتماءاتهم العرقية ". ولكنه أجاز بصورة استثنائية النص على تعيينات متميزة للرجال والنساء حينما يشكل الجنس شرطاً جوهرياً لمزاولة الوظيفة(11). ثم نص القانون على آلية تنظيم التعيينات المتميزة للرجال أو للنساء ، حيث يصدر نظام في مجلس الدولة بعد استشارة المجلس الأعلى للوظيفة العامة للدولة واللجان الفنية المتساوية الأعضاء لبيان المناصب التي يجب تنظيم واقامة التعيينات المتميزة فيها للرجال والنساء إذا كان عنصر الجنس شرطاً جوهرياً لمزاولة شاغليها لمهامها(12). واكثر من ذلك عندما حاول المشرع الفرنسي ضمان ارتياد المرأة الوظيفة العامة حيث نص على الوسائل التي تكفل احترام مبدأ المساواة بين الجنسين عند إجراء اختبارات بدنية لتولي بعض الوظائف العامة ينص على هذه الاختيارات أو ترقيم متميز حسب الجنس بعد استشارة اللجان الفنية المتساوية للأعضاء المعينة(13). وحاول المشرع الفرنسي توفير الضمانات السياسية التي اعتقد أنها تكفل احترام مبدأ المساواة بين الجنسين أمام تولي الوظائف العامة. فقد الزم الحكومة بان تقدم تقريراً إلى المجالس البرلمانية كل سنتين بعد استشارة المجلس الأعلى للوظيفة العامة المحلية لبيان الإجراءات بغية ضمان احترام الهرم الإداري وعلى جميع المستويات لمبدأ المساواة بين الجنسين في الوظيفة العامة للدولة وفي الوظيفة العامة المحلية ، ثم تعيد الحكومة النظر في ضوء خلاصة هذا التقرير بالاستثناءات المشار إليها في نص المادة 6 من نظام الخدمة المدنية الفرنسي . حيث الزم ان يتضمن هذا التقرير إيضاحات حول تطبيق مبدأ المساواة بين الجنسين في الوظائف والعاملين في الدولة والهيئات الإقليمية والمؤسسات العامة المشار إليها في القانون(14). حيث تضمن قائمة بالمناصب التي يمكن إجراء تعيينات متميزة للرجال والنساء لان شرط الجنس يعد شرطاً جوهرياً(15). ومن هذا العرض لموقف مجلس الدولة الفرنسي من مبدأ المساواة بين الجنسين في الالتحاق بالوظائف العامة يتضح انه كان قبل عام 1946 يميل إلى موافقة الحكومة في استبعاد النساء بحجة ان المطالب الخاصة بالمرفق تبرر هذا الاستبعاد دون ان يوضح أو يفصل بطبيعة هذه المطالب وهل أنها تستحق فعلاً هذا التمييز أم لا . وكان ذلك الموقف من مجلس الدولة السابق في رفض قبول النساء في الوظائف المهمة والعليا بزعم ان مطالب المرفق تبرر ذلك ، ولكن بعد حسم المشرع الدستوري والقانوني هذا الأمر نص في قانوني الوظيفة العامة ومقدمة دستور 1946 على عدم التفرقة بين النساء والرجال ، كما لاحظنا كيف اخذ مجلس الدولة يتشدد في رفض الحكومة قبول النساء إلا إذا كانت طبيعة الوظيفة وظروف ممارستها تدعوان إلى ذلك ثم دعم نظام الموظفين الصادر في 4/2/1959 بنص المادة 7 على عدم التمييز بين الرجل والمرأة إلا إذا ورد نص خاص ببعض الوظائف فيكون المجلس قد حقق المساواة الفعلية أو الحقيقية التي تعمل على المساواة بين ذوي المراكز المتماثلة. وخلاصة القول ان مجالات الوظائف العامة قد أصبحت جميعها مفتوحة أمام المرأة في فرنسا حتى في الوظائف الحربية والبحرية واصبح لا يكاد توجد وظيفة تستطيع الإدارة ان تمنع النساء من شغلها دون ان يعتبر قرارها مخالفاً لمبدأ المساواة المقرر في الدستور والقانون مستحق للإلغاء عند خضوعه لرقابة مجلس الدولة الفرنسي.

في جمهورية مصر العربية

في عام 1923 صدر الدستور المصري بناءً على ما جاء بالأمر الملكي الصادر في ذلك العام من الملك فؤاد الأول وقد جاء مقرراً لحقوق المصريين على الرغم من صدوره على شكل منحة من الملك إلى شعبه خصص فيه باباً مستقلاً للحقوق الفردية والحريات العامة وقد توج هذا الدستور هذه الحريات جميعها بمبدأ المساواة الذي يعد ركناً في كل تنظيم ديمقراطي للحقوق والحريات العامة(16). حيث جاء في الدستور ان المصريين لدى القانون سواء وهم متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين ويعهد إليهم وحدهم بالوظائف العامة(17).  وبذلك يكون قد قرر مبدأ المساواة ولا يمكن ان تفسر كلمة المصريين الواردة في الدستور على انها تشمل النساء أيضاً لان ذلك كان بعيداً عن نية المشرع كما فهمه البعض(18) .فلم يرد نص صريح في ظل دستور 1923 ولا قوانين التوظيف المتلاحقة نصٌ يتعلق بشرط الجنس وضرورة المساواة بين الرجل والمرأة في مجال الوظائف العامة . وفي سنة 1952 على اثر قيام ثورة مصر اصدر القائد العام للقوات المسلحة ورئيس حركة الجيش إعلاناً دستورياً اسقط بموجبه دستور 1923 وبعد تطورات دستورية صدر دستور 1956 اذ جاء فيه " ان المصريين لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة "(19). وبذلك يكون المشرع المصري ولأول مرة قد نص صراحة على المساواة بين الجنسين أمام القانون ويعني المساواة في تولي الوظائف العامة وفي حق الانتخاب(20). وصدر لذلك قانون الانتخاب المرقم 73 لسنة 1956 واتسعت الفرصة بذلك أمام المرأة في مراحل التعليم المختلفة بتعميم مجانية التعليم ورتب على ذلك التوسع في توظيف المرأة في جميع المجالات وبلغ مداه بإعلان الدولة سياسة العمالة الكاملة سنة 1964 والتزاماتها بتعيين جميع الخريجين والخريجات . كذلك نص الدستور على تحريم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس(21). غير ان الترجمة الأجنبية التي نشرت دستور 1956 لم تتجه إلى ان المعنى المقصود من الجنس المنوه عنه في ذلك الدستور هو الذكورة أو الانوثة إلا ان حقيقة هذا النص ينصرف إلى ان المقصود منه عدم التفرقة بين الرجل والمرأة استناداً إلى ان ذكر الجنس بجانب الأصل يحمل على ان المشرع الدستوري قد أراد بكل منهما معنى مستقلاً(22). وحتى لو سلمنا جدلاً بان النص المذكور لا يعني بالضرورة المساواة بين الجنسين في كافة الحقوق ، فان مصر كانت ملتزمة دولياً عند إعداد هذه الأحكام بتحقيق المساواة إذ انها أقرت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 الذي تضمن هذا المبدأ (23). ثم صدر بعد ذلك دستور 1971 وهو الدستور النافذ حالياً وقد سارت جميع هذه الدساتير على منهج الدستور المصري الصادر عام 1956 حيث تضمنت النص على مبدأ المساواة بين الجنسين أمام القانون . وقد أكد الميثاق الوطني وبصورة قاطعة هذا المبدأ حيث جاء فيه " ان المرأة لابد من ان تتساوى مع الرجل ولابد ان تسقط بقايا الأغلال التي تعوق حركتها حتى تستطيع ان تشارك بعمق وإيجابية في صنع الحياة "(24).  كما أوضح الميثاق الوطني ان المساواة بين الرجل والمرأة يكون في نطاق الدين والشريعة وان العمل حق للمرأة وان واجب المجتمع ان يحيي للمرأة فرص العمل وظروفه وان يدعم هذه الفرص دائما بما يصون المرأة ويحفظ كرامتها. كما نص الدستور على ان " تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ودون الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية. فمبدأ المساواة بين الجنسين في جميع المجالات مقررة في الدستور المصري. وهذه المساواة هي مساواة قانونية أي نسبية مع مراعاة أحكام الشريعة "(25).  كما نص الدستور على ان الوظائف العامة حق للمواطنين 000 وهذا النص يعطي لجميع المواطنين حقاً دستورياً في تولي الوظائف العامة دون تفرقة بين الرجل والمرأة(26) ، هذا وقد تضمن الدستور المصري نصاً في غاية الأهمية حيث جاء فيه " ان الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع "(27). ان وجود هذا النص في الدستور ولا ول مرة يعني ان الشريعة الإسلامية ومبادئها السامية هي مصدر ملزم في التشريع المصري ولذلك حتى في حالة عدم النص في الدستور على مبدأ المساواة بين الجنسين فان هذه المساواة تكون مقررة في مصر على مقتضى أحكام الشريعة الإسلامية. كما ان وجود هذا النص يعني ضرورة التزام التشريعات الصادرة بما قررته الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بمبدأ المساواة بين الجنسين(28). وفي مجال قوانين العمل المصرية ، فقد صدر القانون المرقم 47 لسنة 1978 في شان العاملين بالدولة والقطاع العام متضمناً الكثير من النصوص التي تعضد موقف المرأة في مجال الوظيفة العامة وتعطيها الكثير من الميزات التي يتطلبها طبيعتها كانثى وطبيعتها كزوجة ثم طبيعتها كأم . كذلك فان هذه الميزات يقررها من جانب آخر رعاية الأسرة الرعاية الاجتماعية الواجبة باعتبار ان الأسرة هي عماد في كل مجتمع . كذلك صدر في عام 1979 قانون بتخصيص  ثلاثين مقعداً في مجلس الشعب المصري.

موقف الفقه والقضاء الإداري المصري

في معرض بحثنا لمبدأ المساواة بين الجنسين في تولي الوظائف العامة في القانون الإداري المصري ، يسلم فقهاء القانون الإداري بحق المرأة في تولي الوظائف العامة ولكنهم يرون ان هذا الحق ليس حقاً مطلقاً ، وان للسلطة الإدارية تقدير مدى صلاحية المرأة للتعيين في بعض الوظائف ولها ان تقرر حرمانها من التعيين في بعضها. وان لها في هذا الشان سلطة تقديرية لا معقب عليها ما دامت تتوخى في ذلك مصلحة العمل والمصلحة العامة ولا يشوب قرارها الصادر في هذا الشان إساءة استعمال السلطة(29). فقد اقر قضاء مجلس الدولة المصري مبدأ المساواة بين الجنسين في تولي الوظائف العامة . وان أجاز الخروج عليه بالنسبة لبعض الوظائف كوظيفة القضاء نظراً لظروف المجتمع. وقد أكد القضاء الإداري المصري هذا الرأي في أحكامه. فقد قررت محكمة القضاء الإداري في حكمها الصادر في 20 فبراير سنة 1952 منه انه " لا جدال في انه في غير الأحوال التي تتقيد بها سلطة الإدارة التقديرية بنص في قانون أو لائحة أو بمقتضى قاعدة تنظيمية عامة التزمتها يكون التقدير من اطلاقات الجهة الإدارية فترخص فيه بمحض اختيارها فتستقل بوزن مناسبات قرارها وتقدير ملاءمة أو عدم ملاءمة إصداره بما لا معقب عليها في هذا الشان من محكمة القضاء الإداري ما دام لم يثبت ان قرارها ينطوي على إساءة استعمال السلطة " . كما قررت في هـذا الحكم  " ان قصر بعض الوظائف كوظائف مجلس الدولة أو النيابة أو القضاء على الرجال دون النساء لا يعدو هو الآخر ان يكون وزناً لمناسبات التعيين في هذه الوظائف . تراعي فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية بشتى الاعتبارات من أحوال الوظيفة وملابساتها وظروف البيئة والعرف والتقاليد دون ان يكون في ذلك حط من قيمة المرأة ولا ينل من كرامتها ولا تحض من مستواها الأدبي والثقافي ولا غموض لنبوغها ولا إجحاف بها وانما هو مجرد تقدير الإدارة في مجال تترخص فيه لملاءمة التعيين في وظيفة بذاتها بحسب ظروف الحال وملابساتها كما قررتها هي وليس في ذلك إخلال بمبدأ المساواة قانونا ومن ثم فلا نعقب على تقديرها مادام قد خلا من إساءة استعمال السلطة "(30). وفي حكم آخر رفضت الإدارة تعيين إحدى المتقدمات لوظيفة القضاء فقد كان وما زال التحاق المرأة بوظيفة في السلك القضائي بمجلس الدولة محلاً لقضايا لها وزن. فقد تعرض مجلس الدولة المصري لمدى أحقية المرأة في تولي منصب القضاء عموماً وبمجلس الدولة خصوصاً على فترات زمنية متباعدة ، ورغم ذلك لم يتحول قضاؤه في هذا الصدد عن تأييد قرار الجهة الإدارية برفض قبول تعيين المرأة في هذا السلك القضائي . ففي منتصف القرن الماضي تقدمت إحدى الحاصلات على الليسانس في الحقوق بدرجات تؤهلها للالتحاق بالسلك القضائي بمجلس الدولة ولكن رفض قبولها ، فقامت بالطعن في قرار الإدارة أمام محكمة القضاء الإداري التي جاء حكمها مؤيداً لقرار الإدارة ولأهمية هذا الحكم فسوف نتعرض لبعض فقراته:

1-انه مهما يكن من أمر تصرف الإدارة في هذه الدعوى فلا ينبغي ان يستخلص من هذا التصرف ان الإدارة قد أقرت قاعدة عامة مطلقة تقضي بان المرأة المصرية لا تصلح في كل زمان لتولي مناصب القضاء ووظائف النيابة العامة وادارة القضايا . كقاعدة عامة مطلقة لا يجوز التسليم بها.

2-كما لا يجوز الاحتجاج بالقول ان أحكام الدستور في الشريعة الإسلامية السمحاء ، وفي نصوص الفقه الإسلامي ما لا يمنع من تقليد المرأة المسلمة مناصب القضاء متى كانت صالحة لذلك .

وقد جاء في البدائع للكاساني ( ج7ص2) تعداد لشروط الصلاحية لتقلد القضاء ولم يرد من بينها شرط يقضي بان يكون القاضي رجلاً . بل ورد العكس من ذلك إذ يقول صاحب البدائع " واما الذكورة فليست من شروط جواز التقليد في الجملة لان المرأة أهل للشهادات في الجملة " فورد في حيثيات القرار المذكور انه " لا مشاحة في ان المبادئ العليا الدستورية تقضي بمساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات وبمقتضى هذه المساواة عند تطبيقها على الوظائف والأعمال العامة هو عدم جواز حرمان المرأة على وجه مطلق من تولي هذه الوظائف والأعمال وإلا كان في ذلك تعارضاً مع مبدأ المساواة وإخلال بهذا المبدأ الجوهري من المبادئ العليا الدستورية. وذلك يقتضي ان يترك للإدارة سلطة التقدير ، فيما إذا كانت المرأة بالنسبة إلى منصب معين أو إلى وظيفة بالذات قد انتهت بها مدارج التطور إلى حد الصلاحية لتولي هذا المنصب أو هذه الوظيفة فإذا رأت الإدارة ان المرأة قد قطعت هذا الشوط واستوفت أسباب الصلاحية كان للإدارة بل عليها ان تفتح للمرأة الباب الذي فتحته للرجل دون إخلال بالمساواة فيما بينهما . وقد ظهرت صلاحية المرأة المصرية في العصر الذي نحن فيه لمناصب واعمال كثيرة منها الطب والتمريض والتعليم وكثير من الأعمال في وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الأوقاف ووظائف النيابة الحسبية والشهر العقاري. بل ان المرأة لتؤثر على الرجل في بعض هذه الأعمال لما تتميز به من صفات خاصة. فإيثارها على الرجل في هذه النواحي من النشاط لا يُعّدُ إخلالا بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة " وتفريعاً على ما تقدم يكون للإدارة أيضا ان تقرر في غير تعسف ما إذا كان الوقت لم يحن بسبب بعض الاعتبارات الاجتماعية لان تتولى المرأة بعض المناصب والوظائف العامة والإدارة في ذلك تترخص بمقتضى سلطتها التقديرية في وزن المناسبات والملابسات التي تحيط بهذه الأعمال ، مستهدية في ذلك بظروف البيئة وما تفرضه التقاليد من أوضاع وحدود ولا معقب على الإدارة في هذا التقرير مادامت تلتزم فيه وجه المصلحة العامة . كما للإدارة ان تقدر ما إذا كان الوقت قد حان لقيام المرأة ببعض الواجبات العامة كالخدمة العسكرية متى وعت ضروب هذه الخدمة بحيث تصبح المرأة صالحة لبعضها(31). ويبدو ان مجلس الدولة المصري في هذا الحكم قد ساير مجلس الدولة الفرنسي قبل عام 1946 في أحكامه المماثلة. حيث كان يترك للإدارة سلطة تقديرية واسعة إذا كانت المطالب الخاصة بالمرفق تبرر استبعاد المرأة. وفي حكم لاحق قطعت المحكمة الإدارية العليا بان تقرير المشرع أو سلطة تعيين المرأة لمهام بعض الوظائف دون البعض الآخر لا ينطوي عليه إخلال بالمبدأ الدستوري الذي يقضي بالمساواة في الحقوق العامة. إذ لعوامل البيئة وأحكام التقاليد وطبيعة الوظيفة ومسؤولياتها شان كبير في توجيه المشرع أو السلطة الإدارية الوجهة التي يريانها محققة للمصلحة العامة ومتفقة مع حسن انتظام المرفق وتمتع جهة الإدارة في هذا المجال بسلطة تقديرية لا معقب عليها مادام قرارها قد خلا من إساءة استعمال السلطة(32). وفي حكم آخر للمحكمة الإدارية العليا قضت بانه لا تثريب على الإدارة ان هي قصرت وظيفة كيميائي بمصلحة المعامل على الرجال وحبسها عن المرأة. أساس ذلك ما تتميز به هذه الوظيفة من مشقة بالغة واستهداف للمخاطر المحفوفة والمسالك الوعرة فيما يتعارض مع الظروف الملائمة لطبيعة المرأة. وترجع المشقة والمخاطر في هذه الوظيفة إلى ان مراكزها متناثرة في الريف القصي في جهات نائية وبعيدة عن طرق المواصلات السهلة مما يضطر العامل فيها إلى استخدام الدواب في مسالك وعرة أو إلى الابتعاد إلى مسافات بعيدة نائية سيراً على الأقدام أو يلجئه إلى مرافقة سائق الموتوسيكل بمفرده(33).         فنخلص من الأحكام المتقدمة إلى ان القضاء الإداري المصري يرى ان مبدأ المساواة بين الجنسين في تولي الوظائف العامة لا يمنع من ان تقصر بعض الوظائف على أحد الجنسين ، وذلك بحسب ظروف الحال وملابساتها التي ترجع إلى عوامل البيئة واحكام التقاليد أو إلى طبيعة الوظيفة ومسؤولياتها وما تتميز به من مشقة أو ما يكتنفها من مخاطر وتتمتع الإدارة في ظل هذه الظروف بسلطة تقديرية لا تخضع فيها لرقابة القضاء إلا بالنسبة لإساءة استعمال السلطة. فكان بهذا موقف المشرع المصري يشابه لما عليه المشرع الفرنسي في تبريره لمنع استخدام المرأة في بعض الوظائف . فيلاحظ ان القضاء الإداري المصري ما زال حتى الآن مستقراً على حرمان المرأة من تولي المناصب القضائية بمجلس الدولة وقد صدر في هذا الشان حكم من المحكمة الإدارية العليا قضى برفض تعيين موظفة إدارية بمجلس الدولة المصري في الوظائف الفنية به وقد استند هذا الحكم إلى السلطة التقديرية المخولة للجهة الإدارية في تقدير ملاءمة تعيين المرأة في منصب معين. كما استند إلى الدستور الذي ينص على ان الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع ، وانه لذلك يجب عدم الإخلال بما تقضي به أحكام الشريعة الإسلامية(34). ويرى د. فؤاد مهنا ان للسلطة التنفيذية ان تضمن اللوائح التنفيذية التي يتطلبها تنفيذ هذا القانون نصوصاً تحرم النساء من حق تولي بعض الوظائف العامة لعدم ملاءمتها لهن وان تفرض بالنسبة لتولي بعض الوظائف قيوداً تحول دون شغلها بالنساء. وانه في الحالات التي لا يرد بشأنها نص من هذه اللوائح التنفيذية فانه يكون للسلطة المختصة بالتعيين مطلق الحرية في تفضيل الرجال على النساء لشغل بعض الوظائف لاعتبارات تتعلق بما تراه بالنسبة لصلاحية الجنسين لتولي هذه الوظائف ولا يكون قرارها محلاً للطعن لصدوره في حدود السلطة التقديرية المقررة للإدارة العامة. ويرى الدكتور الطماوي ان على المشرع ان يعمل في إطار مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في تولي الوظائف العامة للاعتبارات المتعلقة بدعم الأسرة وحماية الأمومة والطفولة وان للإدارة سلطة تقديرية في تفضيل الذكور لاشغال بعض المناصب وهي لا تجافي عدم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس(35). فيتضح من الاطلاع على التشريعات الوظيفية في مصر انها لم تتعرض لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في مجال الوظيفة العامة . ومع ذلك فان هذه التشريعات لم تتضمن أية تفرقة بين الجنسين في الدستور المصري . فالمساواة هنا مساواة نسبية أي مساواة بين الأفراد المتساوين في الظروف والذين تتوافر فيهم الشروط التي يتطلبها تطبيق قاعدة قانونية معينة . كما ان الحكم الدستوري المجرد الذي يقضي بالمساواة في الحقوق العامة شيء ،وتقرير المشرع أو سلطة التعيين لصلاحية المرأة للاضطلاع بمهام بعض الوظائف العامة شيء آخر . إذ كما ذكرنا لعوامل البيئة واحكام التقاليد وطبيعة الوظيفة ومسؤولياتها شأن كبير في توجيه المشرع أو السلطة الإدارية الوجهة الإدارية التي يراها كلاهما محققة للمصلحة العامة ومتفقة مع حسن انتظام سير المرافق العامة وليس فيما تترخص جهة الإدارة في ضوء هذه الاعتبارات ان يعتبر إخلالاً بمبدأ المساواة المقرر دستورياً ، ولا يغير تقليل من شانها فيجب الأخذ بالحسبان طبيعة الوظيفة وظروفها وملابساتها بالكامل .

في العــــــــراق

منذ سقوط الدولة العباسية عام 1258 خيمت على العراق ليالي الاستعمار وأطولها كان ليل الاستعمار العثماني الذي دام أربعة قرون خضع فيها العراق للدولة العثمانية في حكمها وقوانينها فطوال هذه الفترة كلها لم يكن مبدأ المساواة بين المواطنين من المبادئ المقررة أو المستقرة في العراق ففي عام 1856 برزت محاولة إصلاحية متمثلة بإصدار خط (الهمايوني) الذي تضمن بعض النصوص الحامية لحقوق وحريات الأفراد حيث نص " على منع أي تمييز تبعاً للعرق أو الدين وضمان الحقوق الدينية لجميع الرعايا " . إلا ان هذه الإصلاحات لم تغير من طبيعة الحكم المطلق ولا من الوضع بالنسبة لتولي الوظائف العامة حيث بقي الأتراك هم المحتكرين للوظائف الحكومية وأن أبناء الوطن بعيدون عنها . وانعكس هذا الوضع السيئ على المرأة بشكل مباشر كونها جزءأً من هذا المجتمع فكان دور المرأة ثانوياً داخل أسوار البيت فقط ولا حرية لها . وبعد احتلال العراق من قبل بريطانيا وقيام أول حكومة وطنية عراقية عام 1921 لم يكن وضع المرأة من الناحية القانونية والاجتماعية بأفضل من الحكم الأجنبي حيث تبنى كل العادات والتقاليد المتخلفة وعزلت المرأة والغي اي دور لها إلا بما تحتاجه القوى المستقلة لجهودها وخاصة في الريف(36). وأول وثيقة دستورية نصت على مبدأ المساواة هي ما جاء في القانون الأساسي لسنة 1925 الذي نص على " لا فرق بين العراقيين في الحقوق أمام القانون وان اختلفوا في القومية أو الدين أو اللغة "(37). فيتضح ان المشرع آنذاك كان قد اخذ بمدلول المساواة وفق المذهب الفردي وهي المساواة أمام القانون ، فهذا النص الدستوري أكد أهمية مبدأ المساواة في الحقوق ولكن من دون ان  يحدد ما هذه الحقوق . وجاء في موضع آخر " العراقيين متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية …… ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين واليهم وحدهم يعهد بالوظائف العامة مدنية كانت أم عسكرية ولا يولى الأجانب هذه الوظائف إلا في أحوال استثنائية يعينها القانون "(38). فيتضح من خلال هذا النص الدستوري انه اقر مبدأ المساواة بين المواطنين في مجال الوظائف العامة ولكن من خلال تفحص نص المادة نلاحظ آن المشرع لم يميز في القومية أو الأصل أو الدين أو اللغة فقط . ويمكن ان تكون هناك أسس أخرى يمكن ان يميز فيها لأنه لم يتضمن هذا النص على عدم التفرقة بسبب الجنس في الحقوق السياسية ومنها حق تولي الوظائف العامة . وبرز التمييز بين الذكور والإناث بصورة جلية في قانون الانتخاب المرقم 11 لسنة 1946 حيث نصت المادة 2 منه على " يعتبر ناخباً كل عراقي من الذكور …… " واستثنى   المرأة العراقية من هذا الحق فعدم نص الدستور بصيغة خاصة على المساواة بين الجنسين في تولي الوظائف العامة لم يكن عائقاً أمام تقرير الحق الدستوري للمرأة في تولي الوظائف العامة استناداً إلى المبادئ الدستورية العليا . فبالرغم من المعوقات الاجتماعية التي تعتبر من اشد تلك المعوقات استطاعت ان تخرق ذلك الحصار أو الحاجز المنيع في عالم الفكر والثقافة وولوجها العمل بأعداد لا بأس بها(39). وبعد صدور دستور 27 تموز 1958 الذي أنهى  الحكم الملكي وحل النظام الجمهوري حدث تغير دستوري جوهري في ميدان الحقوق والحريات فجاء فيه "ان المواطنين سواسية أمام القانون في الحقوق والحريات العامة ولا يجوز التمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة "(40). وهو بهذا يكون قد نص لاول مرة صراحة على المساواة بين الجنسين أمام القانون   ويعني أيضاً المساواة في تولي الوظائف العامة فلم يحاول المشرع ان يتخطى مفهوم المساواة القانونية إلى الفعلية لعدم تضمنه نصوصاً تكفل ذلك . فمن أهم الحقوق التي يجب ان يتمتع بها الجميع على قدم المساواة هو حق التوظف إلا ان المساواة الفعلية لا تتحقق في هذا المجال إلا بتوفير ضمانات معينة كالنص على مبدأ تكافؤ الفرص وحق التعليم وهذا ما غفل عنه الدستور آنذاك ، وكذلك اغفل المشرع الدستوري حق العمل والضمان الاجتماعي ولم يرد نص يعالج هذا الموضوع على الرغم من تطور توظيف عمالة عراقية واتساع حجمها ولكن بالرغم من ذلك فقد تقلدن في تلك الفترة منصب الوزارة(41). ثم صدر دستور 29 نيسان 1964 الذي جاء فيه ان " التضامن الاجتماعي أساس المجتمع العراقي " ، وكذلك ضمان الدولة لمبدأ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين ، وكذلك نص على ان " العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات العامة بلا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو أي سبب آخر " ، وكذلك نص على ان العمل في الجمهورية العراقية حق وواجب وشرف لكل مواطن قادر والوظائف العامة تكليف للقائمين بها ويهدف موظفو الدولة في أدائهم أعمال وظائفهم خدمة الشعب(42). فيفهم من نص هذه المادة أنها شملت كلا الجنسين في حق العمل فيستنتج منه ان المساواة بين المرأة والرجل في العمل قائمة بلا تمييز بينهما . ولضمان مبدأ تكافل الفرص بين العراقيين في حق العمل وتولي الوظائف العامة فقد جاء في الدستور ان " التعليم حق للعراقيين …… " . وكذلك " تشرف الدولة على التعليم العام …… " (43). هنا نلاحظ كيف كان التدخل الإيجابي للدولة آنذاك لمصلحة الأفراد واقرار التعليم المجاني ضمانة مثالية لمبدأ تكافؤ الفرص لكن ظلت المساواة هنا مساواة قانونية ولم تتحول إلى مساواة فعلية واقعية حيث نص عليها في الدستور ولم تتكفل القوانين بجعلها مساواة فعلية .  ثم صدر دستور 21 أيلول لسنة 1968 المؤقت فتناول الباب الثالث منه تنظيم الحقوق والحريات فجاء فيه ان العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو الدين …… "(44). فساير ما كان عليه في الدساتير العراقية التي سبقته . ثم صدر دستور 16 تموز 1970 الذي أولى اهتماماً كبيراً لمبدأ المساواة فجاء فيه " المواطنون سواسية أمام القانون دون تفريق بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو الدين "(45). بهذا النص الدستوري الذي حرم التمييز بين المواطنين على أساس الجنس وعمل على ضمان معاملة متساوية بين المرأة والرجل في ميدان الوظائف العامة . فمن الحقوق الاجتماعية التي نص عليها دستور 1970 والذي الزم الدولة بكفالتها حق التعليم لما له من أهمية بالغة في ضمان تحقيق مبدأ تكافل الفرص بين المواطنين بتحقيقه يمكن الوصول إلى مساواة حقيقية فعلية في تولي الوظائف العامة . كذلك نص الدستور على حق العمل عندما الزم الدولة بتوفيره للمواطنين(46). على انه جاء في الدستور تحديد لمفهوم الوظيفة العامة فاعتبرها أمانة مقدسة وخدمة اجتماعية واقر المساواة بين المواطنين في توليها بضمان القانون(47). فأسهمت النصوص الدستورية بشكل كبير في إتاحة الفرصة أمام المرأة في الدخول إلى ميادين العمل والإنتاج وازدياد نسبة مساهمة المرأة في العمل وتولي الوظائف العامة زيادة مطردة إذ تبين ارتفاع معدلات مساهمة المرأة في مجال العمل والإنتاج إذ ارتفعت تلك النسبة من 4% عام 1957 إلى 31.77% عام 1988 من مجموع القوى العاملة في القطر(48). وبعد تغيير النظام السياسي في العراق نتيجة الغزو المسلح الذي وقع عليه تم إبطال العمل بدستور 1970، وصدور قانون مؤقت لادارة الدولة تسير عليه هيئات الدولة في ممارسة نشاطها السياسي والإداري لحين كتابة دستور دائم. فقد جاء في هذا القانون " ان العراقيين متساوون في حقوقهم بصرف النظر عن الجنس أو الطائفة أو الرأي أو المعتقد أو القومية او الدين أو الأصل وهم متساوون أمام القانون ويحرم التمييز ضد المواطن العراقي "(49). فهذا النص القانوني وان كان في ظاهره الشكلي النظري قد اكد اهمية المساواة . وان العراقيين متساوون وعلى قدم المساواة بينهم امام القانون وهذا يعني مساواتهم في الحقوق والواجبات . ومن هذه الحقوق حق تولي الوظائف العامة. وقد ورد في نص المادة القانونية على تحريم التمييز بين المواطنين على اساس الجنس او الطائفة او الراي او المعتقد او القومية او الدين او الاصل وحتى الولاء السياسي للأحزاب الذي كنا نأمل ان تكون هذه العبارة ماثلة امام واضعي هذا النص القانوني. وان لا تكون هناك استحقاقات سياسية وأتاوات حزبية وتغلغل الوساطة و المحسوبية والتأثيرات الحزبية وبالتالي تفشي الفساد الاداري والاخلاقي وضياع لمبدأ الجدارة والكفاءة في المفاضلة ما بين المرشحين في اسناد وظيفة ما في الدولة. وبالتالي يكون الكسب الحرام وهبوط مستوى كفاءة الجهاز الاداري ، واهدار وخرق لمبدأ المساواة الذي تنص عليه غالبية المواثيق والاعلانات والدساتير الدولية التي التزم بها العراق ووقع عليها، وضمنها دساتيره من البدء والى يومنا هذا ، بالنص على هذا المبدأ الدستوري وهو في نفس الوقت احد المبادئ العامة من الناحية الإدارية عمليا وتطبيقا للنص الدستوري.

مركز المرأة العراقية في التشريعات الوظيفية

كانت النظرة إلى المرأة في العراق سابقاً نظرة سلبية متخلفة تحرمها من الكثير من حقوق الحياة وخاصة حقها في العمل والتعليم والنشاط السياسي والاجتماعي ولقد اختلف هذا الموقف من المرأة تبعاً لاختلاف الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مر بها العراق ، فجميع التشريعات الوظيفية السابقة قبل سنة 1958 لم تتضمن نصاً صريحاً يقرر المساواة بين الرجل والمرأة في ميدان الوظيفة العامة فخلو تلك التشريعات من هذا النص أو هذا المبدأ لا يعني عدم اعتراف المشرع بهذه المساواة ولكن ترك الأمر للقواعد العامة والمبادئ المستقرة وتأييد المشرع لما استقر عليه الفقه الإداري من ترك الأمر للسلطة التقديرية للإدارة وعدم إلزامها بسلوك أو قرار معين تجاه تعيين النساء في الوظائف العامة . في عام 1931 صدر أول قانون للخدمة المدنية في العراق بالرقم 103 لسنة 1931 حيث نظم أسس انتقاء الموظفين وشروط تعيينهم وترفيعهم . فأوكل للسلطة الإدارية المختصة وفقاً لشروط محددة قانوناً لم يتضمن أي تفرقة بين الجنسين في الحقوق والواجبات واستمر هذا القانون إلى ان صدر قانون الخدمة المدنية المرقم 64 لسنة 1939 الذي وضع قواعد أدق  لتنظيم شؤون الوظيفة العامة حيث نص في المادة 3 منه على شروط التوظف ونطاقه ليشمل كلا الجنسين كما حددت المادة 4 منه على شروط التعيين في وظائف الدولة والاختلاف فقط بالنسبة للسن بين المرأة والرجل في بعض الوظائف . ولعدم تلبية هذا القانون لكل متطلبات الخدمة المدنية فقد صدرت العديد من القوانين التي نظمت شؤون الخدمة في قطاعات معينة من الدولة مثل قانون الخدمة الخارجية المرقم 41 لسنة 1940 والشرطة المرقم 43 لسنة 1943 والخدمة القضائية المرقمة 47 لسنة 1945 والخدمة التعليمية رقم 21 لسنة 1951 وغيرها . الأمر الذي أدى إلى ارتباك في إدارة وتنظيم الوظيفة العامة ، لذلك صدر قانون الخدمة المدنية المرقمة 55 لسنة 1956 فكان اكثر تقدماً وطموحاً من سابقه ولكنه لم يأتِ بأحكام حديثة ، فأرسى مفهوماً محدداً لإدارة الأفراد في العراق وإنشاء مجلس الخدمة العامة . ولكن للضرورات التي استجدت لم يعد هذا القانون قادراً لحل المشاكل للمشاكل التي ظهرت عند التطبيق ولانعدام المبادئ الضرورية التي تشعر الموظف والمستخدم بوجود حماية لحقوقه وضمان مستقبله(50). وبسبب النقص والغموض اللذين اكتنفا بعض أحكام القانون صدر قانون الخدمة المدنية المرقم 24 لسنة 1960 الذي يعتبر الشريعة العامة للموظفين والذي ما زال سارياً إلى الآن . فجعلت من مبدأ المساواة في التعيين لأشمالها من القواعد ولكنه لم يتضمن نصاً صريحاً يقرر المساواة بين الرجل والمرأة في مجال الوظيفة العامة . مثلما فعل المشرع المصري في القانون المرقم 47و48 لسنة 1978 الخاص بالعاملين المدنيين بالقطاع العام على عكس ما هو موجود في تشريع الوظائف العامة الفرنسي الصادر عام 1959 المعدل بالقانون الصادر في 10 يوليو 1975 الذي نص صراحة على تقرير مبدأ المساواة بين الجنسين في تولي الوظائف العامة وضيق مجالات الاستثناءات من هذا المبدأ في التعيين بالوظائف العامة ، فجاءت جميع نصوص القانون 24 لسنة 1960 مطلقة لم تفرق في مجال تطبيقها بين الجنسين باستثناء البعض منها وتضمنت أحكاما خاصة بشأن المرأة اقرها المشرع مراعاة لطبيعتها الخاصة للتوفيق بين واجبات الوظيفة ومسؤولياتها الاجتماعية          كما صدرت العديد من قوانين العمل منها قانون العمل المرقم 72 لسنة 1936 والقانون المرقم 1 لسنة 1958 الذي لم يرد فيه أي نص يدل على التفرقة بين الجنسين في مجال العمل . ثم صدر نظام استخدام النساء والمراهقين والأحداث المرقم 4 لسنة 1961 الذي حظر تشغيل المرأة في بعض الأعمال لاعتبارات مختلفة من التركيب البيولوجي للمرأة الذي يختلف عن الرجل وخصوصاً في الأعمال الثقيلة . ان تنظيم شؤون الوظيفة كان ولا يزال محكوما بقانون 24 لسنة 1960 قانون الخدمة المدنية فدخلت المرأة شتى مجالات الحياة وبكافة أنواع أعمالها الماهرة والتقنية وتحررت المرأة من جميع القيود الاجتماعية السلبية والرجعية . فالقواعد العامة المقررة بصدد الوظيفة العامة تقوم على أساس عدم التمييز بين الرجال والنساء في تولي الوظائف العامة واستناداً إلى نصوص وأحكام الدستور الذي نص على المساواة في تولي الوظائف العامة التي يكفلها القانون . فصدرت العديد من القوانين والتشريعات التي تخص المرأة التي أكدت على عدم التمييز بين الرجال والنساء(51). بعد ان استعرضنا بشكل سريع القوانين النافذة وموقفها من المساواة بين الجنسين الرجال والنساء. نجد أنها جسدت مبدأً دستوريا أساسه المساواة بين الرجال والنساء في كافة المجالات ولكن رغم التطور القانوني لوضع المرأة إلا ان هناك فجوة كبيرة بين أحكام القانون والتطبيق العملي لغياب الوعي بالحقوق التي يكفلها القانون والالتزامات التي يتطلبها وترسخ عادات وتقاليد تجعل من دور المرأة دوراً ثانوياً في المجتمع على الرغم من ازدياد تولي المرأة للوظائف العامة فتأخذ باعتبارها نصف المجتمع وهذه بالنتيجة ليست مشكلة قانونية بقدر ما هي مشكلة اجتماعية وارث متخلف بالي . ً فان مناط المساواة هنا هو ان تسوي الدولة بين جميع المواطنين أمام القانون بموجب الأحكام والقواعد الدستورية متى كانت مراكزهم وظروفهم واحدة . أما عند الاختلاف فان المعاملة لا تكون واحدة ولكن هذه المساواة المنصوص عليها في الدساتير تكون شيئاً وتقرير المشرع أو سلطة التعيين لصلاحية المرأة للاضطلاع بمهام بعض الوظائف العامة شيئاً آخر . إذ لعوامل البيئة وأحكام التقاليد وطبيعة الوظيفة ومسؤولياتها شأن كبير في توجيه المشرع أو السلطة الإدارية الوجهة التي يراها كلاهما محققة المصلحة ومتفقة مع حسن سير المرفق العام . وليس فيما تترخص به جهة الإدارة في هذا الصدد من أن هذه الاعتبارات إخلال بمبدأ المساواة المقرر دستورياً ولا يعتبر إخلالا من شانها . لان تقدير الاستحسان أو الأفضلية وما إلى ذلك من الوجوه الباعثة على ترخيص جهة الإدارة في هذه الملاءمة واتجاهها إلى تقليد بعض الوظائف لأحد الجنسين دون الآخر بحسب ظروف الحال وملابساتها هو من الأمور الداخلة في سلطتها التقديرية وما دامت بعيدة عن الانحراف باستعمال السلطة فمن باب تنظيم المرافق العامة بالدولة تقرر الإدارة مجموعة الشروط والأوضاع التي يجري على سننها التعيين في بعض الوظائف العامة دون بقية الوظائف الأخرى لطبيعتها الخاصة بها . ومن ثم نقصر فيمن يتولاها على الرجال بشرط ان لا يشوب تصرفها انحراف في استعمال السلطة . أو خرق للنص الدستوري وروحه التي تحتم الإلمام بكل الظروف والملابسات التي أدت بالإدارة إلى تمييز أحد الجنسين على الآخر في تولي إحدى الوظائف العامة بالدولة وبالتالي تعزيز مبدأ المساواة وتأكيده للنص الدستوري. وتتجه التشريعات الحديثة بوجه عام الى الاعتراف بمكان المرأة المجالات كافة بحيث يكون لها من الحقوق وعليها من الواجبات ما يكون للرجل وما عليه . فقد لا تتضمن بعض التشريعات النص صراحة على مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة كما لاحظنا سابقاً عند استعراضنا للنصوص الدستورية التي نظمت هذا المبدأ ولكن ليس معنى هذا اهدار هذا المبدأ في حالة عدم النص صراحة عليه إذ قد يكتفي في هذا المجال بما جرى عليه العرف والتقاليد من اباحة تولية المرأة للوظائف العامة ومن ثم يتعين إعمال هذه القاعدة دون أن يحتج على ذلك بأن النص جاء خالياً من هذه القاعدة ما لم يكن ثمة نص قانوني يقضي بغير ذلك أو أن العرف لا يسمح بتولي المرأة الوظائف العامة على وجه مطلق أو لبعض الوظائف دون البعض الآخر .    وقد ينص التشريع صراحة على مراعاة المساواة بين الجنسين في هذا المجال درءاً لكل شبهة وايضاحاً للسياسة التي تنتهجها الدولة ازاء تولي المرأة الوظائف العامة . فمراعاة المساواة بين الجنسين ومنها حق تولي الوظائف العامة تعتبر من المشاكل الاجتماعية كما هي مشكلة دستورية وإن كان الاتجاه الحديث لعموم الدساتير المعاصرة الحديثة تعمل على تحقيق المساواة بينهما على عكس الاتجاه القديم .        فبالرغم من أن الاتجاه الحديث يتجه نحو تحقيق المساواة بين الجنسين فإن هذه المساواة ليست مطلقة وإنما هي مقيدة سواء من حيث واقع التطبيق العملي وبما يتفق مع طبيعة المرأة ونظام المجتمع من الأعراف والتقاليد في كل بلد فضلاً عن أن هناك بعض الوظائف تقتضي عدم ممارستها بعض الأعمال الشاقة كالعمل في المناجم والمقالع فيتعين أن لا يؤدي المفهوم الشكلي لمبدأ المساواة بين الجنسين في تولي الوظائف العامة الى الابتعاد عن التعمق في أبعاد هذا المبدأ من حيث كون هذه المساواة مقيدة بطبيعة كلا الجنسين والظروف المحيطة بكل منهما وأن تلبي التشريعات الوظيفية ظروف المرأة في كونها تجمع بين مسؤولية العمل ومسؤولية البيت والتربية .

_______________________

1- د. أمينة فؤاد مهنا / مصدر سابق ، ص89.

2-  Alain Plantey : Traite Pratique de La Fonction publique Troisions edition, Tom, Premier Paris, P150-155.

3- د. علي خطار شطناوي / دراسات في الوظيفة العامة ، منشورات الجامعة الأردنية ، 1998-1999 ، ص48

  ود. محمود محمد بدران / قانون الوظيفة العامة ، دار النهضة العربية ، مصر ، 1990 ، ص86-87

4- د. صالح إبراهيم المتيوتي / مصدر سابق ، ص5 .

5- قضية Bobard ، مجلس الدولة الفرنسي في 3/7/1936 ، مجموعة الأحكام الكبرى 1978 ص241 . وحكمه في قضية Michel في 23/2/1968 . اشار اليه د. علي خطار شطناوي / مصدر سابق ، ص50.

6- Robert Chatherine : Le Fonctionnaire Francis Editions Sirey ,1973 ,P60.79.

7- أشار إليه د. علي خطار شطناوي / مصدر سابق ، ص50 .

8- د. محمود عاطف إلينا / مصدر سابق ، ص175 .

9- د. محمود محمد بدران / مصدر سابق ، ص88 .

10- د. احمد حافظ نجم / القانون الإداري دراسة قانونية التنظيم ونشاط الإدارة ، جـ 2 ، ط1981 ، ص35.

11- انظر نص المادة 6 والفقرة 3 من القانون رقم 83-834 الصادر في 13/7/1983 بشان الخدمة المدنية الفرنسية.

12- انظر نص المادة 21 من القانون رقم 84-16 الصادر في 11/1/1984 بشان الخدمة المدنية الفرنسي.

13- ف2/مادة7 من القانون السابق.

14- المادة الأولى من القسم الأول من نظام الخدمة المدنية الفرنسي النافذ رقم 87 55 الصادر في 22/2/1987.

15- للمزيد من التفاصيل راجع د. الشطناوي / مصدر سابق ، ص51-52. بشان قائمة المناصب.

16- د. ثروت بدوي / القانون الدستوري وتطور الانظمة الدستورية في مصر ، 1969 ، ص200 .

17- انظر نص المادة الثالثة من دستور 1923 المصري .

18- د.عبد الحميد متولي / القانون الدستوري ، ط1 ، 1954 ، ص531 .

19- انظر نص المادة 31 من دستور جمهورية مصر العربية لسنة 1956 .

20- د. سليمان الطماوي / مبادئ علم الإدارة العامة ، 1987 ، ص503 .

21- د. أميمة فؤاد مهنا / مصدر سابق ، ص

22- د. سليمان الطماوي / مبادئ علم الإدارة ، ط3 ، 1965 ، ص494 .

23- د. عثمان خليل عثمان / دروس في الاتجاهات الدستورية الحديثة ، ص102 .

24- د. فؤاد العطار / النظم السياسية والقانون الدستوري ، 1965-1966 ،ص722.

25- انظر نص المادة 11 من دستور 1971 الدائم لجمهورية مصر العربية.

26- انظر نص المادة 14 من دستور 1971 الدائم لجمهورية مصر العربية.

27- انظر نص المادة 2 من دستور 1971 الدائم لجمهورية مصر العربية.

28- د. أمينة فؤاد مهنا / مصدر سابق ، ص168.

29- د.محمد محمد بدران /قانون الوظيفة العامة ، دار النهضة العربية ، 1990 ، ص90.

وكذلك د. عبدالفتاح مراد / شرح الحريات العامة وتطبيقات المحاكم بشانها، المكتبة الجامعية الحديثة.

30- انظر قضية رقم 33 لسنة 4 القضائية ، مجموعة س 6 ، ص484 ، حكم رقم 176.

31- قضية رقم 243 لسنة 6 القضائية ، جلسة 22/12/1953 ، مجموعة مجلس الدولة لاحكام القضاء الإداري ، السنة 8 ، المجلد الأول ، ص304، مطبعة النصر ، 222 شارع الجيزة، القاهرة.

32- المحكمة الإدارية العليا في 31/3/1963 وفي 28/2/1965 ، مجموعة 10 سنوات 1955 1965 ، ص446-447.

33- انظر حكم المحكمة الإدارية العليا المصرية في 31 مارس 1963 ش ، ص989.

راجع الدكتور فاروق عبد البر / دور مجلس الدولة المصري في حماية الحقوق والحريات العامة ، جـ 2 ، مطابع كل العرب، 1991 ، ص184.

34- د. أمينة فؤاد مهنا / مصدر سابق ، ص180.

35- د. سليمان الطماوي / مبادئ علم الإدارة ، مصدر سابق ، ص585.

36- ليلى حسين معروف المحامية / المرأة العراقية وحقائق التغير بعد فترة 1968 ، مقال منشور في مجلة القضاء العراقية ، ع1 ، ع السنة 37 ، 1982 ، ص246 .

37- انظر نص المادة 6 من القانون الأساسي العراقي لسنة 1925 .

38- انظر نص المادة 18 من القانون الأساس العراقي لسنة 1925 .

39- سعد عدنان الهنداوي / مصدر سابق ، ص85 .

40- انظر نص المادة 9 دستور 27 تموز لسنة 1958 العراقي .

41- صدر المرسوم الجمهوري بالعدد 480 بتعين نزيهة الدليمي وزيرة للبلديات .

42- انظر نصوص المواد 4،6،17،19، من دستور 1964 لجمهورية العراق .

43- انظر نصوص المواد 33،34 من دستور 1964 لجمهورية العراق .

44- انظر نص المادة 21 من دستور 1968 لجمهورية العراق .

45- انظر نص المادة 19 ف (أ) من دستور 1970 لجمهورية العراق .

46- انظر نص المادة 32 من دستور 1970 لجمهورية العراق .

47- انظر نص المادة 30 من دستور 1970 لجمهورية العراق .

48- سعد كاظم الهنداوي / مصدر سابق ، ص102 .

49- المادة 12 من قانون ادارة الدولة العراقية المؤقت.

50- انظر إلى الأسباب الموجبة لقانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960

51- قانون مساواة المرأة بالرجل في الحقوق والمزايا المالية المرقم 191 لسنة 1975 في المساواة بين الرجل والمرأة المتزوجين . ثم صدر قانون خدمة المرأة في الجيش المرقم 131 لسنة 1977 . وفي 19/9/1979 صدر تشريع آخر برقم  122 سمح بموجبه للفتيات خريجات الدراسة الإعدادية بالقبول في كلية القوة الجوية والدفاع الجوي. وصدر قانون العمل المرقم 151 لسنة 1970 جاء في مادته الأولى ان العمل حق طبيعي يجب توفيره لكل مواطن قادر عليه وتقريره لمبدأ المساواة بين الجميع ومنحهم فرصا متكافئة دون أي تفريق بسبب الجنس أو اللغة أو الدين . ثم صدر تشريع آخر بالعمل رقم 71 لسنة 1987 الذي جاء بنفس المبادئ التي جاء بها القانون السابق من إقراره لمبدأ المساواة . وفي مجال الحقوق السياسية منح قانون المجلس الوطني المرقم 55 لسنة 1980 حقها في ممارسة الحقوق السياسية اسوة بالرجل حيث كفل القانون مبدأ المساواة في الترشيح للعضوية . وكذلك فعل القانون رقم 26 لسنة 1995 بمبدأ المساواة بين الجنسين في الترشيح والانتخاب  . كذلك صدر قانون مجالس الشعب المحلية المرقم 25 لسنة 1995 حيث جاء في المادة 11 منه ان " لكل عراقي وعراقية ان يكون ناخباً ومرشحاً لعضوية مجلس الشعب المحلي  " .

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






بعد إكمال طباعة كتاب (قراضة النضير وخلاصة التفسير) .. العتبة العلوية المقدسة توزع نسخاً منه على مكتبات النجف الأشرف
على مساحة 42 ألف متر مربع ... أكبر مشروع علمي ثقافي فكري للأطفال تنفذه العتبة العلوية المقدسة
لخدمة المتشرفين بأداء المناسك لموسم الحج القادم .. العتبة العلوية المقدسة تنفذ برنامج (الحج الافتراضي)
لتطوير قدرات الخدم في العتبة العلوية المقدسة .. إطلاق مجموعة من الدورات و ورش العمل المتنوعة