بويل روبرت

 (1627 – 1691م)

والد الدوق ريتشارد بويل احد انصار الملك. توفي في الحرب الاهلية الإنجليزية  في معركة مع الجمهوريين الذين قادهم كروميل ⁽¹⁾.

كان لروبرت ثلاثة عشر أخ واخت.

ولد في ايرلندا في قصر ليسمور وأمضى طفولته هناك. انهى بويل دراسته الثانوية في مدينة ايتون على يد معلمه "ماركوم" وما لبث ان سافر الى ايطاليا وفرنسا.

درس في جنيف بسويسرا ولدى عودته في الثامنة عشرة الى بلاده توفي والده.

كان لأخته السيدة رينالف صالون أدبي يجتمع فيه رجال العلم والادب. وقد تعرف روبرت في هذا الصالون الى الفيلسوف وعالم الفيزياء الفرنسي رينه ديكارت (1596-1650) فتأثر به كثيرا.

مال روبرت الى الكيمياء ولم يكن له المال الكافي لبناء مختبر كبير في لندن لذلك حول القصر الذي ورثه عن ابيه والقائم في سيتلبريدج بين اكسفورد ولندن الى هذا الغرض.

وقد انشأ بويل في مختبره مواقد عدة من الحديد الى جانب المواقد الحجرية وبدا العمل في اواخر عام 1645 حول مواضيع ثلاثة : الفيزياء، الكيمياء، الكيمياء الزراعية.

ولم يكن اهتمام بويل بالطب والميكروبات والفيزياء والكيمياء اقل من اهتمامه بالفلسفة واللاهوت واللغة.

وسار بويل على نهج بيكون (1561 -1626) الذي اعتبر الاختبار المصدر الاساس للمعرفة فأولى الأبحاث المخبرية الاهتمام الأكبر ولا سيما الاختبارات الكيميائية.

ولقد تطلع الى دور جديد للكيمياء لا تعود فيه وسيلة لتحضير الأدوية كما رأى الصيادلة وطريقة للحصول على حجر الفلاسفة، كما فعل الخيميائيون، بل لتصبح علما مستقلا وكانت اولى نتائج أبحاث بويل حصوله على الدلائل الملونة التي تستطيع بواسطتها تحديد نوعية السوائل : أحامضة هي ام قلوية؟. وقد توصل أثناء عمله على الدلائل الملونة الى تحضير انواع ممتازة من الحبر الأسود، استمر استعمالها على امتداد قرن من الزمن.

وقد درس بويل خصائص الأجسام بغية ايجاد طرق لمعرفتها وتوصل بعد جهود مضنية الى وضع الاسس العلمية الصحيحة لما نسميه اليوم بالكيمياء التحليلية.

ودرس بويل عملية الاحتراق لكنه لم يتوصل الى نتائج علمية مرضية لاعتقاده بوجود عنصر الترموجين في النار الذي يساعد على الاحتراق. وبالطبع لم يكن الأوكسجين معروفا يوم ذاك، كما ان بويل لم يتوصل الى معرفته.

وضع بويل كتبا كثيرة ضمنها نتائج أبحاثه، صدرت جميعها بالإنجليزية، وترجم قسما منها الى اللاتينية سكرتير الجمعية الملكية اللندنية اولدنبورغ. في اوائل عام 1652 اضطر بويل لمغادرة ستيلبريدج والعودة الى مسقط راسه ايرلندا لمعالجة الانتفاضة التي قام بها الفلاحون في املاكه والتي كان من جرائها نهب قصره.

وبعد ان رتب الأمور قرر بناء لرسائل صديقه عالم الرياضيات جون ويلكنيس العودة في ربيع 1654 الى اكسفورد حيث اجتمع بعدد كبير من العلماء الانجليز.

وفور عودته استأنف بويل أبحاثه بمعاونة شاب فرنسي يدعى غيوم هامبرغ (1652 – 1715) وكان موضوع تلك الأبحاث تنظيم الأجسام وتقسيمها الى مجموعات وفقا لخصائصها.

لذلك ابتدئوا بتحليل العناصر الكيميائية المعدنية المعروفة آنذاك باعتبارها ابسط الأجسام.

فدرسا الأجسام الناتجة عن تفاعل المعادن بالحوامض.

وقد اعتمدا ان سلفات الحديد هو نتاج تفاعل حامض الكبريتيك والحديد مع ما يرافق ذلك من خروج الهواء الموجود في الحديد.

(ان ما اعتبره بويل "هواء" كان في الواقع غاز الهيدروجين) وتعتبر تجربة بويل و هامبرغ هذه اولى المحاولات لوضع أسس علمية للكيمياء.

ولم تمض فترة وجيزة حتى غادر هامبرغ اوكسفورد متجها الى فرنسا ليعمل في أكاديمية العلوم الفرنسية متخذا لنفسه منهجا جديدا لدراسة الأجسام.

وبعد رحيل هامبرغ اتخذ بويل لنفسه مساعدا جديدا هو الفيزيائي الشاب روبرت هوك (1635 – 1703).

فتوصلا معا الى اكتشاف فكرة الفراغ، وكانت نظرية بويل حول إمكانية توليد هذا الفراغ احد الاسباب الرئيسية التي جعلت انصار ديكارت يهاجمونه بقوة لاعتقادهم بوجود اثير يحول دون تحيق الفراغ.

لم يتمكن بويل من متابعة أبحاثه في اوكسفورد لفترة طويلة بسبب اندلاع الحرب الاهلية من جديد بين الملكيين وانصار كروميل. فعاد الى مزرعته في ستيلبريدج حيث استطاع بمساعدة كاتبين إنهاء مؤلفه العلمي الاول "التجارب الفيزيائية" الميكانيكية الأولى حول وزن الهواء ومظاهره خلال بضعة اشهر. ونشره عام 1660.

وقد احتوى هذا الكتاب على وصف دقيق لجميع التجارب التي قام بها اكسفورد وعلى نقد لتعاليم أرسطو وديكارت مما اثار ضجة كبيرة.

ورغم النقد اللاذع الذي تعرض له بويل، فقد اعترف عدد كبير ممن خالفوه الراي بنتائج أبحاثه ومن بينهم كريستيان هيوغينز احد انصار فكرة وجود الاثير.

وفور صدور كتابه الاول انكب بويل على كتابه "الكيميائي المتشكك" الذي صدر في اكسفورد عام 1661 دون ان يحمل في طبعته الأولى اسم مؤلفه الحقيقي.

لكن الطبعة الثانية حملت اسم بويل وترجمت الى اللاتينية ونالت شهرة واسعة.

وقد جاء الاسم الكامل لهذا الكتاب "الكيميائي المتشكك او الشكوك والمتناقضات الكيميائية – الفيزيائية المتعلقة بالتجارب التي يقوم بها جمهور محضري الأدوية الذين يحاولون اظهار الملح والكبريت والزئبق على انها المركبات الأساسية الحقيقية للأجسام.

ولقد برهن بويل في مؤلفه هذا بطلان أرسطو حول العناصر الأربعة (الأرض ، الهواء، النار، الماء) وكذلك بطلان مقولة باراسيلسيوس (الملح، الكبريت، الزئبق).

وحدد بويل أسس نظرية جديدة دعاها نظرية الجسيمات وكيفية تطبيقها على الكيمياء.

بعد اعتلاء الملك شارل الثاني العرش عادت الحياة السياسية الى طبيعتها وعاد بويل الى اكسفورد.

وقد عاونه هذه المرة عالم فيزيائي جديد اسمه ريتشارد تاونلي ولم تمض فترة وجيزة على عمل بويل مع مساعده الجديد حتى صدر له عام 1662 كتاب جديد "في الدفاع عن النظرية المتعلقة بمرونة الهواء ووزنه".

اما اهم ما جاء في هذا القانون بان حجم الهواء يتناسب عكسا مع ضغطه. وقد اعتبر بويل هذا القانون فرضية والذي يعد اهم انجازات القرن السابع عشر.

وقد توصل اليه الفرنسي ماريوت (1620 – 1684) بعد خمس عشرة سنة. وفي عام 1663 وحين تأسست أكاديمية العلوم البريطانية او كما كانت تسمى (جمعية لندن الملكية).

انتخب روبرت بويل بالإجماع عضوا في ادارتها. وفي عام 1664 صدر له كتاب "تجارب وافكار حول الالوان.

لم تحل المناصب الكبيرة التي تبوأها بويل من متابعته للأبحاث والتأليف. وخلال السنوات 1665 – 1669 صدر له : التناقضات الهيدروستاتية، وظهور الشكل والخصائص وفق نظرية الجسيمات "و حول المياه المعدنية.

وقد قدم في هذا الأخير وصفا رائعة لطرق تحليل المياه المعدنية وتعرف بويل عام 1669 على الطبيب الالماني يوهان دانيل كرافت (1624 – 1697) الذي علمه كيفية تحضير الفوسفور من البول.

وقد حضر بويل انطلاقا من الفوسفور حامض الفوسفوريك. كما استطاع عام 1680 تحضير الفوسفور الأبيض بطريقة مغايرة تماما.

وعرف لفترة طويلة بفوسفور بويل.

وفي أواخر الثمانينيات بدأت صحة بويل تعتل مما حمله على مغادرة اوكسفورد والتوجه الى مسقط راسه رافضا عرض الجمعية الملكية بان يكون رئيسها.

وقد توفي عام 1691 تاركا وراءه ارثا كبيرا من المؤلفات صدر قسم منها بعد وفاته. ورغم ما اثاره بويل من شكوك حول نظرياته فقد عد عالما كبيرا وضع المبادئ الأساسية لعلم الكيمياء وفصله عن الطب والصيدلة، كما اعتبر المنشئ الاول لفرع الكيمياء التحليلية.

_________________________________________________________________