المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
Untitled Document
أبحث في الأخبار


معنى تعليم الحكمة


  

2775       06:07 مساءاً       التاريخ: 21-10-2014              المصدر: محمد حسين الطباطبائي

أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2015 5820
التاريخ: 8-06-2015 23038
التاريخ: 29-1-2016 11068
التاريخ: 29-1-2016 2622
التاريخ: 21-10-2014 2393
لا محيص للإنسان في حياته المحدودة التي يعمرها في هذه النشأة من سنة يستن بها فيما يريد ويكره ، ويجري عليها في حركاته وسكناته وبالجملة جميع مساعيه في الحياة.
وتتبع هذه السنة في نوعها ما عند الإنسان من الرأي في حقيقة الكون العام وحقيقة نفسه وما بينهما من الربط ، ويدل على ذلك ما نجد من اختلاف السنن والطرائق في الأمم باختلاف آرائهم في حقيقة نشأة الوجود والإنسان الذي هو جزء منها.
فمن لا يرى لما وراء المادة وجودا ، ويقصر الوجود في المادي ، وينهي الوجود إلى الاتفاق ، ويرى الإنسان مركبا ماديا محدود الحياة بين التولد والموت لا يرى لنفسه من السعادة إلا سعادة المادة ولا غاية له في أعماله إلا المزايا المادية من مال وولد وجاه وغير ذلك ، ولا بغية له إلا التمتع بأمتعة الدنيا والظفر بلذائذها المادية أو ما يرجع إليها وتنتهي جميعا إلى الموت الذي هو عنده انحلال للتركيب وبطلان.
ومن يرى كينونة العالم عن سبب فوقه منزه عن المادة ، وأن وراء الدار دارا وبعد الدنيا آخرة نجده يخالف في سنته وطريقته الطائفة المتقدم ذكرها فيتوخى في أعماله وراء سعادة الدنيا سعادة الأخرى ويختلف صور أعمالهم وغاياتهم وآراؤهم مع الطائفة الأولى.
ويختلف سنن هؤلاء باختلافهم أنفسهم فيما بينهم كاختلاف سنن الوثنيين من البرهميين والبوذيين وغيرهم والمليين من المجوسية والكليمية والمسيحية والمسلمين فلكل وجهة هو موليها.
وبالجملة الملي يراعي في مساعيه جانب ما يراه لنفسه من الحياة الخالدة المؤبدة ويذعن من الآراء بما يناسب ذلك كادعائه أنه يجب على الإنسان أن يمهد لعالم البقاء وأن يتوجه إلى ربه ، وأن لا يفرط في الاشتغال بعرض الحياة الدنيا الفانية وغير الملي الخاضع للمادة يلوي إلى خلاف ذلك ، هذا كله مما لا ريب فيه.
غير أن الإنسان لما كان بحسب طبعه المادي رهينا للمادة مترددا بين الأسباب الظاهرية فاعلا بها منفعلا عنها لا يزال يدفعه سبب إلى سبب لا فراغ له من ذلك ، يرى - بحسب ما يخيل إليه - أن الأصالة لحياته الدنيوية المنقطعة ، وأنها وما تنتهي إليه من المقاصد والمزايا هي الغاية الأخيرة والغرض الأقصى من وجوده الذي يجب عليه أن يسعى لتحصيل سعادته.
فالحياة الدنيا هي الحياة وما عند أهلها من القنية والنعمة والمنية والقوة والعزة هي هي بحقيقة معنى الكلمة ، وما يعدونه فقرا ونقمة وحرمانا وضعفا وذلة ورزية ومصيبة وخسرانا هي هي وبالجملة كل ما تهواه النفس من خير معجل أو نفع مقطوع فهو عندهم خير مطلق ونفع مطلق ، وكل ما لا تهواه فهو شر أو ضر.
فمن كان منهم من غير أهل الملة جرى على هذه الآراء ولا خبر عنده عما وراء ذلك ، ومن كان منهم من أهل الملة جرى عليها عملا وهو معترف بخلافها قولا فلا يزال في تدافع بين قوله وفعله قال تعالى : { كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا } [البقرة : 20].
والذي تندب إليه الدعوة الإسلامية من الاعتقاد والعمل هو ما يطابق مقتضى الفطرة الإنسانية التي فطر عليها الإنسان وتثبت عليه خلقته كما قال : {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } [الروم : 30].
ومن المعلوم أن الفطرة لا تهتدي علما ولا تميل عملا إلا إلى ما فيه كمالها الواقعي وسعادتها الحقيقية فما تهتدي إليه من الاعتقادات الأصلية في المبدأ والمعاد وما يتفرع عليها من الآراء والعقائد الفرعية علوم وآراء حقة لا تتعدى سعادة الإنسان وكذا ما تميل إليه من الأعمال.
ولذا سمى الله تعالى هذا الدين المبني على الفطرة بدين الحق في مواضع من كلامه كقوله : {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} [الصف : 9].
و قال في القرآن المتضمن لدعوته : {يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ } [الأحقاف : 30].
وليس الحق إلا الرأي والاعتقاد الذي يطابقه الواقع ويلازمه الرشد من غير غي ، وهذا هو الحكمة - الرأي الذي أحكم في صدقه فلا يتخلله كذب ، وفي نفعه فلا يعقبه ضرر - وقد أشار تعالى إلى اشتمال الدعوة على الحكمة بقوله : {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء : 113] ، ووصف كلامه المنزل بها فقال : { وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} [يس : 2] ، وعد رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) معلما للحكمة في مواضع من كلامه كقوله : {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة : 2].
فالتعليم القرآني الذي تصداه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) المبين لما نزل من عند الله من تعليم الحكمة وشأنه بيان ما هو الحق في أصول الاعتقادات الباطلة الخرافية التي دبت في أفهام الناس من تصور عالم الوجود وحقيقة الإنسان الذي هو جزء منه - كما تقدمت الإشارة إليه - وما هو الحق في الاعتقادات الفرعية المترتبة على تلك الأصول مما كان مبدأ للأعمال الإنسانية وعناوين لغاياتها ومقاصدها.
فالناس - مثلا - يرون أن الأصالة لحياتهم المادية حتى قال قائلهم : {مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا } [الجاثية : 24] ، والقرآن ينبههم بقوله : {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت : 64] ، ويرون أن العلل والأسباب هي المولدة للحوادث الحاكمة فيها من حياة وموت وصحة ومرض وغنى وفقر ونعمة ونقمة ورزق وحرمان {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [سبأ : 33] ، والقرآن يذكرهم بقوله : {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف : 54] ، وقوله : {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف : 67] ، وغير ذلك من آيات الحكمة ، ويرون أن لهم الاستقلال في المشية يفعلون ما يشاءون والقرآن يخطئهم بقوله : {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان : 30] ، ويرون أن لهم أن يطيعوا ويعصوا ويهدوا ويهتدوا والقرآن ينبئهم بقوله : " {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } [القصص : 56].
ويرون أن لهم قوة والقرآن ينكر ذلك بقوله : {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } [البقرة : 165].
ويرون أن لهم عزة بمال وبنين وأنصار والقرآن يحكم بخلافه بقوله : {أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } [النساء : 139].
وقوله : {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [المنافقون : 8].
ويرون أن القتل في سبيل الله موت وانعدام والقرآن يعده حياة إذ يقول : {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} [البقرة : 154] ، إلى غير ذلك من التعاليم القرآنية التي أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يدعو بها الناس قال : {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} [النحل : 125].
وهي علوم وآراء جمة صورت الحياة الدنيا خلافها في نفوس الناس وزينة فنبه تعالى لها في كتابه وأمر بتعليمها رسوله وندب المؤمنين أن يتواصوا بها كما قال : {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} [العصر : 2 ، 3] ، وقال : {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة : 269].
فالقرآن بالحقيقة يقلب الإنسان في قالب من حيث العلم والعمل حديث ويصوغه صوغا جديدا فيحيي حياة لا يتعقبها موت أبدا ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } [الأنفال : 24] ، وقوله : {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام : 122].


Untitled Document
د. فاضل حسن شريف
يوم الغدير كذلك جعل فيه عيسى عليه‌ السلام شمعون...
حسن الهاشمي
الآثار الوضعية للذنوب... سيدتي لكي تبتعدي عن الزنا...
د. فاضل حسن شريف
يوم الغدير كذلك نصب فيه موسى عليه‌ السلام وصيه يوشع بن...
محمدعلي حسن
ما عقاب الحاسد؟
د. فاضل حسن شريف
يوم الغدير كذلك جعل الله تعالى النار فيه على إبراهيم...
جواد مرتضى
المباهلة
د. فاضل حسن شريف
يوم الغدير كذلك انتصر فيه موسى عليه السلام على السحرة...
جواد مرتضى
نبذة من سيرة الامام الهادي (عليه السلام)
د. فاضل حسن شريف
الشهادة الثالثة و مفردات من القرآن الكريم (أشهد أن) (ح 12)
زيد علي كريم الكفلي
مَسِيرَةٌ الْمَنَايَا...الْإِمَامُ الْحُسَيْنُ...
زيد علي كريم الكفلي
لَا شَيْءَ يُعْجِبُنِي ....
علي الحسناوي
امتيازات الشهادة التي يحصل عليها الموظف اثناء الخدمة
طه رسول
كيمياء الشاي: سحر العلوم في كوبك!
منتظر جعفر الموسوي
النمو الاقتصادي وتعزيز البنى التحتية للدول