أكّد موفد العتبة الحسينية المقدّسة السيد علاء الدين الحسني، أن الفرح لأهل البيت(عليهم السلام) في مناسباتهم يأتي بمقام النصرة لهم. جاء ذلك في كلمة العتبات المقدّسة في العراق التي ألقاها الحسني، خلال فعّالية تكريم طلبة وأساتذة حوزة الإمام الهادي(عليه السلام)، ضمن المهرجان الذي تُقيمه العتبة العبّاسية المقدسة تحت شعار (أَمِيرُ المُؤمِنِينَ -عَلَيْهِ السَّلام- هارُونُ الإمَامَةِ وَالشّاهِدُ يَوْمَ القِيَامَة)؛ بذكرى ولادة الإمام علي(عليه السلام)، في مسجد موكال – بمدينة مومباي، ويستمرّ لمدّة ثلاثة أيام؛ بهدف نشر ثقافة أهل البيت(عليهم السلام) ومعرفتهم. وأدناه نصّ الكلمة: ورد عن أمير المؤمنين -المصدر بحار الأنوار ج91- "كلّ دعاء محجوب عن السماء حتّى يُصلّى على محمدٍ وآله". وقد أورد الصدوق في كتابه ثواب الأعمال روايةً عن ابن سيابة عن الصادق(عليه السلام) أنه قال: "ألا أعلّمك شيئاً يقي الله به وجهك من حرّ جهنّم؟ قال قلت: بلى، قال: قل بعد الفجر: اللهم صلّ على محمد وآل محمد مائة مرة، يقِ الله بها وجهك من حرّ جهنّم". وأيضاً في نفس المصدر السابق عن الصادق(عليه السلام) "عن ابن أبي عمير عمن أخبره عن الصادق أنه قال: وجدت في بعض الكتب: مَن صلّى على محمدٍ وآل محمد كتب الله له مئة حسنة، ومن قال اللهم صلّ على محمد وأهل بيته كتب الله له ألف حسنة".
والآن بدءاً بمتن الكلمة فقد روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) "رحم الله شيعتنا خُلِقوا من فاضل طينتنا وعُجِنوا بماء ولايتنا، يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا". وذكر صاحب كتاب شجرة طوبي ج1، قال الصادق(عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى اطّلع على الأرض فاختارنا واختار لنا شيعة ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا، ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا، أولئك منّا وإلينا. إن هذه الرواية فيها سمة من الجعل الذي هو امتدادٌ لجعل الله (عزّ وجلّ) إبراهيم إمامًا، بعدما كان أمّةً قانتاً للناس، ومن هنا يُمكن أن نستفيد من كون إبراهيم كان أمّةً قانتاً أعطاه الله مقام الإمامة، وبقاعدة الجري فإن الله قد اختبرنا سواء في عالم الذرّ أو غيره، فوجدنا أهلاً لأن نرتقي للمقام، ولعلّ الكثير غافل عن هذا المقام ألا وهو مقام الفرح لفرح أهل البيت، أي أن الملاك والباعث هو مقام الإحياء لمناسبة أهل البيت(عليهم السلام). وسؤال آخر هنا يطرح نفسه، هل أن مقام الفرح يقاس بمقام الحزن؟ حيث إن زيارة عاشوراء تؤكّد جهاراً: اللهمّ اجعلني في مقامِي هذا ممّن تناله منك صلواتٌ ورحمةٌ ومغفرة، فهو مقام محمود ولا شكّ ولا ريب أن ماهية هذا المقام هي الحزن وحقيقته الجزع. وفي مقام الجواب لعلّ الروايتين الشريفتين تشيران إلى ذلك، حيث إن أولاها قدّم الحزن على الفرح وفي الثانية قدّم الفرح على الحزن، وقدّم عليهما مقام النصرة، فقال الإمام الصادق(عليه السلام) في وصف شيعته "واختار لنا شيعة ينصروننا، ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا"، فإن كانت الواو هنا حالية كان الفرح والحزن توضيحًا للنصرة وبياناً لها، وإن كانت عاطفة وهي أولى بالسياق دلّت على أن الفرح والحزن بمقام النصرة وتالي تلوها. ومن هنا أنا أبارك لكم وأهنّئكم على هذا التوفيق الذي نالته هذه المدينة الكريمة، باجتماع ثلّة من العتبات المقدسة، وكأنّها طيور فرحٍ وسلام ورسلٌ من أئمّتهم إليكم، ولسان حالهم يقول: جمعنا الله وإياكم تحت ظلّه وعلى مائدة أكرم خلق الله، وحشرنا مع الأئمّة الهداة. وأختتم بحادثة آية الله الشيخ عبد الحسين الجويعد(رحمه الله)، الذي كان فقيهاً أديباً وطُلِبت منه قصيدة بمناسبة إحياء المولد الشريف لأمير المؤمنين(عليه السلام)، فأبى وتقهقر وقال لا أستطيع، وبعد الإلحاح أنشد قائلاً: أخا نَبيِّ الهُدى.. أُهدِيكَ رائِعةً فوّاحَةَ العِطرِ ضَمّتْ أَجملَ الجُمَلِ فإنْ قَصُرتُ ولَمْ أبلُغْ مَداكَ بِها فَلا غَرابَةَ فَاعذُرنِي فَأنتَ عَلِي وختاماً نتوجّه بالشكر الجزيل للإخوة القائمين على هذا المحفل، سائلين المولى أن يجمعنا وإيّاهم تحت قبّة أمير المؤمنين(عليه السلام) في الدنيا، وتحت غمامة شفاعته في الآخرة إنّه على ما يشاء قدير.