أكّد رئيس متحف الكفيل للنفائس والمخطوطات في العتبة العباسية المقدسة السيد صادق لازم، أن المتحف فتح أبوابه للمدارس والجامعات وللزائرين، لتنشيط وغرس الثقافة المتحفية وتقديم الخبرات للمختصّين. جاء ذلك في كلمته خلال مؤتمر متحف الكفيل الدولي الرابع، الذي يعقد تحت شعار (المَتَاحِفُ هُويَّةٌ ثَقَافِيَّةٌ) للمدّة (23 – 24/ 11/ 2023م). وأدناه نص الكلمة: في البدء نرحّب بكم جميعاً في مؤتمر متحف الكفيل الدوليّ الرابع، المنعقد تحت شعار (المتاحف هوية ثقافية)، وأهنّئكم على الحضور الفعّال والمشاركة في هذا اللقاء الهام، الذي يعزّز التواصل ويبني جسورًا للفهم المشترك. إذ نطلّ على فرص جديدة لتبادل الأفكار والخبرات، ممّا يعزّز التعاون ويُسهم في بناء مستقبل أفضل للمتاحف. فلنتشارك الرؤى ونسعى جميعًا نحو إحداث تأثير إيجابي ومستدام، وتعزيز دور المتاحف كروافد حضارية تمتّعنا بفهم أعماق التاريخ والإبداع. ضيوفنا الكرام: إن رؤيتنا أن يكون لدينا متحف كبير يحمل مواصفاتٍ عالمية، ونحدث تأثيراً هادفاً على المجتمع من خلال العمل على تطوير الكادر، وتوفير البناية المناسبة والمعدّات اللازمة. والحمد لله فقد باشر قسم المشاريع في العتبة بالعمل على البناية الجديدة، على مساحة ثلاثة آلاف مترٍ مربّع وبستّة طوابق، إذ وصل الإنجاز بالركائز الأساسية إلى نسبٍ متقدّمة. وبما أن المتحف لا يمثّل قاعة عرضٍ فقط مع أنّها أكثر الأماكن داخل المؤسّسة المتحفية شعبية، وفيها يتمّ الاتّصال مباشرة مع الزائرين. إذ سعى متحف الكفيل إلى مواكبة التطوّر العالمي للمتاحف، وتأسيس متحفٍ يشمل كلّ خصائص المؤسّسة المتحفية، وعمل جاهداً ببناء شُعَب كالمختبر والمخزن والتوثيق والإعلام المتحفي، ومكتبة ومجلّة وورش مختلفة كورشة صناعة الأربسك وورشة فنّ الزخرفة بالمرايا وورشة القوالب والصبّ وتلوينها والطباعة المجسّمة للقطع وطباعة سلك سكرين وورشة الصياغة. والكتابة على المرمر وغيرها، لنشارك في الحفاظ على هذا الموروث من الصناعات والفنون الجميلة. وكذلك لدينا أعمال يُجرى العمل عليها لمواكبة التطوّر كتوفير تقنية المواقع الافتراضية للمتحف، وعرض صور المتحف بطريقةٍ مجسّمة. وبرامج قواعد البيانات المتطوّر لحفظ المعلومات والتوثيق وكذلك إصدار سلسلة للمجاميع المتحفية. لتكون مصدراً للباحثين بالتعاون مع الجامعات والمعاهد الرصينة. من جهة أخرى إذا ألقينا نظرة على تعريف المتحف الذي أقرّته منظمة المتاحف العالمية (ايكوم) وأقرّه أكثر من خمسمئة متحف، لنلاحظ أين نحن من المتاحف الأُخَر. وقد عرّف "المتحف: هو مؤسّسة دائمة غير هادفة للربح تعمل في خدمة المجتمع وتقوم بالبحث، وجمع، وتفسير، وعرض التراث المادي وغير المادي، والمتاحف مفتوحة للجمهور، ويمكن الوصول إليها وشاملة، وتعزّز التنوّع والاستدامة. إنّهم يعملون ويتواصلون بشكل أخلاقي ومهني وبمشاركة المجتمعات، ويقدّمون خبرات متنوّعة للتعليم والتمتّع والتفكير وتبادل المعرفة". إذ يفتخر متحف الكفيل بأنّه نفذ جزءاً كبيراً من هذه الأركان المهمّة، ففي البحث (قدّم المتحف جميع التسهيلات للباحثين من داخل العراق وخارجه، حيث وصل عدد الرسائل والأطاريح إلى أكثر من عشرة، ونقول للجميع في جامعاتنا العزيزة لدينا موادّ تكفي لآلاف الباحثين، وهي موادّ بكر لم يبحث بها أحد). تصل لأكثر من 50 مجموعة متنوّعة، وبعضها يصل إلى آلاف القطع، فمجموعة الأسلحة مثلاً تعتبر الأهمّ على صعيد المنطقة من حيث النوعية والعدد وتنوّع الثقافات، وكذلك السجّاد والمجموعات الأُخَر ولا يسع الوقت للتحدّث أكثر، وأمّا الحفظ فقد وفّر المتحف وسائل وطرائق حديثة لحفظ السجّاد والمخطوطات والأسلحة وبقية المواد الأُخَر، سواءً بالحفظ الوقائي أو غيره، وامتاز متحف الكفيل بالعرض وانفرد بصناعة خزانات العرض المتميّزة والعلمية، سواء كان للمتحف أو لباقي المتاحف، وأما التعلّم وتبادل المعرفة فقد فتح متحف الكفيل أبوابه للمدارس والجامعات وللزائرين، لتنشيط وغرس الثقافة المتحفية، وقدّمنا خبراتنا لأكثر من متحف ودرّبنا العديد من المختصّين بأكثر من اختصاص، عبر عقد سبع ندواتٍ خلال هذه السنة، وإقامة المؤتمرات كلّ سنتين، حيث عقد المؤتمر الأول سنة 2015 تحت شعار (الحفاظ على الموروث الإنساني واجب أخلاقي)، والمؤتمر الثاني تحت شعار (المتاحف حضارة واقتصاد)، والمؤتمر الثالث تحت شعار (المتاحف والتقنيات الحديثة)، والمؤتمر الرابع المنعقد حالياً (المتاحف هوية ثقافية). وجميعها تهدف إلى الدعوة للحفاظ على الإرث الحضاري وفتح آفاق التعاون مع المؤسّسات المتحفية الدولية والعربية والمحلية وتطويرها، ورفع أداء عمل المتاحف. وكلّ هذه الأعمال هي بدعمٍ كامل من سماحة المتولّي الشرعيّ (دام عزّه) والسيد الأمين العام (دام تأييده)، والسيد المشرف على القسم والسادة أعضاء مجلس الإدارة الموقّرين (دامت توفيقاتهم).
وشهد المؤتمر حضور الأمين العام للعتبة العبّاسية المقدّسة السيّد مصطفى مرتضى آل ضياء الدين، ومدير مكتب المتولّي الشرعيّ الدكتور أفضل الشامي، وعدد من مسؤولي العتبة المقدسة وشخصيات علمية وأكاديمية، وباحثين ومختصّين عرب وأجانب.