أكّد رئيس دار الرسول الأعظم(صلّى الله عليه وآله) التابعة لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية، الدكتور عادل نذير، أن مسابقة الأسوة الحسنة تعرّف المجتمع بسيرة النبيّ وتعزّز من الوعي الدينيّ والثقافي لأفراده. جاء ذلك في كلمته التي ألقاها خلال تكريم الفائزين بالمسابقة، وهذا نصّ الكلمة: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد الله ربّ العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.. (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي).. السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين، الذين بذلوا مهجهم دون الحسين، والسلام على حامل اللواء وسيّد الماء أبي الفضل العباس(صلوات الله عليهم أجمعين). السلام على الحضور الكريم لاسيّما من تجشّم عناء السفر، جميعاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) لا يخفى ما في الآية المباركة من اقتران العلم بالإيمان، وجعل العلم والإيمان درجات رقيّ وتفاوت ليس بين البشر فحسب إنّما بين الأمم كذلك، فالأمم التي تريد أن ترتقي يجب أن تتسلّح بالإيمان والعلم، ولا تتأثّر هذه الأشياء من دون ممارساتٍ واطّلاعات وبحوث ومذاكرات. ومن هنا انطلقت العتبة العباسية المقدسة بإنشاء قسمٍ للشؤون الفكرية يُعنى بالاستطالة في ميادين البحث حول العلوم الإيمانيّة والعلوم القرآنية والعلوم الفكرية والثقافية، وقد كان للقسم رأي بأن تُستحدث دار للرسول الأعظم(صلّى الله عليه وآله) تُعنى بالسيرة الشريفة المباركة وتسليط الضوء عليها، بوصفها مصدراً من مصادر التشريع وبحاجة إلى التجديد، وبحاجة كذلك إلى إعمال الفكر وإعمال أقلام الباحثين في هذه السيرة المباركة، للوصول إلى أثر النبي محمد(صلّى الله عليه وآله) في سلوكياتنا، وأثر النبيّ في تشريعاتنا وفي كلّ مناحي الحياة المختلفة، فضلاً عن مراجعة السيرة بوصفها مصدراً يتضمّن حركات النبي وأقواله وسكناته وكلّ ما يتعلّق به، ولذلك ثمّة ما يُمكن أن يشار إليه هو أنّ هناك ما هو غير لائق بالنبيّ أيضاً في هذه السيرة، وعليه يجب أن نبحث عمّا ينقّيها ويجب أن نبحث عمّا يهذّبها، ويجب أن نبحث عن سيرةٍ تليق بسيرة النبيّ. وفعلاً استطاعت هذه الدار بمجموعة من المشاريع البحثية والأكاديمية أن تسلّط الضوء على كثير من الإشكاليّات التي تخلّلت السيرة المباركة. خلال هذه السنوات كان من نشاطات الدار إطلاق مسابقة تُعنى بالرسائل الجامعية التي تتخصّص بسيرة النبي، فضلاً عن تأسيس (مُلتقى السيرة) الذي يحاضر فيه أساتذةٌ وحوزويّون، وفي هذا المُلتقى استطعنا أن نجمع جمهوراً نوعياً يستطيع أن يستوعب ما يُمكن أن يُثار حول السيرة المباركة، ونحن اليوم بصدد مسابقةٍ تكرّس وعي المجتمع بسيرة النبيّ ومن الضروريّ جدّاً أن يتواصل المجتمع مع سيرة النبيّ، ومن الضروريّ جداً أن نعرّف بسيرة النبيّ، لذلك هذه المسابقة تعزّز وعي المجتمع بسيرة النبيّ بكلّ فئاته، ومن المعلومة أيضاً نلاحظ أن الفائزين بهذه المسابقة والمشاركين فيها، منهم الطالب ومنهم الأكاديمي ومنهم من يقرأ ويكتب. وكلّ هذه الشرائح المجتمعية اليوم مدعوّة للتواصل مع سيرة النبيّ، لأن تعرف شيئاً عن النبي لأنّنا أمام تحدّيات خطيرة، وأمام وسائل تواصل اجتماعي استطاعت أن تبثّ الكثير من السموم، وأن تغيّر وعي المجتمع، لذلك يجب أن نصطفّ جميعاً للدفاع عن هويّتنا وعن نبيّنا، يجب معرفة ما يمكن معرفته عن نبيّنا وهذا لا يُعدّ من باب النافلة، إنّما من باب الواجب على كلّ مسلم ومسلمة هو أن يعرف سيرة النبي أكثر ممّا يعرف سيرة غيره، كما هو معلوم أن جيل اليوم يعرف سيرة لاعبي كرة القدم أكثر ممّا يعرف سيرة النبيّ، وهذه طبعاً مفارقةٌ لا تليق بالمجتمع الإسلاميّ ولا تليق بنا كمسلمين، ولا تليق بنا كوننا من طلّاب الشفاعة يوم الورود. لذلك يجب أن ننهض جميعاً بتسليط الضوء على ما يحفظ لهذا الجيل هويّته، وما يحفظ لهذا الجيل ثقافته وتقاليده، وإن سيرة النبيّ هي ممّا يجب أن تسلَّطَ عليها الأضواء وأن نحافظ عليها وأن نكون لها مداداً وفكراً وأن نكون لها جمهوراً، وأن تكون لها كلّ هذه الممارسات التي تسلّط الضوء عليها وتحاول أن تدفع بالمجتمع إلى معرفة ما يمكن أن نحفظ به هويّة الإسلام والمسلمين. أجدّد الترحاب بالأخوة المشاركين والفائزين في مسابقة الأسوة الحسنة، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن لا يكون هذا آخر عهدهم بالمسابقات المعنيّة بشخصيّة النبيّ الكريم، وأن تكون هناك نسخة أخرى من المسابقة وأن تتوسّع شريحة المشاركين في المسابقة، التي نرجو بها رضا الله أوّلاً ونرجو بها رضا نبيّنا الكريم ثانياً، وقال تعالى (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ). وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمدٍ وآله الطيّبين الطاهرين.