إن الالتزام بالحجاب مسؤولية شرعية وارتداء العباءة الزينبية هي قيمة كبرى للكمال والسمو، ومنتهى العفاف والستر، فانتساب المرأة المسلمة إلى جمع المحجبات والملتزمات بالعباءة بأفضل صورها هو محاكاة لعنوان حجاب سيدة الطهر والقداسة سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء "عليها السلام" وعلمها وعفتها وعبادتها وجهادها في ميادين الحياة، بل وهوية اقتداء بعقيلة الطالبيين السيدة زينب بنت أمير المؤمنين علي "عليهما السلام"، فحرصاً على هذا العنوان الكبير وما يحمل بين طياته من ثقافة الإسلام المحمدي الأصيل، وإحياءً للعباءة الزينبية في الجامعات التي عصفت بها التيارات وتلاقفتها الموضات، أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة، وبرعاية مباركة من قبل أمينها العام خادم الإمامين الكاظمين الجوادين الدكتور حيدر حسن الشمّري، مهرجان أم أبيها الأول، تحت شعار: (السيدة فاطمة "عليها السلام" .. سيدة العفة والحجاب)، وتكريم أكثر من (2000) طالبة يرتدين العباءة الزينبية داخل الحرم الجامعي، بحضور ممثل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وعدد من رؤساء الجامعات، وعمداء الكليات، والأساتذة التدريسيين والأكاديميين، وكوكبة من الطالبات الجامعيات
استهلت فعاليات افتتاح المهرجان بتلاوة من الذكر الحكيم بصوت قارئ العتبة المقدسة الخادم باقر أحمد، بعدها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وألقاها أمينها العام جاء فيها: (حريّ بنا أن نقتدي بالسيدة الزهراء البتول عليها السلام، وأن نجعل سيرتها خارطة طريق لنا بعد أن تجسدت فيها المُثل العليا فكراً ومنهجاً وسلوكاً.. ولا يخفى عليكم أيها الحضور الكريم أنها تستحق منا ان ندخل السرور على قلبها المفجوع ومن مصاديق إدخال السرور هو اجتماعنا اليوم بجوار الإمامين الكاظمين الجوادين عليهما السلام في (مهرجان أم أبيها الأول) فبعد أن ولدت فكرة هذا المشروع تم التنسيق مع المؤمنين الأفاضل الذين لهم رغبة دائمة في دعم الشباب وطلبة الجامعات فاستمر التنسيق مع الجامعات برؤسائها ومسؤولي النشاطات فيها للحصول على أسماء بناتنا الطالبات العزيزات ممن يرتدين العباءة الزينبية وهو دليل على حرص بناتنا الكريمات على إحياء التزام السيدة الزهراء عليها السلام بتعاليم دين الله الإسلام من خلال ارتداءهن العباءة وبعد التواصل المستمر تم تزويدنا بأسماء الطالبات العزيزات في الجامعات الحكومية ولأهمية الموضوع وخصوصيته الكبرى والتشجيع عليه تم شمول بعض الكليات الأهلية.
وأضاف: لا بد من إلفات أنظاركن إلى أن هناك نوعين من الحجاب ان صح التعبير أولهما الحجاب الظاهري وهو الحجاب المعروف الذي أمر الله عز وجل الفتيات والنساء بالالتزام به وهو ستر البدن أمام الرجال غير الزوج والمحارم.. ولكن هناك حجاب مهم ومكمل للحجاب الظاهري وهو الحجاب الباطني: والمقصود به عفة الجوارح وصونها وهو ما يحجب الانسان عن الذنوب والمعاصي وكل ما يسخط الله والتزام العفة والحشمة وغض البصر وحفظ السمع وصون اللسان عن الفحش والغيبة والالتزام بالسلوك المتزن والأدب في داخل البيت وخارجه، فكل من الحجابين مكمل للآخر، ولا معنى للحجاب الحقيقي إلا بمراعاتهما معاً.
وأشار: إن ضياع وفقدان الهوية هو من أخطر الأمراض التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان، لأنه المرض الذي يهدم الكيان والشخصية والخصوصية، بل هو في الحقيقة انهيار لكل القيم السائدة في المجتمع، وضياع هوية الإسلام هو في الواقع فقدان القيم الإلهية وانفصام العروة الوثقى التي لا هداية بعدها.. فحذاري من ذلك كله.. كما نؤكد على مراعاة الأمور الشرعية فيما يخص الاختلاط في الجامعة أو الشارع والالتزام بالحجاب الحقيقي الشرعي وليس الحجاب المشوه المفرغ من قيده الشرعي كما نوصي أولياء الامور وخاصة الامهات الفاضلات أن يقوموا بواجبهم تجاه تشجيع بناتهم بارتداء الحجاب الشرعي..).
تلتها كلمة وزير التعليم العالي والبحث العلمي وألقاها نيابة عنه الأستاذ الدكتور إيهاب ناجي عباس مدير عام دائرة الدراسات والتخطيط والمتابعة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تقدّم خلالها بالشكر والعرفان إلى الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة لهذه المبادرة المباركة لما لها من انعكاسات إيجابية على الطالبة العراقية في مجتمعنا الأصيل، وجعلت من بناتنا النجيبات مثالاً حياً للاقتداء بسيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين فاطمة الزهراء "عليها السلام".
أعقبها كلمة رئيس جامعة بغداد الأستاذ الدكتور منير السعدي أوضح خلالها أن استثمار العباءة بالشكل الصحيح هي عبارة عن سلسلة من الالتزامات، وأن العلم والأخلاق أمرين متلازمين، ومثلكن فضل في محاولة تصحيح المسار، وإيقاد الضوء في نهاية النفق، وأنتن هنا في رحاب الإمامين الكاظمين "عليهما السلام" لتسجيل موقف نبيل بالوقوف بوجه تلك التحدياتِ السلوكية الخطيرة، وتلك المظاهر التي بدأت وللأسف الشديد تجتاح الحرم الجامعي.
بعدها كلمة للدكتور ثائر البصيصي أمين عام مؤسسة الفكر الحُسيني للتنمية والتطوير وأعرب خلالها عن سعادته بهذا المهرجان وما له من أثر كبير على الطالبة في ارتداء العباءة العراقية الزينبية نفسياً واجتماعياً ومدى الاحترام والوقار والإجلال التي تحظى عليه، ومن هذا المنبر لا بد من الإشادة والثناء على الجهود المباركة التي تقدّمها الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وهي تخطو خطواتها الكبيرة في الجوانب العلمية والثقافية والاجتماعية، ورعايتها للطلبة والشباب.
ثم كانت هناك كلمة لخادم العتبة الكاظمية المقدسة فضيلة الشيخ عماد الكاظمي في هذه المناسبة المباركة بعنوان: (من أنتِ..) أشار خلالها أن الإسلام رفع وكرّم مقام المرأة المسلمة، فهي الأم، والزوجة، والأخت، والبنت الصالحة التي ذكرت في شواهد عديدة في القرآن الكريم، مؤكداً أن المرأة هي أساس الأسرة وعمادها، ويجب أن نحافظ على هذه الأسرة التي أكد عليها النبي الأكرم وأهل بيته الأطهار "صلوات الله عليهم أجمعين" في كثير من المواضع والأحاديث الشريفة، لذا نحن في العتبة الكاظمية المقدسة نقيم هذا المهرجان تحت رعاية مولاتنا فاطمة الزهراء "عليها السلام"، لنحيي مبادئ القرآن فنحن أمام الأمل والعمل، ونسأله تعالى وببركة الإمامين الجوادين "عليهما السلام" أن نوفق لتأدية رسالتنا في المجتمع.
كما تخلل المهرجان مشاركة لفرقة إنشاد الجوادين بقصيدة عنوانها: (عهداً يا زهراء .. ابقى بحجابي)، واختتم بتوزيع العباءة كهدايا على الطالبات المشاركات في هذا المهرجان من بركات الإمامين الكاظمين الجوادين "عليهما السلام".
يذكر أن هذا النشاط الذي ارتبط بالسيدة الزهراء "عليها السلام" هو أول نشاط يقام في صحن الإمام صاحب الزمان "عجل الله فرجه الشريف" وفي يوم الجمعة وهو اليوم المتوقع فيه ظهوره الشريف "عليه السلام"، وتدشين الصحن بمثل هذا المهرجان له دلالات روحية كبرى.