قلما شهدت عقيدة
من العقائد جدلاً كالذي شهدته عقيدة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف هذا الجدل
الذي لم ينحصر في جانب من جوانبها وإنما شمل كل إبعادها وعلى مر العصور، وبالرغم من
كثرة الآراء التي قيلت فيها سواء في الدين الاسلامي أم في الأديان السماوية الأخرى
يبقى الإتفاق مطلقاً على أنه عجل الله فرجه الشريف سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت
ظلماً وجوراً، ويالتالي حصول الأمان ذلك الهاجس الذي لطالما سعى الانسان الى تحقيقه.
من هذا المنطلق أقامت
هيئة الإمام الصادق عليه السلام مهرجان الأمان الثقافي الأول تحت شعار (الإمام المهدي
عجل الله فرجه الشريف أمان لأهل الأرض)، على قاعة الحرية في مدينة الديوانية، والذي
إستمر أربعة أيام للمدة من (17-20)شعبان المعظم، بحضور أمين عام العتبة العباسية المقدسة
وممثل سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، سماحة السيد أحمد الصافي،
ومعتمد المرجعية العليا سماحة السيد محمد حسين العميدي ممثلاً عن الأمانة العامة للعتبة
الحسينية المقدسة، وسماحة السيد محمد حسين الحكيم ممثلاً عن المرجع الديني الكبير سماحة
آية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (دام ظله)، ومدير مركز الدراسات
التخصصية في الإمام المهدي، سماحة السيد محمد القبانجي، وسماحة السيد عبد الله المسفر
مسؤول قسم التبليغ في مكتب سماحة المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الحكيم، إضافة
إلى وفود بعض العتبات المقدسة التي ضمت أعضاء مجالس إدارات ورؤساء أقسام فيها، والسادة
المتخصصين والأكاديميين من مؤسسات مرموقة من المشاركين ببحوث تخصصية عن الإمام المهدي
(عجل الله فرجه الشريف).
موقع الكفيل أعد
تقريراً عن المهرجان بواسطة مندوبه الأدبي السيد نبيل الجابري الذي حضر المهرجان وقد
جاء فيه:
المهرجان إستهل فعالياته
بآي من الذكر الحكيم للمقرئ أياد النصراوي، بدأت فقرات الحفل بكلمة للشيخ عقيل الزبيدي
الناطق الاعلامي باسم هيئة الامام الصادق عليه السلام في محافظة القادسية رحب فيها
بالحضور وبممثلي المرجعيات الدينية في النجف الاشرف وكربلاء والكاظمية المقدستين، وسأل
الباري عز وجل ان يديم النعم من خلال الإكثار من هذه المهرجانات التي تعبر في حقيقتها
عن صدق الإنتماء للدين وإحياء العقائد السامية التي يأتي في أولها التمسك بعقيدة الإمام
المهدي (عجل الله فرجه الشريف). كلمة المرجعية العليا في النجف الأشرف إلقاها سماحة
السيد أحمد الصافي، حيّا فيها الأخوة القائمين على المهرجان وشد على أيديهم بأحيائهم
لذكر الإمام القائم عجل الله فرجه الشريف عن طريق هذه المهرجانات لما فيها من فائدة
مستقاة وعبر متوخاة، بعدها تحدث سماحته عن عقيدة الامام المهدي لدى المدارس الفكرية
والفقهية قائلاً:
الحديث عن الإمام
المهدي عجل الله فرجه الشريف لا ينفك قطعاً عن الحديث عن عقيدة الإمامة، وهذه العقيدة
هي من المسائل العلمية التي اختلف فيها المسلمون واخذت مآخذ متعددة، حتى بعدما تطورت
المدارس الفكرية وإنسحاب ذلك على المدارس الفقهية لإنتاج عالمها الخاص، بقي هذا الإختلاف
محتدماً بينها، فإعتز كل فريق بما لديه، مع العلم إن البشرية اجمع تعتقد وتعترف بوجود
منقذ ما، وما إختلافهم الا في التفاصيل، يبقى إعتقادنا نحن بإمامنا أرواحنا له الفداء
والقائم على أدلة بأنه ولد بتأريخ معين هو الخامس عشر من شعبان المعظم من سنة 255هـ
وسيمتد عمره إلى ما شاء الله تعالى وأبصارنا مشدودة أليه ونسأل الله تعالى أن نوفق
لتكتحل أبصارنا بالنظر اليه في أقرب وقت.
بعدها عرج سماحته
إلى مسالة الإنتظار وقد ناقشها من كل أبعادها للوصول إلى الإنسان المنتظر لخروج القائم
عجل الله فرجه الشريف قائلاً: (
الإنسان عندما يقول
أنا منتظر ولا يكون معنى الإنتظار عنده صفة قائمة بنفسها، فهي حينئذ مغالطة - مع شديد
الاسف- يقع فيها الكثير، مصاديق الانتظار تتجاوز الرضى النفسي، للبحث عن كواشف ماهية
الإنتظار، عبر آليات لإظهاره على حقيقته، ويتحقق الانتظار من خلال الإيمان بدعوة الأنبياء
(عليهم السلام) في أن هذا الدين لا بد أن ينصف، لا بد لمن يقوم بملء الارض بالقسط والعدل
بعد الظلم والجور، وهذا الأمر لا يكون إلا بشخصية عظيمة بيدها مواريث الأنبياء والأئمة
ومسددة بالتوفيق الإلهي...
عندما أقول أنا من
أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) فليست المشكلة بدعواي، إنما المشكلة بمصاديق الإرتباط
بالإمام، يقول الإمام من جملة أحاديثه سلام الله عليه (يافلان وليس منا ولا كرامة من
كان في مصر وكان فيه مئة ألف وكان فيهم من هو أورع منه)، عندما ننعت بأننا منتظرون،
لابد من وجود عوامل تصدق هذه الصفة فينا، فلو فرضنا أن الإمام المهدي عجل الله فرجه
الشريف سيُسأل عنا؟ ويقول نعم هؤلاء منتظرون... لماذا قال ذلك؟ طبعاً لأن جوابه سيكون
لأنهم يعملون بالواجبات وينهون عن المحرمات، وأخلاقهم في منتهى الأخلاق التي أرادها
الله تبارك وتعالى والنبي صلى الله عليه وآله...
فعندما تتوفر هذه
الضروف عند الانسان المؤمن المتدين الورع المتقي ولا يغيب عن ذهنه انه مسؤول أمام إمامه
فإن عملية الإنتظار ستتحقق)..
بعدها تطرق سماحته
إلى الدعاوى الزائفة التي دخلت عقيدة الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف والدور الملقى
على عاتق المنتظرين في مواجهة هذه الدعاوى قائلاً: (
عقيدة الامام المهدي
عجل الله فرجه الشريف ككل العقائد الاخرى التي- كونها مرتبطة بالغيب- تعرضت لدعاوى
زائفة وأقاويل باطلة يحاول من خلالها المتزلفون كسب الوجاهة او إعلاء الشأن، كرؤية
الامام المهدي أو اللقاء به مع معرفة حتمية بشخص الامام المهدي، كل هذه الدعاوى والتي
يصدقها بعض السذج، تعرض عقيدة الامام المهدي الى ظلم وظلامة كبيرة، علينا التصدي من
اجل دفع هذه الظلامات من خلال التحصين النفسي من الزيغ والباطل، وتقوية الاستعداد العقلي
المصحوب بسلامة النية، لابد أن تكون مدركاتنا مدركات علمية مدركات جيدة لها القدرة
على أن التمييز بين ما هو حق وما هو باطل، لابد أن ندرك أن بعض المراجع عندما يمر على
الرواية الشريفة (ليت السياط على رؤوس أصحابي حتى يتفقهوا في الدين)!! المراد بهذه
الرواية هو الفهم، هو الادراك، هو الوعي، لذا فالقرآن الكريم يعرج في أكثر من مكان،
لعلكم تتفكرون، لعلكم تعقلون، لعلكم ..لعلكم ..، فالعقل ممدوح، لابد أن نعي الدين ليس
أساطير وأنما ضوابط واصول).
وعن مركز الدراسات
التخصصية في الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف فقد ألقى سماحة السيد محمد القبانجي
مدير المركز كلمة تطرق فيها إلى الكثير من الاسئلة التي تختلج قلوب المؤمنين عن الامام
المهدي في عصر الغيبة الكبرى قائلاً:
يتراودنا جميعاً
كمحبين ومنتظرين لمولانا الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف الكثير من الاسئلة التي
إن لم تخرج من شفاههنا فهي موجودة في مكنونات قلوبنا، وفي مقدمة تلك الأسئلة، ماذا
يعمل أمامنا المنتظر في الغيبة الكبرى؟ ما هو تأثير أمامنا في عصر الغيبة الكبرى؟ هل
هو أنسان يعيش هامشياً في التأريخ وفي الحاضر وفي المستقبل؟ أم أنه له فاعلية ويعيش
في محور الحدث وله تأثير وله تغيير؟ هل هو أنسان بعيد بروحه بقلبه بجسده عن أوليائه
عن أمته، عن رشدهم عن إخراجهم من الظلمات الى النور؟
هذه الاسئلة سيُجاب
عليها بجواب واحد، فحينما يوصف الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف بأنه (يراكم ولا
ترونه ويعرفكم ولا تعرفونه وأنه يطأ فروشكم ويمشي في أسواقكم و....) وما حدث مع الشيخ
المفيد(رحمه الله) لهو خير دليل على أنه رحمة، يرانا ويسمعنا ويشاركنا كل ما يحيط بنا،
إلا أن ما يمنعه عنا حكمة إلهية، كما كان لسيدنا الخضر سلام الله تعالى عليه من الامر،
وهو معصوم غائب عن أهله، إلا أنه إستطاع إحداث تغيير جذري في المجتمع، وهذا ما يذكره
لنا القران في اكثر من موقع).
بعدها صدحت في قاعة
المهرجان الحناجر وهي تشدو للإمام المهدي الاناشيد المعطرة باريج الالتزام المحمدي
حيث القت فرقة سيد الشهداء عليه السلام في قضاء عفك في المحافظة إنشودة للإمام المهدي،
إرتقى المنبر بعدها الشاعر اياد المرزوقي قصيدة عبرت عن روح الولاء الطاهر لسيدنا الامام
المنتظر عجل الله فرجه الشريف.
وفي ختام الحفل توجه
سماحة السيد احمد الصافي مع السادة والمشايخ ممثلي الحوزات العلمية في النجف الاشرف
والمحافظات المقدسة لإفتتاح المعرض الفني التشكيلي الذي تقيمه جمعية تكوين في المحافظة،
حيث شارك فيه 22 فنانا من المحافظة بواقع 26 لوحة فنية، بين خط ورسم وزخرفة، هذه المشاركات
جسدت -حسب تصريح للفنان حميد حسن رئيس الجمعية لموقع الكفيل - موضوع الظهور وموضوع
أنتظار المهدي وترقب الناس لظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وأيضا بعض
اللوحات جسدت آلام الناس ومعاناتهم في المرحلة الراهنه عبر أعمال تجريدية واعمال واقعية.
بعدها توجه أصحاب السماحة والوفود المشاركة الى إفتتاح معرض الكتاب الذي إقيم على هامش
المهرجان والذي شاركت فيه دور نشر وطباعة إضافة الى عتباتنا المقدسة في كربلاء المقدسة
ممثلة بجناحين للعتبتبن الحسينية والعباسية المقدستين وجناح عن العتبة العلوية المطهرة
في النجف الاشرف وجناح جامع السهلة المعظم.
في ختام الإفتتاح
للمهرجان كان لموقع الكفيل أن يلتقي الناطق الاعلامي لهيئة الامام الصادق عليه السلام
والمنظمة للمهرجان سماحة الشيخ عقيل الزبيدي ليحدثنا عن طبيعته قائلاً:
المهرجان في نسخته
الاولى ترعاه هيئة الامام الصادق الثقافية، فهو يعدُّ سابقة لم تعهد من قبل في مدينة
الديوانية، سابقة ثقافية، وهذه السابقة أنما أردناها لتكون في هذا الشكل وبهذه السعة
من أجل الخروج عن الرتابة المعهودة في تبليغ أهل البيت سلام الله عليهم، بحيث أن القضية
والدعوة لأهل البيت سلام الله عليهم تخرج عن أطار المسجد، لتتجاوز حدود المنبر والمحراب،
فتأخذ طابعاً أخر مع جدة الحياة ومع حداثة العصر، مع ما تقتضيه هذه الايام من لوازم،
فجاء المهرجان بهذا الشكل، وهو عبارة عن تجربة، وهذه التجربة، لمسنا بوادر النجاح في
أن تكون ناجحة في المزاوجة بين الثقافة الحوزوية والثقافة الاكاديمية، والخروج بصورة
جديدة ونموذج تبليغي جديد ونسأل من الله القبول. وعن فعاليات المهرجان حدثنا الزبيدي
قائلاً:
سيتضمن هذا المهرجان
أربعة أيام، اليوم الاول هو اليوم الافتتاحي، تتلوها ثلاثة أيام تدور خلالها أعمال
شعرية وندوات وأوبريتات وأعمال مسرحية ومعارض تشكيلية، ومعرض ضخم للكتاب شاركت فيه
قرابة ثلاثين دار نشر ومؤسسة ثقافية، ففي اليوم الاول سيدير الجلسة سماحة السيد رشيد
الحسيني واليوم الثاني سيكون بأدارة سماحة السيد أحمد الاشكوري واليوم الثالث سيكون
بأدارة سماحة السيد علاء الدين الموسوي.