انطلاقاً من قول رسول الله " صلّى الله عليه وآله وسلّم": ( إنّي تاركٌ فيكم الثّقلَين مَا إن تَمَسَّكم بهمَا لَنْ تَضِلّوا بَعدي: كتَابَ اللَّه وعِترَتي أهلَ بَيتي )، وبرعاية كريمة من قبل معالي رئيس ديوان الوقف الشيعي الأستاذ الدكتور حيدر حسن الشمّري استضافت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وبالتعاون مع المركز الوطني لعلوم القرآن الكريم في ديوان الوقف الشيعي (المُلتقى الحواري الذي انعقد بعنوان القرآن الكريم والمنبر الحُسيني) في قاعة الحمزة بن عبد المطلب "عليه السلام" في رحاب الصحن الكاظمي الشريف، بحضور السيد نائب الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة المهندس سعد محمد حسن، وعضو مجلس الإدارة المهندس جلال علي محمد، وممثل رئاسة ديوان الوقف الشيعي السيد موسى الخلخالي، ونخبة من ممثلي المؤسسات والروابط القرآنية، والأساتذة المهتمين بالشأن القرآني، وكوكبة من خُطباء المنبر الحُسيني.
استهل حفل افتتاح المُلتقى بتلاوة آيٍ من الذكر الحكيم شنّف بها اسماع الحاضرين القارئ الشيخ علي المحمداوي، ثم قراءة سورة الفاتحة المباركة ترحماً على أرواح شهدائنا الأبرار، تلتها كلمة المركز الوطني لعلوم القرآن الكريم ألقاها مدير المركز الدكتور رافع العامري بيّن خلالها أهمية عقد هذا المُلتقى، وضرورة الاهتمام بالأنشطة القرآنية لصناعة جيل مثقف يحفظها بالشكل السليم، وأشار إلى الحالات السلبية بين أوساط الشباب المُسلم وعزوف الكثير منهم عن كتاب الله القرآن الكريم، لذا كانت رؤية المركز الوطني لعلوم القرآن الكريم وهي جزء من مسؤوليته تجاه هذا الموضوع أن يفتح باب التعاون الحقيقي مع خُطباء المِنبر الحُسيني من خلال دورهم الكبير بين الأوساط الاجتماعية في حث أولياء الأمور بترغيب الشباب بالتوجّه نحو مفاهيم علوم القرآن الكريم والأنشطة القرآنية حفظاً وتلاوة وتدبراً بأحكامه.
كما دعا المجتمع وحثهم على دعم الحركة القرآنية بكلّ مؤسساتها الفاعلة، حيث أن هناك تعطيل واضح لأغلب الدورات والمسابقات والمحافل والبرامج والمشاريع القرآنية معززاً حديثه بالإحصائيات، وجدد دعوته إلى الترغيب على ثقافة الوقف القرآني ليعود ريعها إلى دعم النشاطات القرآنية أسوة بتجارب الكثير من الدول الإسلامية.
أعقبتها كلمة ديوان الوقف الشيعي ألقاها مدير عام دائرة العتبات المقدسة والمزارات الشريفة السيد موسى الخلخالي نقل خلالها تحيات معالي رئيس ديوان الوقف الشيعي الأستاذ الدكتور حيدر الشمّري مباركاً للجميع هذا المُلتقى بطموحاته وتطلعاته وهو يعقد لأول مرة في هذه الرحاب الطاهرة والأنفاس القدسية لحضرة إمامنا موسى بن جعفر الكاظم، وإمامنا محمد بن علي الجواد "عليهما السلام"، إذ نحن نعيش في عصر استثنائي وهو عصر ما يسمى بـ (العولمة)، وعصر الويب والشبكة العنكبوتية التي سرقت منّا أبناءنا وبناتنا وعوائلنا حيث ابتعدوا أغلبهم وللأسف الشديد عن الدين والثقافة والعلم والعمل، وهنا يأتي دوركم أيها الأعزّة الفضلاء وسعيكم في تبليغ رسالتكم التوعوية وإرشاد الناس للرجوع إلى الله تعالى والتمسك بكتابه المجيد، وبدورنا كديوان الوقف الشيعي نسعى معكم يداً بيد جاهدين لدعم هذه الجهود والمؤسسات القرآنية ونشاطاتها ومشاريعها كافة.
بعدها تحدث فضيلة الشيخ عماد الكاظمي ممثلاً عن الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة قائلا: نحيي هذه المبادرة المباركة التي أطلقها مركز علوم القرآن الكريم في ديوان الوقف الشيعي لأجل أن نتشرّف بلقاء فئتين كريمتين من فئات المجتمع الإسلامي هم حملة القرآن وخطباء المنبر الحُسني لنتحاور معاً للوصول إلى الغاية العظيمة لكتاب الله تعالى حيث لا يوجد حوار عن أدب أفضل من أدب الثقلين.
كما أوضح عن دور الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة التي حرصت على تطوير المشروع القرآني من خلال الكثير من الفعاليات والمحافل والدورات والنشاطات القرآنية، فضلاً عن مدّ جسور التواصل الإيماني مع المؤسسات القرآنية للإسهام في خلق جيل قرآني واعٍ، ليكون القرآن الكريم محوراً لحياة الفرد والمجتمع، عبر ترسيخ الوعي بأهمية الارتباط بكتاب الله والاقتداء به.
في الوقت ذاته دعا الشيخ عماد الكاظمي مكاتب وأقسام الهدايا والنذور في العتبات المقدسة والمزارات الشريفة أن تنهض بالمسؤولية في توجيه الزائرين الكرام نحو موقوفات المشاريع القرآنية.
وشهد المُلتقى فتح باب الحوار والمناقشة وطرح الأسئلة والمداخلات من قبل السادة الحضور، وكانت رؤاهم ذات فائدة كبيرة لأنها أتت من وجهات نظر علمية أثرت محاور هذا المُلتقى المبارك.
وخلص المُلتقى بسلسلة من المخرجات المهمة والتي تُسهم في دعم الحركة القرآنية مادياً ومعنوياً لتعزيز الثقافة القرآنية بين طبقات المجتمع الإسلامي لأجل الوصول إلى غاية الإصلاح والصلاح، وتعزيز التماسك الاجتماعي ونشر أسس الدين الحنيف وتكريس أصول وقيم العمل والعطاء والتسامح والتكاتف وغيرها من القيم الأخرى التي حثنا عليها القرآن الكريم.