أوصى المتولّي الشرعيّ للعتبة العبّاسية المقدّسة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه) الطالبات المتخرّجات حديثاً من الجامعات العراقية بجملةٍ من الوصايا والإرشادات، وذلك أثناء استضافتهنّ في برنامج التخرّج الذي أعدّته شعبةُ مدارس الكفيل النسويّة في العتبة العباسية المقدّسة، وهذه أبرزها:
- أنتنّ بحمد الله تعالى على أبواب التخرج ، وستغادرن هذا الصرح العلميّ الذي كنتن فيه بمشقته وأفراحه، وبالتأكيد ستتركن الكثير من علاقاتكن الطيّبة مع زميلاتكن بالدراسة ومراحلها، وهذه سنة الحياة فلا شيء يدوم سوى الذكريات الطيّبة، وستبدأ حياة أخرى غير الحياة السابقة.
- ستبدأ عندكم مرحلةٌ جديده غير هذه المرحلة، والتي هي حصيلة وثمرة نجاحكم واستحقاقكم.
مرحلة ستسعون فيها أيضا إلى النجاح كما في السابق، ولكن بمسارات مختلفة من خلال تعزيز الثقة بأنفسكم أكثر وتتحدون المصاعب العملية متى ما واجهتكم وكيفما ستلوح في طريقكم
- سوف تواجهكم قضيّة أخرى هي صعوبة المجتمع الذي ستعملون بداخله، سترون ثقافة جديدة وطموحاً جديداً، سيصادفكم فهمٌ للأشياء، فهمٌ جديد أنتم غير معتادين عليه، ربما يكون فهمٌ صحيح أو فهمٌ خاطئ ، فان كان الفهم صحيحا فلا بد من تعزيزه والاستئناس به ، متجنبين الفهم الخاطئ ، هكذا ينبغي علينا أن نمارس ما أتعبنا أنفسنا من أجله وهي حياتنا ما بعد التخرج.
- الشيء الذي أريده منكم -وسوف تذكرون هذه الكلمة أيّها الفاضلات- أنّ هذا الحماس الذي لديكن يجب ان لا يفتر،بل لابد أن يبقى متقدا ومحركا لكم نحو ما تريدون تحقيقه.
- تذكروا بناتي أن هناك آمال خادعة لا بد أن تجتنبوها، وآمال تحتاج الى جهد ومشروعية إلى تحقيقها، فأنتم ـ جزاكم الله خيراً ـ أن اخترتم هذا المكان المبارك، لتظلّ بصمة طيّبة في أفكاركم وأنتم تحتفلون بتخرّجكم، في مكان غير مألوف عند البعض، وبطريقةٍ محبّبة تحصن مقامكم في الحياة، وفي نفس الوقت تكون بدايةً طيّبة لمشواركم العمليّ، بعد أن أتممتم المشوار العلميّ، فأشكركم على هذا الاختيار فهو خيارٌ صائب.
- إنّ هذا المكان سوف يبقى في مخيّلتكم، وأيّ صعوبة ستواجهكم تذكّروا هذا المكان الذي يحتوي على أروع معاني الوفاء ومعاني السلام والجود والعطاء ومعاني المواساة، حينها ستبتعدون عن الأفكار والأعمال غير الصحيحة .
- بناتي الفاضلات ستصادفكم في حياتكم العملية ـ ما بعد التخرج ـ تطبيقات لمبدأ وثقافة (حشرٌ مع الناس عيد) وهو تطبيق ليس بصحيح، فاذا واجهتكم هذه الثقافة وطرأت أمامكم، عليكم تركها فهي تتنافى مع قيمنا وأخلاقنا ومبادئنا السليمة .
- تذكروا بأننا نريد أن نستشهد بكن بعد كم سنة ونقول: بناتنا في مواقع المسؤوليّة وهن في منتهى الالتزام ومنتهى الذوق والأدب، بناتنا في مشوارهن العملي حافظن على عفّتهن ونجابتهن، وهن كذلك بارعات ومبدعات في أعمالهن .
- نامل بعد كم سنة -بناتي- أن تكوننّ من صاحبات القرار ، والمرجو أن يكون الدافع من وراء خط هذا القرار بقدر ما ينفع الناس.
وليست المكاسب المادية هي الدافع لما يقرر، فالإنسان عليه أن يفكّر بالكسب السليم وأن يكون عفيف النفس، وينبغي ان يعتقد بأن الكسب السريع لا يقر بل يذهب سريعاً.
- نريد أن نراكم في موطنٍ نحن نفتخر بها كما نحن نفتخر بكم الآن، نفتخر بكم وأنتم في مواقع المسؤوليّة وانتم تقدمون ما عليكم تقديمه بأكمل وأحسن وجه.
- انكم من محافظاتٍ مختلفة وكليّات متنوّعة ، لكن الذي يجمعكم (ولابُدّ أن يجمعكم) حبُّ هذا البلد، والعطاء الذي أنتم تبذلونه لا يصح إلا لأجله.
- تذكروا بناتي ان أعمار الجامعة ومابعد التخرّج الى عمر الثلاثين عادةً ما تكون هي المحرك للمجتمع، لذا تُعد هذه الأعمار فريسةً لمن يريد أن يدمّر المجتمع، فعليكنّ أن تشكّلن خطّ صدٍّ لمن يريد أن يعبث بهذا المجتمع ويحاول أن يدمّره.
- حاولوا دائماً قبل اتّخاذ أيّ قرارٍ أن تفكّروا به مليا ، أعيدوا النظر به، واستشيروا من تعتقدون به من آبائكم وإخوانكم أو أشخاص آخرين تثقون بهم، فالإنسان الذي يستشير الآخرين خطؤه يقلّ، فالحكمة تقول (من شاور الناس شاركهم في عقولهم) فاجتماع الآراء على أمر واحد يصل بنا إلى نتيجة جيدة فلنتذكر هذا.
- المحافظة على الوقت ينبغي أن تكون ثقافة لنا ولا نرضى بسواها ،فانظروا الى الوقت الذي تقضونه على مواقع التواصل الاجتماعيّ، وهي من الوسائل الحديثة ومن الجيّد أن يستفيد الإنسان منها، لكن إن استخدمت دون وعي ستكون لها القابليّة على أن تحثّك على ما تخلّ بك وبوقتك فتضيّعه، والله تعالى أمرنا أن نكون بخلاء في الوقت (من تساوى يوماه فهو مغبون)، وعلينا أن نعلم أن الانسان الذي يكون عنده وقت فراغ فهو إنسان مذموم، لهذا نرى الإمام زين العابدين(عليه السلام) في بعض أدعيته يقول: (وإن قدّرت بفراغٍ فاجعله فراغ سلامة).
-هذا العمر الذي قضيتموه بإمكانكم أن تراجعوا كلّ سلوكيّاتكم فيه، فكم من إنسان يفكّر تفكيراً ورآه خاطئاً وتفكيراً آخرا رآه صحيحاً، فإذا كان خطأً عليه من الآن أن يجهد نفسه لتصحيحه لا لتأجيله.
- الإنسان إذا بدأ بفعلٍ يصعب الإقلاع عنه ، فان كان فعلا جيد فليكثر منه ، وإن كان العكس فليجتنبه لا أن يقضي وقته في أفعالٍ غير سليمة وليست لها قيمة.
- حاولوا أن يكون نتاجكم مختلفاً عن الآخر، ولنتذكر ـ دائما ـ إن الله تعالى لم يخلقنا عبثاً، كلٌّ له إنتاجه ودوره في الحياة، اعرفوا من أين تبدئون والى أين تتجهون .
- بناتنا طالبات خرّيجات كليّة الطبّ عليكنّ التعامل مع المريض بإنسانيّة، مع علمنا بان المريض دائماً نفسيّته متعبة ومرهقة ، فطيّبوا خاطره، وفكّروا دائما بأن تجهدوا أنفسكم لتطييب خاطر الطرف الثاني، وان تستشعروا آلامه بأن تجعلن أنفسكنّ أنتنّ المريضات وانظرن كيف تُرِدْن أن تكون الرعاية، اجعلي نفسك أنتِ المراجعة وافعلي كما تريدين أن يهتمّ بك الآخرون.
- يجب أن تكون الهمّة موجودة عندكم وفي طموحكم دائماً، لتكونوا أقوياء، فكما توفّقتم في الدراسة قطعاً ستتوفّقون في حياتكم العملية.
- انتن الآن أديتن القسم في هذا المكان المطهّر، وهذ خطوةٌ موفّقة ومباركة، تذكروا مضامينه واعملوا عليها بأمانة ،وإن سمح لكم الظرف انقلوا هذه التجربة الى بقيّة الطالبات من زميلاتكن.
- دعائي لكم بالسداد وأن يمنّ الله عزّ وجلّ عليكم دائماً بالحياء والستر والعافية، وأن يري أهلكم فيكم كلّ خيرٍ ، وان يخلف لكم لذة الدراسة ويعوضها عليكن بلذّة العمل، والتوفيق بحياتكم العملية.