أشرقت شمس الإمامة في ساحة القداسة، وانبلج الكوكب الدُرّي بولادة نور الهدى والعروة الوثقى وليّ الله الأعظم، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، في الوقت الذي نَرفل فيه بولادة حفيده باب المراد الإمام محمد الجواد "عليهما السلام"، وابتهاجاً بهاتين المناسبتين المباركتين أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة يوم الخميس 13 رجب الأصب 1440هـ الموافق 21 آذار 2019، حفلها المركزي البهيج في رحاب الصحن الكاظمي الشريف، بحضور الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة الأستاذ الدكتور جمال عبد الرسول الدباغ وأعضاء مجلس الإدارة، وممثل المرجعية الدينية العُليا سماحة الشيخ حُسين آل ياسين، ووفود العتبات المقدسة العلوية والحسينية والعسكرية والعباسية والمزارات الشريفة، وعدد من الشخصيات الدينية والرسمية والنُخب المجتمعية وجمع غفير من زائري الإمامين الكاظمين"عليهما السلام" الذين جاءوا ليتشرَّفوا بإحياء هاتين المناسبتين العظيمتين .
استٌهل الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم شنّف بها القارئ السيد عبد الكريم قاسم أسماع الحاضرين، تلتها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة ألقاها أمينها العام قائلاً: ( مع تقادمِ الأزمانِ، تعاودُنا في شهرٍ تعلوهُ غرةٌ غرّاءُ وهو شهرُ رجبٍ الأصبِّ، وقائعُ باسقاتٌ، حيث ولادةُ إمامِ المتقينَ وحفيدِهِ جوادِ العترةِ الهاديةِ "عليهما السلام". فمن المناسبِ جداً أن لا ينحصرَ الاحتفالُ بهاتينِ المناسبتينِ البهيَّتينِ في زاويةِ الثناءِ والإطراءِ الذي لا يؤدّي أي خدمةٍ لمنطقِ الوعي الإسلامي، أو أن ننظرَ إلى الولادتينِ الميمونتينِ على أنَّهما مجردُ استرجاعٍ لذكرى طيّبةٍ من دونِ أن نُدركَ مغزاهما الإنساني. فولاداتُ الأئمةِ الأطهارِ "عليهم السلام" هي نقاطٌ مضيئةٌ في حياتِنا يجبُ أن لا نمرَّ بها مروراً سطحياً، لذلك باتَ من اللبِّ أن نجعلَ من هذهِ المناسباتِ الروحيةِ محطّاتٍ للتزود بالزاد، وباعثاً ذاتياً يُحرّكُ فينا الصمودَ والجهادَ، ويقلبُ بوارَ نفوسِنا جناناً، وذلك يكون بعد أن نَعِيَ قيمتَها ونُحسنَ استثمارَها ونستلهمَ من هديِها. فالعِبرةُ التي يجبُ أن نخرجَ بها من هذا الإحياءِ والاحتفاءِ في حاضرِنا الراهنِ ونحنُ نعيشُ هذهِ الأوضاعَ المضطربةَ، حيث تشتدُّ حملةُ الإرهابِ المسعورةُ على الطليعةِ المؤمنةِ والبقيةِ الصامدةِ، هو أن نتابعَ خطواتِ أصحابِ هذه الذكرى في الدفاعِ عن بيضةِ الإسلامِ، وأن نجعلَ من جهادِهم رائدَنا في كفاحِنا ونضالِنا اليوم ضد أعدائهم.
وأضاف: علينا أنْ نتَّخذَ من مبدأ الإمامينِ "عليهما السلام" صاحبَيْ هذه الذكرى المباركة وسيلةً للثباتِ على المبدأِ وحبِّ أهلِ البيتِ الميامينَ مهما كلَّفَنا هذا الثباتُ وهذا الحبُّ من تضحية) .
بعدها ارتقى المنصة فضيلة الشيخ عَدِي الكاظمي ليُلقي محاضرته الدينية التي افتتحها بقوله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
وبيّن قائلاً: ( حينما تمرّ هذه المناسبات العطرة على مواليّ ومحبيّ وأتباع أهل البيت "عليهم السلام" لا بد من وقفةٍ لمعرفة الفائدة من الحضور فإنها تبحث فضائلهم ومناقبهم وجهادهم "عليهم السلام"، مستشهداً بقول رسول الله "صلّى الله عليه وآله وسلّم": (ما قوم اجتمعوا يذكرون فضل علي بن أبي طالب إلا هبطت عليهم ملائكة السماء حتى تحفّ بهم، فإذا تفرّقوا عَرَجَتْ الملائكة إلى السماء، فيقول لهم الملائكة، إنا نشمّ من رائحتكم ما لا نشمّه من الملائكة، فلم نرَ رائحةً أطيب منها ..)، فينبغي على الإنسان أن يفهم مقامات ومنازل أهل البيت "عليهم السلام"، حيث أن حبّهم وإتباعهم هو من محبةِ الله تعالى المقرونةِ بالقولِ والعملِ الصالحِ ).
كما شهد الحفل حضوراً متميزاً لفرقة إنشاد الجوادين بهذه المناسبة، بعدها قدّم الشاعر الأستاذ رياض عبد الغني الكاظمي موشحاً ولائياً للأديب السيد إسماعيل الشيرازي "قدس سره" المتوفى سنة 1305هـ/ 1888م ومما أنشد قائلاً:
سيّد فاق عُلاً كلّ الأنامْ *** كان إذ لا كائنٌ وهو إمامْ
شرّف الله به البيتَ الحرامْ *** حين أضحى لعُلاه مولدا
فوطـى تربتـه بالقـدمِ
هو بعد المصطفى خير الورى *** من ذرى العرش إلى تحتِ الثرى
قد كست علياءه أمّ القرى *** غـرّة تحمي حماهــا أبـدا
حيـث لا يدنـوه مـَن لـم يُحْـرمِ
وأجاد بقصيدة عنوانها: (رجب الخير) ومنها هذه الأبيات:
سبّحَ الأملاك شكراً ورضاً *** لجوادٍ في ذرى الجود سمقْ
تاسع الأنوار في سلسلةٍ *** بيدِ الرحمنِ صيغتْ في نسقْ
تبعتها مشاركة لخادم الإمامين الجوادين الرادود كرار الكاظمي بمجموعة من القصائد والأهازيج لتُرسِم الفرح والسرور في نفوس الحاضرين.