أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-4-2018
1658
التاريخ: 8-4-2018
4963
التاريخ: 5-07-2015
1323
التاريخ: 3-07-2015
1522
|
قال اللّه تعالى : {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } [الأنبياء: 22] ، وقال تعالى : {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ } [النساء: 171] ، وقال تعالى : {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: 110] ، وقال تعالى : {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1].
واعلم أن التوحيد في الجملة فطري والمراد من التوحيد معنيان أحدهما عدم الجزئية والثاني عدم الشريك .
فروى الصدوق (رض) في كتاب التوحيد مسندا عن هاني بن شريح قال : إن أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال :
أتقول إن اللّه واحد فحمل الناس عليه و قالوا: يا أعرابي أ ما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسيم، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: دعوه فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم، ثم قال عليه السّلام: يا أعرابي ان القول إن اللّه واحد على أربعة أقسام: فوجهان منهما لا يجوزان على اللّه عزّ و جل، و وجهان يثبتان فيه، فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل واحد يقصد به باب الاعداد فهذا ما لا يجوز و قول القائل هو واحد لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الاعداد، أ ما ترى أنه كفر من قال ثالث ثلاثة (كما قال النصارى) و قول القائل هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس فهذا ما لا يجوز عليه لأنه تشبيه جلّ ربنا عن ذلك و تعالى عنه، و أما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل هو واحد ليس له في الأشياء شبيه كذلك ربنا و قول القائل أنه ربنا عزّ و جل أحدي المعنى يعنى به أنه لا ينقسم من وجود و لا عقل و لا وهم كذلك ربنا عزّ و جل .
وإليه أشير قول الباقر الإمام الخامس عليه السّلام : كلما ميزتموه بأوهامكم بأدق معانيه فهو مخلوق لكم و مردود إليكم .
فالذي يدل على التوحيد بمعنى نفي الشريك امور:
الأول: ان من تأمل بفكر سليم وعقل مستقيم في هذا العالم الكبير الذي هو ما سوى اللّه رآه من مبدئه وهو عالم العقول والأرواح إلى منتهاه وهو عالم الأجسام كما قال الفيلسوف السبزواري:
بل جعل القوم أولو الفطانة عناصرا كحـــــــــجر المثانة
فبالنظام الجمــــــلي العالم شخص من الحيوان لا بل آدم .
عالم الأجسام كسلسلة مشتبكة منتظمة بعضها في بعض وكل جزء منها مرتبط بما يليه، فإن الفقير محتاج إلى الغنى و بالعكس و العالم إلى الجاهل و بالعكس و هكذا الصغير و الكبير و الجليل و الحقير و الأرض و السماء و كذا جميع الموجودات، فالعالم كبيت واحد يفسده تعدد المدبر أو كبدن يفسده تعدد الروح و كما أنه إذا تعدد رئيسان في منزل أو حاكمان في بلد أو سلطانان في مملكة أورث اختلال نظامها و أوضاعها فكذا لا تنتظم السماوات و الأرضون و ما فيها و ما بينهما بإلهين و كما أن ائتلاف أعضاء الشخص الواحد الإنساني منتظمة في رباط واحد منتفعا بعضها من بعض مع اختلافها وامتياز بعضها عن بعض يدل على أن مدبرها واحد وممسكها عن الانحلال قوة واحدة و مبدأ واحد.
فكذلك ارتباط الموجودات بعضها ببعض على الوصف الحقيقي و النظم الحكمي دليل على أن مبدعها و مدبرها و ممسك رباطها أن تنفصم واحد حقيقي يمسك السموات و الأرض أن تزولا، و إلى هذا اشير في القرآن بقوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } [الأنبياء: 22] وقوله {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } [المؤمنون: 91].
الثاني: ان وجود آثار الصانع من خلق مخلوقاته و إرسال رسله دليل عليه فانتفاء ذلك مما يفرض شريكه دليل على انتفائه إذ الفطرة السليمة شاهدة و العالم العادي قاض بأنه لو كان مع الصانع إله آخر لم تحتجب عن أحد آثاره و لوصل خبره إلى الناس ولعلم حاله مع الباري جلّ ذكره من التوافق و عدمه و لأرسل إلى الخلق رسلا بأوامر و نواهي و وعد و وعيد و تجويز كما ذكر مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيته لولده الحسن أو محمد بن الحنفية على إختلاف الرواية : واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله و لرأيت آثار ملكه و سلطانه و لعرفت أفعاله و صفاته و لكنه إله واحد كما وصف نفسه.
الثالث: أن التفرد بالصنع كمال فوق كل كمال وسلب الكمال عن ذات الواجب محال فلا يكون له شريك و لا نظير.
الرابع: أنه تعالى غني بوجوب ذاته عما سواه فيكون غنيا عن الشريك و لأن الشركة نقص إذ التصرف الكامل لا يجوز لأحد الشريكين فيكون كل منهما ناقصا.
الخامس: وحدة العالم و هي دليل على وحدة فاعله و مبدعه و وحدة العالم معلوم بالضرورة لشدة الارتباط بين أجزائها و احتياج بعضها إلى بعض في الوجود و البقاء، فكأن جميعها حقيقة واحدة إلهية المسماة بالفيض المقدس في لسان الحكماء و بالنفس الرحمانية في لسان آخرين و بالرحمة الواسعة في لسان الأخبار المروية عن الأئمة الاطهار:
عباراتنا شتى وحسنك واحد وكل إلى ذاك الجمال تشير .
فتلخص من جميع ذلك أن وحدة العالم تدل على وحدة إله العالم .
السادس: أن كلا منهما إن لم يقدر على إقامة النظام كانا عاجزين فيكونا بالالوهية غير لائقين وإن قدر كل منهما على إقامة النظام كان الآخر عبثا، وإن كان أحدهما قادرا و الآخر عاجزا تعين الاول للالوهية.
السابع: ان كل من جاء من الأنبياء و أصحاب الكتب المنزلة إنما دعا للاستناد إلى واحد استند إليه الآخر و نفي الشريك و آخر عن الإله بأنه لا شريك له فإن كان من أرسلهم صادقا في ذلك ثبت المطلوب، و إن كان كاذبا لم يكن لائقا للإلهية حتى يكون شريكا.
الثامن: أنه لو كان القديم اثنين متغايرين لزم أن يكون بينهما فرجة قديمة فتكون القدماء ثلاثة و إذا كانوا ثلاثة كانوا خمسة و إذا كانوا خمسة كانوا سبعة لما ذكر و هكذا إلى ما لا نهاية له و المدعى معترف بالبطلان فيما زاد على اثنين فالملزوم مثله.
وقال الصادق عليه السّلام في جواب الزنديق الذي قال له لم لا يجوز أن يكون صانع العالم اكثر من واحد: لا يخلو قولك انهما اثنان من أن يكون قديمين قويين أو ضعيفين أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا، فإن كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه وينفرد بالتدبير وإن زعمت أن أحدهما قوي و الآخر ضعيف ثبت أنه واحد كما نقول للعجز الظاهر في الثاني، و إن قلت انهما اثنان لم يخل من أن يكونا متفقين من كل جهة أو مفترقين من كل جهة، فلما رأينا الخلق منتظما و الفلك جاريا و اختلاف الليل و النهار و الشمس و القمر دل صحة الأمر و التدبير و ائتلاف الأمر على أن المدبر واحد.
وفي كتاب التوحيد عن هشام بن الحكم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ما الدليل على أن اللّه واحد، قال: اتصال التدبير وتمام الصنع كما قال اللّه عزّ و جل لو كان فيهما آلهة إلا اللّه لفسدتا.
وعن الفضل بن شاذان قال: سأل رجل من الثنوية أبا الحسن الرضا عليه السّلام و أنا حاضر فقال له: إني أقول أن صانع العالم اثنان فما الدليل على أنه واحد فقال عليه السّلام قولك اثنان دليل على أنه واحد لأنك لم تدع الثاني إلا بعد إثباتك للواحد، فالواحد مجمع عليه و أكثر من واحد مختلف فيه.
وأما الدليل على التوحيد بالمعنى الثاني أنه أحدي الذات لا تركيب فيها فلأنه تعالى لو كان منقسما في وجود أو عقل أو وهم لكان محتاجا لأن كل ذي جزء فإنما هو بجزئه يتقدم و بتحققه يتحقق و إليه يفتقر وهو اللّه سبحانه غني عن العالمين.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|