 
					
					
						التوحيد في الخالقية  					
				 
				
					
						 المؤلف:  
						الشيخ جعفر السبحاني
						 المؤلف:  
						الشيخ جعفر السبحاني					
					
						 المصدر:  
						العقيدة الاسلامية على ضوء مدرسة اهل البيت عليهم السلام
						 المصدر:  
						العقيدة الاسلامية على ضوء مدرسة اهل البيت عليهم السلام					
					
						 الجزء والصفحة:  
						ص 49
						 الجزء والصفحة:  
						ص 49					
					
					
						 5-07-2015
						5-07-2015
					
					
						 3539
						3539					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				المرتبة الثالثة من مراتب التوحيد هي التوحيد في الخالقية، بمعنى انّه لا خالق إلاَّ الله، وأنّ الوجود برمته مخلوقُه، وقد أكّد القرآن الكريم على هذه الحقيقة إذ قال:
{قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد: 16]
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [غافر: 62]
وليس الوحي وحده يثبت ذلك بل يقول به العقل ويؤكّده، لاَنّ كل ما سوى الله ممكنٌ محتاجٌ، وترتفع حاجته ويتحقّق وجوده من جانب الله.
إنّ التوحيد في الخالقية لا يعني نفي أصل السببيّة والعليّة في عالم الوجود، لاَنّ تأثيرَ كلِّ ظاهرة مادّية في مثلها منوطٌ بإذن الله، ووجودُ السبب وسَبَبيّتُه كلاهُما من مظاهر المشيئة الاِلَهية، فالله سبحانه هو الذي أعطى النور، والضوء للشمس والقمر، وإذا أراد سَلْبَه عنهما فعل ذلك دون مانع ومنازع، ولهذا كان الخالق الوحيد بلا ثان.
وقد أيّد القرآن الكريم ـ كما أسلفنا في الاَصل الثامن ـ قانون العليّة ونظام السببية في الكون كما قال الله: { اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ} [الروم: 48] 
فقد صَرَّحَتِ الآيةُ المذكورة بتأثير الرياح في تحريك السحابِ وسَوْقها.
إنّ تعمِيم خالقيّة الله على جميع الظواهر الطبيعيّة لا يستلزم أبداً أن ننسب أفعال البشر القبيحة إلى الله تعالى، لاَنّ كل ظاهرة من الظواهر الكونية لكونها كائناً إمكانياً وإن كان مستحيلاً أن ترتدي ثوب الوجود من دون الاستناد إلى القدرة، والاِرادة الاِلَهيّة الكلية.
ولكن في مجال الاِنسان يجب أن نضيف إلى ذلك، أنّ الاِنسان لكونهِ كائناً مختاراً، وموجوداً ذا إرادة، فهو يفعلُ أو يترك بإرادته واختيارِهِ بحكم التقدير الاِلَهيّ أي إنّ الله قدّر وشاء أن يفعلَ الاِنسانُ ما يريد فعلهُ بإرادته، ويترك ما يريد تركه بإرادته، لهذا فإنّ اصطباغ الفعل البشري من حيث كونه طاعة أو معصية لله تعالى ناشئ مِن نوعيّة إرادته واختيار الاِنسان نفسهِ.
وبعبارة أُخرى: إنّ الله واهبُ الوجود، والوجود مطلقاً مستند إليه، ولا قبح في الاَمر من هذه الناحية كما قال: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: 7] ولكنّ جَعْلَ وجود هذا الفعل مطابقاً أو غير مطابق لمعايير العقل والشرع، نابعٌ في الحقيقة من كيفية اختيار الاِنسان وإرادته، وعزمه.
 ولإيضاح المقصود نأتي بمثال :
إنّ الاَكل والشرب من أفعال الاِنسان بلا ريب فيقال أكل فلان وشرب، ولكنّ كلاً من الفعلين يشتملان على جهتين:
الاُولى: الوجود، وهو الاَصل المشترك بينه وبين سائر الموجودات.
الثانية: تحديد الوجود وصبّه في قالب خاص وانصباغه بعنواني الاَكل والشرب، فالفعل من الجهة الاُولى منسوب إلى الله سبحانه، فلا وجود في الكون إلاّ وهو مفاض منه تعالى، ولكنّه من الجهة الثانية منسوب إلى العبد إذ هو الذي باختياره وقدرته صَبَغ الوجود بصبغة خاصة وأضفى عليه عنواني الاَكل والشرب، فهو بفمه يمضغ الغذاء ويبلع الماء.
وبعبارة أُخرى: إنّ الله سبحانه هو الذي أقدر العبد على إيجاد الفعل، وفي الوقت نفسه أعطى له الحرية لصرف القدرة في أيّ نحو شاء، وهو صرفها في مورد الاَكل والشرب.
				
				
					
					 الاكثر قراءة في  معنى التوحيد و مراتبه
					 الاكثر قراءة في  معنى التوحيد و مراتبه					
					
				 
				
				
					
					 اخر الاخبار
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة