أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-6-2017
34727
التاريخ: 23-3-2018
2396
التاريخ: 26-7-2017
4734
التاريخ: 18-1-2020
2185
|
و في منتصف القرن الثالث نلتقي مع ابن قتيبة ت 276 هـ وكتابه الشعر والشعراء وقد تأثّر بآراء الجاحظ الى حدٍ ما، فمثلاً يهتم بالمولّدين إلا أنه يحترم التراث القديم وفق موازين الجودة والرصانة في الأسلوب والسبك فيقول:
فاني رأيت من علمائنا من يستجيد الشعر السخيف لتقدم قائله ويضعه في متخيره ويرذل الشعر الرصين ولا عيب له عنده إلّا أنه قيل في زمانه اوانه رأى قائله.. ".
ويقول:
"ولم اسلك فيما ذكرته من شعر كل شاعر مختار له سبيل من قلّد أو استحسن باستحسان غيره ولا نظرت الى المتقدّم منهم بعين الجلالة لتقدّمه والى المتأخّر منهم بعين الاحتقار لتأخّره بل نظرت بعين العدل على الفريقين واعطيت كلّا حظّه ووفرت عليه حقه... )) (1).
وفي مقدمة كتابه يقسّم الكلام المنظوم الى اربعة ضروب:
الأول: ضرب منه حسن لفظه وجاد معناه.
والثاني: ضرب منه حسن لفظه فاذا انت فتّشته لم تجد هناك فائدة في المعنى.
والثالث: ضرب منه جاد معناه وقصرت الفاظه عنه.
والرابع: ضرب منه تأخر معناه وتأخر لفظه.
أما الضرب الأول يريد به مطابقة الالفاظ للمعاني وهذا ما نجده عند الجاحظ ، ثم يمثل لهذا الضرب فيقول:
ايتها النفس اجملي جزعاً ان الذي تحذرين قد وقعا
واما الضرب الثاني فينشد له الابيات:
ولما قضينا من منى كل حاجة ومسّح بالأركان من هو ماسح
وشدت على حدب المهاوي رحالنا ولا ينظر الغادي الّذي هو رائح
أخذنا بأطراف الاحاديث بيننا وسالت بأعناق المَطِيِّ الأباطِحُ
ثم يعقّب فيقول:
هذه الالفاظ كما ترى احسن شيء مخارج ومطالع ومقاطع وان نظرت إلى ما تحتها من المعنى وجدته: ولما قطعنا ايام منى واستلمنا الاركان وعالينا ابلنا الانضاء ومضى الناس لا ينتظر الغادي الرائح ابتدأنا في الحديث وسارت المطي في الابطح، وهذا الصنف من الشعر كثير... " (2). وأما الضرب الثالث يمثّل له بقول الفرزدق:
والشيب ينهض في الشباب كأنه ليل يصيح بجانبيه نهارُ
ففي البيت معنى جميل الاّ أن الفاظه قصرت وعازها الوضوح.
وأما الضرب الرابع فيمثل له بقول الاعشى:
وقد غدوت الى الحانوت يتبعني ثساوٍ مشل شَلُول شُلْشِلٌ شَول
حيث ان عجز البيت مثقل بالكلمات الغريبة مما زادت البيت قبحاً ونفوراً. لقد رسم لنا ابن قتيبة منهجه النقدي في مقدمة كتابه ويمكن تلخيص تلك المنهجية ببعض النقاط منها:
أوّلاً: اعطى صورة واضحة عن الشاعر واسلوبه وثقافته.
ثانياً: كان اهتمامه في دراسة الشعراء لاعتبارين؟ الأول ما يشتمل عليه نتاج الشاعر من شواهد علمية في النحو أو الصرف أو اللغة أو العروض. والاعتبار الثاني هي الدواعي الفنيّة والتي تمثّلت في شعر المولّدين.
ثالثاً: اهتم بمطلع القصيدة، وفي كون الاستهلال بالغزل والنسيب والتشبيب جزءًا من المبادئ التي يقاس بها الشعر الجيد، فيقول: وسمعت بعض أهل الادب يذكر ان مقصد القصيدة انما ابتدأ فيها بذكر الديار والدمن والاَثار فبكى وشكا وخاطب الرَّبْعَ واستوقف الرفيق يجعل ذلك سبباً لذكر اهلها الظاعنين عنها، اذ كان نازلة العمد في الحلول والظعن على خلاف ما عليه نازلة المدر لانتقالهم من ماء الى ماء ثم وصل ذلك بالنسيب لان التشبيب قريب من النفوس.. " (3).
رابعاً: صنّف الشعراء إلى قسمين، منهم من جادت قريحته في نظم الشعر، فهو السهل الممتنع حيث قال:
"والمطبوع من الشعراء من سمح بالشعر واقتدر على القوافي واراك في صدر بيته عجزه وفي فاتحته قافيته وتبيَّنت على شعره رونق الطبع ووشي الغريزة)).
وصنف آخر من الشعراء تجد في شعره الصنعة والتكلّف وانه اسير الالفاظ والتنقيح والتهذيب. فالأول هو الشاعر المطبوع والثاني هو المتكلّف.
خامساً: وفي مقدمته ذكر عيوب الشعر والتي هي مرتبطة بعلم العروض والقافية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الشعر والشعراء: 10.
(2) الشعر والشعراء: 13.
(3) الشعر والشعراء: 14.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|