المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

برمنغنات البوتاسيوم
10-6-2018
شرح الدعاء السابع من الصحيفة السجّاديّة.
2023-10-08
شركة الهند الشرقية ــ البريطانية ونفوذها في العراق.
2023-06-21
خلع المهتدي ومـوته
10-10-2017
تقوية بنية الشيعة الاقتصادية
18-05-2015
الالتزام بثلاثة امور
30-3-2021


كتاب البديع  
  
15208   12:01 مساءً   التاريخ: 23-3-2018
المؤلف : د. عبد الرسول الغفاري
الكتاب أو المصدر : النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة : ص :122-128
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-7-2017 2340
التاريخ: 23-3-2018 2749
التاريخ: 26-7-2017 9634
التاريخ: 26-7-2017 4795

 

كتاب البديع لابن المعتز المُتَوفّى سنة 296 هـ يعتبر عبداللّه بن الخليفة العباسي المعتز بالله اوّل من الّف في العلوم البلاغية، ولو بحثنا عن سبب توجّه ابن المعتز إلى هذا الاتجاه الادبي لوجدنا أن العامل السياسي هو السبب الرئيس في ذلك، حيث إن الخلافة العباسية قد انتقلت بعد مقتل ابيه المعتز باللّه عام 255 هـ الى اعمامه وابناء عمومته، وهؤلاء كانوا يوجسون منه خيفة، وبقاؤه حيّا يريبهم، ومع ذلك حاول أبو العباس ابن الخليفة المقتول ان يوطّد علاقته بأبناء عمومته مع انصرافه الى العلم والادب والشعر والغناء.

وقد تأثّر ابن المعتز بكتب الجاحظ، وبالخصوص كتابه البيان والتبيين وهكذا حاول أن يستقرئ شعر كبار الادباء والشعراء في القرن الثالث الهجري، وقد ظهرت في عصره ثلاثة مذاهب بارزة في نهج الشعر وتنميقه بالبديع:

المذهب الأول: يمثله طائفة من النحاة واللغويين الذين رأوا في البديع تكلّفاً يذهب بروعة الشعر وبهائه، وبسحر الكلمات، وبصفاء الطبع، وبجمال الموهبة، وهكذا الشعر عند هؤلاء يدخل في باب التكلّف وهو مذموم عندهم.

المذهب الثاني: لقد استحسن رجال هذا المذهب فنون البديع في الشعر، ولم يجدوا فيه منقصاً إذا وشي به الكلام، اذ يزيده سحراً، ويضفي عليه روعة وجمالاً، وقد اسرف هؤلاء حتى اثقلوا النص الادبي بفنون البديع.

المذهب الثالث: والذي يمثله ابن المعتز، وهو المذهب الوسط- إذْ يؤكّد ابن المعتز على الجانب الطبعي، فالبديع في الشعر إن جاء عفويَّ الخاطر أو كون الشاعر مطبوعاً في شعره، مستسيغاً ألوان البديع بدون تكلّف فهذا هو الحد المقبول، بل وهو الجميل وشأنه شأن (الملح في الطعام، وما عداه فهو المتكلّف الخارج عن حدّ الطبع والإلهام، وهذا الرأي عينه عند الجاحظ، اذ ذكر في البيان والتبيين الجزء الأول ص 194 و 195 مبيّناً هناك اَراء أهل الأدب في بعض الفنون البديعة ومنها السجع، قال ابن المعتز: البديع اسم موضوع لفنون من الشعر يذكرها الشعراء ونقّاد المتأدبين منهم، فأما العلماء باللغة والشعر القديم فلا يعرفون هذا الاسم ولا يدرون ما هو. وما جمع فنون البديع ولا سبقني إليه أحد.

وقال فيه صاحب شروح التلخيص:

أول من اخترع ذلك ابن المعتز فجمع منها سبعة عشر نوعاً (1)، وعاصره قدامة- ابن جعفر- فجمع منها عشرين نوعاً (2).

أقول ان لفظة البديع ليست من ابتكارات ابن المعتز، بل ان مفهوم

 

الكلمة كان قديماً عند العرب، فسابقاً كانوا يطلقون على اللف والنشر والجناس والطباق وغيرها من سحر الاسلوب وجمال النظم والترتيب في الألفاظ والحس المرهف عند الاديب في نسجه الشعري وما فيه من تَرَفٍ بياني، كانوا يطلقون على ذلك الاسلوب اللطيف.

ثم تطورت لتشمل الاستعارة والتشبيه والتمثيل والكناية والجناس والطباق، وقد اختار الشاعر مسلم بن الوليد المُتَوفّى 208 هـ مصطلح البديع ليشمل تلك الفنون المتقدمة.

وقد صنّف الجاحظ بعض الشعراء وفق الذوق البلاغي فقال:

والراعي كثير البديع في شعره.

بشار: ابن برد- حسن البديع.

والعتابي يذهّب شعره في البديع.

ثم قال: وعلى الفاظه، وحذوه ومثاله في البديع يقول جميع من يتكلّف ذلك من شعراء المولّدين، كالنميري، ومسلم، واشباههما، وكان العتابي يحتذي حذو بشار في البديع، ولم يكن في المولّدين اصوب بديعاً من بشار وابن هَرَمَة (3).

وقد قلنا إن الجاحظ قال: والبديع مقصور على العرب ومن اجله فاقت لغتهم على كل لغة ورأبت على كل لسان، ثم استشهد ببيت الاسهب بن رميلة:

وهم ساعد الدهر الذي يتَّقى به        وما خَير كَفٍّ لاتَنوءُ بساعِدِ

قال الجاحظ: قوله: هُمُ ساعد الدهر.. الخ انّما هو مَثَل، وهذا الذي تسمّيه الرواة البديع (4).

كل ذلك يدل على ان الجاحظ والمبرّد المُتَوفّى سنة 285هـ (5) وقبلهما مسلم بن الوليد قد سبقوا ابن المعتز في تسمية تلك الفنون البلاغية بالبديع.

نعم، ربّما يصدق في كونه قد جمع تلك الفنون بكتاب مستقل مستشهداً بشعر القدماء من الجاهليين والاسلاميين والمُحْدَثين.

البديع عند ابن المعتز

الّف ابن المعتز كتابه البديع في عام 274 هـ وعمره آنذاك 27 عاماً، وقد عرفت فيما تقدّم ماذا تعني كلمة البديع، وعلى وجه الاصطلاح تعني: الفنون البلاغية- اللطيفة- التي يستلهمها الاديب بحسن اختياره للألفاظ وبراعة نظمه، وقد عدّها ابن المعتز ثمانية عشر فَنّاً، منها خمسةٌ اساسية هي:

الاستعارة، التجنيس، المطابقة، ردّ اعجاز الكلام على ما تقدمها، والمذهب الكلامي.

وما عدا ذلك فهو من محاسن الكلام والشعر، وقد عدّ من المحاسن: الالتفات، الاعتراض، الرجوع، حسن الخروج، تأكيد المدح بما يشبه الذم، تجاهل العارف، الهزل الذي يراد به الجد، حسن التضمين، التعريض، الكناية، الافراط في الصفة، حسن التشبيه، لزوم ما يلزم، حسن الابتداء.

 

خصائص كتاب البديع

أ- تأثر ابن المعتز بنظرية الجاحظ في اختيار المذهب الوسط، وما جاء فيه البديع مسترسلاً عند الاديب.

2- اعتمد في سرد الشواهد على الكتاب الكريم والسنّة النبويّة، واحاديث جملة من الصحابة مع تركه للاسانيد.

3- استفاد من امثلة الجاحظ الواردة في كتابه البيان والتبيين، ومن كتاب الحماسة لابي تمام.

4- يعدّ كتاب ابن المعتز مصدراً اساسياً في البلاغة العربية.

5- كل من كتب في البلاغة والنقد الأدبي استلهم شواهد ابحاثه من كتاب البديع، فالآمدي في موازنته، وأبو هلال العسكري في كتابه الصناعتين، وابن رشيق القيرواني في عمدته، والقاضي الجرجاني... كل قد استفاد من كتاب البديع إن لم نقل انهم عيال عليه.

6- قدّم ابن المعتز في امثلته للفنون الشواهد القرآنية والسنّة النبويّة على الشواهد الشعرية في أغلب فصول الكتاب.

7- اختار ابن المعتز لشواهده الشعرية الجيّد منها وما عذب من الشعر

وقد بلغ جميع ما اختاره من الأبيات 425 بيتاً في 312 شاهداً.

8- نادراً ما تجد التعليق على الشواهد والنصوص، وإن وجدت فهي مقتضبة لا تعدو موطن الشاهد.

9- اهتم ابن المعتز في الفنون الخمسة الأولى فاكثر الشواهد فيها؟ وبالأخص في الاستعارة والتجنيس والمطابقة، فمثلاً خصّص باباً- الأول - للاستعارة وأورد فيه من الشواهد القرآنية خمس آيات ومن احاديث الرسول عليه الصلاة والسلام ستة أحاديث، ومن أقوال الصحابة عشرة من الشواهد، ولبقية ادباء العرب ما يربو على خمسين شاهداً من القدماء والمحدثين. وأما الشواهد الشعرية فقد بلغت ثمانين ونيف شاهداً شعريا في 114 بيتاً وقد جعلها مصنّفة حسب الترتيب الزمني فقد بدأ بالشعراء الجاهليين ثم الشعراء الاسلاميين، ثم الشعراء المحدثين.

10- قد نقف عند بعض الشواهد فنلمس فيها ثقافة ابن المعتز الادبية عند ما يجنح الى شرح بعض مفردات النص أو يعلّق عليها مع حرصه على الاقتضاب والاختصار.

11- منهج ابن المعتز النقدي يتّضح من خلال أحكامه الصادرة بعد سرده للشاهد، فمثلاً لما انشد للعباس بن الاحنف قوله:

ولي جفون جفاها النوم فاتّصلت      اعجاز دمعِ بأعناقِ الدم السّرب

قال ابن المعتز:

وهذا وامثاله من الاستعارة، مما عيب في الشعر والكلام، وانما نخبر بالقليل ليعرَف فيتجنّب (6).

أو أنه يورد ابياتاً متفرّقة للطائي:

ويوم أرْشَقَ والهيجاءُ قَدْرَ شَقَت       من المنيّة رَشْقاً وابلاً قَصِفا

وقال:

إذا ألجَمَتْ يوماً لُجَيْم وحولَها  بنو الحصن نَجْلُ المحْصَناتِ النجائِب

فَإنّ المنايا والصوارمَ والقنا   أقارِبكُم في الرَّوع دون الأقارب

وقال:

فاضَ فيضَ الأرَتيِّ حتى غدا المو    سمُ من فضلِ سيبهِ موسوما

وقال:

سعدتْ غربة النّوى بسعادِ     فهي طوعُ الإتهامِ و الإنجادِ

بعدما اورد هذه الشواهد قال:

وهذا من الابيات الملاح.

أو قوله في التجنيس:

ومن التجنيس المعيب في الكلام والشعر قول بعض المحدثين وهو منصور بن الفرج:

أكابد منك أليمَ الالمْ    فقد أنحَلَ الجِسم بعد الجَسَم

 

 

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل هيْ ثمانية عشر نوعاً كما في كتاب البديع الذي هو بأيدينا.

(2) السبكي- شروح التلخيص 4/ 467.

(3) البيان والتبيين: 1/ 54.

(4) البيان والتبيين: 3/ 242.

(5) ذكر الجاحظ في البيان والتبيين الجزء الأول ص 89، موضوع حسن الابتداء والمطابقة، وفي ص 91. ذكر التقسيم وفي 115 ذكر الاستعارة وفي ص 205 ذكر الاستطراد، وفي الجزء الثاني ص 29 ذكر التشبيه وفي ص 138 ذكر كذلك الاستطراد، وفي ص 170. ذكر التفصيل. أما المبرَد فقد عقد في كتابه الكامل باباً عن التشبيه.

(6) البديع: ص 29. تحقيق وتعليق المستشرق اغناطيوس كراتشفوفسكي. اُوفست مكتبة المثنى، بغداد.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.