أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-02-2015
1488
التاريخ: 5-10-2014
1667
التاريخ: 15-02-2015
1573
التاريخ: 5-10-2014
1611
|
اختلاف القرائح و الاستعدادات في اقتناء مزايا الحياة في أفراد الإنسان مما ينتهي إلى أصول طبيعية تكوينية لا مناص عن تأثيرها في فعلية اختلاف درجات الحياة و على ذلك جرى الحال في المجتمعات الإنسانية من أقدم عهودها إلى يومنا هذا فيما نعلم.
فقد كانت الأفراد القوية من الإنسان يستعبدون الضعفاء و يستخدمونهم في سبيل مشتهياتهم و هوى نفوسهم من غير قيد أو شرط، و كان لا يسع لأولئك الضعفاء المساكين إلا الانقياد لأوامرهم، و لا يهتدون إلا إلى إجابتهم بما يشتهونه و يريدونه منهم لكن القلوب ممتلئة غيظا و حنقا و النفوس متربصة و لا يزال الناس على هذه السنة التي ابتدأت سنة شيوخية و انتهت إلى طريقة ملوكية و إمبراطورية.
حتى إذا وفق النوع الإنساني بالنهضة بعد النهضة على هدم هذه البنية المتغلبة و إلزام أولياء الحكومة و الملك على اتباع الدساتير و القوانين الموضوعة لصلاح المجتمع و سعادته فارتحلت بذلك حكومة الإرادات الجزافية، و سيطرة السنن الاستبدادية ظاهرا و ارتفع اختلاف طبقات الناس و انقسامهم إلى مالك حاكم مطلق العنان و مملوك محكوم مأخوذ بزمامه غير أن شجرة الفساد أخذت في النمو في أرض غير الأرض، و منظر غير منظره السابق، و الثمرة هي الثمرة، و هو تمايز الصفات باختلاف الثروة بتراكم المال عند بعض، و صفارة الكف عند آخر، و بعد ما بين القبيلين بعدا لا يتمالك به المثري الواجد من نفسه إلا أن ينفذ بثروته في جميع شئون حياة المجتمع، و لا المسكين المعدم إلا أن ينهض للبراز و يقاوم الاضطهاد.
فاستتبع ذلك سنة الشيوعية القائلة بالاشتراك في مواد الحياة و إلغاء المالكية، و إبطال رءوس الأموال، و أن لكل فرد من المجتمع أن يتمتع بما عملته يداه و هيأه كماله النفساني الذي اكتسبه فانقطع بذلك أصل الاختلاف بالثروة و الجدة غير أنه أورث من وجود الفساد ما لا يكاد تصيبه رمية السنة السابقة و هو بطلان حرية إرادة الفرد، و انسلاب اختياره، و الطبيعة تدفع ذلك، و الخلقة لا توافقه، و هيهات أن يعيش ما يرغم الطبيعة و يضطهد الخلقة.
على أن أصل الفساد مع ذلك مستقر على قراره فإن الطبيعة الإنسانية لا تنشط إلا لعمل فيه إمكان التميز و السبق، و رجاء التقدم و الفخر و مع إلغاء التمايزات تبطل الأعمال، و فيه هلاك الإنسانية، و قد احتالوا لذلك بصرف هذه التميزات إلى الغايات و المقاصد الافتخارية التشريفية غير المادية، و عاد بذلك المحذور جذعا فإن الإنسان إن لم يذعن بحقيقتها لم يخضع لها، و إن أذعن بها كان حال التمايز بها حال التمايز المادي.
و قد احتالت الديمقراطية لدفع ما تسرب إليها من الفساد بإيضاح مفاسد هذه السنة بتوسعة التبليغ و بضرب الضرائب الثقيلة التي تذهب بجانب عظيم من أرباح المكاسب و المتاجر، و لما ينفعهم ذلك فظهور دبيب الفساد في سنة مخالفيهم لا يسد طريق هجوم الشر على سنتهم أنفسهم و لا ذهاب جل الربح إلى بيت المال يمنع المترفين عن إترافهم و مظالمهم، و هم يحيلون مساعيهم لمقاصدهم من تملك المال إلى التسلط و تداول المال في أيديهم فالمال يستفاد من التسلط و وضع اليد عليه و إدارته ما يستفاد من ملكه.
فلا هؤلاء عالجوا الداء و لا أولئك، و لا دواء بعد الكي، و ليس إلا لأن الذي جعله البشر غاية و بغية لمجتمعه، و هو التمتع بالحياة المادية بوصلة تهدي إلى قطب الفساد، و لن تنقلب عن شأنها أينما حولت، و مهما نصبت.
و الذي يراه الإسلام لقطع منابت هذا الفساد أن حرر الناس في جميع ما يهديهم إليه الفطرة الإنسانية، ثم قرب ما بين الطبقتين برفع مستوى حياة الفقراء بما وضع من الضرائب المالية و نحوها، و خفض مستوى حياة الأغنياء بالمنع عن الإسراف و التبذير و التظاهر بما يبعدهم من حاق الوسط، و تعديل ذلك بالتوحيد و الأخلاق، و صرف الوجوه عن المزايا المادية إلى كرامة التقوى و ابتغاء ما عند الله من الفضل.
و هو الذي يشير إليه قوله تعالى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] ، و قوله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] ، و قوله: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذاريات: 50] و قد بينا فيما تقدم أن صرف وجوه الناس إلى الله سبحانه يستتبع اعتناءهم بأمر الأسباب الحقيقية الواقعية في تحري مقاصدهم الحيوية من غير أن يستتبع البطالة في اكتساب معيشة أو الكسل في ابتغاء سعادة فليس قول القائل: إن الإسلام دين البطالة و الخمود عن ابتغاء المقاصد الحيوية الإنسانية إلا رمية من غير مرمى جهلا، هذا ملخص القول في هذا المقصد.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|