إستغفار إبراهيم لكافر يدل على إرتكابه الذنب لورود النهي عن الإستغفار لهم |
907
09:13 صباحاً
التاريخ: 27-11-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-11-2017
641
التاريخ: 26-11-2017
746
التاريخ: 14-11-2016
2002
التاريخ: 25-12-2017
2990
|
[نص الشبهة] : [في] قوله تعالى : {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: 114] [استغفر ابراهيم لكافر ولا] يجوز ان يستغفر لكافر أو أن يعده بالاستغفار .
[جواب الشبهة] : معنى هذه الآية ان اباه كان وعده بأن يؤمن واظهر له الايمان على سبيل النفاق ، حتى ظن انه الخير ، فاستغفر له الله تعالى على هذا الظن فلما تبين له أنه مقيم على كفره رجع عن الاستغفار له وتبرأ منه على ما نطق به القرآن.
فكيف يجوز ان يجعل ذلك ذنبا لإبراهيم (عليه السلام) وقد عذره الله تعالى في ان استغفاره إنما كان لأجل موعده ، وبأنه تبرأ منه لما تبين له منه المقام على عداوة الله تعالى.
فإن قيل : فإن لم تكن هذه الآية دالة على اضافة الذنب إليه ، فالآية التي في صورة الممتحنة تدل على ذلك لأنه تعالى قال : {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} [الممتحنة: 4] فأمر بالتأسي والاقتداء به، إلا في هذا الفعل.
وهذا يقتضي انه قبيح.
قلنا : ليس يجب ما ذكر في السؤال ، بل وجه استثناء إبراهيم عليه السلام لأبيه عن جملة ما أمر الله تعالى بالتأسي به فيه ، أنه لو اطلق الكلام لأوهم الامر بالتأسي به في ظاهر الاستغفار من غير علم بوجهه ، والموعدة السابقة من ابيه له بالايمان ، وأدى ذلك إلى حسن الاستغفار للكفار.
فاستثنى الاستغفار من جملة الكلام لهذا الوجه ، ولأنه لم يكن ما اظهره ابوه من الايمان ووعده به معلوما لكل احد ، فيزول الاشكال في انه استغفر لكافر
مصر على كفره.
ويمكن أيضا ان يكون قوله تعالى : (إلا قول ابراهيم لأبيه) استثناء من غير التأسي ، بل من الجملة الثانية التي تعقبها هذا القول بلا فصل وهي قوله (إذ قالوا لقومهم انا برآء منكم) إلى قوله (وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء) ابدا ، لأنه لما كان استغفار ابراهيم (عليه السلام) لأبيه مخالفا لما تضمنته هذه الجملة ، وجب استثناءه.
ولا نوهم بظاهر الكلام انه عامل اباه من العداوة والبراءة بما عامل به غيره من الناس.
فأما قوله تعالى : (الا عن موعدة وعدها اياه) فقد قيل ان الموعدة انما كانت من الاب بالايمان للابن ، وهو الذي قدمناه. وقيل انها كانت من الابن بالاستغفار للاب في قوله : لاستغفرن لك. والاولى أن تكون الموعدة هي من الاب بالايمان للابن ، لانا إن حملناه على الوجه الثاني كانت المسألة قائمة. ولقائل ان يقول : ولم أراد ان يعده بالاستغفار وهو كافر؟ وعند ذلك لابد ان يقال إنه أظهر له الايمان حتى ظنه به. فيعود إلى معنى الجواب الاول.
فإن قيل : فما تنكرون من ذلك ، ولعل الوعد كان من الابن للاب بالاستغفار ، وإنما وعده به لأنه اظهر له الايمان؟
قلنا : ظاهر الآية منع من ذلك ، لأنه تعالى قال : (وما كان استغفار ابراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه) فعلل حسن الاستغفار بالموعدة ، ولا يكون الموعدة مؤثرة في حسن الاستغفار إلا بأن يكون من الاب للابن بالايمان ، لأنها إذا كانت من الابن لم يحسن له لها الاستغفار ، لأنه ان قيل انما وعده الاستغفار لإظهاره له الايمان ، فالمؤثر في حسن الاستغفار هو اظهار الايمان لا الموعدة.
فإن قيل : أفليس اسقاط عقاب الكفر والغفران لمرتكبه كانا جائزين من طريق العقل ، وانما منع منه السمع ، وإلا جاز ان يكون ابراهيم عليه السلام انما استغفر لأبيه لان السمع لم يقطع له على عقاب الكفار.
وكان باقيا على حكم العقل ، وليس يمكن ان يدعي ان ما في شرعنا من القطع على عقاب الكفار كان في شرعه لان هذا لا سبيل إليه .
قلنا : هذا الوجه كان جائزا لولا ما نطق به القرآن من خلافه ، لأنه تعالى لما قال : {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } [التوبة: 113] قال عاطفا على ذلك : (وما كان استغفار ابراهيم لأبيه الا عن موعدة وعدها اياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) فصرح بعلة حسن استغفاره ، وأنها الموعدة. وكان الوجه في حسن الاستغفار على ما تضمنه السؤال ، لوجب أن يعلل استغفاره لأبيه بأنه لم يعلم أنه من أهل النار لا محالة ، ولم يقطع في شرعه على عقاب الكفار.
والكلام يقتضي خلاف هذا ، ويوجب أنه ليس لإبراهيم (عليه السلام) من ذلك ما ليس لنا ، وأن عذره فيه هو الموعدة دون غيرها.
وقد قال أبو علي بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي في تأويل الآية التي في التوبة ، ما نحن ذاكروه ومنبهون على خلافه. قال بعد أن ذكر أن الاستغفار انما كان لأجل الموعدة من الاب بالايمان : ان الله تعالى انما ذكر قصة إبراهيم (عليه السلام) بعد قوله (ما كان للنبي والذين آمنوا معه أن يستغفروا للمشركين) لئلا يتوهم احد ان الله عز وجل كان جعل لإبراهيم عليه السلام من ذلك ما لم يجعله للنبي صلى الله عليه وآله ، لان هذا الذي لم يجعله للنبي صلى الله عليه وآله لا يجوز ان يجعله لاحد ، لأنه ترك الرضا بأفعال الله تعالى وأحكامه.
وهذا الذي ذكره غير صحيح على ظاهره ، لأنه يجوز ان يجعل لغير نبينا صلى الله عليه وآله ممن لم يقطع له ، على ان الكفار معاقبون لا محالة ، ان يستغفر للكفار ، لان العقل لا يمنع من ذلك ، وإنما يمنع السمع الذي فرضنا ارتفاعه.
فان قال : اردت انه ليس لاحد ذلك مع القطع على العقاب ، قلنا : ليس هكذا يقتضي ظاهر كلامك. وقد كان يجب إذا أردت هذا المعنى ان تبينه وتزيل الابهام عنه ، وإنما لم يجز أن يستغفر للكفار مع ورود الوعيد القاطع على عقابهم ، زايدا على ما ذكره ابو علي من انه ترك الرضا بأحكام الله ، أن فيه سؤالا له تعالى ان يكذب في اخباره ، وان يفعل القبيح من حيث أخبر بأنه لا يغفر للكفار مع الاصرار.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|