المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



السجاد الحزين (عليه السلام)  
  
3295   05:13 مساءً   التاريخ: 1-11-2017
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : الامام علي بن الحسين زين العابدين
الجزء والصفحة : ص90-95.
القسم :


أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-4-2016 4011
التاريخ: 12-4-2016 3303
التاريخ: 30-3-2016 7188
التاريخ: 10-04-2015 3388

لا ينكر أحد من المؤرخين حزن السجاد (عليه السلام) على مقتل أبيه الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه الذين ذبحوا عطشى على رمضاء كربلاء فكانت تخنقه العبرة عندما يتذكر مصرع أبيه (عليه السلام) وأهل بيته .
وهذا هو الذي دفع بعض العلماء المتقدمين إلى القول : روي عن مولانا زين العابدين (عليه السلام) وهو ذو الحلم الذي لا يبلغه الوصف انه كان كثير البكاء لتلك البلوى وعظيم البث والشكوى(1) .
وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله : إن زين العابدين (عليه السلام) بكى على أبيه أربعين سنة صائماً نهاره وقائماً ليله فإذا حضر الإفطار وجاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه فيقول : كل يا مولاي , فيقول : قتل ابن رسول الله (صلى الله عليه واله) جائعاً قتل ابن رسول الله (صلى الله عليه واله) عطشاناً فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبتل طعامه من دموعه ثم يمزج شرابه بدموعه فلم يزل كذلك حتى لحق بالله عز وجل (2) .
أقول : وربما كان ذكر أربعين سنة في لفظ الرواية من قبيل المبالغة اللفظية من قبل الراوي لأنه (عليه السلام) عاش بعد مقتل أبيه الحسين (عليه السلام) أربع وثلاثين سنة فقط .
ويروى أيضاً : أنه برز يوماً الى الصحراء فاتبعه أحد غلمانه فوجده قد سجد على حجارة خشنة باكياً شاهقاً وهو يقول لألف مرة :لا إله إلا الله حقاً حقاً . لا إله إلا الله تعبداً ورقاً . لا إله إلا الله إيماناً وتصديقاً وصدقاً , ثم رفع رأسه من سجوده بينما غمرت الدموع لحيته ووجهه . 
فقيل له : يا سيدي أما آن لحزنك أن ينقضي ولبكائك أن يقلّ ؟ فقال (عليه السلام) : ويحك إن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم كان نبياً ابن نبي له أثنى عشر أبناً فغيّب الله واحداً منهم فشاب رأسه من الحزن واحدودب ظهره من الغم وذهب بصره من البكاء وابنه حي في دار الدنيا , وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي (3) .
إلا ان بكاءه لم يكن ليمنعه من مواصله عمله الشرعي التكليفي في إمامة الأمة وإرشادها إلى طريق الخير والصلاح , واصبح البكاء ـ من دون قصد ـ من وسائل التوعية الدينية .
واشتهر (عليه السلام) بوصف السجاد لكثرة سجوده لله حينما يرى تواتر نعمه وآلائه عليه , فكان (عليه السلام) لا يذكر نعمة لله إلا سجد ولا يقرأ آية فيها سجدة إلا سجد ولا يدفع الله عنه سوءً إلا سجد ولا يفرغ من صلاة مفروضة إلا سجد ولا يوفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد (4).
وكأنك ترى أثر السجود في مواضع سجوده (عليه السلام) , ولم يشتهر عن انسان غيره أن سجوده لله عزوجل قد أثر على جسده كما اشتهر عنه (عليه السلام) , وكان يلقب أيضاً بذي الثفنات وهي آثار ناتئة تبرز في مواضع السجود وكان مشهوراً بوجودها على جبهته , ولا شك ان السجود يقرّب العبد من مولاه والمخلوق من خالقه وقد قال تعالى : {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] وهكذا زين العابدين (عليه السلام) قريباً من مولاه العظيم سبحانه وتعالى .
والمشهور في روايات الطريفين ان السجاد (عليه السلام) كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة , واذا افترضنا ان الركعة الواحدة تستغرق دقيقة واحدة فان اداء ألف ركعة يستغرق ألف دقيقة وهو ما يساوي سبعة عشر ساعة تقريباً في اليوم الواحد . وهذا الوقت يستوعب كل يوم المرء وليله . خصوصاً إذا ما علمنا بان على المكلّف تأدية واجباته العبادة الأخرى والقيام بما تمليه عليه وظيفته من حقوق الزوجية والأبوة والجيرة والقرابة وعيادة المرضى ودعوة عينيه للاسترخاء لمقدار من النوم .
وعبادته (عليه السلام) كانت لا تنفك عن تلاوة القرآن وكان أحسن الناس صوتاً بالقرآن الكريم (5) وكان يرشد الأمة بتفسير القرآن (6) , وكان (عليه السلام) يردد : عليك بالقرآن فإنّ الله خلق الجنّة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل ملاطها المسك وترابها الزعفران وحصاها اللؤلؤ وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن وكان والي المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان قد أرسل وفداً من وجهائها إلى يزيد الخليفة الأموي فيهم : عبدالله بن حنظلة وعبدالله بن أبي عمرو والمنذر بن الزبير وغيرهم , وكان الهدف من ذلك هو تثبيت ميولهم نحو الخلافة الأموية عبر النيل من هدايا السلطان إلاّ انهم رجعوا ـ على الرغم من كل ما أغدق عليهم من جوائز وهدايا ـ وهم ناقمون على يزيد لما شاهدوا من استهتاره وفسقه ومجونه , وقالوا : قدمنا من عند رجل ليس له دين يشرب الخمر ويضرب بالطنابير وتعزف عنده القيان ويلعب بالكلاب ويسمر عنده الحراب (7) .
قال عبدالله بن حنظلة : والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء إنه رجل ينكح الأمهات والبنات ويشرب الخمر ويدع الصلاة , والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت فيه بلاءً حسناً(8) , ويقول المنذر بن الزبير : ان يزيد قد أجازني بمائة ألف ولا يمنعني ما صنع بي أن أخبركم خبره والله إنه ليشرب الخمر والله أنه ليسكر حتى يدع الصلاة (9) .
والغريب في ذلك ان قتل الحسين (عليه السلام) بتلك الفظاعة والوحشية لم يكن ليحرك عواطفهم ولكن رحلة واحدة إلى الشام أطلعتهم على فجور يزيد وفسقه ! فخلعوا بيعته بعد رجوعهم , وولّوا عليهم عبدالله بن حنظلة وعبدالله بن مطيع وطردوا عامل يزيد على المدينة .

 

 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اللهوف لابن طاووس .
(2) اللهوف , ص 121 ـ 122 .
(3) الخصال للصدوق , ص 272 , ح 15 .
(4) في رواية للامام الباقر (عليه السلام) يصف أبيه السجاد (عليه السلام) : معاني الأخبار للصدوق , ص 24 .
(5) بحار الأنوار , ج 46 , ص 107 .
(6) الاحتجاج , ص 312 ـ 319 .
 (7) تأريخ الطبري , ج 5 , ص 480 . والحراب : اللصوص .
(8) طبقات ابن سعد .
(9) تأريخ الطبري , ج 4 , ص 368 .


 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.