المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الزراعة
عدد المواضيع في هذا القسم 12999 موضوعاً
الفاكهة والاشجار المثمرة
المحاصيل
نباتات الزينة والنباتات الطبية والعطرية
الحشرات النافعة
تقنيات زراعية
التصنيع الزراعي
الانتاج الحيواني
آفات وامراض النبات وطرق مكافحتها

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
منع حدوث التهاب الكبد
2024-07-01
الانزيمات الكبدية ( الناقلة لمجموعة الامين )
2024-07-01
البيلروبين
2024-07-01
التهاب الكبد من نوع G
2024-07-01
التهاب الكبد من نوع D
2024-07-01
التهاب الكبد من نوع C
2024-07-01

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


وبائية وبيئية فايروسات النبات  
  
3068   08:36 صباحاً   التاريخ: 25-8-2017
المؤلف : نبيل عزيز قاسم
الكتاب أو المصدر : فايروسات النبات (2011م)
الجزء والصفحة : ص 374-394
القسم : الزراعة / آفات وامراض النبات وطرق مكافحتها / امراض النبات ومسبباتها / الفايروسات والامراض التي تسببها للنبات /

وبائية وبيئية فايروسات النبات

يهتم علم الوبائية بدراسة حركة الأمراض الفايروسية في المحاصيل وطبيعة انتشارها خلال الموسم الزراعي وكذلك وضع الدراسات التنبؤية Forecasting studies المتعلقة باحتمالات حدوث الوباء في مجتمع العائل ووضع نماذج توقع حصول المرض Models الخاصة بكل مرض فايروسي وذلك من خلال عملية النمذجة الحاسوبية Modeling. أما "البيئية" Ecology فتهتم بدراسة طرق نقل الفايروسات في البيئة ووسائل بقائها Survival والعوامل البيئية المؤثرة على ذلك ومصادر اللقاح الفايروسي والمدى العوائلي للفايروسات وإمراضية الفايروسات وانجذابها للأنسجة النباتية، وتتداخل الدراستين الوبائية والبيئية عادة بحكم اعتماد الأولى على معطيات الثانية وهذا ما يوضحه الشكل (1) بإظهار عناصر الوبائية الثلاثة وهي "الفايروس" و "الناقل" و "النبات".

يتصف أي فايروس كفء قادر على البقاء في البيئة بالصفات التالية (1) لديه عائل نباتي من نوع واحد أو أكثر يتطفل عليه ويتضاعف فيه (2) يمتلك وسائل فعالة للنقل والانتشار وإصابة أفراد نباتية جديدة (3) لديه وسائل بقاء في البيئة وقدرة الانتشار العمودي والأفقي فيها.

تعد الدراسات الوبائية والبيئية من الدراسات المعقدة والمتشعبة بحكم تعقيد عناصرها الثلاثة وتداخلاتها إلا أنها ضرورية إذا أريد وضع برنامج مكافحة متكامل وناجح للأمراض الفايروسية وفهم طبيعة تلك الأمراض.

الشكل (1): عناصر وبائية الفايروسات وعلاقتها مع بيئتها.

1. عناصر الوبائية

أ. الفايروس

هو العنصر الأول من عناصر الوبائية وتتطلب دراسته معرفة العوامل التالية:

1- ثباتية الفايروس وتركيزه في النبات

تتباين الفايروسات في درجة ثباتها في البيئة خارج النسيج النباتي وتعد الفايروسات الثابتة المنقولة ميكانيكيا ومنها فايروس موزائيك التبغ (TMV) من أكثر الفايروسات قدرة على البقاء في البيئة حيث يبقى في بقايا النباتات المصابة في التربة والتي تصبح مصدرا لإصابة المحاصيل لاحقا كما وجد فعالا في تبغ أنواعا عديدة من السكائر، وهو ذو تركيز عالي في النبات ويتراوح بين 0.1-0.3 ملغم / غم نسيج جاف، إن وجود الفايروسات بتركيز عالي في النباتات يعني زيادة قدرتها على البقاء والانتشار ويظهر ذلك بوضوح مع الفايروسات المنقولة بالناقلات حيث تزداد معدلات النقل بالناقل مع زيادة تركيز الفايروس في النبات، ووجد أن نبات Stellaria media وهو أحد الأدغال التي يشتي عليها فايروس موزائيك الخيار (CMV) يصل تركيز الفايروس فيه لأعلى مستوياته عند الشتاء بانخفاض درجات الحرارة عليه فأنه يوفر مصدرا مهما للقاح في بداية الربيع لاكتسابه من قبل حشرات المن.

2- سرعة حركة الفايروس وتوزيعه في أنسجة النبات

إن الفايروسات التي تتحرك ببطء في انسجة عوائلها انطلاقا من منطقة دخولها هي الأقل قدرة على البقاء والانتشار الكفء وترتبط سرعة حركة الفايروسات في النباتات بطبيعة النبات حوليا أو معمرا فالفايروسات التي تصيب الشجيرات والأشجار المعمرة تتحرك فيها ببطء مقارنة بتلك التي تصيب النباتات الحولية، وجد أيضا أن الفايروسات التي تستطيع الوصول إلى البذور هي الأقدر على الانتشار والبقاء كما توجد فايروسات مقيدة بأنسجة معينة دون غيرها ومنها فايروس موت التبغ (TNV) الذي يتقيد بالجذور فقط دون بقية أعضاء النبات وذلك في معظم العوائل التي يصيبها وبذلك فقد أعتمد على التربة كوسط للبقاء والانتقال بواسطة فطر ناقل.

3- شدة المرض الفايروسي

وجد أن الفايروسات التي تسبب أعراضا جهازية شديدة وتقتل عوائلها هي الأقل احتمالا للبقاء والانتشار مقارنة بتلك التي تسبب أعراضا معتدلة أو خفيفة لأن الأخيرة تسمح للنباتات بالاستمرار والنمو مما يجعلها تتضاعف فيه بكفاءة أعلى ولفترة أطول ولذلك نجد أن السلالات المعتدلة هي التي تسود في المناطق التي تعايشت فيها مع عوائلها منذ آلاف السنين أما السلالات الشديدة فإنها غالبا ما تظهر نتيجة انتخاب سريع نسبيا لا يسمح بإقامة علاقات مستقرة ومتوازنة مع عوائلها مع وجود الاستثناءات فقد سجلت الكثير من الحالات التي تقوم فيها السلالات الشديدة بتقييد انتشارها وأحيانا إبادة ذاتها وهذا ما لوحظ مع فايروس تجعد قمة البنجر (BCTV) المنتشر في غرب الولايات المتحدة حيث تصيب السلالة المعتدلة منه نوعا من النباتات الصحراوية ونتيجة اعتدال شدتها الإمراضية يتحملها النبات ويصبح بالتالي مصدرا للنقل الكثيف للفايروس بواسطة نوع من حشرات قفازات الأوراق التي تنقله إلى نباتات البنجر السكري عند زراعته، أما السلالة الشديدة فإنها تقتل أفراد هذا النبات الصحراوي قبل أن ينشأ عليها جيل واحد من حشرة القفاز الناقل وعليه لا تظهر هذه السلالة على البنجر السكري إلا نادرا الأمر الذي يقيد انتشار هذه السلالة، ولكن وجد بالمقابل أن نباتات البنجر السكري هي التي تعطي للسلالة الشديدة احتمالات البقاء والانتشار بل والسيادة أحيانا على السلالة المعتدلة وذلك لأن نباتات البنجر المصابة بالسلالة الشديدة تصبح متقزمة مما يسمح بمرور كمية أكبر من ضوء الشمس بين النباتات وهذه هي البيئة التي يفضلها القفاز الناقل للتكاثر فيزداد مجتمعه وبالتالي تزداد معدلات نقل السلالة، فيما لا تؤثر السلالة المعتدلة كثيرا علي النبات الذي يبقي ذو مجموع خضري كثيف مما يقلل الإضاءة بين النباتات فيقل مجتمع القفاز وينعكس ذلك سلبا على كفاءة نشر تلك السلالة.

4- انتخاب السلالة وقدرة الفايروس على التطفير

عموما فانه كلما كان الفايروس أكثر قدرة على التطفير Mutability وإنتاج السلالات كلما كان أكثر فاعلية للتكيف مع التغيرات البيئية وبالتالي البقاء والانتشار وتتباين الفايروسات كثيرا في قدرتها على التطفير فنجد مثلا أن فايروس التفاف أوراق البطاطا (PLRV) ثابت وراثيا وقليل التطفير نسبيا فيما نجد العكس مع فايروسي موزائيك الخيار (CMV) والذبول المبقع للطماطة (TSWV) الذين لهما الكثير من السلالات، وتلعب تخصصية نقل السلالات بنوع معين من الناقلات والسرعة التي تتمكن فيها من غزو النبات دورا مهما في سيادة سلالة معينة دون أخرى وبالتالي استبعاد بقية السلالات وعلى المدى الأوسع فان المناطق الجغرافية المعزولة تدفع باتجاه انتخاب سلالات معين، كما أن الموسم من السنة قد يكون عاملا هاما في سيادة أو اختفاء سلالة معينة وهذا ما لوحظ في فرنسا مع سلالات فايروس موزائيك الخيار على الطماطة والفلفل حيث سادت السلالة الحساسة للحرارة ThermoSensitive Strain في الربيع فيما سادت السلالة المقاومة للحرارة Thermoresistant Strain في الصيف، كذلك تؤثر الإجراءات الزراعية وخاصة الاستبدال المحصولي وإدخال أصناف حساسة للفايروس في هيمنة سلالة فايروسية دون أخرى في منطقة جغرافية معينة.

5- المدى العوائلي للفايروسات

تتباين الفايروسات في مداها العوائلي وعادة فان الفايروسات ذات المدى العوائلي الواسع مثل فايروس موزائيك الخيار الذي يصيب بحدود 1000 نوع نباتي في 85 عائلة نباتية هي الفايروسات الأكبر فرصة للبقاء والانتشار في البيئة مقارنة بالفايروسات ذات المدى العوائلي الضيق ومع ذلك فقد طورت هذه الأخيرة آليات كفؤة لبقائها تمثلت باختيار النباتات المعمرة أو نباتات تتكاثر خضريا عوائل لها أو أنها تنقل ببذور عوائلها. يعطي تنوع أنواع النباتات العائلة للفايروس فرصة أكبر له للبقاء والانتشار لذا فان الفايروسات التي أمتد مداها العوائلي ليشمل الخضراوات ونباتات الزينة والأدغال قد أصبحت فايروسات عالمية الانتشار وعلى هذا الأساس وضع Khan سنة 1977 نظريته التي سماها "حتمية وجود الفايروسات على النباتات" Inevitability of establishment وهي النظرية التي حكمت بانتشار الفايروسات عالميا حيث وجد أن الفايروسات ذات الثباتية العالية والموجودة بتركيز عالي في أنسجة عوائلها والمنقولة بالملامسة والتي تعود لجنسي Tobamovirus و Potexvirus اختارت المحاصيل الحولية البستانية عوائل لها لذا سميت "الفايروسات المتكيفة مع النباتات المنزرعة" Cultivated plant adapted viruses والتي سميت اختصارا CULPAD Viruses, فيما تكيفت فايروسات أخرى وأهمها Geminiviruses و Luteoviruses و Nepoviruses وTobraviruses لتتطفل على النباتات البرية لذا أطلق عليها "الفايروسات المتكيفة مع النباتات البرية" Wild plant adapted Viruses والتي سميت اختصارا WILPAD viruses وهي ذات مدى عوائلي واسع وفترة بقاء طويلة في ناقلاتها فيما تكيفت الفايروسات غير الثابتة التي تعود للجنس llarvirus لتصيب النباتات الخشبية المعمرة وتنقل بحبوب اللقاح، وطورت الفايروسات واسعة المدى العوائلي علاقتها مع بعض عوائلها بحيث لا تظهر أية أعراض ظاهرية عليها وهذا ما يصطلح عليه "الإصابات الكامنة" Latent infections مما يجعل هذه النباتات مصدرا مهما لنشر الفايروسات ويظهر ذلك بوضوح مع نباتات الزينة كما في حالة إصابة نباتات السوسن والداليا بفايروس موزائيكا الخيار كما تعمل نباتات الأسيجة النباتية وشجيرات الزينة والأدغال كمخازن للفايروسات تنقل منها إلى النباتات الاقتصادية بالناقلات، أما الفايروسات المنقولة بالنيماتودا فهي واسعة المدى العوائلي مع بعض الاستثناءات ومنها فايروس الورقة المروحية للعنب (GFLV) والنيماتودا الناقلة له وهي "النيماتودا الخنجرية" Xiphinema index فهما ضيقا المدى العوائلي ويرتبطان عادة بالعنب لأنه معمر ولا حاجة لهما لعوائل بديلة ويمكن أن يبقيا في الجذور الحية لعدة سنوات حتى بعد إزالة المجموع الخضري للأشجار المصابة.

يلاحظ أن الأمراض الفايروسية نادرة أو تصعب ملاحظتها في المجتمعات النباتية المعمرة المستقرة كالغابات الطبيعية ويعود سبب ذلك إلى سيادة السلالات الفايروسية المعتدلة والضعيفة واختفاء السلالات الشديدة إلا إذا حدث تغير محصولي مفاجئ في هذا المجتمع النباتي المستقر بإدخال أنواع أو أصناف جديدة عند ذلك يكون احتمال ظهور السلالات الشديدة واردا جدا.

6- طبيعة نشر الفايروسات في البيئة

تلعب طبيعة نشر الفايروسات في البيئة دورا مهما في وبائية الفايروسات حيث توجد مرحلتين لهذا النشر وهما (1) الإصابة الأولية Primary infection وهي الإصابة التي تحصل في بداية الموسم وتحصل بالناقلات المجنحة التي تجلب اللقاح الفايروسي من مصادر خارج الحقل أو يكون محمولا في الناقلات التي أنشأ معها الفايروس علاقة باقية متضاعفة أو يجلب بواسطة البذور أو الأجزاء الخضرية التكاثرية المصابة (2) الإصابة الثانوية Secondary infection وهي التي تحصل بواسطة الناقلات المجنحة غير المقيمة الباحثة عن الغذاء أثناء زيارتها القصيرة للنباتات والتي تنشط محليا بين النباتات والتي تنشر الفايروسات المنقولة بالطريقة غير الباقية وشبه الباقية، أما الفايروسات المنقولة بالطريقة الباقية فتنشر بواسطة الحشرات المقيمة المستعمرة للنبات أو بالناقلات غير المجنحة التي تزحف بين النباتات أو بواسطة قاطنات التربة الناقلة للفايروسات وهي النيماتودا والفطريات الناقلة. تؤدي الإصابات الأولية وما يعقبها من إصابات ثانوية إلى حصول تدرج في الإصابة يبتدئ من منطقة ظهور الإصابة الأولية ليمتد إلى داخل الحقل وتتباين طبيعة هذا التدرج حسب نوع الناقل وطبيعة نقل الفيروسات بها وكما يأتي:

أ- الفايروسات المحمولة بالهواء

يقصد بالفايروسات المحمولة بالهواء Air-borne viruses أي الفايروسات المحمولة بناقلات هوائية وحبوب اللقاح والتي تمتاز بنمطها الخاص بالانتشار والذي يعتمد على العوامل التالية (1) مصدر اللقاح من خارج المحصول أو من داخله (2) كمية اللقاح الفعال المتيسر Potential inoculum (3) سلوك الناقل (4) نوع علاقة الفايروس مع الناقل (5) وقت نشاط الناقل وعلاقته بعمر المحصول (6) الظروف المناخية السائدة المؤثرة على الناقل.

توجد علاقة وبائية وثيقة بين الكثافة المجتمعية للناقل وخاصة حشرات المن ونشر الفايروسات حيث تزداد مجتمعات المن بسرعة إذ تتضاعف حوالي عشرة أضعاف في سبعة أيام عند الظروف المثالية، كذلك فان الهجرة المبكرة للمن تلعب دورا مهما في نشر الفايروسات في بداية الموسم، ويعتمد نمط تدرج المرض في الحقل على طبيعة حركة الناقل ففي حالة النقل بقفازات الأوراق فان تدرج المرض يأخذ شكلا انسيابيا مسطحا Shallower gradient، أما في حالة نقل الفايروسات بحشرات المن أو البق الدقيقي أو الخنافس أو الحلم فيكون تدرج المرض حادا إذ يبدأ عاليا في حواف الحقل ثم ينحدر بشكل تدرج شديد الانحدار Steeper gradient باتجاه داخل الحقل، وهذا مرتبط مع طبيعة تغذية الحشرة وسلوكها وحركتها، إن هذا النظام المثالي في الانتشار قد لا يحصل أحيانا في البيئة وذلك بسبب تعقيداتها مما يجعل طبيعة انتشار المرض عشوائيا ومما يزيد الأمر تعقيدا هو وجود أكثر من ناقل لكل منهما سلوكه الخاص المختلف عن الثاني فقد يكون الأول ذو سلوك هادى في الانتقال بين النباتات مما يمكنه من نشر الفايروس إلى النباتات المجاورة من مصدر الإصابة فقط فيما يكون الناقل الثاني ذو سلوك قفزي Clumping مما يمكنه من نشر الفايروس لمسافات بعيدة داخل الحقل مما يسبب ظهور إصابات بقعية في الحقل وبسبب هذا التعقيد وضع الباحثون تحليلات إحصائية معقدة لتفسير أنماط انتشار الأمراض الفايروسية.

ولغرض انجاز الدراسات الوبائية للفايروسات المحمولة بالهواء فقد طورت أنواعا متنوعة من مصائد الحشرات لتقييم حركة وأعداد الحشرات الطائرة وخاصة المن، وأهمها "مصائد الأواني الصفراء والمصائد اللاصقة العمودية والشباك الدورقية والمصائد الشافطة، وتعطي هذه المصائد نتائج مختلفة باختلاف أنواع المن وتباين الارتفاع الذي توضع عنده المصيدة وعموما فان تكرارية المن الطائر تتناقص مع زيادة ارتفاع المصيدة.

إن المن الطائر الذي يزور الحقل بشكل مؤقت بحثا عن عائله المفضل والذي لا يستعمر المحصول والمتجول بين النباتات هو الأخطر في نقل الفايروسات غير الباقية رغم أنه لا يشكل إلا نسبة ضئيلة من المجتمع الكلي للمن في الحقول ولكن هذا لا يقلل من أهمية الحشرات المستقرة المستعمرة للمحصول إذا ما تحركت داخله. إن المعضلة في دراسة علاقة الفايروسات مع المن وبائيا ليس في حساب أعداد الحشرات المصطادة والاستدلال منها على كثافة المجتمع ولكن في حساب العدد الفعلي للأفراد الحاملة للفايروس Viruliferous insects ولقد استعملت تقانة "تفاعل تسلسل البوليميريز" PCR للكشف عن وجود الفايروسات في أفراد حشرات المن، إلا أن هذه التقانة لا تظهر هل أن المن الحامل للفايروس قادر على نقله أم لا لذلك تبقى الطريقة التقليدية هي الأفضل حيث يسمح للمن بالتغذية على النبات المصاب ثم السليم لمعرفة مدى كفاءته في النقل ومما يزيد الأمر تعقيدا هو تباين أعداد أنواع المن الناقل فمثلا يوجد لفايروس تجعد الشليك (SCV) نوعين من المن الناقل فيما سجل لفايروس موزائيك الخيار (CMV).

يغير وجود الفايروسات في النباتات من صفات ومظهر الأخيرة لصالح انجذاب الناقل إليها وتفضيلها على النباتات السليمة مما يزيد من احتمالية النقل، حيث وجد أن النباتات المصابة بالاصفرار هي أكثر جذبا للمن الطائر وهذا ما لوحظ مع مرض اصفرار البنجر السكري كما تغير بعض الفايروسات من شكل النبات وبالتالي من البيئة الدقيقة المحيطة به مما يجعله أكثر تلاءما للناقل فوجد مثلا أن الثربس الناقل لفايروس الذبول المبقع للطماطة (TSWV) الأوراق الملتفة والمجعدة المصابة على الأوراق المنبسطة السليمة كذلك يفضل القفاز الناقل لفايروس تجعد قمة البنجر (BCTV) ظروف الجفاف وهذه تتوفر في النباتات المصابة المتقزمة فيما النباتات السليمة ذات تيجان كبيرة مما يوفر ظرف رطوبي عالي لا تفضله القفازات.

أجريت معظم الدراسات الوبائية للفايروسات المحمولة بالهواء على الفايروسات المنقولة بالمن، أما القفازات وهي ثاني أهم مجموعة من الحشرات الناقلة للفايروسات بعد المن حيث سجلت حالات هجرة لبعض أنواعها لمسافات تراوحت بين 50-100 كيلومتر ووصلت في بعض الحالات الاستثنائية إلى 600 كيلومتر مما يدل على خطورتها في نقل الفايروسات الباقية لذلك فهي بحاجة لمزيد من الدراسات وخاصة سلوكها الغذائي وحياتيتها ومن المعروف عموما أن سلوكها الغذائي يمتاز ببقائها على النبات لعدة ساعات إن لم يتم إزعاجها حيث تتغذى عادة لمدة 25-50 دقيقة قبل تركها للنبات إن كان غير مفضل وهي فترة كافية لنقل الفايروسات الباقية، فيما وجد أن زراعة أصناف مقاومة للقفازات قد تسبب زيادة حركتها بين النباتات مما يسبب زيادة نشر الفايروسات شبه الباقية لان حركة القفازات ستكون سريعة نسبيا عليه فان عدم التفضيل الغذائي لا يعني بالضرورة تقليص معدلات نشر الفايروس بل قد يحدث العكس حيث وصلت نسبة الإصابة بفايروس تكتل قمة البطاطا (PMTV) في محصولي الفلفل والقرع إلى 100% رغم أنهما غير مفضلين للقفاز الناقل وتفسير ذلك يعود إلى استمرار تجوال الحشرات بين النباتات بحثا عن عائل مفضل.

أما الخنافس فهي لم تحظ بهذا الاهتمام رغم خطورتها في نقل الفايروسات واختلافها عنهما في نمط الإصابة الفايروسية التي تنشرها فالخنافس البرغوثية هي أنشط حركة من المن وتنتقل أثناء تغذيتها لمسافات قصيرة بين النباتات وبتكرارية حركية أعلى من تكرارية حركة المن ولكنها لا تنتقل لمسافات بعيدة.

سجل النشر الوبائي لعدد من الفايروسات بواسطة حبوب اللقاح الحاملة للفايروسات وخاصة فايروس التبقع الحلقي التماوتي للأجاص (PNRSV) حيث أن حبوب اللقاح هي طريقة نشره الرئيسية إلا أن هذا النشر للفايروسات لا يكون مهما إذا كانت النباتات العائلة معتمدة على التلقيح الذاتي كما في الشعير، ووجد أن عدد من أصناف الشعير تنتج كميات هائلة من حبوب اللقاح المصابة الأمر الذي يؤدي إلى نقل فايروس الموزائيك التخططي للشعير (BSMV) ميكانيكيا بحبوب للقاح عن طريق احتكاك الأوراق فيما بينها ومع حبوب اللقاح الملوثة بها.

ب - الفايروسات المحمولة بالتربة

تختلف وبائية وبيئية هذه الفايروسات عن تلك المنقولة بناقلات هوائية، وتتوزع الفايروسات المحمولة بالتربة Soil -borne Viruses إلى مجاميع ثلاث وحسب طريقة نقلها وهي:

1 - الفايروسات بلا ناقل

سجلت العديد من الفايروسات الثابتة التي تنقل بالتربة من دون ناقل وخاصة تلك التي تعود إلى الجنسTobamovirus  ومنها فايروس موزائيك التبغ (TMV) وأنواع أخرى، حيث يعتقد أن هذه الفايروسات تبقى مرتبطة بالأغشية المائية المحيطة بحبيبات الطين وتحافظ على فاعليتها فيها وذلك بعد خروجها من النبات بعد موته وتحلله في التربة

كما أنها تدخل إلى النباتات السليمة عن طريق الجروح الميكانيكية الناتجة عن العمليات الزراعية وتغذية الحشرات والجروح الطبيعية الناشئة من انبثاق الجذور الجديدة من الجذور الأكبر المتكونة في الجذور، وقد سجل وجود فايروس موزائيك الطماطة (TOMV) في تربة حقول مزروعة بالطماطة المصابة في الموصل وله قدرة إصابة الشتلات التي زرعت فيها.

2- الفايروسات المنقولة بالفطريات

يعتمد النقل بالفطريات على طبيعة العلاقة بين الفطر والفايروس فوجد أن فايروسي تكتل قمة البطاطا (PMTV) وموزائيك الحنطة المحمول بالتربة (SBWMV) المنقولين بالفطريات البلازموديوفورية يبقيان في التربة الجافة داخل الأبواغ السابتة لهذه الفطريات لعدة سنوات، وتحتاج الفايروسات المنقولة داخليا بالأبواغ الفطرية إلى عدة سنوات لترسيخ الإصابة في الحقول ولكن حال رسوخها فإنها تبقى مع ناقلاتها الفطرية لعدة سنوات في التربة حتى بغياب عائلها، وتنتشر هذه الفايروسات في الحقول بواسطة الأبواغ الفطرية السابحة Zoospores والأبواغ السابتة Resting Spores وأن ماء التربة هو العامل الأهم المؤثر على حركة هذه الفايروسات ونشرها في الحقل وعموما فان هذه الفايروسات هي ذات مدى عوائلي ضيق.

أما الفايروسات المنقولة خارجيا على الأبواغ الفطرية السابحة ومنها فايروسات موت التبغ (TNV) وموت الخيار (CuNV) فهي لا تبقى حية إلا لعدة ساعات فقط حيث تلتقط في ماء التربة من قبل الأبواغ السابحة الجديدة المتحررة من جذور النبات المصابة المتحللة، ووجد أن الأبواغ السابحة للفطر Olpidium تحتفظ بفايروس موت التبغ (TNV) لمدة 11 أسبوعا فيما تفقده بسرعة في التربة الجافة إلا أن لهذه الفايروسات مدى عوائلي واسع يعوض هذه السلبية المتعلقة بقصر فترة بقائها في التربة لذا فهي تبقى في التربة لفترة طويلة عن طريق النقل المتكرر إلى عوائل نباتية متتابعة كما تلعب مياه السقي وتحريك التربة وأجزاء الجذور المكسورة بعمليات الحراثة وغيرها من العمليات الزراعية دورا مهما في نشر هذه الفايروسات، ووجد أن الأبواغ التي يكونها الفطر Polymyxa betae الناقل لفايروس الاصفرار التماوتي لعروق البنجر (BNYVV) والتي تسمى Cytosores تحتفظ هي والفايروس الذي تحمله بكامل فعاليتهما عند عبورهما للقناة الهضمية للأغنام المتغذية على النباتات المصابة ويطرحان مع فضلاتها ليكون هذا عاملا إضافيا لنشرهما في الحقول ولمسافات بعيدة نسبيا. إن الطبيعة نقل الفايروسات داخليا أو خارجيا بأبواغ الفطريات الناقلة تطبيقاتها الهامة في وبائية هذه الفايروسات حيث أنه برغم ميل العلاقة المؤقتة (النقل الخارجي) بين الفطريات والفايروسات إلى تقييد بقاء الأخير في البيئة إلا أن هذا التقييد يعوض بالثباتية العالية التي تميز هذه الفايروسات وكذلك بتراكيزها العالية في جذور النبات المصاب وأيضا بسعة المدى العائلي لها ولناقلها ويلاحظ ذلك بوضوح مع فايروس موت التبغ، ومما يزيد من صعوبة دراسة هذه العلاقة هو اكتشاف الأنماط الحيوية لبعض الفطريات الناقلة Biotypes وهذا ما لوحظ مع الفطر S. Subteranea الذي عرفت له اثنين من الأنماط الشكلية للفطر والتي يصعب تمييزها عن بعضهما مظهريا وهما : f. sp. nausturti ; .f.sp. subterranean.

3- الفايروسات المنقولة بالنيماتودا

تمتاز وبائية وبيئية هذه الفايروسات بخصوصيتها المعتمدة على سلوك وطبيعة النيماتودا الناقلة فالنيماتودا طويلة الحياة وذات مدى عوائلي واسع ما عدا بعض الاستثناءات وتتحمل ظروفا بيئية متنوعة بغياب العائل وهي تتحرك إلى أعماق بعيدة نسبيا في التربة هربا من الجفاف وبرودة الجو ثم تعود إلى المواقع السطحية الملائمة عند تحسن الظروف أما الفايروسات المنقولة بالنيماتودا فتمتاز بمداها العوائلي الواسع خصوصا الأدغال الحولية وارتفاع معدلات نقلها بالبذور لذا فان الفايروسات التي تفقدها النيماتودا خلال الشتاء قد تستعيدها ثانية في الربيع من الأدغال الجديدة النامية إلا أن بعض الفايروسات ومنها فايروس موزائيك الزهرة العربية (ArMV) يبقى في النيماتودا الناقلة لعبور الشتاء.

إن انتشار وحركة النيماتودا في التربة المستقرة بطي جدا وقد حسبت سرعة حركة النيماتودا X. diversicaudatum فكانت بحدود 30سم / سنة إلا أن المعدل العام للحركة الذاتية للنيماتودا في التربة هو 60 سم / سنة لذا فان العمليات الزراعية التي تحرك التربة كالحراثة ومياه السقي والآلات الزراعية وأحذية المزارعين هي العوامل التي تنقل النيماتودا إلى مسافات بعيدة نسبيا ونشر الفايروسات التي تحملها. تتأثر حركة النيماتودا في التربة بكمية المياه الموجودة فيها فوجد أنه كي تتمكن نيماتودا Trichodorus من نقل فايروس خشخشة التبغ (TRV) فانه يجب أن تحوي التربة على ما يزيد عن الكمية الحرجة من الماء وتعتمد هذه الكمية على مسافات التربة، يعتمد نمط نشر الإصابات الفايروسية على حالة الفايروس والنيماتودا قبل زراعة المحصول ففي الحقول التي أصيبت حديثا بالنيماتودا وزرعت بمحصول معمر أو ثنائي الحول فان الأمر قد يحتاج إلى سنتين قبل ظهور نمط واضح للإصابة حيث تحتاج الأعراض عادة إلى سنة للظهور ثم يتبعها انتشار تدريجي بطي وبقعي للإصابة.

ج- الفايروسات المنقولة بالبذور

يلعب النقل بالبذور دورا مهما في وبائية وبيئية العديد من الفايروسات حيث يعد البقاء في البذور مهما جدا لبقاء الفايروسات التي تتطفل على النباتات الحولية وليس لها عوائل معمرة، فوجد مثلا أن فايروس موزائيك الخيار يبقى في بذور الدغل Stellaria media المدفونة في التربة لمدة سنة على الأقل وإذا ما زرعت 710 بذرة من بذور هذا الدغل في هكتار واحد وكانت نسبة إصابتها بالفايروس 1% فقط عندها فان 10% من البادرات ستوفر فرصة لظهور نبات واحد مصاب في كل متر مربع من الحقل وهذا سيسبب انتشارا سريعا لاحقا للفايروس بسبب نقله بالمن، كذلك فان النقل بالبذور ينشر الفايروسات إلى مناطق جغرافية بعيدة جدا عن مناطق انتشار الفايروس الطبيعية وذلك بسبب نشاطات الاستيراد والتصدير الواسعة الجارية حاليا حول العالم وهذا ما سبب النشر العالمي للفايروسات في الوقت الذي كانت فيه معظم الفايروسات محجوره في مواقع جغرافية متباعدة، فقد جلبت فايروسات البطاطا وبعض ناقلاتها إلى أوربا مع شحنات البطاطا المستوردة من أميركا ثم انتقلت إلى بلدان أخرى بالدرنات المصابة، وكذلك الحال مع بعض الفايروسات التي تنقل بناقلات محدودة الانتشار ومنها فايروس الورقة المروحية للعنب (GFLV) المنقول بالنيماتودا إذ أن نشره الوبائي يعود إلى استيراد وتصدير الأشجار، وتعتبر نيوزيلندة أبرز مثال على نشر الفايروسات بسبب النشاط البشري فهي جزيرة معزولة وكانت تزرع سابقا من قبل سكانها الأصليين بمحاصيل محدودة أهمها نبات القلقاس Colocasta esculenta , Taro والبطاطا الحلوة Ipomia batalas ولكن أدخل المهاجرون الأوربيون خلال القرنين الماضيين أنواع جديدة من المحاصيل البستنية والحقلية وصاحب ذلك حصول انتخاب طبيعي واسع للأدغال وبذلك دخلت أنواع فايروسية جديدة إليها وصلت لغاية تسعينات القرن الماضي إلى 140 نوعا من الأنواع السائدة في أوربا وأميركا الشمالية والقليل منها مسجل في استراليا وهي البلد الأقرب إلى نيوزيلندا وهذا يعني أن معظم هذه الفايروسات جاءت إليها عن طريق الأصول والكورمات والدرنات والبذور المستوردة.

وجد أن الطيور البحرية المهاجرة يمكن أن تنقل البذور التي تغذت عليها إلى مسافات بعيدة وتلقيها مع فضلاتها من دون أن تتأثر حيوية تلك البذور حيث سجل نقل عدد من الفايروسات المحمولة بالبذور بهذه الطريقة إلى مسافات بعيدة وصلت إلى عدة مئات من الكيلومترات.

د- الفايروسات المحمولة بالمياه

ازدادت أعداد الفايروسات المكتشفة المحمولة بالمياه والتي تتصف بثباتيتها وعدم وجود ناقلات هوائية لها ووجودها بتركيز عالي في النباتات حيث تحرر من جذور النباتات المصابة وتصيب جذور النباتات السليمة ميكانيكيا دون ناقل وأن معظم هذه الفايروسات هي ذاتها المنقولة بالتربة بلا ناقل (الفقرة ب – 1 أعلاه)، ويعتقد أن هذه الفايروسات تتحرك عن طريق إدمصاصها على أسطح الجسيمات العضوية أو الغروية المعدنية وخاصة حبيبات الطين الممتزجة مع الماء، وبذلك تصبح الجسيمات الفايروسية أكثر قدرة على التحمل مقارنة بالجسيمات الفايروسية الحرة، ووجد أن فايروس موزائيك الخيار (CMV) يدمص على المادة السليكاتية المسماة Montmorillonite وبذلك يستطيع تحمل الملوحة العالية في الماء. تتنوع مصادر تلوث المياه بالفايروسات إذ يمكن أن تأتي من تحلل بقايا النباتات المصابة وخاصة الجذور وتحررها من الخلايا أو من المخلفات البشرية وخاصة مجاري المياه الثقيلة فقد تم عزل فايروس التقزم الشجيري للطماطة (TBSV) من مياه نهر التايمز في لندن من نباتات طماطة نامية تلقائيا في الرواسب شبه الصلبة لمياه المجاري وبالتالي أثبتت هذه الدراسة بأن هذا الفايروس يطرح فعالا مع الفضلات البشرية إلى مياه المجاري.

ب. الناقل

الناقل Vector هو العنصر الثاني لوبائية الأمراض الفايروسية حيث تلعب الناقلات المحمولة بالهواء الدور الأهم في النشر القريب والبعيد للفايروسات وخاصة حشرات المن القادرة على قطع مسافات تصل إلى 100 كيلومتر تقطعها بمرحلة واحدة أو برحلة طيران متقطعة يتم فيها استعمار عدة مواقع حقلية على مسار الرحلة وتلعب تيارات الهواء الشديدة وخاصة التي ترتفع إلى ارتفاع 100 متر دورا كبيرا في نقل أعداد ضخمة من حشرات المن المجنح وهذا ما سجل مع هجرة المن من استراليا الي نيوزيلندة لمسافة تصل الي 2000 كيلومتر فوق البحر، ويعتقد أن فايروس الاصفرار التماوتي للخس (LNYV) انتقل إلى نيوزيلندة بهذه الطريقة، كما سجل انتقال المن الناقل لفايروس التقزم الأصفر للشعير (BYDV) لمئات الكيلومترات من خليج المكسيك إلى الغرب الأوسط الأميركي.

يعتمد النشر الواسع لحشرات المن بالرياح على أعدادها وفورتها المجتمعية في الربيع المبكر ويعتمد ذلك على الظروف المناخية للشتاء السابق ونوع الأطوار السابتة التي قضى بها المن تشتيته، ففي الشتاء القاسي فان الطور السابت الوحيد لمن هو البيض بينما نجد في الشتاء الدافئ أن أعدادا كبيرة من البالغات تبقى سابتة على الأدغال ونباتات الحدائق المحمية وبالتالي ستنتج أعدادا هائلة من الأفراد الجديدة بالولادة والتي ستقوم بالهجرة الواسعة عند عدم ملائمة النباتات لها أو بسبب الازدحام وقلة الغذاء حيث يبدأ ظهور البالغات المجنحة التي تطير عموديا من النبات عندما يكون الهواء ساكنا تقريبا ودرجات الحرارة ملائمة لها لتصل إلى ارتفاعات تنشط فيها تيارات الهواء التي تحملها إلى مناطق بعيدة، أما المستعمرات الصغيرة من المن فهي تنتج غالبا باللغات غير مجنحة مما يضعف كثيرا من احتمالات الهجرة المبكرة للمن.

كذلك الحال مع قفازات الأوراق التي تهاجر إلى مسافات طويلة فقد سجلت الهجرة الربيعية للقفاز Macrosisles fascntons من منطقة تشتيته في خليج المكسيك إلى الغرب الأوسط الأميركي قاطعا مئات الكيلومترات، وبينت الدراسات أن تغذية القفازات على نباتات غير مفضلة يسبب ظهور أفراد طويلة الأجنحة بدل الأفراد الاعتيادية قصيرة الأجنحة. تلعب حشرات المن وقفازات الأوراق الدور الأهم في النشر الوبائي لعدد كبير من الفايروسات النباتية مقارنة بالناقلات الأخرى سواء الحشرية أو الحلم أو النيماتودا أو الفطريات وذلك لمحدودية قدرتها على الانتشار الموسمي مقارن بالمن والقفاز وكذلك لقلة عدد الفايروسات التي تنقلها.

ج. النبات العائل

هو العنصر الثالث لوبائية الأمراض الفايروسية والذي يؤثر على حركة تلك الأمراض من خلال العديد من العوامل وخاصة الوراثية منها والتي تحدد المدى العوائلي للفايروسات وتقبلية أو مناعة النباتات للفايروسات حيث يعتمد النشر الوبائي للفايروسات على وجود النباتات الحساسة Susceptible plants والنباتات المتحملة Tolerant plants لأنها تصاب بالفايروسات التي توجد فيها بتركيز عالي مما يوفر كمية كبيرة من اللقاح الفايروسي خلال الموسم، ويعني مصطلح "التحملية" Tolerance قدرة الفرد النباتي الواحد على تحمل الإصابة أما مصطلح "التحملية المجتمعية" Toieremicity فيعني تحمل المجتمع النباتي بأكمله للإصابة.

تؤدي النشاطات الحقلية التي يمارسها المزارعون عند زراعتهم لمحاصيلهم دورا مهما في الانتشار الوبائي للفايروسات والتي تشمل ما يلي:

1. موعد زراعة المحصول

يؤثر موعد الزراعة على نشر الفايروسات وخصوصا عند تداخل موعد زراعة محصول سابق مع المحصول الجديد ووجود فايروسات مشتركة بينهما مما يسبب استمرار وجود هذه الفايروسات بسبب تداولها المستمر بين المحاصيل المتعاقبة وعدم وجود قطع في دورة هذه الفايروسات خلال المواسم الزراعية المتعاقبة.

2. الدورة الزراعية

تعمل الدورة الزراعية على إحداث قطع في دورة استمرارية المرض الفايروسي عبر المواسم وذلك بأجراء استبدال محصولي يتم فيها زراعة محاصيل من عائلات نباتية مختلفة لا تشترك في الفايروسات التي تصيبها مثال ذلك القرعيات والنجيليات والباذنجانيات وذلك لأن استمرار زراعة المحصول الواحد في ذات الموقع قد يؤدي إلى ترسيخ فايروسات ذلك المحصول في الحقل وهذا ما يلاحظ مع البطاطا كذلك وجد أن زراعة محصول الكراث Allium porrum على مدار السنة دون استعمال دورة زراعية أدى إلى الانتشار الوبائي لفايروس التخطط الأصفر للكراث (LYSV)، كما يؤثر نوع الدورة الزراعية على ظهور الفايروسات خاصة تلك التي تبقى في الأدغال أو في النباتات التلقائية المتروكة في الحقل Volunteer plants وهي نباتات الموسم السابق التي تنمو تلقائيا في الموسم الجديد من الأجزاء الخضرية المتروكة في الحقل كما في محصول البطاطا، وعادة فأنه يلزم 5-6 سنوات للإزالة الكاملة لنباتات البطاطا النامية تلقائيا من حقول سبق زراعتها بها، وتحصل هذه الحالة مع المحاصيل ثنائية الحول كما في البنجر السكري والسلق حيث تشكل هذه النباتات مصدرا للإصابة في الموسم الجديد إن كانت قد أصيبت في الموسم السابق.

3. زراعة المحصول الواحد

أدت الحاجة المتزايدة إلى الغذاء إلى التوجه نحو استراتيجية زراعة المحصول الواحد Monocropping أي زراعة محصول واحد في منطقة معينة ولعدة سنوات متتالية وفي مساحات واسعة وقد أدى هذا التوجه الذي مارسته العديد من دول العالم إلى نشر أوبئة فايروسية خصوصا بالفايروسات المنقولة بناقلات محمولة بالهواء وبالفايروسات المنقولة بالتربة وإلى انتخاب طبيعي للأدغال المرتبطة بذلك المحصول والتي تصاب بفايروساته، ولعل أبرز مثال عالمي لذلك هو انتشار فايروسات الرز والقفازات الناقلة وذلك نتيجة للثورة الخضراء التي نفذت في دول جنوب شرق آسيا المنتجة للرز وذلك في سبعينات القرن العشرين إذ أدخلت أصناف جديدة عالية الإنتاجية إلا أنها كانت جميعها حساسة لفايروس التقزم الأخضر للرز (RGSV) وقفاز الرز البني Nilaparvata lugens وهو القفاز الناقل وتم البحث عن جينات مقاومة وإدخالها في أصناف جديدة مقاومة للفايروس والناقل والتي أطلقت في الفلبين واندونيسيا إلا أنه سجلت حالات إصابة شديدة بالناقل خلال 2-3 سنوات مع سلالة شديدة من الفايروس المذكور كسرت المقاومة. إن أساليب الزراعة الحديثة التي استهدفت زيادة الإنتاجية من خلال زراعة صنف متماثل وراثيا وهو ما يعرف بمصطلح "تجانسية المحصول" Crop homogeneity قد أثرت باتجاه زيادة نشر الفايروسات وتحول عدد من الفايروسات المقيمة Endemic viruses محدودة الخطورة إلى فيروسات وبائية بسبب استعمال أصناف عالية الإنتاجية إلا أنها حساسة لهذه الفايروسات الأمر الذي سبب حصول أوبئة خطيرة بسبب التماثل الوراثي لأفراد هذه المحاصيل. كذلك من الأساليب التي أتبعتها نظم الزراعة الحديثة هي سرعة إدخال هجن Hybrids جديدة تحمل نمطا جينيا جديدا Genotype في الحقول مما سبب تصادمها مع الفايروسات المستوطنة وحصول الوباء إن كان أحد الأنماط الجينية النباتية متقبلا للإصابة Vulnerable كذلك فان الأصناف والهجن الجديدة قد توفر بيئة مثالية للناقل ومثال ذلك الانتشار الوبائي لفايروس الموزائيك الذهبي للفاصوليا (BGMV) على البقوليات في البرازيل وذلك بسبب التوسع الكبير في زراعة فول الصويا مما وفر الجو المثالي لانتشار حشرات الذباب الأبيض الناقل للفايروس.

ويعتقد أن معظم الأمراض الفايرويدية ظهرت خلال العقود الأخيرة كأمراض خطرة رغم وجودها منذ ملايين السنين في النباتات البرية بشكل غير ملحوظ والتي كانت تصيب بشكل طفيف بعض النباتات الاقتصادية ولكن مع إدخال الزراعات الواسعة أحادية المحصول المتجانسة وراثيا فقد تحولت هذه الأمراض المتوطنة إلى أوبئة وهذا ما حصل مع نباتات الداوودي وهو نبات الزينة المعروف الذي تم إكثاره بشكل واسع خضريا مما سبب الانتشار الوبائي للمرض الفايرويدي عليه.

4. عمليات الخدمة الزراعية

تؤثر العديد من العمليات الزراعية المتنوعة على النشر الوبائي للفايروسات وبقائها في البيئة سواء في التربة أو في بقايا النباتات حيث يتم نشر النيماتودا والفطريات الناقلة للفايروسات إلى مسافات قريبة بتحريك التربة ونقلها أثناء الحراثة وتسوية الحقل أو تنقل إلى مسافات بعيدة نسبيا عن طريق عمليات الري السطحي للحقول وهذا ما سجل مع فايروس الاصفرار التماوتي لعروق البنجر (BNYVV)، كما لوحظ انخفاض معدلات انتشار الفايروسات المحمولة بالحشرات الطائرة في حالات الزراعة الخليطة بأكثر من نوع نباتي حيث أن هذا التنوع المحصولي لا يناسب الفايروسات والناقلات أحيانا مما يسبب انخفاض الإصابة.

5. كثافة النباتات

تؤثر كثافة النباتات في الحقل على نمط انتشار الأمراض الفايروسية فإذا كان مصدر الفايروس من خارج الحقل وكان الحقل كثيف الزراعة وواسع المساحة عندها ستتركز الإصابة بالفايروسات المنقولة بالحشرات الطائرة في حواف الحقل ولن تنتقل إلى الداخل بسهولة وهذا ما لوحظ مع فايروس موزائيك الجت (AMV) في حقول البرسيم أما إذا كانت كثافة النباتات قليلة عندها ستزداد نسبة الإصابة وتكون أكثر توزيعا وانتشارا في الحقول وهذا ما لوحظ مع فايروس البطاطا واي (PVY) حيث انخفضت نسبة الإصابة بزيادة كثافة النباتات كذلك تؤثر كثافة النباتات على هبوط الحشرات الطائرة على الحقل فوجد أن زيادة كثافة نباتات فستق الحقل قد قللت من عدد الزيارات التي تقوم بها حشرات "من العدس" Aphis craccivora المجنحة مقارنة بعدد الزيارات إلى الحقول الأقل كثافة ويفسر ذلك بان حشرات المن تنجذب إلى اللون الأصفر والقريب من الأحمر فيما يطرده اللون الأزرق فإذا كان الغطاء النباتي خفيفا قليل الكثافة فان لون التربة المحمر سيظهر ويجذب حشرات المن فيما سيطرده اللون الأخضر الداكن والأقرب إلى الأزرق بسبب كثافة النباتات، كذلك فان زيادة الكثافة النباتية تعني تلاصق تيجان النباتات مما يعيق طيران الحشرات بين النباتات إلا أن هذا ليس صحيحا مع كل أنواع الحشرات الناقلة حيث يفضل البق الدقيقي التزاحم بين النباتات وبذلك تتناسب وبائية الأمراض التي تنقلها طرديا مع كثافة النباتات.

6. تأثيرات البيوت الزجاجية

أدى الاستغلال المكثف للبيوت الزجاجية والبلاستيكية والأنفاق في الإنتاج الزراعي وخصوصا الخضراوات إلى ترسيخ ونشر الفايروسات الثابتة والمحمولة بالتربة ومنها فايروس موزائيك التبغ (TMV) وتلك المنقولة بالحشرات ويفسر ذلك بأن هذه البيوت تبقى لفترات زمنية طويلة في نفس الموقع مع اعتماد أسلوب الزراعة الكثيفة والمستمرة طيلة السنة، ولقد ازداد استعمال البيوت الزجاجية والبلاستيكية في البلدان الباردة للإنتاج وشجع ذلك إدخال الفايروسات التي تنتشر في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في بلدان المناطق الباردة ومثال ذلك فايروس الذبول المبقع للطماطة (TSWV) الذي أصبح فايروسا وبائيا عالمي الانتشار وخصوصا على الطماطة.

7. تأثير المشاتل وحقول إنتاج الأصول النباتية

تعمل هذه المنشآت الزراعية وخاصة تلك المنشأة منذ زمن طويل كمصدر مهم لنشر الإصابات الفايروسية وخاصة في أشجار الفاكهة ونباتات الزينة حيث ترسخ فيها تلك الإصابات وتحديدا في نباتات الأمهات المستعملة في الإكثار ولعل أهم الحالات توثيقا هي النشر الوبائي لمرض تدهور الرز في حقول الرز في جنوب شرق آسيا وذلك بسبب انتشاره وترسخه في مشاتل الرز بسبب حساسية الشتلات له ومما يزيد الأمر سوءا أن قلع الشتلات لغرض نقلها إلى الأرض المستديمة يسبب إثارة حشرات القفاز الناقل فتزداد حركته بين الشتلات مما يسبب زيادة نشر المرض علما بان هذا المرض هو أحد أكثر الأمراض تأثيرا على إنتاجية الرز ويسببه نوعين من الفايروسات وهما فايروس تدهور الرز الباسيلي (RTBV) وفايروس تدهور الرز الكروي (RTSV).

8. تأثير إجراءات تلقيح الأزهار باستعمال النحل

من الإجراءات المعتادة عند مزارعي أشجار الفاكهة وبعض أنواع الخضراوات اللجوء إلى استعمال نحل العسل لغرض تحسين عملية التلقيح الخلطي للنباتات وبالتالي زيادة الإنتاج وذلك بتوزيع خلايا النحل في البساتين إلا أن هذا الإجراء المفيد قد يسبب نشرا لعدد من الفايروسات المنقولة بحبوب اللقاح، ووجد أن الظهور المتكرر السنوي لفايروس التبقع الحلقي التماوتي للأجاص (PNRSV) المنقول بحبوب اللقاح في بساتين الكرز الحامض كان بسبب نقل خلايا النحل إلى تلك البساتين خلال مرحلة التزهير المبكر للأشجار.

د. العوامل البيئية

هي العنصر الرابع لوبائية فايروسات النبات والتي تؤدي دورا مهما فيها من خلال تأثيرها على العناصر الثلاثة الأولى السابقة وتضم العوامل التالية:

1) الرياح

للرياح دور واضح في نقل الناقلات الهوائية وتحديد اتجاهات حركتها مما يؤثر على حركة الأمراض الفايروسية ونمط انتشارها ويظهر ذلك بوضوح مع حشرات المن فمثلا انتشر فايروس موزائيك وتقزم الذرة (MDMV) وبائيا على محصول الذرة في شمال الولايات المتحدة في سنة 1977 علما بأنه مستوطن في الولايات الجنوبية ووجد أن تيارات الهواء النفاثة منخفضة المستوى هي التي نقلت المن الحامل للفايروس حيث يبقى الفايروس في جسم المن لمدة تصل إلى 19 ساعة وهي مدة كافية لنقله عبر هذه المسافة الطويلة، ولاحظ قاسم ومحمد (2002) أن نشر فايروس البطاطا واي (PVY) في حقول البطاطا في الموصل يتأثر بحركة الرياح السائدة في المنطقة وهي الرياح الشمالية الغربية

تتأثر حركة قفازات الأوراق والذباب الأبيض أيضا بالرياح وينعكس ذلك على نمط انتشار الأمراض الفايروسية التي تنقلها أما بقية الناقلات فان تأثير الرياح عليها محدودا حيث وجد قاسم وعلي (2003) أن نشر الفايروس المسبب لموزائيك التين في بساتين التين في الموصل يتم عن طريق نقل الأطوار الفتية وباللغات الحلم Aceria tulipae بالرياح. ولوحظ أن الأطوار الفتية للبق الدقيقي الناقل لفايروس تضخم أفرع الكاكاو (CSSV) تنقل لمسافات بعيدة بواسطة الرياح كما سجل تأثر نشر الفايروس المرافق لتراجع الكشمش الأسود (BRAV) كثيرا بالرياح بسبب تأثيرها على حركة ناقله وهو الحلم العقدي Phytoptus ribis Gall mite , والتي تنقله لمسافة تصل إلى مسافة 15 متر من الأشجار المصابة وهي مسافة لا يستهان بها في نشر الفايروس إذا ما علمنا البطء الشديد لهذا الناقل غير المجنح والذي يعتمد على الزحف البطيء للتحرك على النباتات، كذلك تؤثر الرياح الشديدة الحاملة للغبار على نقل النيماتودا الحاملة للفايروسات نتيجة تحريكها للتربة بكميات كبيرة أثناء هبوبها عليها.

2) الأمطار

تؤثر الأمطار على الناقلات الفايروسية المحمولة بالهواء والقاطنة في التربة فمثلا تقلل الأمطار الشديدة من مجتمعات الذباب الأبيض والمن على النباتات كما أن الرطوبة الأرضية العالية هي مهمة لزيادة مجتمعات الفطريات والنيماتودا الناقلة للفايروسات.

3) درجة حرارة الهواء

يؤثر هذا العامل بوضوح على حركة الناقلات الهوائية وتكاثرها إذ يفضل المن المجنح إيجابا على نشاط وتكاثر الناقلات الهوائية بكل أنواعها مما ينعكس في زيادة معدلات انتشار الأمراض الفايروسية التي تنقلها بعكس درجات الحرارة المتطرفة.

4) ظروف التربة

تؤثر ظروف التربة بشكل معقد على انتشار الأمراض الفايروسية فقد لوحظ التأثير الواضح لزيادة خصوبة التربة باستعمال الأسمدة العضوية والمخصبات غير العضوية على زيادة النشر الوبائي لأمراض البطاطا الفايروسية المنقولة بالمن وذلك نتيجة تحسن نمو النباتات وبالتالي زيادة كثافة مجتمعات المن على النباتات كما تسبب التربة الخصبة غالبا إخفاء أو خفض شدة الأعراض على النباتات حيث تسود الأعراض الخفيفة والمعتدلة بدل الأعراض الشديدة مما يجعل النباتات أكثر تحملا وأفضل إنتاجا من النباتات شديدة الإصابة ووجد أن التربة الرطبة جيدة التهوية تحافظ على فعالية فايروس موزائيك التبغ (TMV) في بقايا النباتات لفترات أطول مقارنة بالتربة الجافة المتراصة أو بالتربة الغدقة كما تؤثر حرارة التربة على نقل الفايروسات بالفطريات والنيماتودا حيث تتباين درجات الحرارة المثلى للنقل بتباين نوع الناقل.

2. توقع حدوث المرض الفايروسي

أدت الدراسات الوبائية والبيئية التي أجريت لعدد كبير من الفايروسات إلى استنباط إجراءات توقع حدوث المرض" Disease forecasting مما أنعكس بشكل إيجابي على تنفيذ برامج المكافحة وتتضمن اليات توقع حدوث المرض خطوتين هما:

1) مراقبة مراحل تقدم المرض

تتم مراقبة مراحل تطور المرض Disease progress بحساب تصاعد نسب الإصابة بالمرض مع الزمن ويحكم ذلك إحصائيا معادلة الربح المركب لحساب قيمة مراحل تطور المرض والتي وضعها "فاندربلانك" Vanderblanckحيث أن كل الأمراض الفايروسية خاضعة لهذه المعادلة لأنها أمراض متعددة الدورة Polycyclic diseases خلال الموسم وأن معرفة القيم الرياضية لمراحل تطور مرض فايروسي معين سيعطي دليلا على احتمالية انتشاره وبائيا وعادة فأن القيم العالية المتصاعدة سريعا تدل على احتمال حصول الوباء كما تتأثر مراحل تطور المرض كثيرا بحركة الناقلات لذا فان قياسها بدقة يعتمد على الدراسة الكمية لحركة الناقلات وكثافتها المجتمعية.

2) النمذجة الرياضية للوباء الفايروسي

بعد التطور الكبير الذي حصل في الدراسات والتحليلات الإحصائية للأوبئة المرضية الهائل من المعطيات البيئية والحيوية التي تجمع بياناتها من الحقول قبل حدوث الوباء ويعرف هذا بالنمذجة الرياضية Mathematical modeling والتي تعني وضع نموذج تنبؤي لكل هذا النموذج لتحذير المزارعين من حدوث الوباء لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنبه أو التخفيف من وطأته على الإنتاج الزراعي، وعند تصميم مثل هذا النموذج فانه يتم حساب مئات من العوامل المتعلقة بخواص الفايروس المعني وناقله إن وجد ونوع العلاقة بينهما ونوع النظام المحصولي القائم وكل العوامل البيئية المؤثرة على العوامل أعلاه. إن وضع النماذج الدقيقة يحتاج إلى تصميم نظام حاسوبي لتحليل بيانات كل هذه العوامل المعقدة وتداخلاتها وبالتالي ستمكن المختصين في مجال المكافحة من وضع خطط صحيحة وفعالة لإدارة الأمراض الفايروسية، وقد وضعت نماذج لتفسير تأثير التفتيش الحقلي وقلع النباتات المصابة Rouging وخفض مجتمع الناقل بواسطة المبيدات علي منع الانتشار الوبائي للفايروسات المنقولة بالحشرات بالطريقة غير الباقية والفايروسات المتضاعفة وذلك باعتماد مدخلات تتعلق بخصائص علاقة الفايروس بالناقل وأظهر النموذج أن القلع يكون فعالا فقط مع الفايروسات غير الباقية عندما تكون كثافة مجتمع الحشرة الناقلة منخفضة أما المكافحة الكيميائية فهي فعالة مع الفايروسات المتضاعفة في ناقلاتها عندما تكون كثافة مجتمع الحشرة الناقلة عالية كما وضعت نماذج لتقييم التأثيرات المتوقعة للعلاقة بين الفايروسات وناقلاتها على حدوث الأوبئة الفايروسية، ووضعت العديد من النماذج التي توقعت حدوث أوبئة بفايروسات معينة في مناطق جغرافية معينة ومنها النماذج التي صممت للتنبؤ بحدوث أمراض الاصفرار على محصول البنجر السكري في بريطانيا منذ سنة 1953 والمتسبب عن فايروسي اصفرار البنجر (BYV) والاصفرار المعتدل للبنجر (BMYV) والتي اعتمدت على البيانات البيئية وخاصة درجات الحرارة والرطوبة وحركة الرياح لعدة سنوات وتأثيرها على أعداد ونشاط وحركة المن الطائر والمقيم ثم طورت هذه النماذج بإدخال بيانات تخص عدد الأيام التي تنخفض فيها الحرارة دون درجة التجمد في أشهر كانون الثاني - نيسان وإدخال بيانات الوقت من السنة الذي يبدأ فيه المن هجرته الربيعية وبذلك أصبح نموذجا متخصصا إلى حد كبير على حشرة من الخوخ الأخضر باعتبارها الناقل الرئيسي لهذه الفايروسات في بريطانيا.

كما صممت نماذج للتنبؤ بالانتشار الوبائي لفايروس اصفرار وتقزم الشعير (BYDV) استند على بيانات التفضيل الغذائي الذي يظهره المن اتجاه نباتات الشعير المصابة والسليمة وعلى تكراريتها في مجتمعها حيث أن هناك علاقة بين التفضيل الغذائي وبقاء الفايروس في الناقل، ووضعت العديد من النماذج التي عالجت تعقيدات بيئية كثيرة حيث أدخلت فيها بيانات التأثيرات الزمنية أي "الديناميكيات الزمنية" Temporal dynamics وكذلك بيانات "الأنماط المكانية" Spatial patterns لزيادة الدقة التنبؤية للنماذج المعدة حيث أن النماذج التي تعتمد الأنماط المكانية هي الأكثر استعمالا مع الأوبئة واسعة المدى لأنها تأخذ بعين الاعتبار بيئة المساحات الزراعية الواسعة.

إن البيانات التي تعتمدها النماذج الرياضية التنبؤية للأمراض الفايروسية هي كثيرة جدا وخاصة البيانات المناخية مع الفايروسات المنقولة بناقلات هوائية وكذلك بيانات ظروف للتربة مع تلك المنقولة بناقلات قاطنة للتربة، وإذا ما أريد تصميم نموذج دقيق لمرض فايروسي معين في منطقة جغرافية مقصودة فانه لا يمكن الاعتماد على بيانات بيئية تقتصر على سنة واحدة أو سنتين بل يجب أن تعتمد بيانات تغطي مدة تصل إلى عشر سنوات لكي تعكس الواقع الفعلي العام للمنطقة التي سيصمم ذلك النموذج لظروفها، وبالتأكيد فان وضع النموذج وتحليل معطياته والخروج باستنتاج يجيب على التساؤل المهم وهو هل سيحصل الوباء أو لن يحصل وأن هذه الإجابة الصعبة تتطلب المعالجة الحاسوبية وذلك لتعقيد تحليل تأثير البيانات وتداخلاتها، ولكي تكون الغاية من تطبيق هذه النماذج متحققة وهي منع حدوث الوباء وتجنب أضراره على المحصول الزراعي المعني فان الأمر يتطلب سرعة وكفاءة إيصال التحذير إلى المزارعين أو الجهات الزراعية المختصة خلال ساعات أحيانا لاتخاذ الإجراءات المطلوبة لأن التأخير سيلغي الفائدة من استعمال النموذج، علما بان هذه النماذج تعطي التحذير حاسوبيا خلال أيام قلائل فقط قبل حدوث الوباء لأنها تتعامل مع بيانات بيئية حقلية تصلها على مدار الساعة وتحللها وتقارنها مع النموذج الافتراضي المحفوظ في البرنامج الحاسوبي والذي يحاكي الظروف المثلى لحدوث الوباء وتتوفر حاليا الكثير من البرامجيات الحاسوبية المصممة لنماذج تعالج التنبؤ بعدد من الأمراض الفايروسية وبما يناسب ظروف منطقة معينة.




الإنتاج الحيواني هو عبارة عن استغلال الحيوانات الزراعية ورعايتها من جميع الجوانب رعاية علمية صحيحة وذلك بهدف الحصول على أعلى إنتاجية يمكن الوصول إليها وذلك بأقل التكاليف, والانتاج الحيواني يشمل كل ما نحصل عليه من الحيوانات المزرعية من ( لحم ، لبن ، صوف ، جلد ، شعر ، وبر ، سماد) بالإضافة إلى استخدام بعض الحيوانات في العمل.ويشمل مجال الإنتاج الحيواني كل من الحيوانات التالية: الأبقـار Cattle والجاموس و غيرها .



الاستزراع السمكي هو تربية الأسماك بأنواعها المختلفة سواء أسماك المياه المالحة أو العذبة والتي تستخدم كغذاء للإنسان تحت ظروف محكمة وتحت سيطرة الإنسان، وفي مساحات معينة سواء أحواض تربية أو أقفاص، بقصد تطوير الإنتاج وتثبيت ملكية المزارع للمنتجات. يعتبر مجال الاستزراع السمكي من أنشطة القطاعات المنتجة للغذاء في العالم خلال العقدين الأخيرين، ولذا فإن الاستزراع السمكي يعتبر أحد أهم الحلول لمواجهة مشكلة نقص الغذاء التي تهدد العالم خاصة الدول النامية ذات الموارد المحدودة حيث يوفر مصدراً بروتينياً ذا قيمة غذائية عالية ورخيص نسبياً مقارنة مع مصادر بروتينية أخرى.



الحشرات النافعة هي الحشرات التي تقدم خدمات قيمة للإنسان ولبقية الاحياء كإنتاج المواد الغذائية والتجارية والصناعية ومنها ما يقوم بتلقيح النباتات وكذلك القضاء على الكائنات والمواد الضارة. وتشمل الحشرات النافعة النحل والزنابير والذباب والفراشات والعثّات وما يلحق بها من ملقِّحات النباتات.ومن اهم الحشرات النافعة نحل العسل التي تنتج المواد الغذائية وكذلك تعتبر من احسن الحشرات الملقحة للنباتات, حيث تعتمد العديد من اشجار الفاكهة والخضروات على الحشرات الملقِّحة لإنتاج الثمار. وكذلك دودة الحريري التي تقوم بإنتاج الحرير الطبيعي.