المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



بانت سعاد...  
  
3100   02:16 مساءً   التاريخ: 28-6-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص537-542.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /

لاميّة كعب بن زهير المعروفة
بانت سعاد...

فرغ رسول الله (صلى الله عليه واله) في منتصف شهر ذي القعدة، من السنة الثامنة للهجرة من قسمة غنائم حنين في الجعرانة، وكان موسم الحج على الأبواب، وكانت هذه السنة هي السنة الاولى التي كان يتوجب على الحجيج العرب، مسلمين ومشركين، أن يقوموا بمناسك الحج تحت رعاية الحكومة الاسلامية.
وكان اشتراك رسول الله (صلى الله عليه واله) في هذه الشعائر يزيد الحج عظمة وجلالا، وكان من الممكن ـ وبفضل قيادته الحكيمة ـ أن تتم في ذلك الحشد الهائل والاجتماع العظيم دعوة صحيحة وقوية وواسعة إلى الاسلام، بينما كانت ثمة مسئوليات في المدينة تنتظر عودة رسول الله (صلى الله عليه واله)، وقد مضى على مفارقته المدينة ما يقرب من ثلاثة أشهر، وكانت الأعمال التي يجب أن يقوم بها هو بنفسه قد تعطّلت طوال هذه المدة.
وبعد دراسة هذه المسألة من جوانبها المختلفة رأى الرسول القائد (صلى الله عليه واله) أن يكتفي بعمرة، يغادر بعدها مكة ليصل الى المدينة في أقرب وقت ممكنK ولكنه (صلى الله عليه واله) رأى أنه لا بدّ أن يعيّن شخصا صالحا لإدارة الامور السياسية والدينية في المنطقة الحديثة العهد بالفتح الاسلامي ( نعني مكة ) حتى لا تحدث في غيابه أزمة فيها، وحتى تجري الامور على النسق الصحيح والمطلوب.
من هنا استخلف النبي (صلى الله عليه واله) عتّاب بن اسيد  على مكة، وكان عتاب شابا لبيبا يتسم بالصبر والجلد، وكان له من العمر اذ ذاك عشرون سنة، وقد قرّر له النبي راتبا قدره درهم واحد كل يوم.
وبهذا العمل ( أي تعيين شاب حديث العهد بالإسلام والايمان في مقتبل العمر، ولكن كفؤ لتسيير الامور في مكة، وتفضيله على كثير من الشيوخ وكبار السنّ ) حطّم رسول الله (صلى الله عليه واله) سدّا خياليا، ومفهوما باطلا في مجال التوظيف والتأمير.
فان جماعة من الناس لما أمّر رسول الله (صلى الله عليه واله) عتابا  على أهل مكة قالوا : إن محمّدا لا يزال يستخفّ بناحتى ولّى علينا غلاما حدث السنّ ابن ثمانية عشر سنة، ونحن مشايخ ذو والاسنان فاجابهم رسول الله (صلى الله عليه واله) بقوله في كتاب كتبه لعتاب : لا يحتجّ محتجّ منكم في مخالفته بصغر سنّه، فليس الاكبر هو الأفضل بل الأفضل هو الاكبر وهو الاكبر في موالاتنا وموالاة أوليائنا ومعاداة أعدائنا فلذلك جعلناه الأمير عليكم والرئيس عليكم فمن أطاعه فمرحبا به ومن خالفه فلا يبعد الله غيره .
وبهذا أثبت (صلى الله عليه واله) عمليا أن حيازة المناصب الاجتماعية إنما تدور فقط حول معيار الأهلية والجدارة، والكفاءة، وأنّ صغر السنّ لا يمنع من ذلك اذا كان صاحبه يتمتع بكفاءة عالية.
ثم ان عتّابا  قام فخطب في الناس فقال : أيّها الناس أجاع الله كبد من جاع على درهم، فقد رزقني رسول الله (صلى الله عليه واله) درهما كل يوم، فليست بي حاجة إلى أحد.
وأحسن رسول الله (صلى الله عليه واله) الاختيار أيضا عند ما عيّن معاذ بن جبل  ليعلّم الناس القرآن ويفقههم في الدين، فقد كان معاذ ممن عرف بالفقه، والمعرفة باحكام القرآن بين أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) حتى أن رسول الله (صلى الله عليه واله) لما بعثه للقضاء، الى اليمن سأله (صلى الله عليه واله) : بم تقضي إن عرض قضاء فقال : أقضى بما في كتاب الله.
قال : فان لم يكن في كتاب الله؟
قال : أقضي بما قضى به الرسول.
قال : فإن لم يكن فيما قضى به الرسول؟
قال : أجتهد رأيي ولا آلو.
فضرب النبي (صلى الله عليه واله) صدره، وقال :
الحمد الله الّذي وفّق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله .
قصة كعب بن زهير بن أبي سلمى : كان زهير بن أبي سلمى  من شعراء العرب البارعين في العهد الجاهلي، فهو صاحب إحدى المعلّقات السبع التي بقيت منصوبة في الكعبة المعظّمة حتى قبيل نزول القرآن الكريم، وكانت تفتخر بها العرب، وتبدأ معلّقته تلك بقوله :
أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلّم 
         بحومانة الدرّاج فالمتثلّم 
وقد توفي زهير  قبل عصر الرسالة، وخلّف ولدين هما : بجير ، و كعب  وكان الأول ممّن آمن برسول الله (صلى الله عليه واله) ونصره، وأحبّه، بينما عادى الثاني ( كعب ) رسول الله (صلى الله عليه واله) بشدّة، وحيث أنه كان ذا قريحة شعرية موروثة قوية، لهذا كان يهجو رسول الله (صلى الله عليه واله) في قصائده وأشعاره ويؤلّب الناس ضدّ الإسلام.
ولما قدم رسول الله (صلى الله عليه واله) المدينة في الرابع والعشرين من شهر ذي القعدة كان بجير  قد شارك مع النبي (صلى الله عليه واله) في فتح مكة، وحصار الطائف، وقد شاهد عن كثب كيف هدّد النبي (صلى الله عليه واله) بالقتل بعض الشعراء الذين كانوا يهجون رسول الله (صلى الله عليه واله) ويؤلّبون الناس ضدّ الإسلام، وأهدر دماءهم.
فكتب بهذا إلى أخيه ( كعب ) ونصحه في آخر كتابه قائلا : إن كانت لك في نفسك حاجة فطر الى رسول الله (صلى الله عليه واله) فانه لا يقتل أحدا جاءه تائبا.
فاطمأنّ كعب بكلام أخيه، وتوجّه من فوره إلى المدينة فدخل المسجد ورسول الله (صلى الله عليه واله) يتهيأ لصلاة الصبح، فصلّى مع رسول الله (صلى الله عليه واله) لأوّل مرّة ثم جلس إليه، ووضع يده في يده، وكان رسول الله (صلى الله عليه واله) لا يعرفه، فقال : يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به؟
قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : نعم.
قال : أنا يا رسول الله كعب بن زهير.
ثم أخرج كعب قصيدته اللاميّة العصماء التي مدح فيها رسول الله (صلى الله عليه واله) والتي كان قد أنشأها من قبل، وانشدها بين يدي رسول الله (صلى الله عليه واله) في المسجد ليتلافى بها ما سبق أن بدر منه من هجاء وطعن في سيد المرسلين (صلى الله عليه واله).
وهذه القصيدة الرائعة هي من أفضل قصائد كعب وقد اعتنى المسلمون بحفظها ونشرها منذ أن أنشدها الشاعر المذكور بين يدي رسول الله (صلى الله عليه واله) في المسجد، وقد شرحها علماء الإسلام كثيرا، وعدد ابيات هذه اللامية ( أي التي تنتهي قوافيها باللام المضمومة ) 58 بيتا ومطلعها :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول 
         متيّم إثرها لم يغد مكبول 
لقد بدأ كعب قصيدته هذه ـ على عادة شعراء العهد الجاهلي ( الذين كانوا يبدءون قصائدهم بمخاطبة محبوبتهم او مخاطبة الاطلال ) ـ بذكر سعاد زوجته وابنة عمه، ولقد خصّها بالذكر لطول غيبته عنها، لهروبه من النبي (صلى الله عليه واله) فيقول : فارقتني سعاد فراقا بعيدا فقلبي اليوم أسقمه الحبّ، وأضناه، فهو ذليل لغيبتها لم يخلص من الأسر والقيد.
ثم يمضي في هذه النمط من الكلام حتى يصل إلى أن يعتذر من صنيعه السيّئ فقال :
نبّئت أنّ رسول الله أوعدني 
         والعفو عند رسول الله مأمول 
مهلا هداك الذي أعطاك ناف
         لة القرآن فيها مواعيظ وتفصيل 
لا تأخذنّي بأقوال الوشاة ولم 
         اذنب ولو كثرت فيّ الأقاويل 
إلى أن قال :
إن الرسول لنور يستضاء به 
         مهنّد من سيوف الله مسلول  

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.