المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

بلاد الحجاز
8-11-2016
الحالات المرضية البكتيرية : الحالة الحادية والخمسون
8-9-2016
نموذج لخبر رياضي خفيف
5/11/2022
علي بن الحسين بن علي العَبسي
28-06-2015
أنواع التغيير
1-7-2016
Articulation Vertex
20-4-2022


التقوى في ظروف المخمصة الشديدة  
  
3080   01:03 مساءً   التاريخ: 15-6-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص394-396.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-5-2017 3239
التاريخ: 17-5-2017 3130
التاريخ: 5-7-2017 3104
التاريخ: 23-12-2015 3464

في مثل هذه الحالة التي كان قد استولى فيها جوع شديد على المسلمين، اضطروا معه إلى تناول لحوم ما كره أكله من الأنعام أتى رسول الله (صلى الله عليه واله) راع أجير لليهود يرعى لهم غنمهم، ورسول الله محاصر لبعض حصون خيبر فقال : يا رسول الله اعرض عليّ الاسلام، فعرضه عليه، فأسلم، وكان رسول الله لا يحقّر أحدا أن يدعوه إلى الاسلام ويعرضه عليه ـ فلما أسلم قال : يا رسول الله اني كنت أجيرا لصاحب هذه الغنم وهي أمانة عندي فكيف أصنع بها؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه واله) أمام عيون المئات من جنوده الجياع : أخرجها من العسكر ثم صح بها وارمها بحصيات فإنّ الله عزّ وجلّ سيؤدّي عنك أمانتك.

ففعل الراعي ما أمره به رسول الله (صلى الله عليه واله) وخرجت الغنم إلى صاحبها حتى دخلت الحصن كأنّ سائقا يسوقها، وقد قاتل ذلك اليهودي إلى جانب المسلمين حتى استشهد.

أجل لم يكتسب رسول الله (صلى الله عليه واله) لقب الامين من قومه في فترة شبابه فقط بل كان أمينا في جميع الحالات والظروف وهو القائل :

ما من شيء كان في الجاهلية إلاّ هو تحت قدمي إلا الامانة فأنها مؤداة إلى البر والفاجر  ، وقد بقي تردد القطعان حرا طوال مدة الحصار ولم يفكر ولا واحد من المسلمين بأخذ غنم منها لأنهم تعلّموا الأمانة والتقوى والصدق والورع من معلّمهم الاكبر محمّد  الصادق الأمين (صلى الله عليه واله).

نعم غلب الجوع الشديد على العسكر ذات يوم حتى كادوا أن يهلكوا فأمر رسول الله (صلى الله عليه واله) بأن تؤخذ شاتان من غنم اليهود اضطرارا، واطلق البقية لتدخل الحصن بامان ، ولو لا ذلك الاضطرار الذي يباح معه المحذور بقدره لما سمح رسول الله (صلى الله عليه واله) بذلك، ولما رأى جوع أصحابه وتضوّرهم من شدّة السغب دعا قائلا : اللهم انّك قد عرفت حالهم وان ليست بهم قوة، وان ليس بيدي شيء اعطهم إياه فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناء، وأكثرها طعاما .

ولم يكن يأذن لاحد من المسلمين بأن يأخذ شيئا من اموال الناس ابدا.

في ضوء كل هذا تتضح دسائس جماعة من المستشرقين في تاريخنا المعاصر فهم يصرّون على القول بأن غزوات الاسلام ومعاركه كانت للإغارة وجمع الغنائم ومصادرة الأموال والسيطرة عليها وان جنوده لم يكونوا يتقيّدون خلال تلك المعارك بمبادئ العدالة والامانة، وذلك كيد منهم للاسلام، ومحاولة بغيضة للحط من قيمة الاهداف الاسلامية العليا، وتشويهها.

ولكن النموذج المذكور هنا، وأمثاله ممّا يعدّ بالعشرات في صفحات التاريخ الاسلامي تشهد بكذبهم، فإن النبي (صلى الله عليه واله) لم يأذن وهو في أشدّ الظروف وأصعبها وجنوده الاوفياء قد غلبهم الجوع ودنوا من الهلاك، بأن يخون راع في أغنام كان يرعاها ليهودي، بل أمره بردّها إلى صاحبه وهو في قتال مع اليهود على حين كان يمكنه مصادرتها جملة واحدة.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.