أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-24
227
التاريخ: 6-11-2014
2261
التاريخ: 17-09-2014
4073
التاريخ: 15-1-2016
11887
|
حقيقة الإعجاز قائمة في كون المعجزة فوق قدرة البشر، وإعجاز القران الكريم من هذا القبيل، حيث أنه على مستوى البلاغة وغرابة النظم والأسلوب العجيب وما تضمنه من معارف عالية واخبارات غيبية تشكل في مجموعها معجزة، بل يمكن القول بأن القران الكريم في كل واحد من هذه الجوانب بلغ حد الاعجاز.
ومع ذلك فقد ذهب جماعة من العامة منهم النظام ومن الخاصة السيد المرتضى رحمه اللّه إلى ما يسمى بمذهب الصرفة، فزعموا أن الاعجاز قائم في صرف الناس عن معارضة القران الكريم مع عدم استحالة الإتيان بمثله من قبلهم بحسب قدراتهم وإمكانياتهم الذاتية لولا الصرفة.
والذي دعاهم إلى هذا القول أنهم توهموا أن العرب انذاك كان عندهم العلم بنظم القران والعلم بكيفية تأليف كلام يساويه أو يدانيه، والمعتاد أن من كان عنده هذان العلمان يتمكن من الإتيان بالمثل، ومع ذلك لم يقدروا على المعارضة والإتيان بالمثل رغم محاولتهم واحتياجهم إلى ذلك في مقارعتهم له، فلا بد أنه تعالى أزال عن قلوبهم تلك العلوم وأعجزهم عن المعارضة وصرفهم عن ذلك.
لكن هذا التوهم غير صحيح لأننا لا نسلم أن العارف بوجوه البلاغة ونظم الكلام يمكنه الإتيان بمثله، والبلاغة هي صياغة كلام مطابق لمقتضى الحال، وهو أمر يختلف باختلاف مقتضيات الأحوال. ومهما بلغت قدرات البشر فإنهم يتمكنون من تأليف كلام على نظم يتوافق مع ما يدركونه ويلاحظونه أو يهتمّون به من مقتضيات الأحوال.
أما القران الكريم الذي حوى من المعارف ما لا يمكن أن يحويه كلام أحد، وخاطب البشر كل البشر بلسان واحد، فهو في انٍ واحد يراعي مقتضى حال العوام والخواص، البسطاء والبلغاء، الراسخين في العلم ومن لم يؤتوا إلا الحظ القليل، وضمن الكلام الواحد من المعارف والمعاني ما لا ينقضي ولا يحدّ. وهذا هو الاعجاز البلاغي الخاص بالقران.
ثم إن الصرفة لو تحققت بعد البعثة لكان بالإمكان أن نجد بين القران وبين ما تقدم على البعثة من كلام البلغاء نوع تشابه وتقارب أو تماثل فتبطل به المعجزة لا مكان أن يجاب عن تحديه بأن العرب جاءت بمثله، وبه يسقط إعجازه، وهذا لم يحصل.
ولو كان اعجاز القران بالصرفة لكان الأولى في الاعجاز أن يكون عن الإتيان بالركيك من الكلام لا البليغ ولا ذي النظم العجيب. فإن اعجاز الناس عن الإتيان بما هو سهل يسير في العادة أبلغ في الحجة من اعجازهم عن العالي العزيز.
ومن الشواهد على بطلان مذهب الصرفة وكون الاعجاز في النظم القرآني الخاص، ما نقل من قصة الوليد بن المغيرة عندما قرأ عليه الرسول صلى الله عليه وآله شيئاً من القران، قال لقومه: فواللّه ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجز ولا بقصيدة مني ولا بأشعار الجن، واللّه ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، وواللّه إن لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وأنه ليعلو وما يعلى، وأنه ليحطم ما تحته.
فقال له أبو جهل : لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه. قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكّر قال: هذا سحر يؤثر، يأثره عن غيره. فنزلت: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ..} [المدثر: 11] .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري (1).
وهناك الكثير الكثير من الحالات لتي أسلم فيها أناس أو أقّروا بأنه ليس من كلام البشر بمجرد سماعه وهو ينافي مذهب الصرفة.
بل يروى أن المشركين كانوا يطردون الناس عن رسول اللّه صلى الله عليه وآله إذا رفع صوته بالقران، وكانوا يشوشون عليه بالصفير والصفيق لألاّ تسمع قراءته، لأن القران كان بنفسه ينادي بأنه كلام رب العالمين، وبلاغته وبيانه ونظمه ليست من النوع المألوف وما اعتادته أسماعهم وكل هذا يكشف عن كون الاعجاز في نفس القران الكريم لا في صرف الهمم عن معارضته.
________________________
1- الحاكم، المستدرك على الصحيحين 2/705 السيوطي، الدر المنثور 6/382.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|