المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6689 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الاسمنت البورتلاندي
25-8-2016
أسعد بن سهل بن حنيف أبو أمامة.
30-9-2020
الإيجاز
26-03-2015
تفسير{أرأيت الذي ينهى عبدا اذا صلى}
2024-09-07
الحضارة العالمية
عداد بنافذة طرفية end-window counter
17-1-2019


مروان بن الحكم  
  
2108   03:14 مساءً   التاريخ: 9-5-2017
المؤلف : مروان خليفات
الكتاب أو المصدر : قراءة في المسار الأموي
الجزء والصفحة : ص86- 135
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / الدولة الاموية / الدولة الاموية في الشام / مروان بن الحكم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-5-2017 449
التاريخ: 9-5-2017 1126
التاريخ: 9-5-2017 2109
التاريخ: 17-11-2016 332

هو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، يكنى أبا عبد الملك، وهو ابن عم عثمان بن عفان بن أبي العاص وكاتبه في خلافته ولم يصلنا عنه حديث (1).

ولادة مروان بن الحكم:

هناك اختلاف كبير حول تاريخ ولادة مروان فقد قيل:

ولد سنة اثنتين من الهجرة، وقال مالك: ولد يوم أحد، وقيل:

ولد يوم الخندق، وقيل: بمكة وقيل بالطائف (2).

ولم ير النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه خرج إلى الطائف طفلا لا يعقل لما نفى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أباه الحكم،... وكان مع أبيه بالطائف حتى استخلف عثمان، واستكتب عثمان مروان وضمه إليه (3).

ويبدو أن الصحيح في ولادة مروان هو ولادته بعد فتح مكة لثبوت الرواية التي تقول " كان لا يولد لأحد بالمدينة ولد إلا أتي به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدعا له فأدخل عليه  مروان ... " وسيوافيك الحديث.

فمروان ولد في المدينة وأبوه وأمه لم يهاجرا بل بقيا على شركهما، بعد فتح مكة سكنا المدينة فولد مروان هناك والله أعلم.

النبي يلعن مروان صغيرا:

أخرج الحاكم في المستدرك (4) من طريق عبد الرحمن ابن عوف وصححه أنه قال: كان لا يولد لأحد بالمدينة ولد إلا أتي به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدعا له، فأدخل عليه مروان بن الحكم عند ولادته فقال: هو الوزغ ابن الوزغ، الملعون ابن الملعون.

وذكره الدميري في حياة الحيوان (5)، وابن حجر في الصواعق (6)، والحلبي في السيرة (7). ولعل معاوية أشار إليه بقوله لمروان: يا بن الوزغ لست هناك. فيما ذكر ابن أبي الحديد (8).

العودة من الطائف:

بقي مروان مع أبيه في المنفى قرابة أربعة عشر عاما، وعاد مع أبيه بعد أن ردهما عثمان خلافا لفعل النبي والشيخين. فعينه عثمان كاتبا في خلافته وزوجه ابنته أم أبان، فماذا كان بعد ذلك؟

أيادي الخليفة عثمان عند مروان:

أعطى عثمان مروان بن الحكم بن أبى العاص ابن عمه وصهره من ابنته أم أبان خمس غنائم إفريقية وهو خمسمائة ألف دينار، وفي ذلك يقول عبد الرحمن بن حنبل الجمحي الكندي مخاطبا الخليفة:

أحلــــــف بــــــالله رب الأنام *** مــــا تـــــرك الله أمرا سدى

ولكـــــــن خلقت لنـــــا فتنــة *** لكي نبتلـــــــي بك أو تبتلى

فــــإن الأمينيـــــن قــــد بينـا *** منـــار الطـريق عليه الهدى

فمــــا أخـــــذا درهمــــا غيلة *** وما جعلا درهما في الهوى

دعــوت اللـــعين فـــأدنيتـــــه *** خـلافا لسنة من قـــد مضى

وأعطيت مروان خمس العباد *** فهيهات شــأوك ممن سعى

هكذا رواه ابن قتيبة في المعارف (9)، وأبو الفداء في تاريخه (10)، وذكر البلاذري الأبيات في الأنساب (11) ونسبها إلى أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي الخزرجي الذي منع أن يدفن عثمان بالبقيع، وإليك لفظها:

أقسـم بالله رب العباد *** مــا ترك الله خلقــا سدى

دعوت اللعين فأدنيته *** خلافا لسنة من قد مضى

قال: يعني الحكم والد مروان.

وأعطيت مروان خمس العباد *** ظلمــا لهم وحميت الحمى

ومـــال أتـــــاك بــه الأشعري *** مـــن الفئ أنهيته من ترى

فـــأمـا الأمينــــان إذ بينـــــــا *** منار الطريق عليه الصوى

فلـــــم يأخذا درهمـــــا غيلـة *** ولم يصرفا درهما في هوى

وذكرها ابن عبد ربه في العقد الفريد (12) ونسبها إلى عبد الرحمن، وروى البلاذري من طريق عبد الله بن الزبير أنه قال: أغزانا عثمان سنة سبع وعشرين إفريقية فأصاب عبد الله بن سعد بن أبي سرح غنائم جليلة فأعطى عثمان مروان بن الحكم خمس الغنائم، وفي رواية أبي مخنف:

فابتاع الخمس بمائتي ألف دينار فكلم عثمان فوهبها له فأنكر الناس ذلك على عثمان (13).

وفي رواية الواقدي كما ذكره ابن كثير: صالحه بطريقها على ألفي ألف دينار وعشرين ألف دينار، فأطلقها كلها عثمان في يوم واحد لآل الحكم ويقال: لآل مروان (14).

وفي رواية الطبري عن الواقدي، عن أسامة بن زيد، عن ابن كعب قال: لما وجه عثمان عبد الله بن سعد إلى إفريقية كان الذي صالحهم عليه بطريق إفريقية جرجير ألفي ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وعشرين إلف دينار، فبعث ملك الروم رسولا وأمره أن يأخذ منهم ثلاثمائة قنطار كما أخذ منهم عبد الله بن سعد. إلى أن قال: كان الذي صالحهم عليه عبد الله بن سعد ثلاثمائة قنطار ذهب، فأمر بها عثمان لآل الحكم. قلت: أو لمروان؟ قال: لا أدري. تاريخ الطبري (15).

وقال ابن الأثير في الكامل (16): وحمل خمس إفريقية إلى المدينة فاشتراه مروان بن الحكم بخمسمائة ألف دينار فوضعها عنه عثمان، وكان هذا مما أخذ عليه، وهذا أحسن ما قيل في خمس إفريقية، فإن بعض الناس يقول: أعطى عثمان خمس إفريقية عبد الله بن سعد.

وبعضهم يقول: أعطاه مروان بن الحكم، وظهر بهذا أنه أعطى عبد الله خمس الغزوة الأولى، وأعطى مروان خمس الغزوة الثانية التي افتتحت فيها جميع إفريقية. والله أعلم.

وروى البلاذري وابن سعد: أن عثمان كتب لمروان بخمس مصر وأعطى أقرباءه المال، وتأول في ذلك الصلة التي أمر الله بها، واتخذ الأموال واستسلف من بيت المال وقال: إن أبا بكر وعمر تركا من ذلك ما هو لهما، وإني أخذته فقسمته في أقربائي. فأنكر الناس عليه ذلك (17).

وأخرج البلاذري في الأنساب (18) من طريق الواقدي عن أم بكر بنت المسور قالت: لما بني مروان داره بالمدينة دعا الناس إلى طعامه وكان المسور فيمن دعا، فقال مروان وهو يحدثهم: والله ما أنفقت في داري هذه من مال المسلمين درهما فما فوقه. فقال المسور: لو أكلت طعامك وسكت لكان خيرا لك، لقد غزوت معنا إفريقية وإنك لأقلنا مالا ورقيقا وأعوانا وأخفنا ثقلا، فأعطاك ابن عفان خمس إفريقية وعملت على الصدقات فأخذت أموال المسلمين، فشكاه مروان إلى عروة وقال:

يغلظ لي وأنا له مكرم متق.

وقال ابن أبي الحديد في الشرح (19): أمر - عثمان - لمروان بمائة ألف من بيت المال وقد زوجه ابنته أم أبان، فجاء زيد بن أرقم صاحب بيت المال بالمفاتيح فوضعها بين يدي عثمان وبكى، فقال عثمان:

أتبكي أن وصلت رحمي؟ قال: لا. ولكن أبكي لأني أظنك أنك أخذت هذا المال عوضا عما كنت أنفقته في سبيل الله في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولو (20) أعطيت مروان مائة درهم لكان كثيرا. فقال ألق المفاتيح يا بن أرقم فإنا سنجد غيرك، وأتاه أبو موسى بأموال من العراق جليلة، فقسمها كلها في بني أمية.

وقال الحلبي في السيرة (21): وكان من جملة ما انتقم به على عثمان أنه أعطى ابن عمه مروان بن الحكم مائة ألف وخمسين أوقية (22).

إقطاع الخليفة عثمان فدك لمروان :

عد ابن قتيبة في المعارف (23)، وأبو الفداء في تاريخه (24) مما نقم الناس على عثمان إقطاعه فدك لمروان وهي صدقة رسول الله، فقال أبو الفداء: وأقطع مروان بن الحكم فدك وهي صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي طلبتها فاطمة ميراثا، فروي أبو بكر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة، ولم تزل فدك في يد مروان وبنيه إلى أن تولى عمر بن عبد العزيز فانتزعها من أهله وردها صدقة.

وأخرج البيهقي في السنن الكبرى (25) من طريق المغيرة حديثا في فدك وفيه: أنها أقطعها مروان لما مضى عمر لسبيله. فقال: قال الشيخ: إنما أقطع مروان فدكا في أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه وكأنه تأول في ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أطعم الله نبيا طعمة فهي للذي يقوم من بعده، وكان مستغنيا عنها بماله فجعلها لأقربائه ووصل بها رحمهم، وذهب آخرون إلى أن المراد بذلك التولية وقطع جريان الإرث فيه، ثم تصرف في مصالح المسلمين كما كان أبو بكر وعمر يفعلان.

وفي العقد الفريد (26) في عد ما نقم الناس على عثمان: أنه أقطع فدك مروان وهي صدقة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وافتتح إفريقية وأخذ خمسها فوهبه لمروان.

وقال ابن أبي الحديد في شرحه (27): وأقطع عثمان مروان فدك، وقد كانت فاطمة عليها السلام طلبتها بعد وفاة أبيها صلوات الله عليه تارة بالميراث وتارة بالنحلة فدفعت عنها.

قال الأميني: أنا لا أعرف كنه هذا الإقطاع وحقيقة هذا العمل فإن فدك إن كانت فيئا للمسلمين - كما ادعاه أبو بكر - فما وجه تخصيصها بمروان؟ وإن كانت ميراثا لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما احتجت له الصديقة الطاهرة في خطبتها، واحتج له أئمة الهدى من العترة الطاهرة وفي مقدمهم سيدهم أمير المؤمنين عليه وعليهم السلام، فليس مروان منهم، ولا كان للخليفة فيها رفع ووضع. وإن كانت نحلة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبضعته الطاهرة فاطمة المعصومة - صلوات الله عليها - كما ادعته وشهد لها أمير المؤمنين وابناها الإمامان السبطان وأم أيمن المشهود لها بالجنة فردت شهادتهم بما لا يرضي الله ولا رسوله، وإذا ردت شهادة أهل آية التطهير فبأي شئ يعتمد؟ وعلى أي حجة يعول؟

إن دام هذا ولم يحدث به غير *** لم يبك ميت ولم يفرح بمولود

فإن كانت فدك نحلة فأي مساس بها لمروان؟ وأي سلطة عليها لعثمان؟ حتى يقطعها لأحد. ولقد تضاربت أعمال الخلفاء الثلاثة في أمر فدك فانتزعها أبو بكر من أهل البيت، وردها عمر إليهم، وأقطعها عثمان لمروان، ثم كان فيها ما كان في أدوار المستحوذين على الأمر منذ عهد معاوية وهلم جرا فكانت تؤخذ وتعطى، ويفعلون بها ما يفعلون بقضاء من الشهوات، كما فصلناه (28)، ولم يعمل برواية أبي بكر (29) في عصر من العصور، فإن صانعه الملأ الحضور على سماع ما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحابوه وجاملوه، فقد أبطله من جاء بعده بأعمالهم وتقلباتهم فيها بأنحاء مختلفة.

بل إن أبا بكر نفسه أراد أن يبطل روايته بإعطاء الصك للزهراء فاطمة، غير أن ابن الخطاب منعه وخرق الكتاب كما جاء في السيرة الحلبية، وبذلك كله تعرف قيمة تلك الرواية ومقدار العمل عليها وقيمة هذا الإقطاع.

مروان وما مروان:

مر علينا ما صح من لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أبيه وعلى من يخرج من صلبه. وأسلفنا ما صح من قول عائشة لمروان: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أباك فأنت فضض من لعنة الله.

وأخرج ابن النجيب من طريق جبير بن مطعم قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمر الحكم بن أبي العاص فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " ويل لأمتي مما في صلب هذا " (30).

وفي شرح ابن أبي الحديد (31) نقلا عن الإستيعاب (32): نظر علي عليه السلام يوما إلى مروان فقال له: " ويل لك وويل لأمته محمد منك ومن بيتك إذا شاب صدغاك ". وفي لفظ ابن الأثير: " ويلك وويل أمة محمد منك ومن بنيك ". أسد الغابة (33). ورواه ابن عساكر بلفظ آخر كما في كنز العمال (34).

وقال مولانا أمير المؤمنين يوم قال له الحسنان السبطان: ".

يبايعك مروان يا أمير المؤمنين ": " أولم يبايعني بعد قتل عثمان؟ لا حاجة لي في بيعته، إنها كف يهودية لو بايعني بيده لغدر بسبته، أما إن له إمرة كلعقة الكلب أنفه، وهو أبو الأكبش الأربعة (35) وستلقى الأمة منه ومن ولده يوما أحمر ". نهج البلاغة (36).

قال ابن أبي الحديد في الشرح (37): قد روي هذا الخبر من طرق كثيرة ورويت فيه زيادة لم يذكرها صاحب نهج البلاغة وهي قوله عليه السلام في مروان: " يحمل راية ضلالة بعد ما يشيب صدغاه وإن له إمرة " إلى آخره.

هذه الزيادة أخذها ابن أبي الحديد من ابن سعد ذكرها في طبقته (38) طبع ليدن قال: قال علي بن أبي طالب يوما ونظر إليه:

" ليحملن راية ضلالة بعد ما يشيب صدغاه، وله إمرة كلحسة الكلب أنفه ". انتهى. وهذا الحديث كما ترى غير ما في نهج البلاغة وليس كما حسبه ابن أبي الحديد زيادة فيه، ولا توجد تلك الزيادة في رواية السبط أيضا في تذكرته (39). والله العالم.

قال البلاذري في الأنساب (40): كان مروان يلقب خيط باطل (41) لدقته وطوله شبه الخيط الأبيض الذي يرى في الشمس، فقال الشاعر - ويقال: إنه عبد الرحمن بن الحكم أخوه -:

لعمرك ما أدري وإني لسائل * حليلة مضروب القفا كيف يصنع (42)

لحى الله قوما أمروا خيط باطل * على الناس يعطي ما يشاء ويمنع (43)

وذكر البلاذري في الأنساب (44) في مقتل عمرو بن سعيد الأشدق الذي قتله عبد الملك بن مروان ليحيى بن سعيد أخي الأشدق قوله:

غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل *** ومثلكم يبني البيوت على الغدر

وذكر بن أبي الحديد في شرحه (45) لعبد الرحمن بن الحكم في أخيه قوله:

وهبت نصيبي منك يا مرو (46) كله *** لعمرو ومروان الطويل وخالد

ورب ابن أم زائد غير ناقص * وأنت ابن أم ناقص غير زائد

ومن شعر مالك بن الريب - المترجم في الشعر والشعراء لابن قتيبة (47) - يهجو مروان قوله:

لعمرك ما مروان يقضي أمورنا *** ولكنمـــا تقضي لنا بنت جعفر (48)

فيـــا ليتها كـــــانت علينا أميرة *** وليتك يا مروان أمسيت ذا حر (49)

ابن الحكم والتلاعب بالدين:

إن الذي يستشفه المنقب من سيرة مروان وأعماله أنه ما كان يقيم لنواميس الدين الحنيف وزنا، وإنما كان يلحظها كسياسات زمنية فلا يبالي بإبطال شئ منها، أو تبديله إلى آخر حسب ما تقتضيه ظروفه وتستدعيه أحواله، وإليك من شواهد ذلك عظائم، وعليها فقس ما لم نذكره:

المورد الأول: إتمام الصلاة في السفر:

أخرج إمام الحنابلة أحمد في مسنده (50) من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير قال: لما قدم علينا معاوية حاجا، قدمنا معه مكة قال: فصلى بنا الظهر ركعتين ثم انصرف إلى دار الندوة، قال: وكان عثمان حين أتم الصلاة فإذا قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعا أربعا، فإذا خرج إلى منى وعرفات قصر الصلاة، فإذا فرغ من الحج وأقام بمنى أتم الصلاة حتى يخرج من مكة، فلما صلى بنا الظهر ركعتين نهض إليه مروان بن الحكم وعمرو بن عثمان فقالا له: ما عاب أحد ابن عمك بأقبح ما عبته به.

فقال لهما: وما ذاك؟ قال: فقالا له: ألم تعلم أنه أتم الصلاة بمكة؟ قال:

فقال لهما: ويحكما وهل كان غير ما صنعت؟ قد صليتهما مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومع أبي بكر وعمر. قالا: فإن ابن عمك قد أتمها وإن خلافك إياه له عيب. قال: فخرج معاوية إلى العصر فصلاها بنا أربعا.

وذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد (51) نقلا عن أحمد والطبراني فقال: رجال أحمد موثقون.

فإذا كان لعب مروان وخليفة وقته معاوية بالصلاة التي هي عماد الدين إلى درجة يقدم فيها التحفظ على عثمان في عمله الشاذ عن الكتاب والسنة على العمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أخضع معاوية لما ارتأه من الرأي الشائن في صلاة العصر، فماذا يكون عبثهما بالدين فيما هو دون الصلاة من الأحكام؟

وإن تعجب فعجب أنه يعد مخالفة عثمان في رأيه الخاص له عيبا عليه يغير لأجله الحكم الديني الثابت، ولا يعد مخالفة رسول الله وما جاء به محظورة تترك لأجلها الأباطيل والأحداث!

ومن العجيب أيضا أن ينهى معاوية عن مخالفة عثمان، ولا ينهى من خالف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن مخالفة. أهؤلاء من خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله؟ وأعجب من كل ذلك حسبان أولئك العابثين بدين الله عدولا وهذه سيرتهم ومبلغهم من الدين الحنيف.

المورد الثاني: تغييره السنة في صلاة العيد:

أخرج البخاري (52) من طريق أبي سعيد الخدري قال: خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت بثوبه فجبذني، فارتفع فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيرتم والله. فقال: أبا سعيد قد ذهب ما تعلم فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم. فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة. وفي لفظ الشافعي: يا أبا سعيد ترك الذي تعلم.

هذا مروان (53):

فهلم معي إلى الخليفة نستحفيه الخبر عن هذا الوزغ اللعين في صلب أبيه وبعد مولده بماذا استباح إيواءه وتأمينه على الصدقات والطمأنينة إليه في المشورة في الصالح العام؟ ولم استكتبه وضمه إليه فاستولى عليه؟ (54) ونصب عينيه ما لهج به النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وما ناء به هو من المخاريق والمخزيات، ومن واجب الخليفة تقديم الصلحاء من المؤمنين وإكبارهم شكرا لأعمالهم لا الاحتفال بأهل المجانة والخلاعة كمروان الذي يجب الإنكار والتقطيب تجاه عمله الشائن، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " من رأى منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع بلسانه فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان "، وقال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: " أدنى الإنكار أن تلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة ".

وهب أن الخيفة تأول وأخطأ لكنه ما هذا التبسط إليه بكله؟

وتقريبه وهو ممن يجب إقصاؤه، وإيواؤه وهو ممن يستحق الطرد، وتأمينه وهو أهل بأن يتهم، ومنحه أجزل المنح من مال المسلمين ومن الواجب منعه، وتسليطه على أعطيات المسلمين ومن المحتم قطع يده عنها؟

أنا لا أعرف شيئا من معاذير الخيفة في هذه المسائل - لعل لها عذرا وأنت تلومها - لكن المسلمين في يومه ما عذروه وهم الواقفون على الأمر من كثب، والمستشفون للحقائق الممعنون فيها، وكيف يعذره المسلمين ونصب أعينهم قوله عز من قائل: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ} [الأنفال: 41] (55).

أليس إعطاء الخمس لمروان اللعين خروجا عن حكم القرآن؟

أليس عثمان هو الذي فاوض بنفسه ومعه جبير بن مطعم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعل لقومه نصيبا من الخمس فلم يجعل ونص على أن بني عبد شمس وبني نوفل لا نصيب لهم منه؟

قال جبير بن مطعم: لما قسم رسول الله سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب (56) أتيته أنا وعثمان فقلت: يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم لا ينكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم، أرأيت بني المطلب أعطيتهم ومنعتنا؟ وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة. فقال: " إنهم لم يفارقوني - أو: لم يفارقونا - في جاهلية ولا إسلام وإنما هم بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد " وشبك بين أصابعه، ولم يقسم رسول الله لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس شيئا كما قسم لبني هاشم وبني المطلب (57).

ومن العزيز على الله ورسوله أن يعطى سهم ذوي قربى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لطريده ولعينه، وقد منعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقومه من الخمس، فما عذر الخليفة في تزحزحه عن حكم الكتاب والسنة، وتفضيل رحمه أبناء الشجرة الملعونة في القرآن على قربى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين أوجب الله مودتهم في الذكر الحكيم؟ أنا لا أدري. والله من ورائهم حسيب (58).

أخرج أئمة الصحاح من طريق أبي سعيد الخدري قال: أخرج مروان المنبر يوم العيد، فبدأ بالخطبة قبل الصلاة، فقام رجل فقال: يا مروان خالفت السنة، أخرجت المنبر يوم عيد، ولم يكن يخرج به، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة، ولم يكن يبدأ بها. فقال مروان: ذاك شئ قد ترك. فقال أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله يقول: " من رأى منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع بلسانه فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ".

وفي لفظ الشافعي في كتاب الأم (59) من طريق عياض بن عبد الله قال: إن أبا سعيد الخدري قال: أرسل إلى مروان وإلى رجل قد سماه، فمشى بنا حتى أتى المصلى، فذهب ليصعد فجبذته (60) إلى فقال: يا أبا سعيد ترك الذي تعلم. قال أبو سعيد: فهتفت ثلاث مرات، فقلت: والله لا تأتون إلا شرا منه.

وفي لفظ البخاري في صحيحه: خرجت مع مروان - وهو أمير المدينة - في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت بثوبه فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيرتم والله. فقال: أبا سعيد قد ذهب ما تعلم. فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم، فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة (61).

وفي لفظ: قال أبو سعيد: قلت: أين الابتداء بالصلاة؟ فقال: لا يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم، قلت: كلا والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم. ثلاث مرات.

قال ابن حزم في المحلي (62): أحدث بنو أمية تقديم الخطبة قبل الصلاة واعتلوا بأن الناس كانوا إذا صلوا تركوهم، ولم يشهدوا الخطبة، وذلك لأنهم كانوا يلعنون علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكان المسلمون يفرون وحق لهم، فكيف وليس الجلوس واجبا؟

وقال ملك العلماء في بدائع الصنائع (63): وإنما أحدث بنو أمية الخطبة قبل الصلاة لأنهم كانوا يتكلمون في خطبتهم بما لا يحل، وكان الناس لا يجلسون بعد الصلاة لسماعها فأحدثوها قبل الصلاة ليسمعها الناس، وبمثل هذا قال السرخسي في المبسوط (64).

وقال السندي في شرح سنن ابن ماجة (65): قيل: سبب ذلك أنهم كانوا يسبون في الخطبة من لا يحل سبه، فتفرق الناس عند الخطبة إذا كانت متأخرة لئلا يسمعوا ذلك فقدم الخطبة ليسمعهم.

وقال الشوكاني في نيل الأوطار (66): قد ثبت في صحيح مسلم (67) من رواية طارق بن شهاب عن أبي سعيد قال: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، وقيل: أول من فعل ذلك معاوية، حكاه القاضي عياض. وأخرجه الشافعي (68) عن ابن عباس بلفظ: حتى قدم معاوية فقدم الخطبة. ورواه عبد الرزاق (69)... فهل رأيت مروان كيف يغير السنة؟ وكيف يفوه ملء فمه بما لا يسوغ لمسلم أن يتكلم به؟ كأن ذلك مفوض إليه، وكأن تركها المنبعث عن التجري على الله ورسوله يكون مبيحا لإدامة الترك، لماذا ذهب ما كان يعلمه أبو سعيد من السنة؟ ولماذا ترك؟ نعم، كان لمروان في المقام ملحوظتان: الأولى أثر ابن عمه عثمان، والآخر أنه كان يقع في الخطبة في مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ويسبه فتتفرق عنه الناس لذلك، فقدمها على الصلاة لئلا يجفلوا فيسمعوا العظائم ويصيخوا إلى ما يلفظ به من كبائر وموبقات.

ويستظهر من كلام لعبد الله بن الزبير: كل سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غيرت حتى الصلاة (70). إن تسرب التغيير ولعب الأهواء بالسنن لم يكن مقصورا على الخطبة قبل الصلاة فحسب، وإنما تطرق ذلك إلى كثير من الأحكام كما يجده الباحث السابر أغوار السير والحديث (71).

قال الأميني: إن الثابت في السنة الشريفة أن الخطبة في العيدين تكون بعد الصلاة، قال الترمذي في الصحيح (72): والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم أن صلاة العيدين قبل الخطبة ويقال: إن أول من خطب قبل الصلاة مروان بن الحكم. انتهى.

وإليك جملة مما ورد فيها:

1 - عن ابن عباس قال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه صلى يوم فطر أو أضحى قبل الخطبة ثم خطب.

صحيح البخاري (73)، صحيح مسلم (74)، سنن أبي داود (75)، سنن ابن ماجة (76)، سنن النسائي (77)، سنن البيهقي (78).

2- عن عبد الله بن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم أبو بكر ثم عمر يصلون العيد قبل الخطبة، وفي لفظ الشافعي: إن النبي وأبا بكر وعمر كانوا يصلون في العيدين قبل الخطبة، وفي لفظ للبخاري: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي في الأضحى والفطر ثم يخطب بعد الصلاة.

صحيح البخاري (79)، صحيح مسلم (80)، موطأ مالك (81)، مسند أحمد (82)، كتاب الأم للشافعي (83)، سنن ابن ماجة (84)، سنن البيهقي (85)، سنن الترمذي (86)، سنن النسائي (87)، المحلى لابن حزم (88)، بدائع الصنائع (89).

3- عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخرج يوم العيد فيصلي بالناس ركعتين ثم يسلم فيقف على رجليه. انتهى.

سنن ابن ماجة (90)، المدونة الكبرى لمالك (91)، سنن البيهقي (92)....

موقف مروان في حصار عثمان:

بعد أن قرب عثمان عشيرته وأغدق عليهم الأموال وولاهم المناصب في الدولة والمدن الإسلامية... ثار المسلمون ضده وحاصروه وطلبوا منه ترك الخلافة أو التوبة وسنوافيك بالقصة لترى خبث ابن الحكم.

أخرج (93) الطبري من طريق علي بن عمر عن أبيه، قال: إن عليا جاء عثمان بعد انصراف المصريين، فقال له: " تكلم كلاما يسمعه الناس منك، ويشهدون عليه ويشهد الله على ما في قلبك من النزوع والإنابة، فإن البلاد قد تمخضت عليك، فلا آمن ركبا آخرين يقدمون من الكوفة فتقول: يا علي اركب إليهم، ولا أقدر أن أركب إليهم ولا أسمع عذرا، ويقدم ركب آخرون من البصرة فتقول: يا علي اركب إليهم، فإن لم أفعل رأيتي قد قطعت رحمك واستخففت بحقك ". قال:

فخرج عثمان وخطب الخطبة التي نزع فهيا وأعطى الناس من نفسه التوبة، فقام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال:

أما بعد، أيها الناس فوالله ما عاب من عاب منكم شيئا أجهله، وما جئت شيئا إلا وأنا أعرفه، ولكني منتني نفسي وكذبتني، وضل عني رشدي، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " من زل فليتب (93) ومن أخطأ فليتب ولا يتمادى في الهلكة، إن من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق "، فأنا أول من اتعظ، أستغفر الله مما فعلت، وأتوب إليه، فمثلي نزع وتاب، فإذا نزلت فليأتني أشرافكم فليروني رأيهم، فوالله لئن ردني إلى الحق عبد لأستنن بسنة العبد، ولأذلن ذل العبد، ولأكونن كالمرقوق، إن ملك صبر، وإن عتق شكر، وما من الله مذهب إلا إليه، فلا يعجزن عنكم خياركم أن يدنوا إلي، لئن أبت يميني لتتابعني شمالي.

قال: فرق الناس له يومئذ، وبكى من بكى منهم، وقام إليه سعيد بن زيد فقال: يا أمير المؤمنين ليس بواصل لك من ليس معك، الله الله في نفسك، فأتمم على ما قلت.

فلما نزل عثمان وجد في منزله مروان وسعيدا (94) ونفرا من بني أمية ولم يكونوا شهدوا الخطبة، فلما جلس قال مروان: يا أمير المؤمنين: أتكلم أم أصمت؟ فقالت نائلة ابنة الفرافصة امرأة عثمان الكلبية: لا بل اصمت فإنهم والله قاتلوه ومؤثموه، إنه قد قال مقالة لا ينبغي له أن ينزع عنها. فأقبل عليها مروان فقال: ما أنت وذاك؟ فوالله لقد مات أبوك وما يحسن يتوضأ. فقالت له: مهلا يا مروان عن ذكر الآباء، تخبر عن أبي وهو غائب تكذب عليه، وإن أباك لا يستطيع أن يدفع عنه، أما والله لولا أنه عمه وأنه يناله غمه أخبرتك عنه ما لن أكذب عليه. قال: فأعرض عنها مروان، ثم قال: يا أمير المؤمنين أتكلم أم أصمت؟ قال: بل تكلم. فقال مروان: بأبي أنت وأمي والله لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممنع منيع فكنت أول من رضي بها وأعان عليها ولكنك قلت ما قلت حين بلغ الحزام الطبيين، وخلف السيل الزبى، وحين أعطى الخطة الذليلة الذليل، والله لإقامة على خطيئة تستغفر الله منها أجمل من توبة تخوف عليها، وإنك إن شئت تقربت بالتوبة ولم تقرر بالخطيئة، وقد اجتمع إليك على الباب مثل الجبال من الناس. فقال عثمان: فاخرج إليهم فكلمهم فإني أستحي أن أكلمهم.

قال: فخرج مروان إلى الباب والناس يركب بعضهم بعضا فقال: ما شأنكم قد اجتمعتم؟ كأنكم قد جئتم لنهب، شاهت الوجوه، كل إنسان آخذ بأذن صاحبه ألا من أريد (95)؟ جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا اخرجوا عنا، أما والله لئن رمتمونا ليمرن عليكم منا أمر لا يسركم ولا تحمدوا غب رأيكم، ارجعوا إلى منازلكم، فإنا والله ما نحن مغلوبين على ما في أيدينا، قال: فرجع الناس وخرج بعضهم حتى أتى عليا فأخبره الخبر، فجاء علي عليه السلام مغضبا حتى دخل على عثمان فقال: " أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلا بتحرفك (96) عن دينك وعن عقلك مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به؟ والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه، وأيم الله إني لأراه سيوردك ثم لا يصدرك، وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك، أذهبت شرفك، وغلبت على أمرك ".

فلما خرج علي دخلت عليه نائلة ابنة الفرافصة امرأته، فقالت:

أتكلم أو أسكت؟ فقال: تكلمي، فقال: قد سمعت قول علي لك وأنه ليس يعاودك، وقد أطعت مروان يقودك حيث شاء، قال: فما أصنع؟

قالت: تتقي الله وحده لا شريك له وتتبع سنة صاحبيك من قبلك، فإنك متى أطعت مروان قتلك، ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبة، وإنما تركك الناس لمكان مروان، فأرسل إلى علي فاستصلحه فإن له قرابة منك وهو لا يعصى. قال: فأرسل عثمان إلى علي فأبى أن يأتيه، وقال: " قد أعلمته أني لست بعائد ". فبلغ مروان مقالة نائلة فيه، فجاء إلى عثمان فجلس بين يديه، فقال: أتكلم أو أسكت؟ فقال:

تكلم. فقال: إن بنت الفرافصة، فقال عثمان: لا تذكرنها بحرف فأسوء لك وجهك فهي والله أنصح لي منك، فكف مروان (97).

صورة أخرى من التوبة:

من طريق أبي عون، قال: سمعت عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث يذكر مروان بن الحكم، قال: قبح الله مروان، خرج عثمان إلى الناس فأعطاهم الرضا، وبكى على المنبر وبكى الناس حتى نظرت إلى لحية عثمان مخضلة من الدموع وهو يقول: اللهم إني أتوب إليك، اللهم إني أتوب إليك، اللهم إني أتوب إليك، والله لئن ردني الحق إلى أن أكون عبدا قنا لأرضين به، إذا دخلت منزلي فادخلوا علي، فوالله لا أحتجب منك ولأعطينكم [ الرضا ] (98) ولأزيدنكم على الرضا، ولأنحين مروان وذويه.

قال: فلما دخل أمر بالباب ففتح، ودخل بيته ودخل عليه مروان، فلم يزل يفتله في الذروة والغارب حتى فتله عن رأيه، وأزاله عما كان يريد (99).

واستمرت المفاوضات بين عثمان والثوار المسلمين، وعقد علي بن أبي طالب عليه السلام صلحا بين الثوار والخليفة وافق عليه الطرفان ومما جاء فيه: " يرد - عثمان - كل مظلمة ويعزل كل عامل كرهوه " (100).

ولكن ما حدث بعد هذا؟!

أخرج (101) البلاذري (102) من طريق أبي مخنف قال: لما شخص المصريون بعد الكتاب الذي كتبه عثمان فصاروا بأيلة (103) أو بمنزل قبلها رأوا راكبا خلفهم يريد مصر فقالوا له: من أنت؟ فقال: رسول أمير المؤمنين إلى عبد الله بن سعد، وأنا غلام أمير المؤمنين. وكان أسود، فقال بعضهم لبعض: لو أنزلناه وفتشناه ألا يكون صاحبه قد كتب فينا بشئ، ففعلوا فلم يجدوا معه شيئا، فقال: بعضهم لبعض: خلو سبيله، فقال كنانة بن بشر: أما والله دون أن أنظر في إداوته فلا. فقالوا: سبحان الله أيكون كتاب في ماء؟ فقال: إن للناس حيلا. ثم حل الإداوة فإذا فيها قارورة مختومة، أو قال: مضمومة في جوف القارورة كتاب في أنبوب من رصاص فأخرجه فقرئ فإذا فيه:

أما بعد: فإذا قدم عليك عمرو بن بديل فاضرب عنقه، واقطع يدي ابن عديس وكنانة وعروة، ثم دعهم يتشحطون في دمائهم حتى يموتوا، ثم أوثقهم على جذوع النخل.

فيقال: إن مروان كتب الكتاب بغير علم عثمان، فلما عرفوا ما في الكتاب، قالوا: عثمان محل. ثم رجعوا عودهم على بدئهم حتى دخلوا المدينة فلقوا عليا بالكتاب وكان خاتمه من رصاص، فدخل به علي على عثمان فحلف بالله ما هو كتابه ولا يعرفه وقال: أما الخط فخط كاتبي، وأما الخاتم فعلى خاتمي، قال علي: " فمن تتهم؟ " قال: أتهمك وأتهم كاتبي. فخرج علي مغضبا وهو يقول: " بل هو أمرك ". قال أبو مخنف:

وكان خاتم عثمان بدءا عند حمران بن أبان ثم أخذه مروان حين شخص حمران إلى البصرة فكان معه.

وفي رواية أن المصريين - وكان معهم محمد بن أبي بكر - حين سألوا الغلام عن أمره فقال لهم مرة: أنا غلام أمير المؤمنين، وقال أخرى: أنا غلام مروان وجهني إلى عامل مصر برسالة... ثم فك الكتاب بمحضر منهم فإذا فيه: إذا أتاك محمد بن أبي بكر وفلان وفلان فاحتل لقتلهم وأبطل كتاب محمد وقر على عملك حتى يأتيك رأيي... ".

ورجع الثوار إلى المدينة ودخل علي وطلحة والزبير وسعد على عثمان فأنكر عثمان الكتاب. تقول الرواية: " وعرفوا أن الخط خط مروان فسألوه أن يدفع إليهم مروان فأبى، وكان مروان عنده في الدار، فخرج أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم من عنده غضابا وعلموا أنه لا يحلف بباطل، إلا أن قوما قالوا: لن يبرأ عثمان في قلوبنا إلا أن يدفع إلينا مروان حتى نحثه عن الأمر ونعرف حال الكتاب، وكيف يؤمر بقتل رجال من أصحاب رسول الله بغير حق... " (104).

قد مر عليك موقف مروان في حصار الخليفة، فكلما أعلن الخليفة توبته أمام الملأ وبكى وندم على ما كان فعل دخل عليه مروان فلم يزل يفتله في الذروة والغارب حتى فتله عن رأيه وأزاله عما كان يريد، ولا نبالغ إذا قلنا إن ابن الحكم كان ساعيا في قتل الخليفة.

قال الأميني (105):

إن الطريد ابن الطريد، أو قل عن لسان النبي الأمين: " الوزغ ابن الوزغ، اللعين ابن اللعين "، مروان بن الحكم كان يؤثر في نفسيات الخليفة حتى يحوله كما قال مولانا أمير المؤمنين عن دينه وعقله، ويجعله مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به. فلم يزل به حتى أربكه عند منتقض العهود ومنتكث المواثيق، فأورده مورد الهلكة. وعجيب من الخليفة أن يتأثر بتسويلات الرجل وهو يعلم محله من الدين وموقفه من الإيمان، ومبوأه من الصدق والأمانة، وهو يعلم أنه هو وزبانيته هم الذين جروا عليه الويلات وأركبوه النهابير، وأنهم سيوردونه ثم لا يصدرونه، يعلم ذلك كله وهو بين الناب والمخلب وفي منصرم الحياة، ومع ذلك كله لا يزال مقيما على هاتيك الوساوس المروانية، فيا للعجب.

وأعجب من ذلك أنه مع هذا التأثر يتخذ نصح الناصحين له كمولانا أمير المؤمنين عليه السلام وكثير من الصحابة العدول بأعتاب الناس ورفض تمويهات مروان الموبقة له ظهريا فلا يعير لهم بعد تمام الحجة وقطع سبل المعاذير أذنا واعية، وهو يعلم أنهم لا يعدون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدعونه إلى ما فيه نجاته ونجاح الأمة (106).

مروان بعد مقتل عثمان:

بعد مقتل الخليفة عثمان قرر ابن الحكم المطالبة بدمه، ولم يرضه أن تكون الخلافة بيد آل أبي طالب لذلك كان من أول المحرضين عليهم، فانضم إلى جيش عائشة ضد الإمام علي عليه السلام.

في الجمل يقتل طلحة

كان طلحة بن عبيد الله من الثائرين ضد عثمان لذلك أخذ ابن الحكم ثأره منه يوم الجمل.

روى (107) البلاذري بإسناده من طريق ابن سيرين أنه قال: لم يكن من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أشد على عثمان من طلحة.

وذكره ابن عبد ربه في العقد الفريد (108).

أخرج ابن سعد وابن عساكر، قال: كان طلحة يقول يوم الجمل:

إنا داهنا في أمر عثمان، فلا نجد [ اليوم ] (109) شيئا أمثل من أن نبذل دماءنا فيه، اللهم خذ لعثمان مني اليوم حتى ترضى (110).

أخرج ابن عساكر، قال: كان مروان بن الحكم في الجيش - يوم الجمل - فقال: لا أطلب بثأري بعد اليوم، فهو الذي رمى طلحة فقتله، ثم قال لأبان بن عثمان: قد كفيتك بعض قتلة أبيك، وكان السهم قد وقع في عين ركبته، فكانوا إذا أمسكوها انتفخت وإذا أرسلوها انبعثت، فقال:

دعوها فإنها سهم أرسله الله (111).

قال أبو عمر في الإستيعاب (112): لا يختلف العلماء الثقات في أن مروان قتل طلحة يومئذ وكان في حزبه.

وأخرج أبو عمر (113) من طريق ابن أبي سبرة قال: نظر مروان إلى طلحة يوم الجمل فقال: لا أطلب بثاري بعد اليوم. فرماه بسهم فقتله.

وأخرج (114) من طريق يحيى بن سعيد عن عمه أنه قال: رمى مروان طلحة بسهم، ثم التفت إلى أبان بن عثمان، فقال: قد كفينا بعض قتلة أبيك.

وأخرج (115) من طريق قيس نقلا عن ابن أبي شيبة أن مروان قتل طلحة، ومن طريق وكيع وأحمد بن زهير، بإسنادهما عن قيس بن أبي حازم حديث: لا أطلب بثاري بعد اليوم. وزاد في أسد الغابة (116) ما مر من قول مروان لأبان.

وقال ابن حجر في الإصابة (117): روى ابن عساكر (118) من طرق (119 ) متعددة: أن مروان بن الحكم هو الذي رماه فقتله، منها: وأخرجه أبو القاسم البغوي بسند صحيح عن الجارود بن أبي سبرة، قال: لما كان يوم الجمل نظر مروان إلى طلحة فقال: لا أطلب ثاري بعد اليوم، فنزع له بسهم فقتله.

وأخرج يعقوب بن سفيان، بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم، أن مروان بن الحكم رأى طلحة في الخيل، فقال: هذا أعان على عثمان، فرماه بسهم في ركبته، فما زال الدم يسيح حتى مات. وأخرجه الحاكم في المستدرك (116).

أخرجه عبد الحميد بن صالح عن قيس، وأخرجه الطبراني (117) من طريق يحيى بن سليمان الجعفي عن وكيع بهذا السند، قال: رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم فوقع في عين ركبته، فما زال الدم يسيح إلى أن مات.

وأخرج الحاكم في المستدرك (118) من طريق عكراش قال: كنا نقاتل عليا مع طلحة ومعنا مروان، قال: فانهزمنا، فقال مروان: لا أدرك بثاري بعد اليوم من طلحة. فرماه بسهم فقتله.

وقال محب الدين الطبري في الرياض (119): المشهور أن مروان بن الحكم هو الذي قتله، رماه بسهم وقال: لا أطلب بثاري بعد اليوم. وذلك أن طلحة زعموا أنه كان ممن حاصر عثمان واشتد عليه.

وأخرج البلاذري في الأنساب (120)، في حديث عن روح بن زنباع:

أنه قال: رمى مروان طلحة فاستقاد منه لعثمان.

يوجد حديث قتل مروان بن الحكم طلحة بن عبيد الله أخذا بثار عثمان في مروج الذهب (121)، العقد الفريد (122)، مستدرك الحاكم (123)، الكامل لابن الأثير (124)، صفة الصفوة لابن الجوزي (125)، أسد الغابة (126)، دول الإسلام للذهبي (127)، تاريخ ابن كثير (128)، تذكرة السبط (129)، مرآة الجنان لليافعي (130)، تهذيب التهذيب (131)، تاريخ ابن شحنة هامش الكامل (132).

أخرج ابن سعد (133) بالإسناد عن شيخ من كلب، قال: سمعت عبد الملك بن مروان يقول: لولا أن أمير المؤمنين مروان أخبرني أنه قتل طلحة ما تركت أحدا من ولد طلحة إلا قتلته بعثمان. أخرج الحميدي في النوادر من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الملك بن أبي مروان، قال: دخل موسى بن طلحة على الوليد، فقال له الوليد: ما دخلت علي قط إلا هممت بقتلك لولا أن أبي أخبرني أن مروان قتل طلحة. تهذيب التهذيب (134).

أخرج الطبري في حديث: فقام طلحة والزبير خطيبين - يعني بالبصرة - فقالا: يا أهل البصرة توبة بحوبة، إنما أردنا أن يستعتب أمير المؤمنين عثمان ولم نرد قتله، فغلب سفهاء الناس الحلماء حتى قتلوه، فقال الناس لطلحة: يا أبا محمد قد كانت كتبك تأتينا بغير هذا.

تاريخ الطبري (135).

ذكر المسعودي في حديث وقعة الجمل: ثم نادى علي رضي الله عنه طلحة حين رجع الزبير: " يا أبا محمد ما الذي أخرجك؟ " قال: الطب بدم عثمان. قال علي: " قتل الله أولانا بدم عثمان " (136).

ابن الحكم يلتحق بمعاوية

بعد اشتراك ابن الحكم في موقعة الجمل وقتله لطلحة التحق بركب معاوية بن أبي سفيان وشارك في معركة صفين ضد الإمام علي عليه السلام، بعد ذلك ولاه معاوية على المدينة، واستمرت ولايته عليها تسعة أشهر، وقيل: عشرة أشهر (137) ثم عزله، وكان ابن الحكم ينتظر تحقق نبؤة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه وفي ولده في استيلائهم على الخلافة إذا بلغوا أربعين رجلا (138).

مروان يوطد بيعة يزيد

عمل مروان على تثبيت ودعم خلافة يزيد، يزيد المعروف بفسقه وفجوره ومجونه.

كتب (139) معاوية إلى مروان بن الحكم: إني قد كبرت سني، ودق عظمي، وخشيت الاختلاف على الأمة بعدي، وقد رأيت أن أتخير لهم من يقوم بعدي، وكرهت أن أقطع أمرا دون مشورة من عندك، فأعرض ذلك عليهم وأعلمني بالذي يردون عليك.

فقام مروان في الناس فأخبرهم به، فقال الناس: أصاب ووفق، وقد أجبنا أن يتخير لنا فلا يألوا.

فكتب مروان إلى معاوية بذلك فأعاد إليه الجواب بذكر يزيد.

فقام مروان فيهم وقال: إن أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يأل وقد استخلف ابنه يزيد بعده.

فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: كذبت والله يا مروان وكذب معاوية، ما الخيار أردتما لأمة محمد، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كما مات هرقل قام هرقل. فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه (والذي قال لوالديه أف لكما). الآية، فسمعت عائشة مقالته من وراء الحجاب وقالت: يا مروان يا مروان، فأنصت الناس، وأقبل مروان بوجهه فقالت: أنت القائل لعبد الرحمن أنه نزل فيه القرآن؟ كذبت والله ما هو به ولكنه فلان بن فلان، ولكنك أنت فضض من لعنة نبي الله (140).

وتمت بيعة يزيد ولم تطل مدة خلافته فمات دون أن يعهد إلى أحد، وبعد موت معاوية بن يزيد - الذي رفض الخلافة وأنكر على آبائه اغتصابهم الخلافة - بويع مروان بن الحكم في الشام بالخلافة وتم الأمر له.

من آراء ابن الحكم:

عن داود بن أبي صالح قال (141): أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه - جبهته - على القبر، فأخذ مروان برقبته ثم قال: هل تدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فإذا أبو أيوب الأنصاري، فقال: نعم إني لم آت الحجر، إنما جئت رسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولم آت الحجر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا على الدين إذا وليه غير أهله ".

أخرجه (142): الحاكم في المستدرك وصححه هو والذهبي في تلخيصه، ورواه أبو الحسين يحيى بن الحسن الحسيني في أخبار المدينة، بإسناد آخر عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، كما في شفاء السقام للسبكي (143).

وذكره السيد نور الدين السمهودي في وفاء الوفاء (144) نقلا عن إمام الحنابلة أحمد، قال: رأيته بخط الحافظ أبي الفتح المراغي المدني، وأخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (145) نقلا عن أحمد.

قال الأميني: إن هذا الحديث يعطينا خبرا بأن المنع عن التوسل بالقبور الطاهرة إنما هو من بدع الأمويين وضلالتهم منذ عهد الصحابة، ولم تسمع أذن الدنيا قط صحابيا ينكر ذلك غير وليد بيت أمية مروان الغاشم، نعم، الثور يحمي أنفه بروقه (146)، نعم، بعلة الورشان يأكل رطب المشان (147)، نعم، لبني أمية عامة ولمروان خاصة ضغينة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ يوم لم يبق صلى الله عليه وآله وسلم في الأسرة الأموية حرمة إلا هتكها، ولا ناموسا إلا مزقه، ولا ركنا إلا أباده، وذلك بوقيعته صلى الله عليه وآله وسلم فيهم وهو (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علمه شديد القوى) (148).

فحقيق على مروان أن يرى الأمة الإسلامية أنه يحامي عن التوحيد وقد رام أن يخذلها عن نبيها ويصغره عندها، وكيف يروقه نبي كان هذا هتافه فيه وفي أبيه وجده وأصله وشجرته؟ تلك الشجرة الملعونة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.

فلا يحق لمسلم أن يحذو حذو تلك الأمة الملعونة ويقول بقولهم ويتخذ برأيهم، ويتبع أثر أولئك الرجال الذين اتخذوا دين الله دخلا، وعباد الله خولا، وكتاب الله حولا (149).

أجل، لقد ساء ابن الحكم التفاف المسلمين حول النبي ميتا، كيف لا؟ وهو الذي حطم كبرياء بني أمية، وهو الذي نفى أباه ولعنه ومن في صلبه، فالعداء للنبي هو الذي دفع مروان إلى موقفه هذا، ويبدو لي سبب آخر وهو أن التبرك والالتفاف حول القبر الشريف يذكر المسلمين نبيهم وأحاديثه التي لعنت ولاة أمثال مروان، والتي تدعو للقيام على الظلمة وعدم إطاعتهم، وهذا ما يريد ابن الحكم وبنو أمية أن يمحوه من ذاكرة المسلمين.

دعوى باطلة

زعم ابن الأثير أن الإمام عليا بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام روى عن ابن الحكم، فقد جاء في أسد غابته:

" روى عنه - أي مروان - علي بن الحسين " (150).

وكذا أرسل ابن حجر هذه العبارة في إصابته (151) لكنه لم يصب الحق فيها فمروان هذا لم يسمع من البني شيئا (152) إذا إنه غادر المدينة طفلا إلى الطائف مع والده وعاد في خلافة عثمان، أجل كيف يروي الإمام عليه السلام عن مروان هذا وعنده والده ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيد شباب أهل الجنة الحسين عليه السلام؟ فمن كان يستضيء، بالشمس لا يتركها لظلام دامس، وكيف يروي عنه وقد كان يسب جده عليا في كل جمعة وكان ينال من آل البيت ويشتمهم؟ وما هذه العلاقة التي جمعت الإمام بابن الحكم؟ فشتان بين الثرى والثريا وهيهات أن يجتمع النور والظلام.

قال المقريزي في ابن الحكم: " وكان رجلا لا فقه له، ولا يعرف بالزهد، ولا برواية الآثار، ولا بصحبة ولا ببعد همة " (153).

وقد كان الإمام علي بن الحسين سيد علماء عصره، قال فيه الزهري: " ما رأيت قرشيا أفضل من علي بن الحسين " [ في أيامه ] (154) وقال أيضا: " ما رأيت أحدا كان أفقه منه. وقال ابن وهب عن مالك: لم يكن في أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل علي بن الحسين " (155).

وقال له نافع بن جبير: " إنك سيد الناس وأفضلهم " (156) وقال فيه الشافعي: " هو أفقه أهل المدينة " (157).

فمن كان أفقه أهل المدينة وأفضلهم فكيف يروي عن ابن الحكم؟!

موت مروان بن الحكم:

هلك ابن الحكم في شهر رمضان سنة خمس وستين (158)، وهو معدود فيمن قتلته النساء، فقد تزوج أم خالد بن يزيد ليضع من خالد، وقال يوما لخالد: يا ابن الرطبة! فقال له خالد: " أنت مؤتمن خائن " وشكى خالد ذلك يوما إلى أمه، فقال: لا تعلمه أنك ذكرته لي، فلما دخل إليها مروان قامت إليه مع جواريها، فغمته حتى مات (159).

قال المسعودي: " فمنهم من رأى أنها وضعت على نفسه وسادة، وقعدت فوقها مع جواريها حتى مات، ومنهم من يرى أنها أعدت له لبنا مسموما " (160).

وهكذا رحل عن الدنيا بعد عمر ملئ بالشقاوة والشيطنة، وتسلم ابنه عبد الملك الخلافة من بعده.

____________

(1) أسد الغابة: 5 / 144، الإصابة: 3 / 477.

(2) راجع: أسد الغابة: 5 / 144.

(3) نفس المصدر.

(4) الغدير: 8 / 367، المستدرك على الصحيحين: 4 / 526 ح 8477.

(5) حياة الحيوان: 2 / 422.

(6) الصواعق المحرقة: ص 181.

(7) السيرة الحلبية: 1 / 317.

(8) شرح نهج البلاغة: 6 / 155 خطبة 72.

(9) المعارف: ص 195.

(10) تاريخ أبي الفداء: 1 / 168.

(11) أنساب الأشراف: 5 / 38.

(12) العقد الفريد: 4 / 103.

(13) أنساب الأشراف: 5 / 27، 28. (المؤلف).

(13) تاريخ ابن كثير: 7 / 170 حوادث سنة 27هـ. لا يخفى على القارئ تحريف ابن كثير رواية الواقدي، والصحيح ما ذكره الطبري عنه، (المؤلف)

 (14) تاريخ الأمم والملوك: 4 / 256 حوادث سنة 27هـ.

(15) الكامل في التاريخ: 2 / 237 حوادث سنة 27هـ.

(16) طبقات ابن سعد: 3 / 44 طبع ليدن 3 / 64، الأنساب للبلاذري: 5 / 25. (المؤلف)

(17) أنساب الأشراف: 5 / 28.

(18) شرح نهج البلاغة: 1 / 199 خطبة 3.

(19) في المصدر: والله لو.

(20) السيرة الحلبية: 2 / 78.

(21) الغدير 8 / 367.

(22) المصدر السابق: 8 / 334.

(23) المعارف: ص 194 - 195.

(24) تاريخ أبي الفداء: 1 / 168.

(25) السنن الكبرى: 6 / 301.

(26) العقد الفريد: 4 / 103.

(27) شرح نهج البلاغة: 1 / 198 - 199 خطبة 3.

(28) راجع الغدير: 7 / 195 - 197.

(29) حديث " نحن معاشر الأنبياء لا نورث... " الذي رواه أبو بكر عندما طالبته فاطمة عليها السلام بفدك.

(30) أسد الغابة: 2 / 37 رقم 1217، الإصابة: 1 / 346 رقم 1781، السيرة الحلبية: 1 / 317، كنز العمال: 11 / 167 ح 31066. (المؤلف)

(31) شرح نهج البلاغة: 6 / 150 خطبة 72.

(32) الإستيعاب: القسم الثالث / 1388 رقم 2370.

(33) أسد الغابة: 5 / 145 رقم 4841.

(34) كنز العمال: 11 / 167 ح 31067.

(35) هو بنو عبد الملك: الوليد، سليمان، يزيد، هشام. كذا فسره الناس وعند ابن أبي الحديد 6 / 147 - 148 خطبة 72 هم أولاد مروان: عبد الملك، بشر، محمد، عبد العزيز. (المؤلف)

(36) نهج البلاغة: ص 102 رقم 73.

(37) شرح نهج البلاغة: 6 / 148، خطبة 72.

(38) الطبقات الكبرى: 5 / 43.

(39) تذكرة الخواص: ص 78.

(40) أنساب الأشراف: 5 / 126.

(41) أنظر ثمار القلوب: ص 76 رقم 103.

(42) أشار بقوله: مضروب القفا إلى ما وقع يوم الدار، فإن مروان ضرب يوم ذاك على قفاه. (المؤلف)

(43) ورواهما وما قبلهما ابن الأثير في أسد الغابة: 5 / 145 رقم 4841. (المؤلف)

(44) أنساب الأشراف: 5 / 144.

(45) شرح نهج البلاغة: 6 / 151 خطبة 72.

(46) هو مرخم مروان.

(47) الشعر والشعراء: ص 221.

(48) بنت جعفر هي الهاشمية الشهيرة بأم أبيها بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب زوجة عبد الملك بن مروان. ثم طلقها فتزوجها علي بن عبد الله بن عباس. (المؤلف)

(49) الغدير: 8 / 370.

(50) مسند أحمد 5 / 58 ح 16415.

(51) مجمع الزوائد: 2 / 156.

(52) صحيح البخاري: 1 / 326 ح 913.

(53) الغدير: 8 / 376.

(54) كما ذكره أبو عمر في الإستيعاب القسم الثالث / 137 رقم 2370، وابن الأثير في أسد الغابة: 5 / 144 - 145 رقم 4841. (المؤلف)

(55) الأنفال: 41.

(56) المطلب أخو هاشم لأب وأم، وأمهما عاتكة بنت مرة. (المؤلف)

(57) صحيح البخاري: 3 / 1143 ح 2971، الأموال: ص 415 ح 843، 844، سنن البيهقي: 6 / 340، 342، سنن أبي داود: 3 / 145 - 146 ح 2978 - 2980، مسد أحمد: 5 / 36 ح 16299، المحلى: 7 / 328 المسألة 949.

(المؤلف)

(58) الغدير: 8 / 377.

(59) كتاب الأمم: 1 / 235.

(60) جبذ: جذب. (المؤلف).

(61) راجع صحيح البخاري: 1 / 326 ح 913، صحيح مسلم: 2 / 286.

ح 9 كتاب صلاة العيدين، سنن أبي داود: 1 / 296 ح 1140، سنن ابن ماجة: 1 / 406 ح 1275، سنن البيهقي: 3 / 297، مسند أحمد: 3 / 381 ح 10689، ص 397 ح 10766، ص 452 ح 111000، ص 456 ح 11122، ص 518، ح 11466، بدائع الصنائع: 1 / 276. (المؤلف).

(62) المحلى: 5 / 86.

(63) بدائع الصنائع: 1 / 276.

(64) المبسوط: 2 / 37.

(65) شرح سنن ابن ماجة: 1 / 386.

(66) نيل الأوطار: 3 / 335.

(67) صحيح مسلم: 1 / 100 ح 78 الإيمان.

(68) أخرجه في كتاب الأم: 1 / 235 من طريق عبد الله بن يزيد الخطمي، ولعل حديث ابن عباس مذكور في غير هذا الموضع. (المؤلف)

(69) المصنف: 3 / 284 ح 5646.

(70) الأم للشافعي: 1 / 208.

(71) الغدير: 8 / 373.

(72) سنن الترمذي: 2 / 411 ح 531.

(73) صحيح البخاري: 2 / 525 ح 1381.

(74) صحيح مسلم: 2 / 283 ح 2 كتاب صلاة العيدين.

(75) سنن أبي داود: 1 / 927 ح 2411.

(76) سنن ابن ماجة: 1 / 406 ح 1273.

(77) السنن الكبرى 1 / 454 ح 1766.

(78) سنن البيهقي: 3 / 296.

(79) صحيح البخاري: 1 / 326 ح 914، ص 327 ح 920.

(80) صحيح مسلم: 2 / 286 ح 8 كتاب صلاة العيدين.

(81) موطأ مالك: 1 / 178.

(82) مسند أحمد: 2 / 126 ح 4943.

(83) كتاب الأم: 1 / 235.

(84) سنن ابن ماجة: 1 / 407 ح 1276.

(85) سنن البيهقي: 3 / 296.

(86) سنن الترمذي: 2 / 411 ح 531.

(87) السنن الكبرى: 1 / 545 ح 1767.

(88) المحلى: 5 / 85.

(89) بدائع الصنائع: 1 / 276.

(90) سنن ابن ماجة: 1 / 409 ح 1288.

(91) المدونة الكبرى: 1 / 169.

(92) سنن البيهقي: 3 / 297.

(92) الغدير: 9 / 232.

(93) كذا في تاريخ الطبري، والصحيح: فلينب كما ذكره البلاذري في الأنساب: 6 / 177.

(94) هو سعيد بن العاص. (المؤلف).

(95) كذا في تاريخ الطبري، وفي الكامل: شاهت الوجوه إلى من أريد. (المؤلف)

(96) في لفظ البلاذري: إلا بإفساد دينك، وخديعتك عن عقلك. وفي لفظ ابن كثير: إلا بتحويلك عن دينك وعقلك، وإن مثلك مثل جمل الظعينة سار حيث يسار به. (المؤلف).

(97) الأنساب للبلاذري: 6 / 177 و 179، تاريخ الطبري: 4 / 360 حوادث سنة 35هـ، الكامل لابن الأثير: 2 / 285 حوادث سنة 35هـ، تاريخ ابن كثير: 7 / 193 حوادث سنة 35هـ، شرح ابن أبي الحديد: 2 / 146 - 147 خطبة 30، تاريخ ابن خلدون: 2 / 597 - 598. (المؤلف).

(98) الزيادة من المصدر.

(99) تاريخ الطبري: 4 / 364 حوادث سنة 35هـ الكامل لابن الأثير: 2 / 286 حوادث سنة 35هـ (المؤلف)

(100) راجع التفاصيل في الغدير: 9 / 236 - 238 نقلا عن: تاريخ الطبري: 4 / 369.

حوادث سنة 35هـ الكامل لابن الأثير: 288 / 2 - 289 حوادث سنة 35هـ شرح ابن أبي الحديد: 2 / 149 خطبة: 30. (المؤلف)

(101) الغدير: 9 /: / 239.

(102) راجع: الأنساب: 5 / 26 - 69، 95، الإمامة والسياسة: 1 / 39، المعارف لابن قتيبة: ص 194، العقد الفريد: 4 / 106 تاريخ الطبري: 4 / 372 حوادث سنة 35هـ، الرياض النضرة: 3 / 56، الكامل لابن الأثير:2 / 287 حوادث سنة 35هـ، شرح ابن أبي الحديد: 2 / 151 خطبة 30، تاريخ ابن خلدون: 2 / 598، تاريخ ابن كثير: 7 / 194 - 211 حوادث سنة 35هـ، حياة الحيوان للدميري: 1/ 77، الصواعق المحرقة: ص 117، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 148 و 151، السيرة الحلبية: 2 / 75 و 77 و 78، تاريخ الخميس: 259 / 2، واللفظ للبلاذري والطبري. (المؤلف).

(103) أيله بالفتح: مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام، وقيل: هي آخر الحجاز وأول الشام. معجم البلدان: 1 / 292. (المؤلف).

(104) راجع القصة في الغدير: 9 / 241 - 243.

(105) الغدير: 9 / 252.

(106) انتهى نص الغدير.

(107) الغدير: 9 / 129.

(108) أنساب الأشراف: 6 / 201، العقد الفريد: 4 / 113.

(109) ما بين المعقوفين إضافة من المصادر الثلاثة.

(110) الطبقات الكبرى: 3 / 222، تاريخ مدينة دمشق: 25 / 109 رقم 2983، وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 204، تذكرة الخواص: ص 77.

(111) تاريخ مدينة دمشق: 25 / 112 - 113 رقم 2983، وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 207.

(112) الإستيعاب: القسم الثاني / 766 رقم 1280.

(113) الإستيعاب: القسم الثاني / 768 رقم 1280.

(114) المصدر السابق.

(115) الإستيعاب: القاسم الثاني / 768 رقم 1280.

(116) أسد الغابة: 3 / 88 رقم 2625.

(117) الإصابة: 2 / 230.

(118) تاريخ مدينة دمشق: 25 / 112 رقم 2983، وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 207.

(119) حذفتها يد الطبع الأمينة على ودائع العلم حيا الله الأمانة. لقد لعبت يد الشيخ عبد القادر بن بدران بتاريخ ابن عساكر لما هذبه ورتبه على زعمه فأخرجه عما هو عليه، وجعله مسيخا مشوها بإدخال آرائه الساقطة فيه، وأسقط منه أحاديث كثيرة متنا وإسنادا مما لا يروقه، (المؤلف).

(116) المستدرك على الصحيحين: 3 / 418 ح 5591.

(117) المعجم الكبير: 1 / 113 ح 201.

(118) المستدرك على الصحيحين: 3 / 417 ح 5589.

(119) الرياض النضرة: 4 / 230.

(120) أنساب الأشراف: 6 / 267.

(121) مروج الذهب: 2 / 382.

(122) العقد الفريد: 4 / 128.

(123) المستدرك على الصحيحين: 3 / 418 ح 5593.

(124) الكامل في التاريخ: 2 / 338 حوادث سنة 36هـ.

(125) صفة الصفوة: 1 / 341 رقم 6.

(126) أسد الغابة: 3 / 88 رقم 2625.

(127) دول الإسلام: ص 23.

(128) البداية والنهاية: 7 / 269 سنة 36هـ.

(129) تذكرة الخواص: ص 77.

(130) مرآة الجنان: 2 / 97.

(131) تهذيب التهذيب: 5 / 20.

(132) تاريخ ابن شحنة: 1 / 217.

(133) الطبقات الكبرى: 3 / 223.

(134) تهذيب التهذيب: 5 / 20.

(135) تاريخ الأمم والملوك: 4 / 469 حوادث سنة 36هـ.

(136) لقد استجاب الله تعالى دعاء الإمام عليه السلام، فقتل طلحة في أسرع وقت. (المؤلف).

(137) أسد الغابة: 5 / 145.

(138) راجع شرح النهج: 6 / 154، الأغاني: 13 / 259.

(139) الغدير: 10 / 332.

(140) انتهى نص الغدير: 10 / 332.

(141) الغدير: 5 / 206.

(142) المستدرك على الصحيحين: 4 / 560 ح 8571، وكذا في تلخيصه.

(143) شفاء السقام: ص 152.

(144) وفاء الوفا: 4 / 1359 و 1404.

(145) مجمع الزوائد: 4 / 2.

(146) روق الثور: قرنه.

(147) مثل يضرب لمن يظهر شيئا، والمراد منه شئ آخر. الورشان: طائر أخف من الحمام. المشان: نوع من التمر. لسان العرب: 15 / 271.

(148) النجم: 3 - 5.

(149) الغدير: 5 / 208.

(150) أسد الغابة: 5 / 145.

(151) الإصابة: 3 / 477.

(152) وإذا نقبت في كتب الحديث فإنك لن تجد له رواية، فأين ذهبت أحاديثه التي دعت الإمام عليا بن الحسين عليه السلام لأن يأخذ عنه؟!

(153) النزاع والتخاصم: 47.

(154) تهذيب التهذيب: 7 / 268.

(155) نفس المصدر.

(156) صفوة الصفوة لابن الجوزي: 2 / 93.

(157) راجع كتاب وركبت السفينة: ص 543 - 548.

(158) الإصابة: 3 / 478.

(159) أسد الغابة: 5 / 145.

(160) المعارف لابن قتيبة: 354، شرح النهج: 6 / 165.

 

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).