كتاب علي عليه السلام إلى معاوية [إبطال إمامة من تقدم على أمير المؤمنين] |
1492
11:18 صباحاً
التاريخ: 11-4-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-4-2017
814
التاريخ: 11-4-2017
880
التاريخ: 4-3-2018
2494
التاريخ: 23-11-2016
1749
|
...مما يدل على بطلان الثلاثة ، كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) المنقول في نهج البلاغة ، الأصل : ومن كتاب له ( عليه السلام ) إلى معاوية جوابا ، وهو من محاسن الكتب ، فيه بعض نقائص معاوية ، إلى أن قال : ولكن بنعمة الله أحدث ، أن قوما استشهدوا في سبيل الله تعالى من المهاجرين والأنصار ، ولكل فضل ، حتى إذا استشهد شهيدنا قيل :
سيد الشهداء ، وخصه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه . أو لا ترى أن قوما قطعت أيديهم في سبيل الله ولكل فضل ، حتى إذا فعل بواحدنا ما فعل بواحدهم ، قيل : الطيار في الجنة وذو الجناحين ، ولولا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه ، لذكر ذاكر فضائل جمة ، تعرفها قلوب المؤمنين ، ولا تمجها آذان السامعين .
فدع عنك من مالت به الرمية ، فإنا صنائع ربنا ، والناس بعد صنائع لنا ، لم يمنعنا قديم عزنا ولا عادي طولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا ، فنكحنا وأنكحنا ، فعل الأكفاء ، ولستم هناك ، وأنى يكون ذلك ومنا النبي ومنكم المكذب ، ومنا أسد الله ومنكم أسد الأحلاف ، ومنا سيدا شباب أهل الجنة ومنكم صبية النار ، ومنا خير نساء العالمين ومنكم حمالة الحطب ، في كثير مما لنا وعليكم .
فإسلامنا قد سمع ، وجاهليتنا لا تدفع ، وكتاب الله يجمع لنا ما شذ عنا ، وهو قوله سبحانه وتعالى {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] وقوله تعالى {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } [آل عمران: 68] فنحن مرة أولى بالقرابة ، وتارة أولى بالطاعة ، ولما احتج المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلجوا عليهم ، فإن يكن الفلج به فالحق لنا دونكم ، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم .
وزعمت أني لكل الخلفاء حسدت ، وعلى كلهم بغيت ، فإن يكن ذلك كذلك فليست الجناية عليك ، فيكون العذر إليك " وتلك شكاة ظاهر عنك عارها " وقلت : أني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع ، ولعمر الله لقد أردت أن تذم فمدحت ، وأن تفضح فافتضحت ، وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ، ما لم يكن شاكا في دينه ، ولا مرتابا بيقينه (1) انتهى ما أردت نقله من كلامه ( عليه السلام ) .
قال الشارح في قوله ( عليه السلام ) " دع عنك من مالت به الرمية " : فإن قلت : فهل هذا إشارة إلى أبي بكر وعمر ؟ قلت : ينبغي أن ينزه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن ذلك ، وأن تصرف هذه الكلمة إلى عثمان ، لأن معاوية ذكره في كتابه ، وقد أوردناه ، وإذا أنصف الإنسان من نفسه علم أنه ( عليه السلام ) لم يكن يذكرهما بما يذكر به عثمان ، فإن الحال بينه وبين عثمان كانت مضطربة جدا (2) .
وفيه أن إرادة عثمان كافية هاهنا ، لعدم احتمال ذكر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) هذا المثل لمن كان إمام المسلمين ، فهذا الكلام يدل على بطلان إمامة عثمان ، وببطلانها يبطل مذهب جميع من قال بإمامة الثلاثة ، فعدم ذكره ( عليه السلام ) الأولين بما يذكر به عثمان لم يكن للاعتقاد بهما ، فلعل التقية كانت مانعة عن مجاهرة مذمتهما في كثير من الأزمان ، ومع ذلك أشار في هذه الخطبة إليها كما يظهر لك .
وما ذكره الشارح بقوله " فإن الحال بينه وبين عثمان " الخ يدل مثل كلام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على بطلان مذهب من قال بالثلاثة .
وهاهنا أمور ينبغي التنبيه عليها :
منها : قوله ( عليه السلام ) " ولولا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه " يدل على انفراده باستحقاق الأمر ، لظهور أن المقصود من هذه التزكية رجحانه الدال على تعينه للأمر وظهور أنه لم يكن ما يعد ( عليه السلام ) من فضائله على تقدير الذكر فضائل بالنسبة إلى بعض الصحابة دون بعض ، فما أراد ( عليه السلام ) ذكره من الفضائل في هذا المقام كان فضائل يعتقد ( عليه السلام ) دلالتها على تعينه بالاستحقاق ، فهي كذلك لدوران الحق معه ، واستقلال عقل من لم يفسد عقله بتعين صاحب الفضائل بالأمر .
ومنها : قوله ( عليه السلام ) " فإنا صنائع ربنا والناس بعد صنائع لنا " قال الشارح : صنيعة الملك من يصطنعه الملك ويرفع قدره ، يقول : ليس لأحد من البشر علينا نعمة ، بل الله تعالى هو الذي أنعم علينا ، فليس بيننا وبينه واسطة ، والناس بأسرهم صنائعنا ، فنحن الواسطة بينهم وبين الله تعالى ، وهذا مقام جليل ظاهره ما سمعت ، وباطنه أنهم عبيد الله ، والناس عبيدهم (3) انتهى .
لأن مراده ( عليه السلام ) سواء كان ظاهره أو باطنه يدل على تعينه بالأمر ، لعدم احتمال كون الواسطة بين الله وبين أحد ، أو المولى مأموما وذي الواسطة أو العبد إماما .
ومنها : قوله ( عليه السلام ) " وكتاب الله يجمع لنا " إلى قوله " أولى بالطاعة " لاستدلاله (عليه السلام) بالآيتين الدالتين على تعينه بالاستحقاق ، فهو متعين به بوجهين .
ومنها : قوله ( عليه السلام ) " ولما احتج المهاجرون " إلى قوله " فالأنصار على دعواهم " لدلالته على كون الأمر لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) على تقدير حقية استدلال المهاجرين ، وكون دعوى الأنصار متوجهة على تقدير بطلانه ، وقد مر إشارة إلى مقتضى الاستدلال عند بيان مقتضى ما جرى في السقيفة أيضا .
ومنها : قوله ( عليه السلام ) " وزعمت أني لكل الخلفاء حسدت " لظهوره في اشتهار أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بالامتناع عن البيعة ، حتى يتوهم كون منشأ الامتناع الحسد ، وهذا هو أضعف الوجوه الدالة على عدم تحقق الاجماع ، ومع ذلك يكفي للدلالة على عدم جواز الحكم بتحقق الاجماع في إمامة من تقدم على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
ومنها : قوله ( عليه السلام ) " وقلت أني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش " لظهوره في دلالته على غاية الممانعة مثل السابق .
ومنها : قوله ( عليه السلام ) " ولعمر الله " إلى آخره لدلالة كون هذا الامتناع دالا على المدح على كون منشأ هذا الامتناع إطاعة الله تعالى حتى يستحق به المدح ، وكون هذا الامتناع إطاعة لله تعالى يدل على بطلان ما دعوه إليه ، فكيف يجوز من صدق بالكتاب والسنة امتناع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن الأمر الذي فيه مرضات الله تعالى غاية الإباء ؟ حتى يجبر عليه بنحو يمكن تعييره بما عير به معاوية .
وأيضا كيف يجوز أن يعد ( عليه السلام ) هذا الامتناع من مناقبه ومدائحه في وقت من الأوقات؟ لو لم يعلم ( عليه السلام ) بطلان من تقدم ، ولم يعتقد وجوب الامتناع ما أمكن ، حتى يعلموا أنه ( عليه السلام ) تكلم بهذا الكلام بعد مضي سنين وأعوام، ولا يختل اعتقادهم الذي اكتسبوه من السلف بلا حجة وبرهان ، وهذا من عجائب مفاسد تبعية الأهواء .
وبالجملة ظن تحقق الاجماع في إمامة من تقدم على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مع واحد مما أومأت إليه هاهنا لا وجه له عند طالب الحق والصواب ، فكيف إذا تعاضد بغيره مما ذكر هاهنا وغيره من مواضع الكتاب .
كلامه ( عليه السلام ) في نهج البلاغة :
وفي نهج البلاغة الأصل : ومن هذا العهد ، فإنه لا سواء ، إمام الهدى وإمام الردى ، وولي النبي ، وعدو النبي ، ولقد قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إني لا أخاف على أمتي مؤمنا ولا مشركا ، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه .
وأما المشرك فيقمعه الله بشركه ولكني أخاف عليكم كل منافق الجنان ، عالم باللسان ، يقول ما تعرفون ، ويفعل ما تنكرون (4) .
قال الشارح : ليس يعني بذلك أنه كان عدوا أيام حرب النبي ( صلى الله عليه وآله ) لقريش ، بل يريد أنه الآن عدو النبي ( صلى الله عليه وآله ) لقوله ( صلى الله عليه وآله ) له ( عليه السلام ) " وعدوك عدوي ، وعدوي عدو الله " وأول الخبر " وليك وليي ، ووليي ولي الله " وتمامه مشهور (5) انتهى .
اعلم أن مراده ( صلى الله عليه وآله ) من خوفه على الأمة هاهنا هو خوف وقوعهم في الضلال، لا خوف جريان الظلم عليهم والقتال ، لظهور وقوعهما من جنكيز وغيره من سلاطين الكفر والعدوان على الأمة ، ومع ذلك يدل على ما ذكرته قوله ( عليه السلام ) " منافق الجنان عالم باللسان يقول ما تعرفون ويفعل ما تنكرون " كما لا يخفى .
وإذا عرفت ما ذكرته ظهر لك أن لا خوف على الأمة من منافق لا يتوهم كونه مطاعا ، فيجب التفتيش في من يدعي الإمامة ، ووجوب الإطاعة ، والخوف عن إطاعة من لا يجوز إطاعته ، وعدم الاعتماد على قول من يحتمل النفاق في شأنه ، حتى يظهر الإيمان بحسب الباطن أيضا أو النفاق ، وتخلص المودة في الأول ، ويجتنب عن الإطاعة في الآخر ، فتخلص عن خوف الهلاك .
فإذا عرفت هذا يدل ما نسب معاوية إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لإرادة المذمة الذي آل إلى المدح ، وإرادة إحراق البيت ، ونسبة الثاني الرياء إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على عداوة الله ورسوله ، الناشئة من عداوة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) زائدة على ما اشتهر من كون بغضه ( عليه السلام ) علامة النفاق ، كما يظهر من بعض صحاحهم (6) .
ولا يبعد تأييد هذه العلامة بتغيير الثاني كثيرا من الشرائع ، ومنع الكتابة ، فما يجيب من يسأله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في يوم الحساب ويقول له ، لم لم تسع في دار التكليف في معرفة المنافق ؟ ولم اكتفيت بإظهار الإسلام العاري عن دلالة موافق الباطن للظاهر بتبعية السلف ، أو الأهواء ، أو بهما ، وذكرت محامده واستمعت إلى ذاكرها ، والتزمت محبته ، واعترفت بإمامته بلا حجة داعية إلى شئ منها ، مع قراءتك قوله تعالى {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36] وسماعك ما قلته لإرشاد المسترشد ، ولكني أخاف عليكم . . . الخ ، وغيره مما هو مسطور في الكتب ، ومحفوظ في الصدور ، ومذكور في الألسن .
أيها المسكين هيأ جوابا تطمئن بكونه وافيا ، ولا تغتر بما اغتر من قال : إنا وجدنا ، فإنه مع علمك بعدم انتفاعهم بهذا الكلام لو تمسكت به أو بمثله ، كنت أجدر منهم بالعذل والملامة ، وأحق منهم بالحسرة والندامة .
________________
(1) نهج البلاغة ص 386 - 388 رقم الكتاب 28 .
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15 : 194 .
(3) شرح نهج البلاغة 15 : 194 .
(4) نهج البلاغة ص 385 رقم العهد : 27 .
(5) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15 : 170 .
(6) راجع : إحقاق الحق 7 : 238 - 246 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|