المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

الحدود الطيفية والطاقة
6-2-2022
ثمود
31-1-2023
مضايقة المشركين للمسلمين والهجرة الى الحبشة
10-12-2014
Greenhouse gases
28-3-2017
نظام المعلومات
19-7-2019
المنزلة بين منزلتين (الثنائية التبادلية) وتعلقها بالمنطق الخفي
18-5-2016


تفسير آية (131-134) من سورة النساء  
  
3461   01:26 مساءً   التاريخ: 24-2-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النساء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-2-2017 7486
التاريخ: 10-2-2017 6684
التاريخ: 3-2-2017 20486
التاريخ: 27-2-2017 3219

قال تعالى : {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133) مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء : 131-134] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

ذكر سبحانه بعد أخباره بإغناء كل واحد من الزوجين بعد الافتراق من سعة فضله ، ما يوجب الرغبة إليه في ابتغاء الخير منه فقال : {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} إخبارا عن كمال قدرته ، وسعة ملكه ، أي : فإن من يملك ما في السماوات ، وما في الأرض ، لا يتعذر عليه الإغناء بعد الفرقة ، والإيناس بعد الوحشة .

ثم ذكر الوصية بالتقوى فإن بها ينال خير الدنيا والآخرة ، فقال : {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} من اليهود ، والنصارى ، وغيرهم {وَإِيَّاكُمْ} أي :

وأوصيناكم أيها المسلمون في كتابكم {أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} وتقديره بأن اتقوا الله أي : اتقوا عقابه باتقاء معاصيه ، ولا تخالفوا أمره ونهيه {وَإِنْ تَكْفُرُوا} أي : تجحدوا وصيته إياكم ، وتخالفوها {فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} لا يضره كفرانكم وعصيانكم .

وهذه إشارة إلى أن أمره جميع الأمم بطاعته ونهيه إياهم عن معصيته ، ليس استكثارا بهم عن قلة ، ولا استنصارا بهم عن ذلة ، ولا استغناء بهم عن حاجة ، فإن له ما في السماوات وما في الأرض ملكا ، وملكا ، وخلقا ، لا يلحقه العجز ، ولا يعتريه الضعف ، ولا تجوز عليه الحاجة ، وإنما أمرنا ونهانا نعمة منه علينا ورحمة بنا {وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا} أي لم يزل سبحانه غير محتاج إلى خلقه ، بل الخلائق كلهم محتاجون إليه {حَمِيدًا} أي : مستوجبا للحمد عليكم بصنائعه الحميدة إليكم ، وآلائه الجميلة لديكم ، فاستديموا ذلك باتقاء معاصيه ، والمسارعة إلى طاعته فيما يأمركم به . ثم قال {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} أي : حافظا لجميعه ، لا يعزب عنه علم شيء منه ، ولا يؤوده حفظه . وتدبيره ، ولا يحتاج مع سعة ملكه إلى غيره .

وأما وجه التكرار لقوله {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} في الآيتين ثلاث مرات ، فقد قيل : إنه للتأكيد والتذكير . وقيل : إنه للإبانة عن علل ثلاث أحدها :

بيان إيجاب طاعته فيما قضى به لأن له ملك السماوات والأرض . والثاني : بيان غناه في الأرض . والثالث : بيان حفظه إياهم ، وتدبيره لهم ، لأن له ملك السماوات والأرض .

{إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا * مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء : 133-134] .

لما ذكر سبحانه غناه عن الخلق بأن له ملك السماوات والأرض ، عقب ذلك بذكر كمال قدرته على خلقه ، وأن له الإهلاك ، والإنجاء ، والاستبدال بعد الإفناء ، فقال {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} يعني إن يشأ الله يهلككم {أَيُّهَا النَّاسُ} ويفنكم .

وقيل : فيه محذوف أي : إن يشأ أن يذهبكم ، يذهبكم أيها الناس {وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} أي : بقوم آخرين غيركم ، ينصرون نبيه ، ويؤازرونه .

ويروى أنه لما نزلت هذه الآية ، ضرب النبي يده على ظهر سلمان ، وقال : هم قوم هذا يعني عجم الفرس . {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا} أي لم يزل سبحانه ، ولا يزال ، قادرا على الإبدال والإفناء والإعادة ، ثم ذكر سبحانه عظم ملكه وقدرته ، بأن جزاء الدارين عنده ، فقال : {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} أي : الغنيمة والمنافع الدنيوية ، أخبر سبحانه عمن أظهر الإيمان بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ، من أهل النفاق ، يريد عرض الحياة الدنيا ، بإظهار ما أظهره من الإيمان بلسانه .

{فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} أي : يملك سبحانه الدنيا والآخرة ، فيطلب المجاهد الثوابين عند الله ، عن أبي علي الجبائي . وقيل : إنه وعيد للمنافقين ، وثوابهم في الدنيا ما يأخذونه من الفيء والغنيمة ، إذا شهدوا الحرب مع المسلمين ، وأمنهم على نفوسهم ، وأموالهم ، وذراريهم ، وثوابهم في الآخرة النار {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} أي : لم يزل على صفة يجب لأجلها أن يسمع المسموعات ، ويبصر المبصرات ، عند الوجود ، وهذه الصفة هي كونه حيا لا آفة به . وقيل : إنما ذكر هذا ليبين أنه يسمع ما يقول المنافقون إذا خلوا إلى شياطينهم ، ويعلم ما يسرونه من نفاقهم .

______________________________

1 . تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 208-210 .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :

{ ولِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأَرْضِ } . في المجلد الأول ، وفي هذا المجلد أيضا تكلمنا عن التكرار في القرآن بصورة عامة (2) ونتكلم الآن عن تكرار هذه الآية خاصة ، لأنها أكثر الآيات ذكرا وتكرارا في القرآن ، ثم نشير إلى تكرارها هنا بصوره أخص ، حيث ذكرت بنصها الحرفي مرتين في آية واحدة ، وأعيدت كذلك مرة ثالثة في الآية التي تليها بلا فاصل .

أما سبب تكرارها بوجه عام فلأن موضوعها الكون الذي يستدل به ، وبما يحويه على وجود اللَّه وصفاته ، كالعلم والقدرة والإرادة والحكمة فهو الدليل الجامع لجميع الدلائل والمدلولات بشتى أنواعها . . وعلى هذا يكون ذكر هذه الآية ذكرا للدليل على وجود اللَّه وعظمته .

وأما ذكرها هنا ثلاث مرات فإنه للإشارة إلى فوائد ثلاث : الأولى قال تعالى في الآية السابقة : { يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ } فناسب الاستدلال على هذه السعة بأن له ما في السماوات والأرض . الثانية قال : { وإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأَرْضِ } أي هو غني عمن كفر لأن له ما في السماوات وما في الأرض .

الثالثة : قال : { ولِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأَرْضِ وكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ ويَأْتِ بِآخَرِينَ } . والمراد انه قادر على إفناء من يعصي ، وإيجاد من يطيع ، لأن له ما في السماوات وما في الأرض . . وعلى هذا فكل مرة من المرات الثلاث لها سبب موجب ، ومقرونة بفائدة جديدة .

{ مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا والآخِرَةِ } . أي ان ثواب الدنيا والآخرة يمكن تحققهما والحصول عليهما ، مع الإيمان والتقوى ، ومن ظن ان ثواب الدنيا لا يجتمع مع التقوى فهو مخطئ ، لأن ما من شيء يحقق للإنسان سعادته وكرامته في هذه الحياة إلا ويقره الدين ، بل يأمر به ، ويحث عليه بشرط واحد ، هو أن لا تكون سعادته شقاء لغيره ، وكرامته امتهانا لسواه . . إذن لا تصادم أبدا بين ثواب الدنيا وثواب الآخرة ، وإنما التضاد والتصادم بين الظلم وثواب الآخرة ، بين الغش والخداع والسلب والنهب ، وبين مرضاة اللَّه ونعيمه وجنانه .

___________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 455-456 .

2. انظر ص 96 من المجلد الأول ، وتفسير الآية 116 و 126 من هذه السورة .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى : { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ } ، تأكيد في دعوتهم إلى مراعاة صفة التقوى في جميع مراحل المعاشرة الزوجية ، وفي كل حال ، وأن في تركه كفرا بنعمة الله بناء على أن التقوى الذي يحصل بطاعة الله ليس إلا شكرا لأنعمه ، أو أن ترك تقوى الله تعالى لا منشأ له إلا الكفر إما كفر ظاهر كما في الكفار والمشركين ، أو كفر مستكن مستبطن كما في الفساق من المؤمنين .

وبهذا الذي بيناه يظهر معنى قوله { وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ } ، أي إن لم تحفظوا ما وصينا به إياكم والذين من قبلكم وأضعتم هذه الوصية ولم تتقوا وهو كفر بالله ، أو عن كفر بالله فإن ذلك لا يضر الله سبحانه إذ لا حاجة له إليكم وإلى تقواكم ، وله ما في السماوات والأرض ، وكان الله غنيا حميدا.

فإن قلت : ما وجه تكرار قوله { لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ } ؟ فقد أورد ثلاث مرات .

قلت : أما الأول فإنه تعليل لقوله { وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً } ، وأما الثاني فإنه واقع موقع جواب الشرط في قوله { وَإِنْ تَكْفُرُوا } ، والتقدير : وإن تكفروا فإنه غني عنكم ، وتعليل للجواب وقد ظهر في قوله { وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً } .

وأما الثالث فإنه استيناف وتعليل بوجه لقوله { إِنْ يَشَأْ } .

قوله تعالى : { وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً } قد مر بيان معنى ملكه تعالى مكررا ، وهو تعالى وكيل يقوم بأمور عباده وشئونهم وكفى به وكيلا لا يحتاج فيه إلى اعتضاد وإسعاد ، فلو لم يرتض أعمال قوم وأسخطه جريان الأمر بأيديهم أمكنه أن يذهب بهم ويأتي بآخرين ، أو يؤخرهم ويقدم آخرين ، وبهذا المعنى الذي يؤيده بل يدل عليه السياق يرتبط بما في هذه الآية قوله في الآية التالية { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ }.

قوله تعالى : { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ } ، السياق وهو الدعوة إلى ملازمة التقوى الذي أوصى الله به هذه الأمة ومن قبلهم من أهل الكتاب يدل على أن إظهار الاستغناء وعدم الحاجة المدلول عليه بقوله { إِنْ يَشَأْ } ، إنما هو في أمر التقوى .

والمعنى أن الله وصاكم جميعا بملازمة التقوى فاتقوه ، وإن كفرتم فإنه غني عنكم وهو المالك لكل شيء المتصرف فيه كيفما شاء ولما شاء إن يشأ أن يعبد ويتقى ولم تقوموا بذلك حق القيام فهو قادر أن يؤخركم ويقدم آخرين يقومون لما يحبه ويرتضيه ، وكان الله على ذلك قديرا.

وعلى هذا فالآية ناظرة إلى تبديل الناس إن كانوا غير متقين بآخرين من الناس يتقون الله ، وقد روي (2) أن الآية لما نزلت ضرب رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله يده على ظهر سلمان وقال : إنهم قوم هذا. وهو يؤيد هذا المعنى ، وعليك بالتدبر فيه.

وأما ما احتمله بعض المفسرين. أن المعنى : إن يشأ يفنكم ويوجد قوما آخرين مكانكم أو خلقا آخرين مكان الإنس ، فمعنى بعيد عن السياق . نعم ، لا بأس به في مثل قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ } : (إبراهيم : 20) .

قوله تعالى : { مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً } بيان آخر يوضح خطأ من يترك تقوى الله ويضيع وصيته بأنه إن فعل ذلك ابتغاء ثواب الدنيا ومغنمها فقد اشتبه عليه الأمر فإن ثواب الدنيا والآخرة معا عند الله وبيده ، فما له يقصر نظره بأخس الأمرين ولا يطلب أشرفهما أو إياهما جميعا ؟ كذا قيل .

والأظهر أن يكون المراد ـ والله أعلم ـ أن ثواب الدنيا والآخرة وسعادتهما معا إنما هو عند الله سبحانه فليتقرب إليه حتى من أراد ثواب الدنيا وسعادتها فإن السعادة لا توجد للإنسان في غير تقوى الله الحاصل بدينه الذي شرعه له فليس الدين إلا طريق السعادة الحقيقية ، فكيف ينال نائل ثوابا من غير إيتائه تعالى وإفاضته من عنده وكان الله سميعا بصيرا .

_________________________

1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 89-91 .

2. أوردها البيضاوي في تفسيره .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

لقد أوضحت الآية السابقة أن إذا اقتضت الضرورة لزوجين أن ينفصلا عن بعضهما دون أن يجدا حلا بديلا عن الانفصال فلا مانع من ذلك ، وليس عليهما أن يخافا من حياة المستقبل ، لأن الله سيشملهما بكرمه وفضله ، ويزيل احتياجاتهما برحمته وبركته.

أمّا في الآية ـ موضوع البحث ـ فإنّ الله يؤكّد قدرته على إزالة ورفع تلك الاحتياجات ، لأنّه مالك ما في السموات وما في الأرض {وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} وإنّ من يملك ملكا لا نهاية له كهذا الملك ، ويملك قدرة لا نفاذ لها أبدا ، لن يكون عاجزا ـ مطلقا ـ عن رفع احتياجات خلقه وعباده.

ولكي تؤكّد الآية ضرورة التقوى في هذا المجال وفي أي مجال آخر ، تشير الآية إلى أنّ اليهود والنصارى وكل من كان له كتاب سماوي قبل المسلمين قد طلب منهم جميعا كما طلب منكم مراعاة التقوى {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ ...}.

بعد ذلك تتوجه الآية إلى مخاطبة المسلمين ، فتؤكد لهم أن الالتزام بحكم التقوى سيجلب النفع لهم ، وأن ليس لله بتقواهم حاجة ، كما تؤكد أنّهم إذا عصوا وبغوا ، فإنّ ذلك لا يضرّ الله أبدا ، لأنّ الله هو مالك ما في السّموات وما في الأرض ، فهو غير محتاج إلى أحد أبدا ، ومن حقّه أن يشكره عباده دائما وأبدا ، {وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً}.

الغنى وعدم الحاجة هما من صفات الله سبحانه وتعالى ـ حقيقة ـ لأنّه عزوجل غني بالذات ، وارتفاع حاجات غيره وزوالها إنّما يتمّ بعونه ومدده ، وكل المخلوقات محتاجة إليه احتياجا ذاتيا ، لذلك فهو يستحق ـ لذاته ـ أن يشكره عباده ومخلوقاته ، كما أنّ كمالاته التي تجعله أهلا للشكر ليست خارجة عن ذاته ، بل هي كلّها في ذاته ، وهو ليس كالمخلوقات التي تمتلك صفاتا كمالية عرضية خارجية مكتسبة من الغير.

وفي الآية التالية جرى التأكيد ـ وللمرة الثّالثة ـ على أنّ كل ما في السموات وما في الأرض هو ملك لله ، وإنّ الله هو الحافظ والمدبر والمدير لكل الموجودات {وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً}.

وقد يرد سؤال ـ هنا ـ عن سبب تكرار موضوع واحد لثلاث مرات وفي فواصل متقاربة جدّا ، وهل أن هذا التكرار من أجل التأكيد على الأمر الوارد في هذا الموضوع ، أم هناك سرّ آخر؟

وبالإمعان في مضمون الآيات يظهر لنا أن الموضوع المتكرر ينطوي في كل مرّة على أمر خاص : ففي المرّة الأولى حيث تحمل الآية وعدا لزوجين بأنّهما إذا انفصلا فإن الله سيغنيهما ولأجل إثبات قدرة الله على ذلك ، يذكر الله ملكيته لما في السموات وما في الأرض.

أمّا في المرّة الثّانية فإنّ الآية توصي بالتقوى ، ولكي لا يحصل وهم بأن إطاعة هذا الأمر ينطوي على نفع أو فائدة لله ، أو أن مخالفته ينطوي على الضرر له ، فقد تكررت الجملة للتأكيد على عدم حاجة الله لشيء ، وهو مالك ما في السموات وما في الأرض.

وهذا الكلام يشبه في الحقيقة ما قاله أمير المؤمنين علي عليه‌ السلام في مستهل خطبة الهمّام الواردة في كتاب نهج البلاغة حيث قال عليه ‌السلام : «بأنّ الله سبحانه وتعالى خلق الخلق حين خلقهم غنيّا عن طاعتهم آمنا عن معصيتهم لأنه لا تضرّه معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه» (2).

ويذكر الله ملكيته لما في السموات وما في الأرض للمرّة الثّالثة كمقدمة للموضوع الذي يلي في الآية (١٣٣) ، ثمّ يبيّن ـ عز من قائل ـ أنّه لا يأبه في أن يزيل قوما عن الوجود ، ليأتي مكانهم بقوم آخرين أكثر استعدادا وعزما وأكثر دأبا في طاعة الله وعبادته، والله قادر على هذا الأمر {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً}.

وفي تفسير «التبيان» وتفسير «مجمع البيان» نقلا عن النّبي صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم أنّه حين نزلت هذه الآية ربت على كتف سلمان الفارسي وقال بأن المعنى بالآخرين في الآية هم قوم من العجم من بلاد فارس.

وهذا الكلام ـ في الحقيقة ـ تنبؤ بالخدمات الكبيرة التي قدمها المسلمون الإيرانيون إلى الإسلام .

والآية الأخيرة من الآيات الأربع الماضية ، ورد الحديث فيها عن أناس يزعمون أنّهم مسلمون ، ويشاركون في ميادين الجهاد ، ويطبقون أحكام الإسلام ، دون أن يكون لهم هدف إلهي ، بل يهدفون لنيل مكاسب مادية مثل غنائم الحرب فتنبه الآية إلى أنّ الذين يطلبون الأجر الدنيوي يتوهمون في طلبهم هذا ، لأنّ الله عنده ثواب الدنيا والآخرة معا {مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ}.

فلما ذا لا يطلب ـ ولا يرجوا ـ هؤلاء ، الثوابين معا؟! والله يعلم بنوايا الجميع ، ويسمع كل صوت ، ويرى كل مشهد ، ويعرف أعمال المنافقين وأشباههم ، {وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً}.

وتكرر هذه الآية الأخيرة حقيقة أنّ الإسلام لا ينظر فقط إلى الجوانب المعنوية والأخروية ، بل أن ينشد لأتباعه السعادتين المادية والمعنوية معا.

__________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص330-332 .

2. نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٣.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .