المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16652 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير آية (127) من سورة النساء  
  
7370   12:03 مساءً   التاريخ: 24-2-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النساء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-2-2017 7777
التاريخ: 13-2-2017 4273
التاريخ: 10-2-2017 1865
التاريخ: 7-2-2017 4454


قال تعالى : {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا} [النساء : 127].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآية (1) :

عاد كلام الله تعالى إلى ذكر النساء والأيتام ، وقد جرى ذكرهم في أول السورة ، فقال . {وَيَسْتَفْتُونَكَ} أي : يسألونك الفتوى : وهو تبيين المشكل من الأحكام {فِي النِّسَاءِ} ، ويستخبرونك يا محمد ، عن الحكم فيهن ، وعما يجب لهن وعليهن ، وإنما حذف ذلك لإحاطة العلم ، بأن السؤال في أمر الدين ، إنما يقع عما يجوز ، وعما لا يجوز وعما يجب ، وعما لا يجب . {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} معناه : قل يا محمد ، الله يبين لكم ما سألتم في شأنهن {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} أي : ويفتيكم أيضا ما يقرأ عليكم في الكتاب : أي القرآن ، وتقديره وكتابه يفتيكم : أي يبين لكم الفرائض المذكورة {فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} أي الصغار {اللَّاتِي} لم يبلغن ، وقوله اللاتي {لَا تُؤْتُونَهُنَّ} أي لا تعطونهن .

{مَا كُتِبَ لَهُنَّ} : واختلف في تأويله على أقوال . أولها : إن المعنى وما يتلى عليكم في توريث صغار النساء ، وهو آيات الفرائض التي في أول السورة وكان أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر ، ولا يورثون المرأة . وكانوا يقولون : لا نورث إلا من قاتل ودفع عن الحريم ، فأنزل الله آية المواريث في أول السورة ، وهو معنى قوله {لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ} أي : من الميراث ، عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام .

وثانيها : إن المعنى اللاتي لا تؤتونهن ما وجب لهن من الصداق ، وكانوا لا يؤتون اليتامى اللاتي يكون لهن من الصداق ، فنهى الله عن ذلك بقوله : (فإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا من غيرهن ما طاب لكم) وقوله : {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} هو ما ذكره في أول السورة من قوله : {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا} الآية ، عن عائشة ، وهو اختيار أبي علي الجبائي ، واختار الطبري القول الأول ، واعترض على هذا القول ، بأن قال : ليس الصداق مما كتب الله للنساء إلا بالنكاح ، فمن لم تنكح فلا صداق لها عند أحد وثالثها : إن المراد بقوله {لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ} النكاح الذي كتب الله لهن في قوله {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى} الآية . فكان الولي يمنعهن من التزويج ، عن الحسن ، وقتادة ، والسدي ، وأبي مالك ، وإبراهيم قالوا : كان الرجل يكون في حجره اليتيمة بها دمامة (2) ، ولها مال ، وكان يرغب عن أن يتزوجها ، ويحبسها ، طمع أن تموت ، فيرثها ، قال السدي : وكان جابر بن عبد الله الأنصاري له بنت عم عمياء دميمة ، وقد ورثت عن أبيها مالا ، فكان جابر يرغب عن نكاحها ، ولا ينكحها ، مخافة أن يذهب الزوج بمالها ، فسأل النبي عن ذلك فنزلت الآية .

وقوله : {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} معناه على القول الأول والثالث : وترغبون عن أن تنكحوهن أي : عن نكاحهن ، ولا تؤتونهن نصيبهن من الميراث ، فيرغب فيهن غيركم ، فقد ظلمتموهن من وجهين . وفي قول عائشة معناه : وترغبون في أن تنكحوهن أي : في نكاحهن لجمالهن أو لمالهن {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ} معناه : ويفتيكم في المستضعفين من الصبيان الصغار لان ما يتلى عليكم في باب اليتامى من قوله {وآتوا اليتامى بالقسط} أي : ويفتيكم في أن تقوموا لليتامى بالقسط في أنفسهم ، وفي مواريثهم ، وأموالهم ، وتصرفاتهم ، وإعطاء كل ذي حق منهم حقه ، صغيرا كان أو كبيرا ، ذكرا كان أو أنثى ، وفيه إشارة إلى قوله سبحانه {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} الآية .

{ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ } أي : مهما فعلتم من خير أيها المؤمنون من عدل وبر في أمر النساء واليتامى ، وانتهيتم في ذلك إلى أمر الله وطاعته (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا) أي لم يزل به عالما ، ولا يزال كذلك ، يجازيكم به ، ولا يضيع عنده شيء منه .

______________________________

1. تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 201-204 .

2. الدمامة : الحقارة .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآية (1) :

ذكر سبحانه في أول هذه السورة طرفا من أحكام المرأة واليتيم ، وعقبه بذكر أهل الكتاب والمنافقين والقتال ، ثم عاد إلى المرأة واليتيم ، وذكر بعض أحكامها كتكملة لما افتتح به السورة من أحكام الأسرة . . وهذه هي طريقة القرآن ينتقل من شأن إلى شأن ، ثم يعود إلى الأول بقصد التأثير في القلوب ، وغيره مما تستدعيه الحكمة والرفق بالعباد .

{ ويَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ } . أي يطلبون منك يا رسول اللَّه ان تبين لهم أحكام النساء في الإرث والزواج ونحوه . { قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } ويدل هذا على ان تشريع الأحكام للَّه وحده ، وليس للنبي منها إلا التبليغ ، وثبت انه كان يسأل عما لم ينزل به وحي فلا يجيب ، حتى ينزل عليه . { وما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ } . أي ان اللَّه يفتيكم في أمر النساء ، وأيضا القرآن يفتيكم في أمرهن .

وتسأل : ان إفتاء القرآن هو إفتاء اللَّه بالذات ، فعطف أحدهما على الآخر عطف للشيء على نفسه ؟ .

الجواب : المراد بإفتاء القرآن هنا ما تقدم بيانه بأول السورة ، وهو قوله تعالى : { وإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ } .

وقوله : { وآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ } الخ . والمراد بإفتاء اللَّه سبحانه ما بيّنه هنا مكملا لما سبق ، وبديهة ان العطف يصح مع وجود الفارق بجهة من الجهات ، كاختلاف زمان الشيء الواحد أو مكانه .

{ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ } . أي ان اللَّه والقرآن يبينان لكم حكم النساء اللاتي منعتموهن مما فرض لهن من الإرث والصداق . . فلقد كان عرب الجاهلية يظلمون المرأة ، ويعاملونها معاملة السلع والحيوانات . { وتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } . كان الرجل منهم يضم اليتيمة إلى نفسه ، فان كانت جميلة نكحها وأكل مالها ، وان كانت دميمة منعها عن الزواج ، حتى تموت وأخذ مالها . .

وربما سبّب لها الموت لهذه الغاية . { والْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ } . أي ويفتيكم أيضا في شأن الصبيان الصغار الذين لا تعطونهم نصيبهم من الميراث ، وكانوا لا يورثون إلا من يحمل السلاح ، فنهى سبحانه عن ذلك ، وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، وهذا تأكيد لما سبق بيانه في أول السورة . { وأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ } .

أي ويفتيكم أيضا أن تقوموا لليتامى بالعدل في أنفسهم وأموالهم ، وان تعطوا كل واحد منهم حقه كاملا أنثى كان ، أو ذكرا ، صغيرا ، أو كبيرا . { وما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ } - مع اليتامى والنساء - { فَإِنَّ اللَّهً كانَ بِهِ عَلِيماً } يثيبكم عليه .

وخلاصة معنى هذه الآية ان المسلمين طلبوا من النبي أن يبين لهم أحكام النساء ، فقال سبحانه لنبيه : قل لهم : ان اللَّه قد بيّن لكم فيما سبق طرفا من هذه الأحكام ، وهو الآن يبين لكم طرفا آخر منها . . والمهم أن تعدلوا وتعملوا بها ، ثم بيّن سبحانه في الآية التالية حكم المرأة التي خافت النشوز والإعراض من زوجها .

___________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 449-451 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآية (1) :

قوله تعالى . { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } قال الراغب : الفتيا والفتوى الجواب عما يشكل من الأحكام ، ويقال : استفتيته فأفتاني بكذا ( انتهى ).

والمحصل من موارد استعماله أنه جواب الإنسان عن الأمور المشكلة بما يراه باجتهاد من نظره أو هو نفس ما يراه فيما يشكل بحسب النظر البدائي الساذج كما يفيده نسبة الفتوى إليه تعالى.

والآية وإن احتملت معاني شتى مختلفة بالنظر إلى ما ذكروه من مختلف الوجوه في تركيب ما يتلوها من قوله { وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ } (إلخ) إلا أن ضم الآية إلى الآيات الناظرة في أمر النساء في أول السورة يشهد بأن هذه الآية إنما نزلت بعد تلك.

ولازم ذلك أن يكون استفتاؤهم في النساء في عامة ما أحدثه الإسلام وأبدعه من أحكامهن مما لم يكن معهودا معروفا عندهم في الجاهلية وليس إلا ما يتعلق بحقوق النساء في الإرث والازدواج دون أحكام يتاماهن وغير ذلك مما يختص بطائفة منهن دون جميعهن فإن هذا المعنى إنما يتكفله قوله { وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ } إلخ فالاستفتاء إنما كان في ما يعم النساء بما هن نساء من أحكام الإرث.

وعلى هذا فالمراد بما أفتاه الله فيهن في قوله { قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } ما بينه تعالى في آيات أول السورة ، ويفيد الكلام حينئذ إرجاع أمر الفتوى إلى الله سبحانه وصرفه عن النبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله والمعنى : يسألونك أن تفتيهم في أمرهن قل : الفتوى إلى الله وقد أفتاكم فيهن بما أفتى فيما أنزل من آيات أول السورة.

قوله تعالى : { وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ ـ إلى قوله ـ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ } تقدم أن ظاهر السياق أن حكم يتامى النساء والمستضعفين من الولدان أنما تعرض له لاتصاله بحكم النساء كما وقع في آيات صدر السورة لا لكونه داخلا فيما استفتوا عنه وإنهم إنما استفتوا في النساء فحسب.

ولازمه أن يكون قوله { وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ } ، معطوفا على الضمير المجرور في قوله { فِيهِنَّ } على ما جوزه الفراء وإن منع عنه جمهور النحاة ، وعلى هذا يكون المراد من قوله { ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ } (إلخ) الأحكام والمعاني التي تتضمنها الآيات النازلة في يتامى النساء والولدان ، المودعة في أول السورة. والتلاوة كما يطلق على اللفظ يطلق على المعنى إذا كان تحت اللفظ ، والمعنى : قل الله يفتيكم في الأحكام التي تتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء.

وربما يظهر من بعضهم أنه يعطف قوله { وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ } ، على موضع قوله { فِيهِنَّ } بعناية أن المراد بالإفتاء هو التبيين ، والمعنى : قل الله يبين لكم ما يتلى عليكم في الكتاب.

وربما ذكروا للكلام تراكيب أخر لا تخلو عن تعسف لا يرتكب في كلامه تعالى مثله كقول بعضهم : إن قوله { وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ } معطوف على موضع اسم الجلالة في قوله { قُلِ اللهُ } ، أو على ضمير المستكن في قوله { يُفْتِيكُمْ } ، وقول بعضهم : إنه معطوف على { النِّساءِ } في قوله { فِي النِّساءِ } ، وقول بعضهم : إن الواو في قوله { وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ } للاستيناف ، والجملة مستأنفة ، و { ما يُتْلى عَلَيْكُمْ } مبتدأ خبره قوله { فِي الْكِتابِ } والكلام مسوق للتعظيم ، وقول بعضهم إن الواو في قوله { وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ } للقسم ويكون قوله { فِي يَتامَى النِّساءِ } بدلا من قوله { فِيهِنَّ } والمعنى : قل الله يفتيكم ـ أقسم بما يتلى عليكم في الكتاب ـ في يتامى النساء (إلخ) ولا يخفى ما في جميع هذه الوجوه من التعسف الظاهر.

وأما قوله { اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } فوصف ليتامى النساء ، وفيه إشارة إلى نوع حرمانهن ، الذي هو السبب لتشريع ما شرع الله تعالى لهن من الأحكام فألغى السنة الجائرة الجارية عليهن ، ورفع الحرج بذلك عنهن ، وذلك أنهم كانوا يأخذون إليهم يتامى النساء وأموالهن فإن كانت ذات جمال وحسن تزوجوا بها فاستمتعوا من جمالها ومالها ، وإن كانت شوهاء دميمة لم يتزوجوا بها وعضلوها عن التزوج بالغير طمعا في مالها.

ومن هنا يظهر ( أولا ) . أن المراد بقوله { ما كُتِبَ لَهُنَّ } هو الكتابة التكوينية وهو التقدير الإلهي فإن الصنع والإيجاد هو الذي يخد للإنسان سبيل الحياة فيعين له أن يتزوج إذا بلغ مبلغه ، وأن يتصرف حرا في ماله من المال والقنية ، فمنعه من الازدواج والتصرف في مال نفسه منع له مما كتب الله له في خلقه هذه الخلقة.

و ( ثانيا ) : أن الجار المحذوف في قوله { أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } هو لفظة « عن » والمراد الراغبة عن نكاحهن ، والإعراض عنهن لا الرغبة في نكاحهن فإن التعرض لذكر الرغبة عنهن هو الأنسب للإشارة إلى حرمانهن على ما يدل عليه قوله قبله { لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ } ، وقوله بعده { وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ }.

وأما قوله { وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ } فمعطوف على قوله { يَتامَى النِّساءِ } وقد كانوا يستضعفون الولدان من اليتامى ، ويحرمونهم من الإرث معتذرين بأنهم لا يركبون الخيل ، ولا يدفعون عن الحريم .

قوله تعالى : { وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ } معطوف على محل قوله { فِيهِنَّ } والمعنى : قل الله يفتيكم أن تقوموا لليتامى بالقسط ، وهذا بمنزلة الإضراب عن الحكم الخاص إلى ما هو أعم منه أعني الانتقال من حكم بعض يتامى النساء والولدان إلى حكم مطلق اليتيم في ماله وغير ماله .

قوله تعالى : { وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً } تذكرة لهم بأن ما عزم الله عليهم في النساء وفي اليتامى من الأحكام فيه خيرهم ، وأن الله عليم به لتكون ترغيبا لهم في العمل به لأن خيرهم فيه ، وتحذيرا عن مخالفته لأن الله عليم بما يعملون .

_______________________

1. تفسير الميزان ، ج5 ، 85-87 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآية (1) :

عود على حقوق المرأة :

تجيب الآية الأخيرة هذه على أسئلة وردت حول النساء من قبل المسلمين وبالأخص حول اليتامى منهنّ) فتخاطب النّبي صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌ وسلم وتبيّن له أنّ الله هو الذي يفتي في الأسئلة التي وجهت إليك يا محمّد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم حول الأحكام الخاصّة بحقوق النساء ، فتقول : {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ ...}.

وتضيف الآية إنّ ما ورد في القرآن الكريم حول الفتيات اليتامى اللواتي كنتم تتصرفون في أموالهنّ ، ولم تكونوا لتتزوجوا بهنّ ، ولم تدفعوا أموالهنّ إليهنّ لكي يتزوجن من آخرين ، فإنّه يجيب على قسم آخر من اسئلتكم ويبيّن لكم قبح ما كنتم تعلمون من ظلم بحق هؤلاء النسوة ، {وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ...}. (2) .

ثمّ توصي الآية الكريمة بالأولاد الذكور الصغار الذين كانوا يحرمون من الإرث وفق التقاليد الجاهلية ، فتؤكد ضرورة رعاية حقوقهم ، حيث تقول : {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ}.

كما تعود الآية فتكرر التأكيد على حقوق اليتامى ، فتذكر أن الله يوصيكم في أن تراعوا العدالة في تعاملكم مع اليتامى : {وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ ...}.

وفي الختام تجلب الآية الانتباه إلى أن أي عمل خير يصدر منكم وبالأخص إذا كان في حق اليتامى والمستضعفين ـ فإنّه لا يخفى على الله ـ وإنّكم ستنالون أجر ذلك في النهاية ، حيث تقول الآية : {وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً}.

هذا ويجب الالتفات إلى أنّ عبارة {يَسْتَفْتُونَكَ} مشتقة من المصدر «فتوى» أو «فتيا» ومعناها الإجابة على كل سؤال معضل ، ولما كانت هذه الكلمة تعود في الأصل إلى كلمة «فتى» أي الشاب اليافع ، فمن الممكن أن الفتوى كانت تستخدم للتعبير عن الإجابة على الأسئلة المستحدثة ، وبعد ذلك أصبحت تطلق بصورة شاملة على كل أنواع الأجوبة الخاصّة بالمسائل المنتخبة.

__________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص321-322 .

2. بناء على التّفسير الذي أوردناه بشأن الآية أعلاه يتبيّن لنا أنّ عبارة «ما يتلى» مبتدأ وخبرها جملة «يفتيكم فيهنّ» التي حذفت للقرينة الموجودة في القسم السابق من الآية. كما أنّ عبارة «ترغبون» هنا تعني عدم الميل والرغبة ، حيث تشير القرائن إلى تقدير «عن» بعد عبارة «ترغبون» في هذه الآية والفرق بين «رغب عنه» و «رغب فيه» واضح .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .