أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-2-2017
2014
التاريخ: 10-2-2017
6807
التاريخ: 10-2-2017
23541
التاريخ: 10-2-2017
5679
|
قال تعالى : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} [النساء : 101] .
{وإذا ضربتم في الأرض} معناه : إذا سرتم فيها : أي سافرتم {فليس عليكم جناح} : أي حرج وإثم {أن تقصروا من الصلاة} فيه أقوال أحدها : إن معناه أن تقصروا من عدد الصلاة ، فتصلوا الرباعيات ركعتين ، عن مجاهد ، وجماعة من المفسرين ، وهو قول أكثر الفقهاء ، وهو مذهب أهل البيت عليهم السلام .
وقيل : تقصر صلاة الخائف من صلاة المسافر ، وهما قصران : قصر الأمن من أربع إلى ركعتين ، وقصر الخوف من ركعتين إلى ركعة واحدة ، عن جابر ، ومجاهد ، وقد رواه أيضا أصحابنا وثانيها : إن معناه القصر من حدود الصلاة ، عن ابن عباس ، وطاوس ، وهو الذي رواه أصحابنا في صلاة شدة الخوف ، وإنها تصلى إيماء ، والسجود أخفض من الركوع ، فإن لم يقدر على ذلك ، فالتسبيح المخصوص كاف عن كل ركعة . وثالثها : إن المراد بالقصر الجمع بين الصلاتين . والصحيح الأول .
{إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} يعني : خفتم فتنة الذين كفروا في أنفسكم ، أو دينكم . وقيل : معناه إن خفتم أن يقتلكم الذين كفروا في الصلاة ، عن ابن عباس . ومثله قوله تعالى {على خوف من فرعون وملائه أن يفتنهم} أي :
يقتلهم . وقيل : معناه أن يعذبكم الذين كفروا بنوع من أنواع العذاب {إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا} أي : ظاهري العداوة . وفي قراءة أبي بن كعب : {فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم الذين كفروا} من غير أن يقرأ {إن خفتم} . وقيل إن معنى هذه القراءة : أن لا يفتنكم . أو كراهة أن يفتنكم ، كما في قوله {يبين الله لكم أن تضلوا} وظاهر الآية يقتضي أن القصر لا يجوز إلا عند الخوف ، لكنا قد علمنا جواز القصر عند الأمن ببيان النبي ، ويحتمل أن يكون ذكر الخوف في الآية ، قد خرج مخرج الأعم والأغلب عليهم في أسفارهم ، فإنهم كانوا يخافون الأعداء في عامتها ، ومثله في القرآن كثير .
واختلف الفقهاء في قصر الصلاة في السفر : فقال الشافعي : هي رخصة ، واختاره الجبائي . وقال أبو حنيفة : هو عزيمة وفرض ، وهذا مذهب أهل البيت ، قال زرارة ، ومحمد بن مسلم : " قلنا لأبي جعفر : ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم هي؟ قال : إن الله يقول : {وإذا ضربتم في الأرض ، فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} فصار التقصير واجبا في السفر ، كوجوب التمام في الحضر .
قالا : قلنا إنه قال {لا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة} ولم يقل إفعل ، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام؟ قال : أوليس قال تعالى في الصفا والمروة {فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} ألا ترى أن الطواف واجب مفروض ، لان الله تعالى ذكرهما في كتابه ، وصنعهما نبيه ، وكذا التقصير في السفر ، شيء صنعه رسول الله ، وذكره الله في الكتاب . قال ، قلت : فمن صلى في السفر أربعا ، أيعيد أم لا ؟ قال : إن كان قرئت عليه آية التقصير ، وفسرت له ، فصلى أربعا ، أعاد ، وإن لم يكن قرئت عليه ، ولم يعلمها ، فلا إعادة عليه . والصلاة في السفر :
كل فريضة ركعتان ، إلا المغرب ، فإنها ثلاث ، ليس فيها تقصير ، تركها رسول الله في السفر والحضر ثلاث ركعات " .
وفي هذا الخبر دلالة على أن فرض المسافر ، مخالف لفرض المقيم ، وقد أجمعت الطائفة على ذلك ، وعلى أنه ليس بقصر . وقد روي عن النبي أنه قال :
" فرض المسافر ركعتان غير قصر " . وعندهم إن الخوف بانفراده موجب للقصر ، وفيه خلاف بين الفقهاء ، وذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن الله عنى بالقصر في الآية : قصر صلاة الخوف ، من صلاة السفر ، لا من صلاة الإقامة لأن صلاة السفر عندهم ، ركعتان تمام ، غير قصر ، فمنهم جابر بن عبد الله ، وحذيفة اليمان ، وزيد بن ثابت ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وكعب ، وكان من الصحابة قطعت يده يوم اليمامة ، وابن عمر ، وسعيد بن جبير ، والسدي .
وأما حد السفر الذي يجب عنده القصر فعندنا ثمانية فراسخ ، وقيل مسيرة ثلاثة أيام بلياليها ، وهو مذهب أبي حنيفة ، وأصحابه . وقيل : ستة عشر فرسخا ثمانية وأربعين ميلا ، وهو مذهب الشافعي .
_________________________
1. مجمع البيان ، ج3 ، ص 172-174 .
{وإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} . نزلت هذه الآية في أحكام الجهاد والخوف ، تماما كالآيات السابقة ، فان سياق الجميع واحد ، وأوضح من السياق قوله : { إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } فان المراد بالفتنة هنا القتل ، أما السفر المراد من الضرب بالأرض فقد ورد مورد الغالب ، لا لبيان الشرط والقيد ، أما قوله :
{ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ } فالمراد به الوجوب والإلزام ، لا الرخصة والإباحة ، لأن الأخبار فسرته بالإلزام ، ومثله آية الطواف : {فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما} [البقرة : 158] . وحيث وردت الآية في صلاة الخوف ، لا في صلاة القصر فيكون المراد بقوله : { أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ } القصر في عدد الركعات والتغيير في هيئة الصلاة حسبما تستدعيه الضرورة .
ولصلاة الخوف شروط ، أهمها أن يكون في العدو قوة ، يستطيع بها الهجوم والفتك . . أما كيفيتها فقال الشهيد الثاني في اللمعة : إنها كثيرة تبلغ العشرة . . وتصح جماعة وفرادى ، وهذه صورة لصلاة الخائف منفردا ، ذكرها صاحب الشرائع ، قال بالنص الحرفي :
« أما صلاة المطاردة ، وتسمى صلاة الخوف مثل أن تنتهي الحال إلى المعانقة والمسايفة ، فيصلي حسب إمكانه واقفا أو ماشيا أو راكبا ، ويستقبل القبلة بتكبيرة الإحرام ، ثم يستمر ، ان أمكنه الاستمرار ، والا استقبل بما أمكنه ، وصلى ، مع التعذر إلى أي جهة أمكن ، وإذا لم يتمكن من النزول صلى راكبا ، ويسجد على قربوس سرجه ، وان لم يتمكن أومأ إيماء ، فان خشي صلى بالتسبيح ، ويسقط الركوع والسجود ، ويقول بدل كل ركعة : سبحان اللَّه والحمد للَّه ، ولا إله إلا اللَّه ، واللَّه أكبر » .
وهذه الصورة كافية وافية في الدلالة على ان الصلاة فرض لازم ، لا يسقط أثناء النزال والقتال ، ولا حين النزع والاحتضار ، وان المرء يؤديها كما وكيفا حسب إمكانه ومقدرته .
__________________________
1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 424-425 .
قوله تعالى : { وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ } الجناح الإثم والحرج والعدول ، والقصر النقص من الصلاة ، قال في المجمع : في قصر الصلاة ثلاث لغات : قصرت الصلاة أقصرها وهي لغة القرآن ، وقصرتها تقصيرا ، أقصرتها إقصارا .
والمعنى : إذا سافرتم فلا مانع من حرج وإثم أن تنقصوا شيئا من الصلاة ، ونفي الجناح الظاهر وحده في الجواز لا ينافي وروده في السياق للوجوب كما في قوله تعالى { إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما } : [ البقرة : 158 ] مع كون الطواف واجبا ، وذلك أن المقام مقام التشريع ، ويكفي فيه مجرد الكشف عن جعل الحكم من غير حاجة إلى استيفاء جميع جهات الحكم وخصوصياته ، ونظير الآية بوجه قوله تعالى { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ } الآية : [ البقرة : 184 ] .
قوله تعالى : { إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } ، الفتنة وإن كانت ذات معان كثيرة مختلفة لكن المعهود من إطلاقها في القرآن في خصوص الكفار والمشركين التعذيب من قتل أو ضرب ونحوهما ، وقرائن الكلام أيضا تؤيد ذلك فالمعنى : إن خفتم أن يعذبوكم بالحملة والقتل .
والجملة قيد لقوله { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ } ، جُناحٌ وتفيد أن بدء تشريع القصر في الصلاة إنما كان عند خوف الفتنة ، ولا ينافي ذلك أن يعم التشريع ثانيا جميع صور السفر الشرعي وإن لم يجامع الخوف فإنما الكتاب بين قسما منه ، والسنة بينت شموله لجميع الصور .
_________________________
1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 54-55 .
صلاة المسافر :
تتطرق الآية (١٠١) من سورة النساء ـ التي هي موضوع بحثنا الآن ـ إلى صلاة المسافر ، فتبيّن أن لا مانع للمسلم من أن يقصر صلاته لدى السّفر إذا خاف من خطر الكافرين الذين هم الأعداء البارزون للمسلمين، وقد عبّرت هذه الآية عن السّفر بالضرب في الأرض ، لأنّ المسافر يضرب الأرض برجليه لدى السّفر (2) .
ويرد هنا سؤال : وهو أن الآية هذه قد جعلت الخوف من العدو شرطا لقصر الصّلاة ، بينما نقرأ في البحوث الفقهية أنّ حكم صلاة القصر يعتبر حكما عاما يشمل جميع أنواع السّفر ، سواء كان فيه الخوف من الأعداء أو كان سفرا آمنا لا خوف فيه ، وقد وردت روايات عديدة عن طرق الشيعة والسنة في مجال صلاة القصر تؤيد كلّها شمولية حكم صلاة القصر لكل أنواع السّفر المباح (3) .
وفي جواب هذا السؤال يجب القول : بأنّ تقييد حكم القصر في صلاة بالخوف قد يكون سببه واحدا من الموارد التالية :
أ ـ إنّ القيد جاء بسبب وضع المسلمين في بداية العصر الإسلامي ، ويصطلح على هذا القيد بـ «القيد الغالب» أي أنّ أغلب أسفار المسلمين في ذلك الزمن كانت مشوبة بالخوف ، وجاء في علم الأصول أنّ القيود الغالبة لا مفهوم لها مستدلا بآية {وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء : 23] أي بنات نسائكم اللواتي تربونهنّ وهنّ من أزواج سابقين وهنّ حرام عليكم .
حيث نواجه في هذه الآية نفس مسألة «القيد الغالب» لأن بنات الزوجة يعتبرن محارم للزوج ـ سواء تربين في حجره أم لم يتربين لديه ـ ولكن بما أنّ أغلب النساء المطلقات اللواتي يتزوجن مرّة أخرى هنّ نساء شابات لداهنّ أطفال صغار تتمّ تربيتهم في حجر الزوج الجديد ، لذلك جاءت الآية بقيد «حجوركم».
ب ـ ويعتقد بعض المفسّرين أنّ صلاة القصر شرعت في البداية لزمن الخوف ـ كما جاء في الآية موضوع البحث ـ وإنّ هذا الحكم قد توسع فيما بعد فشمل جميع الحالات.
ج ـ ويحتمل أيضا أن يكون في هذا القيد جانب توكيدي ، أي أن صلاة القصر لازمة للمسافر أينما كان ، ولكن في حالة الخوف من العدو تكون هذه الصّلاة مؤكدة أكثر.
وعلى أي حال ، فليس هناك من شك أنّ صلاة القصر للمسافر ـ مع الأخذ بنظر الاعتبار الرّوايات المفسّرة لهذه الآية ـ لا تقتصر على حالة الخوف ، ولهذا السبب فإن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في أسفاره حتى في موسم الحج (في أرض منى) يقصر صلاته.
سؤال :
وهنا يرد سؤال آخر ، وهو أنّ الآية قد أتت بعبارة {وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ} وليس في هذه العبارة دلالة الحتمية في الحكم ، أي لا تحتم على المسافر أن يقصر صلاته ، فكيف يمكن القول أنّ صلاة القصر واجب عيني للمسافر وليس واجبا تخييريا ؟
الجواب :
لقد وجّه هذان السؤالان إلى أئمّة الإسلام ، فأشاروا لدى الإجابة عليهما إلى نقطتين مهمتين :
النّقطة الأولى : هي أنّ عبارة «لا جناح» ، أي لا ذنب عليكم ، قد استخدمت في بعض الموارد في القرآن الكريم للدلالة على الوجوب ، فمثلا في آية : {إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما} [البقرة : 158] في حين أن جميع المسلمين يعرفون أنّ السعي بين الصفا والمروة واجب سواء في الحج أو العمرة.
وكان النّبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام والمسلمون يؤدون السعي بعنوان الواجب ... وقد نقل عن الإمام الباقر عليه السلام حديث بهذا المضمون (4) .
وبعبارة أخرى فإنّ عبارة «لا جناح» ـ في الآية موضوع البحث وكذلك في آية الحج ـ جاءت لنفي التحريم ، والسبب هو أنّ بعض المسلمين في بدء الإسلام ، ولوجود أصنام على جبلي الصفا والمروة ، كانوا يظنون أنّ السعي بينهما من عادات وتقاليد الوثنيين ، في حين أنّه لم يكن كذلك ، فجاءت عبارة ـ «لا جناح» في الآية المذكورة لرفع الوهم الحاصل.
وكذلك في حالة المسافر ، من الممكن أن يتوهّم البعض أنّ قصر الصّلاة في السّفر قد يعتبر نوعا من المعصية ، فجاء القرآن الكريم في الآية بعبارة «لا جناح» لرفع هذا الوهم أيضا.
والنّقطة الثّانية : هي أنّ بعض الرّوايات قد أشارت إلى أنّ قصر الصّلاة في السّفر نوع من التسهيل الإلهي ، وتقتضي الأدب أن لا يرد هذا التسهيل ولا يتجاهل.
وفي روايات أهل السنّة نقل عن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال في موضوع قصر الصّلاة : «صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» (5) .
كما ورد مثل هذا الحديث في مصادر الشّيعة حيث ينقل الإمام الصّادق عليه السلام عن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله بأن : الإفطار في السّفر وقصر الصّلاة فيه هديتان إلهيتان فمن انصرف عنهما أصبح رادّا لهدية الله (6) .
أمّا النّقطة الثّالثة : التي يجب الانتباه لها فهي أنّ بعض المسلمين قد تصوروا أن الآية (١٠١) من سورة النساء تبيّن حكم صلاة الخائف (أثناء الحروب وأمثال ذلك) ويستدلون لذلك بعبارة {إِنْ خِفْتُمْ} الواردة في الآية ، ولكن جملة {إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} فيها مفهوم عام يشمل كل أنواع السّفر سواء كان من الأسفار الاعتيادية أو كان سفرا من أجل الجهاد ، والذي تناولته الآية التالية بصورة مستقلة .
إذن فعبارة {إِنْ خِفْتُمْ} ـ وكما أسلفنا ـ تعتبر نوعا من القيود أو الشروط الغالبة ، حيث أنّ أغلب أسفار المسلمين في ذلك الزمان كانت مشوبة بالخوف والخطر ـ لذلك فلا دلالة على اقتصار الآية على الصّلاة في حالة الخوف ، بالإضافة إلى ذلك ، فإنّ الخوف من هجوم العدو موجود أثناء الحروب وليس في محلّه أن يقال لمن في ساحة الحرب {إِنْ خِفْتُمْ} من هجوم العدو ، وهذا دليل آخر على أنّ الآية تشير إلى جميع أنواع السّفر التي يحتمل أن يوجد فيها بعض الأخطار على المسافر.
كما يجب التنبيه إلى أنّ شروط صلاة المسافر لم ترد في القرآن ، كما لم ترد شروط وأوصاف بقية الأحكام الإسلامية فيه أيضا ، بل أشارت إلى ذلك السنّة الشريفة.
ومن هذه الشروط أنّ صلاة القصر لا تجب في الأسفار التي لا تبلغ المسافة فيها ثمانية فراسخ ، لأنّ المسافر في تلك الأيّام كان يقطع في اليوم الواحد مسافة الثمانية فراسخ بصورة اعتيادية.
والشرط الآخر هو أنّ المسافر الذي يتّخذ من السّفر حرفة لنفسه أو جزءا من برنامج حياته اليومية مستثنى من القصر في الصّلاة ، لأنّ السّفر بالنسبة إلى أمثال هؤلاء أمر اعتيادي ، وليس أمرا استثنائيا .
كما أنّ من يسافر من أجل ارتكاب معصية ، لا يكون مشمولا لحكم صلاة المسافر، أي لا يجوز له القصر في الصّلاة ، والسبب هو أن حكم القصر يعتبر نوعا من التسهيل الإلهي ، ولا يمكن أن يشمل هذا التسهيل من يسير في طريق معصية الله.
كما أنّ أي مسافر لم يصل إلى حدّ الترخيص (أي إلى النقطة التي لا يمكن سماع صوت أذان المدينة فيها ، أو لا يمكن مشاهدة أسوار المدينة عندها) لا يمكنه أن يقصر صلاته ، لأنّه في هذه الحالة لا يعد خارجا عن حدود المدينة ولا يعتبر في عداد المسافرين .
وبالإضافة إلى ما ذكر هناك أحكام أخرى ذكرتها كتب الفقه بالتفصيل ، وقد ذكرت الأحاديث التي وردت في هذا الأمر كتب الحديث.
__________________________
1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 277-280 .
2. مفردات الراغب ، مادة «ضرب».
3. للاطلاع أكثر راجع الجزء الخامس من كتاب وسائل الشيعة ، وكتاب سنن البيهقي ، الجزء الثّالث ، ص ١٣٤ وغيرهما من الكتب .
4. نور الثقلين ، الجزء الأوّل ، ص ٥٤٢ .
5. جاء هذا الحديث في سنن البيهقي ، الجزء الثّالث ، ص ١٣٤ نقلا عن صحيح مسلم ، كما ورد في كتب التفاسير والفقه أيضا .
6. وسائل الشيعة الجزء الخامس ، ص ٥٤٠ .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|