x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
تفسير آية (142-143) من سورة النساء
المؤلف: اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
المصدر: تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة: ......
27-2-2017
7215
قال تعالى : {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} [النساء : 142-143] .
بين سبحانه أفعالهم القبيحة فقال { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } قد ذكرنا معناه في أول البقرة ، وعلى الجملة خداع المنافقين لله إظهارهم الإيمان الذي حقنوا به دماءهم وأموالهم . وقيل معناه : يخادعون النبي كما قال : {إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} فسمى مبايعة النبي مبايعة الله للاختصاص ، ولان ذلك بأمره ، عن الحسن ، والزجاج . ومعنى خداع الله إياهم : أن يجازيهم على خداعهم ، كما قلناه في قوله {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} . وقيل : هو حكمه بحقن دمائهم مع علمه بباطنهم .
وقيل : هو أن يعطيهم الله نورا يوم القيامة يمشون به مع المسلمين ثم يسلبهم ذلك النور ، ويضرب بينهم بسور ، عن الحسن ، والسدي ، وجماعة من المفسرين .
{وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} أي : متثاقلين {يُرَاءُونَ النَّاسَ} يعني أنهم لا يعملون شيئا من أعمال العبادات على وجه القربة إلى الله ، وإنما يفعلون ذلك إبقاء على أنفسهم ، وحذرا من القتل ، وسلب الأموال ، وإذا رآهم المسلمون صلوا ليروهم أنهم يدينون بدينهم ، وإن لم يرهم أحد ، لم يصلوا ، وبه قال قتادة ، وابن زيد .
وروى العياشي بإسناده ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه أن رسول الله سئل : فيم النجاة غدا ؟ قال : النجاة أن لا تخادعوا الله فيخدعكم ، فإنه من يخادع الله يخدعه ، ونفسه يخدع لو شعر . فقيل له : فكيف يخادع الله ؟
قال : يعمل بما أمره الله ، ثم يريد به غيره ، فاتقوا الرياء ، فإنه شرك بالله ، إن المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء : يا كافر ، يا فاجر ، يا غادر ، يا خاسر ، حبط عملك ، وبطل أجرك ، ولا خلاق لك اليوم ، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له .
{وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} أي : ذكرا قليلا ، ومعناه : لا يذكرون الله عن نية خالصة ، ولو ذكروه مخلصين . ، لكان كثيرا ، وإنما وصف بالقلة ، لأنه لغير الله ، عن الحسن ، وابن عباس . وقيل : لا يذكرون إلا ذكرا يسيرا ، نحو التكبير والأذكار التي يجهر بها ، ويتركون التسبيح وما يخافت به من القراءة وغيرها ، عن أبي علي الجبائي . وقيل : إنما وصف الذكر بالقلة لأنه سبحانه لم يقبله ، وكل ما رده الله فهو قليل {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ} أي : مرددين بين الكفر والإيمان ، يريد كأنه فعل بهم ذلك ، وإن كان الفعل لهم على الحقيقة . وقيل : معنى مذبذبين مطرودين من هؤلاء ومن هؤلاء ، من الذب : الذي هو الطرد ، وصفهم سبحانه بالحيرة في دينهم ، وأنهم لا يرجعون إلى صحة نية ، لا مع المؤمنين على بصيرة ، ولا مع الكافرين على جهالة .
وقال رسول الله : إن مثلهم مثل الشاة العايرة (2) بين الغنمين ، تتحير فتنظر إلى هذه وهذه ، لا تدري أيهما تتبع . {لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} أي : لا مع هؤلاء في الحقيقة ، ولا مع هؤلاء . يظهرون الإيمان كما يظهره المؤمنون ، ويضمرون الكفر كما يضمره المشركون ، فلم يكونوا مع أحد الفريقين في الحقيقة ، فإن المؤمنين يضمرون الإيمان كما يظهرونه ، والمشركون يظهرون الكفر كما يضمرونه . {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} أي : طريقا ومذهبا . وقد مضى ذكر معنى الإضلال مشروحا في سورة البقرة عند قوله : {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} فلا معنى لإعادته .
_____________________________
1 . تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 221-222 .
2 . أي المترددة .
{إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهً وهُوَ خادِعُهُمْ} . المراد بخداعهم للَّه اظهارهم الإيمان للرسول مع إضمارهم الكفر ، لأن من خان الرسول فقد خان اللَّه ، قال سبحانه : {إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهً} [الفتح - 10 ] . والمراد بخداع اللَّه لهم انه تعالى يعاقبهم على خداعهم ونفاقهم ، من باب اطلاق السبب وإرادة المسبب ، وقد وصف اللَّه تعالى نفسه في كتابه العزيز بالتواب والشاكر ، لأنه يقبل من التائب توبته ، ويثيب الشاكر على شكره .
{وإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى} . وكيف ينشطون لها ، وهم بها كافرون ؟ . لا يرجون ثوابا على فعلها ، ولا عقابا على تركها ، وإنما أتوا بها صيدا للدنيا ، وطريقا إلى الكسب ، قال تعالى : {وإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ} [البقرة - 45] .
وتسأل : إذا صلى بدافع التقرب إلى اللَّه ، ومع ذلك أحب أن يراه الناس ليحسبوه من الصالحين ، أو ليدفع عنه تهمة التهاون بالدين ، فهل يكون هذا رياء ؟ .
الجواب : كلا ، ما دام الباعث الأول هو أمر اللَّه ومرضاته ، وما عداه تبع له . . فقد سئل الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن الرجل : يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان ، فيسره ذلك ؟ . قال : لا بأس ، ما من أحد إلا وهو يحب أن يظهر له في الناس الخير إذا لم يكن ذلك لذلك . أي إذا لم يكن الفعل لمجرد الإظهار فقط .
{ يُراؤُنَ النَّاسَ } . لأنهم لا يصلون للَّه ، بل للصيد والربح . { ولا يَذْكُرُونَ اللَّهً إِلَّا قَلِيلًا } . أي إلا حين يراهم الناس ، أما إذا انفردوا فلا يذكرونه إطلاقا ، قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : للمرائي ثلاث علامات : يكسل إذا كان وحده : وينشط إذا كان الناس عنده ، ويحب ان يحمد بما لم يفعل .
هل كل الناس مراؤن ؟
وتسأل : ما من أحد يظهر أمام الناس على حقيقته ، ويقول لهم كل ما يعتقد ، ومن الذي يقول لكل واحد ما يعرفه منه ؟ . ولو قال لعدّ من المجانين ، بل من الذي لا يفعل ويتصرف - أحيانا - على غير ما يحب ويريد ؟ . ثم إلى أين المفر من عادات المجتمع وقيمه ؟ .
وهل باستطاعتك إذا التقيت بمن تكره ، وابتدأك بقوله : أنا مشتاق إلى رؤيتك .
هل باستطاعتك أن تجيبه بأني أكره أن أراك ؟ وإذا أجبته بهذا المكروه فهل أنت مصيب في نظر الناس ، بل وفي نظرك أيضا ؟ . وأخيرا ، هل كل الناس مراؤن منحرفون لأنهم لا يعتقدون بكل ما يقولون ، ولا يؤمنون بكل ما يفعلون ؟
الجواب : فرق بين الرياء والمداراة ، فالرياء ان تظهر الصلاح نفاقا وافتراء ، لتقف مع الصالحين ، ولست منهم ، والمداراة ان تكون لطيفا في معاملة الناس ، دون أن تهدف إلى شيء إلا ان تعيش معهم في وئام ووفاق . . صحيح انك تتصرف - أحيانا - تبعا لتقاليد المجتمع ، فتهني أو تعزي ، أو تبتسم وتحترم إنسانا مجاملا ، لا مؤمنا ، ولكن هذا تصرف سليم لا غبار عليه ، ولا تعد معه مرائيا ما دمت في فعلك وتصرفك متفقا مع المجتمع . . وأيضا لا يجب عليك إذا صدرت منك خطيئة - وأينا المعصوم - ان تذيعها وتعلنها على الناس .
أجل ، يجب ان لا تبدو لهم قديسا لا خطيئة له .
وصحيح أيضا انك كاذب في قولك لمن تكره : أنا أشوق ، ولكنه كذب في المصلحة وحسن الخلق ، قال تعالى : {وقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة - 83 } .
وقال : {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} [إبراهيم - 24 ] . وقال :
{اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً} [طه - 44 ] . وفي الحديث :
« الكلمة الطيبة صدقة يثاب بها قائلها بما يثاب به أولو الفضل والإحسان » . وفيه أيضا : « أمرني ربي بالمداراة ، كما أمرني بالفرائض » . وأجمع الفقهاء على ان الكذب واجب إذا توقف عليه حفظ النفس البريئة ، وخلاصها من الهلاك ، وان الصدق حرام في النميمة والغيبة ، فالنمام صادق ، والمغتاب صادق ، ولكنهما مذمومان عند اللَّه والناس (2) .
وبعد ، فان الرياء المحرم هو ان يتظاهر المرء أمام الناس بما ليس فيه ، فيريهم الخير والصلاح من نفسه ، ليحظى عندهم بمكان الصالحين الخيرين ، وهو من الأشرار المفسدين .
( مذبذبين ) . يتظاهرون تارة مع المسلمين ، وتارة مع الكافرين ، وهم في الواقع {لا إِلى هؤُلاءِ ولا إِلى هؤُلاءِ} . بل إلى منافعهم ومطامعهم . . يقبلون كل يد تقبض على منفعتهم ، أو على شيء منها ، قذرة كانت اليد ، أو طاهرة .
{ومَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} . أي ان اللَّه سبحانه قد تخلى عنهم ، وأوكلهم إلى أنفسهم لعنادهم وتمردهم على الحق ، ومن كان هذا شأنه فلن يؤوب إلى رشد . ولا بد من التنبيه إلى ان حكمة اللَّه تعالى تستدعي ان لا يتخلى عن عبده ، تماما كما لا تتخلى الوالدة عن وليدها ، إلا إذا كان العبد هو السبب الموجب لتخلي اللَّه عنه لولوجه في العصيان والتمرد ، كما تتخلى الأم عن ابنها لغلوه في العقوق . وتقدم هذا النص القرآني بالحرف في الآية 88 من هذه السورة ، وتكلمنا عنها هناك مفصلا ، فقرة « الإضلال من اللَّه سلبي لا إيجابي » ، كما بسطنا القول في أقسام الهدى والضلال عند تفسير الآية 26 من سورة البقرة ، المجلد الأول ص 70 .
__________________________
1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 468-470 .
2. نصوص الكتاب والسنة تقوم على أساس العمل بما فيه مصلحة ، وترك ما فيه مفسدة ، فحيث تكون المصلحة يكون الأمر ، وحيث تكون المفسدة يكون النهي ، ومن هنا جاز الكذب مع المصلحة ، وحرم الصدق مع المفسدة المترتبة على الغيبة والنميمة .
قوله تعالى : { إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ } المخادعة هي الإكثار أو التشديد في الخدعة بناء على أن زيادة المباني تدل على زيادة المعاني .
وقوله { وَهُوَ خادِعُهُمْ } في موضع الحال أي يخادعون الله في حال هو يخدعهم ويئول المعنى إلى أن هؤلاء يريدون بأعمالهم الصادرة عن النفاق من إظهار الإيمان ، والاقتراب من المؤمنين ، والحضور في محاضرهم ومشاهدهم أن يخادعوا الله أي النبي صلى الله عليه وآله والمؤمنين فيستدروا منهم بظاهر إيمانهم وأعمالهم من غير حقيقة ، ولا يدرون أن هذا الذي خلى بينهم وبين هذه الأعمال ولم يمنعهم منها هو الله سبحانه ، وهو خدعة منه لهم ومجازاة لهم بسوء نياتهم وخباثة أعمالهم فخدعتهم له بعينها خدعته لهم.
قوله تعالى : { وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً } هذا وصف آخر من أوصافهم وهو القيام إلى الصلاة ـ إذا قاموا إليها ـ كسالى يراءون الناس ، والصلاة أفضل عبادة يذكر فيها الله ، ولو كانت قلوبهم متعلقه بربهم مؤمنة به لم يأخذهم الكسل والتواني في التوجه إليه وذكره ، ولم يعملوا عملهم لمراءاة الناس ، ولذكروا الله تعالى كثيرا على ما هو شأن تعلق القلب واشتغال البال.
قوله تعالى : { مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ } ، قال في المجمع : يقال : ذبذبته فذبذب أي حركته فتحرك فهو كتحريك شيء معلق ( انتهى ) . فكون الشيء مذبذبا أن يتردد بين جانبين من غير تعلق بشيء منهما ، وهذا نعت المنافقين ، يتذبذبون بين ذلك ـ أي الذي ذكر من الإيمان والكفر ـ لا إلى هؤلاء أي لا إلى المؤمنين فقط كالمؤمنين بالحقيقة ، ولا إلى الكفار فقط كالكافرين محضا .
وقوله { وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } في مقام التعليل لما سبقه من حديث الذبذبة ، فسبب ترددهم بين الجانبين من غير تعلق بأحدهما أن الله أضلهم عن السبيل فلا سبيل لهم يردونه .
ولهذه العلة بعينها قيل : { مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ } ولم يقل : متذبذبين أي القهر الإلهي هو الذي يجر لهم هذا النوع من التحريك الذي لا ينتهي إلى غاية ثابتة مطمئنة .
__________________________
1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 101-102 .
لقد وردت في هذه الآية خمس صفات للمنافقين ، في عبارة قصيرة ، وهي : ـ
١ ـ إنّ هؤلاء ـ لأجل تحقيق أهدافهم الدنيئة ـ يتوسلون بالخدعة والحيلة ، حتى أنّهم يريدون على حسب ظنهم أن يخدعوا الله تعالى أيضا ، ولكنهم يقعون في نفس الوقت ومن حيث لا يشعرون في حبال خدعتهم ومكرهم ، إذ هم ـ لأجل اكتساب ثروات مادية تافهة ـ يخسرون الثروات الكبيرة الكامنة في وجودهم ، تقول الآية في هذا المجال : {إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ ...}.
ويستفاد التّفسير المذكور أعلاه بالواو الحالية الواردة مع عبارة : {وَهُوَ خادِعُهُمْ}.
هناك قصّة مشهورة مفادها أن أحد الأكابر كان ينصح أهل الحرف من مواطنيه ، بأن ينتبهوا لكي لا يخدعهم المسافرون الغرباء ، فقال أحدهم : كيف يمكن للغرباء البسطاء الذين لا يعرفون شيئا عن وضع المدينة وأهلها ، أن يخدعوا أهل الحرف فيها نحن بمقدورنا خداع أولئك الغرباء ، فأجابهم بأن قصده من الانخداع بالغرباء هو هذا المعنى ، أي أن تنالوا من هؤلاء ثروة تافهة بالخداع ، وتفقدوا بذلك ثروة الإيمان العظيمة !
٢ ـ إنّ المنافقين بعيدون عن رحمة الله ، ولذلك فهم لا يتلذذون بعبادة الله والتقرب إليه ، ويدل على ذلك أنّهم حين يريدون أداء الصّلاة يقومون إليها وهم كسالى خائر والقوى ، تقول الآية في هذا الأمر : {وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى ...}.
٣ ـ ولما كان المنافقون لا يؤمنون بالله وبوعوده ، فهم حين يقومون بأداء عبادة معينة ، إنّما يفعلون ذلك رياء ونفاقا وليس من أجل مرضاة الله ، تقول الآية : {يُراؤُنَ النَّاسَ ...}.
٤ ـ ولو نطقت ألسن هؤلاء المنافقين بشيء من ذكر الله ، فإنّ هذا الذكر لا يتجاوز حدود الألسن ، لأنّه ليس من قلوبهم ، ولا هو نابع من وعيهم ويقظتهم ، وحتى لو حصل هذا الأمر فهو نادر وقليل ، تقول الآية : {وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً}.
٥ ـ إنّ المنافقين يعيشون في حيرة دائمة ودون أي هدف أو خطّة لطريقة الحياة معينة، ولهذا فهم يعيشون حالة من التردد والتذبذب ، فلا هم مع المؤمنين حقّا ولا هم يقفون إلى جانب الكفار ظاهرا ، وفي هذا تقول الآية الكريمة : {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ ...}.
ويحسن هنا الالتفات إلى أنّ كلمة «مذبذب» اسم مفعول من الأصل «ذبذب» وهي تعني في الأصل صوتا خاصا يسمع لدى تحريك شيء معلق إثر تصادمه بأمواج الهواء ، وقد أطلقت كلمة «مذبذب» على الإنسان الحائر الذي يفتقر إلى الهدف أو إلى أي خطّة وطريقة للحياة.
هذا واحد من أدق التعابير التي أطلقها القرآن الكريم على المنافقين ، كما هي إشارة إلى إمكانية معرفة المنافقين عن طريق هذا التذبذب الظاهر في حركتهم ونطقهم ، كما يمكن أن يفهم من هذا التعبير أن المنافقين هم كشيء معلق يتحرك بدون أي هدف وليس لحركته أي اتجاه معين ، بل يحركه الهواء من أي صوب كان اتجاهه ويأخذه معه إلى الجهة التي يتحرك فيها.
وتبين الآية في الختام مصير هؤلاء المنافقين ، وتوضح أنّهم أناس قد سلب الله عنهم حمايته نتيجة لأعمالهم وتركهم يتيهون في الطريق المنحرف الذي سلكوه بأنفسهم ، فهم لن يهتدوا أبدا إلى طريق النجاة ، لأنّ الله كتب عليهم التيه والضلالة عقابا لهم على أعمالهم.
تقول الآية الكريمة في ذلك : {وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} ، (وقد شرحنا معنى الإضلال ، وبيّنا كيف أنّه لا يتنافى مع حرية الإرادة والانتخاب ، وذلك في الجزء الأوّل من هذا التّفسير في هامش الآية (٢٦) من سورة البقرة) .
_________________________
1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 345-346 .