1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : التفسير الجامع : حرف النون : سورة النساء :

تفسير آية (144-147) من سورة النساء

المؤلف:  اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية

المصدر:  تفاسير الشيعة

الجزء والصفحة:  ......

27-2-2017

3071


قال تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء : 144-147].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

نهى سبحانه عن موالاة المنافقين ، فقال : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ} أي : أنصار {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} فتكونوا مثلهم {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} أي : حجة ظاهرة ؟ وهو استفهام يراد به التقرير ، وفيه دلالة على أن الله لا يعاقب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه ، والاستحقاق ، وأنه لا يعاقب الأطفال بذنوب الآباء ، وأنه كان لا حجة له على الخلق لولا معاصيهم . قال الحسن : معناه أتريدون أن تجعلوا لله (2) سبيلا إلى عذابكم ، بكفركم ، وتكذيبكم ؟

{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} أي : في الطبق الأسفل من النار ، فإن للنار طبقات ودركات ، كما أن للجنة درجات ، فيكون المنافق على أسفل طبقة منها ، لقبح عمله ، عن ابن كثير ، وأبي عبيدة ، وجماعة . وقيل : إن المنافقين في توابيت من حديد ، مغلقة عليهم في النار ، عن عبد الله بن مسعود ، وابن عباس . وقيل : إن الإدراك يجوز أن تكون منازل بعضها أسفل من بعض ، بالمسافة . ويجوز أن يكون ذلك إخبارا عن بلوغ الغاية في العقاب ، كما يقال إن السلطان بلغ فلانا الحضيض ، وبلغ فلانا العرش : يريدون بذلك انحطاط المنزلة ، وعلوها ، لا المسافة ، عن أبي القاسم البلخي .

{وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} ولا تجد يا محمد لهؤلاء المنافقين ناصرا ينصرهم ، فينقذهم من عذاب الله ، إذ جعلهم في أسفل طبقة من النار . ثم استثنى تعالى فقال : {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} من نفاقهم {وَأَصْلَحُوا} نياتهم . وقيل : ثبتوا على التوبة في المستقبل {وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ} أي : تمسكوا بكتاب الله ، وصدقوا رسله .

وقيل : وثقوا بالله {وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} أي تبرأوا من الآلهة والأنداد . وقيل : طلبوا بإيمانهم رحمة الله ورضاه ، مخلصين ، عن الحسن . {فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} أي : فإنهم إذا فعلوا ذلك يكونون في الجنة مع المؤمنين ، ومحل الكرامة .

{وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} سوف : كلمة ترجئة ، وعدة ، وإطماع ، وهي من الله إيجاب ، لأنه أكرم الأكرمين ، ووعد الكريم إنجاز ، ولم يشرط على غير المنافقين في التوبة من الإصلاح والاعتصام ، ما شرطه عليهم ، ثم شرط عليهم بعد ذلك الإخلاص ، لان النفاق : ذنب القلب ، والإخلاص : توبة القلب . ثم قال {فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} ولم يقل فأولئك المؤمنون ، أو من المؤمنين ، غيظا عليهم . ثم أتى بلفظ {سَوْفَ} في أجر المؤمنين ، لانضمام المنافقين إليهم ، هذا إذا عنى به جميع المؤمنين من تقدم منه الكفر ، ومن لم يتقدم . ويحتمل أن يكون المراد به زيادة الثواب ، لمن لم يسبق منه كفر ، ولا نفاق .

{ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا } [النساء : 147] .

 خاطب سبحانه بهذه الآية المنافقين الذين تابوا ، وآمنوا ، وأصلحوا أعمالهم ، فقال : {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ} أي : ما يصنع الله بعذابكم ، والمعنى لا حاجة لله إلى عذابكم ، وجعلكم في الدرك الأسفل من جهنم ، لأنه لا يجتلب بعذابكم نفعا ، ولا يدفع به عن نفسه ضررا ، إذ هما يستحيلان عليه {إِنْ شَكَرْتُمْ} أي : أديتم الحق الواجب لله عليكم ، وشكرتموه على نعمه {وَآمَنْتُمْ} به وبرسوله ، وأقررتم بما جاء به من عنده {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا} يعني : لم يزل سبحانه مجازيا لكم على الشكر ، فسمى الجزاء باسم المجزى عليه {عَلِيمًا} بما يستحقونه من الثواب على الطاعات ، فلا يضيع عنده شيء منها ، عن قتادة ، وغيره . وقيل : معناه إنه يشكر القليل من أعمالكم ، ويعلم ما ظهر وما بطن من أفعالكم ، وأقوالكم ، ويجازيكم عليها . وقال الحسن : معناه أنه يشكر خلقه على طاعتهم ، مع غناه عنهم (3) ، فيعلم بأعمالهم .

____________________________

1 . تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 223-224 .

2 . [عليكم] .

3 . [وعنها] .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :

{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} . تقدمت هذه الآية مع تفسيرها في سورة آل عمران الآية 30 ، فقرة أقسام الأولياء وموالاة المؤمن للكافر .

{ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً } . السلطان الحجة ، وكل من لم يكن على بينة من دينه ، أو زاغ عن طريق الهداية بعد أن استبان له فقد جعل للَّه الحجة البالغة من نفسه على نفسه . . اللهم انّا نعترف بأنك لا تعاقب إلا بعد قيام الحجة ، وأيضا نقر ونعترف بقيام الحجة علينا ، بل نهتز ونرتجف خوفا من بطشك ، ونعوذ منه بعفوك وكرمك . . إذن لا داعي لأن توقفنا بين يديك للمحاكمة والحساب ، والتحقيق والتدقيق .

{ إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ولَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً } . لأن العقوبة على قدر الجريمة ، ولا جريمة أعظم من النفاق الذي جمع بين الكفر والكذب ، وكلاهما من أمهات الرذائل .

{ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وأَصْلَحُوا واعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ } . بعد ان هدد وتوعد سبحانه المنافقين بأشد العقوبات أرشدهم إلى التوبة ، طريق الخلاص والنجاة ، فهي وحدها النصير والشفيع إليه تعالى . . وهي في يدهم وطوع إرادتهم ، فمن قصر وتوانى فلومه على نفسه . . وهذه حجة أخرى على كل مذنب يضيفها جل وعز إلى حججه البالغة التي لا يبلغها عد ولا حصر . .

وعقدنا فصلا خاصا للتوبة والتائبين بعنوان التوبة والفطرة عند تفسير الآية 18 من هذه السورة . وقد أطال المفسرون الكلام في بيان الفرق بين معطوفات هذه الآية ، وهي أصلحوا واعتصموا وأخلصوا . . والذي نراه ان لفظ التوبة يتضمن هذه الأوصاف بكاملها ، ولا نجد فرقا جوهريا بينها ، وإنما نص عليها وأكدها للإشارة إلى ما كان عليه المنافقون من التردد والتمرد ، وان اللَّه سبحانه لا يقبل توبتهم ، ولا يجعلهم في عداد المؤمنين إلا إذا ثبتوا واستمروا على التوبة ، وانهم إذا ارتدوا بعد التوبة ، وفعلوا كما يفعلون فإنهم يضيفون الارتداد إلى كفرهم وافترائهم وذبذبتهم ، ولا جزاء للارتداد إلا القتل في الدنيا ، والعذاب الأليم في الآخرة .

اللَّه والإمام زين العابدين :

{ ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ } . أبدا . . انه غني عن كل شيء في ذاته وصفاته ، والا لم يكن خالقا ، وإنما يحاسب ويعاقب جزاء وفاقا . . ولا غنى لمخلوق عنه في وجوده وبقائه ، وجميع حركاته وسكناته ، وإلا لم يكن مخلوقا . . والآن تعال معي - أيها القارئ - لنستمع بخشوع وإجلال إلى هذه النفحات من الإمام زين العابدين :

« اللهم اني امرؤ حقير ، وخطري يسير ، وليس عذابي مما يزيد في ملكك مثقال ذرة ، ولو ان عذابي مما يزيد في ملكك لسألتك الصبر عليه ، وأحببت أن يكون ذلك لك ، ولكن سلطانك أعظم ، وملكك أدوم من أن تزيده طاعة المطيعين ، أو تنقصه معصية المذنبين » .

ليست هذه المناجاة رموزا تومئ إلى الوجد والشوق لجمال القدس وجلاله ، كما يفعل الصوفية ، ولا مجرد صلاة وخوف من عذاب اللَّه ، وان دل عليه ظاهر الكلام ، وإنما هي توجيه لكل قوي يريد البطش بالضعفاء الذين لا حول لهم معه ولا طول . . وان الأولى والأليق بقدرته مع ضعفهم هو العفو والصفح ، وليس التعذيب والتنكيل . . ان القوة لا تكون فضيلة وكمالا إلا مع الإعطاء والتفضل .

ان الحاجة أو الشراسة هي الدافع والباعث على التنكيل بمن لا يجد مهربا من القوي إلا إليه . . والقوي الكامل غني عن المستضعفين ، منزه عما يشين .

وبعد ، فان العفو خير ، ونحن بحاجة إليه ، واللَّه قادر عليه ، ولا أحد أولى به منه ، فعفوه - إذن - كائن لا محالة . . نقول هذا ، ونحن من أخشى عباد اللَّه للَّه .

{ ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وآمَنْتُمْ وكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً } . يعلم من أطاع وشكر ، ويوفيه أجور المطيعين الشاكرين . . آمنا باللَّه وحده ، مبتهلين إليه سبحانه ان يوفقنا لشكره وطاعته .

__________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 471-473 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ } ( إلى آخر الآيتين ) السلطان هو الحجة. والدرك بفتحتين ـ وقد يسكن الراء ـ قال الراغب : الدرك كالدرج لكن الدرج يقال اعتبارا بالصعود ، والدرك اعتبارا بالحدور ، ولهذا قيل : درجات الجنة ودركات النار ، ولتصور الحدور في النار سميت هاوية ( انتهى ) .

والآية ـ كما ترى ـ تنهى المؤمنين عن الاتصال بولاية الكفار وترك ولاية المؤمنين ، ثم الآية الثانية تعلل ذلك بالوعيد الشديد المتوجه إلى المنافقين ، وليس إلا أن الله سبحانه يعد هذا الصنيع نفاقا يحذر المؤمنين من الوقوع فيه .

والسياق يدل على أن قوله { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا } ، كالنتيجة المستنتجة مما تقدم أو الفرع المتفرع عليه ، وهذا كالصريح في أن الآيات السابقة إنما تتعرض لحال مرضى القلوب وضعفاء الإيمان من المؤمنين ويسميهم المنافقين ، ولا أقل من شمولها لهم ثم يعظ المؤمنين أن لا يقربوا هذا الحمى ولا يتعرضوا لسخط الله ، ولا يجعلوا الله تعالى على أنفسهم حجة واضحة فيضلهم ويخدعهم ويذبذبهم في الحياة الدنيا ، ثم يجمع بينهم وبين الكافرين في جهنم جميعا ، ثم يسكنهم في أسفل درك من النار ، ويقطع بينهم وبين كل نصير ينصرهم ، وشفيع يشفع لهم.

ويظهر من الآيتين أولا : أن الإضلال والخدعة وكل سخط إلهي من هذا القبيل إنما عن حجة واضحة تعطيها أعمال العباد ، فهي إخزاء على طريق المقابلة والمجازاة ، وحاشا الجناب الإلهي أن يبدأهم بالشر والشقوة من غير تقدم ما يوجب ذلك من قبلهم ، فقوله { أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً }؟ يجري مجرى قوله { وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ } : (البقرة : 26) .

وثانيا : أن في النار لأهلها مراتب تختلف في السفالة ، ولا محالة يشتد بحسبها عذابهم يسميها الله تعالى بالدركات .

قوله تعالى : { إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ } استثناء من الوعيد الذي ذكر في المنافقين بقوله : { إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ } (الآية) ولازم ذلك خروجهم من جماعة المنافقين ، ولحوقهم بصف المؤمنين ، ولذلك ذيل الاستثناء بذكر كونهم مع المؤمنين ، وذكر ثواب المؤمنين جميعا فقال تعالى : { فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً } .

وقد وصف الله هؤلاء الذين استثناهم من المنافقين بأوصاف عديدة ثقيلة ، وليست تنبت أصول النفاق وأعراقه إلا بها ، فذكر التوبة وهي الرجوع إلى الله تعالى ، ولا ينفع الرجوع والتوب وحده حتى يصلحوا كل ما فسد منهم من نفس وعمل ، ولا ينفع الإصلاح إلا أن يعتصموا بالله أي يتبعوا كتابه وسنة نبيه صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله إذ لا سبيل إلى الله إلا ما عينه وما سوى ذلك فهو سبيل الشيطان .

ولا ينفع الاعتصام المذكور إلا إذا أخلصوا دينهم ـ وهو الذي فيه الاعتصام ـ لله ، فإن الشرك ظلم لا يعفى عنه ولا يغفر ، فإذا تابوا إلى الله وأصلحوا كل فاسد منهم واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله كانوا عند ذلك مؤمنين لا يشوب إيمانهم شرك ، فآمنوا النفاق واهتدوا قال تعالى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } : ( الأنعام : 82 ) .

ويظهر من سياق الآية أن المراد بالمؤمنين هم المؤمنون محضا المخلصون للإيمان ، وقد عرفهم الله تعالى بأنهم الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله ، وهذه الصفات تتضمن تفاصيل جميع ما عده الله تعالى في كتابه من صفاتهم ونعوتهم كقوله تعالى { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } ( إلى آخر الآيات ) : ( المؤمنون : 3 ) ، وقوله تعالى { وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً } الآيات ( الفرقان : 64 ) ، وقوله { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً } : ( النساء : 65 ).

فهذا هو مراد القرآن بالمؤمنين إذا أطلق اللفظ إطلاقا من غير قرينة تدل على خلافه.

وقد قال تعالى : { فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ } ولم يقل : فأولئك من المؤمنين لأنهم بتحقق هذه الأوصاف فيهم أول تحققها يلحقون بهم ، ولن يكونوا منهم حتى تستمر فيهم الأوصاف على استقرارها ، فافهم ذلك .

قوله تعالى : { ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ } ، ظاهره أنه خطاب للمؤمنين ، لأن الكلام جار على خطابهم وإنما يخاطبون بهذا الخطاب مع الغض عن إيمانهم وفرضهم كالعاري عنه على ما هو شأن مثل هذا الخطاب.

وهو كناية عن عدم حاجته تعالى إلى عذابهم ، وأنهم لو لم يستوجبوا العذاب بتركهم الشكر والإيمان لم يكن من قبله تعالى ما يوجب عذابهم ، لأنه لا ينتفع بعذابهم حتى يؤثره ، ولا يستضر بوجودهم حتى يدفعه عن نفسه بعذابهم ، فالمعنى : لا موجب لعذابكم إن شكرتم نعمة الله بأداء واجب حقه وآمنتم به وكان الله شاكرا لمن شكره وآمن به ، عليما لا يجهل مورده .

وفي الآية دلالة على أن العذاب الشامل لأهله إنما هو من قبلهم لا من قبله ، وكذا كل ما يستوجب العذاب من ضلال أو شرك أو معصية ، ولو كان شيء من ذلك من قبله تعالى لكان العذاب الذي يستتبعه أيضا من قبله لأن المسبب يستند إلى من استند إليه السبب .

__________________________

1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 102-104 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

لقد أشارت الآيات السابقة إلى قسم من صفات المنافقين ، والآيات التالية ـ هذه ـ تحذر المؤمنين وتأمرهم أن لا يعتمدوا على المنافقين والكفار بدل الاعتماد على المؤمنين، وأن لا يطلبوا النصرة منهم {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}.

وتبيّن أنّ الاعتماد على الكفار يعتبر جريمة وخرقا صارخا للقانون الإلهي وشركا بالله ، ونظرا لقانون العدل الإلهي فإن هذه الجريمة تستحق عقابا شديدا ، حيث تؤكد الآية : {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً} (2) .

وفي الآية الثانية من الآيات الأخيرة بيان لأحوال المنافقين ، الذين اتخذهم بعض الغافلين من المؤمنين أصدقاء لأنفسهم ، حيث توضح الآية أنّ المنافقين يستقرون في القيامة في أحط وأسفل دركة من دركات جهنم ، ولن يستطيع أحد أن ينصرهم أو ينقذهم من هذا المصير أبدا ، تقول الآية : {إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً}. (3)

ويتبيّن من هذه الآية أن النفاق في نظر الإسلام أشد أنواع الكفر ، وإن المنافقين أبعد الخلق من الله ، ولهذا السبب فإن مستقرهم ومكانهم النهائي في أحط نقطة من نقاط جهنم ، وهم يستحقون هذا العقاب ، لأنّ ما يلحق البشرية من ويلات من جانب هؤلاء هو أشد خطرا من كل الأخطار ، فإنّ هؤلاء بسبب احتمائهم بظاهر الإيمان يحملون بصورة غادرة وبمطلق الحرية على المؤمنين العزل ويطعنونهم من الخلف بخناجرهم المسمومة ، وبديهي أن يكون حال أعداء ـ كهؤلاء ـ يظهرون بلباس الأصدقاء ، أشدّ خطرا من الأعداء المعروفين الذين يعلنون عداوتهم صراحة ، وفي الواقع فإنّ النّفاق هو أسلوب وسلوك كل فرد ابتر ومنحط ومشبوه وجبان وملوث بكل الخبائث ومن لا شخصية له.

وقد أوضحت الآية الثّالثة من الآيات الأخيرة ، أنّ المجال مفتوح حتى لأكثر الناس تلوثا للتوبة من أعمالهم وإصلاح شأنهم ، والسعي للتعويض بالخير عن ماضيهم المشين ، والعودة إلى رحمة الله والتمسك بحبله والإخلاص لله بالإيمان به تقول الآية : {إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ}.

فالتائبون هؤلاء سيكونون أهلا للنجاة في النهاية ويستحقون صحبة المؤمنين ، تقول الآية : {فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ...}.

وإنّ الله سيهب ثوابا وأجرا عظيما لكل المؤمنين {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً}.

وممّا يلفت النظر أنّ الآية تبيّن أن هؤلاء التائبين مع المؤمنين ، وذلك للتدليل على أن منزلة المؤمنين الثابتين أكبر وأعظم من منزلة هؤلاء ، فالمؤمنون الراسخون في إيمانهم هم الأصل، وهؤلاء هم الفروع ، وما يظهر عليهم من نور وصفاء إنّما هو بسبب وجودهم في ظل المؤمنين الراسخين.

وهناك أمر ثان يجب الانتباه إليه في هذه الآية ، وهو أنّها بيّنت مسير المنافقين بصورة واضحة وصريحة ، إذ عينت لهم أحط نقطة من الجحيم مكانا ومستقرا ، بينما شخصت للمؤمنين الأجر والثواب العظيم الذي لا حدّ له ولا حصر ، بل هو منوط بعظمة الله ولطفه جلت عظمته .

* * *

{ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللهُ شاكِراً عَلِيماً} [النساء : 147] .

العقاب الإلهي ليس دافعه الانتقام  :

لقد أظهرت وبيّنت الآيات السابقة صورا من عقاب الكافرين والمنافقين ، والآية الأخيرة ـ التي هي موضوع بحثنا الآن ـ تشير إلى حقيقة ثابتة وهي أنّ العقاب الإلهي الموجه للبشر العاصين ليس بدافع الانتقام ولا هو بدافع التظاهر بالقوّة ، كما أنّه ليس تعويضا عن الخسائر الناجمة عن تلك المعاصي ، فهذه الأمور إنّما تحصل ممن في طبيعته النقص والحاجة ، والله سبحانه وتعالى منزّه من كل نقص ولا يحتاج أبدا إلى شيء.

إذن فالعقاب الذي يلحق الإنسان لما يرتكبه من معاص ، إنما هو انعكاس للنتائج السيئة التي ترتبت على تلك المعاصي ـ سواء كانت فعلية أو فكرية ـ ولذلك يقول الله تعالى عزّ من قائل في هذه الآية : {ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ}.

وبالنظر إلى أنّ حقيقة الشكر هي أن يستغل الإنسان النعم التي وهبها الله له في الجهات المخصصة لها في الطبيعة والخلق ، يتّضح لنا أنّ القصد من الآية إنّما هو : إنّ من يؤمن ويعمل الخير ويستغل الهبات الإلهية في المجالات التي خصصت لها من حيث الخلق ـ دون إساءة هذا الاستغلال ـ فلا شك أنّ هذا الإنسان المؤمن لا يصيبه أي عقاب من الله ، ولتأكيد هذا الأمر تضيف الآية مبيّنة أنّ الله عالم بأعمال ونوايا عباده ، وهو يشكر ويثيب كل من يفعل الخير من العباد لوجه الله. فتقول الآية : {وَكانَ اللهُ شاكِراً عَلِيماً}.

وقد قدمت هذه الآية مسألة الشكر على الإيمان لأجل بيان هذه الحقيقة ، وهي أنّ الإنسان ما لم يدرك نعم الله وهباته العظيمة ويشكره على هذه النعم فلن يستطيع التوصل إلى معرفة الله والإيمان به ، لأن أنعمه سبحانه وتعالى إنّما هي وسائل لمعرفته .

وقد ورد في كتب العقيدة الإسلامية في بحث «وجوب معرفة الله» عن جمع من الباحثين أنّهم استدلوا على معرفة الله بوجوب شكر النعم وجعلوا من الوجوب الفطري لشكر المنعم دليلا على لزوم معرفته (فدقق) .

_________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 347-351 .

2. إنّ كلمة «سلطان» مشتقة من مادة أو مصدر «سلاطة» على وزن «مقالة» وهي تعني القوة والقدرة على التغلب على الآخرين ، وفي كلمة «سلطان» معنى لاسم المصدر حيث تطلق على كل أنواع التسلط ، ولهذا السبب تطلق كلمة «سلطان» أيضا على «السبب» الذي يسلط الإنسان على الآخرين من أمثاله ، كما تطلق على أصحاب القدرة والنفوذ ، ولكنها في الآية المذكورة أعلاه إنما تعني الحجة والدليل.

3. إنّ كلمة «درك» تعني أحط نقطة في أعماق البحر ، ويسمى آخر حبل متصل بالحبال التي توصل الإنسان إلى قعر البحر ، بـ «الدرك» أيضا ، ويظهر أن هذه المعاني مأخوذة من معنى «درك الشيء» أي الوصول إليه ـ كما تسمّى السلالم التي توصل الإنسان إلى موضع سفلى كالسرداب والبئر بـ «الدرك» وهذه العبارة تقابل السلالم التي يتسلق بها الإنسان إلى أعلى حيث تسمّى بالدرجات.

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي