أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-02
1492
التاريخ: 5-05-2015
2821
التاريخ: 4-05-2015
2362
التاريخ: 2024-01-10
1389
|
ان تـرجمة القرآن الى سائر اللغات اصبحت ضرورة دينية وواجبا اسلاميا عاما (وجوبا بالكفاية ) وكان من وظيفة كل مسلم يحمل رسالة اللّه في طيات وجوده ، ان يهتم بهذا الامر الذي يمس صميم الاسلام ، لغرض انتشار الدعوة وبث تعاليم الاسلام عبر الخافقين .
الاسـلام ديـن الـبشرية عامة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } [سبأ : 28] ، {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان : 1] فلا يخص امة دون اخرى ولا جيلا دون جـيـل ، وكـان في ذمة كل مسلم متعهد بدينه الاهتمام ببث الدعوة ونشرها بين الملا ، وظيفة ديـنية في الصميم {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [آل عمران : 104] {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة : 143] .
ولا شك ان القرآن هو السند الوثيق الوحيد لبنا الدعوة ونشر تعاليم الاسلام ، وقد نزل بيانا للناس {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران : 138] فكان حقيقا ان يبين للناس {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل : 44] .
فـالـمـنع عن ترجمته وبثها بين الناس كتمان لما انزله اللّه من البينات والهدى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [الفاتحة : 159] .
قال تعالى ـ عن لسان نبيه ـ : {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام : 19].
ان في القرآن مقاصد عالية ومطالب سامية ، هي ذوات اهداف عالمية كبرى عبر الافاق ومر الايام ، يجب بثها والاعلام بها لكافة الانام ، مما لا يتم الا بتعميم نشر القرآن وعرضه على العالمين جميعا ، الامر الذي لا يمكن الا بترجمة معانيه الى كل اللغات الحى ة في العالم كله .
امـا ولـو اهـمـلـت هذه الامة بالقيام بهذه المهمة ، وتقاعست عن الاتيان بواجبها الديني الفرض ، وقـصرت دون ادا رسالة اللّه في الارض ، فان اللّه تعالى سوف يستبدل بهم قوما غيرهم ثم لا يكونوا امثالهم {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد : 38] .
وقـد عـرفت ان الاوائل كانوا يجيزون ترجمة معاني القرآن لأقوام كانوا جديدي عهد بالإسلام ، مـمـن لم تكن لهم سابقة المام باللغة العربية ، فكانت تعرض عليهم الاية مصحوبة بترجمتها ، لغرض افهام معاني الذكر الحكيم وبيان مقاصده وتعاليمه الرشيدة لملا الناس .
لا شـك ان فـي الـهـجرة الاولى (الى الحبشة ) حيث عرضت آي من القرآن الكريم على حاضري مجلس النجاشي من الوزراء واعيان الدولة ، قد ترجمت ما تليت من آي الذكر الحكيم ، باللغة الحبشية (الامـهرية ) ، اذ لم يكن الحضور يحسنون العربية بطبيعة الحال ، وفي ذلك يقول صدر الافاضل : وانـي اعتقد ان جعفر بن ابي طالب (عليه السلام )كان يجيد اللغة الحبشية ، وهو الذي قام بترجمة الايات التي تـلاهـا حـيـنـذاك من سورة مريم (1) ، فكان ذلك التأثير العجيب في نفوس القوم ولا سيما الـنـجاشي نفسه ، حيث قال : (واللّه ان كلام محمد ، لا يختلف شيئا عن تعاليم سيدنا المسيح) ، وبكى بكاء شديدا.
وهكذا لما طلب الراجا (رائك مهروق ) ـ الذي كان اميرا على منطقة الرور ـ من عبداللّه بن عمر بـن عـبـد الـعـزيـز ، مندوب الحكومة الاسلامية هناك سنة (230ه ق ) ان يفسر القرآن له ، اي يـتـرجمه بالهندية وعند انجاز الطلب على يد كاتب قدير ، يقول المترجم : فانتهيت من التفسير الى سورة (يس ) حتى وصلت الى الاية {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس : 78، 79] قال : فلما فسرت له هذا ـ اي ترجمته له باللغة السنسكريتية (الـهـندية القديمة )خر من سريره على الارض واضعا خده عليها وهي مبتلة ، فتأثر وجهه من بلة الارض ، وقـال ـ بـاكيا ـ : (هذا هو الرب المعبود ، والذي لا يشبه شيء ) وكان قد اسلم سرا ، فكان بعد ذلك يخلو بنفسه في بيت عزلة يعبد اللّه ويناجي ربه سرا (2) .
هـذا مـن نـاحية ، ومن ناحية اخرى ان كثيرا من الناس قاموا ـ في زعمهم ـ ينقل القرآن الى لغات كـثيرة وترجمات متعددة ، قد بلغت المت في خمس وثلاثين لغة حية في العالم المتمدن اليوم وقد طبعت بعض هذه التراجم عدة طبعات بل عشرات الطبعات ، فقد طبعت الترجمة الانجليزية التي قام بها (سيل ) اكثر من اربعين مرة وهكذا بالنسبة الى تراجم فرنسية والمانية وايطالية وفارسية وتركية واوردية وصينية وجاوية ، الى غيرها من لغات العالم الحية .
ومـن هـؤلاء الـمترجمين من يحمل عدا للإسلام والمسلمين عداوة ظاهرة ، ومنهم من تعوزه كفاة المقدرة على ترجمة تامة ، وافية بمعاني القرآن ، وهذا الاخير لا يقل ضررة عن الاول الذي يتعمد الدس والتزوير فمن هذا وذاك قد حصل تحريف في معاني القرآن كثيرا ، الامر الذي يعود ضرره فـي نـهـاية المطاف الى كيان الاسلام والمسلمين ، فضلا عن الأخطاء الفاحشة التي وقعت في هكذا تراجم ، قام بها غير الاهل .
اذن يـنـبـغي ان لا نقف ـ نحن ابنا الاسلام ودعاته ـ مكتوفي الايدي ملجمين بلجام العار والشغار ، مصممي الاخواه تجاه هذه الحوادث الفادحة والحقائق المرة الماثلة بين ايدينا ، نحن المسلمين .
وقـد تصدى لترجمة القرآن ـ لغرض خبيث ـ قبل ثمانية قرون ، مطران مسيحي يدعى (يعقوب بن الصليبي )ترجمه الى السريانية ، ونشرت خلاصتها سنة (1925م ) وتابع هذا المطران احبار ورهبان كانوا اسبق من غيرهم في هذا الميدان ، واللّه اعلم بما يبيتون (3) .
قال العلامة ابو عبد اللّه الزنجاني : وربما كانت اول ترجمة الى اللغة اللاتينية ـ لغة العلم في اروپا ـ وذلـك سنة (1143م ) بقلم (كنت ) الذي استعان في عمله ببطرس طليطلي وعالم ثان عربي ، وكـان الغرض من الترجمة عرضه على (دي كلوفي) وبقصد الرد على القرآن الكريم ، وفي عـام (1594م ) اصـدر (هـنـكـلـمان ) ترجمته ، وجات على الاثر (1598م ) طبعة مرانشى مصحوبة بالردود (4) .
وبـعد ، فأي عذر يبديه زعما الامة تجاه هذا التلاعب بأساس الدين ؟ هذا التناوش المقيت بمقدسات الاسلام من قريب وبعيد ، لولا قيام المضطلعين بأعباء رسالة الاسلام ـ حـفظا على ناموس الدين ـ فيستعيدوا نشاطهم بأمر الشريعة الغرا ، ويؤلفوا لجنة مركزية من علما مـبـرزين ، فيقدموا الى العالم تراجم صحيحة من القرآن الكريم ، معترفا بها رسميا من مراجع دينية صالحة ، فيكون ذلك مكافحة صريحة مع تلكم المناوشات الخبيثة ، ومقابلة عملية تجاه اعدا الاسلام .
وسنوفي لك نماذج خاطئة في نهاية المقال دليلا على ضرورة القيام بهذه المقابلة الايجابية .
__________________________
1- رسالة المراغي في الترجمة ، ص 17.
2- المصدر نفسه وراجع كتاب (عجائب الهند) ، طبعة ليدن 1883م لمؤلفه بزرك وكان عائشا حتى سنة (339هـ ق ).
3- المصدر نفسه .
4- تاريخ القرآن للزنجاني ، ص 69.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|