أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-6-2022
![]()
التاريخ: 31-8-2019
![]()
التاريخ: 2024-04-27
![]()
التاريخ: 2024-09-22
![]() |
يا لمأساة (كورتني) المسكينة ! عندما دخلت متجراً كبيراً أخذت تصرخ وعندما ذهبت لمتجر كبير آخر مجاور أصيبت بالذعر الشديد ولم تقوَ على الحركة وعندما ذهبت لحديقة الحيوانات أصابها الانهيار التام.
لماذا قلت إن (كورتني) هي المسكينة؟ المساكين هم والداها ! لأنهما بعد كل أزمة مما سبق يتحتم عليهما المسارعة بإنقاذ ابنتهما اللطيفة الخجولة ويهدئان من روعها ويقولان لها: حسناً يا (كورتني) إننا بجوارك وبما أنك لا ترغبين في الجلوس على حجر بابا نويل، فإننا لن نضطر للتسوق من أجل شراء المزيد من الهدايا الآن لذا يمكننا الرجوع الى المنزل فوراً ونلعب بالدمى الخاصة بك. وبذلك تغادر العائلة المتجر من باب الواجب ويشعر الوالدان بالضيق وخيبة الأمل بينما تشعر (كورتني) بالراحة وتفشل خططهم لذلك اليوم.
يتصرف الكثير من الآباء مع أطفالهم الخجولين بنفس الطريقة التي تصرف بها والدا (كورتني) ويسارعون بمنع طفلهم من البكاء والعويل أثناء المواقف التي تسبب له الإزعاج. ويمكنني أن أتفهم دوافع ذلك التصرف، لأن نوبات الغضب التي تصيب الأطفال في الأماكن العامة تسبب الإحراج والألم، كما أن مشاهدة طفلك وهو يتألم أسوأ كثيراً.
ولكن في كل مرة يتدخل الأب أو الأم لحماية الطفل مما يزعجه فان الطفل يتعلم الدرس التالي: لو أنني خائف فأنا لا حول لي ولا قوة، وسيتم إعفائي من مواجهة مخاوفي، ولو لم يرُق لي أمر ما فيمكنني أن أصرخ وسيعمل أبي وأمي على تهدئتي وتحسين الوضع.
بينما قد يكون من الصعب مشاهدة طفلك وهو يصاب بالإحباط والخوف في المواقف الجديدة التي تبدو وكأنها صعبة إلا أنني أشجعك على أن تلاحظ وتستمع وتتعلم، وأعدك بأن كل دقيقة تقضيها في البيئة التي تصيب طفلك بالرعب ستجعلكما أنت وطفلك الخجول تقومان باكتساب مهارة حياتية ـ ألا وهي مقاومة الإحباط.
ومثل مهارة حل المشكلات، فان مهارة مقاومة الإحباط مهارة أساسية يجب أن يضيفها الأطفال لمجموعة مهاراتهم في الحياة. ووفقاً للدكتور (والتر ميشيل) وزملائه من جامعة (كولومبيا) فان الأطفال الذين يستطيعون مقاومة الكثير من مشاعر الإحباط ـ يبرعون من الناحية التعليمية ويمكنهم التعامل مع التوتر والضغط، ويقدرهم أقرانهم تقديراً حسناً، أما الأطفال الذين لا يتمكون من مقاومة الإحباط الناتج عن انتظار تلبية احتياجاتهم فيميلون للخجل والعناد والاستياء وعدم الثقة بالآخرين والشعور بالتوتر البالغ. وعلى وجه العموم فان مثل هؤلاء الأطفال يشعرون بتقدير الذات بدرجة أقل ممن يمكنهم كبح جماح رغباتهم.
والآن أنا لا أشجعك على عدم الاهتمام أو الاكتراث لحالة طفلك الخجول عندما يشعر بعدم الراحة لمجرد أن يتعلم درساً مهماً في الحياة، وإلا فان ذلك سيؤذي طفلك نفسياً. ولكن بدلاً من هذا أريدك أن تستكشف طرقاً تقود بها طفلك بأمان عبر المواقف الاجتماعية التي تصيبه بالتوتر بدلاً من إنهاء الموقف على الفور؛ لأن مخاوف الطفل سوف تقل مع كل دقيقة تمر.
على سبيل المثال كان من الممكن لأبوي (كورتني) أن يعالجا زيارتها لبابا نويل بطريقة مختلفة عن طريق إعدادها لما سوف يحدث ثم إرشادها وتدريبها طوال الزيارة بأكملها، وكان يمكن أن يتحدثا معها عن بابا نويل وصوته العالي الرنان وما يجب أن تقوله له. كما كان بإمكانهما أن يتجولا معها حول المتجر لتفحص مكان بابا نويل قبل الوقوف في الصف لكي تكون (كورتني) أكثر ارتياحاً في البيئة المزدحمة. وأثناء الوقوف في الصف أمام بابا نويل كان من الممكن أن يشيرا الى الأطفال الآخرين الجالسين على حجر بابا نويل ويخبرونه بما يتمنونه من هدايا أعياد رأس السنة. وفي النهاية كان يمكن أن يتدربوا على كل ما يخيف (كورتني) قبل زيارة المتجر الكبير.
ومما لا شك فيه أن كل ذلك الاستعداد كان سيساعد (كورتني) على التأهب للوقت الذي ستخوض فيه التجربة بنفسها، وبمجرد أن تتمكن من الاقتراب من بابا نويل كان يمكن أن يشجعها والداها ويحثانها على الاستمرار في عمل شيء قد وضعاه في قائمة خططهم لأعياد رأس السنة.
ولكن المقابلة مع بابا نويل لا تنتهي عند ذلك الحد. وفي الحقيقة فان أهم خطوات التخلص من الخجل تأتي بعد انتهاء الموقف الاجتماعي وهي التحدث باختصار عما حدث في الموقف والإشارة الى ما أحسن الطفل فيه وكيف يمكنه أن يحسن نفسه أكثر المرة القادمة. ويغفل الكثير من الآباء تلك الخطوة لأنهم يشعرون بالارتياح لانتهاء الموقف بسلام، ولكن الأطفال الخجولين يحتاجون الى ذلك التشجيع اللطيف لأنهم يستمرون في المعاناة الشديدة من مخاوفهم وعيوبهم المزعومة. لذا فان التحدث عن السلوك الناجح للطفل يساعده على تقوية ثقته بنفسه في المواقف الاجتماعية.
بعد زيارة بابا نويل كان يمكن أن يتحدث والدا (كورتني) عن التجربة ويذكّراها بما فعلته بشكل صحيح. على سبيل المثال ربما تكون (كورتني) قد قالت للبائعين شكراً عندما ساعدوها. وكان يمكن لأبيها الإشارة الى ذلك السلوك ويقول: أرأيت يا (كورتني) بما انك تعاملت بشكل رائع مع البائعين فأنا متأكد من أنك ستفعلين نفس الشيء مع بابا نويل لو قضيت وقتاً أطول معه، وربما ستحظين بزيارة أطول معه العام القادم، ونحن فخورون بك لأنك انتظرت في الصف بصبر على الرغم من أن زيارة بابا نويل كانت مرعبة الى حدٍ ما.
ولو أن والدي (كورتني) كانا قد قاما بتطبيق تلك الخطوات لكانت زيارتهما لبابا نويل مختلفة تماماً. وبينما ظن والداها أن إعفاءها من زيارة بابا نويل كان أفضل أسلوب، إلا أن التمسك بفكرة الزيارة كان أفضل بكثير.
ومن خلال هذا.. سأخوض في ذكر طرق أخرى لمساعدتك على بناء القدرة على مقاومة الإحباط داخل طفلك، أما في الوقت الحالي فيجدر بك أن تنتبه لتلك المواقف لكي تراقب رد فعلك فيها. فبينما قد يكون أول رد فعل مندفع لك كوالد تحب طفلك وتهتم به هو أن تنقذ طفلك بسرعة، إلا أنه قد يكون من الأفضل أن تعيد التفكير وتدعه يتعلم كيف يصرخ ويبكي ويتذمر ـ وفي النهاية يتوقف عن كل ذلك ويهدأ ويندمج في الموقف، ويمكن لطفلك أن يتعلم، مثل (كورتني) ، كيف يتمسك بالبقاء في الموقف المرعب حتى يتحول ذلك الموقف الى تجربة مريحة وممتعة أيضاً.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|