أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-11-2016
344
التاريخ: 20-11-2016
637
التاريخ: 9-12-2018
1364
التاريخ: 27-5-2017
449
|
أوصافه وأخلاقه:
كان هشام أحْولَ خشناً فظاً غليضاً، يَجْمَع الأموال، ويعمر الأرض، ويستجيد الخيل، وأقام الحلْبَة فاجتمع له فيها من خيله وخيل غيره أربعة آلاف فرس، ولم يُعْرَفْ ذلك في جاهلية ولا إسلام لأحد من الناس، وقد ذكرت الشعراء ما اجتمع له من الخيل، واستجاد الكُسَي والفُرَشَ، وعدَدَ الحرب ولأمتها واصطنع الرجال، وقَوَّى الثغور، واتخذ القُنِيّ والبِرَكَ بطريق مكة، وغير ذلك من الآثار التي أتى عليها داود بن علي في صدر الدولة العباسية.
وفي أيامه عُمِل الخز والقُطُف الخز، فسلك الناس جميعاً في أيامه مذهبه، ومنعوا ما في أيديهم، فقل الإِفضال، وانقطع الرِّفْدُ، ولم ير زمان أصعب من زمانه.
استشهاد زيد بن علي:
وفي أيامه استشهد زيد بن علي بن الحسين بن علي كرم اللّه وجهه، وذلك في سنة إحدى وعشرين ومائة، وقيل بل في سنة اثنتين وعشرين ومائة، وقد كان زيد بن علي شَاوَرَ أخاه أبا جعفر بن علي بن الحسين بن علي[عليهم السلام]، فأشار عليه بأن لا يركن إلى أهل الكوفة، إذ كانوا أهل غَدْر ومَكْر، وقال له: بها قتل جدُّكَ علي، وبها طعن عمك الحسن وبها قتل أبوك الحسين[عليه السلام] وفيها وفي أعمالها شتمنا أهْلَ البيت، وأخبره بما كان عنده من العلم في مدة ملك بني مروان، وما يتعقبهم من الدولة العباسية، فأبى إلا ما عزم عليه من المطالبة بالحق، فقال له: إني أخاف عليك يا أخي أن تكون غداً المصلوبَ بَكُنَاسة الكوفة وودَّعة أبو جعفر، وأعلمه أنهما لا يلتقيان.
وقد كان زيد دخل على هشام بالرُّصَافَة، فلما مَثَلَ بين يديه لم ير موضعاً يجلس فيه، فجلس حيث انتهى به مجلسه، وقال: يا أمير المؤمنين، ليس أحد يكبر عن تقوى اللّه، ولا يصغر دون تقوى اللّه، فقال هشام: اسكت لا أم لك، أنت الذي تنازعك نفسُكَ في الخلافة، وأنت ابن أمَةٍ، قال: يا أمير المؤمنين، إن لك جوابً إن أجبتك به، وإن أحببت أمسكت عنه، فقال: بل أجِبْ، قال: إن الأمهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات، وقد كانت أم إسماعيل أمَةً لأم إسحاق صلى الله عليهما وسلم، فلم يمنعه ذلك أن بعثه الله نبياً، وجعله للعرب أباً، فأخرج من صُلْبه خير البشر محمداً صلى الله عليه و[عليه السلام]سلم، فتقول لي هذا وأنا ابن فاطمة وابن علي، وقام وهو يقول: شَردًهُ الخـــوف و أزرى به ... كذاك مــن يكره حر الجلاد
منخرق الكفين يشكو الجوى ... تنكثه أطراف مَــــرْوٍ حِدَاد
قد كان في الموت له راحة ... والموت خَتْم في رقاب العباد
إن يُحْـــدِث الله لـــــه دولة ... يترك آثــــــار العـــدا كالرماد
فمضى عليها إلى الكوفة وخرج عنها، ومعه القراء والأشراف، فحاربه يوسف بن عمر الثقَفِي، فلما قامت الحرب انهزم أصحاب زيد، وبقي في جماعة يسيرة، فقاتلهم أشد قتال، وهو يقول متمثلاً:
أُلذَ الحياة وعز الممات... وكلا أراه طعاماً وبيلا
فإن كان لا بدَ من واحد... فَسِيرِي إلى الموت سيراً جميلا
وحال المساء بين الفريقين، فراح زيد مُثْخَناً بالجراح، وقد أصابه سهم في جبهته، " فطلبوا من ينزع النصل، فأتي بحجام من بعض القرى، فاستكتموه أمره، فاستخرج النصل، فمات من ساعته، فدفنوه في ساقيه ماء، وجعلوا على قبره! التراب والحشيش، وأجرى الماء على ذلك، وحضر الحجَّامُ مواراته فعرف الموضع، فلما أصبح مضى إلى يوسف متنصحاً، فدلَه على موضع قبره، فاستخرجه يوسف، وبعث برأسه إلى هشام، فكتب إليه هشام: أن اصلبهُ عرياناً، فصلبه يوسف كذلك، ففي ذلك يقول بعض شعراء بني أمية يخَاطب آل أبي طالب وشيعتهم من أبيات:
صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة ... ولم أر مَهْدِيّاً على الجذع يصلب
وبَنَى تحت خشبته عموداً، ثم كتب هشام إلى يوسف يأمره بإحراقه وذَرْوِه في الرياح.
بين هشام ورجل من أهل حمص:
عرض هشام يوماً الجند بحمص، فمربه رجل من أهل حمص على فرس نَفَور، فقال له هشام: ما حملك على أن تربط فرساً نفورا، فقال الحمصي: لا والرحمن الرحيم يا أمير المؤمنين، ما هو بنَفور، ولكنه أبصر حَولتك فظن أنها عين غزوَان البيطار، فقال له هشام: تنخَ فعليك وعلى فرسك لعنة اللّه، وكان عزوان البيطار نصرانياً ببلاد حمص كأنه هشام في حولته وكشفته.
هشام والأبرش الكلبي وجارية من جواري هشام:
وبينما هشام ذات يوم جالساً خالياً وعنده الأبرش الكلبي إذ طلعت وصيفة لهشام عليها حُلّة، فقال للأبرش: مازحها، فقال لها الأبرش هَبي لي حُلّتك، فقالت له: لأنت أطمع من أشْعَب، فقال لها هشام: ومن أشعب؟ فقالت: كان مضحكاً بالمدينة، وحدثته بعض أحاديثه، فضحك هشام، وقال: اكتبوا إلى إبراهيم بن هشام وكان عامله على المدينة في حَمْله إلينا، فلما ختم الكتاب أطرق هشام طويلاً، ثم قال: يا أبرش، هشام يكتب إلى بلد رسول صلى الله عليه و[آله و]سلم ليحمل إليه منه مضحك؟ لاها اللّه، ثم تمثل:
إذا أنت طَاوَعْتَ الهوى قَادكَ الهوى... إلى بعض ما فيه عليك مقال
وأوقف الكتاب.
أمثلة من بخل هشام:
وذكر أن هشاماً أهدى له رجل طائرين، فأعجب بهما، فقال له الرجل: جائزتي يا أمير المؤمنين، قال ويلك وما جائزة طائرين؟ قال له: ما شئت، قال: خذ أحدهما، فقصد الرجل لأحسنهما فأخذه، فقال له هشام: وتختار أيضاً؟ قال: نعم واللّه أختار، فقال: دَعْه، وأمر له بدريهمات.
ودخل هشام بستاناً له ومعه ندماؤه فطافوا به، وبه من كل الثمار، فجعلوا يأكلون ويقولوَن: بارك اللهّ لأمير المؤمنين، فقال: وكيف يبارك لي فيه وأنتم تأكلونه؟! ثم قال: أدع قيمه، فدعا به، فقال له: اقلع شجره واغرس فيه زيتوناً حتى لا يأكل منه أحد شيئاً.
وكتب إليه ابنه سليمان: إن بَغْلَتِي قد عجزت، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر لي بدابة، فكتب إليه هشام: قد فهم أمير المؤمنين كتابك، وما ذكرت من ضعف دابتك، وقد ظن أن ذلك من قلّة تعاهدك لعلفها. وضياع العلف، فقم عليها بنفسك، ولعلَّ أمير المؤمنين يرى رأيه في حملانك.
ونظر هشام إلى رجل على برذَوْن طخاري، فقال: من أين لك هذا؟ قال: حَمَلَنِي عليه الجنيد بن عبد الرحمن، قال: وقد كثرت الطخارية حتى ركبها العامة؟ لقد مات عبد الملك وفي مربطه برذون واحد طخاري، فتنافس فيه ولده، حتى ظن مَنْ فاته أن الخلافة فاتته، قال الرجل: فحسدني إياه.
وقد كان أخوه مسلمة مازحة قبل أن يلي الأمر، فقال له: يا هشام، أتؤمل الخلافة وأنتَ جبان بخيل! فقال: واللّه إني عليم حليم.
السواس من بني أمية: وذكر الهيثم بن عديّ والمدائني وغيرهما أن السُّوَاس من بني أمية ثلاثة: معاوية، وعبد الملك، وهشام، وختمت به أبواب السياسة وحسن السيرة، وأن المنصور كان في أكثر أموره وتدبيره وسياسته متبعاً لهشام بن عبد الملك في أفعاله، لكثرة ما كشفه عن أخبار هشام وسيره.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|