[جواب الشبهة]

دلت الآيات والأخبار... في أدلة عذاب القبر على وجود الجنة والنار وكونهما مخلوقتين ، ويدلّ على ذلك أيضاً ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام وقد سئل عن أرواح المؤمنين ، فقال « في حجرات في الجنة ، يأكلون من طعامها ، ويشربون من شرابها » (1).

وقال عليه السلام : « إن أرواح الكفار في نار جهنم ، يُعرَضون عليها »(2).

وقال الشيخ الصدوق رحمه الله : اعتقادنا في الجنة والنار أنهما مخلوقتان ، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد دخل الجنة، ورأى النار حين عُرج به ، وأنه لا يخرج أحد من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة أو النار(3).

وقال النصير الطوسي : والسمع دلّ على أن الجنة والنار مخلوقتان الآن ، والمعارضات متأولة. وبيّن العلامة في شرحه موضع الخلاف في ذلك حيث قال : اختلف الناس في أن الجنة والنار هل هما مخلوقتان الآن أم لا ، فذهب جماعة إلى الأول ، وهو قول أبي علي ، وذهب أبو هاشم والقاضي إلى أنهما غير مخلوقتين.

احتجّ الأولون بقوله تعالى : {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133] و {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24] و {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] و{عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم: 15] وجنة المأوى هي دار الثواب ، فدلّ على أنها مخلوقة الآن في السماء.

واحتج أبو هاشم بقوله تعالى : {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] فلو كانت الجنة مخلوقة الآن ، لوجب هلاكها ، والتالي باطل ، لقوله تعالى : {أُكُلُهَا دَائِمٌ } [الرعد: 35].

وأجاب العلاّمة عن ذلك بقوله : إن دوام الأُكل إشارة إلى دوام المأكول بالنوع ، بمعنى دوام خلق أمثاله ، وأُكل الجنة يفنى بالأكل ، إلاّ أنه تعالى يخلق مثله ، والهلاك هو الخروج عن الانتفاع ، ولا ريب أنّ مع فناء المكلفين تخرج الجنة عن حدّ الانتفاع ، فتبقى هالكة بهذا المعنى (4) .

_______________

(1) الكافي / الكليني 3 : 244/4.

(2) الكافي / الكليني 3 : 245/2.

(3) الاعتقادات / الصدوق : 79.

(4) كشف المراد / العلامة الحلي : 453 ، وراجع شرح المواقف / الجر جاني 8 : 301 .