المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 5832 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
معنى السفيه
2024-04-30
{وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فان طبن لكم عن شي‏ء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا}
2024-04-30
مباني الديك الرومي وتجهيزاتها
2024-04-30
مساكن الاوز
2024-04-30
مفهوم أعمال السيادة
2024-04-30
معايير تميز أعمال السيادة
2024-04-30

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الحياة الدينية في الجزيرة العربية  
  
1828   09:57 صباحاً   التاريخ: 7-11-2016
المؤلف : الشيخ احمد مغنية
الكتاب أو المصدر : تاريخ العرب القديم
الجزء والصفحة : ص125-147
القسم : التاريخ / احوال العرب قبل الاسلام / عرب قبل الاسلام /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-11-2016 1784
التاريخ: 6-11-2016 2147
التاريخ: 2023-12-09 403
التاريخ: 17-1-2021 1627

لمحة عن العقائد الدينية في جنوب الجزيرة:

يستفاد من النقوش أن العقائد والحياة الدينية في جنوب الجزيرة كانت متقاربة على اختلاف الأدوار والبيئات. فقد كان القمر هو المعبود الرئيسي مع اختلاف في تسميته وتطور في حالاته ثم تأتي بعده الشمس ثم الزهرة على اختلاف ـ كذلك ـ في تسميتها وكان لكل شعب أو قبيلة إله قومي خاص يعتبرونه حامياً لهم ورابطة تربط بين وحداتهم. وكان لهم غير ذلك آلهة ثانوية أخرى. وكانوا يصنعون الهتهم تماثيل يضعونها في معابدهم ليؤدوا عندها طقوسهم الدينية ويقدموا قرابينهم.

ولقد كانت المعبودات الرئيسية الثلاثة في الدولة المعنية تسمى (ود) و(نكرح) و(عثتر) وكان القمر مذكراً والشمس مؤنثة ويعتبرون أن القمر هو زوج الشمس.

وكانت الزهرة تسب إلى المدن والمناطق فيقال: (عثتر يبريق) و(عثتر قبض) .. ولقد عثر على قبر امرأة معينية عليها صورة الميتة ورمز الزهرة في شكل توسلي لإنزال العذاب على من يتجرأ على تغيير الحجر عن موضعه.

وكان الشعب المعيني يسمى نفسه أبناء (ود) ويعتبر هذا المعبود إلهه القومي وحاميه والرابطة التي تجمع بين وحداته وفروعه. وقد كان (ود) في أثناء قوة الدولة المعينية وسلطانها الشامل إلهاً رئيسياً لجميع الإمارات والمناطق الخاضعة لها.

وقد كانت أسماء الآلهة الرئيسية عند الحضرموتيين نفسها عند المعينين غير أنهم كان لهم إله قومي حاميهم ورابطتهم يسمونه: (سين) وكانوا يسمون أنفسهم أبناء سين. وقد عثر على نقش حضرموتي سجل فيه صاحبه: (أن نفسه وروحه وأولاده ومقتنياته ونور عينيه وما يفكر به في قلبه هو لسين إله حضرموت ..) وقد وجدت آثار معبد ضخم لسين في خرائي مدينة حضرموتية اسمها: (مذب) وبعض النقوش يفيد أن اسم سين كان يطلق على القمر ويعتبر المعبود الرئيسي الأول في فترة من الفترات.

وقد قرئ في نقوش حضرموتية أسماء إلهين آخرين وهما: (ذات حشو) و(ذات حميم) وقرئ فينقش حضرموتي اسم: (حول) مع أسماء سين وعثتر وشمس باسمها العربي بديلاً عن اسم نكرح المعيني.

وقد سمي القتبانيون القمر (ودا) كما فعل المعينيون والحضرموتيون وسموا الشمس: (عثيرة) وكان لهم معبود قومي اسمه: (عم) ويعبرونه حاميهم ورابطة عقدهم ويسمون أنفسهم: أولاد (عم) وقرئ في نقش لامرأة أو ساني جملة: (معبد نعمان). والسبئيون كانوا يسمعون معبودهم القومي باسم: (المقه) ولما صار لهم السلطان الشامل صار المقة معبوداً عاماً للدولة مع بقائه معبودهم القومي وكان اسم المقه يرمز إلى اقمر.

ويظن الأشوريون أن جملة: (ذات حميم) وصف للشمس وأن السبئيين يصفونها كذلك بأوصاف: (ذات بعدن وذات حضرن وذات برأن). وهكذا يكون ثالوث القمر والشمس والزهرة استمر في عهد الدولة السبئية التي صارت شاملة السلطان بعد المعينية مع تبديل للشمس والقمر ... وهناك نقوش عديدة ذكر فيها خبر تقديم أوثان من ذهب أو فضة أو بدون ذكر معدنها لمعابد الآلهة وفاء بنذر أو علامة لشكر.. وإن تماثيل الذهب والفضة هي نماذج مصغرة لتماثيل مادية كبيرة للمعبودات هي التي كان يؤدى عندها الطقوس الدينية وتقرب القرابين ويوجه إليها الدعاء والتضرعات وتفيد النقوش، أنه كان في المدينة الواحدة معابد متعددة للآلهة المتعددة وأن الملوك والأمراء والأغنياء كانوا يهتمون كثيراً لإنشاء المعابد وترميمها وتجديدها وتزيينها...

وكان للمعبودات حيز عظيم في أذهان اليمنيين بحيث يذكرونها ويتقربون في كل حادث ومناسبة وعمل.. ويظهر أنه ليكن عندهم فكرة ن أخروية وثواب وعقاب أخرويين.. إنهم كانوا يذكرون المعبودات في كل عمل وكل مناسبة لشؤونهم المختلفة في الحياة الدنيا أي لضمان مطالبهم وقضاء حوائجهم وتحقيق آمالهم ودفع الشر والأذى عنهم وجلب الخير والنفع لأنفسهم ويلاحظ هذا المعنى في مختلف النقوش المعينية والحضرموتية والقتبانية والسبئية على السواء وفي مختلف الحالات والأدوار. وفي العرض الآتي ديل على ما ندعيه من أن علاقتهم بالآلهة هي علاقة دنيوية وليس فيها للآخرة من قريب أو بعيد: ـ

نقش حضرموتي قديم دونه معدي كرب أحد ملوك حضرموت ذكر يه وقفه حصناً اسمه: (خرف) للإله (عثتر) تقرباً له وللإلهين (ود) و(نكرح).

نقش معيني دونه جماعة من آل دبروا أعلنوا فيه جعلهم مبانيهم في حماية (عثتر).

نقش دونه زعيمان معينان شكروا فيه (عثتر) وبقية آلهة معين ود ونكرح لأنها نجت قافلة لهم من لغزاة سلبت أموالهم وحفظت أرواحهم حتى وصلوا سالمين إلى أهلهم. وأجروا في المعبد زينة علامة شكر وابتهاج!!.

نقش دونه (شهر معلل) أحد ملوك قتبان يذكر فيه تقربه من الإله (أنبى)

نقش قتباني دونه شخص اسمه: (شرح عت) ذكر فيه أن الملك كلفه بإنشاء برج وأورد أسماء الآلهة التي طلب التبرك منهم.

نقوش حضرموتية عديدة يذكر فيها أصحابها خبر تقديمهم نذوراً للإله (سين) ليمنحهم العمر الطويل والخير والبركة في الأرزاق.

نقش دونه رجلان ذكرا فيه أنهما قدما إلى معبد الإله (سين) سبعة تماثيل من الذهب حسب أمر سيدهما !!.

نقش سبئي دونه رجل لمناسبة تقديمه قرابين إلى الإله عثتر شكراً له لسقيه أراضي قبيلته سقيا مرويا بالخريف والربيع !! .

نقش تضرع كاتبه المجهول للآلهة بأن تمن عليه بالصحة وأن تباركه في نفسه وأمواله!! .

وقد كان للكهنة وأوقاف المعابد وضرائبها مكان هام مميز في المجتمع ايمني وكان الكهان نتيجة لذلك كأنهم دولة ضمن دولة بما كان يجبى إليهم من ضرائب وموارد وبما كانوا يسهمون فيه من أعمال ومشاريع عامة واقتصادية ..

وفكرة المكربية تمثل الكهانة في ذروتها العليا حيث كان الملوك المعينيون والسبئيون والقتبانيون والحضرموتيون في البدء يتلقبون بلقب مكرب الذي كان فيه معنى الرئاسة الدينية والوسيلة التقريبية بين الآلهة والناس وكثير منهم احتفظوا بلقب المكرب مع تلقبهم بلقب لملك وكان غير الملوك من المراء والحكام يمارسون الزعامة الكهنوتية لهذا الاعتبار ...

ومن الجدير بالذكر أن القمر والشمس والزهرة كانت معبودات رئيسية في العراق والشام ومصر وسائر أنحاء الجزيرة في مختلف أدوار التاريخ القديم وكان الشعب العربي في العراق يسمي القمر: (سين) والشمس: (شمشا) والزهرة: (عشتار) وكان الشعب العربي في الشام يسمي الزهرة عشتروت.

وللقمر خاصة أثر عظيم في حياة الجزيرة العربية الشديدة الحرارة حث يكون لليل وللقمر الذي ينير ظلمائه الأثر الأكبر في النفوس ولعلّ هذا هو سر جعل القمر الأكبر المعبود الأكبر.

أدين العرب:

كانت أديان العرب مختلفة بالمجاورات لأهل الملل، والانتقال إلى البلدان والانتجاعات، فكانت قريش، وعامة ولد معدّ بن عدنان، على بعض دين إبراهيم، يحجون البيت. ويقرون الضيف، ويعظمون الأشهر الحرم، وينكرون الفواحش والتقاطع والتظالم، ويعاقبون على الجرائم، فلم يزالوا على ذلك ما كانوا ولاة البيت.

وكان آخر من قام بولاية البيت الحرام من ولد معدّ: ثعلبة بن إياد بن نزار بن معدّ، فلما خرجت إياد وليت خزاعة حجابة البيت، فغيروا ما كان عليه الأمر في المناسك.

وخرج عمرو بن لحيّ إلى أرض الشام، وبها قوم من العمالقة يعبدون الأصنام، فقال لهم: ما هذه الأوثان التي أراكم تعبدون؟

قالوا: هذه أصنام نعبدها، نستنصرها، فننصر، ونستسقي بها، فنسقى. فقال: ألا تعطونني منها صنماً فأسير به إلى أرض العرب، عند بيت الله الذي تفد إليه العرب؟ فأعطوه صنماً يقال له: هبل، فقدم به مكة فوضعه عند الكعبة، فكان أول صنم وضع بمكة، ثم وضعوا به إساف ونائلة كل واحد منهما على ركن من أركان البيت، فكان الطائف إذا طاف بدأ بإساف، فقبله، وختم به، ونصبوا على الصفا صنماً يقال له: مجاور الريح، وعلى المرة صنماً يقال له: مطعم الطير، فكانت العرب إذا حجت البيت فرأت تلك الأصنام سألت قريشاً وخزاعة، فيقولون: نعبدها لتقربنا إلى الله زلفى. فلما رأت العرب ذلك اتخذت أصناماً، فجعلت كل قبيلة لها صنماً، يصلون له تقرباً إلى الله ـ فيما يقولون ـ فكان لكلب بن وبرة وأحياء قضاعة (ود) منصوباً بدومة الجندل، بجرش، وكان لحمير وهمدان (نسر) منصوباً بصنعاء وكان لكنانة (سواع)، وكان لغطفان (العزى)، وكان لهند وبجيلة وخثعم (ذو الخلصة) وكان لطيء (الفلس) منصوباً بالحبس، وكان لربيعة وإياد (ذو الكعبات) بسنداد من أرض العراق، وكان لثقيف (اللات) منصوبا بالطائف، وكان للأوس والخزرج (مناة) منصوباً بفدك مما يلي ساحل البحر، وكان لدوس (ذو الكفين) ولبني بكر بن كنانة (سعد) وكان لقوم من عذرة (شمس) وكان للأزد (رثام). فكانت العرب إذا أرادت حج البيت الحرام وقفت كل قبيلة عند صنمها، وصلوا عنده، ثم تلبوا حتى قدموا مكة، وكانت تلبياتهم مختلفة.

وكانت تلبية قريش: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، تملكه وما ملك.

وتلبية كنانة: لبيك اللهم لبيك! اليوم يوم التعريف .. يوم الدعاء والوقوف.

وتلبية بني أسد: لبيك اللهم لبيك! يا رب أقبلت بنو أسد .. أهل التواني والوفاء والجلد إليك..

وكانت تلبية بني تميم: لبيك اللهم لبيك! لبيك لبيك عن تميم قد تراها، قد أخلقت أثوابها وأثواب من وراءها، وأخلصت لربها دعاءها.

وتلبية قيس عيلان: لبيك اللهم لبيك! لبيك أنت الرحمن، أتتك قيس عيلان راجلها والركبان.

وكانت تلبية ثقيف: لبيك اللهم! إن ثقيفاً قد أتوك وأخلفوا المال، وقد رجوك.

وكانت تلبية هذيل: لبيك عن هذيل .. قد أدلجوا بليل .. في إبل وخيل.

وتلبية ربيعة: لبيك ربنا لبيك لبيك! إنا قصدنا إليك، وبعضهم يقول: لبيك عن ربيعة، سامعة لربها مطيعة.

وكانت حمير وهمدان يقولون: لبيك عن حمير وهمدان، والحليفين من حاشد وألهان.

وتلبية الأزد: لبيك رب الأرباب .. تعلم فصل الخطاب.. لملك كل مثاب.

وتلبية مذحج: لبيك رب الشعرى، ورب اللات والعزى.

وتلبية كندة وحضرموت: لبيك لا شريك لك! تملكه .. أو تهلكه .. أنت حكيم فاتركه.

وكانت تلبية غسان: لبيك رب غسان راجلها والفرسان.

وتلبية بجيلة: لبيك عن بجيلة في بارق ومخيلة.

وتلبية قضاعة: لبيك عن قضاعة .. لربها دفاعة .. سمعاً له وطاعة.

وكانت تلبية جذام: لبيك عن جذام .. ذي النهي والأحلام.

وتلبية عك والأشعريين: نحج للرحمن بيتاً عجبا .. مستتراً .. وضببا.. محجبا.

وكانت العرب أديانهم على صنفين: الحمس .. والحلة. فأما الحمس: فقريش كلها، وكانوا يشددون على أنفسهم في دينهم، فإذا نسكوا لم يسألوا سمناً، ولم يدخروا لبناً، ولم يحولوا بين مرضعة ورضاعها حتى يعافه، ولم يحزوا شعراً .. ولا ظفراً، ولم يدهنوا، ولم يمسوا النساء لا الطيب، ولم يأكلوا لحماً، ولم يلبسوا في حجهم وبراً ولا صوفاً ولا شعراً، ويلبسون جديداً، ويطوفون بالبيت في نعالهم، لا يطأون أرض المسجد تعظيماً له، ولا يدخلون البيوت من أبوابها، ولا يخرجون إلى عرفات، ويلزمون مزدلفة، ويسكنون في حال نسكهم قباب الأدم.

وكان الحلة: خزاعة .. وتميم.. وضبة.. ومزينة..

والرباب .. وعكل .. وثور .. وقيس عيلان .. وعامر بن صعصعة .. وربيعة بن نزار .. وقضاعة .. وحضرموت.. وعك.. وقبائل من الأزد. لا يحرمون الصيد في النسك، ويلبسون كل الثياب، ويسألون السمن، ولا يدخلون من باب دار، ولا يؤويهم ما داموا محرمين، وكانوا يدهنون ويتطيبون، ويأكلون اللحم، فإذا دخلوا مكة بعد فراغهم، نزعوا ثيابهم، فإن قدروا على أن يلبسوا ثياب الحمس، فعلوا وإلا طافوا بالبيت عراة، وكانوا لا يشترون في حجهم، ولا يبيعون. فهاتان الشريعتان اللتان كانت العرب عليهما.

ثم دخل قوم من العرب دين اليهود، ودخل آخرون في النصرانية، وتزندق منهم قوم، فقالوا بالثنوية. فأما من تهود منهم فاليمن بأسرها، كان تبع حمل حبرين من أحبار اليهود إلى اليمن، فأبطل الأوثان، وتهود من باليمن، وتهود قوم من الأوس والخزرج بعد خروجهم من ايمن لمجاورتهم يهود خيبر وقريظة والنضير، وتهود قوم من بني الحارث بن كعب، وقوم من غسان، وقوم من جذام.

وما من تنصر من أحياء العرب: فقوم من قريش من بني أسد بن عبد العزى، منهم ورقة بن نوفل بن أسد، ومن بني تميم بنو امرئ القيس بن زيد مناة، ومن ربيعة بنو تغلب، ومن ايمن طيء .. ومذحج، وبهراء .. وسليح .. وتنوخ .. وغسان .. ولخم.

وتزندق حجر بن عمرو الكندي.

الأخلاق العامة في المجتمع الجاهلي العربي:

وجاء في كتاب سيد المرسلين لمؤلفه الأستاذ المحقق الشيخ جعفر السبحاني تصوير دقيق لملامح المجتمع الجاهلي العربي في منظور القرآن. وبعض من ملامح الخلاق العامة في المجتمع الجاهلي، نورده لأهميته في سياق التسلسل التاريخي قبل البعثة النبوية.

إن القرآن يكشف إجمالاً عن أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث إلى قوم لم يبعث إليها أحد قبله إذ يقول: { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [القصص: 46].

ويقول في آية أخرى: { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [السجدة: 3].

ومن المعلوم أن المقصود في هاتين الآيتين ونظائرهما هم قريش والقبائل القريبة إليها.

على ن أشمل وصف قرآني لأوضاع المجتمع العربي الجاهلي وأحواله هو قول الله تعالى: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [آل عمران: 103].

فإن هذه الآية تصور حياة العرب تصويراً مرعباً، إذ تصورهم أولاً وكأنهم قد سقطوا في قعر بئر الجاهلية والضلال والشقاء فلا ينقذهم شيء من قعر التردي والسقوط إلا التمسك بحبل الله، حبل الإيمان والقرآن.

وتصورهم ثانياً وكأنهم على شفير جهنم يوشكون أن يسقطوا فيه ويهووا في نيرانه، وليست تلك النار إلا نيران العداوات ولحروب التي لو لم يقض عليها الإسلام بتعاليمه لأحرقت حياة العرب جميعاً.

هذه هي صورة سريعة عما كان عليه العرب في الجاهلية من جهل وسقوط.

وأما تفصيل ذلك فيمكن الوقوف عليه بمراجعة الآيات الأخرى التي تعرضت لذكر عادات العرب وأخلاقهم، وأفعالهم وتقاليدهم، بصورة مفصلة، وها نحن نشير هنا إلى تلكم العادات والأخلاق الفاسدة على ضوء تلك الآيات على نحو الاختصار تاركين التوسع في ذلك إلى مجال آخر.

لقد اتصف المجتمع العربي الجاهلي قبل الإسلام وشاعت فيه أخلاق وعادات من أبرزها ما يلي:

الشرك في العبادة:

صحيح أن العرب في الجاهلية كانت ـ كما يكشف القرآن ذلك لنا ـ موحدة في جملة من الأمور والمجالات كالخالقية والتدبير والذات إلا أنهم كانوا ـ في الأكثر ـ مشركين في العبادة، بل قد ذهبوا في هذا السبيل الباطل إلى أحط المستويات في اتخاذ المعبودات والوثنية.

وإلى ذلك يشير قوله تعالى: { وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنعام: 100].

وقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 19، 20].

وغير ذلك من الآيات التي تشير إلى ما كان يعبده الجاهليون من أوثان وأصنام ومبلغ ما وصلوا إلهي من انحطاط، وإسفاف وانحراف في هذا المجال.

إنكار المعاد:

كان المشركون والجاهليون يرفضون الاعتراف بالمعاد الذي يعني عودة الإنسان إلى الحياة. يعالم آخر للحساب والجزاء، ويصفون من يخبر عن ذلك اليوم بالجنون أو الكذب على الله!!.

يقول تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ} [سبأ: 7،8].

هيمنة الخرافات:

لقد كانت حياة العرب الجاهلية مليئة بالخرافات التي كان منها تحريمهم الأكل من أنعام أربعة ذكرها القرآن مندداً بهذه البدعة إذ قال: { مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } [المائدة: 103].

ما (البحيرة) بوزن فعلية بمعنى مفعولة من البحر وهو الشق، فهي الناقة إذا نتجت خمسة أبطن آخرها أنثى ـ وقيل ذكر ـ بحروا أذنها وشقوها ليكون ذلك علامة وتركوها ترعى، ولا يستعملها أحد في شيء.

وأما (السائبة) على وزن فاعلة بمعناها أو بمعنى مفعولة فهي الناقة إذا نتجت اثني عشر بطناً ـ وقيل عشرة ـ فهي تهمل ولا تركب. ولا تمنع عن ماء، و يشرب لبنها إلا ضيف.

وأما (الوصيلة) بوزن فعيلة بمعنى فاعلة أو بمعنى مفعولة فهي الشاة تنتج سبعة أبطن أو تنتج عناقين عناقين.

وأما (الحامي) بوزن فاعل من الحمى بمعنى المنع فهو الفحل من الإبل الذي يستخدم للقاح الأناث، فإذا ولد من ظهره عشرة أبطن قالوا؛ حمي ظهره فلا يحمل عيه، ولا يمنع من ماء ومرعى.

والظاهر أن هذا المذهب تجاه هذه الأنواع من الأنعام كان بدافع الاحترام والشكر لما وهب أصحابها من النعم والبركات، غير أن هذا العمل ـ كان في حقيقته ـ نوعاً من الإيذاء والإضرار بهذه الحيوانات، لأنهم كانوا يهملونها ويحرمونها من العناية اللازمة فكانت تشقى بقية حياتها، وتقاسي من الحرمان، مضافاً إلى ما كان يصيبها من التلف والضياع، وما يلحق ثروتهم والنعم التي وهبها الله لهم من هذا الطريق من الضرر والخسارة.

والأسوأ من كل ذلك أنهم ـ كما يستفاد من ذيل الآية ـ كانوا ينسبون هذه المبتدعات المنكرات وهذا المنع والحظر إلى الله سبحانه وتعالى، إذ يقول سبحانه: { مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [المائدة: 103] وقد أعلم اله في مطلع الآية أنه لم يحرم من هذه الأشياء شيئاً، وأنهم ليكذبون على الله بادعائهم أن هذه الأشياء من فعل الله أو أمره.

وقد أشار القرآن إلى هذه الخرافات التي كانت تكبل عقول الناس في ذلك المجتمع إذ يقول: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [الأعراف: 157].

الفساد الأخلاقي:

كان المجتمع الجاهلي العربي يعاني من فساد ذريع في الأخلاق وقد أشار القرآن الكريم إلى اثنين من أبرز وسائل الفساد ومظاهره هما: القمار (الذي كانوا يسمونه بالميسر وإنما اشتق من اليسر لأنه أخذ مال الرجل بيسر وسهولة من غير كد ولا تعب) والخمر.

وقد بلغ شغفهم بالخمر أنهم أعرضوا عن قبول الإسلام واعتناقه لأنه يحرم تناول الخمر وشرب، كما نقرأ ذلك في قصة الأعشى.

يقول القرآن في هذا الصعيد: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } [البقرة: 219].

وقد استطاع القرآن الكريم عبر مراحل أربع أن يستأصل هذه العادة البغيضة التي كانت قد تجذرت بشكل عجيب في نفوس ذلك القوم، حتى أصبحت السمة البارزة لحياتهم وأصبح التغني بالخمرة ووصفها الطابع الغاب لآدابهم، واللون البارز الذي يصبغ قصائدهم وأشعارهم.

على أن الفساد الأخلاقي في المجتمع الجاهلي العربي قبل الإسلام لم يكن ليقتصر على معاقرة الخمر، ومزاولة الميسر بل تعدى إلى ألوان أخرى ذكرها القرآن الكريم في ثلاثة عشر موضعاً، حيث عدّ منها الزنا، واللواط، والقذف، وإكراه الفتيات على البغاء وما شاكل ذلك.

وأد البنات وإقبارهن:

ويشير القرآن الكريم أيضاً إلى عادة جاهلية سيئة أخرى كانت رائجة بين قبائل العرب الجاهلية قاطبة وهي دفن البنت حية.

فقد جب القرآن الكريم هذه العادة البغيضة وهذا العمل اللإنساني ونهى عنه بشدة في أربعة مواضع، إذ قال تعالى: { وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } [التكوير: 8، 9]. وقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: 31].

وقد أتى جدُ (الفرزدق) (صعصعة بن ناجية بن عقال) رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعد من أعماله الصالحة في الجاهلية أنه فدى مائتين وثمانين مَوْءُودَةُ في الجاهلية، وأنقذهن من الموت المحتم باشترائهن من آبائهن بأمواله.

وقد افتخر(الفرزدق) بإحياء جده المؤودات في كثي رمن شعره إذ قال:

ومنا الذي منع الوئدات

                   وأحيا الوئيد فلم يوأد

تصوراتهم الخرافية حول الملائكة:

ومما أشار إليه القرآن الكريم تصورات العرب الجاهلية حول الملائكة، فقد كانوا يعتقدون أن الملائكة من الإناث وأنهن بنات الله، إذ يقول تعالى { فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (153) } [الصافات: 149 - 153].

كيفية الانتفاع من الأنعام:

إذا كانت العرب الجاهلية تمتنع من تناول لحوم الأنعام الأربعة المذكورة آنفاً وتجتنب عن استعمال ألبانها وشعورها وأصوافها إلا أنها كانت في المقابل تتناول الدم، والميتة والخنزير وتأكل من الحيوانات والأنعام التي تقتلها بصورة قاسية، وبالتعذيب والأذى، وربما كانت تعتبر ذلك نوعاً من العبادة، ويعرف ذلك من الآية التالية التي نزلت تنهى بشدة عن أكل هذه اللحوم، وتحرم تناولها، إذ يقول سبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3] .

فقد حرم الله في هذه الآية أكل:

الميتة.

الدم.

لحم الخنزير.

4 ـ ما ذكر اسم غير الله عليه.

التي تموت خنقاً، وهي المنخنقة.

التي تضرب حتى تموت، وهي الموقوذة.

التي تقع من مكان عال فتموت وهي المتردية.

التي تموت نطحاً من حيوان آخر وهي النطيحة.

ما افترسه سبع إلا إذا ذكي قبل موته.

10ـ وما ذبح أمام الأصنام.

الاستقسام بالأزلام:

فقد كان تقسيم لحم الذبيحة يتم عن طريق الأزلام، والأزلام جمع (زلم) بوزن (شرف) وهي عيدان وسهام تستخدم في ما يشبه القرعة لتقسيم لحم الذبيحة.

فقد كان يشتري عشرة أنفار بعيراً ثم يذبحونه، ثم يكتبون على سبعة منها أسهماً مختلفة من الواحد إلى السبعة ولا يكتبون على ثلاثة منها شيئاً، ثم يجعلونها في كيس ثم يستخرجوها واحدة بعد أخرى، كل واحدة باسم أحدهم يأخذ كل واحد منهم من الذبيحة ما خرج له من السهم، وهكذا يقتسمون الذبيحة بينهم، فنهام اله عن ذلك بقوله: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 3] لأنه ضرب من القمار الذي ينطوي على مفاسد الميسر والقمار.

النسيء:

كان العرب الجاهليون يعتقدون حرمة الأشهر الحرم (وهي أربعة المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة) فكانوا يتحرجون فيها من القتال، وجرت عادة العرب على هذا من زمن إبراهيم وإسماعيل (عليه السلام).

إلا أن سدنة الكعبة أو رؤساء العرب كانوا يعمدون أحيانً، ولقاء مبال يأخذونها، أو جرياً مع أهوائهم، إلى تأخير الأشهر الحرم، وهو الأمر الذي عبر عنه القرآن الكريم بالنسيء ثم نهى عنه وعده كفراً إذ قال: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 37].

وقد ذكرت كتب التاريخ والسير كيفية النسيء وتأخير الأشهر الحرم، الذي كان يتم بصور مختلفة منها: أن جماعة ما لو انت ترغب في استمرار الغارة والقتل ولم تطق تأخير النضال مدة الأشهر الحرم كانت تطلب من سدنة الكعبة، لقاء ما تقدمه لم من هدايا وأموال، تجويز الغارة والقتل في شهر محرم، وتحرم القتال في شهر صفر بدله ليتم عدد الأشهر الحرم (وهي أربعة). وهذا هو معنى قوله تعالى { لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: 37] وكانوا إذا أحلوا القتال والغارة في المحرم من سنة حرموه في المحرم من السنة التالية، وهذا هو معنى قوله تعالى: {يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا} [التوبة: 37].

10ـ الربا:

ومما يشير إليه القرآن الكريم من المفاسد الشائعة، والأعمال المنكرة في المجتمع العربي الجاهلي قبل الإسلام: (الربا) الذي كان يشكل العمود الفقري ي اقتصاد ذلك المجتمع.

وقد حارب القرآن الكريم هذه العاد المقيتة، وهذا الفساد الاقتصادي حرباً شعواء، إذ قل تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ } [البقرة: 278، 279].

 والعجب أنهم كانوا يبررون هذا العمل اللا إنساني بقولهم {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا } [البقرة: 275] فإذا كن البيع حلالاً وهو أخذ وعطاء فليكن الربا كذلك حلالاً، فإنه أخذ وعطاء أيضاً، مع أن (الربا) من أبشع صور الاستغلال، وقد رد سبحانه على هذه المقالة بقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] ففي البيع والشراء يتساوى الطرفان في تحمل الضرر المحتمل، بينما لا يتضرر المرابي في النظام الربوي أبداً وإنما يلحق الضرر بمعطي الربا دائماً، ولهذا تنمو المؤسسات الربوية، ويعظم رصيدها، وثروتها يوماً بعد يوم فيما يزداد الطرف الآخر بؤساً وفقراً، ولا يحصل من جهوده المضنية إلا على ما يسد جوعته، ويقيم أود، لا أكثر، كل ذلك نتيجة لهذا الأسلوب الاقتصادي غير العادل.

صور من الوضع الجاهلي:

ما قدمناه كان أبر المفاسد الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي أشار إليها القرآن الكريم، وما التاريخ فمليء بالصور والقصص التي تحكي عن تردي حالة العرب الجاهلية وسقوطها الفظيع في قعر الفساد في جميع المناحي والجهات.

وإليك في ما يلي نماذج وصور معدودة تكفي للوقوف على الحالة العامة ي ذلك المجتمع نقتبسها لك من أصح المصادر وأوثقها:

وها نحن نقدم قصة (أسعد بن زرارة) التي تسلط الضوء على ما كان عليه الوضع الجاهلي في أكثر مناطق الحجاز، فقد قدم (أسعد بن زرارة) و(ذكوان بن عبد قيس) ـ وهما من الأوس وكان بين الأوس والخزرج حرب قد بقوا فيها دهراً طويلاً، وكانوا لا يضعون السلاح لا بالليل ولا بالنار، وكان آخر حرب بينهم (يوم بعاث) وقد انتصر فيها الأوس على الخزرج ـ مكة في عمرة رجب يسألون الحلف على الأوس، وكان أسعد بن زرارة صديقاً لعتبة بن ربيعة، فنزل عليه فقال: إنه كان بيننا وبين قومنا حرب وقد جئناك نطلب الحلف عليهم، فقال له عتبة: إن لنا شغلاً لا نتفرغ لشيء. قال سعد: وما شغلكم وأنتم في حرمكم وأمنكم؟ قال له عتبة: خرج فينا رجل يدعي أنه رسول اله سفه أحلامنا، وسب آلهتنا وأفسد شباننا، وفرق جماعتنا، فقال له أسعد: من هو منكم؟ قال: ابن عبدالله بن عبد المطلب من أوسطنا شرفاً، وأعظمنا بيتاً.

وكان أسعد وذكوان، وجميع الأوس والخزرج يسمعون من اليهود الذين كانوا بينهم: النضير وقريظة وقينقاع، ان هذا أوان نبي يخرج بمكة يكون مهاجره بالمدينة لنقتلنكم به يا معشر العرب، فلما سمع ذلك أسعد وقع في قلبه ما كان سمع من اليهود، قال: فأين هو؟ قال: جالس في الحجر، وإنهم لا يخرجون من شعبهم إلا في الموسم، فلا تسمع منه ولا تكلمه فإنه ساحر يسحرك بكلامه، وكان هذا في وقت محاصرة بني هاشم في شعب أبي طالب فقال له (أسعد): فكيف أصنع وأنا معتمر لابد لي أن أطوف بالبيت؟ قال: ضع في أذنيك القطن، فدخل (أسعد) المسجد وقد حشا أذنيه بالقطن، فطاف بالبيت ورسول الله[صلى الله عليه وآله] جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم، فنظر إليه نظرة فجازه، فلما كان في الشوط الثاني قال في نفسه: ما أجد أجهل مني؟ أيكون مثل هذا الحديث بمكة فلا أتعرف حتى أرجع إلى قومي فأخبرهم، ثم أخذ القطن من أذنيه ورمى به، وقال لرسول الله[صلى الله عليه وآله]: أنعم صباحاً، فرفع رسول الله[صلى الله عليه وآله] رأسه إليه وقال: قد أبدلنا الله به ما هو أحسن من هذا، تحية أهل الجنة: السلام عليكم، قال له أسعد: إن عهدك بهذا لقريب، إلى ما تدعوا يا محمد؟ قال: إلى شهادة أن لا ألله إلا الله، وإني رسول الله، وأدعوكم إلى: { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأنعام: 151،152].

فلما سمع (أسعد) هذا قال له: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، يا رسول الله بأبي أنت وأمي....

إن الإمعان في مفاد هاتين الآيتين يغنينا عن دراسة شاملة وواسعة لأوضاع العرب الجاهلية لأن هاتي الآيتين تكشفن عن الأمراض الأخلاقية التي كانت تكتنف حياة العرب الجاهلية. ولهذا تلا رسول الله الآيات التي تشير إلى هذ الأدواء والأمراض ليلفت نظر (سعد) إلى أهداف رسالته الكبرى.




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).





بالصور: ويستمر الانجاز.. كوادر العتبة الحسينية تواصل اعمالها في مشروع سرداب القبلة الكبير
بحضور ممثل المرجعية العليا.. قسم تطوير الموارد البشرية يستعرض مسودة برنامجه التدريبي الأضخم في العتبة الحسينية
على مساحة (150) دونما ويضم مسجدا ومركزا صحيا ومدارسا لكلا الجنسين.. العتبة الحسينية تكشف عن نسب الإنجاز بمشروع مجمع إسكان الفقراء في كربلاء
للمشاركة الفاعلة في مهرجان كوثر العصمة الثاني وربيع الشهادة الـ(16).. العتبة الحسينية تمنح نظيرتها الكاظمية (درع المهرجان)