المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 5851 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


ذم الدنيا و أنها عدوة اللّه و الإنسان  
  
3651   02:39 مساءاً   التاريخ: 5-10-2016
المؤلف : محمد مهدي النراقي
الكتاب أو المصدر : جامع السعادات
الجزء والصفحة : ج2 , ص25-37.
القسم : الاخلاق و الادعية / الرذائل وعلاجاتها / حب الدنيا والرئاسة والمال /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-19 603
التاريخ: 31-3-2021 2358
التاريخ: 5-10-2016 2187
التاريخ: 2024-03-05 448

الدنيا عدوة للّه و لأوليائه و لأعدائه : أما عداوتها للّه ، فإنها قطعت الطريق على العبادة ، و لذلك لم ينظر إليها مذ خلقها ، كما ورد في الأخبار  و أما عداوتها لأوليائه و أحبائه ، فإنها تزينت لهم بزينتها و عمتهم بزهرتها و نضارتها ، حتى تجرعوا مرارة الصبر في مقاطعتها.

وأما عداوتها لأعدائه ، فإنها استدرجتهم بمكرها و مكيدتها و اقتنصتهم بشباكها و حبائلها حتى وثقوا بها و عولوا عليها ، فاجتبوا منها حيرة و ندامة تنقطع دونها الأكباد ، ثم حرمتهم عن السعادة أبد الآباد ، فهم على فراقها يتحسرون و من مكائدها يستغيثون و لا يغاثون ، بل يقال لهم : {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون : 108] , {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة : 86].

والآيات الواردة في ذم الدنيا و حبها كثيرة ، و أكثر القرآن مشتمل على ذلك و صرف الخلق عنها و دعوتهم إلى الآخرة ، بل هو المقصود من بعثة الأنبياء ، فلا حاجة إلى الاستشهاد بآيات القرآن لظهورها.

فلنشر إلى نبذة من الأخبار الواردة في ذم الدنيا و حبها و في سرعة زوالها ، قال رسول اللّه  (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) : «لو كانت الدنيا تعدل عند اللّه جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء».

وقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) : «الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها إلا ما كان للّه منها».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) : «الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) : «من أصبح و الدنيا أكبر همه فليس من اللّه في شي‏ء ، و ألزم اللّه قلبه أربع خصال : هما لا ينقطع عنه أبدا ، و شغلا لا يتفرغ منه أبدا و فقرا لا ينال غناه أبدا , وأملا لا يبلغ منتهاه أبدا .

وقال (صلّى اللّه عليه و آله): «يا عجبا كل العجب للمصدق بدار الخلود و هو يسعى لدار الغرور!».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله) : «لتأتينكم بعدي دنيا تأكل إيمانكم كما تأكل النار الحطب».

وقال : «ألهاكم التكاثر، يقول ابن آدم : مالي مالي , و هل لك من مالك إلا ما تصدقت فأبقيت  أو أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت؟».

وقال : «أوحى اللّه  تعالى  إلى موسى : لا تركنن إلى حب الدنيا ، فلن تأتين بكبيرة هي أشد عليك منها».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله) : «حب الدنيا رأس كل خطيئة».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله) : «من أحب دنياه أضر بآخرته و من أحب آخرته أضر بدنياه  فآثروا ما يبقى على ما يفنى».

ومر(صلّى اللّه عليه و آله) على مزبلة ، فوقف عليها و قال : «هلموا إلى الدنيا! و أخذ خرقا قد بليت على تلك المزبلة و عظاما قد نخرت ، فقال : ذه الدنيا!».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله) «إن اللّه لم يخلق خلقا أبغض إليه‏ من الدنيا ، و إنه لم ينظر إليها منذ خلقها».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله) «الدنيا دار من لا دار له و مال من لا مال له ، و لها يجمع من لا عقل له ، و عليها يعادى من لا علم عنده ، و عليها يحسد من لا فقه له ، و لها يسعى من لا يقين له».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) : «لما هبط آدم من الجنة إلى الأرض قال له : إن للخراب ولد للفناء».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله) : «لتجيئن أقوام يوم القيامة وأعمالهم كجبال تهامة  فيؤمر بهم إلى النار، فقيل : يا رسول اللّه! أ مصلين؟ , قال : نعم ،! كانوا يصومون ويصلون و يأخذون هنيئة من الليل ، فإذا عرض لهم من الدنيا شي‏ء وثبوا عليه».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله) : «هل منكم من يريد أن يذهب اللّه عنه العمى و يجعله بصيرا؟  ألا إنه من رغب في الدنيا و طال فيها أمله أعمى اللّه قلبه على قدر ذلك ، ومن زهد في الدنيا و قصر أمله فيها أعطاه اللّه علما بغير تعلم و هدى بغير هداية».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله) : «فو اللّه ما الفقر أخشى عليكم ، و لكني أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها ، و تهلككم كما اهلكتهم».

وقال : «أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج اللّه لكم من بركات الأرض ، فقيل : ما بركات الأرض؟ قال : زهرة الدنيا».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله) : «دعوا الدنيا لأهلها من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه فقد أخذ حتفه و هو لا يشعر».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله) : «سيأتي قوم بعدي يأكلون أطايب الطعام وأنواعها ، وينكحون أجمل النساء و ألوانها ، و يلبسون ألين الثياب و ألوانها و يركبون أقوى الخيل و ألوانها ، لهم بطون من القليل لا تشبع ، وأنفس بالكثير لا تقنع ، عاكفين على الدنيا ، يغدون و يروحون إليها   اتخذوها آلهة دون إلههم و ربا دون ربهم إلى أمرهم ينتهون و هواهم يلعبون ، فعزيمة من محمد بن عبد اللّه لمن أدرك ذلك الزمان من عقب عقبكم و خلف خلفكم أبدا لا يسلم عليهم ولا يعود مرضاهم ولا يتبع جنائزهم ولا يوقر كبيرهم و من فعل ذلك فقد أعان على هدم الإسلام».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله) : «ما لي و للدنيا و ما أنا و الدنيا؟! إنما مثلي و مثلها كمثل راكب سار في يوم صائف ، فرفعت له شجرة ، فقال تحت ظلها ساعة ، ثم راح و تركها».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله) : «احذروا الدنيا ، فإنها أسحر من هاروت و ماروت».

وقال (صلّى اللّه عليه و آله) : «حق على اللّه ألا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه».

وقال عيسى بن مريم (عليه السّلام) «ويل لصاحب الدنيا! كيف يموت و يتركها ، و يأمنها و تغره ، و يثق بها و تخذله ، ويل للمغترين! كيف ألزمهم ما يكرهون ، و فارقهم ما يحبون ، و جاءهم ما يوعدون ، ويل لمن أصبحت الدنيا همه و الخطايا عمله! كيف يفتضح غدا بذنبه».

و قال (عليه السّلام) : «من ذا الذي يبني على أمواج البحر دارا تلكم الدنيا ، فلا تتخذوها قرارا».

وقال (عليه السّلام‏) «لا يستقيم حب الدنيا و الآخرة في قلب مؤمن ، كما لا يستقيم الماء و النار في إناء واحد».

وأوحى اللّه - تعالى- إلى موسى : «يا موسى :! ما لك و لدار الظالمين! إنها ليست لك بدار  اخرج منها همك و فارقها بعقلك فبئست الدار هي ، إلا لعامل يعمل فيها فنعمت الدار هي ، يا موسى! إني مرصد للظالم حتى آخذ منه للمظلوم».

وأوحى إليه : «يا موسى! لا تركنن إلى حب الدنيا ، فلن تأتين بكبيرة هي أشد منها».

ومر موسى (عليه السّلام) برجل و هو يبكي ، و رجع و هو يبكي ، فقال موسى : «يا رب عبدك يبكي من مخافتك ، فقال تعالى : يا بن عمران! لو نزل دماغه مع عينيه و رفع يديه حتى يسقطا لم أغفر له و هو يحب الدنيا!».

وقال أمير المؤمنين (عليه السّلام)‏ بعد ما قيل له صف لنا الدنيا : «و ما أصف لك من دار من صح فيها سقم ، و من أمن فيها ندم ، و من افتقر فيها حزن ، و من استغنى فيها افتتن ، في حلالها الحساب ، و في حرامها العقاب».

وقال (عليه السّلام) : «إنما مثل الدنيا كمثل الحية ما ألين مسها و في جوفها السم الناقع  يحذرها الرجل العاقل و يهوى إليها الصبي الجاهل».

وقال في وصف الدنيا : «ما أصف من دار أولها عناء و آخرها فناء ، في حلالها حساب و في حرامها عقاب ، من استغنى فيها فتن ، و من افتقر فيها حزن ، و من ساعاها فاتته ، و من قعد عنها آتته ، و من بصر بها بصرته ، و من أبصر إليها أعمته» ، وقال (عليه السّلام) في بعض مواعظه : «ارفض الدنيا ، فإن حب الدنيا يعمى و يصم و يبكم و يذل الرقاب ، فتدارك ما بقي من عمرك ، و لا تقل غدا و بعد ، فإنما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الأماني و التسويف  حتى أتاهم أمر اللّه بغتة و هم غافلون فنقلوا على أعوادهم إلى قبورهم المظلمة الضيقة ، وقد أسلمهم الأولاد و الأهلون ، فانقطع إلى اللّه بقلب منيب , من رفض الدنيا و عزم ليس فيه انكسار و لا انخذال».

و قال (عليه السّلام) : «لا تغرنكم الحياة الدنيا فإنها دار بالبلاء محفوفة ، و بالفناء معروفة ، و بالغدر موصوفة ، فكل ما فيها إلى زوال ، و هي بين أهلها دول و سجال ، لا تدوم أحوالها ، و لا يسلم من شرها نزالها ، بينا أهلها منها في رخاء و سرور إذا هم منها في بلاء و غرور أحوال مختلفة ، و تارات متصرمة ، العيش فيها مذموم ، و الرخاء فيها لا يدوم ، و إنما أهلها فيها أغراض مستهدفة ، ترميهم بسهامها ، و تفنيهم بحمامها.

واعلموا عباد اللّه انكم و ما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى ، ممن كان أطول منكم أعمارا ، و أشد منكم بطشا ، وأعمر ديارا و أبعد آثارا ، فأصبحت أصواتهم هامدة خامدة من بعد طول تقلبها ، وأجسادهم بالية ، وديارهم على عروشها خاوية ، و آثارهم عافية استبدلوا بالقصور المشيدة و السرر و النمارق الممهدة الصخور و الأحجار المسندة في القبور اللاطئة الملحدة فمحلها مقترب ، و ساكنها مغترب ، بين أهل عمارة موحشين ، و أهل محلة متشاغلين لا يستأنسون بالعمران ، و لا يتواصلون تواصل الجيران الإخوان ، على ما بينهم من قرب الجوار و دنو الدار، و كيف يكون بينهم تواصل ، و قد طحنهم بكلكله البلاء ، و أكلتهم الجنادل والثرى و أصبحوا بعد الحياة أمواتا ، و بعد نضارة العيش رفاتا ، فجع بهم الأحباب و سكنوا تحت التراب ، و ظعنوا فليس لهم إياب ، هيهات هيهات! {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون : 100].

فكأن قد صرتم إلى ما صاروا إليه من البلى و الوحدة في دار المثوى ، وارتهنتم في ذلك المضجع ، و ضمكم ذلك المستودع ، و كيف بكم لو عاينتم الأمور، و بعثرت القبور، و حصل ما في الصدور، و أوقفتم للتحصيل بين يدي الملك الجليل، فطارت القلوب لإشفاقها من سالف الذنوب ، و هتكت عنكم الحجب و الأستار، فظهرت منكم العيوب و الأسرار، هنالك.

{تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [غافر: 17] ‏ .

وقال أيضا (عليه السّلام) في بعض خطبه : «أوصيكم بتقوى اللّه و الترك للدنيا التاركة لكم ، و إن كنتم لا تحبون تركها ، المبلية أجسامكم و أنتم تريدون تجديدها ، فإنما مثلكم و مثلها كمثل قوم في سفر سلكوا طريقا و كأنهم قد قطعوه ، و أفضوا إلى علم ، فكأنهم قد بلغوه ، و كم عسى أن يجري المجرى حتى ينتهي إلى الغاية ، و كم عسى أن يبقى من له يوم في الدنيا ، و طالب حثيث يطلبه حتى يفارقها ، فلا تجزعوا لبؤسها و ضرائها فإنه إلى انقطاع ، و لا تفرحوا بمتاعها و نعمائها فإنه إلى زوال ، عجبت لطالب الدنيا و الموت يطلبه ، و غافل و ليس بمغفول عنه».

وقال السجاد (عليه السّلام) : «إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، و إن الآخرة قد ارتحلت مقبلة ، و لكل واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة و لا تكونوا من أبناء الدنيا ، ألا و كونوا من الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة ، ألا إن الزاهدين في الدنيا اتخذوا الأرض بساطا و التراب فراشا و الماء طيبا ، و قرضوا من الدنيا تقريضا ، ألا و من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ، و من أشفق من النار رجع عن المحرمات ، و من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب ، ألا إن للّه عبادا كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين ، و كمن رأى أهل النار في النار معذبين ، شرورهم مأمونة و قلوبهم محزونة ، أنفسهم عفيفة ، و حوائجهم خفيفة ، صبروا أياما قليلة ، فصاروا بعقبى راحة طويلة ، أما الليل فصافون أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، و هم يجأرون إلى ربهم ، يسعون في فكاك رقابهم ، و أما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء كأنهم القداح ، قد براهم الخوف من العبادة ، ينظر إليهم الناظر فيقول مرضى ، و ما بالقوم من مرض ، أم خولطوا ، فقد خالط القوم أمر عظيم من ذكر النار و ما فيها».

وقال (عليه السّلام) «ما من عمل بعد معرفة اللّه - عز و جل - و معرفة رسوله (صلّى اللّه عليه و آله) أفضل من بغض الدنيا ، فإن ذلك لشعبا كثيرة ، و للمعاصي شعبا فأول ما عصى اللّه به الكبر معصية إبليس حين أبى و استكبر و كان من الكافرين ثم الحرص ، و هي معصية آدم و حواء حين قال اللّه - عز و جل – لهما : {فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأعراف : 19].

فأخذا ما لا حاجة بهما إليه ، فدخل ذلك على ذريتهما إلى يوم القيامة و ذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به إليه.

ثم الحسد ، و هو معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله ، فتشعب من ذلك حب النساء و حب الدنيا ، و حب الرئاسة ، و حب الراحة ، و حب الكلام ، و حب العلو و الثروة ، فصرن سبع خصال ، فاجتمعن كلهن في حب الدنيا.

فقال الأنبياء و العلماء بعد معرفة ذلك : حب الدنيا رأس كل خطيئة ، و الدنيا دنياءان : دنيا بلاغ و دنيا ملعونة».

وقال الباقر (عليه السّلام) لجابر : «يا جابر! إنه من دخل قلبه صافي خالص دين اللّه شغل قلبه عما سواه يا جابر! ما الدنيا و ما عسى أن تكون الدنيا؟! هل هي إلا طعام أكلته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها؟ يا جابر! إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا ببقائهم فيها ، و لم يأمنوا قدومهم الآخرة , يا جابر! الآخرة دار قرار، و الدنيا دار فناء و زوال ، و لكن أهل الدنيا أهل غفلة ، و كان المؤمنون هم الفقهاء أهل فكرة و عبرة ، لم يصمهم عن ذكر اللّه - جل اسمه - ما سمعوا بآذانهم ، و لم يعمهم عن ذكر اللّه ما رأوا من الزينة بأعينهم ففازوا بثواب الآخرة كما فازوا بذلك العلم» .

وقال الصادق (عليه السّلام) : «مثل الدنيا كمثل ماء البحر، كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله».

وقال : فيما ناجى اللّه - عز و جل - به موسى : «يا موسى! لا تركن إلى الدنيا ركون الظالمين و ركون من اتخذها أبا و أما يا موسى! لو وكلتك إلى نفسك لتنظر لها إذن لغلب عليك حب الدنيا و زهرتها يا موسى! نافس في الخير أهله و استبقهم إليه ، فإن الخير كاسمه ، و اترك من الدنيا ما بك الغنى عنه ولا تنظر عينك إلى كل مفتون بها و موكل إلى نفسه ، و اعلم أن كل فتنة بدؤها حب الدنيا ، و لا تغبط أحدا بكثرة المال فإن مع كثرة المال تكثر الذنوب لواجب الحقوق و لا تغبطن أحدا برضى الناس عنه , حتى يتعلم أن اللّه راض عنه ، و لا تغبطن مخلوقا بطاعة الناس له ، فإن طاعة الناس له و اتباعهم إياه على غير الحق هلاك له و لمن تبعه».

وأوحى اللّه – تعالى - إلى موسى و هارون لما أرسلهما إلى فرعون : «لو شئت أن أزينكما بزينة من الدنيا ، يعرف فرعون حين يراها أن مقدرته تعجز عما أوتيتما لفعلت ، ولكني أرغب لكما عن ذلك و أزوى ذلك عنكما و كذلك أفعل بأوليائي ، إني لأزويهم عن نعيمها ، كما يزوى الراعي الشفيق غنمه عن مواقع الهلكة ، و إني لأجنبهم عيش سلوتها ، كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن مواقع الغرة ، و ما ذلك لهوانهم علي ، و لكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالما موفرا ، إنما يتزين لي أوليائي : بالذل و الخشوع و الخوف و التقوى».

وقال الكاظم (عليه السّلام) : «قال أبو ذر (رحمه اللّه) : جزى اللّه الدنيا عن مذمة بقدر رغيفين من الشعير، أتغدى بأحدهما و أتعشى بالآخر، و بعد شملتي الصوف ، أتزر بأحداهما و أتردى بالأخرى».

وقال لقمان لابنه : «يا بني! بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا ، و لا تبع آخرتك بدنياك تخسرهما جميعا.

و قال له : «يا بني! إن الدنيا بحر عميق ، قد غرق فيها ناس كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى‏ اللّه - عز و جل - و حشوها الإيمان ، و شراعها التوكل على اللّه ، لعلك ناج و ما أراك ناجيا».

وقال : «يا بني! إن الناس قد جمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا و لم يبق من جمعوا له ، و إنما أنت عبد مستأجر قد أمرت بعمل و وعدت عليه أجرا ، فأوف عملك و استوف أجرك ، و لا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتى سمنت ، فكان حتفها عند سمنها ، و لكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جزت عليها و تركتها ، و لم ترجع إليها آخر الدهر، أخر بها و لا تعمر، فإنك لم تؤمر بعمارتها ، و اعلم أنك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي اللّه - عز و جل - عن أربع : شبابك فيما أبليته ، و عمرك فيما أفنيته ، و مالك مما اكتسبته.

وفيما أنفقته ، فتأهب لذلك ، و أعد له جوابا ، و لا تأس على ما فاتك من الدنيا  فإن قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه ، و كثيرها لا يؤمن بلاؤه ، فخذ حذرك و جد في أمرك ، و اكشف الغطاء عن وجهك ، و تعرض لمعروف ربك ، و جدد التوبة في قلبك ، واكمش في فراغك قبل أن يقصد قصدك ، و يقضى قضاؤك ، و يحال بينك و بين ما تريد».

وقال بعض الحكماء : «الدنيا دار خراب ، و أخرب منها قلب من يعمرها  و الجنة دار عمران وأعمر منها قلب من يعمرها» , و قال بعضهم : «الدنيا لمن تركها ، و الآخرة لمن طلبها».

وقال بعضهم : «إنك لن تصبح في شي‏ء من الدنيا إلا و قد كان له أهل قبلك ، و يكون له أهل بعدك ، و ليس لك من الدنيا إلا عشاء ليلة و غداء يوم ، فلا تهلك نفسك في أكلة ، و صم الدنيا  وأفطر على الآخرة ، فإن رأس مال الدنيا الهوى ، و ربحها النار».

وقال بعض أكابر الزهاد : «الدنيا تخلق الأبدان و تجدد الآمال ، و تقرب المنية ، و تبعد الأمنية و من ظفر بها تعب ، و من فاتته نصب» ، و قال بعضهم : «ما في الدنيا شي‏ء يسرك إلا و قد التزق‏ به شي‏ء يسؤوك».

و قال آخر: «لا تخرج نفس ابن آدم من الدنيا إلا بحسرات ثلاث : إنه لم يشبع مما جمع ، و لم يدرك ما أمل ، و لم يحسن الزاد لما قدم عليه» و قال حكيم : كانت الدنيا و لم أكن فيها ، و تذهب و لا أكون فيها ، فكيف أسكن إليها؟ فإن عيشها نكد ، و صفوها كدر، و أهلها منها على وجل ، إما بنعمة زائلة ، أو بلية نازلة ، أو منية قاضية».

وقال بعض العرفاء : «الدنيا حانوت الشيطان ، فلا تسرق من حانوته شيئا ، فيجي‏ء في طلبك و يأخذك».

وقال بعضهم : «لو كانت الدنيا من ذهب يفنى و الآخرة من خزف يبقى ، لكان ينبغي أن يختار العاقل خزفا يبقى على ذهب يفنى ، فكيف و الآخرة ذهب يبقى و الدنيا أدون من خزف يفنى؟»

وقد ورد : «أن العبد إذا كان معظما للدنيا ، يوقف يوم القيامة ، و يقال : هذا عظم ما حقره اللّه».

وروى : «أنه لما بعث النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) أتت إبليس جنوده ، فقالوا : قد بعث نبي و أخرجت أمة ، قال : يحبون الدنيا؟ , قالوا : نعم! قال : إن كانوا يحبونها ما أبالي ألا يعبدوا الأوثان ، و أنا أغدو عليهم و أروح بثلاثة : أخذ المال من غير حقه ، وإنفاقه في غير حقه ، و إمساكه عن حقه ، و الشر كله لهذا تبع».

وروى : «أنه أوحى اللّه تعالى إلى بعض أنبيائه احذر مقتك ، فتسقط من عيني ، فاصب عليك الدنيا صبا».

وقال بعض الصحابة : «ما أصبح أحد من الناس في الدنيا إلا و هو ضيف ، و ما له عارية  فالضيف مرتحل ، و العارية مردودة».

وقال بعضهم : «إن اللّه جعل الدنيا ثلاثة أجزاء : جزء للمؤمن ، و جزء للمنافق ، و جزء للكافر.

فالمؤمن يتزود ، و المنافق يتزين ، و الكافر يتمتع».

 وقيل : «من أقبل على الدنيا أحرقته نيرانها حتى يصير رمادا ، و من أقبل على الآخرة صفته نيرانها فصار سبيكة ذهب ينتفع بها ، و من أقبل على اللّه سبحانه ، أحرقته‏ نيران التوحيد  فصار جوهرا لا حد لقيمته».

وقيل أيضا : «العقلاء ثلاثة : من ترك الدنيا قبل أن تتركه ، و بني قبره قبل أن يدخله و أرضى خالقه قبل أن يلقاه».

و سأل بعض الأمراء رجلا بلغ عمره مائتي سنة عن الدنيا ، فقال : «سنيات بلاء و سنيات رخاء ، يوم فيوم ، و ليلة فليلة ، يولد ولد ، و يهلك هالك ، فلو لا المولود باد الخلق ، ولو لا الهالك لضاقت الدنيا بمن فيها» ، فقال له الأمير: سل ما شئت ، قال : «أريد منك أن ترد علي ما مضى من عمري ، و تدفع عني ما حضر من أجلي» ، قال : لا أملك ذلك ، قال : «فلا حاجة لي إليك».

والأخبار و الآثار في ذم الدنيا و حبها ، و في سرعة زوالها وعدم الاعتبار بها ، و في هلاك من يطلبها و يرغب إليها ، و في ضديتها للآخرة ، أكثر من أن تحصى.

وما ورد في ذلك من كلام أئمتنا الراشدين ، (لا) سيما عن مولانا أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهم أجمعين إلى يوم الدين) فيه بلاغ لقوم زاهدين.

ومن تأمل في خطب علي (عليه السّلام) و مواعظه كما في نهج البلاغة و غيره - يظهر له خساسة الدنيا و رذالتها , و قضية السؤال و الجواب بين روح الأمين و نوح في كيفية سرعة زوال الدنيا مشهورة ، و حكاية مرور روح اللّه على قرية هلك أهلها من حب الدنيا معروفة  و لعظم آفة الدنيا و حقارتها و مهانتها عند اللّه ، لم يرضها لأحد من أوليائه و حذرهم عن غوائلها  فتزهدوا فيها و أكلوا منها قصدا ، و قدموا فضلا أخذوا منها ما يكفي ، و تركوا ما يلهي ، لبسوا من الثياب ما ستر العورة ، و أكلوا من الطعام ما سد الجوع ، نظروا إلى الدنيا بعين أنها فانية  وإلى الآخرة أنها باقية ، فتزودوا منها كزاد الراكب ، فخربوا الدنيا و عمروا بها الآخرة ، و نظروا إلى الآخرة بقلوبهم فعلموا أنهم سينظرون إليها بأعينهم فارتحلوا إليها بقلوبهم لما علموا أنهم سيرتحلون إليها بأبدانهم صبروا قليلا و نعموا طويلا.




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.