أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-9-2016
4079
التاريخ: 24-9-2016
2223
التاريخ: 24-9-2016
1238
التاريخ: 24-9-2016
1237
|
يختلف العراق عن باقي اقاليم الشرق الادنى القديم الي نشأت فيه الحضارات الاصلية ، بأنه كان مهدا لنشوء جماعات بشرية ودويلات متعددة ذات اكتفاء ذاتي ولا سيما من الناحية الاقتصادية . ولعل ذلك الوضع كان من الاسباب التي أخرت قيام الوحدة السياسية في بلاد العراق في الوقت الذي كانت فيه مصر القديمة اسبق الى تلك الوحدة السياسية . ومهما كان الحال فقد ظهرت بعض العوامل التي عملت على توحيد دول المدن السومرية في مملكة واحدة.
ان دراسة تلك العوامل يتطلب القاء بعض الضوء على جغرافية العراق القديم . وفي الاستطاعة القول بأن العراق القديم كان يمتد من هضبة ارمينيا شمالا وحتى الخليج الفارسي جنوبا . ومن الفرات غربا الى ما وراء نهر دجلة شرقاً . ومن الناحية الجغرافية ، يمكن تقسيم العراق الى اقليمين متميزين :
أولاً : الاقليم الجنوبي: وهو حديث التكوين نسبيا ، ولم يكن موجوداً قبل الالف الخامس ، حيث كان جزءاً من الخليج الفارسي اثناء العصر الجليدي . وقد تكون هذا الاقليم من تراكم الرواسب التي كانت تحملها مياه نهري دجلة والفرات بمرور الوقت حتى ارتفعت وحسرت المياه عنها . وقد ادى ذلك الى تكوين منطقة تكاد تكون منبسطة ومتسعة شمالا وجنوبا. كما يحدها من الشرق الهضبة الايرانية ، ومن الغرب صحراء العرب ، ومن الشمال الاقليم الشمالي من بلاد العراق . وقد استقر في هذا الاقليم السومريون والاكديون في الالف الثالث ق . م . ولم تكن هناك حدود واضحة بين سومر sumer واكد Akkad ، وان كان المفهوم ان سومر تعني الاقليم الجنوبي من بلاد العراق القديم ، الذي ظهرت فيه مجموعة المدن السومرية مثل اريدو Eridou (أبو شهرين) وأوما umma (تل جوخة) ولارسة Larsa (السنكرة) وارك Eridon أو الوركاء ، واور Ur (المقير) ولجش Lagash (تللو) Tello وكذلك مدينة ايسين Isin .
وعلى ذلك ففي الامكان القول بان بلاد سومر كانت تقع في الوادي الاسفل لنهري دجلة والفرات ، وتحدها الصحراء الغربية غربا والخليج الفارسي جنوباً .
اما بلاد اكد فكانت تقع الى الشمال من بلاد سومر . واشهر مدنها اكد وبعض المدن السومرية التي استولى عليها الاكديون مثل اوبس Opis وهي تقع الى الشمال من مدينة اكد . وسيبار , وكيش . أما نيبور ، فكانت تقع بين مجموعتي المدن السومرية والأكدية ، وان كانت اقرب الى الجنوب ، وكانت تحتل موقعا هاما كمركز ديني. ومما تجدر ملاحظته ان مدن سومر واكد كانت تقع على ضفاف نهر الفرات او احد روافده ، وليست على ضفاف دجلة ، ما عدا مدينة اوبس . وربما كان ذلك بسبب اندفاع المياه في نهر دجلة وضفافه العالية ، مما أدى الى صعوبة مشاريع الري على مياهه بعكس نهر الفرات ، حيث ان ضفاف الاخير كانت منخفضة. وكان جريان الماء فيها بطيئا نسبيا مما سهل وصول مياهه الى الاراضي المحيطة به. وحوالي 1880ق. م، اتحدت سومر واكد تحت تاج واحد ، وسميت باسم بلاد بابل (1) . وتقع العاصمة بابل على الضفة الغربية للفرات .
ثانياً : الاقليم الشمالي: ويتكون من الوديان التي تحيط بنهري دجلة والفرات وفروعهما . ويحيط بالإقليم الشمالي من الناحية الغربية ، سلسلة جبال الطوال التي تمتد من بلاد الاناضول حتى تصل الى الخليج الفارسي . ومن ناحية الشرق ، تقع سلسلة جبال زاجروس . ونهر الفرات أطول من نهر دجلة ، واكثر تعرجا . ويوجد للفرات فرعان عند منبعه من جبال أرمينيا في آسيا الصغرى ، يتصلان ببعضها ، ثم يتجه النهر بعد ذلك الى الجنوب الغربي ، حتى يصبح قريبا من ساحل البحر الابيض المتوسط بالقرب من قرقميش ، ثم يتجه الى الجنوب الشرقي حتى شمال سورية ، حيث يتصل به عند ضفته اليسرى رافدان ، هما البالخ والخابور ، وكلا الرافدين ينبعان أيضاً من تلال آسيا الصغرى . ثم يمتد النهر بعد ذلك ، حتى يلتقي بنهر دجلة . ونهر دجلة يختلف عن الفرات من حيث كثرة الروافد التي تتصل به على طول مجراه. واهم تلك الروافد ، هي الزاب الاعلى الذي يصب في نهر دجلة ، جنوب نينوى (التي تقع على الضفة الشرقية من هذا النهر ، وتقابل مدينة الموصل حاليا) ثم نهر ديالى الذي يتصل بدجلة جنوبي بغداد ، ويكون مع دجلة مثلثا من الاراضي الخصبة ، كانت في العصور القديمة موطنا لمملكة أشنونا ، والتي كانت عاصمتها مكان تل اسمر الحالية . وهناك كذلك روافد اخرى كثيرة .
ويعرف الاقليم الواقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة باسم آشور Ashur وكانت عاصمته الاولى تسمى آشور ثم حلت مجلها كالح (2) ، ثم حلت محلها نينوى . وفي شمال شرق نينوى بنى سرجون الثاني في القرن الثامن ق. م . دور شاروكين واتخذها عاصمة له . وفي غرب آشور ، يمتد أقليم سوبارتو حتى الفرات ، وقد شغله الحوريون ، وبعدهم الاراميون .
ويتجه فرانكفورت (3) الى القول بأن طبيعة جغرافية العراق ، كانت تشجع الانفصال . ففي الازمنة المبكرة ، كانت هناك وحدات منفصلة يحيط بكل منها حقول ري وصرف يفصلها عن المجتمع التالي صحراء. ومع الزيادة المطردة في عدد السكان، والتقدم في استخدام المعادن، فقد قصرت المسافات بين المدن. ومن هنا ، بدأ الصراع والحرب بين لجش وأوما . ان طبيعة الارض في العراق ، بالاضافة الى نقص المنظمات السياسية ، جملت من الصعب توحيد شعب العراق .
ويتضح من دراسة المقومات البيئية في العراق القديم ، أنها كانت غير منتظمة بل ومتضاربة ، وان ذلك الاضطراب البيئي قد انعكس على كافة الظواهر الكونية ، سواء الجوية منها او المائية او الارضية. فقد اتخذ ذلك صورا مختلفة كالأعاصير والزوابع والطوفانات وكثرة مواسم الفيضانات .
ولما كان الانسان العراقي القديم يعتمد على الزراعة آنذاك ، فقد اتجه الى بذل الكثير من الجهود في محاولة التحكم في قوى الطبيعة لصالح حياته الزراعية. وكان من نتيجة ذلك أن تأثر فكرة بظاهرة عدم الاستقرار البيئي وعدم الاطمئنان الى نتائجه .
وعلى ذلك يمكن القول بأن الانسان العراقي القديم لم يكن مطمئنا الى بيئته المضطربة ، وان صراعه مع القوى البيئية ، قد اكسبه الكثير من التجارب التي هيأت له بداية الحصول على تفسير لتلك الظواهر ، من حيث طبيعتها ، وغايتها ومحاولة ربط ذلك بفكرة السياسي . وبالتالي عدم رفع مستوى غالبية حكامه الى مرتبة التالية وايمانه بأن الملك لم يكن سوى بشر . مفوض من قبل الالهة ليحكم بالنيابة عنها . وعلى ذلك ففي الاستطاعة الاشارة الى أن تقلب البيئة العراقية واضطراب ظواهرها المختلفة ، مع ما ترتب عليها من اخطار واجهت الانسان العراقي القديم ، دفعته الى محاولة البحث عن الوسائل المختلفة للتخفيف من حدة تلك البيئة المضطربة . ومن ثم فقد لجأ الى البحث عن القوى الكونية التي اعتقد انها تتحكم في عالمه الدنيوي ، ثم حاول ان يربط بين هذه القوى الكونية وبين نظام حياته . فاتجه الى الاعتقاد في وجود تنظيم جماعي لكافة هذه القوى الالهية تشبه صورة الجمعيات العمومية الانسانية في حكومات المدن . وعندما نشأ نظام الملكية العراقية ، أمن الانسان العراقي القديم بأن هذا النظام يسير على نفس نظام الملكية بين الآلهة . ولقد هدف الانسان السومري من وراء اتباع هذا النهج الانساني للقوى الالهية ، الى تقريب الصورة الالهية من وجهة النظر الانسانية ، حتى يستطيع الانسان السومري العادي ، الاعتقاد فيها دون صعوبة .
وعلى ذلك يمكن القول بأن المقومات الجغرافية لبلاد العراق ، قد اسهمت كذلك في تشكيل النظم السياسية العراقية القديمة ، مما ادى الى عدم تمكين الانسان السومري من الوصول الى تحقيق الوحدة السياسية في المراحل المبكرة لتاريخ استقرار الانسان في تلك المنطقة . وقد نتج عن ذلك قيام نظام دويلات المدن ، ذلك النظام السياسي الذي ارتبط ارتباطا وثيقا بنشأة نظام الملكية العراقية الانسانية .
________
(1) الاسم السامي القديم باب ايلي Bab-ili (بوابة الالهة) .
King, L.W., A History of Babylon from the Foundation of the Persian Conquest, London 1915, P. 14.
(2). نمرود حاليا على مجرى الزاب الاعلى .
(3). Frankfort, H., Kingship and the Gods, A Study of Ancient Near Eastern Religion as the Integration of Society and Nature Chicago 1969, p. 217.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|