أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-08-2015
714
التاريخ: 24-10-2014
835
التاريخ: 2-07-2015
1009
التاريخ: 24-10-2014
842
|
والدليل النقليّ على هذا المطلب أيضا كثير ، كقوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [الأنفال: 75] وقوله تعالى : {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} [سبأ: 3] وقوله تعالى : {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255] وقوله تعالى : {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59] وقوله تعالى : {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} [الأعلى: 7] ونحو ذلك.
وعن أبي عبد الله عليه السلام هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله عزّ وجلّ؟ قال : « لا ، بل كان في علمه قبل أن ينشئ السماوات والأرض ». (1)
وعن الرضا عليه السلام أنّه قال : « ... فلم يزل الله ـ عزّ وجلّ ـ علمه سابقا للأشياء قديما قبل أن يخلقها ... خلق الأشياء وعلمه بها سابق لها كما شاء » (2).
وعن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهم السلام أنّه قال : « إنّ لله علما خاصّا وعلما عامّا ، فأمّا العلم الخاصّ فالعلم الذي لم يطلع عليه ملائكته المقرّبين وأنبياءه المرسلين. وأمّا علمه العامّ فإنّه علمه الذي أطلع عليه ملائكته المقرّبين وأنبياءه المرسلين. وقد وقع إلينا عن رسول الله صلى الله عليه وآله » (3).
وعن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال : « إنّ لله لعلما لا يعلمه غيره ، وعلما يعلمه ملائكته المقرّبون وأنبياؤه المرسلون ، ونحن نعلمه ». (4)
وعنه عليه السلام أنّه قال في العلم : « هو كيدك (5) منه » (6).
وعن الرضا عليه السلام أنّه قال بعد السؤال عن علمه تعالى قبل الأشياء : « إنّ الله هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء » (7).
وعن الصادق عليه السلام أنّه قال بعد سؤال الزنديق : « هو سميع بصير ، سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة ، بل يسمع بنفسه ، ويبصر بنفسه ، وليس قولي : إنّه سميع بنفسه أنّه شيء والنفس شيء آخر ، ولكنّي أردت عبارة عن نفسي ؛ إذ كنت مسئولا ، وإفهامك ؛ إذ كنت سائلا، فأقول : يسمع بكلّه ، لا أنّ له بعضا لأنّ الكلّ لنا بعض ، ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي، وليس مرجعي في ذلك كلّه إلاّ أنّه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف معنى » (8) إلى غير ذلك من الأخبار ، كما سيأتي الإشارة إليها إن شاء الله تعالى.
وبالجملة ، فإلى بعض ما ذكرنا أشار المصنّف ; بقوله : ( والإحكام ، والتجرّد ، واستناد كلّ شيء إليه دلائل العلم ، والأخير عامّ ) فقد نظمت ذلك بقولي :
كلّ من الإحكام والتجرّد ثمّ استناد الكلّ بالتعدّد
دليل علم أكمل العلوم وذلك الأخير ذو العموم
بمعنى أنّ الله تعالى فعل الأفعال المحكمة المتقنة في العالم ، وكلّ من كان كذلك فهو عالم.
أمّا الصغرى ، فبالحسّ والعيان ؛ لظهور آثار الحكمة والإتقان في العالم العلويّ والسفليّ من البسيط والمركّب الجماديّ والنباتيّ والحيوانيّ والأنفس والآفاق المشتملة على لطائف الصنع وبدائع الترتيب والمصالح والمنافع كما يطّلع عليه أهل علم الهيئة والتشريح ، بل يحكى عن أهل علم التشريح أنّهم وجدوا اثني عشر ألفا من الخواصّ في بدن الإنسان. إلى غير ذلك من الحكم كما يشير إليه ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال :
وتزعم أنّك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر(9)
وأمّا الكبرى فبالضرورة العقليّة ؛ لاستحالة وقوع المحكم المتقن من غير العالم.
وأنّ الله تعالى مجرّد ، وكلّ مجرّد عالم بذاته وبغيره.
أمّا الصغرى فلوجوب الوجوب المنافي للاحتياج الذي هو من لوازم عدم التجرّد.
وأمّا الكبرى فلأنّ التجرّد مستلزم لصحّة المعقوليّة والعاقليّة ؛ لإمكان المقارنة بحصوله معقولا أو عاقلا للآخر كما تقدّم.
وأنّ الله تعالى واجب وما سواه ممكن ، وكلّ ممكن مستند إلى الواجب تعالى بلا واسطة أو بواسطة.
والله تعالى عالم بذاته بالعلم التّام ـ بمعنى حضور ذاته عنده وعدم غيبوبة ذاته عن ذاته ـ وذاته علّة تامّة لجميع ما سواه ، والعلم التامّ بالسبب التامّ سبب تامّ للعلم التامّ بالمعلول العامّ من الكلّيّ والجزئيّ وأحوالهما وكيفيّاتهما وكمّيّاتهما ونحو ذلك من الموجودات الخارجيّة والذهنيّة ، فلا يعزب عنه شيء من الممكنات ، بل الممتنعات.
وهذا معنى قوله : « والأخير عامّ » بمعنى أنّه يقتضي العلم بالكلّيّات والجزئيّات المجرّدة والمادّيّات.
وقال الفاضل اللاهيجيّ ; (10) : « أشار بقوله : والإحكام ، والتجرّد ، واستناد كلّ شيء إليه دلائل العلم. إلى دليلين مشهورين :
أوّلهما : في المشهور للمتكلّمين وهو يدلّ على ثبوت علمه تعالى بأفعاله أوّلا ، وبواسطته على ثبوت علمه بذاته. وإنّما قلنا : في المشهور ؛ لأنّ الحكماء أيضا يستدلّون به كما ستعلم.
وثانيهما : للحكماء وهو بالعكس من الأوّل ، أعني أنّه يدلّ على ثبوت علمه بذاته أوّلا ، وبواسطته على ثبوت علمه بمعلولاته.
أمّا الأوّل : فتقريره أنّ أفعاله تعالى محكمة متقنة ، وكلّ من كان فعله محكما متقنا ، فهو عالم.
أمّا الكبرى فبديهيّة بعد الاستقراء والاختبار ؛ فإنّ من رأى خطوطا مليحة أو سمع ألفاظا فصيحة تنبئ عن معان دقيقة وأغراض صحيحة ، لم يشكّ في أنّها صادرة عن علم ورويّة لا محالة.
فإن قيل : كيف يمكن ادّعاء الضرورة في الكبرى وقد أسند جمع من العقلاء الحكماء عجائب خلقة الحيوان وتكوّن تفاصيل الأعضاء إلى قوّة عديمة الشعور سمّوها المصوّرة؟!
قلنا : خفاء الضروري على بعض العقلاء جائز ، على أنّهم لم يجعلوا المصوّرة مستقلّة في ذلك، بل هم معترفون بكونها مسخّرة تحت إرادة صانع خبير ـ جلّت صنعته ـ كما صرّح به الشيخ في مواضع من الشفاء (11) وسائر كتبه (12) ، وقد مرّ في مبحث القوى وفي مبحث إثبات الغايات للطبيعيّات من هذا الكتاب (13) ، هذا.
وأمّا الصغرى فلما في خلق الأفلاك والعناصر وأنواع الحيوان والنبات والمعادن على انتظام واتّساق ومن عجائب الصنع وغرائب التدبير وآثار الإتقان والإحكام بحيث تحار فيها العقول والأفهام ، ولا تفي بتفاصيلها الدفاتر والأقلام ، على ما شهد بذلك علم الهيئة والتشريح ، وعلم الآثار العلوية والسفلية ، وعلم الحيوان والنبات.
وإلى جميع ذلك أشير في قوله تعالى : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 164] فكيف إذا رقي إلى عالم الروحانيّات والمجرّدات النفسيّة والعقليّة مع أنّ الإنسان لم يؤت من العلم إلاّ قليلا ، ولم يجد إلى كثير منه سبيلا.
ناهيك في ذلك قول أفضل البشر بعد سيّدهم في خطبة من خطب نهج البلاغة : « وما الذي نرى من خلقك ، ونعجب له من قدرتك ، ونصفه من عظيم سلطانك ، وما تغيّب عنّا منه ، وقصرت أبصارنا عنه ، وانتهت عقولنا دونه ، وحالت سواتر الغيوب بيننا وبينه أعظم ، فمن فرّغ قلبه ، وأعمل فكره ، ليعلم كيف أقمت عرشك ، وكيف ذرأت خلقك ، وكيف علّقت في الهواء سماواتك، وكيف مددت على مور الماء أرضك ، رجع طرفه حسيرا ، وعقله مبهورا ، وسمعه والها ، وفكره حائرا » (15) هذا.
فإن قيل : إن أريد بالإحكام حسن الصنيعة ، أو مطابقة المنفعة من جميع الوجوه ، فلا نسلّم أنّ المخلوقات كذلك.
أمّا مطابقة المنفعة فلكثرة ما نشاهده في العالم من الآفات.
وأمّا حسن الصنيعة فلأنّا لا ندري أنّ تركيب السماوات والكواكب وأبدان الحيوانات على وجه أحسن ممّا هي عليه الآن ممكن ، أم لا؟ وإن أريد من بعض الوجوه ، فلا نسلّم دلالته على العلم؛ فإنّ فعل النائم والساهي ، بل الجماد قد يستحسن وينفع من بعض الوجوه. وإن أريد شيء آخر ، فلا بدّ من بيانه.
قلت : المراد به حسن الصنيعة ومطابقة المنفعة غالبا وعلى سبيل الكثرة دون الندرة ، وما نحن بصدده كذلك ؛ إذ لا ريب في أنّ ترتيب السماوات والعناصر والكواكب سيّما الشمس والقمر ، وسيرهما في فلكيهما على وجه يقربان تارة ويبعدان أخرى ، فيتعلّق بذلك الحرّ والبرد ورطوبة الهواء ويبوسته وكثرة الأنداء والأمطار وشدّة الحرّ وإنضاج الثمار وتربية النبات وصلاح الأمزجة ترتيب مطابق للمنفعة ، مستحسن الصنعة غالبا.
وكذلك القول في أعضاء الحيوان وما ذكره الأطبّاء فيها وفي مواضعها من الحكم اللطيفة ، فإذا عنى بالإحكام مجموع الأمور الثلاثة ، فلا يرد فعل الساهي والنائم ؛ لكونه نادرا جدّا.
وكذلك الحركات الصادرة عن الجمادات إمّا أن لا تكون كثيرة ، أو لا تكون مستحسنة ، وإن كانت مستحسنة لم تكن مطابقة للمنفعة. كذا في « نقد المحصّل ». (16)
_________________
(1) « التوحيد » : 135 باب العلم ، ح 6.
(2) نفس المصدر : 137 ، ح 8.
(3) نفس المصدر : 138 ، ح 14.
(4) نفس المصدر ، ح 15.
(5) بمعنى أنّ العلم كمال له تعالى كما أنّ يدك كمال لك. ( منه ; ).
(6) في المصدر : « وهو كيدك منك ».
(7) « التوحيد » : 136 باب العلم.
(8) « الكافي » 1 : 83 باب إطلاق القول بأنّه شيء ، ح 6 و: 109 باب آخر وهو من الباب الأوّل ، ح 2 ؛ « التوحيد » : 142 ـ 145 باب صفات الذات وصفات الأفعال ، ح 10.
(9) الديوان المنسوب للإمام عليّ 7 : 178.
(10) « شوارق الإلهام » 509.
(11) « الشفاء » الطبيعيّات 1 : 48 وما بعدها ، والإلهيّات : 283 ، الفصل الخامس من المقالة السادسة.
(12) « شرح الإشارات والتنبيهات » 2 : 227 ـ 229 و 3 : 15 و 361.
(13) أي « شوارق الإلهام » : 240 ـ 251.
(15) « نهج البلاغة » 295 ، الخطبة (160).
(16) « نقد المحصّل » : 279 ـ 280.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|