1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

التوحيد

النظر و المعرفة

اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته

صفات الله تعالى

الصفات الثبوتية

القدرة و الاختيار

العلم و الحكمة

الحياة و الادراك

الارادة

السمع و البصر

التكلم و الصدق

الأزلية و الأبدية

الصفات الجلالية ( السلبية )

الصفات - مواضيع عامة

معنى التوحيد و مراتبه

العدل

البداء

التكليف

الجبر و التفويض

الحسن و القبح

القضاء و القدر

اللطف الالهي

مواضيع عامة

النبوة

اثبات النبوة

الانبياء

العصمة

الغرض من بعثة الانبياء

المعجزة

صفات النبي

النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

الامامة

الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها

صفات الأئمة وفضائلهم

العصمة

امامة الامام علي عليه السلام

إمامة الأئمة الأثني عشر

الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف

الرجعة

المعاد

تعريف المعاد و الدليل عليه

المعاد الجسماني

الموت و القبر و البرزخ

القيامة

الثواب و العقاب

الجنة و النار

الشفاعة

التوبة

فرق و أديان

علم الملل و النحل ومصنفاته

علل تكون الفرق و المذاهب

الفرق بين الفرق

الشيعة الاثنا عشرية

أهل السنة و الجماعة

أهل الحديث و الحشوية

الخوارج

المعتزلة

الزيدية

الاشاعرة

الاسماعيلية

الاباضية

القدرية

المرجئة

الماتريدية

الظاهرية

الجبرية

المفوضة

المجسمة

الجهمية

الصوفية

الكرامية

الغلو

الدروز

القاديانيّة

الشيخية

النصيرية

الحنابلة

السلفية

الوهابية

شبهات و ردود

التوحيـــــــد

العـــــــدل

النبـــــــوة

الامامـــــــة

المعـــاد

القرآن الكريم

الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)

الزهراء (عليها السلام)

الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء

الامام المهدي (عليه السلام)

إمامة الائمـــــــة الاثني عشر

العصمـــــــة

الغلـــــــو

التقية

الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة

الاسلام والمسلمين

الشيعة والتشيع

اديان و مذاهب و فرق

الصحابة

ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم

نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)

البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين

التبرك و الزيارة و البناء على القبور

الفقه

سيرة و تاريخ

مواضيع عامة

مقالات عقائدية

مصطلحات عقائدية

أسئلة وأجوبة عقائدية

التوحيد

اثبات الصانع ونفي الشريك عنه

اسماء وصفات الباري تعالى

التجسيم والتشبيه

النظر والمعرفة

رؤية الله تعالى

مواضيع عامة

النبوة والأنبياء

الإمامة

العدل الإلهي

المعاد

القرآن الكريم

القرآن

آيات القرآن العقائدية

تحريف القرآن

النبي محمد صلى الله عليه وآله

فاطمة الزهراء عليها السلام

الاسلام والمسلمين

الصحابة

الأئمة الإثنا عشر

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

أدلة إمامة إمير المؤمنين

الإمام الحسن عليه السلام

الإمام الحسين عليه السلام

الإمام السجاد عليه السلام

الإمام الباقر عليه السلام

الإمام الصادق عليه السلام

الإمام الكاظم عليه السلام

الإمام الرضا عليه السلام

الإمام الجواد عليه السلام

الإمام الهادي عليه السلام

الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عليه السلام

إمامة الأئمة الإثنا عشر

الشيعة والتشيع

العصمة

الموالات والتبري واللعن

أهل البيت عليهم السلام

علم المعصوم

أديان وفرق ومذاهب

الإسماعيلية

الأصولية والاخبارية والشيخية

الخوارج والأباضية

السبئية وعبد الله بن سبأ

الصوفية والتصوف

العلويين

الغلاة

النواصب

الفرقة الناجية

المعتزلة والاشاعرة

الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب

أهل السنة

أهل الكتاب

زيد بن علي والزيدية

مواضيع عامة

البكاء والعزاء وإحياء المناسبات

احاديث وروايات

حديث اثنا عشر خليفة

حديث الغدير

حديث الثقلين

حديث الدار

حديث السفينة

حديث المنزلة

حديث المؤاخاة

حديث رد الشمس

حديث مدينة العلم

حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه

احاديث متنوعة

التوسل والاستغاثة بالاولياء

الجبر والاختيار والقضاء والقدر

الجنة والنار

الخلق والخليقة

الدعاء والذكر والاستخارة

الذنب والابتلاء والتوبة

الشفاعة

الفقه

القبور

المرأة

الملائكة

أولياء وخلفاء وشخصيات

أبو الفضل العباس عليه السلام

زينب الكبرى عليها السلام

مريم عليها السلام

ابو طالب

ابن عباس

المختار الثقفي

ابن تيمية

أبو هريرة

أبو بكر

عثمان بن عفان

عمر بن الخطاب

محمد بن الحنفية

خالد بن الوليد

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

عمر بن عبد العزيز

شخصيات متفرقة

زوجات النبي صلى الله عليه وآله

زيارة المعصوم

سيرة وتاريخ

علم الحديث والرجال

كتب ومؤلفات

مفاهيم ومصطلحات

اسئلة عامة

أصول الدين وفروعه

الاسراء والمعراج

الرجعة

الحوزة العلمية

الولاية التكوينية والتشريعية

تزويج عمر من ام كلثوم

الشيطان

فتوحات وثورات وغزوات

عالم الذر

البدعة

التقية

البيعة

رزية يوم الخميس

نهج البلاغة

مواضيع مختلفة

الحوار العقائدي

* التوحيد

* العدل

* النبوة

* الإمامة

* المعاد

* الرجعة

* القرآن الكريم

* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

* فضائل النبي وآله

* الإمام علي (عليه السلام)

* فاطمة الزهراء (عليها السلام)

* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء

* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)

* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم

* العـصمة

* التقيــة

* الملائكة

* الأولياء والصالحين

* فرق وأديان

* الشيعة والتشيع

* التوسل وبناء القبور وزيارتها

* العلم والعلماء

* سيرة وتاريخ

* أحاديث وروايات

* طُرف الحوارات

* آداب وأخلاق

* الفقه والأصول والشرائع

* مواضيع عامة

العقائد الاسلامية : التوحيد : صفات الله تعالى : الصفات الثبوتية : العلم و الحكمة :

العلم التفصيلي عند الحكماء

المؤلف:  محمّد آصف المحسني

المصدر:  صراط الحق في المعارف الإسلامية والأُصول الاعتقادية

الجزء والصفحة:  ج1- ص172-177

24-10-2014

1207

معلومية الشيء إمّا بمجرّد حضور ذاته وعدم غيبتها ، أو بتوسّط صورته ، والأَوّل هو العلم الحضوري ، والثاني هو العلم الحصولي ، وكلا العلمينِ فينا متحقّق ، فإنّا نعلم ذاتنا بنفس ذاتنا ، والصور المرتسمة في أذهاننا بنفس تلك الصور ، ونعلم الأشياء الخارجية بصورها وهذا واضح ، وإنّما الكلام في العلم التفصيلي الثابت للواجب تعالى ، وأنّه حصولي أو حضوري ؟

فيه خلاف شديد ، فذهب أرسطو وغيره وتوابع المشّائين ـ منهم الشيخان : أبو النصر الفارابي وابن سينا ، وتلميذه بهمنيار وكثير من المتأخرين ـ إلى الأَوّل وتخيّل ارتسام صور الممكنات في ذاته تعالى وحصولها فيها ، وسلك السهروردي ( بل في الأسفار : وحكم بصحة هذه الطريقة كل مَن أتى بعده ) الثاني وأنّ الأشياء ـ سواء كانت مجرّدات أو مادّيات ، مركّبات أو بسائط ـ بوجوداتها الخارجية مناط علمه تعالى وعالميته بها ، قال في الأسفار : فعلمه تعالى عنده ـ الشيخ الإشراقي ـ محض إضافة إشراقية ، فواجب الوجود مستغنٍ في علمه تعالى بالأشياء عن الصور ، وله الإشراق والتسلّط المطلق ، فلا يحجبه شيء عن شيء ، وعلمه وبصره واحد ؛ إذ علمه يرجع إلى بصره ، لا أنّ بصره يرجع إلى علمه كما في غير هذه القاعدة ... إلخ .

وأمّا المحقّق الطوسي فلم يوافق السهروردي كلّياً ، فإنّه ـ أي السهروردي ـ أجرى هذه القاعدة في الأجسام والجسمانيات كلّها ، وإنّ حضور ذواتها كافٍ في أن تعلم بالإضافة الاشراقية ، والمحقّق المذكور لم يكتفِ بذلك ، بل جعل مناط علمه بالأجسام والجسمانيات ارتسام صورهما في المبادئ العقلية والنفسية ، فالقاعدة عنده مختصّة بتلك المبادئ ، كما في الأسفار ، لكن السبزواري جعل القولين واحداً فلاحظ .

وكيف ما كان ، فبيان هذا القول نأخذه من عبارة المحقّق الطوسي ، في محكي شرح رسالة العلم (1) قال قدّس سره : والحق أنّه ليس من شرط كلّ إدراك أن يكون بصورة ذهنية ؛ وذلك لأنّ ذات العاقل إنّما يعقل نفسه بعين صورته التي بها هي هي ، وأيضاً المدرِك للصورة الذهنية إنّما يدركها بعين تلك الصورة لا بصورة أُخرى ، وإلاّ لتسلسل (2)، ولزم مع ذلك أن يجمع في محلّ واحد صوراً متساوية في الماهية مختلفة بالعدد فقط ، وذلك محال ، فإذن ، إنّما يحتاج في الإدراك إلى صورة المدرَك ، أمّا الاحتياج إلى صورة ذهنية فقد يكون لكون المدرَك غير حاضر عند المدرِك ، وعدم الحضور يكون إمّا لكون المدرَك غير موجود أصلاً ، أو لكونه غير موجود عند المدرِك ، أي يكون بحيث لا يصل إليه الإدراك البتة ؛ وذلك إنّما يكون بسبب شيء من الموانع العائدة ، إمّا إلى المدرِك نفسه، أو آلة الإدراك أو إليهما جميعاً .

ثمّ قال : وإدراك الأَوّل تعالى إمّا لذاته فيكون بعين ذاته لا غير ، ويتّحد هناك المدرَك والمدرِك والإدراك ولا يتعدّد إلاّ بالاعتبارات التي تستعملها العقول ؛ وإمّا لمعلولاته القريبة ، فيكون بأعيان ذوات تلك المعلومات ؛ إذ لا يتصور هناك عدم حضور بالمعاني المذكورة أصلاً ، ويتّحد هناك المدركات والإدراكات ولا يتعدّدان إلاّ بالاعتبار ويغايرهما المدرك ، وإمّا لمعلولاته البعيدة كالماديات والمعدومات التي من شأنها إمكان أن يوجد في وقت ، أو أن يتعلّق بموجود ، فيكون بارتسام صورها المعقولة في المعلولات القريبة ، التي هي المدركات لها أَوّلاً وبالذات ، وكذلك إلى أن ينتهي إلى إدراك المحسوسات بارتسامها في آلات مدرِكيها ؛ وذلك لأنّ الموجود في الحاضر حاضر ، والمدرِك للحاضر يدرك لِما يحضر معه ، فإذن لا يعزب عن علمه مثقال ذرة ، في الأرض ، ولا في السماء ، ولا أصغر ، منها ولا أكبر ، فيكون ذوات معلولاته مرتسمة بجميع الصور ؛ وهي التي يعبّر عنها تارة بالكتاب المبين ، وتارة باللوح المحفوظ ويسمّيهما الحكماء بالعقول الفعّالة . انتهى .

وقال في شرح الإشارات ـ في ضمن كلامه ـ : ولا تظننّ أنّ كونك محلاً لتلك الصورة شرط في تعقّلك إيّاها ، فإنّك تعقل ذاتك مع أنّك لست محلاً لها ، بل إنّما كان كونك محلاً لتلك الصورة شرطاً في حصول تلك الصورة ، الذي هو شرط في تعقّلك إيّاها ، فإن حصلت تلك الصورة لك بوجه آخر غير الحلول فيك ، حصل التعقّل من غير حلول فيك... إلخ .

أقول : والإنصاف أنّ هذا الظن لم يظهر دفعه ، فالبيان غير وافٍ لإثبات مذهبه ، وبالجملة : إنّ الحصول الذي يكفي في تحقّق العلم على ما هو المسلّم ، إنّما الحصول المتحقّق في ضمن الاتحاد ، كما في علم ذاتنا بذاتنا ، أو القيام كما في قيام الصور بذهننا قياماً حلولياً ، وأمّا كفاية مطلق الحصول على أيّ نحو كان في ذلك ، فممنوع كما ذكره المحقّق اللاهيجي أيضاً (3) .

أقول : وممّا يزيّف هذا لزومه خلو الواجب عن العلم التفصيلي أبداً ؛ إذ الموجودات بأسرها لا تجتمع في زمان ، فهو لا يعلم جميع الأشياء في وقت من الأوقات ، إلاّ أن يلتزم بتحقّق الأشياء أزلاً في مواطنها الحادثة وقد علمت أنّه أيضاً غير ثابت ، هذا مع أنّ فعل الفاعل المختار لابدّ من مسبوقيّته بالعلم ، وقد مرّ أنّ العلم الإجمالي لا يكفي لذلك .

وأمّا ما أورده صاحب الأسفار على هذا القول من الإيرادات الثمانية ، فهو لا يخلو عن كلام ، فإنّه بين ما يتوجه على نفس السهروردي لا على القول نفسه ، وبين ما هو غير وارد ، وبين ما هو غير ظاهر في نفسه ؛ ولذا لم يعتنِ بها السبزواري ، فاختار هذا القول في المنظومة زائداً على ما اختاره من مذهب هذا المورد ، لكن الحقّ بطلان المذهبين معاً كما عرفت ، والله الهادي.

 

نقل ونقد :

استدلّ الشيخ الإشراقي على هذا القول بقاعدة الملازمة حيث قال ـ على ما في الأسفار ـ : إنّ كلّ ما هو كمال مطلق للموجود من حيث هو موجود ، فيجب له ، وإذا تحقّق شيء منه في معلومه فتحقّقه له أَولى ، وكلّ ما هو أَولى فهو واجب له بالضرورة ، وإذا صحّ العلم الإشراقي للنفس ففي الواجب الوجود أَولى ، فيدرك ذاته لا بأمر زائد عليها ، ويدرك ما سواه بمجرّد إضافة الإشراق عليها ... إلخ .

وأمّا المحقّق الطوسي فله دليل آخر ، ومحصّله : أنّ ذاته تعالى علّة لِما سواه ، وعلمه بذاته عين ذاته ، والعلم بالعلّة يستلزم العلم بالمعلول ، وحيث إنّ العلّة ـ أي ذاته تعالى وعلمه بها ـ واحدة ، فالمعلول ـ هو ما عداه والعلم به ـ أيضاً واحد ؛ ضرورة عدم صدور الكثير عن الواحد .

أقول : وهذا أحسن من الوجه الأَوّل كما لا يخفى ، لكنّ الوجهين ضعيفان : أمّا الأَوّل فبعد ما عرفت منافي عموم علمه ، لا يبقى له مجال بالضرورة . وأمّا الثاني ففيه :

أَوّلاً : منع جريان قاعدة استلزام العلم بالعلّة العلم بالمعلول ...

وثانياً : منع قاعدة عدم صدور الكثير عن الواحد ...

وأَمّا القول الأَوّل ـ أعني تفسير علمه التفصيلي بالعلم الحصولي ـ فمجمله : أنّ العلم إمّا فعلي وإمّا انفعالي ، والأَوّل ما يكون سبباً لوجود المعلوم في الخارج ، سواء كان سبباً ناقصاً ـ كعلم البنّاء ، حيث إنّه يصوّر في ذهنه لقوةٍ خيالية صورة البيت ، ثمّ تصير تلك الصورة محرّكةً لأعضائه حتى يوجد البيت في الخارج ، فإنّ علمه هذا يفتقر في إيجاد البيت إلى آلة وزمان خاصّ وشرائط أُخرى ـ أو سبباً تامّاً كعلم الباري بالعالم ، فإنّ مجرّد علمه به كافٍ لوجوده ، فصدور الأشياء عن الباري جلّ اسمه في الخارج بأنّها عُقلت أَوّلاً فصدرت ، وتعقّله تعالى إيّاها ليست بأنّها وجدت أَوّلاً فعقلت ؛ لأنّ صدورها عن عقله لا عقله من صدورها ، فالواجب يعلم ذاته فيفيض صور الأشياء عنه معقولةً ؛ لأنّها من لوازم ذاته ، فعلمه بما سواه من جهة هذه الصور وهي علمه العنائي الموجب للنظام ، وهذه الصور صادرة عنه تعالى مرتسمة في ذاته الواجبة .

واستدلّ له بأنّه تعالى يعلم ذاته وذاته سبب للأشياء ، والعلم بالسبب التامّ للشيء يوجب العلم بذلك الشيء ، فذاته تعلم جميع الأشياء في الأزل ، لكنّ الأشياء كلّها غير موجودة في الأزل بوجود أصيل ، فلو لم تكن موجودةً بوجود علمي لم يتحقّق العلم ضرورة استدعائه المعلوم ، ولا يعقل تعلّقه بالمعدوم الصرف ، فظهر كون الأشياء موجودةً بالوجود العقلي الصوري عند الباري قبل وجودها الخارجي .

ثمّ إنّ هذه الصور إمّا منفصلة عن الباري فيلزم المُثُل الأفلاطونية ، وإمّا بأن تكون أجزاء لذاته فيلزم التركيب في ذاته ، وكلاهما محالان ؛ أو بأن تكون زائدةً على ذاته لكنّها متّصلة بها مرتسمة فيها ، وهو المطلوب .

أقول : قد تقدّم أنّ الله عالم بالأشياء أزلاً بالعلم الذي هو ذاته كما برهنّا عليه ، وأمّا أنّه تعلّق بالصور أو بالذوات الموجودة في مواطنها ، فهذا ممّا لا سبيل لنا إلى تعقّله ... فنقول حينئذٍ : إنّ هذا الدليل مدخول ، فإنّ علمه بالأشياء عين ذاته لا الصور الفائضة عنه ، وأيضاً نُقض بالقدرة الواجبة الأزلية ؛ لأنّها مثل العلم صفةٌ ذات إضافة تتعلّق بالمقدورات ، ولا شك أنّ قدرته تعالى شاملة لجميع الممكنات أزلاً مع عدم وجودها في الأزل ، ولا يمكن دفعه بالصور الأزلية ، فإنّ ذوات الأشياء الخارجية مقدورة بأنفسها كصورها ، فلابدّ من تحقّق نفس هذه الموجودات أزلاً وإلاّ لم يتحقّق القدرة .

وأمّا ما أجاب عنه الحكيم الشيرازي في أسفاره ، بأنّ القدرة وإن سُلّم جريان الدليل فيها، وأنّ حكمها حكم العلم في اقتضاء الطرفين ، لكن لا نسلّم تخلّف الحكم في القدرة ؛ إذ كما في العلم لا يلزم وجود المعلوم بعينه الخارجي ، بل يكفي وجوده بصورته ، فكذلك لا يلزم وجود المقدور بعينه الخارجي بل وجوده بصورته ، وذلك الوجود الصوري كما أنّه معلوم له كذلك مقدور صادر عنه ، فواضح البطلان ؛ لِما صرّح المورد من أنّ المقدور بوجوده الخارجي مقدور ، فحضور صورته لا يكفي لمقدورية ذاته الخارجية ، وهذا واضح جداً . لكن الإنصاف أنّ هذا النقض غير متين ، فإنّ القدرة ـ على ما عرفت منّا تفسيرها ـ لا تقضي وجود المقدور ولو بصورته كما نشاهد ذلك في أنفسنا ، فإنّا قادرون على أُمور غير موجودة خارجاً ، من غير أن تقوم قدرتنا بصور تلك الأُمور .

وأمّا العلم فلابدّ له من شيء يتعلّق به ، سواء كان عيناً خارجياً أو صورةً ذهنية ، فإنّه يستلزم الانكشاف عن العالم ، والمعدوم الصرف لا انكشاف له ، وأمّا ما أورده عليه في الأسفار ، فهو لا يرجع إلى أساس صحيح ، فلاحظ ولا نطوّل المقام بذكره وردّه .

هذا ما يرجع إلى الدليل ، وأمّا الدعوى نفسها فهي مزيّفة من وجوه :

الأَوّل : ما أفاده المحقّق الطوسي قدّس سره في محكي شرح الإشارات ، من أنّ ارتسام الصور الممكنة في ذاته تعالى يوجب تكثّره وهذا باطل ، وأمّا ما أجاب عنه المحقّق الشيرازي في أسفاره ، والمحقّق اللاهيجي في شوارقه و ( گوهر مراد ) ، وصرّح الشيخ ابن سينا نفسه ، بأنّ حصول الكثرة بالترتيب السببي والمسبّبي ، فلا ينثلم بها الوحدة ، كما في الفعل حيث إنّه تعالى يوجد الكثير بالترتيب ، مع أنّه لا يصدر الكثير عن الواحد ، فهو عجيب من هؤلاء الباحثين ، فإنّ الترتيب وإن كان يمنع الكثرة في مسألة الإيجاد ، ولا يصادم القاعدة القائلة بعدم صدور الكثير عن الواحد ، إلاّ أنّه لا يرتبط بالمقام ؛ إذ بعد الالتزام بارتسام الصور المطابقة للأشياء الخارجية في ذاته تعالى ، لابدّ من فرض تكثّر الذات حسب تكثّر الصور ، سواء كان حصولها بالترتيب أو بغير الترتيب ، وهذا قريب من البداهة ، ولمّا كان تجزّي الباري وتركّبه محالاً كان هذا القول أيضاً محالاً .

الثاني : إنّه يلزم كونه تعالى موصوفاً بصفات زائدة على ذاته غير إضافية ولا سلبية، مع أنّه باطل باتّفاق من الإمامية والفلاسفة ، فإنّهم يعتقدون العينية ، وهذا أيضاً ممّا أورده المحقّق الطوسي قدّس سره على هذا المدّعى ، وأنت بعد ما عرفت بطلان العلم الإجمالي المزعوم المتقدّم ، تعلم أنّ جواب هؤلاء المتقدّمين عن هذا الاعتراف لا يرجع إلى محصّل.

الثالث : إنّ هذه الدعوى ترجع عند التحقيق إلى قول الأشاعرة القائلين بزيادة الصفات القديمة القائمة بذاته تعالى ، فيبطله ما يبطلها ، والأُصول المتقدّمة تفسد ما يمكن أن يجاب عن هذا الرجوع .

الرابع : إنّ مدار هذا القول على العلم الفعلي ، وإنّ علم الواجب بذاته يوجب فيضان هذه الصور عنه ... وإنّ علمه تعالى ليس بفعلي بأن يكون علةً لفعله ، ولا بانفعالي بأن يكون صورةً حاصلة من المعلوم ، فإنّ علمه عين ذاته ... والصور لا تكون ذات الواجب الوجود فإنّها مخلوقة له ؛ ولأنّها عَرض فلا يمكن اتّحادها مع الواجب ، فإذن ، عُلم أنّ علمه تابع للأشياء في التعلّق والإضافة ، لا في أصل تحقّقه ، وبالجملة : علمه تعالى ليس بحضوري ، ولا بحصولي ، ولا بفعلي ، ولا بانفعالي ، ولا بإجمالي ، ولا بتفصيلي ، ممّا اصطلحوا عليه .

ثمّ إنّ لصاحب الأسفار وجوهاً من الإيراد على قول المشّائين القائلين بارتسام الصور في ذاته ، لكنّها غير واردة عليهم إلاّ الواحد منها بناءً على أصالة الوجود فراجع .

هذا تمام كلامنا حول الأقوال المهمّة الدائرة على علمه تعالى ، وبيان ما هو الحق في المقام ، والحمد لله ، وقد عرفت إلى هذه الأقاويل نَشَأت من قياس علم الواجب بعلمنا أملاً، ومن عدم الالتفات إلى استحالة فهمنا بحقيقته ، فإنّه تعالى وصفاته الذاتية .

_______________

 (1) الشوارق 2 / 226.

(2) أقول : والتسلسل المذكور ممنوع ؛ لانقطاع السلسلة بانقطاع الالتفات في غيره تعالى .

(3) الشوارق 2 / 228.