أقرأ أيضاً
التاريخ: 26/9/2022
1766
التاريخ: 18-9-2021
1778
التاريخ: 2024-02-21
862
التاريخ: 2023-03-22
2178
|
الصبر منزل من منازل السالكين ، و مقام من مقامات الموحدين.
وبه ينسلك العبد في سلك المقربين ، و يصل إلى جوار رب العالمين , و قد أضاف اللّه أكثر الدرجات و الخيرات إليه ، و ذكره في نيف و سبعين موضعا من القرآن و وصف اللّه الصابرين بأوصاف ، فقال - عز من قائل - : { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة : 24] , وقال : {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} [الأعراف : 137] و قال : {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل : 96] , و قال : {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص : 54] , فما من فصيلة إلا و أجرها بتقدير و حساب إلا الصبر، و لذا قال : {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] , و وعد الصابرين بأنه معهم ، فقال : { وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال : 46].
وعلق النصرة على الصبر، فقال : {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران : 125] , و جمع للصابرين الصلوات و الرحمة و الهدى , فقال : {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة : 157] .
والآيات الواردة في مقام الصبر خارجة عن حد الاستقصاء ، و الاخبار المادحة له أكثر من أن تحصى.
قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): «الصبر نصف الايمان» , و قال (صلى الله عليه واله): «من أقل ما أوتيتم اليقين و عزيمته الصبر، و من أعطى حظه منهما لم يبال ما فاته من قيام الليل و صيام النهار، و لئن تصبروا على مثل ما أنتم عليه أحب الي من ان يوافيني كل امرئ منكم بمثل عمل جميعكم و لكني أخاف أن يفتح عليكم الدنيا بعدي فينكر بعضكم بعضا ، و ينكركم أهل السماء عند ذلك ، فمن صبر و احتسب ظفر بكمال ثوابه» ... ثم قرأ قوله - تعالى-: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل : 96] .
و قال (صلى الله عليه واله) : «الصبر كنز من كنوز الجنة» , و قال (صلى الله عليه واله): «أفضل الاعمال ما أكرهت عليه النفوس» , و لا ريب في ان الصبر مما تكرهه النفوس ، و لذا قيل : «الصبر صبر» , و قال (صلى الله عليه واله) : «فى الصبر على تكرّه خير كثير»
وقال (صلى الله عليه واله) : «الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، و لا جسد لمن لا رأس له ، و لا ايمان لمن لا صبر له» , و سئل (صلى الله عليه واله) عن الايمان ، فقال :
«الصبر و السماحة» , و قال (صلى الله عليه واله) : «ما تجرع عبد قط جرعتين أحب إلى اللّه من جرعة غيظ ردها بحلم و جرعة مصيبة يصبر الرجل لها ، و لا قطرت بقطرة أحب إلى اللّه - تعالى- من قطرة دم اهريقت في سبيل اللّه و قطرة دمع في سواد الليل و هو ساجد و لا يراه إلا اللّه ، و ما خطا عبد خطوتين احب إلى اللّه - تعالى- من خطوة إلى الصلاة الفريضة و خطوة إلى صلة الرحم».
وروي : «أنه - تعالى- أوحى إلى داود (عليه السلام) : يا داود! تخلق بأخلاقي ، و إن من اخلاقي انى انا الصبور».
و روي : «أن المسيح قال للحواريين : إنكم لا تدركون ما تحبون إلا بصبركم على ما تكرهون» .
وقال (صلى الله عليه واله) : «ما من عبد مؤمن أصيب بمصيبة فقال - كما امره اللّه- : إنا للّه و انا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي و اعقبني خيرا منها ، إلا و فعل اللّه ذلك».
وقال (صلى الله عليه واله) : «قال اللّه - عز و جل-: اذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده ، ثم استقبل ذلك بصبر جميل ، استحييت منه ان انصب له ميزانا و انشر له ديوانا» .
وقال (صلى الله عليه واله) : «الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة ، و صبر على الطاعة ، و صبر عن المعصية.
فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب اللّه له ثلاثمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض ، و من صبر على الطاعة كتب اللّه له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش ، و من صبر على المعصية كتب اللّه له تسعمائة درجة ، ما بين الدرجة الى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش».
وقال (صلى الله عليه واله) : «سيأتي على الناس زمان لا ينال الملك فيه إلا بالقتل و التجبر، و لا الغنى إلا بالغصب و البخل ، و لا المحبة إلا باستخراج الدين و اتباع الهوى ، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر و هو يقدر على الغنى ، و صبر على البغضة و هو يقدر على المحبة وصبر على الذل و هو يقدر على العز، آتاه اللّه ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي» .
وقال (صلى الله عليه واله) : «ان اللّه - تعالى- قال لجبرئيل : ما جزاء من سلبت كريمته؟ فقال : سبحانك! لا علم لنا الا ما علمتنا , قال : جزاؤه الخلود في داري ، و النظر إلى وجهي».
وقال (صلى الله عليه واله) لرجل قال له : ذهب مالى و سقم جسمي : «لا خير في عبد لا يذهب ماله و لا يسقم جسمه ، ان اللّه إذا أحب عبدا ابتلاه ، و إذا ابتلاه صبره» , و قال (صلى الله عليه واله) , «إن الرجل ليكون له الدرجة عند اللّه - تعالى- لا يبلغها بعمل حتى يبتلى ببلاء في جسمه فيبلغها بذلك» , و قال (صلى الله عليه واله) : «اذا أراد اللّه بعبد خيرا ، و أراد ان يصافيه ، صب عليه البلاء صبا و ثجه عليه ثجا ، فإذا دعاه ، قالت الملائكة :
صوت معروف ، و إذا دعاه ثانيا ، فقال : يا رب! قال اللّه - تعالى- : لبيك عبدي و سعديك! الا تسألني شيئا إلا اعطيتك ، او رفعت لك ما هو خير، و ادخرت لك عندي ما هو أفضل منه.
فإذا كان يوم القيامة جيء بأهل الاعمال فوزنوا أعمالهم بالميزان ، أهل الصلاة و الصيام و الصدقة و الحج ، ثم يؤتى باهل البلاء ، فلا ينصب لهم ميزان ، و لا ينشر لهم ديوان ، يصب عليهم الأجر صبا كما كان يصب عليهم البلاء صبا ، فيود أهل العافية في الدنيا لو انهم كانت تقرض اجسادهم بالمقاريض لما يرون ما يذهب به أهل البلاء من الثواب ، فذلك قوله - تعالى-: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] .
وقال (صلى الله عليه واله): «إذا رأيتم الرجل يعطيه اللّه ما يحب ، و هو مقيم على معصيته فاعلموا أن ذلك استدراج» , ثم قرأ قوله تعالى : {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام : 44].
يعني : لما تركوا ما أمروا به فتحنا عليهم أبواب الخيرات ، حتى إذا فرحوا بما أوتوا- أي بما أعطوا من الخير- اخذناهم بغتة.
وروى : «أن نبيا من الأنبياء شكى إلى ربه ، فقال : يا رب ، العبد المؤمن يعطيك و يجتنب معاصيك تزوى عنه الدنيا و تعرضه للبلاء ، و يكون العبد الكافر لا يعطيك و يجترى على معاصيك تزوى عنه البلاء و تبسط له الدنيا! فاوحى اللّه - تعالى- اليه : ان العباد الي و البلاء لي ، و كل يسبح بحمدي.
فيكون المؤمن عليه من الذنوب ، فازوى عنه الدنيا و اعرض له البلاء ، فيكون كفارة لذنوبه حتى يلقاني ، فأجزيه بحسناته ، و يكون الكافر له من الحسنات فابسط له في الرزق و ازوى عنه البلاء ، فأجزيه بحسناته في الدنيا حتى يلقاني فأجزيه بسيئاته» .
وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : «قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): قال اللّه- عز و جل- : اني جعلت الدنيا بين عبادي قرضا ، فمن اقرضني منها قرضا اعطيته بكل واحدة منهن عشرا إلى سبعمائة ضعف و ما شئت من ذلك ، و من لم يقرضني منها قرضا فأخذت منه شيئا قسرا ، اعطيته ثلاث خصال لو أعطيت واحدة منهن ملائكتي لرضوا بها مني.
قال : ثم تلا ابو عبد اللّه (عليه السلام) قوله - عز و جل- { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ } [البقرة : 156، 157] ، فهذه واحدة من ثلاث خصال ، (و رحمة) اثنتان ، { وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة : 157] ثلاث.
ثم قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) : هذا لمن أخذ اللّه منه شيئا قسرا» , و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «بني الايمان على اربع دعائم : اليقين ، و الصبر، و الجهاد ، و العدل».
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) «الصبر صبران : صبر عند المصيبة حسن جميل ، و أحسن من ذلك الصبر عند ما حرم اللّه - عز و جل- عليك».
وقال علي (عليه السلام) : «الصبر و حسن الخلق و البر و الحلم من أخلاق الأنبياء» , و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «أيما رجل حبسه السلطان ظلما فمات ، فهو شهيد ، و ان ضربه فمات ، فهو شهيد» .
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «من إجلال اللّه و معرفة حقه ألا تشكو وجعك ، و لا تذكر مصيبتك» , و قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ألا أخبركم بأرجى آية في كتاب اللّه؟ , قالوا: بلى! فقرأ عليهم : {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } [الشورى : 30].
فالمصائب في الدنيا بكسب الأوزار، فإذا عافاه اللّه في الدنيا فاللّه أكرم من ان يعذبه ثانيا ، و ان عفى عنه في الدنيا فاللّه أكرم من ان يعذبه يوم القيامة» , و قال الباقر (عليه السلام): «الجنة محفوفة بالمكاره و الصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة , و جهنم محفوفة باللذات و الشهوات ، فمن أعطى نفسه لذتها و شهوتها دخل النار» , و قال (عليه السلام): «مروة الصبر في حال الفاقة و الحاجة و التعفف و الغنى أكثر من مروة الإعطاء» .
وقال (عليه السلام): «لما حضرت أبي علي بن الحسين (عليهما السلام) الوفاة ، ضمني إلى صدره ، ثم قال : يا بني! أوصيك بما اوصاني به أبي حين حضرته الوفاة ، و بما ذكر ان أباه أوصاه به ، قال : يا بني! اصبر على الحق و ان كان مرا» , و قال الصادق (عليه السلام): «اذا دخل المؤمن قبره ، كانت الصلاة عن يمينه و الزكاة عن يساره ، و البر مطل عليه ، و يتنحى الصبر ناحيته , فإذا دخل عليه لملكان اللذان يليان مساءلته ، قال الصبر للصلاة و الزكاة و البر: دونكم صاحبكم ، فان عجزتم عنه فانا دونه» , و قال (عليه السلام) : «إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس ، فيأتون باب الجنة ، فيضربونه ، فيقال لهم : من انتم؟ فيقولون : نحن أهل الصبر، فيقال لهم : على ما صبرتم؟ , فيقولون : كنا نصبر على طاعة اللّه ونصبر عن معاصي اللّه ، فيقول اللّه - تعالى- : صدقوا! ادخلوهم الجنة , و هو قول اللّه - تعالى- : {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر: 10] , و قال (عليه السلام): «من ابتلى من المؤمنين ببلاء فصبر عليه ، كان له مثل اجر الف شهيد» , و قال (عليه السلام): «إن اللّه - عز و جل- انعم على قوم فلم يشكروا ، فصارت عليهم و بالا ، و ابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة».
وقال (عليه السلام) : «من لا يعد الصبر لنوائب الدهر يعجز» , و قال (عليه السلام) : «إن من صبر صبر قليلا ، و إن من جزع جزع قليلا , ثم قال : عليك بالصبر في جميع أمورك فان اللّه - عز و جل- بعث محمدا (صلى الله عليه واله) فأمره بالصبر و الرفق ، فقال : {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} [المزمل : 10].
وقال أبو الحسن (عليه السلام) لبعض أصحابه : «ان تصبر تغتبط ، والا تصبر يقدر اللّه مقاديره ، راضيا كنت أم كارها» .
والاخبار في فضيلة الصبر على البلاء و عظم ثوابه و أجره أكثر من ان تحصى , و لذلك كان الانقياء و الأكابر محبين طالبين له ، حتى نقل : «ان واحدا منهم دخل على ابن مريض له فقال : يا بني! لئن تكن في ميزاني أحب إلي من ان أكون في ميزانك.
فقال : يا أبه! لئن يكن ما تحب أحب إلى من أن يكون ما أحب» , و قال بعضهم : «ذهبت عيني منذ ثلاثين سنة ، ما علم به أحد».
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|