المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7452 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
صلاة الليل بإشارات القرآنية
2024-04-18
الائمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
2024-04-18
معنى الصد
2024-04-18
ان الذي يموت كافر لا ينفعه عمل
2024-04-18
تحتمس الثالث الحملتان الحادية عشرة والثانية عشرة.
2024-04-18
تحتمس الثالث الحملة الثالثة عشرة السنة الثامنة والثلاثون.
2024-04-18

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


هل الجمل الشرطية تدل على الانتفاء؟  
  
1551   12:56 مساءاً   التاريخ: 9-8-2016
المؤلف : تقريرا لبحث السيد الخميني - بقلم الشيخ السبحاني
الكتاب أو المصدر : تهذيب الأصول
الجزء والصفحة : ج1. ص.341
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /

هل الجمل الشرطية تدل على الانتفاء عند الانتفاء مع الخلو عن القرينة فيها خلاف نسب بعض الاكابر (ادام الله اظلاله) إلى المتقدمين ان النكتة الوحيدة في دلالة القضايا على المفهوم شرطية كانت أو وصفية أو غيرهما هي شيء واحد غير مربوط بالدلالات اللفظية ومجمله ان الغرض الوحيد في الكلام عند العقلاء هو الافادة والاستفادة، فكما هو اصل متبع في اصل الكلام فهكذا هو اصل في قيوده الواردة فيه وتوضيحه ان الاصل العقلائي في كل فعل صادر من شاعر مختار ومنه الكلام بما انه فعله هو الحمل على انه صدر لغرض لا لغوا ثم في الكلام اصل آخر وهو ان صدوره للتفهيم لا لغرض آخر لأنه آلة التفهيم واستعماله لغيره خلاف الاصل ولو شك في الاستعمال الحقيقي والمجازي يحمل على الاول ولا اشكال في جريان الاصل العقلائي في القيود الزائدة في الكلام فإذا شك في قيد انه اتى به لغوا أو لغرض يحمل على الثاني وإذا شك انه للتفهيم أو غيره حمل على الاول وما يكون فيه القيود آلة لتفهيمها، يرجع إلى دخالتها في الموضوع وان اتيان الموضوع مقيدا، لأجل كون الموضوع هو الذات مع القيد وهذا ليس من قبيل الدلالات اللفظية كما مر فتحصل من ذلك ان اتيان القيد يدل على دخالته في الحكم، فينتفى عند انتفائه من غير فرق بين الشرط والوصف وغيرهما، هذا حاصل ما قرره (دام ظله) والحق ان هذا التقرير لا يفيد شيئا ما لم يضم إليه شيء آخر وهو ان عدم الاتيان بشيء آخر في مقام البيان يدل على عدم قرين له وبه يتم المطلوب والا مجرد عدم لغوية القيود، لا يدل على المفهوم ما لم تفد الحصر وهو احد الطرق التي تشبث به المتأخرون وسيأتى تقريره مع جوابه ومحصل تقريره ان المتكلم إذا كان في مقام بيان موضوع حكمه فلابد ان يأتي بكل ما يتقوم به طبيعة الحكم فلو اتى ببعض دون بعض لأخل بغرضه فلو كان المقوم بوجوب الاكرام احد الامرين من المجيء والتسليم، لما كان له ذكر احدهما وحذف الاخر، وحكم المقام حكم باب المطلقات فكما يعلم من عدم ذكر الايمان عدم، دخالته فهكذا المقام، إذ ا المفروض انه بصدد بيان ما يتوقف عليه طبيعة الاكرام وانت خبير ان ضم هذه المقدمة إلى الاولى لا يفيد في اثبات المدعى ايضا، لان كون المتكلم في مقام البيان لا يقتضى عدا ان يبين ما هو تمام الموضوع لوجوب الاكرام المسوق له الكلام، والمفروض انه بينه حيث قال ان جاءك زيد فأكرمه، واما إذا فرضنا ان للإكرام موضوعا آخر وهو تسليم زيد، فلزوم بيانه لم يدل عليه دليل، ولا يعد عدم بيانه نقضا للغرض ولا كلامه لغوا مثلا قوله إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء يدل باعتبار التقييد بالكر ان ذات الماء ليس موضوعا للحكم والا لكان القيد لغوا، ويدل على ان هذا الموضوع المقيد تمام الموضوع للحكم ولا يكون قيد آخر دخيلا فيه والا كان عليه البيان، واما عدم نيابة قيد آخر عن هذا القيد وعدم صدور حكم آخر متعلقا بالجاري أو النابع، فليس مقتضى التقييد ولا مقتضى الاطلاق، وقياس المقام بالمطلق قياس مع الفارق، إذ الشك هنا في نيابة قيد عن آخر بعد تمامية قيود الحكم المسوق له الكلام والشك هناك في تمامية قيود الحكم المسوق له وانه هل هو تمام الموضوع أو لا واما المتأخرون فقد استدلوا بوجوه غير نقية عن الاشكال، كلها مسوقة لأثبات كون القيد علة منحصرة، وظاهر ذلك كون الترتب العلى أو مطلق الترتب من المسلمات عندهم مع امكان منع الاول، بل كفاية مطلق الملازمة العرفية لصحة قولنا لو جاء زيد لجاء عمرو إذا كانا مصاحبين غالبا بلا تجوز ايضا نعم لو لم يكن بينهما ملازمة مطلقا لما صح استعمال الاداة الا بنحو من العناية ومن الوجوه المستدل بها دعوى تبادر العلة المنحصرة من القضية أو انصرافها إليها، واثباته على المدعى مع شيوع الاستعمال في غيرها بلا عناية وما ربما يدعى من الاكملية فهو كما ترى(ومنها) التمسك بالإطلاق اداة الشرط لأثبات الانحصار كالتمسك بأطلاق الامر لأثبات كونه نفسيا تعيينيا وما ربما يورد عليه من ان الاطلاق فرع التقييد ومعانى ادوات الشرط آليات لا تقبل التقييد فكيف يؤخذ بإطلاقها، فمدفوع بما مر من ان التقييد يمكن ان يكون بلحاظ ثان وتقدم الوجوه الاخر في ذلك فراجع (نعم) الاشكال كله في اصل الاستدلال لما عرفت في باب الاوامر من ان الاقسام كلها تتميز عن المقسم بقيود خارجة منه والالزام ان يكون القسم عين المقسم وهو باطل، فالإطلاق لا يثبت نفيسة الامر ولا غيريته بل كل منهما متميز عن نفس الطلب بقيد خاص، فلا يعقل ان يكون عدم بيان قيد، مثبتا لقيد آخر، فالحكم في المقيس عليه باطل فكيف المقيس لان الترتب العلى ينقسم إلى قسمين انحصاري وغير انحصاري فكل واحد مشتمل على خصوصية زائدة على مقسمه فلا معنى لأثبات احدهما يعدم البيان، على ان القياس مع الفارق يعلم ذلك بالتأمل و(منها) التمسك بإطلاق الشرط حيث انه لو لم يكن بمنحصر يلزم تقييده ضرورة انه لو قارنه أو سبقه الاخر لما اثر وحده، وقضية اطلاقه أو يؤثر كذلك مطلقا (وفيه) ان معنى الاطلاق ليس ان الشرط مؤثر سواء قارنه الاخر ام سبقه ام لحقه أو ان ذلك مؤثر وحده بل لا يفيد الاطلاق أي عدم ذكر القيد في مقام البيان الا كون الشيء تمام الموضوع للحكم وانه لو كان شيء آخر دخيلا كان عليه البيان واما لزوم بيان ما هو قرين لهذا الموضوع في تعلق الحكم فلم يدل عليه دليل لعدم لزوم نقض الغرض وما ذكر في الاستدلال من انه لولم يكن بمنحصر لزم تقييده فلم يعلم له وجه صالح وان شئت قلت ان الاطلاق في مقابل التقييد، وكون شيء آخر موضوعا للحكم ايضا لا يوجب تقييدا في الموضوع بوجه، واما قضية الاستناد الفعلي بالموضوع مع عدم قرين له قبله وبعده فهو شيء غير راجع إلى الاطلاق والتقييد، فان الاستناد واللااستناد في الوجود الخارجي بالنسبة إلى المقارنات الخارجية غير مربوط بمقام جعل الاحكام على العناوين، فان الدليل ليس ناظرا إلى كيفية الاستناد في الوجود فضلا عن النظر إلى مزاحماته فيه، وكيف كان فالإطلاق غير متكفل لأحراز عدم النائب وان كان كفيلا لأحراز عدم الشريك أي القيد الاخر ولو فرض احراز كون المتكلم بصدد بيان العلة المنحصرة أو الموضوع المنحصر فهو غير مربوط بمفهوم الشرط بل مع هذا يفهم الحصر مع اللقب ايضا لكنه لأجل القرينة لا لأجل المفهوم الذى وقع مورد النزاع (ومنها) ما نقله المحقق المحشى في تعليقته الشريفة واشار إليه بعض الاكابر (دام ظله) وهو ان مقتضى الترتب العلى ان يكون المقدم بعنوانه الخاص علة ولو لم تكن العلة منحصرة لزم استناد التالي إلى الجامع بينهما وهو خلاف ظاهر الترتب على المقدم بعنوانه (وفيه) مضافا إلى ما قدمناه من صحة استعمال القضية الشرطية في مطلق المتلازمين فالعلية والمعلولية مما لا اصل لهما في المقام انه يرد عليه ان قياس التشريع بالتكوين منشاء لاشتباهات نبهنا على بعضها لان العلية والمعلولية في المجعولات الشرعية ليست على حذو التكوين من صدور احدهما عن الاخر حتى يأتي فيه القاعدة المعروفة، إذ يجوز ان يكون كل من الكر والمطر والجاري دخيلا في عدم الانفعال مستقلا بعناوينها كما هو كذلك، على ان القاعدة مختصة للبسيط البحت دون غيره، ولو اغمضنا عن ذلك كله لا يمكن الاغماض من ان طريق استفادة الاحكام من القضايا هو الاستظهارات العرفية لا الدقائق الفلسفية فتدبر .

(ومنها) ما يظهر عن بعض الاعاظم وحاصله جواز التمسك بالإطلاق الجزاء دون الشرط قائلا ان مقدمات الحكمة انما تجرى في المجعولات الشرعية ومسألة العلية والسببية غير مجعولة وانما المجعول هو المسبب على تقدير وجود سببه فلا معنى للتمسك بأطلاق الشرط، بل مقدمات الحكمة تجرى في جانب الجزاء من حيث عدم تقييده بغير ما جعل في القضية من الشرط مع كونه في مقام البيان، ويحرز كونه في مقامه من تقييد الجزاء بالشرط، ودعوى كونه في مقام البيان من هذه دون سائر الجهات فاسدة فانه لو بنى على ذلك لانسد باب التمسك بالإطلاقات في جميع المقامات إذ ما من مورد الا ويمكن فيه هذه الدعوى انتهى ملخصا (وفيه) اولا ان لازم ما ذكره عدم التمسك بالإطلاق في اغلب الموارد لان مصب الاطلاق في قول الشارع مثلا اعتق رقبة، ان كان مفاد الهيئة فهو معنى حرفي غير قابل لجريان مقدماته فيها على مذهب القائل وان كان مادتها أو نفس الرقبة فليستا من المجعولات الشرعية، وما هذا الا ان اجرائها لا ينحصر بالمجعولات الشرعية بل الغالب جريانها فيما له اثر شرعي، مثلا إذا قال ان ظاهرت فاعتق رقبة وشك في اعتبار قيد في الرقبة تجرى المقدمات في نفس الرقبة التى جعلت موضوع الحكم، وكذا يتمسك بأطلاق المادة لو شك في كيفية التعلق، مع عدم كونهما مجعولين شرعا، فكما يقال في مثل ما ذكران ما جعل موضوعا أو متعلقا هو تمامهما والا لكان عليه البيان فكذا يقال في المقام لو كان شيء آخر دخيلا في الشرط لكان عليه البيان، وهذا غير مربوط بجعل السببية والعلية (وثانيا) ان ما اورده في اثبات اطلاق الجزاء معين ما رده في ناحية الشرط وما الفرق بين المقامين مع قطع النظر عما ذكره من حديث عدم مجعولية العلية والسببية (وثالثا) ان منع مجعولية السببية والعلية في غير محله وسيوافيك في محله بأذن الله جواز جعلهما فارتقب بقي امور (الاول) لا اشكال في انتفاء شخص الحكم بانتفاء شرطه أو قيده عقلا من غير ان يكون لأجل المفهوم فإذا وقف على اولاده العدول أو ان كانوا عدولا فانتفائه مع سلب العدالة، ليس للمفهوم بل لعدم الجعل لغير مورده، كما انه لا اشكال فيما إذا كان مفاد الجزاء حكما كليا مما عبر بالمعنى الاسمى، في ان انتفائه لأجل المفهوم كقولك إذا جاء زيد يكون اكرامه واجبا، (نعم) وقع الاشكال في مثل إذا جاء فأكرمه حيث ان المجعول فيه هو الحكم الجزئي باعتبار خصوصية الموضوع له في المعاني الحرفية، وربما يقال ان انتفاء الانشاء الخاص بانتفاء بعض قيوده عقلي و(اجاب) المحقق الخراساني بان المجعول هو نفس الوجوب الذى هو مفاد الصيغة، واما الشخص والخصوصية فمن طوارئ الاستعمال و(فيه) ما عرفت من ان معاني الحروف خاصة ولا يتصور الجامع لها، والتحقيق في الذب ما يستفاد من كلمات الشيخ الاعظم في طهارته بتوضيح منا وهو ان ظاهر القضية وان كان ترتب بعث المولى على الشرط الا انه ما لم تكن مناسبة بين الشرط ومادة الجزاء كان طلب ايجاد الجزاء عند وجود الشرط لغوا وجزافا، فالبعث المترتب يكشف عن كونهما بمنزلة المقتضى (بالكسر) والمقتضى، فيتوصل بيان ذلك الامر، بالأمر بإيجاده عند ثبوته ويجعل بعثه عنوانا مشيرا إلى ذلك فحينئذ فالمترتبان هو ذات الشرط ومطلق الجزاء الذى تعلق به الحكم بلا خصوصية للحكم المنشاء، فيشبه الجمل الاخبارية في عموم المجعول وبعبارة اوضح ان ظاهر القضايا بدءا وان كان تعليق الوجوب على الشرط لكن حكم العقل والعقلاء في مثل تلك القضايا ان لطبيعة مادة الجزاء مناسبة للشرط تكون سببا لتعلق الهيئة بها، فيكون الايجاب المتعلق بالمادة في الجزاء متفرعا على التناسب الحاصل بينهما فإذا قال ان اكرمك زيد اكرمه يفهم العرف والعقلاء منه ان التناسب الواقعي بين الاكرامين دعى المولى لإيجابه عند تحققه والا كان التفرع لغوا، وحينئذ إذا فرض دلالة الارادة على انحصار العلة تدل على ان التناسب بينهما يكون بنحو العلية المنحصرة ففي الحقيقة يكون التناسب موجودا بين طبيعة ما يتلوا اداة الشرط ومادة الهيئة فإذا دلت الاداة على الانحصار يتم الدلالة على المفهوم وان كان مفادها جزئيا، وبعبارة اخرى ان الهيئة وان كانت دالة على البعث الجزئي لكن التناسب بين الحكم والموضوع يوجب الغاء الخصوصية عرفا، ويجعل الشرط علة منحصرة لنفس الوجوب وطبيعية، فبانتفائه ينتفى طبيعي الوجوب وسنخه، وبما ذكرنا يظهر ضعف ما افاده بعض الاكابر (ادام الله اظلاله) من انا لا نتعقل لسنخ الحكم وجها معقولا لوضوح ان المعلق في قولك ان جاءك زيد فأكرمه، هو الوجوب المحمول على اكرامه، والتعليق يدل على انتفاء نفس المعلق عند انتفاء المعلق عليه، فما فرضته سنخا، ان كان متحدا مع هذا المعلق موضوعا ومحمولا فهو شخصه لا سنخه، إذ لا تكرر في وجوب اكرام زيد، وان كان مختلفا معه في الموضوع كإكرام عمرو، أو محمولا كاستحباب اكرام زيد، فلا معنى للنزاع (انتهى).

ووجه الضعف ظاهر فلا نطيل المقام الثاني إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء كما في إذا خفى الاذان فقصر، وإذا خفى الجدران فقصر، فبناء على ظهور الشرطية في المفهوم يقع التعارض بينهما اجمالا فهل التعارض بين المنطوقين ادلا وبالذات أو بين مفهوم كل منهما ومنطوق الاخر، الظاهر هو الاول على جميع المباني في استفادة المفهوم اما على القول بان المتبادر هو العلة المنحصرة فلان حصر العلية في شيء ينافى اثباتها لشيء آخر فضلا عن حصرها فيه ضرورة حصول التنافي بين قوله (العلة المنحصرة للقصر خفاء الاذان) وقوله (العلة المنحصرة له خفاء الجدران) وهكذا على القول بانها منصرفة إلى المنحصرة فالتعارضين يقع بين الانصرافين الواقعين في ادوات الشرط، وكذا على القول بان الانحصار مقتضى الاطلاق لوقوع التعارض بين اصالتي الاطلاق في الجملتين واما العلاج والتوفيق بينهما فيختلف كيفيته باختلاف المباني في استفادة المفهوم فان كان المبنى هو وضع الأداة للعلة المنحصرة فلا محيص عن القول بتساقط اصالتي الحقيقة من الجانبين، إذا لم يكن بينهما ترجيح كما هو المفروض لعدم ترجيح بين المجازات، وكون العلة التامة اقرب إلى المنحصرة واقعا لا يكون مرجحا في تعيينه لان وجه التعيين هو الانس الذهني الذى يرجع إلى الظهور العرفي، وان كان الاساس في الاستفادة هو الانصراف بعد وضعها لمطلق العلية، فالساقط هو الانصرافان ويكون اصالة الحقيقة في كل منهما محكمة بينهما، ونظير ذلك لو قلنا ان الوضع لمطلق اللزوم أو الترتب أو غيرهما واما إذا كان وجه الاستفادة هو الاطلاق  فحينئذ ان قلنا ان الاداة موضوعة للعلة التامة فمع تعارض اصالتي الاطلاق يؤخذ بأصالة الحقيقة بلا تعارض بينهما وان قلنا ان العلية التامة كالانحصار ايضا مستفادة من الاطلاق فللبحث فيه مجال، فمقتضى اطلاق قوله إذا خفى الاذان فقصر هو ان خفاء الاذان مؤثر بلا شريك، وان هذا مؤثر بلا عديل وقس عليه قوله إذا خفى الجدران فقصر، ففي كل واحد من الجانبين اطلاقان اصالة الانحصار واصالة الاستقلال  فحينئذ كما يحتمل ان يكون خفاء الجدران قيدا لخفاء الاذان يحتمل ان يكون عدلا له فيقع التعارض بين اصالتي الاطلاق أي من جانب نفى الشريك ومن جهة نفى العديل ومع عدم المرجح يرجع إلى الاصول العملية (فان قلت) ان الانحصار مرتفع بالعلم التفصيلي اما لورود تقييد للإطلاق المثبت للانحصار او لأجل وروده على الاطلاق المفيد لاستقلال كل منهما في العلية فيرتفع الانحصار ايضا لأجل ارتفاع موضوعه وهو علية كل واحد مستقلا وبعبارة اوضح ان العلم الاجمالي بورود قيد، اما على الاطلاق من جهة نفى الشريك واما عليه من جهة نفى البديل يوجب انحلاله إلى علم تفصيلي بعدم انحصار العلة لأجل تقييد الاطلاق من جهة البديل أو لا جل تقييده من جهة الشريك فيرتفع موضوع الاطلاق من جهة البديل، وإلى شك بدئي للشك في تقييد الاطلاق من جهة الشريك فيتمسك بأصالة الاطلاق (قلت) ان الانحلال فيه إلى علم قطعي وشك بدئي من آثار العلم الاجمالي برفع احد الاطلاقين فكيف يرفع الاثر مؤثره، وان شئت قلت العلم بارتفاع الانحصار معلول للعلم بارتفاع الاستقلال أو الانحصار ولا يعقل حفظ العلم الثاني الا بحفظ العلم الاول على حاله فكيف يمكن ان يكون رافعا له، (وبالجملة) قد سبق في باب مقدمة الواجب ان الانحلال اينما كان يتقوم بالعلم التفصيلي بأحد الاطراف والشك في الاخر كما في الاقل والاكثر وفيما نحن فيه لا يكون كذلك لان العلم الاجمالي محفوظ ومنه يتولد علم تفصيلي آخر ووفي مثله يكون الانحلال محالا فيجب الرجوع إلى قواعد آخر.

(فان قلت) ان الذى يفك به العقدة هو انه لابد من رفع اليد بمقدار يرفع المعارضة وهو خصوص الانحصار لا العلية والسر فيه هو ان الموجب لوقوع المعارضة انما هو ظهور كل من القضيتين في المفهوم، وبما ان نسبة كل من المنطوقين بالإضافة إلى مفهوم القضية الاخرى نسبة الخاص إلى العام فلابد من رفع اليد عن عموم المفهوم في مورد المعارضة واما رفع اليد عن الاطلاق المفيد للعلية فهو وان كان موجبا لرفع الانحصار الا انه بلا موجب.

(قلت) مرجع ما ذكرت إلى تقديم رجوع القيد إلى الاطلاق المفيد للانحصار لا المفيد للاستقلال وهو اول الكلام ضرورة دوران الامر بين رجوع القيد كخفاء الجدران مثلا إلى الاطلاق من حيث الاستقلال حتى يصير الموضوع للحكم بالقصر مجموع خفاء الاذان والجدران اوالى الاطلاق من حيث الانحصار حتى يكون الموضوع متعددا، خفاء الاذان مستقلا وخفاء الجدران كذلك ومع هذا العلم الاجمالي يقع التعارض بين اصالتي الاطلاق في كل قضية منهما لا في قضيتين ولا رافع للتعارض ولا ترجيح في البين (وما ذكرنا) هو حال الدليلين كل مع صاحبه فهل يدلان على عدم مدخلية شيء آخر شريكا معهما أو عديلا لهما، الظاهر ذلك لو قلنا ان الدلالة على الانحصار والاستقلال بالإطلاق، للزوم رفع اليد عن الاطلاق بمقدار الدليل على القيد بخلاف ما لو قلنا انها بالوضع أو الانصراف لعدم الدليل على عدم المدخلية بعد رفع اليد عن المعنى الحقيقي أو الانصرافى في تداخل الاسباب والمسببات (الثالث) إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء فهل اللازم لزوم الاتيان بالجزاء متعددا حسب تعدد الشرط أو يكتفى بإتيانه دفعة واحدة، وقبل الخوض تقدم مقدمات (الاولى) ان محط البحث ما إذا فرغنا عن تأثير كل واحد من الشروط مستقلا في البعث نحو الجزاء لو لم يكن معه غيره، ولكن نشك في حال اجتماعهما في التداخل وعدمه وهذا مثل الجنابة والحيض والنفاس، فان كلا منها سبب مستقل إذا انفرد، والبحث في كفاية غسل واحد عن الجميع حال اجتماعها، و(اما) إذا احتملنا ان الشروط ترجع إلى شرط واحد ويكون كل واحد جزاء للسبب، فهو خارج من محط البحث في تداخل الاسباب والمسببات (الثانية) المراد من تداخل الاسباب هوان كل واحد من الشروط لا يقتضى الا ايجاد صرف الطبيعة غير مغاير مع ما يطلبه الاخر، وتعلق البعثين بها لا يكشف عن ان هنا تكاليف متعددة مجتمعة في مصداق واحد بل هنا تكليف واحد وان تعددت الاسباب، ولهذا يكون التداخل عزيمة لا رخصة، فيقال ان الجنابة والحيض وغيرهما وان تعددت الا انها حال الاجتماع لا يقتضى الا غسلا واحد وجزاء فاردا، والمراد من تداخل المسببات بعد الفراغ من عدم تداخل الاسباب وان كل سبب يقتضى مسببا، هو ان الاكتفاء بمصداق واحد جائز في مقام امتثال تكاليف عديدة كما إذا اكرم العالم الهاشمي ممتثلا كل واحد من الامرين المتعلقين بإكرام العالم والهاشمي، وهذا المثال وان كان خارجا من المقام الا انه يقرب من وجه، وحينئذ إذا كانت العناوين المكلف بها قهرية الانطباق على المصداق وكانت التكاليف توصليات يكون التداخل عزيمة والا يكون رخصة (الثالثة) ان النزاع فيما إذا كان الجزاء مهية قابلة للتكثر كالغسل، واما إذا كانت غير قابلة له كالقتل فيما إذا ارتد وارتكب زنا عن احصان فخارج من البحث، (نعم) قد يقال ان الجزاء غير القابل للتكثر ان كان قابلا للتقييد يكون داخلا في النزاع كالخيار القابل للتقييد بالسبب كالتقييد بالمجلس والحيوان والعيب وغيرها مع انه امر واحد وهو ملك فسخ العقد واقراره، ومعنى تقيده بالسبب هو انه يلاحظ الخيار المستند إلى المجلس فيسقطه أو يصالح عليه ويبقى له الخيار المستند إلى الحيوان وكالقتل لأجل حقوق الناس فلو قتل زيد، عمروا وبكر أو خالدا فقتله قصاصا وان لم يقبل التعدد الا انه قابل للتقييد بالسبب أي يلاحظ استحقاق زيد للقتل باعتبار قتله عمروا، فلو اسقط ورثة عمرو حق القود لم يسقط حق ورثة بكر وخالد (انتهى) (وفيه) ان الخيار إذا كان واحدا غير قابل للتكثر مع اجتماع الاسباب عليه فلا يمكن اسقاطه من قبل احدها وابقائه من قبل غيره لان الاسقاط لابد وان يتعلق بالخيار الجائى من قبل كذا ومع الوحدة لم يكن ذلك غير الجائى من قبل غيره، وان كان الخيار متعددا بالعنوان بحيث يكون خيار المجلس شيئا غير خيار العيب فيخرج من محل البحث وان كان كليا قابلا للتكثر فيرجع إلى الفرض الاول، وكذا الحال في القتل فان حق القود اما واحد فلا يمكن اسقاطه من قبل سبب وابقائه من قبل آخر أو متعدد عنوانا فيخرج من محل البحث أو كلى قابل للتكثر فيدخل في الفرض الاول، ثم لا يخفى ان عدم قبول القتل للتكثر غير مربوط بعدم قبول حق القود له والقائل خلط بينهما (الرابعة) قبل الخوض في المقصود لابد من اثبات امكان التداخل وعدمه اما امان الداخل بمعنى اجتماع اسباب متعددة شرعية على مسبب واحد فلا اشكال فيه لان الاسباب الشرعية ليست كالعلل التكوينية حتى يمتنع اجتماعها إذا للشارع جعل النوم والبول سببا لإيجاب الوضوء في حال الانفراد والاجتماع - بناء على امكان جعل السببية كما ان له جعل ايجاب الوضوء عقيب النوم في حال انفراده وعقيبهما في صورة اجتماعهما (واما عدم التداخل) فقال (بعض الاكابر) بامتناعه، بدعوى انه يمتنع ان يكون متعلق الوجوب في القضيتين الحيثية المطلقة لامتناع تعلق الوجوبين بشيء واحد فلابد ان يكون كلاهما أو احدهما مقيدا، فيسئل عما يقيد الطبيعة فلابد ان يكون متعلق الوجوب في الشرطية الاولى نفس الطبيعة، وفي الثانية الطبيعة الاخرى متقيدة به أو بالعكس، ويمكن التغاير بوجه آخر وهو ان يتعلق الامر في الاولى على فرد منها وفي الثانية على فرد آخر أو بالعكس ولكن التقييد ممتنع، لان النوم قد يكون مقدما على البول وقد يكون مؤخرا عنه، فلا يصح ان يقال في صورة التقدم إذا نمت فتوضأ وضوء آخر، على ان ذلك انما يصح إذا كان كل من الخطابين ناظرا إلى الاخر بان يقول إذا بلت فتوضأ وضوءا غير ما يجب عليك بسبب، والالتزام به مشكل بداهة عدم كون كل واحد ناظرا إلى الاخر، فالأشكال كله في امكان التقييد لعدم قيد صالح لذلك (وفيه) انه إذا ثبت ظهور القضيتين في التداخل، وانحصر الاشكال في تصوير القيد الصالح فلنا تصوير قيد آخر ولو لم يكن في الكلام بان يقال إذا نمت فتوضأ من قبل النوم، أو من قبل البول وغير ذلك ومعه لا يجوز رفع اليد عن الظاهر لأجل عدم معقولية تقييد الجزاء، بل انما يرفع عنه اليد لو ثبت امتناع كافة القيود وهو بمكان من المنع، فلا يجوز الالتزام بالتداخل لأجل هذه الشبهة ورفع اليد عن ظاهر الدليل بما ذكر.

(فان قلت) يلزم حينئذ اخذ العلة في معلوله وهو الوجوب المسبب عن النوم الذى هو علة لهذا الوجوب المقيد بالنوم.

(قلت) قد مر ان الاسباب الشرعية ليست كالعلل التكوينية على ان الاخذ هنا لأجل الاشارة وتميزه عن الوجوب الآتي من الجهة الاخرى لا ان الوجوب قد تعلق بإيجاد الوضوء المتقيد بالنوم (الخامسة) ان الشرط قد يكون متعددا نوعا ومختلفا مهية مثل النوم والبول فيقع البحث في انه عند تقارنهما أو تعاقبهما مع عدم تخلل المسبب بينهما هل يتداخل الاسباب اولا، وقد يكون مهية واحدة ذات افراد فيقع البحث في انه مع تعدد الفرد هل يتعدد الجزاء اولا، والاقوال في المسألة ثلاثة ، ثالثها التفصيل بين تعدد المهية نوعا وتعدد الفرد مع وحدتها فيقع الكلام في مقامين:

 (الاول) فيما إذا تعدد الشرط مهية ونوعا، فعن العلامة في المختلف القول بعدم التداخل بانه إذا تعاقب السببان أو اقترنا، فأما ان يقتضيا سببين مستقلين أو مسببا واحدا أو لا يقتضيا شيئا أو يقتضى احدهما دون الاخر، والثلاثة الاخيرة باطلة فتعيين الاول وفي تقريرات الشيخ الاعظم، (رحمه الله) ان الاستدلال المذكور ينحل إلى مقدمات ثلاث(احديها) دعوى تأثير السبب الثاني بمعنى كون واحد من الشرطين مؤثرا في الجزاء (وثانيتها) ان اثر كل شرط غير اثر الاخر، و(ثالثتها) ان ظاهر التأثير هو تعدد الوجود لا تأكد المطلوب، ثم اخذ في توضيح المقدمات المذكورة وما يمكن به اثباتها، فقد ذكر في توجيه ان السبب الثاني مستقل وجوها من البيان واخذ كل من تأخر عنه وجها من بياناته، وكان الجل عيالا عليه (منها) ما ذكره المحقق الخراساني (بعد ان قلت قلت)، ان ظهور الجملة الشرطية في كون الشرط سببا أو كاشفا عن السبب، ومقتضيا للتعدد بيان لما هو المراد من الاطلاق ولا دوران بين ظهور الجملة في حدوث الجزاء وظهور الاطلاق ضرورة ان ظهور الاطلاق يكون معلقا على عدم البيان وظهورها في ذلك صالح لان يكون بيانا فلا ظهور له مع ظهورها فلا يلزم على القول بعدم التداخل تصرف اصلا بخلاف القول بالتداخل (اقول) وتوضيح حاله وبيان اشكاله هو ان دلالة القضية الشرطية على الحدوث عند الحدوث هل هو بالوضع أو بالإطلاق، وانه إذا جعلت المهية تلو أداة الشرط بلا تقييدها بقيد كما يدل على انها تمام الموضوع لترتب الجزاء عليه، كذلك يدل على استقلالها في السببية سواء سبقها أو قارنها شيء ام لا على اصطلاح القوم في معنى الاطلاق، الظاهر هو الثاني لتصريح بعضهم على ان دلاله الشرطية على العلية المستقلة بالإطلاق، وحينئذ فلو كان الدلالة على السببية التامة لأجل الوضع، كان لما ذكره وجه خصوصا على مذهب الشيخ من ان الاطلاق معلق على عدم البيان، ولكن لا اظن صحة ذلك ولا ارتضائهم به مع ما عرفت سابقا من ضعفه واما على القول بان دلالتها على السببية بالإطلاق فللمنع عما ذكر مجال وحاصله ان الاطلاق كما هو منعقد في ناحية الشرط فكذلك موجود في جانب الجزاء ولا رجحان في ترجيح احدهما على الاخر بعد كون ثبوتهما ببركة عدم البيان، وتفصيل ذلك، ان مقتضى اطلاق الشرط في كلتا القضيتين هو كون كل شرط مستقلا علة للجزاء وتلك المهية مؤثرة سواء كان قبلها أو معها شيء ام لم يكن ولو كان المؤثر هو الشرط بشرط ان لا يسبقه أو لا يقارنه شيء آخر، كان عليه البيان ورفع الجهل عن المكلف، هذا مقتضى اطلاق الشرط، واما مقتضى اطلاق الجزاء، فهو ان الجزاء ومهية الوضوء تمام المتعلق لتعلق الايجاب عليها بلا تقييدها بما يغايرها مع الجزاء الاخر فيكون الموضوع في القضيتين نفس طبيعة الوضوء  فحينئذ يقع التعارض بين اطلاق الجزاء في القضيتين مع اطلاق الشرط فيهما، وبتبعه يقع التعارض بين اطلاق الشرطيتين، ولا يمكن الجمع بين اطلاق الشرط في القضيتين واطلاق الجزاء فيهما، لبطلان تعلق ارادتين على مهية واحدة بلا تقييد، فيدور الامر بين رفع اليد عن اطلاق الشرط والاحتفاظ على اطلاق الجزاء فيقال ان كل شرط مع عدم تقدم شرط آخر عليه أو تقارنه به، مؤثر مستقلا، وبين رفع اليد عن اطلاق الجزاء وحفظ اطلاق الشرط بتقييد مهية الوضوء، ولا ترجيح لشيء منهما لان ظهور الاطلاقين على حد سواء، فلا يمكن ان يكون احدهما بيانا للأخر، (وبعبارة ثانية) ان هنا اطلاقات اربعة في جملتين، اثنان في جانب الشرط، وآخران في جانب الجزاء ورفع التعارض يحصل (تارة) بتحكيم اطلاق الشرط فيهما المفيد للاستقلال والحدوث عند الحدوث على اطلاق الجزاء فيهما الدال على ان نفس المهية تمام المتعلق، بتقييده بأحد القيود حتى يكون متعلق الارادتين شيئين مختلفين، (واخرى) بتحكيم اطلاقه على الشرط وتخصيص استقلالهما بما إذا لم يسبق إليه شرط آخر، وكلا العلاجين صحيح لا يتعين واحد منهما الا بمرجح وتوهم ان ظهور صدر القضية مقدم على ظهور الذيل فاسد لانه لو سلم فإنما هو بين صدر كل قضية وذيلها لا بين صدر قضية وذيل قضية اخرى ونحن الان في بيان تعارض القضيتين، ولولا ضم قضية إلى مثلها لما كان بين صدر قوله - إذا بلت فتوضأ - وبين ذيله تعارض حتى نعالجه إذ التعارض ناش من ضم قضية إلى مثلها كما عرفت ومما ذكره الشيخ في تمهيد المقدمة الاولى، ما ذكره بعض الاعاظم في تقريراته ومحصله ان تعلق الطلب بصرف الوجود من الطبيعة وان كان مدلولا لفظيا، الا ان عدم قابلية صرف الوجود للتكرر ليس مدلولا لفظيا حتى يعارض ظاهر القضية الشرطية في تأثير كل شرط في جزاء غير ما اثر فيه الاخر، بل من باب حكم العقل بان المطلوب الواحد إذا امتثل لا يمكن امتثاله ثانيا، واما ان المطلوب واحدا و متعدد فلا يحكم به العقل ولا يدل عليه اللفظ، فلو دل الدليل على ان المطلوب متعدد لا يعارضه حكم العقل، فالوجه في تقديم ظهور القضيتين من جهة كونه بيانا لإطلاق الجزاء فهو حقيقة رافع لموضوع حكم العقل انتهى قلت قد عرفت ان اطلاق الجزاء يقتضى ان يكون بنفسه تمام المتعلق كما ان اطلاق الشرط يقتضي ان يكون مؤثرا مستقلا سبقه شيء اولا وحينئذ فما المرجح لتقديم ظهور الشرط على التالي بعد الاعتراف بكون الظهور فيهما مستندا إلى الاطلاق دون الوضع ولو كان الوجه في تقديم الشرط معلقية اطلاق الجزاء بعدم بيان وارد على خلافه، فليكن اطلاق الشرط كذلك لان اثبات تعدد التأثير يتوقف على عدم ورود بيان على خلافه في ناحية الجزاء ولنا ان نقول ان حكم العقل بان الشيء الواحد لا يتعلق به ارادتان وبعثان حقيقيان، يكشف عن وحدة المؤثر والتأثير، فالتقديم ما لم يستند إلى مرجح خارجي بلا وجه ومنها ما ذكره المحقق المحشى من ان متعلق الجزاء نفس المهية المهملة فهي بالنسبة إلى الوحدة والتعدد بلا اقتضاء، بخلاف اداة الشرط فانها ظاهرة في السببية المطلقة ولا تعارض بين المقتضى والاقتضاء انتهى (وفيه) انه ان اريد من الاقتضاء، الظهور الاطلاقي للمقدم، فهو بعينه موجود في التالي، وان اريد ان اطلاق الشرط تام غير معلق بشيء بخلاف اطلاق الجزاء فقد تقدم جوابه، وان ظهور كل من المقدم والتالي اطلاقي لا مرجح لتقديم احدهما على الاخر نعم هنا تقريب أو تقريبان يستفاد من كلام المحقق الهمداني في مصباحه وقد سبقه الشيخ الاعظم، وحاصله ان مقتضى القواعد اللفظية سببية كل شرط للجزاء مستقلا، ومقتضاه تعدد اشتغال الذمة بفعل الجزاء، ولا يعقل تعدد الاشتغال الا مع تعدد المشتغل به، فان السبب الاول سبب تام في اشتغال ذمة المكلف بإيجاد الجزاء والسبب الثاني ان اثر ثانيا وجب ان يكون اثره اشتغالا آخر، لان تأثير المتأخر في المتقدم غير معقول، وتعدد الاشتغال مع وحدة الفعل المشتغل به ذاتا ووجودا غير معقول، وان لم يؤثر يجب ان يستند اما إلى فقد المقتضى أو وجود المانع والكل منتف لان ظاهر القضية الشرطية سببية الشرط مطلقا والمحل قابل للتأثير والمكلف قادر على الامتثال فأي مانع من التنجز وايضا ليس حال الاسباب الشرعية الا كالأسباب العقلية فكما انه يجب تحقق الطبيعة في ضمن فردين على تقدير تكرر علة وجودها وقابليتها للتكرار، فكذا يتعدد اشتغال الذمة بتعدد اسبابه (انتهى).

وقد افاد شيخنا العلامة (قدس سره) قريبا مما ذكره، في اواخر عمره بعد ما كان بانيا على التداخل سالفا، وقد مضى شطر منه في مبحث التوصلي والتعبدي فراجع (اقول) وفيه ان كلا من الظهورين مقتض لمدلوله ومانع عن صحة الاحتجاج بالأخر، وبه يظهر ضعف قوله ان عدم الاشتغال اما لعدم المقتضى أو لوجود المانع وكل منتف، إذ لنا ان نقول ان المانع موجود وهو اطلاق الجزاء المعارض مع اطلاق الشرط والدليل على تعدد الاشتغال والمشتغل به ليس الا الاطلاق وهو معارض لمثله.

(فان قلت)ان تقييد الجزاء انما نشاء من حكم العقل بعد استفادة السببية التامة من الدليل، فاطلاق السبب منضما إلى حكم العقل بان تعدد المؤثر يستلزم تعدد الاثر بيان للجزاء، ومعه لا مجال للتمسك بأطلاقه، وليس المقام من قبيل تحكيم احد الظاهرين على الاخر حتى يطالب بالدليل بل لان وجوب الجزاء بالسبب الثاني يتوقف على اطلاق سببيته، ومعه يمتنع اطلاق الجزاء بحكم العقل فوجوبه ملزوم لعدم اطلاقه.

(قلت) قد نبه بذلك المحقق المزبور في خلال كلماته دفعا للأشكال الذى اوردناه وهو ان المانع موجود وهو اطلاق الجزاء، وانت خبير بانه غير مفيد فانه مع اعترافه بان وجوب الجزاء بالسبب الثاني انما هو بالإطلاق لا بالدلالة اللغوية فأي معنى لتحكيم احد الاطلاقين على الاخر، والتخلص عن امتناع تعدد المؤثر مع وحدة الاثر بعد الغض عن عدم كون حكم العقل الدقيق مناطا للجمع بين الادلة، وبعد الاغماض عن ان مثل ما نحن فيه ليس من قبيل التأثير التكويني، بل علة الامتناع هو عدم امكان تعلق ارادتين بمراد واحد، كما يمكن بما ذكره، كذلك يمكن برفع اليد عن اطلاق الشرط عند اجتماعه مع شرط آخر، فالعقل انما يحكم باستحالة وحدة الاثر مع تعدد المؤثر، وهى تنشأ من حفظ اطلاق الشرطيتين واطلاق الجزاء فلا محيص عن القول بان الاثر اما متعدد أو المؤثر واحد ولا ترجيح بينهما واما قياس التكوين بالتشريع فقد صار منشأ لاشتباهات ونبهنا على بعضها إذ المعلول التكويني انما يتشخص بعلته وهو في وجوده ربط ومتدل بعلته فيكون في وحدته وكثرته تابعا لها، واما التشريع فان منه الارادة المولوية، فالإرادة تتعين بمرادها وتتشخص بمتعلقها فهما في امر التشخص والتعين متعاكسان، وان اريد منها الاسباب الشرعية فليست هي ايضا بمثابة التكوين، ضرورة ان النوم والبول لم يكونا مؤثرين في الايجاب والوجوب ولا في الوضوء، فالقياس مع الفارق بل لابد من ملاحظة ظهور الادلة، ومجرد هذه المقايسة لا يوجب تقديم احدهما على الاخر، واضعف من ذلك ما ربما يقال من ان المحرك الواحد يقتضى التحريك الواحد والمحرك المتعدد يقتضى المتعدد كالعلل التكوينية، إذ فساده يلوح من خلاله، لان كون التحريك في المقام متعددا غير مسلم إذ يمكن ان نستكشف من وحدة المهية وكونها متعلقة بلا قيد، ان التحريك واحد، والتكرار في البعث لأجل التأكيد لا التأسيس والانصاف ان اصحاب القول بعدم التداخل وان كان مقالتهم حقة الا ان ذلك لا يصح اثباته بالقواعد الصناعية، كما عرفت، ولابد من التمسك بأمر آخر، وقد نبه بذلك المحقق الخراساني في هامش كفايته وهو ان العرف لا يشك بعد الاطلاع على تعدد القضية الشرطية في ان ظهور كل قضية هو وجوب فرد غير ما وجب في الاخرى كما إذا اتصلت القضايا وكانت في كلام واحد ولعل منشأ فهم العرف وعلة استيناسه، هو ملاحظة العلل الخارجية إذ العلل الخارجية بمرآى ومسمع منه حيث يرى ان كل علة انما يؤثر في غير ما اثر فيه الاخر، وهذه المشاهدات الخارجية ربما تورث له ارتكازا وفطرة، فإذا خوطب بخطابين ظاهرهما كون الموضوع فيه من قبيل العلل والاسباب، فلا محالة ينتقل منه إلى ان كل واحد يقتضى مسببا غير ما يقتضيه الاخر قياسا لها بالتكوين بل العرف غير فارق بينهما الا بعد التنبيه والتذكار فإذا قيل للعرف الساذج بان وقوع الفارة في البئر يوجب نزح عدة دلاء معينة، وكذا الهرة، ينتقل بفطرته إلى ان لوقوع الفارة مثلا في البئر تناسبا لنزح سبع دلاء، ولوقوع الهرة فيها مناسبة كذلك، وان الامر انما تعلق به لأجل التناسب بينهما والا كان جزافا، وإلى ان لوقوع كل منهما اقتضاء خاصا بها، وارتباطا مستقلا لا يكون في الاخرى وهو يوجب تعدد وجوب نزح المقدار أو استحبابه، وهذا يوجب تحكيم ظهور الشرطية على اطلاق الجزاء واما ما ابطلناه من مقايسة التشريع بالتكوين فإنما هو ببرهان عقلي لا يقف عليه العرف الساذج، ولكن هذا الارتكاز وان كان غير صحيح الا انه ربما يصير منشاء للظهور العرفي، ويوجب تحكيم ظهور الشرط على ظهور الجزاء فلابد من اتباعه، فانه المحكم في تلكم المواضع هذا كله راجع إلى المقدمة الاولى اعني فرض استقلال كل شرط في التأثير، ولكنها وحدها لا تفيد شيئا بل لابد من اثبات المقدمة الثانية وهى ان اثر الثاني غير اثر الاول، ولقائل ان يمنع هذه المقدمة لان غاية ما تلزم من الاولى من استقلالهما في التأثير هي ان الوجوب الاتي من قبل النوم، غير الآتي من قبل الاخر، وذلك لا يوجب الا تعدد الوجوب لا تعدد الواجب بل يمكن ان يستكشف من وحدة المتعلق كون ثانيهما تأكيد للأول، ولا يوجب التأكيد استعمال اللفظ في غير معناه لان معنى وضع الامر للوجوب هو وضعها لإيجاد بعث ناش من الارادة الحتمية، والاوامر التأكيدية كلها مستعملة كذلك، ضرورة ان التأكيد انما يؤتى به في الامور الهامة التي لا يكتفى فيها بأمر واحد وحينئذ فكل بعث، ناش من الارادة الاكيدة، ولا معنى للتأكيد الا ذلك لا ان الثاني مستعمل في عنوان التأكيد أو في الاستحباب أو الارشاد أو غير ذلك فانها لا ترجع إلى محصل بل التأكيد لا يمكن الا ان يكون المؤكد من سنخ المؤكد فلابد ان يكون البعثان ناشئين من الارادة الاكيدة لغرض الانبعاث حتى ينتزع التأكيد من الثاني وبعبارة ثانية ان الاسباب الشرعية علل للأحكام لا لأفعال المكلفين فتعددها لا يوجب الا تعدد المعلول وهو الوجوب مثلا، فيستنتج التأكيد ومع حمل الامر على التأكيد يحفظ اطلاق الشرطيتين واطلاق الجزاء فيهما ولا يوجب تجوزا في صيغة الامر على فرض وضعها للوجوب فان المراد من وضعها ليس وضعها له لهذا المفهوم الاسمى بل لإيجاد البعث الناشئ من الارادة الحتمية وهو حاصل في المؤكد بالكسر والمؤكد، أ ترى من نفسك انك إذا امرت ولدك بأوامر مؤكدة ان تمنع عن كون الثاني والثالث مستعملة في غير معناه كيف وهذا كتاب الله والذكر الحكيم بين ظهرانينا تتلى آياته آناء الليل والنهار فهل تجد من نفسك ان تقول ان اوامره المؤكدة في الصلاة وغيرها مما استعملت في غير البعث عن الارادة الالزامية بل ترى كلها صادرة عن ارادة الزامية وغاية كل منها انبعاث المأمور نعم حمل الامر على التأكيد يوجب ارتفاع التأسيس وهو خلاف ظاهر الامر لكنه ظهور لا يعارض اطلاق المادة والشرطية فإذا دار الامر بين رفع اليد عن احد الاطلاقين ورفع اليد عن التأسيس لا ريب في اولوية الثاني وفيما نحن فيه إذا حمل الامر على التأكيد يرفع التعارض بين الاطلاقين (والحاصل) ان ما ذكر لا يقتضى الا رفع اليد من التأسيس الذى يقتضيه السياق ولا ضير فيه لأطباقهم على طرده إذا دار الامر بينه وبين الاخذ بأطلاق بعض اجزاء الكلام ومما ذكرنا يظهر ضعف ما في مقالات بعض محققي العصر (رحمه الله) من ان تأكد الوجوب في ظرف تكرر الشرط يوجب عدم استقلال الشرط في التأثير لبداهة استناد الوجوب الواحد المتأكد اليهما لا إلى كل منهما (وجه الضعف) ان البعث الالزامي الناشئ من الارادة الالزامية متعدد وكل منهما معلول لواحد من الشرطيتين لا انهما يؤثران في وجوب واحد متأكد، لان التأكيد منتزع من تكرار البعثين وكذا الوجوب المتأكد امر انتزاعي منه لا انه معلول للشرطيتين (ثم انه) يظهر من الشيخ الاعظم تحكيم هذه المقدمة بوجهين الاول ان الاسباب الشرعية كالأسباب العقلية  فحينئذ لو كانت الاسباب الشرعية سببا لنفس الاحكام يجب تعدد ايجاد الفعل فان المسبب يكون هو اشتغال الذمة بإيجاده، والسبب الثاني لو لم يقتض اشتغالا آخر فأما ان يكون لنقص في السبب أو المسبب وليس النقص في شيء منهما اما الاول فمفروض واما الثاني فلان قبول الاشتغال للتعدد تابع لقبول الفعل المتعلق له، والمفروض قبوله للتعدد واحتمال التأكيد مدفوع بعد ملاحظة الاسباب العقلية (انتهى).

وفيه (اولا) ان قياس التشريع بالتكوين قياس مع الفارق وقد اوعزنا إلى فساده غير مرة فراجع (وثانيا) ان اشتغال الذمة بإيجاد الفعل ليس الا الوجوب على المكلف، وليس ههنا شيء غير بعث المكلف نحو الطبيعة المنتزع منه الوجوب  فحينئذ تحقق اشتغال آخر من السبب الثاني فرع تقديم الظهور التأسيسي على اطلاق الجزاء وهو ممنوع بل لو فرض معنى آخر لاشتغال الذمة فتعدده فرع هذا التقديم الممنوع، و(ثالثا) ان ما افاده في ذيل كلامه من ان احتمال التأكيد فيما تعلق بعنوانين اقوى مما إذا تعلق بعنوان واحد، لا يخلو من غرابة، إذ لو عكس لكان اقرب إلى الصواب، لان الاحكام تتعلق بالعناوين لا بالمصاديق فلا وجه للقول بان الامر المتعلق بأحد العناوين تأكيد لما تعلق بالعنوان الاخر نعم لو تعلقا بعنوان واحد لكان للتأكيد مجال واسع، واعجب من ذلك ما افاده من ان الاحكام الكلية في عرض واحد فلا مجال لتأكيد احدهما الاخر الا إذا كان متعلقها الامور الخارجية مع فرض تأخر احدهما عن الاخر، وذلك لان مدار التأكيد هو تشخيص العرف دون التقدم والتأخر، بل لو فرض امكان التكلم بشيء واحد مرتين في آن واحد لحكم العرف بان المتكلم اتى بشيء مؤكد كما هو كذلك في البعث اللفظي المقارن للإشارة الدالة عليه نعم لو تأخر احدهما ينتزع التأكيد من المتأخر الثاني من الوجهين، الالتزام بان الاسباب اسباب لنفس الافعال لا الاحكام، ولا يلزم منه الانفكاك بين العلة والمعلول، لأنها اسباب جعلية لا عقلية ولا عادية، ومعنى السبب الجعلي ان لها نحو اقتضاء في نظر الجاعل بالنسبة إلى المعلول، وبعبارة اخرى ان ظاهر الشرطية كونه مقتضيا لوجود المسبب وان اقتضائه لوجوبه من تبعات اقتضائه لوجوده وحيث ان اقتضائه التشريعي لوجود شيء كونه موجبا لوجوبه وحينئذ لازم ابقاء ظهور الشرط في المؤثرية المستقلة، اقتضائه وجودا مستقلا انتهى (قلت) هذا الوجه مما لم يرتضه الشيخ نفسه حتى قال انه لا يسمن شيئا ولكن ارتضاء بعض محققي العصر (رحمه الله) واعتمد عليه في مقالاته، والانصاف انه لا يسمن ولا يغنى من جوع، إذ بعد، الاعتراف على ان معنى السببية الجعلية هو الاقتضاء لا المؤثرية الفعلية فرارا عن انفكاك العلة عن معلولها، فلا منافات بين استقلال الاقتضاء وعدم تعدد الوجود لان معنى استقلاله، ان كل سبب بنفسه تمام المقتضى لا جزئه، ولا ينافى الاستقلال في الاقتضاء، والاشتراك في التأثير الفعلي  فحينئذ مع حفظ اطلاق الجزاء واستقلال الشرطيتين في الاقتضاء صارت النتيجة التداخل واما ما افاده بقوله لازم ابقاء ظهور الشرط في المؤثرية المستقلة، اقتضائه وجودا مستقلا، فرجوع عن ان السببية الجعلية عبارة عن نحو اقتضاء بالنسبة إلى المعلول لا المؤثرية الفعلية الاستقلالية. فالأولى التمسك بذيل فهم العرف في اثبات تعدد الجزاء وجودا لأجل مناسبات مغروسة في ذهنه كما اشرنا إليها، ولهذا لا يتقدح في ذهنه التعارض بين اطلاق الجزاء وظهور الشرطية في التعدد بل يحكم بالتعدد من عير التفات إلى اطلاق الجزاء (ثم) انه بعد تسليم المقدمتين اعني ظهور الشرطية في استقلال التأثير وكون اثر الثاني غير أثر الاول، لابد من البحث في المقدمة الثالثة من ان تعدد الاثر هل يوجب تعدد الفعل اولا فيقع البحث تارة في الثبوت أي امكان تداخل المسببين واخرى في الاثبات فنقول اما تداخل المسببين فقد منع الشيخ الاعظم امكانه وقال قد قررنا في المقدمة السابقة ان متعلق التكاليف حينئذ هو الفرد المغاير للفرد الواجب بالسبب الاول، ولا يعقل تداخل فردين من مهية واحدة بل ولا يعقل ورود دليل على التداخل ايضا على ذلك التقدير الا ان يكون ناسخا لحكم السببية (انتهى).

وفيه ان مراده من الفرد المغاير للفرد الواجب بالسبب الاول، ان كان هو الفرد الخارجي كما هو الظاهر فتداخل الفردين غير معقول بلا اشكال لكن تعلق الحكم بالفرد الخارجي ممتنع، وان كان المراد هو العنوان القابل للانطباق على الخارج، وانما سماه فردا لكونه تحت العنوان العام فعدم امكان تداخل العنوانين من مهية واحدة غير مسلم بل القيود الواردة على المهية مختلفة، فقد تكون موجبة لصيرورة المقيدين متبائنين كالإنسان الابيض والاسود وقد وجب كون المقيدين عامين من وجه كالإنسان الابيض والعالم، فالوضوء في قوله إذا نمت فتوضأ واذا بلت فتوضأ مهية واحدة ، ولأجل تسليم المقدمتين لابد من كونهما مقيدتين بقيدين حتى يكون كل سبب، علة مستقلة للاجياب على احد العنوانين لكن لا يجب ان يكون بين العنوانين نسبة التبائن حتى يمتنع تصادقهما على الفرد الخارجي فمع عدم قيام دليل على امتناعه لا يجوز رفع اليد عن الدليل الدال على التداخل فرضا فقوله (قدس سره) لا يعقل ورود دليل على التداخل، فرع اثبات الامتناع وهو مفقود، بل لنا ان نقول لازم ظهور الشرطيتين فيما ذكر، ولازم ورود الدليل مثلا على التداخل، هو كون المقيدين قابلين للتصادق واما مقام الاثبات فما لم يدل دليل على التداخل لا مجال للقول به فلابد في مقام العمل من الاتيان بفردين حتى يحصل اليقين بالبراءة للعلم بالاشتغال بعد استقلال الشرطيتين في التأثير، ولفرض ان اثر كل، غير، الاخر، واما دعوى تفاهم العرف تكرار الوضوء من الشرطيتين فعهدتها على مدعيها لأنها ترجع إلى دعوى استظهار كون كل عنوان مبائنا للأخر وهى بمكان من البعد واما المقام الثاني اعني ما إذا تعددت شخصا لا نوعا كما لو قال إذا نمت فتوضأ وفرضنا ان المكلف نام مكررا، وشك في ان المصداقين منه يتداخلان في ايجاب الوضوء اولا، فربما يقال بالتفريق بين ما إذا كانت العلة نفس الطبيعة فيتداخلان، وبين ما إذا كان السبب هو وجود كل فرد مستقلا فلا يتداخلان، وفيه ان الكلام انما هو بعد الفراغ عن سببية كل فرد مستقلا لو وجد منفردا، والا فلو فرضنا ان السبب هو نفس الطبيعة أو احتملنا ذلك يخرج النزاع من باب تداخل الاسباب بل يرجع البحث إلى ان السبب واحد أو متعدد، (نعم) البحث عن تعدد السبب أو وحدته من مبادى المسألة المبحوث عنها هنا بالفعل إذ لابد ان يثبت اولا ان السبب هو الفرد لا الطبيعة حتى يتعدد السبب، ثم يبحث في تداخل الاسباب وان المصداقين منه يتداخلان في ايجاب الوضوء اولا فما اتعب به بعض الاعاظم نفسه الزكية واستظهر انحلال القضية الشرطية وقال بتقديم ظهورها في الانحلال على ظهور الجزاء في الاتحاد فاجنبي من حريم النزاع مع انه غير خال عن الاشكال فتدبر وخلاصة الكلام في هذا المقام انه لو فرضنا ظهور القضية في سببية كل مصداق من البول لإيجاب الوضوء، فلا شك انه يقع التعارض بين صدر القضية الدال على سببية كل فرد كما إذا صدره بلفظة كلما وبين اطلاق الجزاء ولكن الترجيح مع الصدر عرفا فيتقدم على اطلاق الذيل إذ لا شك انه إذا سمع العرف بان كل فرد سبب لإيجاب الوضوء لا يعتمد على اطلاق الجزاء بل يحكم بان كل فرد سبب لوجوب خاص بلا تداخل الاسباب، وقد ذكرنا وجه فهمه ومنشأ حكمه، هذا حال تداخل الاسباب واما تداخل المسببات في هذا المقام فقد قدمناه في المقام الاول ثبوتا واثباتا تتمة لابد في اخذ المفهوم من القضية الشرطية من حفظ الموضوع مع تمام ما اعتبر قيدا في طرف الموضوع اوفى طرف الجزاء فمفهوم قولنا ان جاءك زيد راكبا يوم الجمعة فاضربه، هو قولنا ان لم يجئك زيد راكبا يوم الجمعة فلا يجب عليك ضربه وقس عليه سائر القيود وهذا ما يعبر عنه من تبعية المفهوم للمنطوق، ومن القيود، العام المجموعى مثل قولك ان جاءك زيد اكرم مجموع العلماء، وقد تسالم كل من قال بالمفهوم ان مفهومه هو انه ان لم يجئك لا يجب اكرام مجموعهم، ولا ينافي ذلك وجوب اكرام بعضهم، انما الاشكال في العام الاستغراقي سواء استفيد بالوضع اللغوي مثل "كل" والجمع المحلى باللام ، ام بغيره مثل النكرة في سياق النفي كما في قوله (عليه السلام) الماء إذا بلغ قدر كر لم ينجسه شيء فعلى القول بإفادته المفهوم فهل هو الايجاب الجزئي بداهة ان نقيض السالبة الكلية هي الموجبة الجزئية كما عليه الشيخ المحقق صاحب الحاشية، أو الموجبة الكلية كما عن الشيخ الاعظم (قدس سره) واوضحه كما في تقريرات بعض تلامذته بان المراد من لفظة شيء اما معناه العام من دون جعله عبرة لعناوين آخر التي هي موضوعات في لسان الدليل كالدم والبول أو يكون عنوانا مشيرا إلى العناوين الواقعة موضوعا للنجاسات، فعلى الاول يكون المفهوم هو الايجاب الجزئي فيقال الماء إذا لم يبلغ الكر ينجسه شيء وعلى الثاني يكون مفاد المنطوق لم ينجسه هذا وهذا ويصير مفهومه حينئذ قضية منطبقة عليها، ويقال الماء إذا لم يبلغ قدر الكر ينجسه هذا وهذا، ويكون هو الموجبة الكلية، والاظهر هو الثاني (انتهى ملخصا) .

ويرد عليه انه كان المراد من جعله عبرة ومرآة للعناوين، هو جعل الحكم على الكثرة التفصيلية اولا وبالذات بلا وساطة لفظ الشيء والكل فهو واضح البطلان، ضرورة ملحوظية عنواني الكل والشيء في موضوع القضية وان كان المراد، ان الغرض من التوصل بهما ليس جعل الحكم عليهما بما هما كذلك، بل الغرض هو اتخاذ هما وسيلة لإسراء الحكم منهما إلى العناوين الواقعية، فهو حق لكن ذلك لا يستلزم ما يبتغيه إذ لابد ان يكون الحكم في طرف المفهوم كذلك أي ان ينفى الحكم عن العنوان المشير إلى العناوين الواقعية فمفهوم قولنا إذا جاءك زيد اكرم كل عالم هو انه إذا لم يجئك لا يجب اكرام كل عالم ولا اشكال في افادته قضية جزئية، وبعبارة اوضح ان كون لفظ شيء مرآة للعناوين لا يستلزم ان يكون العناوين موضوعا للحكم في لسان الدليل بل الموضوع هو لفظ شيء وان كان مرآة للعناوين، وعليه فمدار اخذ المفهوم هو رفع الحكم عما جعل موضوعا في لسان الدليل كما ان الحكم ثابت عليه ظاهرا، وحينئذ يكون مفهوم قولنا لا ينجسه شيء هو ينجسه شيء ولا يضر كونه مرآة لما هو موضوع فتدبر على ان فهم العرف اقوى شاهد اضف إلى ذلك انه لو سلمنا كونه مرآة بالمعنى المتقدم، وان العناوين بكثرتها التفصيلية وقعت موضوعا للحكم، الا انه لا يستفاد من القضية الا الجزئية لان المفهوم ليس الا رفع سنخ الحكم المذكور عن الموضوع، لا اثبات حكم مقامه ومفهوم قولنا لا ينجسه، هو ليس لا ينجسه والقول بان مفهوم ما ذكر هو ينجسه مسامحة نشأت من وضع لازم المفهوم مكانه، وحينئذ فمفهوم قوله إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه البول والدم والكلب هو انه إذا لم يبلغ قدر كر ليس لا ينجسه البول والدم والكلب، وهو لا ينافي تنجيس بعضها إذ المفهوم هو سلب السالبة الكلية، وهو يتحقق تارة بالإيجاب الجزئي واخرى بالإيجاب الكلي (ولو سلم) ان العرف في مثل القضية لا ينتقل إلى سلب السلب بل ينتقل إلى الايجاب فلا اشكال فيما هو مورد نزاع العلمين ان العرف مساعد للايجاب الجزئي وان المفهوم من قوله إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء هو انه إذا لم يبلغ قدر كر ينجسه شيء في الجملة لا انه ينجسه كل شيء من العناوين (لا يقال) ان لازم حصر العلة في الكرية الذى هو الاساس لأثبات المفهوم، ان لا يكون لبعض افراد العام علة اخرى غير ما ذكر في الشرطية، والا يكون مخالفا لظهور الشرطية في الانحصار بل ينهدم اساس المفهوم، وحينئذ فلازم انحصار العلة في جميع الافراد والعناوين، هو الايجاب الكلي في صورة عدم الكرية فيثبت ان مفهومه هو انه ينجسه كل شيء لانا نقول ما يستفاد من الشرطية في مثل تلك القضايا بعد تسليم المفهوم هو كون الشرط علة منحصرة للعموم وان كان استغراقيا، فلا ينافى عدم الانحصار بالنسبة إلى البعض فبلوغ الكر علة منحصرة لعدم تنجسه بكل نجاسة لا انه علة منحصرة لعدم تنجسه بالبول وعلة منحصرة لعدم تنجسه بالدم وهكذا نعم لو انحلت القضية إلى تعليقات عديدة أو الجزاء إلى كثرة تفصيلية حكما وموضوعا كان لما ذكره وجه، لكن الانحلالين ممنوعان، والدليل الاسد الذي هو فهم العرف ان قطعنا النظر عما يقتضيه الصناعة موافق لما قويناه.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


قسم الشؤون الفكرية يصدر العدد الثامن والثلاثين من مجلة دراسات استشراقية
مجمع أبي الفضل العباس (عليه السلام) يستقبل الطلبة المشاركين في حفل التخرج المركزي
جامعة الكفيل تحيي ذكرى هدم مراقد أئمة البقيع (عليهم السلام)
الانتهاء من خياطة الأوشحة والأعلام الخاصة بالحفل المركزي لتخرج طلبة الجامعات