المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



العمل واثره في بناء الفرد ــ والبطالة واثرها على الفرد والمجتمع  
  
2372   09:51 صباحاً   التاريخ: 25-7-2016
المؤلف : ام زهراء السعيدي
الكتاب أو المصدر : التربية من منظور أسلامي
الجزء والصفحة : ص92-93
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / النظام المالي والانتاج /

ان العمل ان لم يكن اكثر فائدة من غيره من العوامل فانه لا يقل عنها، لان البطالة مرفوضة في الاسلام، وان العمل امر مقدس فيه، وعندما يراد تقديس شيء في لغة الدين يقال : ان الله يحب الامر الفلاني. فمثلا ورد في الحديث : (ان الله يحب المؤمن المحترف)(1) وقوله : (الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله)(2) والحديث النبوي المعروف الذي يقول : (ملعون من القي كله على الناس).

ويفهم من القصص التي تروى عن الرسول وامير المؤمنين وسائر الائمة (عليهم السلام) ان العمل والاشتغال به امر مقدس في نظرة قادة الاسلام، وان مسالة العمل لا ترتبط بالحاجة وعدمها، ولا يسوغ العمل عند الفقر والمسكنة فقط.

بل ان العمل واجب وتكليف شرعي، فحديث الرسول الذي يقول (ملعون من القى كله على الناس)، هو حول هذا الامر، وان العمل تكليف اجتماعي وان للمجتمع حقاً في ذمة الانسان، لان كل ما يسلكه هو نتائج  عمل الاخرين، فهو غارق في تلك النتائج، ولو اراد افراد من العمل باي عذر كان فسينطبق عليه قول الرسول (صلى الله عليه واله) بانه القي كله على الناس من دون ان يتحمل اقل واصغر حمل لصالح الناس، وعلى اية حال فان العمل واجب وتكليف. ولكن بحثنا هنا عن العمل من الجانب التربوي، أي العمل اللازم لبناء الفرد، فالإنسان موجود ومتعدد الجهات، فله جسم وقوة تخيل وعقل وقلب... الخ. فالعمل ضروري لجسم الانسان، وضروري لتخيله، وضروري لعقله وفكره، وضروري لقلبه واحاسيسه.

________________

1ـ وسائل الشيعة :ج 17، ص134.

2ـ الكافي :ج 5، ص88 .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.