المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2730 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


النداء  
  
3577   12:36 صباحاً   التاريخ: 21-10-2014
المؤلف : الاشموني
الكتاب أو المصدر : شرح الاشموني على الألفية
الجزء والصفحة : ج1/ ص233- ص249
القسم : علوم اللغة العربية / النحو / النداء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-16 39
التاريخ: 21-10-2014 1903
التاريخ: 21-10-2014 5833
التاريخ: 21-10-2014 6408

 فيه ثلاث لغات أشهرها كسر النون مع المد، ثم مع القصر، ثم ضمها مع المد. واشتقاقه من ندى الصوت وهو بعده، يقال فلان أندى صوتاً من فلان إذا كان أبعد صوتاً منه (وَلِلمُنَادَى النَّاءِ) أي البعيد (أَو)من هو (كَالنَّاءِ) لنوم أو سهو، أو ارتفاع محل، أو انخفاضه، كنداء العبد لربه وعكسه من حروف النداء (يَا وَأَي) بالسكون وقد تمد همزتها (وَآكَذَا أَيَا ثُمَّ هَيَا) وأعمها يا فإنها تدخل في كل نداء، وتتعين في الله تعالى (وَالهَمْزُ) المقصور (لِلدَّانِي) أي القريب نحو أزيد أقبل (وَوَا لِمَنْ نُدِبْ) وهو المتفجع عليه أو المتوجع منه، نحو واولداه وارأساه (أَو يَا) نحو يا ولداه يا رأساه (وَغَيرُوَا) وهو يا (لَدَى اللَّبْسِ اجْتُنِبْ) أي لا تستعمل يا في الندبة إلا عند أمن اللبس كقوله:

حَمَلتَ أَمْرَاً عَظِيمَاً فَاصْطَبَرْتَ لَهُ                        وَقُمْتَ فِيهِ بِأَمْرِ اللَّهِ يَا عُمَرَا
فإن خيف اللبس تعينت.

ص233

تنبيهان: الأول من حروف نداء البعيد آي بمد الهمزة وسكون الياء، وقد عدها في التسهيل فجملة الحروف حينئذٍ ثمانية. الثاني ذهب المبرد إلى أن أيا وهيا للبعيد، وأي والهمزة للقريب، ويا لهما. وذهب ابن برهان إلى أن أيا وهيا للبعيد والهمزة للقريب وأي للمتوسط ويا للجميع، وأجمعوا على أن نداء القريب بما للبعيد يجوز توكيداً وعلى منع العكس (وٍغَيرُ مَنْدَوبٍ وَمُضْمَرٍ وَمَا جَا مَسْتَغَاثَاً قَدْ يُعَرَّى) من حروف النداء لفظاً (فَاعْلَمَا) نحو: {يوسف أعرض عن هذا} (يوسف: 29)، {سنفرغ لكم أيها الثقلان} (الرحمن: 31)، {ان أدوا إليّ عباد الله} (الدخان: 88)، نحو خيراً من زيد أقبل، ونحو من لا يزال محسناً أحسن إلي، أما المندوب والمستغاث والمضمر فلا يجوز ذلك فيها لأن الأولين يطلب فيهما مد الصوت والحذف ينافيه ولتفويت الدلالة على النداء مع المضمر.
تنبيهان: الأول عد في التسهيل من هذا النوع لفظ الجلالة والمتعجب منه، ولفظه: ولا يلزم الحرف إلا مع الله والمضمر والمستغاث والمتعجب منه والمندوب، وعد في التوضيح المنادى البعيد وهو ظاهر. الثاني أفهم كلامه جواز نداء المضمر والصحيح منعه مطلقاً نحو وشذ يا إياك قد كفيتك وقوله:
 يَا أَبْجَرَ ابْنَ أَبْجَرٍ يَا أَنْتَا
(وَذَاكَ) أي التعري من الحروف(فِي اسْمِ الجِنْسِ وَالمُشَارِ لَهْ قَلَّ وَمَنْ يَمْنَعْهُ) فيهما أصلاً ورأساً (فَانْصُرْ عَاذِلَهْ) بالذال المعجمة أي لائمه على ذلك، فقد سمع في كل منهما ما لا يمكن رد جميعه، فمن ذلك في اسم الجنس قولهم: أطرق كراً، وافتد مخنوق، وأصبح ليل. وفي الحديث: «ثوبي حجر» وفي اسم الإشارة قوله:
إذَا هَمَلَتْ عَينِي لَهَا قَالَ صَاحِبِي
بِمِثْلِكَ هَذَا لَوْعَةٌ وَغَرَامُ
وقوله:
 إنَّ الأُلَى وَصَفُوا قَومِي لَهُمْ فَبِهِمْ                        هَذَا اعْتَصِمْ تَلقَ مَنْ عَادَاكَ مَخْذُولاً
وقوله:

ص234

ذَا ارْعِوَاءً فَلَيسَ بَعْدَ اشْتِعَالِ الرْ                        رَأَسِ شَيباً إلَى الصِّبَا مِنِّ سَبِيلِ
وجعل منه قوله تعالى: {ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم} (البقرة: 85) وكلاهما عند الكوفيين مقيس مطرد، ومذهب البصريين المنع فيهما وحمل ما ورد، على شذوذ أو ضرورة، ولحنوا المتنبي في قوله:
 هَذِي بَرَزْتِ لَنَا فَهِجْتِ رَسِيسَاَ
والإنصاف القياس على اسم الجنس لكثرته نظماً ونثراً، وقصر اسم الإشارة على السماع إذا لم يرد إلا في الشعر وقد صرح في شرح الكافية بموافقة الكوفيين في اسم الجنس فقال وقولهم في هذا أصح.
تنبيه: أطلق هنا اسم الجنس وقيده في التسهيل بالمبني للنداء إذ هو محل الخلاف فأما اسم الجنس المفرد غير المعين كقول الأعمى يا رجلاً خذ بيدي فنص في شرح الكافية على أن الحرف يلزمه. فالحاصل أن الحرف يلزم في سبعة مواضع المندوب والمستغاث والمتعجب منه والمنادى البعيد والمضمر ولفظ الجلالة واسم الجنس غير المعين وفي اسم الإشارة واسم الجنس المعين ما عرفت (وَابْنِ المُعَرَّفَ المُنَادَى المُفْرَدَا عَلَى الَّذِي فِي رَفْعِهِ قَدْ عُهِدَا) أي إذا اجتمع في المنادى هذان الأمران التعريف والإفراد فإنه يبنى على ما يرفع به لو كان معرباً. وسواء كان ذلك التعريف سابقاً على النداء نحو يا زيد أو عارضاً فيهبسبب القصد والإقبال وهو النكرة المقصودة نحو يا رجل أقبل تريد رجلاً معيناً. والمراد بالمفرد هنا أن لا يكون مضافاً ولا شبيهاً به كما في باب لا فيدخل في ذلك المركب المزجي والمثنى والمجموع نحو يا معد يكرب ويا زيدان ويا زيدون ويا هندان ويا رجلان ويا مسلمون، وفي نحو يا موسى ويا قاضي ضمة مقدرة.
تنبيهات: الأول قال في التسهيل ويجوز نصب ما وصف من معرف بقصد وإقبال وحكاه في شرحه عن الفراء وأيده بما روي من قوله صلى الله عليه وسلّم في سجوده: «يا عظيماً يرجى لكل عظيم» وجعل منه قوله:

ص235

 أَدَاراً بِحُزْوَى هِجْتِ لِلعَينِ عَبْرَةً
الثاني: ما أطلقه هنا قيده في التسهيل بقوله غير مجرور باللام للاحتراز من نحو يا لزيد لعمرو ونحو يا للماء والعشب، فإن كلاً منهما مفرد وهو معرب. الثالث: إذا ناديت اثني عشر واثنتي عشرة قلت يا اثنا عشر ويا اثنتا عشرة بالألف، وإنما بني على الألف لأنه مفرد في هذا الباب كما عرفت. وقال الكوفيون يا اثني عشر ويا اثنتي عشرة بالياء اجراء لهما مجرى المضاف (وَانْوِ انْضِمَامَ مَا بَنَوا قَبْلَ النِّدَا) كسيبويه وحذام في لغة الحجاز وخمسة عشر (وَليُجْرَ مُجْرَى ذِي بِنَاءٍ جُدِّدَا) ويظهر أثر ذلك في تابعه فتقول يا سيبويه العالم برفع العالم ونصبه كما تفعل في تابع ما تجدد بناؤه نحو يا زيد الفاضل، والمحكي كالمبني تقول يا تأبط شراً المقدام والمقدام (وَالمُفْرَدَ المَنْكُورَ وَالمُضَافَا وَشِبْهَهُ انْصِبْ عَادِماً خِلاَفَا) أي يجب نصب المنادى حتماً في ثلاثة أحوال: الأول النكرة غير المقصودة كقول الواعظ:
يَا غَافِلاً وَالمَوتُ يَطْلُبُهُ
وقول الأعمى: يا رجلاً خذ بيدي. وقوله:
 أَيَا رَاكِبَاً إمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ
وعن المازني أنه أحال وجود هذا النوع. الثاني: المضاف سواء كانت الإضافة محضة نحو: {ربنا اغفر لنا} (آل عمران: 147، الحشر: 10)، أو غير محضة نحو يا حسن الوجه. وعن ثعلب إجازة الضم في غير المحضة. الثالث: الشبيه بالمضاف وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه نحو يا حسناً وجهه ويا طالعاً جبلاً ويا رفيقاً بالعباد ويا ثلاثة وثلاثين فيمن سميته بذلك، ويمتنع في هذا إدخال يا على ثلاثين خلافاً لبعضهم وإن ناديت جماعة هذه عدتها، فإن كانت غير معينة نصبتهما أيضاً، وإن كانت معينة ضممت الأول وعرفت الثاني بأل ونصبته أو رفعته،إلا إن أعدت معه يا فيجب ضمه وتجريده من أل ومنع ابن خروف إعادة يا وتخييره في إلحاق أل مردود.

ص236

تنبيه: انتصاب المنادى لفظاً أو محلاً عند سيبويه على أنه مفعول به وناصبه الفعل المقدر، فأصل يا زيد عنده أدعو زيداً، فحذف الفعل حذفاً لازماً لكثرة الاستعمال ولدلالة حرف النداء عليه وإفادته فائدته، وأجاز المبرد نصبه بحرف النداء لسده مسد الفعل، فعلى المذهبين يا زيد جملة وليس المنادى أحد جزأيها فعند سيبويه جزآها أي الفعل والفاعل مقدران، وعند المبرد حرف النداء سد مسد أحد جزأي الجملة أي الفعل والفاعل مقدر والمفعول ههنا على المذهبين واجب الذكر لفظاً أو تقديراً إذ لا نداء بدون المنادى (وَنَحْوَ زَيدٍ ضُمَّ وَافْتَحَنَّ مِنْ نَحْوِ أَزَيدَ بْنَ سَعِيدٍ لاَ تَهِنْ) أي إذا كان المنادى علماً مفرداً موصوفاً بابن متصل به مضاف إلى علم نحو يا زيد بن سعيد جاز فيه الضم والفتح، والمختار عند البصريين غير المبرد الفتح، ومنه قوله:
 يَا حَكَمُ بْنَ المُنْذِرِ بْنِ الجَارُودْ                          سُرَادِقُ المَجْدِ عَلَيكَ مَمْدُودْ
تنبيه: شرط جواز الأمرين كون الابن صفة كما هو الظاهر، فلو جعل بدلاً أو عطف بيان أو منادى أو مفعولاً بفعل مقدر تعين الضم، وكلامه لا يوفى بذلك وإن كان مراده (وَالضَّمُّ إنْ لَمْ يَلِ الابْنُ عَلَمَا وَيَلِ الاِبْنَ عَلَمٌ قَد حُتِمَا) الضم مبتدأ خبره قد حتما وإن لم يل شرط جوابه محذوف، والتقدير فالضم متحتم أي واجب. ويجوز أن يكون قد حتما جوابه والشرط وجوابه خبر المبتدأ. واستغنى بالضمير الذي في حتم رابطاً لأن جملة الشرط والجواب يستغنى فيهما بضمير واحد لتنزلهما منزلة الجملة الواحدة، وعلى هذا فلا حذف. ومعنى البيت أن الضم متحتم أي واجب إذا فقد شرط من الشروط المذكورة كما في نحو يا رجل ابن عمرو، ويا زيد الفاضل ابن عمرو، ويا زيد الفاضل لانتفاء علمية المنادى في الأولى، واتصال الابن به في الثانية والوصف به في الثالثة، ولم يشترط هذا الكوفيون كقوله:

ص237

 فَمَا كَعْبُ بْنُ مَامَةَ وَابْنُ أَرْوَى                            بِأَجْوَدَ مِنْكَ يَا عُمَرَ الجَوَادَا
بفتح عمر، وعلى هذه الثلاثة يصدق صدر البيت. ونحو يا زيد ابن أخينا لعدم إضافة ابن إلى علم وهو مراد عجز البيت.
تنبيهات: الأول لا إشكال أن فتحة ابن فتحة إعراب إذا ضم موصوفه وأما إذا فتح فكذلك عند الجمهور. وقال عبد القاهر هي حركة بناء لأنك وكبته معه. الثاني: حكم ابنة فيما تقدم حكم ابن فيجوز الوجهان نحو يا هند ابنة زيد خلافاً لبعضهم ولا أثر للوصف ببنت هنا فنحو يا هند بنت عمرو واجب الضم. الثالث: يلتحق بالعلم يا فلان بن فلان ويا ضل بن ضل. ويا سيد بن سيد ذكره في التسهيل وهو مذهب الكوفيين. ومذهب البصريين في مثله مما ليس بعلم التزام الضم. الرابع: قال في التسهيل وربما ضم الابن اتباعاً يشير إلى ما حكاه الأخفش عن بعض العرب من يا زيد ابن عمرو بالضم اتباعاً لضمة الدال. الخامس: قال فيه أيضاً: ومجوز فتح ذي الضمة في النداء يوجب في غيره حذف تنوينه لفظاً وألف ابن في الحالتين خطأ وإن نون فللضرورة. السادس: اشترط في التسهيل لذلك كون المنادى ذا ضمة ظاهرة، وعبارته: ويجوز فتح ذي الضمة الظاهرة اتباعاً وكلامه هنا يحتمله، فنحو يا عيسى ابن مريم يتعين فيه تقدير الضم إذ لا فائدة في تقدير الفتح وفيه خلاف اهـ (وَاضْمُمْ أَوِ انْصِبْ مَا اضْطِرَاراً نُوِّنَا مِمَّا لَهُ اسْتِحْقَاقُ ضَمَ بُيِّنَا) فقد ورد السماع بهما، فمن الضم قوله:
 سَلاَمُ اللَّهِ يَا مَطَرٌ عَلَيهَا
وقوله:
 لَيتَ التَّحِيَّةَ كَانَتْ لِي فَأَشْكُرَهَا                          مَكَانَ يَا جَمَلٌ حُيِّيتَ يَا رَجُلُ
ومن النصب قوله:
 أَعَبْدَاً حَلَّ فِي شَعَبَى غَرِيباً
وقوله:
 ضَرَبَتْ صَدْرَهَا إلَيَّ وَقَالَتْ                               يَا عَدِيّاً لَقَدْ وَقْتَكَ الأَوَاقِي

ص238

واختار الخليل وسيبويه الضم. وأبو عمرو وعيسى ويونس والجرمي والمبرد النصب. ووافق الناظم والأعلم الأولين في العلم والآخرين في اسم الجنس (وَبِاضْطِرَارٍ خُصَّ جَمْعُ يَا وَأَل) في نحو قوله:
عَبَّاسُ يَا المَلِكُ المُتَوَّجُ وَالَّذِي        عَرَفَتْ لَهُ بَيتَ العُلاَ عَدْنَانُ
وقوله:
فَيَالغُلاَمَانِ اللَّذَانِ فَرَّا            إيَّاكُمَا أَنْ تُعْقِبَانَا شَرّاً
ولا يجوز ذلك في الاختيار خلافاً للبغداديين في ذلك (إلاَّ مَعَ اللَّهِ) فيجوز إجماعاً للزوم أل له حتى صارت كالجزء منه فتقول يا ألله بإثبات الألفين، ويا الله بحذفهما، ويا الله بحذف الثانية فقط (وَ) إلا مع (مَحْكِيِّ الجُمَل) نحو يا ألمنطلق زيد فيمن سمي بذلك، نص على ذلك سيبويه، وزاد عليه المبرد ما سمي به من موصول مبدوء بأل نحو الذي والتي وصوبه الناظم. وزاد في التسهيل اسم الجنس المشبه به نحو يا الأسد شدة أقبل، وهو مذهب ابن سعدان. قال في شرح التسهيل وهو قياس صحيح لأن تقديره يا مثل الأسد أقبل ومذهب الجمهور المنع (وَالأَكْثَرُ) في نداء اسم الله تعالى أن يحذف حرف النداء ويقال (اللّهُمَّ بِالتَّعْوِيضِ) أي بتعويض الميم المشددة عن حرف النداء (وَشَذَّ يَا اللَّهُمَّ فِي قَرِيضِ) أي شذ الجمع بين يا والميم في الشعر كقوله:
إنِّي إذَا مَا حَدَثٌ أَلَمَّا                          أَقُولُ يَا اللَّهُمَّ يَا اللَّهُمَّا
تنبيهات: الأول مذهب الكوفيين أن الميم في اللهم بقية جملة محذوفة وهي أمنا بخير، وليست عوضاً عن حرف النداء ولذلك أجازوا الجمع بينهما في الاختيار. الثاني قد تحذف أل من اللهم كقوله:
 لاَهُمَّ إنْ كُنْتَ قَبِلتَ حَجَّتِجْ

ص239

وهو كثير في الشعر. الثالث قال في النهاية: تستعمل اللهم على ثلاثة أنحاء: أحدها النداء المحض نحو اللهم أثبنا. ثانيها أن يذكرها المجيب تمكيناً للجواب في نفس السامع كأن يقول لك القائل أزيد قائم فتقول له: اللهم نعم أو اللهم لا. ثالثها: أن تستعمل دليلاً على الندرة وقلة وقوع المذكور نحو قولك أنا أزورك اللهمإذا لم تدعني، ألا ترى أن وقوع الزيارة مقروناً بعدم الدعاء قليل.
(تَابِعَ) المنادى (ذِي الضَّمِّ المُضَافَ دُونَ أَل أَلزِمْهُ نَصْباً) مراعاة لمحل المنادى نعتاً كان (كَأَزَيدُ ذَا الحِيَل) أو بياناً نحو يا زيد عائد الكلب، أو توكيداً نحو يا زيد نفسه ويا تميم كلهم أو كلكم.
تنبيهان: الأول أجاز الكسائي والفراء وابن الأنباري الرفع في نحو يا زيد صاحبنا، والصحيح المنع لأن إضافته محضة، وأجازه الفراء في نحو يا تميم كلهم وقد سمع، وهو محمول عند الجمهور على القطع أي كلهم يدعى. الثاني: شمل قوله ذي الضم العلم والنكرة المقصودة والمبني قبل النداء لأنه يقدر ضمه كما مر (وَمَا سِوَاهُ) أي ما سوى التابع المستكمل للشرطين المذكورين وهما الإضافة والخلو من أل، وذلك شيئان: المضاف المقرون بأل،والمفرد (ارْفَعْ أوِ انْصِبْ) تقول يا زيد الحسن الوجه والحسن الوجه، ويا زيد الحسن والحسن، ويا غلام بشر وبشراً، ويا تميم أجمعون وأجمعين، فالنصب اتباعاً للمحل، والرفع اتباعاً للفظ لأنه يشبه المرفوع من حيث عروض الحركة.

ص240

تنبيهان: الأول شمل كلامه أولاً وثانياً التوابع الخمسة، ومراده النعت والتوكيد وعطف البيان، وسيأتي الكلام على البدل وعطف النسق. الثاني: ظاهر كلامه أن الوجهين على السواء (وَاجْعَلاَ كَمُسْتَقِلَ) بالنداء (نَسَقاً) خالياً عن أل(وَبَدَلاَ) تقول يا زيد بشر بالضم، وكذلك يا زيد وبشر، وتقول يا زيد أبا عبد الله وكذلك يا زيد وأبا عبد الله، وهكذا حكمهما مع المنادى المنصوب لأن البدل في نية تكرار العامل، والعاطف كالنائب عن العامل.
تنبيه: أجاز المازني والكوفيون يا زيد وعمرا ويا عبد الله وبكرا (وَإِنْ يَكُنْ مَصْحُوبَ أَل مَا نُسِقَا فَفِيهِ وَجْهَانِ) الرفع والنصب (وَرَفْعٌ يُنْتَقَى) أي يختار وفاقاً للخليل وسيبويه والمازني لما فيه من مشاكلة الحركة ولحكاية سيبويه أنه أكثر، وأما قراءة السبعة: {يا جبال أوّبي معه والطير} (سبأ: 10)، بالنصب فللعطف على فضلاً من: {ولقد آتينا داود منا فضلاً} (سبأ: 10)، واختار أبو عمرو وعيسى ويونس والجرمي النصب لأن ما فيه أل لم يل حرف النداء فلا يجعل كلفظ ما وليه وتمسكاً بظاهر الآية إذ إجماع القراء سوى الأعرج على النصب. وقال المبرد إن كانت أل معرفة فالنصب وإلا فالرفع لأن المعرف يشبه المضاف.

ص241

تنبيه: هذا الاختلاف إنما هو في الاختيار، والوجهان مجمع على جوازهما إلا فيما عطف على نكرة مقصودة نحو يا رجل الغلام والغلام فلا يجوز فيه عند الأخفش ومن تبعه إلا الرفع (وَأَيُّهَا مَصْحُوبَ أَل بَعْدُ صِفَهْ يَلزَمُ بِالرَّفْعِ لَدَى ذِي المَعْرِفَهْ) يجوز في ضبط هذا البيت أن يكون مصحوب منصوباً فأيها مبتدأ ويلزم خبره ومصحوب مفعول مقدم بيلزم وصفة نصب على الحال من مصحوب أل وبالرفع في موضع الحال من مصحوب أل وبعد في موضع الحال مبني على الضم لحذف المضاف إليه وهو ضمير يعود إلى أي. والتقدير وأيها يلزم مصحوب أل حال كونه صفة لها مرفوعة واقعة أو واقعاً بعدها. ويجوز أن يكون مصحوب مرفوعاً على أنه مبتدأ ويكون خبره يلزم والجملة خبر أيها والعائد على المبتدأ محذوف أي يلزمها ويجوز أن يكون صفة هو الخبر. والمراد إذا نوديت أي فهي نكرة مقصودة مبنية على الضم وتلزمها ها التنبيه مفتوحة، وقد تضم لتكون عوضاً عما فاتها من الإضافة، وتؤنث لتأنيث صفتها نحو يأيها الإنسان يأتيها النفس ويلزم تابعها الرفع، وأجاز المازني نصبه قياساً على صفة غيره من المناديات المضمومة. قال الزجاج لم يجز هذا المذهب أحد قبله ولا تابعه أحد بعده، وعلة ذلك أن المقصود بالنداء هو التابعوأي وصلة إلى ندائه. وقد اضطرب كلام الناظم في النقل عن الزجاج فنقل في شرح التسهيل عنه هذا الكلام ونسب إليه في شرح الكافية موافقة المازني وتبعه ولده. وإلى التعريض بمذهب المازني الإشارة بقوله لدى ذي المعرفة، وظاهر كلامه أنه صفة مطلقاً وقد قيل عطف بيان قال ابن السيد وهو الظاهر. وقيل إن كان مشتقاً فهو نعت وإن كان جامداً فهو عطف بيان وهذا أحسن.

ص242

تنبيهات: الأول يشترط أن تكون أل في تابع أي جنسية كما ذكره في التسهيل فإذا قلت يأيها الرجل فأل جنسية وصارت بعد للحضور كما صارت كذلك بعد اسم الإشارة. وأجاز الفراء والجرمي اتباع أي بمصحوب أل التي للمح الصفة نحو يا أيها الحرث، والمنع مذهب الجمهور ويتعين أن يكون ذلك عطف بيان عند من أجازه.6 الثاني: ذهب الأخفش في أحد قوليه إلى أن المرفوع بعد أي خبر لمبتدأ محذوف وأي موصولة بالجملة، ورد بأنه لو كان كذلك لجاز ظهور المبتدأ بل كان أولى ولجاز وصلها بالفعلية والظرف. الثالث: ذهب الكوفيون وابن كيسان إلى أن ها دخلت للتنبيه مع اسم الإشارة فإذا قلت يأيها الرجل تريد يأيها ذا الرجل ثم حذف ذا اكتفاء بها. الرابع: يجوز أن توصف صفة أي ولا تكون إلا مرفوعة مفردة كانت أو مضافة كقوله:
يَأَيُّهَا الجَاهِلُ ذُو التّنَزِّي                       لاَ تُوعِدَنِّي حَيَّةً بِالنَّكْزِ
(وَأَيُّ هَذَا أَيُّهَا الَّذِي وَرَدْ) أيهذا مبتدأ وأيها الذي عطف عليه وسقط العاطف للضرورة، وورد جملة خبر، ووحد الفاعل إما لكون الكلام على حذف مضاف والتقدير لفظ أيهذا وأيها الذي ورد أو هو من باب:
 نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا
عِنْدَكَ رَاضٍ..............
أي ورد أيضاً وصف أي في النداء باسم الإشارة وبموصول فيه أل كقوله:
أَلاَ أَيُّهَا ذَا البَاخِعُ الوَجْدُ نَفْسَهُ                لِشَيءٍ نَحَتْهُ عَنْ يَدَيهِ المَقَادِرُ
ونحو: {يأيها الذي نزل عليه الذكر} (الحج: 6)، وَوَصْفُ أيَ بِسِوَى هَذَا الذي ذكر (يُرَدْ) فلا يقال يأيها زيد ولا يأيها صاحب عمرو.
تنبيهان: الأول يشترط لوصف أي باسم الإشارة خلوه من كاف الخطاب كما هو ظاهر كلامه وفاقاً للسيرافي وخلافاً لابن كيسان فإنه أجاز يأيها ذاك الرجل. الثاني لا يشترط في اسم الإشارة المذكور أن يكون منعوتاً بذي أل وفاقاً لابن عصفور والناظم كقوله:

ص243

 أَيُّهَذَانِ كُلاَ زَادَ كُمَا                            وَدَعَانِي وَاغِلاً فِيمَنْ وَغَل
واشترط ذلك غيرهما (وَذُو إشَارَةٍ كَأَيَ فِي الصِّفَةْ) في لزومها ولزوم رفعها كونها بأل على ما مر. نحو يا ذا الرجل ويا ذا الذي قام هذا (إنْ كَانَ تَرْكُهَا) أي ترك الصفة (يُفِيتُ المَعْرِفَهْ) أي بأن تكون هي مقصودة بالنداء واسم الإشارة قبلها لمجرد الوصلة إلى ندائها كقولك لقائم بين قوم جلوس يا هذا القائم. أما إذا كان اسم الإشارة هو المقصود بالنداء بأن قدرت الوقوف عليه فلا يلزم شيء من ذلك، ويجوز في صفته حينئذٍ ما يجوز في صفة غيره من المناديات المبنيات على الضم (فِي نَحْوِ) يا (سَعْدُ سَعْدَ الاَوسِ) وقوله:
 يَا تَيمَمُ تَيمَ عَدِيَ لاَ أَبَالَكُمُ
وقوله:
يَا زَيدٌ زَيدَدُ اليَعْمُلاَتِ الذُّبَّلِ
(يَنْتَصِبْ ثَانٍ) حتماً (وَضُمَّ وَافْتَحْ أَوَّلاً تُصِبْ) فإن ضممته فلأنه منادى مفرد معرفة، وانتصاب الثاني حينئذٍ لأنه منادى مضاف أو توكيد أو عطف بيان أو بدل أو بإضمار أعني. وأجاز السيرافي أن يكون نعتاًوتأول فيه الاشتقاق. وإن فتحته فثلاثة مذاهب: أحدها وهو مذهب سيبويه أنه منادى مضاف إلى ما بعد الثاني. والثاني مقحم بين المضاف والمضاف إليه. وعلى هذا قال بعضهم يكون نصب الثاني على التوكيد وثانيها وهو مذهب المبرد أنه مضاف إلى محذوف دل عليه الآخر، والثاني مضاف إلى الآخر ونصبه على الأوجه الخمسة، وثالثها: أن الاسمين ركبا تركيب خمسة عشر ففتحتهما فتحة بناء لا فتحة إعراب ومجموعهما منادى مضاف وهذا مذهب الأعلم.

ص244

تنبيهات: الأول صرح في الكافية بأن الضم أمثل الوجهين، الثاني: مذهب البصريين أنه لا يشترط في الاسم المكرر أن يكون علماً بل اسم الجنس نحو يا رجل رجل قوم والوصف نحو يا صاحب صاحب زيد كالعلم فيما تقدم، وخالف الكوفيون في اسم الجنس فمنعوا نصبه وفي الوصف فذهبوا إلى أنه لا ينصب إلا منوناً نحو يا صاحباً صاحب زيد، الثالث: إذا كان الثاني غير مضاف نحو يا زيد زيد جاز ضمه بدلاً، ورفعه ونصبه عطف بيان على اللفظ أو المحل.
المنادى المضاف إلى ياء المتكلم
(وَاجْعَل مُنَادًى صَحَّ) آخره (إنْ يُضَفْ لِيَا) المتكلم (كَعَبْدِ عَبْدِي عَبْدَ عَبْدا عَبْدِيَا) والأفصح والأكثر من هذه الأمثلة الأول وهو حذف الياء والاكتفاء بالكسرة نحو: {يا عباد فاتقون} (الزمر: 16)، ثم الثاني: وهو ثبوتها ساكنة نحو: {يا عباد لا خوف عليكم} (الزخرف: 68)، والخامس: وهو ثبوتها مفتوحة نحو: {يا عبادي الذين أسرفوا} (الزمر: 53)، وهذا هو الأصل، ثم الرابع: وهو قلب الكسرة فتحة والياء ألفاً نحو: {يا حسرتا} (يس: 30). وأما المثال الثالث وهو حذف الألف والاجتزاء بالفتحة فأجازه الأخفش والمازني والفارسي كقوله:
 وَلَسْتُ بِرَاجِعٍ مَا فَاتَ مِنِّي                     بِلَهْفَ وَلاَ بِلَيتَ وَلاَ لَو انِّي
أصله بقولي يا لهفا. ونقل عن الأكثرين المنع. قال في شرح الكافية وذكروا أيضاً وجهاً سادساً وهو الاكتفاء عن الإضافة بنيتها وجعل الاسم مضموماً كالمنادى المفرد. ومنه قراءة بعض القراء: {رب السجن أحب إليّ} (يوسف: 33)، وحكى يونس عن بعض العرب: يا أم لا تفعلي وبعض العرب يقولون يا رب اغفر لي ويا قوم لا تفعلوا. أما المعتل آخره ففيه لغة واحدةوهي ثبوت يائه مفتوحة نحو يا فتاي ويا قاضي.

ص245

تنبيهان: الأول ما سبق من الأوجه هو فيما إضافته للتخصيص كما أشعر به تمثيله، أما الوصف المشبه للفعل فإن ياءه ثابتة لا غير، وهي إما مفتوحة أو ساكنة نحو يا مكرمي ويا ضاربي. الثاني: قال في شرح الكافية: إذا كان آخر المضاف إلى ياء المتكلم ياء مشددة كبني قيل يا بني أو يا بني لا غير فالكسر على التزام حذف ياء المتكلم فراراً من توالي الياآت مع أن الثالثة كان يختار حذفها قبل ثبوت الثنتين وليس بعد اختيار الشيء إلا لزومه. والفتح على وجهين: أحدهما أن تكون ياء المتكلم أبدلت ألفاً ثم التزم حذفها لأنها بدل مستثقل. الثاني: أن ثانية ياءي بني حذفت ثم أُدغمت أولاهما في ياء المتكلم ففتحت لأن أصلها الفتح كما فتحت في يدي ونحوه اهـ. وقد تقدمت بقية الأحكام في باب المضاف إلى ياء المتكلم(وَفَتْحٌ أو كَسْرٌ وَحَذْفُ اليَا) والألف تخفيفاً لكثرة الاستعمال (اسْتَمَرْ فِي) قولهم (يَا ابْنَ أُمَّ) ويا ابنة أم و (يَا ابْنَ عَمَّ) ويا ابنة عم (لاَ مَفَرْ) أما الفتح ففيه قولان: أحدهما أن الأصل أما وعما بقلب الياء ألفاً فحذفت الألف وبقيت الفتحة دليلاً عليها. الثاني أنهما جعلا اسماً واحداً مركباً وبني على الفتح والأول قول الكسائي والفراء وأبي عبيدة وحكي عن الأخفش والثاني قيل هو مذهب سيبويه والبصريين وأما الكسر فظاهر مذهب الزجاج وغيره أنه مما اجتزى فيه بالكسرة عن الياء المحذوفة من غير تركيب. قال في الارتشاف: وأصحابنا يعتقدون أن ابن أم وابنة أم وابن عم وابنة عم حكمت لها العرب بحكم اسم واحد وحذفوا الياء كحذفهم إياها من أحد عشر إذا أضافوه إليها. وأما إثبات الياء والألف في قوله:
يَا ابْنَ أُمِّي وَيَا شُقَيِّقَ نَفْسِي
وقوله:
 يَا ابْنَةَ عَمَّا لاَ تَلُومِي وَاهْجَعِي

ص246

فضرورة. أما ما لا يكثر استعماله من نظائر ذلك نحو يا ابن أخي ويا ابن خالي فالياء فيه ثابتة لا غير، ولهذا قال في يا ابن أم يا ابن عم ولم يقل في نحو يا ابن أم يا ابن عم.
تنبيه: نص بعضهم على أن الكسر أجود من الفتح وقد قرىء: {قال يا ابن أم} (طه: 94) بالوجهين (وَفِي النِّدَا) قولهم يا (أَبَتِ) ويا (أُمَّتِ) بالتاء (عَرَضْ) والأصل يا أبي ويا أمي (وَاكْسِرْ أَوِ افْتَحْ وَمِنَ اليَا التَّا عِوَضْ) ومن ثم لا يكادان يجتمعان، ويجوز فتح التاء وهو الأقيس وكسرها وهو الأكثر، وبالفتح قرأ ابن عامر وبالكسر قرأ غيره من السبعة.
تنبيهات: الأول فهم من كلامه فوائد: الأولى أن تعويض التاء من ياء المتكلم في أب وأم لا يكون إلا في النداء.الثانية أن ذلك مختص بالأب والأم. الثالثة أن التعويض فيهما ليس بلازم فيجوز فيهما ما جاز في غيرهما من الأوجه السابقة فهم ذلك من قوله عرض. الرابعة منع الجمع بين التاء والياء لأنها عوض عنها وبين التاء والألف لأن الألف بدل من الياء. وأما قوله:
أَيَا أَبَتِي لاَ زِلتَ فِينَا فَإِنَّمَا                                لَنَا أَمَلٌ فِي العَيشِ مَا دُمْتَ عَائِشَا
فضرورة وكذا قوله:
يَا أَبَتَا عَلَّكَ أَو عَسَاكَا
ص247
وهو أهون من الجمع بين التاء والياء لذهاب صورة المعوض عنه. وقال في شرح الكافية الألف فيه هي الألف التي يوصل بها آخر المنادى إذا كان بعيداً أو مستغاثاً به أو مندوباً، وليست بدلاً من ياء المتكلم، وجوز الشارح الأمرين. الثاني: اختلف في جواز ضم التاء في يا أبت ويا أمت فأجازه الفراء وأبو جعفر النحاس، ومنعه الزجاج، ونقل عن الخليل أنه سمع من العرب من يقول يا أبت ويا أمت بالضم، وعلى هذا فيكون في ندائهما عشر لغات: الست السابقة في نحو يا عبد، وهذه الأربعة أعني تثليث التاء والجمع بينها وبين الألف في نحو يا أبتا على ما مر. الثالث: يجوز إبدال هذه التاء هاء وهو يدل على أنها تاء التأنيث قال في التسهيل وجعلها هاء في الخط والوقف جائز، وقد قرىء بالوجهين في السبع، ورسمت في المصحف بالتاء.
أسماء لازمت النداء
(وَفُلُ بَعْضُ مَا يُخَصُّ بِالنِّدَا) أي لا يستعمل في غير النداء ويقال للمؤنثة يا فلة واختلف فيهما فمذهب سيبويه أنهما كنايتان عن نكرتين، ففل كناية عن رجل وفلة كناية عن امرأة، ومذهب الكوفيين أن أصلهما فلان وفلانة فرخما، ورده الناظم بأنه لو كان مرخماً لقيل فيه فلا ولما قيل في التأنيث فلة. وذهب الشلوبين وابن عصفور وصاحب البسيط إلى أن فل وفلة كناية عن العلم نحو زيد وهند بمعنى فلان وفلانة، وعلى ذلك مشى الناظم وولده. قال الناظم في شرح التسهيل وغيره أن يا فل بمعنى يا فلان ويا فلة بمعنى يا فلانة، قال وهما الأصل فلا يستعملان منقوصين في غير نداء إلا في ضرورة فقد وافق الكوفيين في أنهما كناية عن العلم وأن أصلهما فلان وفلانة، وخالفهم في الترخيم ورده بالوجهين السابقين و (لُؤْمَانُ) بالهمز وضم اللام، وملأم وملأمان بمعنى عظيم اللؤم و (نَومَانُ) بفتح النون بمعنى كثير النوم (كَذَا) أي مما يختص بالنداء.

ص248

تنبيهان: الأول الأكثر في بناء مفعلان نحو ملأمان أن يأتي في الذم، وقد جاء في المدح نحو يا مكرمان حكاه سيبويه والأخفش، ويا مطيبان. وزعم ابن السيد أنه يختص بالذم وأن مكرمان تصحيف مكذبان وليس بشيء. الثاني: قال في شرح الكافية إن هذه الصفات مقصورة على السماع بإجماع وتبعه ولده، وهو صحيح في غير مفعلان فإن فيه خلافاً، أجاز بعضهم القياس عليه فتقول يا مخبثان وفي الأنثى يا مخبثانة (وَاطَّرْدَا فِي سَبِّ الأُنْثَى وَزْنُ) يا فعال نحو: (يَا خَبَاثِ) يا لكاع يا فساق وأما قوله:
أُطَوِّف مَا أُطَوِّفُ ثُمَّ آوِى                      إلَى بَيتٍ قَعِيدَتُهُ لَكَاعِ
فضرورة (وَالأَمْرُ هَكَذَا) أي اسم فعل الأمر مطرد(مِنَ الثُّلاَثِي) عند سيبويه نحو نزال وتراك من نزل وترك.
تنبيهان: الأول أهمل الناظم من شروط القياس على هذا النوع أربعة شروط: الأول أن يكون مجرداً فأما غير المجرد فلا يقال منه إلا ما سمع نحو: دراك من أدرك. الثاني: أن يكون تاماً فلا يبنى من ناقص. الثالث: أن يكون متصرفاً. الرابع: أن يكون كامل التصرف فلا يبنى من يدع ويذر. الثاني ادعى سيبويه سماعه من غير الثلاثي شذوذاً كقرقار من قرقر في قوله:
قَالَتْ لَهُ رِيحُ الصَّبَا قَرْقَار                      وعرعار من عرعر
في قوله:
يَدْعُو وَلِيدَهُمْ بِهَا عَرْعَارِ

ص249

وقاس عليه الأخفش. ورد المبرد على سيبويه سماع اسم الفعل من الرباعي. وذهب إلى أن قرقار وعرعار حكاية صوت، وحكاه عن المازني. وحكى المازني عن الأصمعي عن أبي عمرو مثله. والصحيح ما قاله سيبويه لأن لو كان حكاية صوت لكان الصوت الثاني مثل الأول نحو غاق غاق فلما قال عرعار وقرقار فخالف لفظ الأول لفظ الثاني علم أنه محمول على عرعر وقرقر (وَشَاعَ فِي سَبِّ الذُّكُورِ) يا (فُعَلُ) نحو قولهم يا فسق يا لكع يا غدر يا خبث (وَلاَ تَقِسْ) عليه بل طريقه السماع، واختار ابن عصفور كونه قياساً ونسب لسيبويه (وَجُرَّ فِي الشِّعْرِ فُلُ) قال الراجز:
فِي لُجَّةٍ أمْسِكْ فُلاَناً عَنْ فُلِ
والصواب أن أصل هذا فلان وأنه حذف منه الألف والنون للضرورة كقوله:
 دَرَسَ المَنَا بِمُتَالِعٍ فَأَبَانِ
أي درس المنازل. وليس هو فل المختص بالنداء إذ معناهما مختلف على الصحيح، كما مر أن المختص بالنداء كناية عن اسم الجنس وفلان كناية عن علم ومادتهما مختلفة. فالمختص مادته ف ل ى فلو صغرته قلت فلى، وهذا مادته ف ل ن فلو صغرته قلت فلين، وقد تقدم بيان ما ذهب إليه المصنف.
خاتمة: يقال في نداء المجهول والمجهولة يا هن ويا هنة، وفي التثنية والجمع يا هنان ويا هنتان ويا هنون يا هنات، وقد يلي أواخرهن ما يلي آخر المندوب نحو يا هناه ويا هنتاه بضم الهاء وكسرهاوفي التثنية والجمع يا هنانيه ويا هنتانيه ويا هنوناه ويا هناتوه. والله أعلم.

ص250




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.