المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6204 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
أزواج النبي "ص" يشاركن في الصراع على الخلافة
2024-11-06
استكمال فتح اليمن بعد حنين
2024-11-06
غزوة حنين والطائف
2024-11-06
اية الميثاق والشهادة لعلي بالولاية
2024-11-06
اية الكرسي
2024-11-06
اية الدلالة على الربوبية
2024-11-06



التفسير الثاني لقولهم «تصحيح ما يصحّ عنهم» بشقوقه الثلاثة.  
  
1494   08:40 مساءاً   التاريخ: 21-4-2016
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني.
الكتاب أو المصدر : دروس تمهيدية في علمي الرجال والحديث
الجزء والصفحة : ص 45 ـ 51.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علم الرجال / التوثيقات العامة /

قد عرفت أنّ ما ذكره الكشي في اتّفاق العصابة على «تصحيح ما يصحّ عنهم» يحتمل وجهين:

أ. تصديق حكاياتهم وتحديثاتهم.

ب. تصحيح رواياتهم وأحاديثهم.

وقد مرّ الوجه الأوّل [في التفسير الأول] وحان البحث في الوجه الثاني، فنقول:

إنّ اتّفاق العصابة على تصحيح مرويات هؤلاء وأحاديثهم على نحو يحتجّ بها في مجالات شتّى يمكن أن يكون لأحد أمرين:

الأمر الأوّل: احتفاف رواياتهم بالقرائن الخارجية الدالّة على صحّتها.(هذا هو الشقّ الأوّل).

الأمر الثاني: احتفاف رواياتهم بالقرائن الداخلية الدالّة على صحّتها.(هذا هو الشقّ الثاني).(1)

وإليك التفاصيل:

1.الصحّة، لاحتفاف أحاديثهم بالقرائن الخارجية

إنّ هذا الاحتمال مبنيّ على القول بأنّ الصحيح عند القدماء غيره عند المتأخّرين، فالصحيح عند القدماء عبارة عن: اقتران الحديث بقرائن دالّة على صدوره من الإمام.

منها: أن يكون موافقاً لنصّ الكتاب.

ومنها: أن يكون موافقاً للسنّة المقطوع بها من جهة التواتر.

ومنها: أن يكون موافقاً لما أجمعت عليه الفرقة المحقّة.

ومنها: أن يكون الحديث مأخوذاً من أصل، أو مصنَّف معتبر، أو من كتاب عرض على الإمام، إلى غير ذلك من القرائن الخارجية التي تثبت صدور الحديث.

هذا هو الصحيح عند القدماء، وأمّا الصحيح عند المتأخّرين فهو عبارة عن: كون السند متصلاً بالمعصوم من خلال نقل الإمامي العدل الضابط عن مثله في جميع الطبقات. وسيوافيك في محلّه انّ الحديث عند القدماء كان ثنائيّ التقسيم (الصحيح والضعيف)، وهو عند المتأخرين رباعيّ التقسيم (الصحيح، الحسن، الموثّق، الضعيف).

وعلى ضوء هذا، فعبارة الكشّي ناظرة إلى الصحيح المصطلح في ذلك الزمان وهو الخبر المحتف بالقرائن الخارجية، فيكون مفادُها اتّفاقَ العصابة على صحّة أحاديثهم لأجل القرائن الخارجيّة.

وعلى هذا الوجه لا يترتب عليه ثمرة رجالية و هو خيرة المحقّق الداماد في رواشحه، قال: أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم، والإقرار لهم بالفقه والفضل والضبط والثقة، وإن كانت روايتهم بإرسال أو رفع أو عمّن يسمّونه و هو ليس بمعروف الحال ولمّة منهم في أنفسهم فاسدو العقيدة، غير مستقيمي المذهب.

إلى أن قال: مراسيل هؤلاء ومرافيعهم ومقاطيعهم ومسانيدهم إلى من يسمّونه من غير المعروفين، معدودة عند الأصحاب ـ رضوان اللّه عليهم ـ من الصّحاح، من غير اكتراث منهم; لعدم صدق حدّ الصحيح على ما قد علمته من المتأخّرين عليها.(2)

يلاحظ عليه: بأنّ العلم باقتران أحاديث هؤلاء بالقرائن أمر صعب للغاية، فكيف يحصل العلم بها، لأنّ العصابة حكموا بصحّة كلّ ما صحّ عن هؤلاء من غير تخصيص بكتاب أو أصل أو أحاديث معيّنة، بل حكموا بتصحيح الكلّ وما صحّ عنهم على حدّ سواء، فتحصيل العلم بالقرائن الخارجية بكلّ ما روي عنهم على الإطلاق أمر مشكل إلاّ إذا كانت أحاديثهم محصورة في كتاب، والمفروض خلافه؟ وسيوافيك تفصيله في بيان الأمر الثاني.

2. الصحة لاحتفاف رواياتهم بالقرائن الداخلية

والمراد من القرائن الداخلية وثاقتهم ووثاقة مشايخهم إلى أن تنتهي إلى الإمام، و هذا هو الذي تبنّاه نخبة من المحقّقين كما حكاه المحقّق البهبهاني (1118ـ 1206هـ) حيث قال: المشهور انّ المراد صحّة كلّ ما رواه حيث تصحّ الرواية إليه، فلا يلاحظ من بعده إلى المعصوم وإن كان فيه ضعيف.(3)

وقد اختاره المحدّث النوري وأصرّ عليه وذكر في تأييده وجوهاً نذكر منها وجهين:

الأوّل: انّ الحكم بصحّة روايات هؤلاء لو كان مستنداً إلى القرائن الداخلية كوثاقة من يروون عنه، لكان لهذه الدعوى الكلّيّة وجه، لإمكان إحراز ديدنهم على أنّهم لا يروون إلاّ عن ثقة، كما هو المشهور في حقّ ابن أبي عمير وصفوان والبزنطي; وأمّا لو كان الحكم بالصحّة مستنداً إلى القرائن الخارجية التي تفيد الاطمئنان بصدق الخبر، فإحراز تلك القرائن في عامّة ما يروونه من الأخبار، إنّما يصحّ إذا كانت أحاديثهم محصورة في كتاب أو عند راو سمعها منهم، يمكن معه الاطّلاع على الاقتران بالقرائن أو عدمه، وأمّا إذا لم يكن كذلك، فالحكم بصحّة كلّ ما صحّ عن هؤلاء من غير تخصيص بكتاب أو أصل أو أحاديث معيّنة، يعدّ من المحالات العادية.

وبعبارة أُخرى: يمكن إحراز ديدن جماعة خاصة والتزامهم بعدم الرواية إلاّ عن ثقة، فإذا صحّ الخبر إلى هؤلاء، يمكن الحكم بالصحّة، لوثاقة من يروون عنه، لأجل الالتزام المحرَز، وأمّا إحراز كون عامّة أخبارهم مقرونة بالقرائن حتى يصحّ الحكم بصحّة أخبارهم من هذه الجهة، فإحراز تلك القرائن مع كثرة رواياتهم، وتشتّتها في مختلف الأبواب والكتب محال عادة.

يلاحظ عليه أوّلاً: أنّ معنى هذا الوجه هو أنّ هؤلاء كانوا ملتزمين بنقل الروايات عن الثقات دون الضعاف، ولازم ذلك انّهم كانوا يحترزون عن نقل الروايات المتواترة أو المستفيضة إذا كان رواتها ضعافاً، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به، إذ لا وجه لترك الرواية المتواترة أو المستفيضة وإن كان رواتها ضعافاً أو مجاهيل، لعدم اشتراط الوثاقة فيهما.

وبذلك يبطل القول بأنّهم كانوا ملتزمين بنقل الروايات التي يرويها الثقات فقط، كما تبطل الثمرة الرجالية المترتّبة عليها، إذ كيف يمكن الحكم بوثاقة عامّة مشايخهم بمجرّد الرواية منهم، مع أنّهم رووا عن الضعاف فيما إذا كانت الرواية متواترة أو مستفيضة، ولا يمكن تفكيك المتواتر والمستفيض في أعصارنا عن الواحد حتى يحكم بوثاقة مشايخهم في الأخير دون الأوّلين، فإنّ الكلّ غالباً يتجلّـى بشكل واحد؟

وثانياً: كما أنّ حصر وجه الصحّة بالقرائن الخارجية بعيد، كذلك حصر وجهها بالقرائن الداخلية التي منها وثاقة الراوي بعيد مثله، والقول المتوسط هو الأدق، وهو أنّهم كانوا ملتزمين بنقل الروايات الصحيحة، الثابت صدورها عن الإمام، إمّا من جهة القرائن الخارجية، أو من جهة القرائن الداخلية; وعندئذ لا يمكن الحكم بوثاقة مشايخهم، أعني: الذين رووا عنهم إلى أن ينتهي إلى الإمام، لعدم التزامهم بخصوص وثاقة الراوي، بل كانوا يستندون إلى الأعمّ منها و من القرائن المورثة للاطمئنان بالصدور.

وثالثاً: لو كان المراد هو توثيقهم وتوثيق من بعدهم، لكان عليه أن يقول: «أجمعت العصابة على وثاقة من نقل عنه واحد من هؤلاء» أو نحو ذلك من العبارات، حتى لا يشتبه المراد.

ورابعاً: أنّ اطّلاع العصابة على جميع الأفراد الذين يروي هؤلاء الجماعة عنهم بلا واسطة أو معها بعيد للغاية، لعدم تدوين كتب الحديث والرجال في تلك الأعصار بنحو يطّلعون على أسمائهم جميعاً.

الثاني: انّ جماعة من الرواة وُصفوا في كتب الرجال «بصحّة الحديث» ولا يمكن الحكم بصحّة حديث راو على الإطلاق إلاّ من جهة وثاقته، ووثاقة من بعده إلى المعصوم، ولا فرق بينهم و بين أصحاب الإجماع إلاّ كونهم مورد اتّفاق دون هؤلاء.

يلاحظ عليه: أنّ صحّة الحديث كما تحرز عن طريق وثاقة الراوي كذلك تحرز عن طريق

القرائن الخارجية، فالقول بأنّ صحّة أحاديث هؤلاء كانت مستندة إلى وثاقة مشايخهم ليس له وجه، كالقول بأنّ إحرازها كان مستنداً إلى القرائن الخارجية، بل الحقّ انّ الإحراز كان مستنداً إلى الوثاقة تارة وإلى القرائن أُخرى، ومع هذا العلم الإجمالي كيف يمكن إحراز وثاقة المشايخ بصحّة الأحاديث مع أنّها أعمّ من وثاقتهم؟!

الشق الثالث للتفسير الثاني.

قد عرفت أنّ الكشّي ذكر اتّفاق العصابة على هؤلاء في مواطن ثلاثة، والمراد منها في عامة المواضع أمر واحد، لكن يظهر من المحقّق الشفتي التفصيل بين العبارة الأُولى وبين الثانية والثالثة، وانّ المراد من الأُولى تصحيح الحديث ومن الأخيرتين توثيقهم وتوثيق مشايخهم إلى آخر السند، ولأجل ذلك اكتفى في الطبقة الأُولى بذكر التصديق من دون إضافة قوله : تصحيح ما يصحّ، دون الأخيرتين.

وإنّما فعل ذلك، لأنّ الطبقة الأُولى يروون عن الإمام بلا واسطة، فيكون المراد هو صحّة أحاديثهم; بخلاف المذكورين في الطبقة الثانية والثالثة، فهم يروون تارة بلا واسطة وأُخرى معها، فيكون المراد توثيق مشايخهم.

يقول المحقّق الشفتي في هذا الصدد: إنّ نشر الأحاديث لمّا كان في زمن الصادقين عليمها السَّلام وكان المذكور في الطبقة الأُولى من أصحابهما، كانت روايتهم غالباً عنهما من غير واسطة، فيكفي للحكم بصحّة الحديث تصديقهم; وأمّا المذكورون في الطبقة الثانية والثالثة، فقد كانوا من أصحاب الصادق والكاظم والرضا ـ عليهم السَّلام ـ ، وكانت رواية الطبقة الثانية عن مولانا الباقر ـ عليه السَّلام ـ مع الواسطة ، وكانت الطبقة الثالثة كذلك بالنسبة إلى الصادق ـ عليه السَّلام ـ ولم يكن الحكم بتصديقهم كافياً في الحكم بصحة الحديث، ما اكتفى بذلك; ولذا قال: «أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم». ولمّا تحقّق رواية كلّ من في الطبقة الثانية عن مولانا الصادق ـ عليه السَّلام ـ ـ من غير واسطة، و كذلك الطبقة الثالثة عن الكاظم و الرضا عليمها السَّلام ، أتى بتصديقهم أيضاً.

والحاصل: انّ التصديق فيما إذا كانت الرواية عن الأئمّة ـ عليهم السَّلام ـ من غير واسطة، والتصحيح فيما إذا كانت معها.(4)

يلاحظ عليه:

أوّلاً: أنّ ما ذكره تفسير ذوقي لا يعتمد على دليل، ومخالف لوحدة السياق، فإنّ الظاهر انّ معقد الإجماع أمر واحد لا أمران.

وثانياً: أنّ ما ذكره من أنّ رواية الطبقة الأُولى كانت عن الإمام بلا واسطة غالباً، غير تام، يعرف بعد الوقوف على مشايخهم في الحديث من أصحاب الأئمّة المتقدّمين كالسجاد و من قبله.

وهذا زرارة، يروي عن ما يقرب من أربعة عشر شيخاً، و هم:

1. أبو الخطاب.

2. بكير.

3. الحسن البزّاز.

4. الحسن بن السري.

5. حُمران ابن أعين.

6. سالم بن أبي حفصة.

7. عبد الكريم بن عتبة الهاشمي.

8. عبد اللّه بن عجلان.

9. عبد الملك.

10. عبد الواحد بن المختار الأنصاري.

11. عمر بن حنظلة.

12. الفضيل.

13. محمد بن مسلم.

14. اليسع.(5)

وهذا محمد بن مسلم، يروي عن ستة مشايخ، وهم:

1. أبو حمزة الثمالي.

2. أبو الصباح.

3. حمران.

4. زرارة.

5. كامل .

6. محمد بن مسعود الطائي.(6) وهكذا غيرهم من الطبقة الأُولى.

إلى هنا تمّ توضيح المعنيين، وقد عرفت أنّ المختار هو المعنى الأوّل، وأمّا المعنى الثاني فهو بتفاسيره الثلاثة غير تام.

 

حجّية الإجماع الوارد في كلام الكشّي

قد ادّعى الكشّي إجماع العصابة على «تصحيح ما يصحّ عن جماعة» فيكون ما ادّعاه بالنسبة إلينا إجماعاً منقولاً، فينطوي تحت لواء الإجماع المنقول، المبحوث عنه في علم الأُصول، والمعروف فيه هو عدم حجّيته، لوجهين:

الأوّل: انّ ناقل الإجماع في الفقه، ينقل السبب عن الحس وهو اتّفاق العلماء، وينقل المسبب أي قول المعصوم عن حدس، وأدلّة خبر الواحد لا تشمله، لأنّه نقل قول المعصوم عن حدس.

وبما انّ الكشّي ليس بصدد نقل قول المعصوم، بل بصدد بيان اتفاق العصابة على «التصحيح»، لا يرد عليه ذلك الإشكال، إنّما يرد عليه الإشكال التالي.

الثاني: انّ اتّفاق العلماء إنّما يلازم قول المعصوم، شريطة أن يكون هناك تتّبع تامّ لكلماتهم جيلاً بعد جيل، والغالب في الإجماعات المنقولة، فقدان هذا النوع من التتبّع وعدم الاستيعاب لكلمات الفقهاء.

والإجماع المنقول في كلام الكشّي إجماع منقول يحتمل فيه ما يحتمل في سائر الإجماعات المنقولة; إذ ليس من البعيد أن يكتفي الكشي بكلام جماعة من العلماء فيدّعي اتّفاق العصابة، ومن المعلوم أنّ مثل هذا السبب الناقص لا يكشف عن شيء، فلا يمكن القول بأنّ اتّفاق هؤلاء يلازم وثاقتهم واقعاً.

والذي يسهّل الخطب انّ الذي توحيه عبارة الكشّي ـ في نظرنا ـ أمر ثابت مع قطع النظر عن اتّفاق العصابة، لما عرفت من أنّ المراد تصديق حكاياتهم الملازمة لوثاقتهم، وهو أمر ثابت في حقّ هؤلاء الثمانية عشر، سواء أثبت اتّفاق العصابة أم لا; بخلاف التفسير الثاني بشقوقه الثلاثة، فإنّها أُمور غير ثابتة في نفسها، و إنّما تثبت من خلال دعوى الكشّي الإجماع على التصحيح، فلو كان نقل الإجماع غير مجد فلا تثبت الاحتمالات الثلاثة.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- السيد الشفتي: الرسائل الرجالية:5، الطبعة الحديثة:42ـ 43.

2- معجم رجال الحديث:7/247 برقم 4662.

3 - معجم رجال الحديث:17/233برقم 11776.

4- الرواشح السماوية:45.

5 - تعليقة الوحيد على منهج المقال:6.

6- لاحظ في الوقوف على أسماء من وصفت أحاديثهم بالصحّة كتاب «كليات في علم الرجال»:198ـ 199.

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)