أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-6-2019
1769
التاريخ: 17-3-2016
4467
التاريخ: 23-11-2017
3945
التاريخ: 2024-08-11
464
|
دعا عمر أعضاء الشورى الذين انتخبهم وزكّاهم وزعم أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قال فيهم : إنّهم من أهل الجنّة ؛ إلاّ أنّه لمّا اجتمعوا عنده وجّه إليهم أعنف النقد وأقساه وطعن في كل واحد منهم طعناً لاذعاً ورماهم بالنزعات الشريرة التي توجب القدح في ترشيحهم لمنصب الإمامة والخلافة وقد روى المؤرّخون حديثه بصور مختلفة وفيما يلي بعضها :
1 ـ إنه لمّا نظر إليهم قال : قد جاءني كل واحد منهم يهزّ عفريته يرجو أن يكون خليفة , أمّا أنت يا طلحة أفلست القائل : إن قبض النبي (صلّى الله عليه وآله) أنكح أزواجه من بعده؟ فما جعل الله محمداً أحقّ ببنات أعمامنا منّا فأنزل الله فيك : {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} [الأحزاب: 53] , وأمّا أنت يا زبير فوالله ما لانَ قلبك ولا ليلة وما زلت جلفاً جافياً ؛ وأمّا أنت يا عثمان فوالله لروثة خير منك ؛ وأمّا أنت يا عبد الرحمان فإنك رجل عاجز تحبّ قومك جميعاً ؛ وأمّا أنت يا سعد فصاحب عصبية وفتنة ؛ وأمّا أنت يا علي فوالله لو وزن إيمانك بإيمان أهل الأرض لرجحهم , وقام علي مولياً فالتفت عمر إلى حضّار مجلسه فقال : والله إنّي لأعلم مكان رجل لو ولّيتموه أمركم لحملكم على المحجّة البيضاء؟
ـ مَن هو؟
ـ هذا المولي من بينكم.
ـ ما يمنعك من ذلك؟!
ـ ليس إلى ذلك من سبيل .
وقد خدش في كل واحد منهم سوى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فإنه أبدى إكباره له واعترف بقابلياته وصلاحيته للحكم وأنه لو ولي اُمور المسلمين لحملهم على المحجّة البيضاء والطريق الواضح إلاّ أنه لا يجد سبيلاً إلى ذلك.
2 ـ يقول المؤرّخون : إنه لمّا التقى بأعضاء الشورى قالوا له : قل فينا يا أمير المؤمنين مقالة نستدلّ فيها برأيك ونقتدي به , فقال : والله ما يمنعني أن أستخلفك يا سعد إلاّ شدّتك وغلظتك مع أنك رجل حرب وما يمنعني منك يا عبد الرحمان إلاّ أنك فرعون هذه الاُمّة وما يمنعني منك يا زبير إلاّ أنك مؤمن الرضى كافر الغضب وما يمنعني من طلحة إلاّ نخوته وكبره ولو وليها وضع خاتمه في إصبع امرأته , وما يمنعني منك يا عثمان إلاّ عصبيتك وحبّك قومك وأهلك وما يمنعني منك يا علي إلاّ حرصك عليها وإنك أحرى القوم إن وليتها أن تقيم على الحقّ المبين والصراط المستقيم .
وقد وصم أعضاء الشورى بمساوئ الصفات فوصف عبد الرحمان بن عوف بأنه فرعون هذه الاُمّة ومن الغريب حقّاً أنه لم يلبث أن فوّض إليه شؤون الانتخاب وجعل قوله منطق الفصل وفصل الخطاب , كما اتّهم الإمام بالحرص على الخلافة إلاّ أنّ سيرة الإمام المشرقة تدلّ على عكس ذلك فإنه (عليه السّلام) لم يكن من عشّاق السلطة ولا من طلاّب الملك وأنه إنما نازع الخلفاء وأقام عليهم الحجّة بأنه أولى بالأمر منهم لا ليتخذ من الحكم وسيلة للتمتّع بخيرات البلاد ـ كما اتّخذه بعضهم ـ ولا من أجل التمتّع بالرغبات النفسية التي تتطلّب السلطان وتتهالك عليه لبسط نفوذها واستعلائها على الناس .
إنّ الإمام (عليه السّلام) لم يكن بأيّ حال ينشد مثل هذه الأهداف الرخيصة وإنما كان يبغي الحكم لنشر العدل وإقامة الحق وتطبيق شريعة الله على واقع الحياة من أجل هذه الغايات النبيلة كان (عليه السّلام) حريصاً على الخلافة وقد أدلى بذلك بقوله : اللّهمّ إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منّا منافسة في سلطان ولا التماس شيء من فضول الحطام ولكن لنردّ المعالم من دينك وتقام المعطلة من حدودك ويأمن المظلومون من عبادك.
وأعرب (عليه السّلام) في حديث له مع ابن عباس بذي قار عن مدى زهده بالسلطة , واحتقاره للحكم فقد كان (عليه السّلام) يخصف بيده نعلاً له فالتفت إلى ابن عباس : يابن عباس ما قيمة هذا النعل؟.
ـ يا أمير المؤمنين لا قيمة له.
ـ إنه خير من خلافتكم هذه إلاّ أن اُقيم حقّاً وأدفع باطلاً.
إنّه إنما كان حريصاً على الخلافة من أجل إقامة المثُل العليا وتحقيق العدالة الاجتماعية وتطوير الوعي الاجتماعي وازدهار الحياة العامة.
3 ـ وفي رواية ثالثة أنّ عمر دعا أعضاء الشورى فلمّا مثلوا عنده قال لهم : أكلّكم يطمع بالخلافة بعدي؟ ووجموا عن الكلام فأعاد القول عليهم ثانياً ؛ فانبرى إليه الزبير رادّاً عليه مقالته : وما الذي يبعدنا منها؟! وليتها أنت فقمت بها ولسنا دونك في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة , ولم يسعه الرد عليه وقال لهم : أفلا اُخبركم عن أنفسكم؟
ـ قل فإنا لو استعفيناك لم تعفنا.
وأخذ يدلي عليهم اتجاهاتهم وميولهم ويحدّثهم عن نفسيّاتهم فاتجه صوب الزبير فقال له : أمّا أنت يا زبير فوعق لقس مؤمن الرضى كافر الغضب يوماً إنسان ويوماً شيطان ولعلّها لو أفضت إليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مد من شعير ؛ أفرأيت إن أفضت إليك فليت شعري مَن يكون للناس يوم تكون شيطاناً ومَن يكون يوم تغضب؟! وما كان الله ليجمع لك أمر هذه الاُمّة وأنت على هذه الصفة.
إنّ الزبير حسب هذا التحليل النفسي لشخصيته مبتلى بآهات خطيرة وهي :
1 ـ الضجر والتبرم.
2 ـ عدم الاستقامة في سلوكه.
3 ـ الغضب الهائل الذي يفقده الرشد والتوازن.
4 ـ الحرص والبخل وهما يجرّانه إلى ملاطمة الناس على مدّ من شعير.
وهذه النزعات من مساوئ الصفات ومَن اتّصف ببعضها لا يصلح لأن يتولّى أي منصب حساس في جهاز الدولة فضلاً عن أن يكون خليفةً وإماماً للمسلمين.
وأقبل على طلحة فقال له : أقول أم أسكت؟
فزجره طلحة وقال له : إنّك لا تقول من الخير شيئاً.
أما أنّي أعرفك منذ اُصيبت إصبعك يوم اُحد وائياً بالذي حدث لك ولقد مات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ساخطاً عليك بالكلمة التي قلتها يوم اُنزلت آية الحجاب.
وإذا كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ساخطاً على طلحة كيف يرشّحه خليفةً وإماماً للمسلمين؟ كما أنّ هذا يناقض ما قاله : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مات وهو راضٍ عن أعضاء الشورى؟!
وعلّق الجاحظ على هذا بقوله : لو قال لعمر قائل : أنت قلت : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مات وهو راضٍ عن الستة فكيف تقول الآن لطلحة أنّه مات (عليه السّلام) ساخطاً عليك للكلمة التي قلتها؟ لكان قد رماه بمشاقصه ولكن مَن الذي كان يجسر على عمر أن يقول له ما دون هذا فكيف هذا؟! واتّجه صوب سعد بن أبي وقاص فقال له : إنّما أنت صاحب مقنب من هذه المقانب تقاتل به وصاحب قنص وقوس وسهم وما زهرة والخلافة واُمور الناس؟!
إنّ سعد رجل عسكري لا يفقه إلاّ عمليات الحروب ولا خبرة له بالشؤون الإدارية والاجتماعية للاُمّة فكيف يرشّحه للخلافة؟ كما طعن في صلاحية قبيلة سعد لتولّي شؤون الحكم.
وأقبل على عبد الرحمان بن عوف فقال له : أمّا أنت يا عبد الرحمان فلو وزن نصف إيمان المسلمين بإيمانك لرجح إيمانك عليهم ولكن ليس يصلح هذا الأمر لمَن فيه ضعف كضعفك وما زهرة وهذا الأمر؟!
وعبد الرحمان ـ حسب رأي عمر ـ رجل إيمان وتقوى ولا نعلم أين كان إيمانه حينما عدل عن انتخاب سيّد العترة الطاهرة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وسلّم أمور المسلمين بأيدي الاُمويِّين فاتخذوا مال الله دولاً وعباد الله خولاً ثمّ إنه لم تكن له شخصية قوية ولا عزم ثابت ولا إرادة صلبة ـ حسب اعتراف عمر ـ فكيف يرشّحه للخلافة؟! كيف يجعل قوله منطق الفصل في تعيين مَن يشاء لشؤون الاُمّة؟!
والتفت إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال له : لله أنت لولا دعابة فيك! أما والله لئن وليتهم لتحملنهم على الحقّ الواضح والمحجّة البيضاء.
متى كانت للإمام الدعابة وهو الذي ما ألف في حياته إلاّ الجدّ والحزم في القول والعمل؟! ثمّ إنّ مَن يتّصف بهذه النزعة كيف يتمكن أن يحمل المسلمين على الحق الواضح والمحجّة البيضاء ـ كما يقول عمر ـ؟!
إنّ هذه السياسة تتنافى مع الدعابة الناشئة عن ضعف الشخصية وخورها ؛ وأكّد عمر أنّ الإمام لو ولي أمور المسلمين لسار فيهم بالحق وحملهم على الصراط المستقيم فكيف يجعله من أعضاء الشورى ولا ينص عليه بالخصوص؟ وهل من الحيطة على الاُمّة أن يفوّت عليها الفرصة ولا يسلّم أمرها بيد مَن يسير فيها بسيرة قوامها العدل الخالص والحق المحض؟! وأقبل على عثمان عميد الاُسرة الاُموية التي ناهضت الإسلام فقال له : هيهاً إليك! كأنّي بك قد قلّدتك قريش هذا الأمر لحبّها إيّاك فحملت بني أمية وبني أبي معيط على رقاب المسلمين وآثرتهم بالفيء فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب فذبحوك على فراشك ذبحاً والله لئن فعلوا لتفعلن ولئن فعلت ليفعلن ثمّ أخذ بناصيته فقال : فإذا كان ذلك فاذكر قولي .
ونحن إذا تأمّلنا قليلاً في قوله لعثمان : كأنّي بك قد قلّدتك قريش هذا الأمر لحبّها إيّاك , نجده قد قلّد عثمان بالخلافة فإن نظام الشورى الذي وضعه كان حتماً يؤدّي إلى فوزه بالسلطة فقد جعله أحد أعضاء الشورى وكان أكثرهم ممّن له اتصال وثيق بأسرة عثمان وهم لا يعدلون عن انتخابه ولا يقدّمون غيره عليه , وفي الحقيقة أنه هو الذي قلّده الخلافة وفوّض إليه أمور المسلمين ثمّ إنه مع دراسة لنفسيته ووقوفه على حبّه الشديد لاُسرته كيف يرشحه للخلافة وهو بالذات يعلم خطر بني اُميّة على الإسلام؟! وقد أعلن ذلك في حديثه مع المغيرة بن شعبة يقول له : يا مغيرة هل أبصرت بعينك العوراء؟
ـ لا.
ـ أما والله ليعورن بنو اُميّة الإسلام كما أعورت عينك هذه ثمّ ليعمينه حتّى لا يدري أين يذهب ولا أين يجيء .
فكان الأجدر به وهو على عتبة الموت أن يجنّب الاُمّة خطر الاُمويِّين ولا يجعل لهم أيّ نصيب في الحكم.
هذه بعض الروايات التي أثرت عنه في حديثه مع أعضاء الشورى.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تقيم دورة الإسعافات الأولية لملاكات المزارات الشيعية في بابل
|
|
|