المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

نبات القلة (BEAUCARNEA (PONY TAIL
17-7-2022
تعريف أسباب النزول
5-12-2021
Transesterification
17-10-2020
مكروهات التخلي
26-8-2017
الشره
28-9-2016
فسيولوجيا صفات جودة الفاصوليا
1-10-2020


الوضع في مسائل التوحيد  
  
2247   06:21 مساءاً   التاريخ: 13-3-2016
المؤلف : د. احسان الامين.
الكتاب أو المصدر : التفسير بالمأثور وتطويره عند الشيعة
الجزء والصفحة : ص167-187.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / العقائد في القرآن / أصول / التوحيد /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2015 1419
التاريخ: 2024-09-14 262
التاريخ: 9-06-2015 1669
التاريخ: 23-09-2014 1915

ذهب قسم من المسلمين- وهم المعطّلة- إلى استحالة معرفة اللّه تعالى على العقول وإلى تعطيل العقول عن المعرفة إلّا بقدر ما يظهر من النصوص . سئل مالك عن قوله سبحانه : {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف : 54] . قال : الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة «1» .

وذهب قسم آخر ، وهم المشبّهة ، إلى أنّ الذات الإلهيّة تشبه الانسان ، قالوا :

معبودهم على صورة ذات أعضاء وأبعاض ، إمّا روحانية ، وإمّا جسمانية ، ويجوز عليه الانتقال والنزول والصعود والاستواء والتمكّن‏ «2» .

قال الشهرستاني : «وأمّا مشبّهة الحشوية ، فحكى الأشعري عن محمّد بن عيسى أنّه حكى عن : نصر ، وكهمس ، وأحمد الهجيمي : أنّهم أجازوا على ربّهم : الملامسة ، والمصافحة ، وأنّ المسلمين المخلصين يعانقونه في الدّنيا والآخرة . . . وأمّا ما ورد في التنزيل من : الاستواء ، والوجه ، واليدين ، والجنب ، والمجي‏ء والاتيان والفوقية . . .

وغير ذلك ، فأجروها على ظاهرها ، أعني ما يفهم عند الاطلاق على الأجسام ، وكذلك ما ورد في الأخبار من الصورة [و غيرها] . . .» «3» .

وهذه الصورة الثانية في التشبيه نجدها في بعض كتب التفسير بالمأثور- عند الجمهور- ، من خلال أحاديث موضوعة منسوبة إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) واخرى إلى الصحابة ، حاولت تفسير الآيات وفق هذه العقيدة . ومنها :

أ) إمكان الرؤية :

ذهب أهل الحديث والأشاعرة ، إلى إمكان رؤية اللّه تعالى ، وأنّه يظهر للناس يوم القيامة ، كما يظهر البدر ليلة تمامه ، فيرونه بأعين رءوسهم‏ «4» ، وادّعى أبو شامة إجماع الصحابة على ذلك‏ «5» ، كما ادّعى البغدادي إجماع أهل السنّة على أنّ اللّه تعالى يكون مرئيا للمؤمنين في الآخرة والقول بجواز رؤيته في كل حال‏ «6» .

بل نسب الآجري إلى أحمد بن حنبل القول : «من قال : إنّ اللّه عزّ وجلّ لا يرى في الآخرة فقد كفر ، عليه لعنة اللّه وغضبه» «7» .

وعلى هذا الرأي ، ابن تيمية الّذي قال : «وثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد في حديث طويل ، الّذي يتجلّى اللّه تعالى لعباده يوم القيامة وانّه يحتجب ثمّ يتجلّى ، قال : (فكشف عن ساقه فينظرون إليه)» «8» .

وعلى أساس هذه العقيدة فسّرت العديد من الآيات القرآنية ، اعتمادا على المأثور من الأحاديث المؤيّدة لذلك ، منها :

في تفسير قوله تعالى : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة : 22، 23] .

أخرج السيوطي عن عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنّسائي والدار قطني في الرؤية والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة ، قال :

«قال الناس : يا رسول اللّه! هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ قال : هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا : لا ، يا رسول اللّه! قال : فإنّكم ترونه يوم القيامة كذلك ، يجمع اللّه الناس فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فيتبع من كان يعبد الشمس بالشمس ، ويتبع من كان يعبد القمر بالقمر ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت ، وتبقى هذه الامّة فيها منافقوها ، فيأتيهم اللّه في غير الصورة الّتي يعرفون ، فيقول : أنا ربّكم ، فيقولون : نعوذ باللّه منك هذا مكاننا حتّى يأتينا ربّنا ، فإذا أتانا ربّنا عرفناه فيأتيهم اللّه في الصورة الّتي يعرفون ، فيقول : أنا ربّكم ، فيقولون : أنت ربّنا فيتبعونه . . .» «9» .

وفي رواية اخرى عن أبي هريرة أيضا : «فتجلّى لهم عزّ وجلّ فيضحك في وجوههم فيخرّون له سجّدا» ، و«سترون ربّكم عزّ وجلّ حتّى أنّ أحدكم ليحاضر ربّه محاضرة» «كما ترون القمر ليلة البدر أو كما ترون الشمس ليس دونها سحاب» ، وعن جابر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) : «أنّ اللّه ليتجلّى للناس عامّة ويتجلّى لأبي بكر خاصّة» ، وعن أنس : «إذا كان يوم القيامة رأى المؤمنون ربّهم عزّ وجلّ ، فأحدثهم بالنظر إليه في كل جمعة ويراه المؤمنات يوم الفطر ويوم النحر» ، وروايات اخرى كثيرة في هذا المعنى‏ «10» .

وأخرج الطبري بسنده عن ابن عباس في قول اللّه‏ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم : 13، 14] ‏ قال : دنا ربّه فتدلّى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى ، قال : قال ابن عباس : قد رآه النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) .

والروايات التفسيرية في الرؤية منتشرة في مواضع مختلفة من التفسير ، كما روى الطبري في تفسير قوله تعالى : {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ } [الأنعام : 75] .

فقد روى بسنده عن عبد الرّحمن بن عياش يقول : صلّى بنا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ذات غداة ، فقال له قائل : ما رأيت أسعد منك الغداة ، قال : وما لي وقد أتاني ربّي في أحسن صورة ، فقال : ففيم يختصم الملأ الأعلى يا محمّد؟ قلت : أنت أعلم . فوضع يده بين كتفي فعلمت ما في السموات والأرض ، ثمّ تلا هذه الآية : وكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ . . . «11» .

مصدر القول بالرؤية

ويبدو أن روايات الرؤية مصدرها كعب الأحبار «12» ، ومنه أخذ أبو هريرة ، وما حكي عن ابن عباس وغيره ، فقد روى الطبري بسنده عن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل ، عن كعب ، أنّه أخبره أنّ اللّه تبارك وتعالى قسّم رؤيته وكلامه بين موسى ومحمّد ، فكلّمه موسى مرّتين ، ورآه محمّد مرّتين‏ «13» .

وكان الصحابة ربّما سمع بعضهم الحديث عن بعض ثمّ يسنده إلى رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) .

أخرج أحمد في مسنده ، أنّ أبا أمامة قال : قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : «لا يستمتع بالحرير من يرجو أيّام اللّه» فقال له خالد : يا أبا أمامة! أنت سمعت هذا من رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم)؟

فقال : اللّهمّ عفوا ، أنت سمعت هذا من رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم)! بل كنّا في قوم ما كذبونا ولا كذبنا «14» .

وكان أبو هريرة- وهو أكثر من روي عنه في الرؤية- أكثر الصحابة رواية عن كعب ، قال ابن كثير بعد ما روى حديث أبي هريرة في يأجوج ومأجوج ، كما رواه أحمد عنه ، ورواه أيضا عن كعب ، قال : «لعل أبا هريرة تلقاه من كعب فإنّه كان كثيرا ما كان يجالسه ويحدّثه» ، وبيّن في مواضع كثيرة من تفسيره ما أخذه أبو هريرة من كعب‏ «15» .

وذهب البعض إلى أن ابن عباس كان يرجع إلى أهل الكتاب ، وكان من مراجعه كعب الأحبار «16» . إلّا أنّه ربّما كانت الأحاديث في الرؤية موضوعة عليه؛ فقد روي عنه أنّه قال : إنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) رأى ربّه بقلبه‏ «17» . كما روي عنه أنّه قال لسائل سأله : ادع ربّك باصبعك اليمنى ، واسأل بكفّك اليسرى ، واغضض بصرك وكفّ يدك ، فإنّك لن تراه ولن تناله ، فقال الرجل : ولا في الآخرة؟ فقال : ولا في الآخرة «18» .

وكانت التوراة أو قصص الإسرائيليّات ، هي مصدر كعب ، وبالتالي أبي هريرة وغيره في هذه الامور ، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة : انّ اللّه خلق آدم على صورته ، وقد جاء في الاصحاح الأوّل من التوراة بنصه : وخلق اللّه الانسان على صورته‏ «19» .

وقد انتبه الشهرستاني لهذا الأمر فقال : « . . . وزادوا في الأخبار أكاذيب وضعوها ونسبوها إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وأكثرها مقتبسة من اليهود ، فإنّ التشبيه فيهم طباع . . .» «20» .

الرأي الصحيح في الرؤية :

تصدّى الأئمّة من أهل البيت (عليه السلام) للدفاع عن حريم الاسلام والحفاظ على عقيدة التوحيد الخالصة وسائر العقائد الحقّة من أن تشوبها الأهواء والآراء المنحرفة ، فكانوا يصحّحون الرؤى ويقوّمون الأفكار وينفون عن الإيمان باللّه أوهام التشبيه ، ففي مقابل الروايات أعلاه ، وردت روايات اخرى عن أهل البيت (عليه السلام) في استحالة الرؤية وتأويل الآيات الظاهرة في ذلك بما يناسب عقيدة التوحيد ، وتنزيه اللّه تعالى ، فقد روي عن الإمام علي (عليه السلام) في قوله تعالى : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ } . . . ، قال : تنضر وجوههم وهو الاشراق ، {إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ} ، قال : تنتظر متى يأذن لهم ربّهم في دخول الجنّة ، ولا يعني الرؤية بالأبصار ، لأنّ الأبصار لا تدركه كما قال : لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللّطيف الخبير» «21» .

وفي نفس المعنى جاءت الأحاديث عن أئمّة أهل البيت (عليه السلام) ، فقال ابن حجر الهيثمي : «قال رجل للباقر- محمّد بن علي بن الحسين- وهو بفناء الكعبة : هل رأيت اللّه حيث عبدته؟ فقال : ما كنت أعبد شيئا لم أره . قال : وكيف رأيته؟ قال : لم تره الأبصار بمشاهدة العيان ، لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، وزاد على ذلك ما أبهر السامعين ، فقال الرجل : اللّه أعلم حيث يجعل رسالته . . .» «22» .

كما وردت روايات عن الصحابة في نفس الاتّجاه بنفي رؤيته سبحانه وتعالى؛ فقد روى الطبري بسنده عن «مسروق ، عن عائشة  قالت له : يا أبا عائشة! من زعم أن محمّدا رأى ربّه فقد أعظم الفرية على اللّه ، وانّه يقول : {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام : 103] . . . {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى : 51] .

قال : وكنت متكئا فجلست وقلت : يا امّ المؤمنين! انتظري ولا تعجلي أ لم يقل اللّه‏ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم : 13] ‏ . . . {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير : 23] ‏؟ فقالت : أنا أوّل هذه الامّة سألت‏ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عن ذلك فقال : لم أر جبريل على صورته إلّا هاتين المرتين منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض» «23» .

وروى السيوطي عن أبي صالح ومجاهد في قوله‏ {إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ} قال : تنتظر الثواب من ربّها «24» .

رأي المفسّرين الشيعة في موضوع الرؤية :

لم تكن التفاسير الشيعية بمنأى عن آثار حركة الوضع في التاريخ الاسلامي ، ولكن الملاحظ في كتب التفسير الشيعية حسّاسيتها المفرطة تجاه الموضوعات الّتي تمسّ عقيدة التوحيد أو تخدش عصمة الأنبياء عموما ورسالة الرسول الخاتم محمّد (صلى الله عليه وآله) خصوصا؛ فيما نجد تسامحا في رواية ما عدا ذلك ممّا لا يمس بأصول العقيدة .

وسنأتي فيما يلي على ذكر نماذج من موقف المفسّرين الشيعة من هذه الموضوعات :

الطوسي : ناقش الشيخ الطوسي مقولة الرؤية المستندة إلى تلك الآيات والروايات بشدّة ، خصوصا من الجهات اللغوية وبالاستعانة بآيات قرآنية اخرى تفيد عدم تلازم النظر مع الرؤية ، كما إنّه فنّد الاجماع المزعوم على ذلك ، في محاولة جادّة لإبطال مقولة من أجاز الرؤية على اللّه تعالى . فقال :

«{إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ} معناه منتظرة نعمة ربّها وثوابه أن يصل إليهم .

وقيل «ناضرة» أي مشرفة «إلى» ثواب ربّها (ناظرة) . . . .

والنظر هو تقليب الحدقة الصحية نحو المرئي طلبا للرؤية ، وقد يكون النظر بمعنى الانتظار ، كما قال تعالى‏ {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ} [النمل : 35]   أي منتظرة ، وقال‏

الشاعر :

وجوه يوم بدر ناظرات‏            إلى الرّحمن تأتي بالفلاح‏

أي منتظرة للرحمة الّتي تنزل عليهم ، وقد يقول القائل : انّما عيني ممدودة إلى اللّه ، وإلى فلان ، وأنظر إليه أي انتظر خيره ونفعه واؤمل ذلك من جهته ، وقوله‏ {وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران : 77] معناه لا ينيلهم رحمته‏ «25» .

ويكون النظر بمعنى المقابلة ، ومنه المناظرة في الجدل ، ومنه نظر الرحمة أي قابله بالرحمة ، ويقال : دور بني فلان تتناظر أي تتقابل ، وهو ينظر إلى فلان أي يؤمله وينتظر خيره .

وليس النظر بمعنى الرؤية أصلا ، بدلالة انّهم يقولون : نظرت إلى الهلال فلم أره فلو كان بمعنى الرؤية لكان متناقضا ، ولأنّهم يجعلون الرؤية غاية للنظر يقولون : ما زلت أنظر إليه حتّى رأيته ، ولا يجعل الشي‏ء غاية لنفسه ، لا يقال : ما زلت أراه حتّى رأيته ، ويعلم الناظر ناظرا ضرورة ، ولا يعلم كونه رائيا ، بل يسأل بعد ذلك هل رأيت أم لا؟ ودخول «إلى» في الآية لا يدلّ على انّ المراد بالنظر الرؤية ، ولا تعليقه بالوجوه يدلّ على ذلك ، لأنا أنشدنا البيت ، وفيه تعليق النظر بالوجه وتعديه بحرف (إلى) والمراد به الانتظار ، وقال الطريح بن اسماعيل :

و إذا نظرت إليك من ملك‏                   و البحر دونك جرتني نعماء «26»

و المراد به الانتظار والتأميل .

وأيضا ، فانّه في مقابلة قوله في صفة أهل النار { تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } [القيامة : 25] فالمؤمنون يؤمنون بتجديد الكرامة وينتظرون الثواب ، والكفار يظنون الفاقرة ، وكلّه‏ راجع إلى فعل القلب ، ولو سلمنا أنّ النظر يعد الرؤية لجاز أن يكون المراد أنّها رؤية ثواب ربّها؛ لأنّ الثواب الّذي هو أنواع اللّذات من المأكول والمشروب والمنكوح تصحّ رؤيته .

ويجوز أيضا أن يكون (إلى) واحد الآلاء وفي واحدها لغات (ألا) مثل قفا ، و(ألي) مثل معي و(ألى) مثل حدى و(إلي) مثل حسّي ، فإذا اضيف إلى غيره سقط التنوين ، ولا يكون (إلى) حرفا في الآية .

وكلّ ذلك يبطل قوله من أجاز الرؤية على اللّه تعالى .

وليس لأحد أن يقول : إنّ الوجه الأخير يخالف الاجماع ، أعني اجماع المفسّرين ، وذلك لأنّا لا نسلّم لهم ذلك ، بل قد قال مجاهد وأبو صالح والحسن وسعيد بن جبير والضحّاك : إنّ المراد نظر الثواب . وروي مثله عن عليّ (عليه السلام) .

وقد فرّق أهل اللّغة بين نظر الغضبان ونظر الراضي ، يقولون : نظر غضبان ، ونظر راض ، ونظر عداوة ، ونظر مودّة ، قال الشاعر :

تخبرني العينان ما الصدر كاتم‏             و لاحن بالبغضاء والنظر الشزر

و الرؤية ليست كذلك فانّهم لا يضيفونها ، فدلّ على أنّ النظر غير الرؤية ، والمرئي هو المدرك ، والرؤية هي الإدراك بالبصر ، والرائي هو المدرك ، ولا تصحّ الرؤية وهي الادراك إلّا على الأجسام أو الجوهر أو الألوان . ومن شرط المرئي أن يكون هو أو محلّه مقابلا أو في حكم المقابل ، وذلك يستحيل عليه تعالى ، فكيف نجيز الرؤية عليه تعالى؟!!!» «27» .

الطبرسي : وعلى نفس المنهج سار الطبرسي في تفسير الآية ، مصنّفا الأقوال إلى ثلاثة ، إذ قال : «{إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ} ، اختلف فيه على وجهين : أحدهما : أن معناه نظر العين . الثاني : أنّه الانتظار .

واختلف من حمله على نظر العين على قولين :

أحدهما : أنّ المراد إلى ثواب ربّها ناظرة ، أي هي ناظرة إلى نعيم الجنّة حالا بعد حال فيزداد بذلك سرورها . . .

والآخر : أنّ النظر بمعنى الرؤية ، والمعنى تنظر إلى اللّه معاينة . رووا ذلك عن الكلبي ومقاتل وعطاء وغيرهم . وهذا لا يجوز لأن كل منظور إليه بالعين مشار إليه بالحدقة واللحاظ ، واللّه يتعالى عن أن يشار إليه بالعين ، كما يجلّ اللّه سبحانه عن أن يشار إليه بالأصابع .

وأيضا فإنّ الرؤية بالحاسة لا تتم إلّا بالمقابلة والتوجّه واللّه يتعالى عن ذلك بالاتفاق .

وأيضا فإن رؤية الحاسة لا تتم إلّا باتصال الشعاع بالمرئي واللّه منزّه عن اتصال الشعاع به .

على أنّ النظر لا يفيد الرؤية في اللّغة ، فإنّه إذا علق بالعين أفاد طلب الرؤية ، كما إنّه إذا علق بالقلب أفاد طلب المعرفة ، بدلالة قولهم : نظرت إلى الهلال فلم أره . فلو أفاد النظر الرؤية لكان هذا القول ساقطا متناقضا ، وقولهم : ما زلت أنظر إليه حتّى رأيته ، والشي‏ء لا يجعل غاية لنفسه فلا يقال : ما زلت أراه حتّى رأيته . ولأنّا نعلم الناظر ناظرا بالضرورة ولا نعلمه رائيا بالضرورة بدلالة إنّا نسأله هل رأيت أم لا» «28» .

الطباطبائي : وفسّر العلّامة الطباطبائي الآية تفسيرا عرفانيّا ، إذ اعتبر النظر- هنا- هو رؤية القلب المفعم بالإيمان ، الذي لا يرى شيئا إلّا ويراه أنّه آية من آيات اللّه ، فهو يقول في تفسير الآية :

«والمراد بالنظر إليه تعالى ليس هو النظر الحسي المتعلّق بالعين الجسمانية المادّية الّتي قامت البراهين القاطعة على استحالته في حقّه تعالى ، بل المراد النظر القلبي ورؤية القلب بحقيقة الإيمان على ما يسوق إليه البرهان ، وتدلّ عليه الأخبار المأثورة عن‏ أهل العصمة (عليه السلام) ، وقد أوردنا شطرا منها في ذيل تفسير قوله تعالى : {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف : 143] ، وقوله تعالى : {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } [النجم : 11] .

فهؤلاء قلوبهم متوجّهة إلى ربّهم لا يشغلهم عنه سبحانه شاغل من الأسباب لتقطع الأسباب يومئذ ، ولا يقف موقفا من مواقف اليوم ولا يقطعون مرحلة من مراحله إلّا والرحمة الإلهيّة شاملة لهم‏ {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } [النمل : 89] ، ولا يشهدون مشهدا من مشاهد الجنّة ولا يتنعّمون بشي‏ء من نعيمها إلّا وهم يشاهدون ربّهم به ، لأنّهم لا ينظرون إلى شي‏ء ولا يرون شيئا إلّا من حيث إنّه آية للّه سبحانه ، والنظر إلى الآية من حيث إنّها آية ورؤيتها نظر إلى ذي الآية ورؤية له» «29» .

وفي بحثه الروائي ذيل تفسير الآيات ، أورد بعض الروايات في المقام ، ووجّه بعضها بما يفيد الرؤية ، توجيها يتطابق مع الرؤية القلبية الّتي أشار إليها ، قال :

«وفي تفسير القمي . . . {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ} أي مشرقة {إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ} قال : ينظرون إلى وجه اللّه أي إلى رحمة اللّه ونعمته .

وفي العيون . . . بإسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال : قال عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ * إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ} يعني مشرقة تنتظر ثواب ربّها .

وفي الدرّ المنثور : عن ابن عمر . . . ثم قرأ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ} قال : البياض والصفاة {إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ} قال : ينظر كل يوم في وجهه .

أقول : الرواية تقبل الانطباق على المعنى الّذي أوردناه في تفسير الآية ، ومع الغض عنه ، تقبل الحمل على رحمته وفضله وكرمه تعالى وسائر صفاته الفعلية ، فإن وجه الشي‏ء ما يستقبل به الشي‏ء غيره ، وما يستقبل به اللّه سبحانه خلقه هو صفاته الكريمة ، فالنظر إلى رحمة اللّه وفضله وكرمه وصفاته الكريمة ، نظر إلى وجه اللّه الكريم .

وفيه أخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في قول اللّه : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ} قال : ينظرون إلى ربّهم بلا كيفية ولا حد محدود ولا صفة معلومة .

أقول : والرواية تؤيد ما قدّمنا في تفسير الآية أنّ المراد به النظر القلبي ورؤية القلب دون العين الحسّية ، وهي تفسّر ما ورد في عدّة روايات من طرق أهل السنّة ممّا ظاهره التشبيه وأنّ الرؤية بالعين الحسّية الّتي لا تفارق المحدودية» «30» .

وفي البحث الروائي ، ذيل تفسير قوله تعالى : {ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى‏} ، قال الطباطبائي :

«وفي التوحيد بإسناده إلى محمّد بن الفضيل ، قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) هل رأى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ربّه عزّ وجلّ ؟ فقال : نعم ، بقلبه رآه ، أما سمعت اللّه عزّ وجلّ يقول : {ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى}‏ لم يره بالبصر ولكن رآه بالقلب . . .

وفي الكافي بإسناده عن صفوان بن يحيى ، قال : سألني أبو قرّة المحدّث أن ادخله إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فاستأذنته في ذلك ، فأذن لي ، فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام . إلى قوله : قال أبو قرّة : فإنّه يقول : {ولَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى}‏ فقال أبو الحسن (عليه السلام) : إن بعد هذه الآية ما يدلّ على ما رأى حيث قال : {ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى}‏ يقول : ما كذّب فؤاد محمّد ما رأت عيناه ، ثمّ أخبر بما رأى فقال : {لَقَدْ رَأى‏ مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى}‏ وآيات اللّه غير اللّه» .

ثمّ علّق على الرواية الأخيرة قائلا : «الظاهر أن كلامه (عليه السلام) مسوق لإلزام أبي قرّة حيث كان يريد اثبات رؤيته تعالى بالعين الحسية فألزمه بأنّ الرؤية إنّما تعلّقت بالآيات ، وآيات اللّه غير اللّه ، ولا ينافي ذلك كون رؤية الآيات بما هي آياته رؤيته ، وإن كانت آياته غيره ، وهذه الرؤية إنّما كانت بالقلب كما مرّت عدّة من الروايات في‏ هذا المعنى» «31» .

ب) روايات التجسيم :

قامت عقيدة التوحيد على أساس تنزيه اللّه تعالى عن صفات المادّة ، وهو «واحد أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، خالق وليس بمخلوق ، يخلق تبارك وتعالى ما يشاء من الأجسام وغير ذلك ويصوّر ما يشاء وليس بمصوّر ، جلّ ثناؤه وتقدّست أسماؤه وتعالى عن أن يكون له شبيه ، هو لا غيره ، ليس كمثله شي‏ء وهو السّميع البصير» «32» .

إلّا أنّه كما وجدنا في موضوع الرؤية ، فقد توافرت الروايات- في كتب التفسير بالمأثور عند الجمهور- الّتي جعلت صفات الجوارح والأجسام للّه سبحانه وتعالى ، وهي متفرعة على مسألة الرؤية «33» ، وشكّلت هذه الروايات أساسا لاثبات الصفات للّه- تعالى عن ذلك- وأنّ له يدا وعينا ويدين وأعينا ، وعدّ ابن تيمية ذلك «مذهب عامّة السّلف ، ومذهب أئمّة الدّين ، بل أئمّة المتكلّمين بثبوت الصفات الخبرية في الجملة» «34» .

والأحاديث المرويّة في تلك المعاني كثيرة إلّا أننا سنتعرض هنا لبعض الروايات الواردة في التفسير كنماذج لما ذكرناه :

1- في تفسير قوله تعالى : {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ } [القلم : 42] .

قال السيوطي : أخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عن أبي سعيد : سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله) يقول : «يكشف ربّنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد في الدّنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا» .

كما روى عن أبي هريرة عن رسول اللّه : «يكشف اللّه عزّ وجلّ عن ساقه» ، وعن ابن مسعود ، قال : «عن ساقيه تبارك وتعالى» «35» .

وفي مقابل هذه الروايات المشوبة بالوضع ، نجد روايات اخرى صحيحة عن ابن عباس ، قال : إذا خفي عليكم شي‏ء من القرآن فابتغوه في الشعر فإنّه ديوان العرب ، أما سمعتم قول الشاعر :

أصبر عناق‏                         انّه شرّ باق‏

قد سنّ لي قو                      مك ضرب الأعناق‏

و قامت الحرب ب                  نا على ساق‏

قال : هذا يوم كرب وشدّة .

وفي روايات اخرى عنه : هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة .

وعنه : عن شدّة الآخرة .

كما روي عن سعيد بن جبير أنّه سئل عن قوله تعالى‏ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ‏ فغضب غضبا شديدا وقال : إنّ أقواما يزعمون أنّ اللّه يكشف عن ساقه ، وإنّما يكشف عن الأمر الشديد «36» .

2- في تفسير قوله تعالى : {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ } [ق : 30] .

قال الطبري : «وأمّا قوله‏ {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله فقال بعضهم : معناه : ما من مزيد . قالوا : وإنّما يقول اللّه لها : هل امتلأت بعد أن يضع قدمه فيها فينزوي بعضها إلى بعض وتقول : قط قط من تضايقها . . .» «37» .

وروى بسنده عن ابن عباس أنّه لا يلقى في جهنم شي‏ء إلّا ذهب فيها ولا يملأها شي‏ء ، قالت : أ لست قد أقسمت لتملأني من الجنّة والناس أجمعين ، فوضع قدمه ، فقالت حين وضع قدمه فيها : قد قد ، فإنّي قد امتلأت فليس لي مزيد . . .

وفي رواية اخرى : أتاها الربّ فوضع قدمه عليها ، ثمّ قال لها : هل امتلأت يا جهنم؟ فتقول : قط قط ، قد امتلأت من الجن والانس فليس فيّ مزيد . قال : ولم يكن يملأها شي‏ء حتّى وجدت مسّ قدم اللّه تعالى ذكره فتضايقت فما فيها موضع إبرة .

ثمّ روى عن أنس وأبي هريرة روايات اخرى بنفس المعنى‏ «38» . وقد أخرجها البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أنس وأبي هريرة «39» .

وزاد السيوطي- بعد ذكر ما سبق- روايتين عن أبيّ بن كعب عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، وفي إحداهما : وجهنم تسأل المزيد حتّى يضع فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول : قط قط . وفي الاخرى : حتّى يضع فيها ربّ العالمين ما شاء اللّه أن يضع فتقبض وتغرغر ، كما تغرغر المزادة الجديدة إذا ملئت وتقول قط قط «40» .

رأي المفسّرين الشيعة في روايات التجسيم :

ردّ المفسّرين الشيعة الروايات المذكورة لمخالفتها نصّ الكتاب وعقيدة التوحيد القائمة على تنزيه اللّه تعالى عن صفات المادّة ، فقالوا ما يلي في تفسير قوله تعالى : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ } [القلم : 42]

الطوسي : قال : «وقوله‏ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ‏ قال الزجاج : هو متعلق بقوله‏ {فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم : 41 ، 42] وقال ابن عباس والحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة والضحّاك : معناه يوم يبدو عن الأمر الشديد كالقطيع من هول يوم القيامة . والساق ساق الانسان وساق الشجرة لما يقوم عليه بدنها وكل نبت له ساق فهو شجر؛ قال الشاعر :

للفتى عقل يعيش به‏               حيث يهدي ساقه قدمه‏

فالمعنى يوم يشتدّ الأمر كما يشتدّ ما يحتاج فيه إلى ان يقوم على ساق ، وقد كثر في كلام العرب حتّى صار كالمثل فيقولون : قامت الحرب على ساق وكشفت عن ساق؛ قال [زهير بن جذيمة] :

فإذا شمّرت لك عن ساقها                  فويها ربيع ولا تسأم‏
و قال جدّ أبي طرفة :
كشفت لهم عن ساقها             و بدا من الشرّ الصراح‏
و قال آخر :

قد شمّرت عن ساقها فشدوا               و جدّت الحرب بكم فجدّوا
و القوس فيها وتر غرد» «41»                   

قال الطبرسي : «أي فليأتوا بهم في ذلك اليوم الّذي تظهر فيه الأهوال والشدائد .

وقيل : معناه يبدو من الأمر الشديد الفظيع ، عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير . . .» ثمّ أورد ما نقل عن ابن عباس وغيره في المعنى اللّغوي وقال :

«فتأويل الآية يوم يشتدّ الأمر كما يشتد ما يحتاج فيه إلى أن يكشف عن ساق» .

وفي بحث اللّغة قال : «وتقول العرب قامت الحرب على ساق ، وكشفت عن ساق يريدون شدّتها ، وقال جدّ أبي طرفة :

كشفت لكم عن ساقها             و بدا من الشرّ الصراح» «42»

و بتبنّيه للرأي اللّغوي الصحيح في تفسير الآية ، أعرض صفحا عن الروايات الواردة في تفسير الساق بساق الربّ (تعالى عن ذلك) ، فلم يذكرها لعدم اعتقاده بصحّتها ، فإنّه غالبا ما يذكر في تفسيره للآيات مختلف الروايات الّتي تحمل وجها من وجوه التفسير المعقولة أو المحتملة .

وقال الطباطبائي بعد ما ذكر روايات الدرّ المنثور عن البخاري وغيره ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) : يكشف ربّنا عن ساقه . . . ، قال : «والروايات الثلاث مبنية على التشبيه المخالف للبراهين العقلية ونصّ الكتاب العزيز فهي مطروحة أو مؤوّلة» «43» .

ج) روايات في الحركة والانتقال والجهة :

ونجد روايات تفسيرية تجعل للّه- تعالى عن ذلك- حركة وانتقالا وصعودا ونزولا ، وقد وردت هذه الروايات في كتب التفسير إضافة إلى كتب الحديث‏ «44» ، ومن تلك الروايات :

في تفسير قوله تعالى : {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [البقرة : 210] .

فقد أخرج السيوطي بسنده عن ابن مسعود عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : «يجمع اللّه‏ الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما ، شاخصة أبصارهم إلى السماء ينظرون فصل القضاء ، وينزل اللّه في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي» .

وعن عبد اللّه بن عمرو ، قال : يهبط بينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب ، منها النور والظلمة والماء ، فيصوّت الماء في تلك الظلمة صوتا تنخلع له القلوب .

وهكذا روي عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة في نفس المعنى ، إلّا أنّه روي عن أبي العالية قال : في قراءة أبيّ بن كعب‏ { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة : 210] ، قال : يأتي الملائكة في ظلل من الغمام ، وهو كقوله : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا } [الفرقان : 25] «45» .

رأي المفسّرين الشيعة فيها :

قال الطوسي : «المعنى : الظلل : جمع ظلة . ومعنى الآية أن يأتيهم عذاب اللّه ، وما توعدهم به على معصيته ، كما قال : {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا } [الحشر : 2]  أي أتاهم خذلانه إيّاهم . والمختار عند أهل اللّغة الرفع في «الملائكة» عطفا على اللّه ، كأنّه قال :

وتأتيهم الملائكة . ومن كسر عطف على ظلل ، وتقديره في ظلل من الغمام ، وظلل من الملائكة .

وقوله : {وقُضِيَ الْأَمْرُ} أي فزع لهم ممّا كانوا يوعدون به .

وقوله : {وإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} لا يدلّ على أنّ الامور ليست إليه الآن وفي كل وقت . ومعنى الآية الاعلام في أمر الحساب ، والثواب ، والعقاب أي إليه ، فيعذب من يشاء ، ويرحم من يشاء ، فلا حاكم سواه . ويحتمل أن يكون المراد : أنّه لا أحد ممّن يملك في دار الدنيا إلّا ويزول ملكه ذلك اليوم .

وشبّهت الأهوال بالظلل من الغمام ، كما قال : {مَوْجٌ كَالظُّلَلِ } [لقمان : 32] ومعنى الآية : ما ينظرون- يعني المكذّبين بآيات اللّه- محمّدا وما جاء به من القرآن والآيات إلّا أن يأتيهم أمر اللّه وعذابه‏ {فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ والْمَلائِكَةُ} ، فهل بمعنى (ما) ، كما يقول القائل : هل يطالب بمثل هذا إلّا متعنّت؛ أي ما يطالب . وينظرون- في الآية- بمعنى ينتظرون . وقد يقال : أتى وجاء فيما لا يجوز عليه المجي‏ء والذهاب ، يقولون أتاني وعيد فلان ، وكلام فلان ، وكل ذلك لا يراد به الاتيان الحقيقي ، قال الشاعر :

أتاني قول عن نصيب يقوله‏                و ما خفت يا سلّام أنّك عائبي‏ «46»

و قال آخر :

أتاني نصرهم وهم بعيد           بلادهم بلاد الخيزران«47»

فكأنّ المعنى في الآية : إنّ الناس في الدنيا يعتصم بعضهم ببعض ، ويفزع بعضهم إلى بعض في الكفر والعصيان ، فإذا كان يوم القيامة انكشف الغطاء ، وأيقن الشاك ، وأقرّ الجاحد ، وعلم الجاهل ، فلم يعصم أحد من اللّه أحدا ، ولم يكن له من دون اللّه ناصر ، ولا من عذابه دافع ، وعلم الجميع أنّ الأمر كلّه للّه» «48» .

وقال الطبرسي موضّحا معنى الآية ورادّا على من فسّرها بمجي‏ء اللّه تعالى وكأنّه أراد توضيح الآية والردّ على من فسّرها بمجي‏ء اللّه تعالى : «ثمّ عقّب سبحانه ما تقدّم من الوعيد بوعيد آخر ، فقال : {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ}‏ أي : هل ينتظر هؤلاء المكذّبون بآيات اللّه إلّا أن يأتيهم أمر اللّه ، أو عذاب اللّه ، وما توعدهم به على معصيته في ستر من السحاب . وقيل : قطع من السحاب ، وهذا كما يقال : قتل الأمير فلانا ، وضربه وأعطاه ، وإن لم يتولّ شيئا من ذلك بنفسه ، بل فعل بأمره ، فاسند إليه لأمره به .

وقيل : معناه ما ينتظرون إلّا أن يأتيهم جلائل آيات اللّه ، غير أنّه ذكر نفسه تفخيما للآيات ، كما يقال : دخل الأمير البلد ، ويراد بذلك جنده . وإنّما ذكر الغمام ليكون أهول ، فإنّ الأهوال تشبه بظلل الغمام ، كما قال سبحانه : {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ } [لقمان : 32] ‏ . وقال الزجاج : معناه يأتيهم اللّه بما وعدهم من العذاب والحساب ، كما قال :

{فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} أي : أتاهم بخذلانه إيّاهم . وهذه الأقوال متقاربة المعنى بل المعنى في الجميع واحد أي : هل ينتظرون إلّا يوم القيامة ، وهو استفهام يراد به النفي والإنكار أي : ما ينتظرون ، كما يقال : هل يطالب بمثل هذا إلّا متعنّت ، أي : ما يطالب . ومثله في التنزيل‏ {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ . . .}» «49» .

وقال الطباطبائي في تفسير الآية ، وفقا لطريقته في إرجاع المتشابه من الآيات إلى المحكمات منها :

«إنّ من الضروري الثابت بالضرورة من الكتاب والسنّة أنّ اللّه سبحانه وتعالى لا يوصف بصفة الأجسام ، ولا ينعت بنعوت الممكنات ممّا يقضي بالحدوث ، ويلازم الفقر والحاجة والنقص ، فقد قال تعالى : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [الشورى : 11] ، وقال تعالى : {وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ} [فاطر : 15]، وقال تعالى : { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } [الزمر : 62] ، إلى غير ذلك من الآيات ، وهي آيات محكمات ترجع إليها متشابهات القرآن ، فما ورد من الآيات وظاهرها إسناد شي‏ء من الصفات أو الأفعال الحادثة إليه تعالى ينبغي أن يرجع إليها ، ويفهم منها معنى من المعاني لا ينافي صفاته العليا وأسماءه الحسنى تبارك وتعالى ، فالآيات المشتملة على نسبة المجي‏ء أو الإتيان إليه تعالى كقوله تعالى : { وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر : 22] ، وقوله تعالى : {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا } [الحشر : 2] ، وقوله تعالى : { فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} [النحل : 26] ، كل ذلك يراد فيها معنى يلائم ساحة قدسه تقدّست أسماؤه؛ كالإحاطة ونحوها ولو مجازا ، وعلى هذا فالمراد بالإتيان في قوله تعالى : {أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ‏} الإحاطة بهم للقضاء في حقّهم» «50» .

ثمّ انتقل الطباطبائي إلى بحث المسألة بذوق فلسفي وعرفاني ، فقال :

«فالمجي‏ء والإتيان الّذي هو عندنا قطع الجسم مسافة بينه وبين جسم آخر بالحركة واقترابه منه إذا جرّد عن خصوصية المادّة كان هو حصول القرب ، وارتفاع المانع والحاجز بين شيئين من جهة من الجهات ، وحينئذ صحّ إسناده إليه تعالى حقيقة من غير مجاز : فإتيانه تعالى إليهم ارتفاع الموانع بينهم وبين قضائه فيهم ، وهذه من الحقائق القرآنية الّتي لم توفّق الأبحاث البرهانية لنيله إلّا بعد إمعان في السير ، وركوبها كل سهل ووعر ، وإثبات التشكيك في الحقيقة الوجودية الأصلية» «51» .

وقال في البحث الروائي : «وفي التوحيد والمعاني عن الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى :

{ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة : 210]‏ قال : يقول : هل ينظرون إلّا أن يأتيهم اللّه بالملائكة في ظلل من الغمام وهكذا نزلت ، وعن قول اللّه عزّ وجلّ : {وجاءَ رَبُّكَ والْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} قال : انّ اللّه عزّ وجلّ لا يوصف بالمجي‏ء والذهاب ، تعالى عن الانتقال ، وانّما يعني به وجاء أمر ربّك والملك صفا صفا .

أقول : قوله (عليه السلام) يقول هل ينظرون ، معناه يريد هل ينظرون فهو تفسير للآية وليس من قبيل القراءة .

والمعنى الّذي ذكره هو بعينه ما قربناه من كون المراد بإتيانه تعالى اتيان أمره» «52» .

_________________________

(1)- الملل والنحل ج 1/ ص 93 . مقدّمة البرهان للآصفي/ ص 21 .

(2)- الملل والنحل/ الشهرستاني/ ج 1/ ص 96 .

(3)- م . ن/ ص 97 .

(4)- النابلسي/ العقيدة الصحيحة/ ص 29 . راجع للمزيد الأقوال حول الرّؤية والتجسيم والحركة : عقائد الشيعة وأهل السنّة في اصول الدّين/ د . علاء الدين القزويني/ ص 56 فما بعدها .

(5)- أبو شامة/ ضوء الساري/ ص 98 .

(6)- الفرق بين الفرق/ ص 335 و336 .

(7)- الآجري/ الشريعة/ ص 254 .

(8)- الدرّ المنثور/ ج 8/ ص 350 .

(9)- مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية/ بدر الدين الحنبلي/ ص 201 .

(10)- الدرّ المنثور/ ج 8/ ص 350- 360 .

(11)- تفسير الطبري/ ج 7/ ص 247 .

(12)- الكاهن اليهودي الذي أسلم في خلافة عمر .

(13)- تفسير الطبري/ ج 27/ ص 51 .

(14)- مسند أحمد/ ج 5/ ص 267 . أحاديث عائشة/ ج 2/ ص 36 .

(15)- أضواء على السنّة المحمّدية/ محمود أبو رية/ ص 207 .

(16)- فجر الاسلام/ أحمد أمين/ ص 248 . التفسير والمفسّرون/ ج 1/ ص 76 .

(17)- الطبري/ ج 27/ ص 52 .

(18)- الجامع الصحيح/ الإمام الربيع بن حبيب/ ج 3/ ص 26 .

(19)- أضواء/ ص 208 .

(20)- الملل والنحل/ ج 1/ ص 97 .

(21)- الجامع الصحيح/ ج 3/ ص 26 .

(22)- الصواعق المحرقة/ ص 238 . عقائد الشيعة وأهل السنّة/ ص 53 .

(23)- تفسير الطبري/ ج 27/ ص 50 .

(24)- الدرّ المنثور/ ج 29/ ص 360 .

(25)- التبيان في تفسير القرآن/ الطوسي/ ج 10/ ص 197 .

(26)- التبيان/ ج 10/ ص 198 .

(27)- التبيان/ ج 2/ ص 199 .

(28)- مجمع البيان/ ج 10/ ص 155 .

(29)- تفسير الميزان/ ج 20/ ص 122 .

(30)- الميزان/ ج 20/ ص 126- 128 .

(31)- م . ن/ ج 19/ ص 35 و36 .

(32)- عن الإمام العسكري (ع)/ التوحيد/ ص 101/ ح 14 .

(33)- عقائد الشيعة وأهل السنّة/ ص 74 .

(34)- نقض المنطق/ ابن تيمية/ ص 121- 123 .

(35)- الدرّ المنثور/ ج 8/ ص 254 .

(36)- م . ن/ ص 255 .

(37)- تفسير الطبري/ ج 26/ ص 169 .

(38)- م . ن/ ص 170 و171 .

(39)- صحيح البخاري/ ج 9/ ص 117 ، صحيح مسلم/ ج 8/ ص 152 .

(40)- الدرّ المنثور/ ج 7/ ص 603 .

(41)- التبيان/ ج 10/ ص 87 .

(42)- مجمع البيان/ ج 10/ ص 74- 75 .

(43)- الميزان/ ج 19/ ص 406 .

(44)- جاء في الصحيحين عن أبي هريرة : أنّ رسول اللّه قال : ينزل ربّنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث اللّيل الآخر . البخاري/ ج 2/ ص 53 . صحيح مسلم/ ج 2/ ص 176 .

(45)- الدرّ المنثور/ ج 2/ ص 580 .

(46)- البيت في نوادر أبي زيد/ ص 235 ، ومعاني القرآن للفراء/ ج 1/ ص 146 .

(47)- البيت للنابغة الجعدي ، اللسان (خزر) ، في المطبوعة (بأرض) بدل (بلاد) .

(48)- التبيان/ ج 2/ ص 188 .

(49)- مجمع البيان/ ج 2/ ص 46- 47 .

(50)- الميزان/ ج 2/ ص 104 و105 .

(51)- م . ن/ ص 106 .

(52)- م . ن/ ص 107 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .