أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-12-2015
961
التاريخ: 17-12-2015
1417
التاريخ: 2023-08-15
877
التاريخ: 14-12-2015
1286
|
من المعروف أنّ «الفقدان» يبرز أهميّة «الوجدان» وبعبارة أخرى : أنّ النعم الإلهيّة والعطاء الربّاني يُعرف عند زواله، فلو لم يكن للمرض وجود في العالم لما عرف أحد قيمة الجوهرة الثمينة لنعمة السلامة، ولولا الخوف لما عرفت قيمة وأهمية نعمة الأمان.
وعلى هذا فالجنّة التي تخلو من الفقدان والخوف والمرض والتعب، ولا تعرف العوز والقحط ... الخ، لن تعرف قيمة كل هذه النعم وستُنسى أهمّيتها بالتدريج، ولن يكون هناك أي شعور باللذة.
والجواب عن هذا السؤال لا صعوبة فيه، لأنّ أهل الجنّة مشرفون على أهل النّار وبإمكانهم الاطلاع على أوضاعهم ومقارنتها بما هم عليه، وحين يرون هذا الفارق الشاسع يلتذّون بالنعم اللامتناهية التي يعيشون فيها.
تطرّق القرآن الكريم مرّات عديدة إلى اطلالة أهل الجنّة على أهل النّار، فجاء قوله تعالى : {وَنَادَى اصْحَابُ النَّارِ اصْحَابَ الجَنَّةِ ان أَفِيضُوا عَلَينَا مِنَ المَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا انَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}. (الأعراف/ 50)
وفي سورة الصافات تحدّثت عدّة آيات منها عن هذا المشهد قائلة : {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ* قَالَ قَائِلٌ مِّنهُم انِّى كَانَ لِى قَرِينٌ} {فَاطَّلَعَ فَرآهُ فِى سَوَاءِ الجَحِيمِ* قَالَ تَاللَّهِ ان كِدتَّ لَتُرْدِينِ* وَلَولَا نِعمَةُ رَبّى لَكُنتُ مِنَ الُمحْضَرِينَ}.
(الصافات/ 50- 51، 55- 57).
كما نقرأ أيضاً في سورة الأعراف : {وَنَادَى اصْحَابُ الْجَنَّةِ اصحَابَ النَّارِ ان قَد وَجَدْنَا مَاوَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُم حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَينَهُم ان لَّعنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}. (الأعراف/ 44)
يُفهم من مجموع هذه الآيات أنّه لا أهل الجنّة يجهلون أوضاع أهل النّار، ولا أهل النّار محجوبون عن أحوال أهل الجنّة، فاطلاع أهل الجنّة يضاعف ما هُم فيه من السرور والنعمة لنجاتهم من ذلك العذاب الأليم، ويسعدون لما يرفلون فيه من النعمة والرفاه، وعلى العكس منهم أهل النّار إذ يتضاعف عذابهم عند إجراء مثل هذه المقارنة.
وورد عن الإمام الصادق عليه السلام حديث يقول : «ما خلق اللَّه خلقاً إلّا جعل له في الجنّة منزلًا وفي النّار منزلًا، فاذا سكن أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار نادى مناد، ياأهل الجنّة اشرفوا، فيشرفون على النّار وترفع لهم منازلهم في النّار ثم يقال لهم : هذه منازلكم التي لو عصيتم ربّكم دخلتموها؛ قال : فلو أنّ أحداً مات فرحاً لمات أهل الجنّة في ذلك اليوم فرحاً لما صرف عنهم من العذاب؛ ثم ينادون : يا معشر أهل النّار ارفعوا رؤوسكم فانظروا إلى منازلكم في الجنّة فيرفعون رؤوسهم فينظرون إلى منازلهم في الجنّة وما فيها من النعيم، فيقال لهم : هذه منازلكم التي لو اطعتم ربّكم دخلتموها...» «1».
وجاء في ذيل الرواية نفس هذا المعنى بشأن أصحاب النّار حينما يرون منازلهم في الجنّة فيكادون يموتون من الحسرة والغيظ.
ونُقل في تفسير الدر المنثور حديث مشابه عن الرسول صلى الله عليه و آله ولكن بشكل مختصر «2».
إنّ وجود منزلين لكل إنسان يدل على الطبائع والاستعدادات الموجودة في كل إنسان بالقُوّة، حيث يُحدّد منزله في الجنّة أو في النّار وفقاً لتلك الطبائع والاستعدادات، ولا يتنافى هذا مع ما ذكرناه سابقاً من أنّه يبني تلك المنازل بعمله ويكملها من جميع الجوانب، ويخرج كل تلك الاستعدادات من حالة القُوّة إلى حالة الفعل، هذا من جهة، ومن جهة اخرى فإنّ أهل الجنّة لا ينسون أبداً ذكريات الدنيا، ويمكنهم معرفة قيمة وأهّمية كل هذه النعم والفضائل من خلال مقارنة أوضاعهم الحالية مع ما كانوا عليه في الدنيا.
ذكرت الآيات ما يأتي : {وَأَقبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعضٍ يَتَسَاءَلُونَ* قَالُوا انَّا كُنَّا قَبلُ فِى اهلِنَا مُشفِقِينَ* فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}. (الطور/ 25- 27)
ويُظهر هذا التعبير أنّ أصحاب الجنّة يتذكرون معاناتهم في الدنيا وشقاءهم ويقارنون بينهما وبين ما هم فيه، ومن الطبيعي أنّ هذه المقارنة تُظهر لهم بوضوح عظمة النعم التي يتنعّمون بها.
__________________________
(1). بحار الأنوار، ج 8، ص 125، ح 26.
(2). تفسير در المنثور، استناداً لما ورد في تفسير الميزان، ذيل آيات سورة الأعراف.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|