أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-7-2016
![]()
التاريخ: 24-11-2020
![]()
التاريخ: 2024-02-07
![]()
التاريخ: 16/10/2022
![]() |
لكل منا أسلوب يغلب عليه، وبعبارة أخرى، فالمرء يفضل أن يتعامل ويعمل بطرق مميزة من خلال أحد هذه الأساليب الأربعة، وفي مقتبل عمر الإنسان يظهر أحد هذه الأساليب كأسلوب مفضل لديه، ويتصرف في غالب حياته من خلاله، ولأن هذا الأسلوب يتحول إلى عادة يصبح من السهل على المرء أن يتصرف وفقاً له، (فمنطقة الراحة) للمرء هي الطريقة التي يحب أن يعمل من خلالها في معظم أوقاته.
ولكل أسلوب سلبيات وإيجابيات محتملة.. وليست الإيجابيات إلا مزايا محتملة ولابد من تعميقها حتى تصبح إيجابيات حقيقية. وبالمثل فإن السلبيات أيضاً هي عوائق محتملة. والشخص الناجح في كل أسلوب هو الذي يوجد الوسائل التي من شأنها منع هذه السلبيات من تدمير فاعليته.
وعلى الرغم من أن لكل منا أسلوبه الغالب، فإنه أيضاً يتمتع بالأساليب الأربعة فإن كان الواقع يقول إن هناك أسلوباً واحداً يهيمن على سلوك كل شخص، فإنه من الناحية السلوكية نجد أننا جميعاً مزيج من الأساليب الأربعة، وليس هناك شخص يعمل وفقاً لأسلوب واحد فقط فليس هناك ما يمكن تسميته تحليلاً نهائياً. فمهما كانت قوة الأسلوب الغالب علينا، فإنه بإمكاننا أن نجد أثاراً بسيطة بل ودرجات كبيرة من الأساليب الأخرى في سلوكنا، وكل شخص يستخدم بعض السلوكيات المرتبطة بالأساليب الأخرى، وذلك مثل الشخص الأعسر الذي يتعلم استخدام يده اليمنى، وإلى حد ما، فإن جميع الناس يتمتعون بالمزج بين الأساليب الأربعة، ولعلك تجد أجزاء من شخصيتك في وصف كل أسلوب من هذه الأساليب الأربعة.
تذكر:
ـ لا يمكنك تغيير أسلوبك الغالب، وقد تسير على هذا الأسلوب ما حييت. وقد تتغير وتتحول إلى طرق أخرى عديدة، إلا أن أسلوبك الغالب هو جزء جوهري من شخصيتك، وسيستمر طيلة حياتك، ولحسن الحظ وكما ذكرنا مراراً وتكراراً ليس هناك أسلوب أفضل من الآخر، ولا بأس أن يكون أسلوبك أياً من هذه الأساليب.
ـ شخصيتك لا تتركز في أسلوبك فقط. إن أسلوبك هو جزء أساسي ومهم من شخصيتك، ولكنه مجرد جزء منك. فأسلوبك ما هو إلا جزء من شخصيتك التي تشتمل على أشياء أخرى مثل معتقداتك التي تعتنقها، وقيمك التي تلتزم بها والأهداف التي تسعى إليها، والعلاقات التي تقيمها، والمميزات التي تنفرد بها، وغير هذا الكثير والكثير. ومن الواضح أن فهم أسلوب الآخرين لا يعني معرفة كل شيء عن شخصياتهم، فلا تنس أن كل شخصية تقابلها هي أعمق من أسلوبها فقط.
ـ إنك مختلف عن غيرك ممن لديهم نفس أسلوبك. إن الأشخاص الذين يشتركون في أسلوب واحد يتشابهون مع بعضهم البعض بطرق عدة، ولكنهم لا يكونون متطابقين، وكما هو الحال مع أوراق شجرة البلوط فإن الأشخاص الذين يشتركون في أسلوب ما يتباينون في تشابههم، وبمجرد أن تفكر في الأشخاص في إطار أسلوب ما، ستجد أن الفروق بينهم صارخة. وعلى سبيل المثال انظر إلى بعض من مشاهير (المعبرين): محمد علي، كارول بيرنت بيل كلينتون، بيل كوسبي لي لاكوكا، جیسي جاكسون، بوبي نایت لیزا مينيلي، أوبرا وينفري. فهؤلاء جميعاً أشخاص معبرون لديهم سلوكيات كثيرة مشتركة، ومع هذا، فهم مختلفون عن بعضهم في طرق عديدة بحيث يصعب تصديق أنهم جميعاً يندرجون تحت فئة واحدة.
وهناك شرَكٌ كثيراً ما تقع فيه عند التفكير في أساليب الناس الا وهو تجاهل الاختلافات الفردية العديدة الموجودة في إطار كل أسلوب، فلا تسمح لنفسك أن تنساق وراء العقلية التي تقول: (إذا رأيت واحداً، فقد رأيت الجميع).
ـ تقبلك لكل أسلوب من هذه الأساليب يساعدك على جعل هذا النموذج يعمل لصالحك لا ضدك. والتقبل هنا يعني تقدير قيمة الأسلوب، ولا يعني ذلك قبول ما فيه من أوجه قصور، وفي ظل عقلية التقبل، يمكن لكل منا أن يقدر القيمة الجوهرية لكل أسلوب، ويمكنك أن تولي اهتماماً متوازناً للسلبيات والإيجابيات، وعندما تكون شخصاً متقبلاً للأساليب الأخرى، وتلاحظ ما بها من عيوب فلن تتجاهل وتتغاضى عن السلوك وحسب بل وفي نفس الوقت لن تنظر إليه بشكل غير عادل.
وعلى الجانب الآخر للتقبل، نجد عقلية النقد، وهذه عالمة الانثروبولوجيا مارجريت مید ترى أن الناس يميلون إلى التحول السريع من إدراك التنوع إلى مفاهيم الفوقية والدونية، ومن الصعب أن تنظر إلى الاختلافات البشرية دون النظر إليها من منظور الأسوأ والأفضل، وإذا لم يجتهد المرء في أن يكون موضوعياً: فإنه غالباً ما يميل إلى التركيز على أقل الخصائص جاذبية في أساليب الآخرين، ومثل هؤلاء يسمحون للأمثلة السيئة لا الجيدة، أن تشكل انطباعاتهم عن أسلوب آخر، كما أنهم ينظرون إلى الاختلافات وفقاً للقواعد الخاصة بأساليبهم كما سينظرون إليها على أنها عيوب، وبالتالي فإنهم غالباً ما ينتقصون ويحطون ويستهزئون من الأساليب الأخرى، ولا يمثل هذا وسيلة ناجحة لإقامة العلاقات.
ومع هذا، يمكن لكل منا ببذل الجهد أن ينظر إلى أساليب الآخرين من منظور عقلية التقبل، بل والتقدير. ويمكننا أن ندرك كم ستكون الحياة رتيبة لو أننا جميعاً على نفس الأسلوب، ولا شك أن هذا التنوع هو ما يضفي للحياة نكهة خاصة ويوسعنا أن نشعر بالامتنان لأن الآخرين يستمتعون بفعل بعض الأشياء مما لا نحب فعله ولسنا نجيده، وعندما نتقبل أساليب الآخرين ونقدر إيجابياتها يمكننا أن نبني علاقات بناءة مع آخرين ممن يختلفون عنا تماماً، ولذلك فإنك وأنت تقرأ هذا الوصف لكل أسلوب ينبغي أن تبذل جهوداً واعية نحو التعامل مع كل أسلوب بنوع من التقدير.
ـ إن بناء مؤسسة قوية يتطلب الأساليب الأربعة. لكل أسلوب عناصر قوة معينة كامنة فيه ولكنه أيضاً يفتقد إلى عناصر القوة الأخرى الموجودة في بقية الأساليب والمؤسسة القوية تتطلب إيجابيات جميع الوسائل، وقد كتب بيتر دركر المحلل المؤسسي قائلاً: (تتطلب مهام الإدارة العليا على الأقل أربعة أساليب من الموظفين) هم: المفكرون (المحللون)، الفاعلون (العمليون)، الاجتماعيون (الودودون) الرئيس الصوري (المعبّرون).
ـ التحليليون
إن الأسلوب الذي يقع في الجزء العلوي الأيمن من الشبكة يسمى الأسلوب التحليلي والأشخاص في هذا المربع يجمعون بين الكبت العاطفي الشديد والسلوك التوكيدي الأقل من المتوسط. (انظر شكل 6ــ1).
الشكل (6ــ1) يظهر التحليليون مستوى توكيد واستجابة أقل من المتوسط
والأسلوب التحليلي هو أكثر الأساليب ميلاً إلى المثالية: فالشخص التحليلي يريد لكل ما يرتبط به أن يكون صائباً، وهناك بعض الأساليب التي تميل إلى التسرع وعدم التأني في معالجة الأمور فمثلاً ينصح أحد مستشاري الإدارة المشهورين قائلاً: (استعد، أطلق ثم صوب) ومثل هذه النصيحة لا تروق لأي شخص تحليلي فقبل التحرك إلى إصابة الهدف تجد التحليليين ينصحونك بقولهم: (دعنا نفعل الصواب، حتى لا نضطر لتكراره) وهم يضعون معايير عالية للغاية كما أن لديهم الاستعداد لاستهلاك وقتاً أطول من أجل الوصول إلى هذه المعايير وتجاوزها. ويتمسك التحليليون بالتفاصيل، وذلك لأنهم يعتقدون أن الاهتمام الشديد بكل جانب من جوانب المشروع، مهما كان صغيراً، يكون له دوره في النتيجة النهائية.
والأسلوب التحليلي أكثر الأساليب نزوعاً للنقد، فانطلاقا من نزعة التحليليين للمثالية تراهم يقسون كثيراً على أنفسهم وعلى الآخرين، والمعايير الصارمة التي يضعونها تجعلهم يميلون إلى الاقتصاد في الإطراء وتعبيرات المدح، ولابد من أن يحرص التحليليون على عدم الانسياق وراء هذه النزعات؛ وذلك لأنه من المحبط أن نعمل مع شخص كثير النقد، وقليل الإطراء.
ويتميز التحليليون بالمنهجية والتنظيم الجيد، وعلى أحسن الأحوال يميلون إلى إجراء عمليات ذات فاعلية شديدة من شأنها أن تسفر عن نتائج مبهرة ومستمرة أما في أسوأ أحوال الأسلوب التحليلي، فإن نزعته المنهجية قد تؤدي إلى بيروقراطية اللوائح المبالغ فيها، كما قد تؤدي إلى أسلوب عقيم في التفكير.
ومثل هذا الأسلوب يتوق إلى البيانات. فكلما زادت البيانات، كان هذا أفضل وعندما تجد شخصاً تحليلياً ينجح في تحويل البيانات إلى معلومات مفيدة، يمكنك فهم حقيقة المقولة القديمة التي تقول (المعرفة قوة).
وعند مواجهة الأخطار، يميل التحليليون إلى التعقل والعديد منهم يخاطرون مخاطرات محسوبة غير أن منهم من يعرف حتى عن هذا. وكقاعدة، فالتحليليون يفضلون - أن يكونوا آمنين على أن يأسفوا على ما فعلوا.
ولا تنتظر من الأشخاص المتعقلين أن يكونوا شجعاناً في عملية اتخاذ القرار، فهم يريدون أن يتأكدوا من أن قرارهم سليم. ولكن هذا التأكد ليس ممكناً، ويقوم التحليليون بجمع أقصى قدر ممكن من المعلومات، وحتى مع هذا، فقلما يكون هناك معلومات كافية لجعلهم يرتاحون إلى اتخاذ قرار ما، وهم يحاولون الموازنة بين الاختيارات والتي عادة ما تتضمن أشياء لا يمكن التكهن بها، ونتيجة لهذا غالباً ما يعاني التحليليون من اتخاذ القرارات، ومنهم من يشعر حتى بوطأة اتخاذ قرار بسيط مثل الوجبة التي سيطلبها عند تناوله الطعام خارج المنزل.
والتحليليون يميلون للعزلة، أو إلى أن يكونوا مع عدد قليل من الأشخاص، كما أنهم يتركون الاجتماعات الكبرى والحفلات الاجتماعية إذا أمكن هذا، وهم يفضلون البقاء بالمنزل وقراءة كتاب ما، كما أنهم قلما يرتبطون بالجماعة، ولكنهم يقضون معظم أوقاتهم أمام الإنترنت والشخص التحليلي عندما يكون لديه مكتب، فعادة ما، ما تراه متواجداً فيه.. ومن المحتمل أن تجد بابه مغلقاً. ومثل هذا الشخص لابد من دفعه إلى الإدارة من خلال تفقد أحوال العمل، وفي حقيقة الأمر، فإن أصحاب هذا الأسلوب يميلون إلى العمل بمفردهم على العمل مع الآخرين، وبالرغم من الطبيعة الانعزالية للتحليليين؛ فإنهم يفاجئون الآخرين بإخلاصهم عندما تسوء الأمور وبالرغم من أن أصحاب هذا الأسلوب لا يظهر عليهم النزعة إلى الاختلاط بالناس فإنهم غالباً ما يبذلون قصارى الجهد للتأكد من معاملة موظفيهم بالعدل، وذلك في المواقف الصعبة.
ولغة الجسد عند التحليليين متواضعة. فهم يمشون ببطء أكثر من الأشخاص الذين يقعون يمين الخط، كما أنهم يسترخون على كراسيهم حتى عندما يطرحون وجهة نظر، وهم لا يومئون كثيراً، وإذا فعلوا تكون إيماءاتهم بسيطة، وأقل حماساً وتوكيداً مما هو معروف، كما أنه لا يعرف عنهم أنهم يستخدمون الاتصال بالعين أو تعبيرات الوجه بشكل كبير، وهم يميلون إلى الزي المحافظ، وإذا كان لديهم مكتب فهم يفضلون أن يكون تصميمه عملياً.
والشخص التحليلي هو الأكثر هدوءاً بين ذوي الأساليب الأخرى، فقليلاً ما تجده يتكلم مقارنة بغيره باستثناء ما إذا كان يسهب في تفصيل ممل عن موضوع ما، وعندما يتحدث الشخص التحليلي يكون صوته منخفضاً وسرعة حديثه بطيئة. وتكون تغيرات طبقة صوته قليلة، وأشخاص هذا الأسلوب يحبون أن يدرسوا الأمور من جميع جوانبها قبل أن يتحدثوا، وهم لا يتوقفون عن التفكير حتى عندما يتحدثون فتراهم يتصفحون أذهانهم بحثا عن الكلمة أو العبارة المثلى التي تنقل ما يريدون بشكل صحيح، ومع تفكيرهم فيما يقولون أثناء حديثهم، تراهم كثيراً ما يقاطعون أنفسهم في وسط الجمل ويبدؤون الحديث عن فكرة جديدة طرأت لهم للتو - وهذه الخصلة غالباً ما تربك المستمعين، ومن السهل أن تعرف الأسباب التي تجعل هؤلاء الأشخاص يميلون إلى تفضيل الاتصال بالكتابة على الاتصال بالكلام.
ومضمون الحديث عند التحليليين له خصائص عدة، فعند الحديث تجد الشخص التحليلي أكثر تركيزاً على المهام وليس الناس، وهو يتعامل مع الأمور بالمنطق وحتى في الحوارات غير الرسمية تراه يميل إلى تحليل ما يقول إلى نقاط: (في المقام الأول)، (ثانياً) وهلم جرا. وهم يسعون جاهدين للوصول إلى الدقة وينتظرونها من غيرهم، وهم يريدون من الآخرين أن يمدوهم بالتفاصيل، وعندما يشرحون شيئاً ما؛ فعادة ما يعطون تفاصيل أكثر مما قد يحتاجه الأشخاص من ذوي الأساليب الأخرى، وهم يميلون أكثر لتخيل أي موضوع ومعرفة ما قد يتضمنه من تعقيد بينما تجدهم أقل ميلاً للتوصية الحاسمة بفعل شيء ما، وقد كان الرئيس هاري ترومان - أحد أكثر الرؤساء توكيداً - يقول إنه لطالما أراد مستشاراً اقتصادياً يعطيه رأياً واحداً، فقد سئم من المستشارين الذين يقولون: (من ناحية هذا.. ولكن من ناحية أخرى فذلك) ولا شك أن ترومان - وهو شخص يقع أعلى يمين الخط - قد قال هذا بعد اجتماع مع بعض التحليليين الذين يميلون إلى عرض جميع دقائق المشكلة ولكن دون إعطاء توصيات واضحة.
ويميل الشخص التحليلي إلى سلوك طريق غير مباشر عند طلب شيء ما أو ذكر رأي ما، فعندما يقول: (ربما ينبغي علينا أن ندرس هذا وذاك)، قد يقصد: (أعتقد أننا ينبغي أن نفعله)، وأحياناً ما يطرح الشخص التحليلي سؤالاً يقصد به خبراً فعندما يقول: (هل ترى أنه من الحكمة أن...؟) قد يعني: (إنني أريدك أن تفعل هذا).
والتحليليون لا يفصحون عن مشاعرهم، فقد يتأثرون بموقف ما كأي شخص آخر، ولكنهم غالباً ما يتحدثون عن الحقائق المتعلقة بالموضوع لا عن مشاعرهم تجاهه وغالباً ما يصبغون المشاعر بالعقل سواء كانت مشاعرهم أو مشاعر الآخرين، وغالباً ما يصعب على الناس فهم التحليليين لأنهم يظهرون قدراً ضئيلاً جداً من العواطف، وأحياناً ما يكون هناك تباين بين الشخص التحليلي ومشاعره حيث يعلو صوت عقله بحيث لا يستطيع سماع صوت فطرته.
ويحاول التحليليون تجنب النزعة العاطفية المتصلة بمواقف الخلاف، وعندما تسيطر العواطف على الآخرين، يلجأ التحليليون إلى عقولهم ويصبح لديهم انفصال عاطفي، وهؤلاء يفترضون أن الأسلوب المتعقل سوف يهدئ المواقف الساخنة ولكن غالباً ما يقع العكس، والمعبرون خاصة ينزعجون أكثر عندما يحاول شخص تحليلي أن يجعلهم يتحدثون بهدوء وتعقل، أثناء خلاف ما، وعندما يتجنب الشخص التحليلي الخلاف تظل أمور مهمة معلقة ومشاكل دون حل، كما قد تضيع فرص مهمة.
وعندما نتحدث عن التعامل مع الوقت، نجد أن الشخص التحليلي هو مزيج غريب، فهو يميل إلى الانضباط في الاجتماعات ولكنه يتأخر في الوفاء بالمواعيد النهائية، ومن السهل أن نعرف السبب في هذا، فسعي التحليليين إلى الجودة التامة يجعلهم يضعون معايير، مبالغاً فيها، وفي نفس الوقت تراهم يؤدون الأشياء ببطء وتفكير أكثر من غيرهم، فهم يدرسون خيارات أكثر، ويبحثون في كل خيار بشمول على غير العادة، وعند الانتهاء من البحث، يأخذون وقتاً أطول من الوصول إلى قرار، وكل خطوة في تحرك التحليليين تكون أبطأ من الأساليب التي تقسم بسلوك توكيدي أكبر.
وليس هناك من يلتزم تماماً بأسلوب ما، فالشخص التحليلي العادي سيكون لديه معظم الخصائص السابقة ولكن ليس كلها، ولذلك عندما تعمل مع شخص تحليلي، كن واعياً بخصائص هذا الأسلوب ولكن ابحث أيضاً عن السلوكيات التي قد تخرج عن القاعدة.
وكما هو الحال في جميع الأساليب، فإن الأسلوب التحليلي له سلبياته وإيجابياته في أداء الأشياء، فعندما يؤدي الموظفون التحليليون هذا الأسلوب بشكل سيئ يفقد فاعليته في العمل، ومع هذا، فالتحليليون الذين يستخدمون هذا الأسلوب بشكل جيد يضعون أقدامهم على واحد من أعظم الطرق المؤدية للنجاح.
وبما أن هناك 25 % من السكان تحليليون، فمن الغالب أن تتعامل مع هذا النوع كل يوم.
ـ الودودون
وهذا نوع آخر من الموظفين، ويقع هذا الأسلوب في المربع الأيمن السفلي. ويؤدي الأشخاص الودودون المهام بأسلوب أقل توكيدا من المتوسط واستجابة أكثر من المتوسط.
وكما ترى في الشكل (6ــ2)، فإن التحليليين والودودين يشتركون في نفس القدر من التوكيدية، ولذلك ستجد هنا أوجه تشابه عديدة بين هذين الأسلوبين، والاختلاف بين هذين الأسلوبين الواقعين على يسار الخط إنما هو في مقدار الاستجابة فالشخص الودود يظهر عاطفة أكثر بكثير من الشخص التحليلي، ويرتبط هذا الفرق بالعديد من الفروق السلوكية الأخرى بين هذين الأسلوبين.
الشكل (6ــ2) يُظهر الودودون استجابة أكثر من المتوسط وتوكيداً أقل من المتوسط.
والشخص الودود يفوق الأساليب الأخرى، في الغالب، ويكون عضواً في فريق فهو عادة ما يفضل العمل مع الآخرين وخاصة في المجموعات الصغيرة أو مع شخص آخر، وهو لا يسعى للأضواء، وقلما يدخل في مصادمات ذاتية مع الآخرين كما أنه قلما يسعى لسلطة وذلك مقارنة بالأشخاص الأكثر توكيداً، ويمكن لأشخاص هذا الأسلوب أن يكونوا ماهرين في تشجيع الآخرين على بسط أفكارهم، كما أن لديهم مهارة في تقدير قيمة مهارة الآخرين. وكنتيجة لصراحتهم بشأن آراء الآخرين أحياناً ما يكون بمقدورهم تشجيع أفكار قيمة لشخص آخر قد يسرع الآخرون إلى التشكيك فيها. والأشخاص أصحاب هذا الأسلوب يميلون إلى التأليف بين الأفكار المختلفة بما يجعل جميع الأطراف يؤيدونها تأييداً حقيقياً.
ومما يدعم نجاح الأشخاص الودودين كأعضاء فريق هو سخاؤهم بالوقت، فإذا ما طلب زميل النصح أو المساعدة من زميل له - من الأشخاص الودودين - تراه يترك ما يفعل ويتفرغ لمساعدته، ومثل هؤلاء غالباً ما يتطوعون بالقيام بالأنشطة غير الجذابة والبعيدة عن الأضواء وذلك نيابة عن الفريق، وبسبب قيامهم بالأعمال البعيدة عن الأضواء، فهم الجنود المجهولون للعديد من جهود الفريق، وإذا كان هذا الإيثار بناء في الغالب إلا أن أشخاص هذا الأسلوب قد يبالغون في هذا، بحيث يفشلون في الوفاء بالتزاماتهم في المواعيد المحددة.
وما يتمتع به أشخاص هذا الأسلوب من ود يعد ميزة عند العمل مع الناس وكل من الأسلوبين اللذين يقعان تحت الخط الودودين والمعبرين، لديهم نزعة أكثر للتعامل مع الناس، ومع هذا فالمعبرون أصعب مراساً في هذا الشأن، والشخص الودود يميل أكثر إلى استخدام أسلوب غير مثير في تكوين علاقاته، فباستخدام أسلوب سهل ولطيف يقوم الشخص الودود بتكوين علاقاته بشكل أسهل من أصحاب الأساليب الأخرى، وغالباً ما تكون علاقاته مع الآخرين شخصية أكثر مما هو الحال مع الأساليب الأخرى.
والأشخاص الذين يندرجون تحت هذا الأسلوب يدعمون ما لديهم من ود بالتعاطف فهم يهتمون بشكل عام بسماع مخاوف الآخرين أكثر من اهتمامهم بالتعبير عن مخاوفهم، كما أن لديهم حساسية خاصة تجاه مشاعر الآخرين وعندما يتطلب الأمر تعاطفاً، تجد ذلك يظهر على وجوههم وفي نظراتهم وكلماتهم. وبالتالي تجد أن الآخرين يميلون إلى الثقة بهم.
وعادة ما يؤدي أصحاب هذا الأسلوب بشكل أفضل في ظل ظروف مستقرة وذات تنظيم واضح وذلك لأنهم لا يميلون كثيراً للتخطيط ووضع الأهداف كما هو الحال مع الأنواع التي تقع فوق الخط، وغالباً ما يفضل هؤلاء الأشخاص أن تقوم المؤسسة بتجديد أدوارهم ووضع أهدافهم – ما دامت المطالب معقولة - وبمجرد أن يتم توضيح دورهم وأهدافهم تراهم يعملون بجد في أداء واجباتهم، وكقاعدة فإن أصحاب هذا الأسلوب يكونون عمالاً مجدين ولديهم نزعة لخدمة الآخرين، وانطلاقاً من أسلوبهم الذي يغلب عليه الود والبساطة والهدوء، قد لا يدرك الآخرون مقدار ما يقومون به من عمل.
وبعض أشخاص هذا الأسلوب قد يفرطون في ودهم بما يجعلهم ينحرفون عن أداء مهامهم بسبب رغبتهم في الارتباط بالآخرين، وإذا قلنا إن العمل يتضمن جوانب تتعلق بالمهمة وجوانب تتعلق بالناس، فإن العمليين يميلون إلى التوكيد أكثر على المهام بينما يعمد الودودون والمعبرون إلى إعطاء وقت واهتمام زائدين لعلاقاتهم مع الناس.
وبعض الأشخاص يبرعون في إيجاد منتجات وتكوين مؤسسات... إلخ، بينما يبرع آخرون في المحافظة عليها. والودودون هم ممن يحافظون على المؤسسات والمنتجات إذ إنهم يقدرون ما هو موجود ويشعرون بالرضا في العمل على المحافظة عليه، وبالإضافة إلى هذا نجد أن الأشخاص الودودين يشعرون براحة أكبر في القيام بالإجراءات الروتينية واتباع العمليات التي تم وضعها من قبل الآخرين.
والودودون مثلهم مثل التحليليين يميلون إلى التردد، ويلزمون جانب الحذر في عملية اتخاذ القرار، وذلك رغبة منهم في ضمانات تقلل من الأخطاء المتوقعة، وأشخاص هذا الأسلوب يتصلون بكل من يستأثر بالقرار، وذلك قبل أن يصلوا إلى نتيجة نهائية. وهم غالباً ما يرجئون اتخاذ القرار وخاصة عندما ينطوي على خطورة ما أو جدل، أو أن يكون هناك احتمال لأن ينزعج الناس به، ومع هذا فقد يرجىء هؤلاء اتخاذ القرار لمجرد أنهم لا يشعرون براحة في التوصل إلى خيار قاطع.
والشخص الودود يكون مدققاً، ولكنه لا يكون متحمساً لقراءة المذكرات والتقارير حيث يفضل بدلاً من هذا أن يستمع بشكل مباشر من الآخرين، ولذلك تراه يتحدث وجهاً لوجه أو يتصل هاتفياً كلما أمكن ذلك، والعديد ممن يندرجون تحت ذلك الأسلوب يرتبطون كثيراً بالشائعات.
ويميل الشخص الودود إلى التحلي بالصبر تجاه الأفراد والمؤسسات، فقد يشكو من موقف سيئ ولكنه غالباً لا يستمر على هذا، بيد أنه في حالة استمرارك في معاملته بشكل لا يروقه فإنه في نهاية الأمر سيغضب ويستغرق غفرانه ونسيانه لهذا وقتاً أطول.
ولغة الجسد مع أشخاص هذا الأسلوب لا تستخدم كثيراً، فالشخص الودود يمشي ببطء أكثر بالقياس بالأساليب الأكثر توكيداً، كما أنه يأخذ وضعاً للجلوس أقل انتصاباً، فتراه غالباً يميل للخلف في مقعده، حتى عندما يطلب شيئا أو يذكر شيئاً ما، ويعتمد على الإيماءات أثناء حديثه، وتحركاته تكون رشيقة وحماسية وإن كانت غير مثيرة، كما يميل إلى استخدام الاتصال بالعين وتعبيرات الوجه، وفي محادثاته يميل إلى استخدام وقت أقل وذلك مقارنة بالأساليب الأكثر توكيداً، كما أنه عادة ما يبطئ في الإخبار برأي بشأن التوصية بإجراء ما، وذلك مقارنة بالعمليين والمعبرين، ولذلك عندما يتم مناقشة إجراء ما نجد أن مشاركة الشخص الودود تأتي آخر الجلسة وربما لا تأتي مطلقاً، ويكون صوت الشخص الودود دافئاً ودرجته منخفضة، كما أنه يتكلم أبطأ من ذوي الأساليب التي تقع يمين الخط ويمكن أن تميز ملابسه بكونها مناسبة، وإذا سمح الموقف تكون شبابية (ولا شك أن الأشخاص من أي أسلوب قد يتأثرون بثقافة ـ ارتدِ الملابس من أجل النجاح ـ أو قد يرتدون ملابس يختارها لهم الآخرون).
ومحادثات الودودين تركز على الناس أكثر من تركيزهم على المهام، وأشخاص هذا الأسلوب لديهم كياسة في إجراء المحادثات القصيرة، وهم يتحدثون عن الناس والمشاعر أكثر من الأساليب الواقعة فوق الخط، وهم يميلون إلى أن يسألوك مثلاً عن كيف كانت رحلتك الأسبوع الماضي أو كيف أبلى ابنك في مباراة أو مسابقة حديثة، أما الأحاديث التي ترتبط صراحة بالعمل لدى هؤلاء فقليلة، بل قد لا يكون هناك مثل هذه الأحاديث، وعلى سبيل المثال قد يتساءلون عن رأي الموظفين في الإدارة بشأن الإجراء الذي تتم مناقشته، وهذا الاهتمام الدائم بالعنصر البشري للعمل يمكن أن يعزز الروح المعنوية، ويقلل من حجم الاضطرابات التي قد تنتج عن عملية التغيير في غياب تأثير مثل هؤلاء الأشخاص.
وغالباً ما ينظر الناس للأشخاص الودودين على أنهم أشخاص يتمتعون بالشفافية حيث تبدو تعبيرات وجوههم واضحة، وفي محادثاتهم يكشفون عن أمور شخصية تجعل الناس يشعرون بأنهم يعرفونهم أكثر من معرفتهم لمعظم الناس. ومع هذا فغالباً ما يكون هؤلاء الأشخاص متحفظين بشكل مذهل، فهم لا يفصحون عن كثير من الأفكار والمشاعر المهمة بالنسبة لهم، وبشكل خاص تراهم يكتمون مشاعر الغضب والأحكام النقدية على الآخرين، وقد يظهر هؤلاء هادئين من الخارج بينما في داخلهم تثور العواصف.
وعندما يطلب هؤلاء طلباً أو يذكرون رأياً يميلون إلى صياغة هذا بشكل مباشر وغالباً ما يذكرون رأيهم من خلال طرح سؤال، فبدلاً من أن يقولوا: (دعنا نشرع في الحملة (س) تراهم يسألون: هل تعتقد أن الحملة (س) هي التي ستبدأ بها؟ أو قد يستعيرون كلام شخص آخر يشاركهم الرأي قائلين مثلا: الكثيرون يقولون إن الحملة (س) هي التي ستبدأ بها وهذه النزعة لطرح الأسئلة قد تصبح واضحة للغاية بما يثير شكوى الآخرين: (إنني لا أدري ما هي وجهة بيتر فكم أتمنى أن يتخذ موقفاً واضحاً من الأشياء).
وعندما يعمل الناس معاً، فلابد من الخلاف، ومن الخلاف ما يكون بناء، وإن كان في معظمه هداماً، ولأن الودودين يقدرون العلاقات التي يغلب عليها الانسجام فتراهم صناع سلام بطبيعتهم وتراهم غالباً ما يخففون حدة التوتر، وجهودهم في التوفيق غالباً ما تجعل من التعاون الدائم أمراً ممكنا، ومع هذا، فهم أحيانا يبالغون في هذا ويحاولون تهدئة الأمور حتى عندما يكون هناك مشاكل تحتاج إلى مواجهة وحسم.
والعديد من هؤلاء يعزفون عن الإخبار بالحقيقة كما هي؛ خوفاً من أن يؤدي هذا إلى نفور الشخص الآخر، وعندما ينقسم الرأي حول إجراء ما تراهم يميلون الى الاحتفاظ بأرائهم أكثر من الشخص العادي، وربما يترددون في معارضة رأي ما حتى عندما يعتقدون أنهم على صواب، وأن هناك أشياء مهمة في خطر، وربما يكرهون الخلاف لدرجة تجعلهم يقولون ما يعتقدون أن الشخص الآخر يريد سماعه، لا ما يرونه هم وعدم التغلب على هذا، يجعل هؤلاء الأشخاص معرضين لفقد مصداقيتهم مع الناس، حيث سيتشككون في إمكانية الاعتماد عليهم عندما يقعون في مواقف صعبة.
ومن العيوب الأخرى المتعلقة برغبة الودودين في المحافظة على علاقة جيدة مع الآخرين، عدم الرغبة في مواجهة مشاكل الأداء لدى الآخرين، فهم يميلون إلى عدم إعطاء تغذية استرجاعية تصحيحية، ومع هذا قد يكون لديهم نزعة نقدية أكثر مما يظهرون، فقد يفصحون لطرف ثالث عن نقدهم الذي كان سيفيد أكثر لو وجه مباشرة للشخص موضع النقد، ومثل هؤلاء عندما يكونون مدراء قد يتباطؤون كثيراً في التعامل مع أداء الموظف الذي تعوزه الكفاءة، وهذا الأسلوب غالباً ما يجعل استخدام السلطة - هذا إن استخدمها - يتخذ صورة خاطئة.
وأصحاب الأداء المرتفع من هذا الأسلوب هم من يتغلبون على نزعتهم في إخفاء أرائهم الحقيقية، ومع هذا يتمسكون بحرصهم على الآخرين ورغبتهم في عدم إلحاق أي ضرر بعلاقتهم بهم، وبراعة هؤلاء تمكنهم من أن يقولوا أشياء صارمة دون المساس بالأنا لدى الآخرين، وباستخدامهم للتوقيت والصياغة الدبلوماسية، يمكن لهؤلاء أن يفهموا رسالتهم للآخرين ممن كانوا غير متقبلين لنفس الفكرة حين عرضت عليهم بشكل فظ من قبل آخرين.
وعندما نعطي وصفاً عاماً لأسلوب ما فنحن نتحدث عن ميول عامة، وقليل من الودودين لديهم كل هذه الخصائص التي ذكرناها، وكما ذكرنا من قبل فإن هذا ينطبق أيضاً على التحليليين الذين يشاركون هؤلاء في مستوى التوكيد، ويشارك المعبرون هؤلاء أيضاً في بعض الخصائص حيث إن كلا الأسلوبين لديه استجابة أكبر من المتوسط. وعلى الرغم من أن الشخص الودود قد لا يكون لديه كل هذه الميول التي ذكرناها هنا وأن الأساليب الأخرى قد يكون لديها بعض هذه الخصائص فإن هذا العرض يميز الشخص الودود عن ذوي الأساليب الأخرى.
وفي ظل وجود 25 % من السكان يندرجون تحت الأسلوب الودود فهذا يعني أنك ستقضي وقتاً طويلاً معهم، وكما هو الحال مع الأساليب الأخرى، هناك أوجه قوة وأوجه ضعف كامنة في هذا الأسلوب، والشخص الودود الذي يستخدم أسلوبه بفاعلية هو الذي يضع قدمه على أحد طرق النجاح المثلى.
ـ المعبرون
كثيراً ما نجد هؤلاء في العمل، وهذا الأسلوب يقع في الجزء الأيسر السفلي من الشبكة (انظر الشكل ادناه) والناس في هذا المربع يجمعون بين مستوى توكيدي مرتفع ومستوى استجابة مرتفع أيضا.
وقد ذكرنا أن الودودين يشتركون مع المعبرين في خصائص عديدة، حيث إن كلا الأسلوبين يظهر استجابة أكثر من معظم الموظفين، وسوف تلاحظ أن هناك أوجه تشابه بين المعبرين والعمليين حيث يتمتع كلاهما بمستوى توكيدي مرتفع، ومع هذا فهناك خصائص ينفرد بها المعبرون.
وهذا الأسلوب هو أكثر الأساليب جاذبية وإثارة، فالمعبرون يميلون نحو الإثارة فهم يحبون الألوان الزاهية والجمل الجريئة، والمشروعات الجذابة، كما أنهم يصارعون من أجل الأضواء، ويجاهدون بشكل طبيعي لكي يكونوا على مرأى من الآخرين.
وأشخاص هذا الأسلوب يتدفقون بالحيوية حيث يبدو الواحد منهم وكأن لديه طاقة تكفي لاثنين، وطاقة المعبر وقوته وحيويته تبدو واضحة تقريباً في كل شيء يقوم به، وإذا اجتمعت معها النواحي الأخرى لمستوى التوكيد المرتفع فمن الممكن أن تجعله يبدو مسيطراً أحياناً، ومن آن لآخر قد يستنفد المعبر طاقته وعادة ما يحدث هذا عندما يغيب الناس الذين يعتبرون المحفز لهذه الطاقة، وحيث إن فترات التباطؤ إنما تحدث عندما لا يكون أحد. حول المعبر، فإنك تراه وقد بدت عليه حيوية متواصلة أكثر مما هو عليه في الواقع.
الشكل (6ــ3) يبدو على المعبرين مستوى توكيد أكثر من المتوسط ومستوى استجابة أكثر من المتوسط.
وربما كانت الطاقة الهائلة لدى المعبر هي التي تجعله دوماً في حالة انشغال فهو لا يحب أن يقضي وقتاً طويلاً في مكان واحد، كما أنه يحب أن يكون حيث يكون العمل، ولذلك تراه غالباً يتجول أو راكباً سيارته، كما أنه يكره أن يتقيد بمكتب طوال اليوم، وقد تتصل بأحد المعبرين وتجد سكرتيرته لتخبرك: (إنه ليس في مكتبه الآن)، فما يكون منك إلا أن تضحك مع نفسك قائلاً إنه دائماً بعيد عن مكتبه.
وعندما يطلب من المعبر أن يجلس في اجتماع طويل تجد طاقته التي لا تعرف الراحة ظاهرة، فتراه يتحرك في مقعده يميناً ويساراً، ويقوم دائماً بتحريك قدمه أو يومئ بيده أو ذراعه أو يعبث بقلم رصاص أو يمسك الأوراق أو يطرق بإصبعه على المنضدة، وعندما يمل من الاجتماع، فإنه من غير المحتمل أن يتجاهل الاجتماع على نحو بسيط، بل إنه يدخل في حوار جانبي - أو يهمل الاجتماع تماماً وبشكل واضح.
والمعبرون هم أكثر الأساليب انطلاقا، فخلاف الودودين الذين تظهر عليهم الحميمية الهادئة، نجد أن المعبرين يتقربون للناس بشكل أكثر نشاطاً وحيوية، وهذا الأسلوب يعد مؤثراً من الناحية الاجتماعية، فعلى الرغم من أنه أحياناً ما يكون هناك بعض التخوف، فإن المعبرين يتصلون بالناس بسهولة ودون مجهود، وكنتيجة لهذا، نجد أن أشخاص هذا الأسلوب المنطلق يميلون لأن يكون لديهم مجموعة من المعارف أكثر من ذوي الأساليب الأخرى.
وعندما يكون المعبر أمام خيار العمل وحده أو مع آخرين، فهو يفضل أن يعـمل مع غيره، فتراه يدعو الآخرين على الغداء، أو لعب التنس بعد العمل، أو قيادة الدراجات في العطلة الأسبوعية، وعندما يسافر خارج المدينة يبذل الجهد بحثاً عن معارفه القدامى في المنطقة التي يزورها، ومثل هذا الشخص ذي الاتصالات الكثيرة يقضي وقتاً كبيراً في المحادثات الهاتفية مع كثير من الناس، كما أنه يهتم بالشائعات، ويفضل الأعمال التي تتطلب الكثير من التعامل مع الناس، وهذا الأسلوب بما لديه من طبيعة اجتماعية، يتميز بمهارات اتصالية هائلة تساعده على تحقيق أهدافه، ويعطى مصداقية للمثل القائل: (الأشخاص الذين تعرفهم مهمون مثل الأشياء التي تعرفها).
ويميل المعبرون إلى أن يكونوا حالمين، ورؤيتهم تتسم بالجرأة والخيال. وهم يدفعون الناس للنظر فيما وراء ما هو محسوس، وهم يحبون جلسات اختبار الأفكار: حيث يمكن للخيال أن ينطلق دون نظر للقيود المادية، وكل مؤسسة بحاجة إلى أشخاص يمكنهم أن يتخيلوا المشروعات الكبرى ويروا مستقبلاً أفضل وأكبر. وأكثر سعادة للمؤسسة أو الإدارة، والمعبرون يساعدون زملاءهم على أن يرتقوا فوق مجرد النظر إلى العمل من منطق عملي فقط خال من الخيال.
ويقال إنه لكي تبنى قلاعاً في الهواء، فلابد أن تؤسس لها قواعد، وهذه هي نقطة الضعف لدى المعبرين، فهم لا يعيشون الواقع كما ينبغي حتى عندما يكون هذا ضرورياً لتحقيق حلمهم، وهذا النوع يحب التركيز أكثر على العموميات أكثر من الحقائق المحددة، فالمعبر يهتم بالغابة أكثر من اهتمامه بالأشجار، ويحب أن يقوم الآخرون بالتفاصيل، وبينما قد تقوم أنت وآخرون بالعمل جاهدين وبشكل واقعي على بناء قاعدة تحت القلعة، قد تجد أن الشخص المعبر لا يشاركك في العمل، بل تجده يحلم بقلاع أخرى بدلاً من أن يساعد على بناء القعلة التي يتم بناؤها الآن.
والمعبر شخص مندفع، فهو يميل إلى أن يعمل أولاً ثم يفكر بعد ذلك ويستخدم العديد من المعبرين صورة معينة لوصف هذه الناحية التي يتميز بها أسلوبهم (إنني أغوص أولاً في حمام السباحة ثم أنظر بعد ذلك إذا ما كان فيه ماء) وكنتيجة لهذا الميل يتعرض أصحاب هذا الأسلوب لمشاكل كثيرة يكونون هم المتسببين فيها وهذا أحد التحليليين يرى صديقه المعبر يحاول أن ينهض من عثرة لا داعي لها فيسأله بأسلوب مهذب لم يخطط مقدماً لتجنب هذا، فيجيبه قائلاً: (على أية حال، فإن طريقتي تستغرق وقتاً أقل، فأنتم أيها المحللون تخططون لاحتمالات لا تحدث أبداً، وبهذا يكون التخطيط عقبة، وإلى جانب هذا، فإنني أعشق الإثارة في أن أرتجل في الخروج من هذه المشاكل، وذلك أفضل بكثير من هذا التخطيط).
وهذا التسرع من قبل المعبرين غالباً ما يسفر عن مشاكل لهم ولغيرهم ممن يعملون معهم وذلك لأنهم يفضلون العمل من منطلق المصادفة وليس من وحي التخطيط، وقل أن تجد من هؤلاء من يجيد توظيف الوقت، وهذا الأسلوب من السهل أن ينشغل عما يعمل كما أنه يعطى اهتماماً أقل للوقت والتواريخ، وذلك مقارنة بذوي الأساليب الأخرى. فغالباً ما يتأخر هؤلاء الأشخاص عن الاجتماعات أو قد لا يحضرونها البتة، وغالباً ما لا يقومون بارتباطاتهم في المشاريع في المواعيد المحددة، ومن هؤلاء من اعتاد عدم الوفاء بالارتباط، ومنهم من يميل إلى الوفاء بهذه الارتباطات في اللحظات الأخيرة، وغالباً ما ينزعج الناس من تعامل المعبرين مع الوقت، وهو التعامل الذي يغلب عليه التساهل وعدم الالتزام بالقواعد.
ومشاعر المعبر يكون لها أثر كبير عليه، فعاطفة هذا الشخص متقلبة أكثر من أي أسلوب آخر، فعندما ترتفع نسبة العاطفة يكون سعيداً للغاية أما عندما تنخفض نسبة العاطفة فيكون عصبياً، وغالباً ما يجد الآخرون صعوبة في التعامل مع هذا التطرف العاطفي، ومع هذا فانطلاقا من هذه العاطفية، فإن المعبر عندما يكون في حالة عاطفية مرتفعة ينقل حماسته للآخرين، وعلى الرغم من أنه في أي نمط قد يكون الأشخاص عاملاً محفزاً، فإنه غالباً ما يكون للمعبر دور بارز في مساعدة الآخرين على إعادة شحن بطاريات العاطفة لديهم.
والشخص المعبر يكون مازحاً ومحباً للمرح؛ فعادةً ما يجد طريقه للإعداد لبعض الترويح في الأيام المزدحمة بالعمل، كما أنه يحب أن يسعد ويدخل السعادة على الآخرين، فتراه يحب إلقاء النكات، ويذكر المواقف الطريفة ويأتي بالمزحة، ويضحك من قلبه، وهذا شخص عُرف عنه إقامة حفلات كبرى، يقول إن من أسس إضفاء الحيوية والمرح على أي تجمع هو أن تتأكد من وجود عدد من المعبرين في هذا التجمع.
والمعبر يبحث عن طرق تضفى المتعة - بل والمرح - على العمل وتراه يميل إلى دعوتك للقاء في الكافيتريا بدلاً من المكتب، وقد يمزح لبضع دقائق قبل أن يبدأ في الحديث عن الموضوع الأساسي، وغالباً ما يجد هذا الشخص لمحة فكاهية في المناقشة ولولاها لغلبت الجدية على مناقشته، وهذا أحد المعبرين الذي كان رئيس مجلس إدارة كان يعطى كل موظف جديد ساعة يد على شكل (ميكي ماوس) ويقول هذا الرجل (إذا كان العمل بعيداً عن المرح؛ فابحث لك عن عمل تجد فيه المتعة)، وهو يفترض أن إيجاد الشخص للمتعة في العمل، لن يكون أفضل له فقط، بل سيزيد أيضا من إنتاجيته.
وعندما يتحدث المعبر فإن جسده بكامله يتحدث معه، والحال هنا كحال الأسلوب الودود والذي يستخدم الإيماءات كثيراً، ولكن المعبر أكثر استخداما لها وتكون حركته أكبر وأقوى. ويستخدم أشخاص هذا الأسلوب تعبيرات الوجه في تخاطبهم مع الآخرين، وذلك أكثر من أي أسلوب آخر، ويشكل المعبر نغمة صوته بحيث تناسب ما يقوله، والتغير في طبقة صوت المعبر يساعد على الحفاظ على انتباه الآخرين، ومن خلال استخدام لغة الجسد في نقل ما يريد، يمكن للمعبر في أحسن الأحوال أن يقوم بعمل غير عادي في إفهام أي موضوع لفرد أو مجموعة أو حشد كبير من الناس.
والمعبر هو شخص توكيدي للغاية فهو يدافع أكثر مما يسأل، ويتكلم أكثر مما يستمع ولديه نزعة لمقاطعة الآخرين والاستئثار بالحوار، وعلى الرغم من أن ما يقوله قد يكون متفقاً مع الموقف ويقوله بأسلوب ممتع، فإنه أحياناً ما ينفر الناس بهذه المحادثات أحادية الجانب.
وهذا الشخص المعبر الذي يتمتع بالحيوية يكون صوته مرتفعاً، وأثناء جلوسكما بالمطعم فإن الاستماع إليه وأنت تجلس بعيداً عنه بمقدار أربع مناضد قد يكون أسهل من أن تسمع (شخصاً شمال الخط) يشاركك العشاء على نفس المنضدة.
والمعبر هو أكثر الأساليب طلاقة في الكلام، فكلماته تخرج دون تكلف ويبدو وكأن قاموسه اللغوي قاموس عريض، وكلامه حاضر، وأشخاص هذا الأسلوب يميلون إلى السرعة في الكلام، ولا يشاركهم في هذا إلا قلة من العمليين.
وعندما يتحدث المعبر، فهو في الغالب يفكر بصوت مرتفع، ويصف أحد الأصدقاء المعبرين ذلك قائلا: (إنني أتكلم لأعرف ما أفكر فيه)، وعادة ما يكون الاستطراد خاصية ملازمة لهذا الأسلوب، فعندما يأتي دور المعبر في الحديث تراه ينتقل من موضوع إلى موضوع بشكل غير منطقي.
وسرد القصص هو جزء لا يتجزأ من أسلوب المعبر في التخاطب، فهو يذيب الثلوج بإلقاء نكتة أو سرد موقف طريف وقع له أو لشخص يشترك في معرفته هو ومن يخاطبه، وعند عرض وجهة نظر، فغالباً ما يذكر أمثلة أكثر من عرضه لسلسلة. من الحقائق، وغالباً لا يذكر أية إحصاءات، إلا إذا كانت الأرقام مثيرة.
وفيما يتعلق بمضمون حوار أصحاب هذا الأسلوب من الناس فهو يركز أكثر على الأشخاص أكثر من تركيزه على المهام، وليس معنى هذا أنه لا يهتم بإنجاز المهمة، ولكن معناه أن أسلوبه في إنجاز المهمة يركز أكثر على الأفراد، وعلى سبيل المثال إذا اجتمعت مع معبر لمناقشة موضوع معين - وهذا بلا شك يحدث - فغالباً ما يبدأ الحوار بالحديث عنكما وعن غيركما من الموظفين، وقد يقص عليك قصة أو اثنتين قبل أن يركز على الموضوع، وبالنسبة للمعبر فإن هذه الأمور ليست جانبية وبعيدة عن صلب الموضوع ولكنها تمهيد مهم للحديث عن الأمور الجوهرية وأساليب ما فوق الخط، الذين يركزون أكثر على المهام، غالباً ما ينظرون إلى هذا التمادي في التقرب من الآخرين كمضيعة للوقت، وقد يؤدي بالمعبر إلى أن ينتظر كثيراً قبل أن ينجز عمله، بيد أن المعبر يرى أن تقربه في حد ذاته يعد عملاً وعلى أية حال، كيف تعقد صفقة دون أن تتصل بالآخرين وتتجاذب معهم أطراف الحديث؟.
ويميل المعبر إلى التصريح بما يروقه وما لا يروقه في اقتراحك أو سلوكك، فهو يتبع أسلوب الصراحة الشديدة، وعلى الرغم من أن المعبر قد لا يقصد الإهانة!! أن عباراته أحياناً ما تبدو فظة، وخاصة بالنسبة لمن هم أقل توكيداً، ومع هذا فإن هذه الرغبة في إثارة الموضوعات الشائكة - والتي قد تكون جوهرية في الإنتاج قد تحفز الموظفين على دراسة الأمور التي تتطلب اهتماماً.
وبالطبع ليس لدى كل معبر كل هذه الخصائص، ويعتمد وجود هذه الخصائص على ما يتمتع به الشخص من درجات التوكيد والاستجابة، ومع هذا، فأنت بالتالي تميز زميلك أو صديقك المعبر من خلال هذا الوصف.
وبما أن هناك 25 % من الموظفين معبرون فهذا يعني أنك تقضي كثيراً من وقتك مع هؤلاء الأشخاص ذوي السلوك التوكيدي والاستجابي المرتفع، وكما هو الحال مع الأساليب الأخرى، فإن هذا النوع له نقاط قوة ونقاط ضعف. فعندما يؤدي المعبر بفاعلية فمن الممكن أن تزداد إنتاجيته وفاعليته كثيراً.
العمليون
النوع الآخر من الأشخاص الذين تعمل معهم هو العمليون، وهذا الأسلوب تجده في الجزء الأيسر العلوي من الشبكة (انظر الشكل ادناه) ويجمع العمليون بين مستوى تأكيد فوق المتوسط ومستوى استجابة أقل من المتوسط.
ويركزون كثيراً على النتائج، وهم يفخرون كثيراً بهذا التركيز، ويتميز العملي أيضاً بتركيزه على الأهداف، فهذا الأسلوب لا يحب شيئا أكثر من حبه لوضع أهداف طموحة ولكن واقعية، ثم يبدأ في تحقيقها، ومع هذا، فالأشخاص أشخاص مستقلون حيث تكون لديهم رغبة في تحديد أهدافهم بأنفسهم لا أن يحددها لهم غيرهم.
والشخص العملي هو شخص منجز، فبينما نجد المحلل يفكر في المشكلة والودود يجتمع مع الآخر بشأنها والمعبر يتحدث عنها، نجد أن العملي ينجز شيئا لها، وقد لا يكون التحرك هو الحل الأمثل إلا أنه يشعر بالراحة لأن هناك شيئاً يتحقق بالفعل.
والشخص العملي يتفق مع توماس كارليل في أن: (مهمتنا ليست أن نعرف الشيء البعيد وإنما أن نفعل ما نجده أمامنا واضحاً) ولسوء الحظ، فإن تركيز العمليين الشديد على الموقف القائم قد لا يجعلهم يفكرون بشكل كاف في الآثار بعيدة المدى لتصرفاتهم.
والحسم هو أحد الخصائص المميزة للشخص العملي، فهو لا يشعر بالإنهاك عند اتخاذ القرار كما هو الحال مع أساليب يسار الخط، فإذا كان المحلل يسعى لأن يتخذ القرار السليم، والودود يبحث عن ضمانات بأن النتائج ستكون مرضية فإن الشخص العملي يتعامل مع القرارات بشكل مختلف: إذ إنه يرى أن التردد وعدم اتخاذ قرار هو في حد ذاته قرار، وهو قرار سيئ حتماً، والشخص العملي لا يعول كثيراً على جودة قراره، فهو يرى أنه (حينما تكون متأكداً بنسبة 55 % فهذا هو الوقت المناسب للتحرك، أما إذا انتظرت متى تصل نسبة تأكدك إلى 95%، فلن يكتب لك النجاح في هذه البيئة التنافسية المتسارعة). وبدلاً من أن تحاول أن تأتي بالقرار السليم في كل مرة أو أن تضمن وجود ضمانات بأن كل قرار سيحقق غرضه، يرى الشخص العملي أنه (إذا نجح في ستة قرارات من بين عشرة فسيكون الأول في اللعبة). أما إذا اتضح سوء قرار ما فستجد أن الشخص العملي يتناول الأمر بفلسفة (لابد أن تكسب أحياناً وتخسر أحياناً أخرى).
الشكل (6ــ4) يعكس العمليون توكيداً أكثر من المتوسط واستجابة أقل من المتوسط.
وما يبدو هذا من ارتجال في التعامل مع القرارات المهمة يبدو لأساليب يسار الخط وكأنه عدم شعور بالمسؤولية.
وفي مسائل الرأي والسياسة يغلب على العمليين أن يغيروا أراءهم أكثر من الأساليب الأقل توكيداً - التحليليين والودودين. وانطلاقاً من تعقل العمليين وتركيزهم على الأهداف، غالباً ما يندهش الآخرون من التغييرات العشوائية في تفكيرهم، والتحولات المفاجئة في خططهم، وليس مستبعداً أن يقوم الشخص العملي بتغيير مفاجئ يترك الجميع في ذهول تام، وهذا أحد العمليين، وهو الرئيس ريتشارد نيكسون استمر لأعوام عديدة خصماً عنيداً للشيوعية، ثم فاجأ العالم بإقامة علاقات دبلوماسية مع الصين الشيوعية.
وغالباً ما يرتبك العمليون من جراء ردود الأفعال القوية من الآخرين تجاه ما يتخذونه من تحولات فميل التحليليين إلى وضع النظريات والالتزام بالمبادئ يخلق رؤية ثابتة إلى حد كبير، ويرتبط الودودون بالأمر الواقع أكثر من الواقعين، كما يتنبأ الشخص ذو الأسلوب الودود بالتوتر العاطفي الذى يشعر به الآخرون كنتيجة للتغيير، ومع هذا يركز العمليون على كون الموقف قد تغير ولا بد من تغير الاستجابة وقد يكون هذا التقدير دقيقاً، ومع هذا فأحياناً ما يتعجل الشخص العملي، ويركز على ضرورة اتخاذ إجراء عملي بما قد يؤدي به إلى ارتجال بعض الإجراءات التي يشوبها التسرع وسوء التخطيط بما يكون مقدمة لمجموعة أخرى من المشكلات.
ومن خصائص العمليين التفوق في التعامل مع الوقت، وعادة ما تحتوي الكتب والدورات التي تتناول هذا الموضوع على مجموعة متنوعة من الوسائل التي تتميز بالتركيز على المهام والكفاءة، وذات مرة قمنا بدراسة ممارسات التعامل مع الوقت لدى ثلاثمائة مدير، ووجدنا أن أسلوب عمل العمليين أقرب إلى حد كبير من مجموعة الطرق المعروفة للتعامل مع الوقت.
ولغة الجسد لدى العمليين توحي بتركيزهم على الأهداف، ويكون وضع الجسم لدى الشخص العملي منتصباً، كما أنه يندمج في كل شيء يفعله، وهو يتحرك ويمشي أسرع من معظم الناس. وبالرغم من قلة إيماءاته وبساطتها وقلة حماسها مقارنة بما عليه المعبرون، فإنها تتميز بالقوة، وتعبيرات الوجه لدى العمليين يغلب عليها الجدية أكثر من أساليب تحت الخط، كما أنها تكون بقدر أكبر من أصحاب الأسلوب التحليلي، وعند الإعراب عن وجهة نظر، يكون الاتصال بالعين لدى العمليين مباشراً، وأحياناً ما يثير هذا قلق المستمع.
وأسلوب الكلام لدى العمليين يكون سريعاً مثل جميع الخصائص الأخرى، مع قليل من التغير في طبقة الصوت، والعملي يكون واضحاً تماماً عند عرض رأيه أو طلب شيء ما، وهو يميل إلى ذكر الحقائق ولكن دون تفصيل ويميل إلى التعقل ولكن دون أن يكون نظرياً، وهو شخص مباشر ويتحدث في صميم الموضوع، ويمكنك أن تدرك السبب الذي يرهب الناس من أسلوب الشخص العملي في التخاطب، وذلك إذا جمعت بين الأسلوب في الحوار الذي لا يحمل أية زخرفة لفظية مع وضع الجسم المائل، والإيماءات القوية، ونظرات العين التي قد تبدو صارمة.
ويتبنى الشخص العملي أسلوباً في التخاطب يقوم على التركيز على المهام، وقد يوطن نفسه على الدخول في حوارات قصيرة، إلا أن هذا ليس موطن قوته، وقد تبدو جهوده في بناء علاقة مع الغير متكلفة، وحيث إن الشخص العملي لا يهتم بالأمور التمهيدية تجده يشرع غالباً في جدول الأعمال إلى أن ينتهي الوقت المخصص له، وتجاه هذه السرعة والاندفاع دون هوادة في جدول الأعمال قد يشعر التحليليون الذين يتميزون بالبطء والودودون بشيء من الرهبة، وفي ظل سلوكيات المعبرين والودودين التي تركز على الأفراد تجدهم يميلون إلى التفكير في سلوك الشخص العملي قائلين: (إنه لم يعاملنا على أننا بشر)، ويمكن للشخص العملي أن ينجز الكثير في وقت قصير، ومع هذا، فالناس إذا شعروا بالخوف أو عدم الاهتمام بشخصهم فمكمن الخطر أن يكون النجاح وهمياً أكثر منه واقعياً، ومن ناحية أخرى فإن عدم معارضة الآخرين المباشرة أو عدم قناعتهم بها، قد يعوق تحقيق نتائج، بل قد يأتي بنتائج سلبية.
وعندما نقول إن تركيز الشخص العملي على المهام أكثر من تركيزه على الأفراد، فلا يعني هذا أنه لا يهتم بالناس، فقد يكون لديه اهتمام حقيقي بغيره ولكنه لا يصرح بهذا كما يفعل شخص تحت الخط. كما أن لغة الجسد لهذا الأسلوب من الأشخاص لا توضح عمق ما لديه من اهتمام بالآخرين، والشخص العملي شخص فاعل ومشاعره غالباً ما يوجهها من خلال لغة العمل، وقد عشنا على مدى سنوات أزمة تخفيض العمالة في مؤسسة تلو الأخرى، ورأينا العديد من العمليين يبذلون جهوداً عظيمة لتوفير مساعدة محسوسة للمتضررين، وقد فاقوا في هذا زملاءهم ممن بدا عليهم الاهتمام الزائد.
وزيادة نشاط الشخص العملي، وسرعته، وتركيزه على الأهداف، ووضوح كلامه قد يثير استياء الناس. والناس غالباً ما ينظرون إليه على أنه أكثر الأساليب توكيداً. ومع هذا فالأسلوب التعبيري له نفس القدر من التوكيد، والفرق بين الأسلوبين هو أن الأسلوب التعبيري أكثر استجابة، وأكثر إفصاحاً عن عواطفه وأكثر تركيزاً على الناس، ويميل التعبيريون إلى السؤال عن زوجتك وأطفالك ويخبرونك عن مواقف طريفة حدثت الأسبوع الماضي، كما أنهم يبددون بعض الوقت ويتمتعون بسرد القصص والملاحظات البارعة والنكات، وكما هو واضح في هذه السلوكيات، فإن نسبة التوكيدية تبدو أقل وضوحاً عما لو كانت عليه في غير هذا، وعلى العكس من هذا يبدو اهتمام الشخص العملي بالأهداف أكثر من اهتمامه باللعب والمرح، كما ينظر إليه كشخص يهتم بالمهام أكثر من الناس، ولذلك تكون نسبة التوكيدية واضحة عنده - وقلما تكون غير هذا، ونتيجة لهذا قد يبدو الشخص العملي أقوى من الشخص التعبيري الذي لديه قدر مساوٍ من التوكيد.
ولا شك أنه ليس كل العمليين يوافقون هذا الوصف بكل تفاصيله، ولكن على وجه العموم فإن هذا التصوير. وصف مقبول إلى حد كبير للشخص العملي الذي نعرفه.
وبما أن هناك 25 % من الموظفين من العمليين، فهذا يعني أنك تقضي وقتاً كبيراً مع هذا الأسلوب الذي يتمتع بنسبة توكيد مرتفعة وكبت عاطفي. وهذا الأسلوب ليس بأفضل أو أسوأ من غيره، وإنما هو أسلوب مختلف عن الآخرين، والشخص العملي الذي يستخدم هذا الأسلوب كما ينبغي من الممكن أن يكون شخصاً فعالاً ومنتجاً.
|
|
الصين.. طريقة لمنع تطور قصر النظر لدى تلاميذ المدارس
|
|
|
|
|
ماذا سيحدث خلال كسوف الشمس يوم السبت؟
|
|
|
|
|
ملاكات العتبة العباسية المقدسة تستقبل الزائرين بالحلوى بمناسبة عيد الفطر المبارك
|
|
|